; logged out
الرئيسية / اتجاهات الحرب ضد الإرهاب في اليمن

اتجاهات الحرب ضد الإرهاب في اليمن

السبت، 01 تشرين1/أكتوير 2005

بالنظر إلى اختلاف طبيعة مسرح الحرب ضد الإرهاب من دولة إلى أخرى، خاصة فيما يتعلق بمدى وجود نظم سياسية مستقرة، وطبيعة الارتباطات الداخلية لتلك النظم (القبلية والاجتماعية والدينية..إلخ)، ومدى وجود هياكل وعلاقات واضحة بين التنظيمات الإسلامية المتشددة داخل الدولة وتنظيم القاعدة لجأت الولايات المتحدة إلى تطوير أطر مختلفة للتعاون مع تلك النظم في الحرب ضد الإرهاب، شملت ثلاثة أطر أساسية: الأول هو القيام بتوجيه ضربات انتقائية محددة ضد أهداف محددة داخل الدولة. والثاني هو تدريب قوات محلية للقيام بتلك المهمة نيابة عن الولايات المتحدة بالإضافة إلى تقديم المساعدات الفنية واللوجستية التي تتناسب ومثل هذا النوع من العمليات، وكان المثال الأبرز لهذا الإطار هو التعاون الفلبيني - الأمريكي في مواجهة جماعة أبو سياف.

وأخيراً تمثل الإطار الثالث في الاكتفاء بالإجراءات المباشرة من قبل الدولة من دون أن ينفي ذلك تقديم المساعدات المالية والفنية، وكان المثال الأبرز هو حالة إندونيسيا وماليزيا لمواجهة ((الجماعة الإسلامية)) في جنوب شرقي آسيا.  

وقد أخذ التعاون اليمني- الأمريكي في الحرب ضد الإرهاب الأشكال الثلاثة السابقة تقريبا، فقد شهد موقف النظام اليمني في مواجهة التنظيمات الإسلامية المتشددة وخلايا القاعدة في اليمن تحولاً مهماً مع اتجاه الولايات المتحدة في نوفمبر 2002 إلى توجيه ضربات عسكرية انتقائية مباشرة ضد أهداف يمنية، عندما قامت إحدى الطائرات العسكرية من دون طيار التابعة لجهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية في 4 نوفمبر بإطلاق صاروخ جو- أرض على سيارة فيها ستة أشخاص، كان من بينهم علي الحارثي، أحد المسؤولين الرئيسيين عن تنفيذ عملية (كول) ومسؤول القاعدة في اليمن وفقا للتقارير الأمريكية.

وكان من شأن مضي الولايات المتحدة في هذا الاتجاه إثارة الكثير من المشكلات للنظام اليمني، وهو ما دفع بالأخير على الأرجح إلى تسريع وتيرة تعاونه مع الولايات المتحدة لتنفيذ تلك العمليات بنفسه. ونجح النظام اليمني في تطوير نموذج أقرب إلى النموذج الفيليبيني والجورجي للقيام بتلك العمليات بالوكالة من خلال عمليات التدريب العسكري المباشر والمساعدات اللوجيستية (استقدام حوالي 500 جندي أمريكي لتدريب جنود يمنيين على تلك المهام، والحصول على سبعةزوارق حربية لحراسة السواحل اليمنية قيمتها 60 مليون دولار في أبريل 2004 كدفعة أولى لبناء وتطوير سلاح خفر السواحل، وإرسال سفينة هجوم برمائية أمريكية بالقرب من جيبوتي لدعم القدرات البحرية اليمنية ضد عمليات القاعدة المحتملة في المنطقة التي قد تنطلق من سواحل جيبوتي).

وفي هذا الإطار اتخذت الحرب ضد الإرهاب في اليمن ثلاثة اتجاهات أساسية: 

1- ملاحقة التنظيمات الإسلامية المتشددة، وتم التركيز في هذا الإطار على تنظيم ((الشباب المؤمن)) بقيادة رجل الدين الشيعي حسين بدر الدين الحوثي، الذي تأسس في عام 1997 نتيجة انشقاق أسرة بدر الدين الحوثي عن حزب الحق (الإسلامي المعارض، وأحد الأحزاب الشيعية في اليمن) استنادا إلى خلافات فكرية وتنظيمية لأسرة الحوثي مع الحزب، وقدرت عضوية التنظيم آنذاك بحوالي 3000 عضو.

