array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

سوق لتداول الخام السعودي الثقيل

الثلاثاء، 08 تموز/يوليو 2014

في خطوة لا تنقصها الشجاعة والجرأة، دعت المملكة العربية السعودية إلى عقد مؤتمر يضم منتجي النفط ومستهلكيه والشركات والمضاربين لبحث قضية ارتفاع أسعار النفط، إلا أن المملكة خاضت غمار مخاطرة قد تبدو فيها عاجزة عن خفض أسعار النفط إلى المستويات المنشودة.

في ضوء استمرار تصاعد الطلب وانخفاض العرض، خلص المستثمرون إلى أن الأسعار ستتحرك في اتجاه واحد فقط هو الصعود، وأن الدولار سيتحرك في اتجاه واحد فقط هو الهبوط؛ وذلك استناداً إلى العجز في الميزان التجاري والعجز في الميزانية الفيدرالية وزيادة ديون الاقتصاد الأمريكي. ومن ثم فإن إعلان المملكة العربية السعودية زيادة إنتاجها لن يؤدي إلى نتائج ملموسة في هذا المضمار.

ولا ترجع مشكلة أسواق النفط إلى أنها تجتذب المضاربين، إذ إن هناك حاجة إلى وجود المستثمرين والتجار لتأمين السيولة النقدية اللازمة وإدارة المخاطر، لكن المشكلة تكمُن في افتقار أسواق النفط إلى مبدأ (الضوابط الواقعية)، بمعنى أنه في حال قيام المستثمرين في الأسواق الأخرى برفع أو خفض الأسعار عن المستوى المعقول من دون مبرِّر، تتحرك ضوابط السوق لتنظيم الأوضاع ويتعرض المضاربون للخسارة. وعلى النقيض من ذلك، فإن أسواق النفط تفتقر إلى مثل هذه الضوابط الواقعية؛ نظراً لأن أسعار النفط الخام، وخاصة النفط الخام السعودي، ترتبط بأسعار العقود الآجلة.

والواقع أنه لا توجد سوق فعلية للنفط تتولى تنظيم عملية المضاربة، إذ لا تتدخل الجهات المشترية، مثل التجار ومصافي التكرير، في تحديد سعر النفط، بل تقوم سوق العقود الآجلة بإملاء سعر النفط عليهم. وبدورها تقوم مصافي التكرير بتمرير الزيادة في الأسعار على المستهلك النهائي الذي يضطر إلى التسليم بالأمر الواقع بسبب عدم مرونة أنماط الطلب الخاصة به، فلا يستطيع مثلاً تغيير سيارته أو منزله أو المسافة بين منزله ومحل عمله في فترة قصيرة، الأمر الذي يعني أن السوق الفعلية تستجيب ببطء للتغيرات التي تطرأ على سعر النفط من خلال الضغط على الدخل وليس الضغط على السعر، مما يؤدي في النهاية إلى حدوث التباطؤ الاقتصادي.

وللتحكم في مجريات الأوضاع داخل أسواق النفط، يجب على كبرى الدول المنتجة التخلي عن عدائها لتداول النفط الخام الذي تنتجه، ويتعين عليها تنظيم سوق فعلية تتسم بالشفافية والفاعلية. فمن غير المنطقي عدم إقامة سوق للنفط الخليجي بحجة أن كل دولة تنفرد بإنتاج نوعية معينة، إذ يمكن إنشاء سوق خليجية للنفط عبر اللجوء إلى نظام المزايدات، أو ربما تتولى المملكة العربية السعودية إنشاء نظام مزايدات أسبوعي لبيع الخام السعودي الثقيل والذي يعتبر الاحتياطي النفطي الوحيد المؤثر في ظل الظروف القائمة.

ويجب أن يعتمد نظام المزايدات على الدعوة إلى تقديم العطاءات من دون تحديد الكمية المطروحة للبيع مسبقاً، حيث يتم تحديد الكمية المباعة وسعر البيع على أساس كمية ومنحى الطلب. وتسهم هذه الآلية في حماية البائع من أية مفاجآت غير متوقعة. واستناداً إلى البيانات المستمدة من هذه الطريقة، يمكن الحكم بأن الكميات المعروضة كافية كما يزعم أعضاء منظمة أوبك أم يجب ضخ المزيد من الإنتاج حسب رؤية الزعماء السياسيين لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

ولا بد من تحديد كميات منتظمة من النفط يتم توصيلها في مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ومن الأفضل إطالة هذه المدة. وسيسهم هذا الأمر في إيجاد حالة من الاطمئنان داخل السوق، مما يؤدي إلى تعزيز الضوابط الفعلية المفروضة على التجار والمستثمرين في العقود الآجلة، ويجب إعطاء الحرية للمشترين لتداول عقودهم في سوق ثانوية تتسم بالانفتاح والشفافية، الأمر الذي يسهل التنبؤ بتوجهات الأسعار على نحو مستمر، مما يساعد على ظهور سوق للعقود الآجلة في الخام الثقيل بصورة تدريجية.

إن إقامة سوق فعلية تتميز بالفاعلية والشفافية للخام السعودي الثقيل ستلعب دوراً كبيراً في الكشف عن عناصر الاختلاف في الجودة، بل ستسهل عملية التداول عليها، الأمر الذي يساهم بدوره في تشجيع الاستثمار والارتقاء بمستوى قدرة محطات التكرير التحويلية. ولا ريب في أن السوق المادية للخام السعودي الثقيل ستتأثر بعمليات التداول في العقود الآجلة لخام غرب تكساس وبرنت، لكن العلاقة بينهما ستتسم بمرونة أكبر مما هي عليه الآن، وقد يؤدي ذلك إلى حدوث تأثير متبادل بين السوقين.

باختصار، إن الهدف الأمثل لا يكمن في فرض قيود على المضاربات لكن في إنشاء سوق فعلية قوية للنفط.

مقالات لنفس الكاتب