array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

علم الاجتماع الاقتصادي المعاصر: العولمة والإنتاج وعدم المساواة

الأحد، 01 تشرين2/نوفمبر 2009

المؤلف: فران تونكس

الناشر: Oxford, Routledge, 2006

إعداد: كليدا مولاج

باحثة في مركز الخليج للأبحاث

يستكشف هذا الكتاب القضايا المعاصرة الرئيسية في البعد الاجتماعي للحياةالاقتصادية، حيث تتمثل نقاط البداية في تحليل المؤلفة تفسيرات تم تطويرها ضمن علم الاجتماع التاريخي والجغرافيا النقدية، بحيث تضع الترتيبات الاقتصادية العالمية ضمن سياقالتوسع طويل الأمد للرأسمالية؛ ومن خلال الاعتماد على أطر الاقتصاد السياسي، يفترض كل من هذه التفسيرات أن الأنماط الاقتصادية المتقدمة تظل متأثرة بالنظرة النقدية للماركسية الجديدة إلى رأس المال.

ويطرح التحليل الاقتصادي للعولمة أسئلة تخص السياسة والإيديولوجيا والثقافة والمكان، وتظل الترتيبات الاقتصادية، فعلاً، صعبة الفصل عن السياقات الاجتماعية والسياسية والثقافية. وتقترح فران أن التحليلات التي تقدمها نظرية النظم العالمية، والجغرافيا النقدية، تسهم إسهامات قيمة في فهم اجتماعي للعولمةالاقتصادية، وذلك على نحو واسع من خلال ولائها لما أصر عليه ماركس من أن الظواهر الاقتصادية لا بد أن ينظر إليها على أنها علاقات اجتماعية. ومن خلال تشديد مثل هذه النظريات على التواصل القائم بين العولمة الحالية والأنماط الأقدم للتنظيم الرأسمالي، فإنها تقدم صيغاً نقدية لتاريخ الحاضر الاقتصادي.

وفي حين تنظر المؤلفة إلى العولمة على أنها جزءٌ مكون لقصة اقتصادية قديمة، فإنها تسأل أيضاً عما قد يكون جديداً في الأوضاع الحالية. وفي إجابتها عن هذا السؤال، يتفرع تحليلها إلى منهجين واسعين، يقدم أولهما نظرة مشككة، لا تشكك في حداثة الترتيبات الاقتصادية قريبة العهد فحسب، بل في المدى الذي يمكن فيه النظر إلى الاقتصادات المعاصرة على أنها (عالمية) بصورة صحيحة. ويركز المنهج الثاني على مجموعةمن الأطروحات التي تنظر إلى الاقتصادات المعاصرة، ليس على أنها عالمية التوجه فحسب، بل على أنها تتسم بخصائص تفصل الفترة الحالية عن المراحل السابقة من التنمية الرأسمالية. وتمثل إعادة هيكلة العلاقات ضمن الزمان والمكان العنصر الرئيسي الفعال في هذه الحالة، بمعنى تسريع وتوسيع عمليات التبادل الاجتماعية والاقتصادية التي جعلتها تقانة الاتصالات والنقل المتقدمة أمراً ممكناً، والتي تستمر في التكاثر. وتعني هذه العملية، الخاصة بإعادة تهيئة علاقات المكان والزمان، أن مجالاً واسعاً من الأنشطة الاقتصادية يقوم على نطاقٍ جغرافي للتدفقات أو الشبكات، ويمثل ذلك تغيراً من امتداد وكثافة التنقلات الاقتصادية المتمثلة في رؤوس الأموال والصور والبضائع والناس، وهي، بالإضافة إلى ذلك، تعيد توزيع النفوذ في أنحاء الفضاء الاقتصادي.

وبالنسبة إلى تونكس، فإن منطق العولمة الاقتصادية، ببساطة، لا يتطابق مع منطق الليبرالية، أي توفير وتوسيع أسواق حرة؛ فهناك جغرافيا عالمية غير متكافئة من التقييد والليبرالية آخذة في التكاثر بفعل قدرة فاعلين معينين على تجنب آثار السوق الحرة من خلال الدعم أو شروط التجارة التي تكون في مصلحتهم، بينما يكون آخرون في أماكن أخرى معرضين كلياً لها. وينبغي النظر إلى ممارسات التقييد ورفع التقييد وإعادة التقييد كلها على أنهااستراتيجيات تحكم. ومع هذا، لا تظهر الدول المستقلة دوماً على أنها هي الوكيلالرئيسي للتحكم الاقتصادي؛ ففي بعض الأوقات، يكون دورها حاسماً، وبخاصة عندما تعملبتوافق. ولكن هناك صفاً من فاعلين آخرين يشاركون في عمليات التوجيه الاقتصادي وتنظيمالعلاقات الاقتصادية،وتقييدالتبادل الاقتصادي. إن ممارسات التحكم الاقتصاديتربط سوية فاعلين متعددي الأطراف وفاعلين مؤسسيين واجتماعيين بشبكات تقييد وإصلاحتقع في نطاقات دولية وقومية ونطاقات محلية إلى حد بعيد. وتعد الجغرافيا السياسيةوالاقتصادية للدول المعاصرة غير متكافئة، وغير منصفة إلى حد بعيد، بحيث إنه يصبح من العبث الحديث عن (أزمة) أو (سيادة) الدولة المستقلة من دون تحديد الدولة المستقلةموضوع الحديث.