غير أنه يجدر وضع تصفية تنظيم ((الشباب المؤمن)) في السياق الصحيح بالنسبة للحرب ضد الإرهاب، فرغم ما يجمع بين تنظيمي الشباب المؤمن والقاعدة من مشاعر العداء والكراهية للولايات المتحدة وإسرائيل، إلا أنه لا توجد علاقات تنظيمية أو فكرية بين التنظيمين - إن لم تكن علاقة عداء في ظل خلافاتهما المذهبية - إلا أن تصفية تنظيم الشباب المؤمن قد انطوت على أبعاد أخرى مهمة. فبالنظر إلى مركزية اليمن كإحدىالوجهات الأساسية لعناصر القاعدة أثناء وبعد الحرب السوفييتية- الأفغانية، وتوطن أعداد كبيرة من الأفغان العرب (نسبة مهمة منهم من اليمنيين) في اليمن بعد انتهاء تلك الحرب، ثم تزايد الأهمية النسبية لليمن في هذا الاتجاه بعد انتهاء الحرب الأمريكية في أفغانستان، حيث تأكد موقعها كوجهة مهمة لفلول القاعدة بعد الحرب، ثم فلول عناصر القاعدة من المملكة العربية السعودية تحت تأثير الملاحقات الأمنية الشديدة بالمملكة ضد تلك العناصر، بالإضافة إلى تحول اليمن إلى مصدر مهم في عملية التجنيد الجديدة للقاعدة بسبب انتشار الفقر والبطالة داخل المجتمع اليمني، أدت تلك العوامل إلى تحول اليمن إلى إحدى الساحات المهمة المرشحة للصراع بين المذهبين الشيعي بدعم من القوى الشيعية في المنطقة، والسني تحت تأثير توسع نفوذ القاعدة في اليمن، وتزايد الاتجاهات الراديكالية لدى المذهبين. ومن ثم كان لابد من قيام النظام اليمني بتصفية الجناح المتطرف داخل الأقلية الشيعية – ممثلا في الفكر الحوثي وتنظيم الشباب المؤمن- بالتوازي مع ملاحقة الاتجاهات السنية ممثلة في عناصر وخلايا القاعدة.

 2- إغلاق ملفي عمليتي تدمير المدمرة الأمريكية ((كول))، وناقلة النفط الفرنسية ((ليمبورغ)) وامتدادات تنظيم القاعدة داخل اليمن، فقد أدى وقوع أحداث سبتمبر 2001 ثم العملية العسكرية الأمريكية المباشرة ضد الحارثي في نوفمبر 2002 إلى سرعة تجاوب النظام اليمني مع المطالب الأمريكية الخاصة بملاحقة ومحاكمة المسؤولين عن تنفيذ عمليتي كول (2000) وناقلة النفط الفرنسية ((ليمبورغ)) (2002)، بشكل يؤكد التزام النظام اليمني بالتعاون مع الولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب. تمت في هذا الإطار محاكمة المتورطين في تنفيذ عملية كول بأحكام مشددة شملت الحكم بإعدام اثنين (عبد الرحمن النشيري المعتقل في الولايات المتحدة وجمال البدوي) والسجن لأربعة آخرين بمدد تراوحت بين (5-10) سنوات (حكم محكمة صنعاء الجزائية الابتدائية في سبتمبر 2004)، والحكم بإعدام اثنين من المسؤولين عن تفجير الناقلة الفرنسية (فواز الربيعي وحزام مجلي) وسجن ثلاثة عشر آخرين بمدد تراوحت بين (3- 15) سنة (حكم محكمة الاستئناف في فبراير 2005). ولوحظ في تلك الأحكام اتجاه محاكم الدرجة الثانية إلى تشديد بعض الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية بناء على طلب ممثل الادعاء (الدولة)،ونجحت الملاحقات الأمنية في القبض على عدد مهم من أنصار القاعدة، كان أبرزهم محمد حمدي الأهدل (أبو عاصم المكي) الذي اعتبر الرجل الثاني لتنظيم القاعدة في اليمن بعد الحارثي والمسؤول الأول عن التمويل والتنسيق مع قيادة القاعدة،وقدر إجمالي المعتقلين الذين أحيلوا إلى المحاكمة على خلفية قضايا إرهابية حتى أبريل 2004 بحوالي 178 شخصا تم اعتقالهم خلال الفترة (2001-2004).

