array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

حقوق الإنسان في دول مجلس التعاون الخليجي

الأربعاء، 01 تموز/يوليو 2009

من المعروف أن قضية حقوق الإنسان هي قضية مركبة لها أبعادها القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالتالي لا يمكن مقاربتها إلا من منظور متعدد الأبعاد. ولقد أخذت هذه القضية طابعاً عالمياً خلال العقود الأخيرة، حيث لم تعد انتهاكات حقوق الإنسان شأناً داخلياً يخص الدولة التي تتم فيها الانتهاكات. وقد ارتبطت عولمة حقوق الإنسان بتطورات عديدة منها: تمدد ثورة المعلومات والاتصالات، وانتفاء قدرة أي نظام حاكم أو جماعة معارضة على إخفاء ممارساتها التي تنطوي على انتهاكات لحقوق الإنسان، فضلاً عن تنامي دور المنظمات المحلية والعالمية المعنية بحقوق الإنسان وقيامها بإصدار تقارير وبيانات تندد بانتهاكات حقوق الإنسان في حال حدوثها. كما أن بروز حق التدخل الإنساني كرّس من الطابع العالمي لقضية حقوق الإنسان.

ورغم الجوانب الإيجابية لعولمة قضية حقوق الإنسان، إلا أنه لا يمكن إغفال حقيقة التوظيف السياسي لهذه القضية في العلاقات الدولية، فعلى سبيل المثال، دأبت الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول على استخدام قضية حقوق الإنسان كورقة للضغط على بعض الدول التي تخالفها التوجهات والسياسات، ولذلك تتعامل مع هذه القضية كقضية مبدئية أخلاقية، بل راحت تطبقها بمعايير مزدوجة، مما أضرّ كثيراً بمصداقيتها بهذا الشأن.

وبالنظر إلى قضية حقوق الإنسان في دول مجلس التعاون الخليجي، فإنه يمكن تسليط الضوء على جملة من الملاحظات:

الملاحظة الأولى: إن الدساتير والقوانين المعمول بها في دول المجلس تتضمن الكثير من النصوص الإيجابية المتعلقة بحقوق الإنسان. كما وقعّت هذه الدول على بعض الاتفاقيات والمواثيق الدولية المهمة والمتعلقة بحماية حقوق الإنسان. وقد اقترن ذلك في جانب منه بعملية الإصلاح السياسي التي انخرطت بها دول المجلس – بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة – منذ مطلع تسعينات القرن العشرين.

الثانية إن غالبية دول المجلس وافقت على تأسيس منظمات غير حكومية لحماية حقوق الإنسان، كما أن بعضها قام بتأسيس مؤسسات وأجهزة حكومية لهذا الغرض. وهذا يدل على تزايد الاهتمام بهذا الملف في الدول المعنية، وبخاصة في ظل تسليط الضوء على واقع حقوق الإنسان فيها من قبل العديد من المنظمات والجهات العالمية. ولذلك فإن مجرد الموافقة على ترخيص منظمات غير حكومية لحقوق الإنسان هو خطوة مهمة تستحق الإشادة والتقدير. فدور هذه المنظمات يمكن أن يتسع تدريجياً مع مرور الوقت.

الثالثة: أنه رغم التحسن الكبير في سجل حقوق الإنسان في دول المجلس خلال السنوات الأخيرة، إلا أن التقارير الدورية والسنوية التي تصدرها جهات دولية حكومية وغير حكومية مثل (منظمة العفو الدولية) و(هيومن رايتس ووتش)، و(فريدم هاوس)، و(المنظمة العربية لحقوق الإنسان) و(الخارجية الأمريكية) وغيرها، تشير إلى بعض مظاهر انتهاكات حقوق الإنسان في دول المجلس. وقد دأبت حكومات هذه الدول على رفض مثل هذه التقارير والتشكيك فيها باعتبارها تستند إلى معلومات غير دقيقة، وتتجاهل التطورات الإيجابية التي تشهدها هذه الدول بشأن تعزيز احترام حقوق الإنسان، كما ترى أن بعضها موجه سياسياً.

الملاحظة الرابعة والأخيرة هي أنه بغض النظر عن الجدل الموسمي الذي يدور بين حكومات دول المجلس والمنظمات العالمية المعنية بحقوق الإنسان بخصوص التقارير التي تصدرها الأخيرة، فالمؤكد أن التحسّن في سجل حقوق الإنسان في هذه الدول لا يمكن إنكاره، لكن هناك حاجة لمواصلة الجهود الرامية إلى ترسيخ حقوق الإنسان ومعالجة بعض السلبيات التي لا تزال قائمة بهذا الخصوص. ويمكن في هذا المقام التركيز على مايلي:

1- مواصلة عملية الإصلاح القانوني والسياسي في دول مجلس التعاون الخليجي باعتبارها الركيزة الأساسية لتعزيز أسس وضمانات احترام حقوق الإنسان.

2- تعديل القوانين والتشريعات التي تنطوي على تقييد لحقوق الإنسان، وإصدار القوانين التي من شأنها تعزيز حماية هذه الحقوق.

3- نشر ثقافة حقوق الإنسان بين مختلف فئات المجتمع من خلال وسائل الإعلام ومناهج التعليم والمحاضرات والندوات التثقيفية التي تنظمها النوادي وجمعيات النفع العام.

4- معالجة الآثار السلبية للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تنطوي على مساس بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأفراد، وفي مقدمتها مشكلات البطالة والغلاء وأزمة السكن والقروض الشخصية. 

مقالات لنفس الكاتب