إن السياقات المختلفة التي تقع فيها عمليات التحكم الاقتصادي، وكذلك استراتيجيات المعارضة أو المقاومة، تشير إلى أن سياسات الاقتصاد الدولي لا تتمحوربالضرورة حول أطروحات (مع) أو (ضد) العولمة أو ليبرالية السوق. وتقوم الميزة المقارنة فيالنظام العالمي، إلى حد لا يستهان به، على القدرة الاستراتيجية للدول المستقلة، لا على الرسملة فحسب، بل على عزل نفسها عن الأسواق الحرة والقيام بالتقييد بما فيهمصلحتها الخاصة. وتعتقد فران تونكس أن هذه ليست سوقاً عالمية غير مقيدة، لكن الأصحهو أن النظام الحالي يمثل درجات من الرأسمالية المحكومة بالنسبة إلى البعض، والعولمة أو الإقصاء بالنسبة إلى البعض الآخر. وفي رأيها، تعد الطريقة التي تطبق بها استراتيجيات التقييد والتحرير بصورة انتقائية في سياقات مختلفة وبصورة غالبة لمصلحة الدول الأغنى فيالنظام بوضعه الحالي، أحد المصادر المهمة للجور الاقتصادي.

وتصرّ المؤلفة على أنه في داخل الأطروحات المؤيدة للعولمة، ينظر إلى الرخاء الاقتصادي والحقوق الاقتصادية على أنها نتائج إيجابية للعولمة، والقدرة على الدخول إلى الأسواق العالمية هي التي تحسن ظروف المعيشة والعمل لأعداد متزايدة من الناس. وعلى العكس من ذلك، فإن الأطروحاتِ المعارضة للعولمة كثيراً ما تفترض أن العدالة الاقتصادية لا تتمشى ببساطة مع العولمة. وفي وجهة نظر الأخيرة، تعد مقاومة قوىالعولمة الطريقة الوحيدة لضمان الحقوق الاقتصادية والرخاء الاقتصادي. وعلى الرغم من ذلك، فإن مشكلات العدالة الاقتصادية تبدو مختلفة بعض الشيء داخلكثير من القطاعات ومجالات الكفاح الاقتصادية، ومن الصعب اختزالها في موقف واحد متماسك مؤيد أو معارض للعولمة. كما أنه ليس بالإمكان تصوير الحركة المعارضة للعولمة على أنها معارضة للرأسمالية. فالجماعات المناهضة للرأسمالية كانت عناصر مهمةً في ظهور حركةأوسع لمناهضة العولمة، لكن مع هذا فإن الانتقادات التي توجــه للعولمة الاقتصادية لا تمثل انتقادات مباشرة للرأسمالية.

لقد نظرت تونكس نظرة قريبة في النظريات الفوردية (نسبة إلى فورد) التي توصف نمطاً من الإنتاج الصناعي الحاشد، تم ربطه بنظام من التراكم الاقتصادي والنظام السياسي والتكاثر الاجتماعي. وتفترض مثل هذه النظريات أن معنى الإنتاج يتجاوز العمليات الفنية والمخرجات المادية ليشمل ضروب تنظيم بيئة العمل، والهياكل المؤسسية، وأنماط الاستهلاك، وأنماط التقييد، والترتيبات المكانية. وفي حين تعنى النظريات الفوردية بنظاممتكامل للإنتاج، فإن ما بعد الفوردية أقل اهتماماً بتحول شامل في التنظيم الاقتصاديوالاجتماعي، مقابل اهتمامها بحزمة متنوعة من التغييرات في كيفية تنظيم الإنتاج والعمل. وتجادل المؤلفة بأن مثل هذا التعارض يرجع جزئياً إلى الطرق غير المتكافئةوغير المتناغمة التي نشأت بها ملامح ما بعد الفوردية، وقد تباينت نظم الإنتاجالفوردية عبر أوضاع مكانية وزمانية مختلفة، وكذلك هي الحال بالنسبة إلى التنظيمالاقتصادي في الفترة التي تلت الفوردية. ويمكن فهم الإنتاج ما بعد الفوردي على أنهجزء من نظام ممتد من التراكم والتقييد اللذين ينتجان درجات مختلفة جداً من العاملالمرن، وهو ما يجعل المهارات مستقطبة بين التقانة العالية والإنتاج الروتيني، كماأنه يقدم مكاسب غير متكافئة إلى حد بعيد من المرونة أو الحركية.

ويلمح هذا الكتاب إلى أن التفريق بين الأنماط (المنظمة) و(غيرالمنظمة) للرأسمالية، مثله مثل التفريق بين المجتمعات الصناعية وما بعد الصناعية،أو الانقسام الصناعي الأول والثاني، أو الاقتصادات الفوردية وما بعد الفوردية، هوأداة تحليلية مفيدة في اقتفاء أثر عمليات التغيير الاجتماعي الاقتصادي. ويصف الكتابحزمةً من النـزعات الاجتماعية والاقتصادية القوية والتي تتباين تبايناً كبيراً في الأغلب عبر الزمان والمكان. وتكون مثل هذه النـزعات دائماً غير مكتملة وغير متكافئةومعرضة لعكس أثرها، ويمثل ما تصوره هذه المخططات العريضة، على الرغم من ذلك، بعض الاتجاهاتالعامة الحساسة والتي محت تنظيم العمليات الرأسمالية وأعادت تنظيمها منذ العقودالأخيرة من القرن العشرين، وهي وثيقة الصلة بصورة خاصة من وجهة النظر الاجتماعية بربطالتغيرات الاقتصادية في حزمة أعرض من التحولات الاجتماعية والثقافية والسياسيةوالمكانية.

وترى تونكس أنه بينما قد يقوم تنظيم الإنتاج والتبادل العالمي بتقويض الأنماطالطبقية القديمة، فإن الحالة لا تزال متمثلة في كون ظروف العمل وعلاقات الاستغلالنقاطاً رئيسية للتعارض والمقاومة داخل الاقتصاد العالمي، وتستمر الإجراءات المباشرةفي تحمل العبء الأكبر للأزمات الاقتصادية. إن القضاء على الفئات الطبقية لا يجدينفعاً في تغيير الإنتاج الممنهج لمستويات التفاوت الاقتصادية وانتشار النفوذ الاقتصادي،وربما لا تقع أنماط الاستقطاب الاجتماعي بمحاذاة الخطوط الطبقية النموذجية على نحوواضح. لكن نقد الطبقية يترك السؤال حول الكيفية التي ينبغي بها للمرء أن يحللهذه التقسيمات الاجتماعية والاقتصادية، سؤالاً من دون جواب. إن الطبقة هي فئة محددةبعلاقات، وقد استخدمت، لا لتحليل تكوّن مجموعات اجتماعية اقتصادية محددة فحسب، ولكنلتفسير حالات التفاوت البنيوية بين هذه المجموعات أيضاً. وبينما قد تكون التقارير التيتتحدث عن (موت الطبقية) مبالغاً فيها أو قد لا تكون كذلك، فإن مستويات التفاوت النسبية تظلقائمة.

لقد أثارت المجادلات الدائرة حول عدم المساواة التي تلت الطبقية فيالمجتمعات الرأسمالية المتقدمة، سلسلة من التفريق بين المساواة الاقتصادية والضروب الأخرى للمساواة، وبين الحد من الفقر وتقليص فجوات التفاوت، وبين عوامل التفريقفي الدخل وانعدام الأمن والإقصاء. إن عدم المساواة والفقر وانعدام الأمن عناصرتتفاعل بطرائق معقدة لتنتج حالات تفاوت عميقة بين الدول وداخلها. علاوة على ذلك، فإنالحقوق الاجتماعية والاقتصادية يمكن النظر إليها على أنها متواصلة مع الحقوقالثقافية والسياسية والإنسانية الأشمل. إن استهلاك فكرة العدل على أنها هي العدالةفي السياق العالمي، من شأنه أن يقوض الأساس القائل إن العمليات الاقتصادية لا يمكن عزلها في النهاية عن السياقات الاجتماعية التي تعمل داخلها.

وفي الختام، تعتقدتونكس أن التدابير التقنية لعدم المساواة الاقتصادية تقدم تفسيرات متضاربة لظروفواقعية يتم التأسيس لها من خلال السياسة، وتتم هيكلتها من خلال علاقات النفوذ.

مقالات لنفس الكاتب