  3- ترحيل الإسلاميين العرب إلى خارج اليمن، فقد مثّل اليمن خلال عقدي الثمانينات والتسعينات إحدى المحطات الرئيسية للتحركات الدولية للإسلاميين المتشددين، والمعبر الأساسي لانتقال هؤلاء من السودان- أحد مراكز التدريب- ومنطقة الشرق الأوسط إلى ميدان العمل الأساسي خلال تلك المرحلة (أفغانستان)، وأدى هذا الوضع إلى وجود عدد كبير من الإسلاميين من جنسيات مختلفة داخل اليمن، وفي هذا الإطار تم القبض على عدد كبير من هؤلاء العناصر وترحيلهم- رغم اندماجهم في المجتمع اليمني من خلال الزواج بيمنيات أو العمل داخل مؤسسات تعليمية وصحية يمنية لفترات طويلة- فتم اعتقال عدد كبير من الإسلاميين المصريين المقيمين في اليمن خلال عام 2003، وتسليمهم للحكومة المصرية، كان أبرزهم سيد إمام الشريف والمعروف أيضا بالدكتور عبد القادر عبد العزيز أو الدكتور فضل، الأمير السابق لجماعة الجهاد المصرية.

 4- تجفيف مصادر نشر الأفكار الدينية المتشددة، وتم التركيز في هذا السياق على إغلاق المدارس والمراكز التعليمية الخاصة التي تعمل خارج الإشراف الحكومي، والتي قدرها الشيخ يحيى النجار وكيل وزارة الأوقاف اليمنية في فبراير 2005 بحوالي 4000 مدرسة، واتهمت تلك المدارس بتدريس ونشر مقررات ومذاهب دينية متطرفة، وتدريس كتب ومؤلفات دينية متشددة بما في ذلك مؤلفات حسين الحوثي، بسبب تبعية النسبة الغالبة من تلك المدارس لأحزاب وقوى سياسية ذات توجهات دينية وسياسية محددة. ويشار هنا بشكل خاص إلى حزبي الحق والتجمع اليمني للإصلاح،وقد اتخذت الحكومة اليمنية في 22 يونيو 2004 قراراً بإغلاق جميع المدارس الدينية التي تعمل خارج القانون التعليمي المعمول به في اليمن، ودمج  المعاهد العلمية التي كان يشرف عليها حزب التجمع اليمني للإصلاح في إطار التعليم العام، بالإضافة إلى إغلاق جامعة الإيمان التي أسسها الشيخ عبد المجيد الزنداني وترحيل جميع طلابها الأجانب، كما ركزت تلك العملية بشكل خاص على تجفيف مصادر نشر الفكر الشيعي الإثني عشري والحوثي من خلال القبض على مروجي هذا الفكر داخل الطبقة المثقفة من القضاة والصحفيين وخطباء مساجد، وإغلاق المكتبات الشيعية الزيدية، ومنع المكتبات الشيعية اللبنانية والإيرانية واليمنية من المشاركة في معارض الكتاب، ومصادرة عدد من كتب الشيعة الإثني عشرية، وإغلاق المعاهد والحوزات التابعة للحوثي والموالية لتنظيم (الشباب المؤمن).

 تعقيدات الحرب ضد الإرهاب في اليمن

أثارت عملية الحرب ضد الإرهاب في اليمن وفقا للتوجهات السابقة الكثير من التعقيدات، نشير فيما يلي إلى أهم تلك التعقيدات:  

 1- التداخل بين الحرب ضد الإرهاب وتهديد النظام الحاكم في اليمن: واتضح هذا التداخل من خلال مواجهة النظام لرجل الدين الشيعي حسين بدر الدين الحوثي وتنظيم ((الشباب المؤمن)) والتي استمرت خلال الفترة (18 يونيو 2004 إلى 10 سبتمبر 2004). وجاء هذا التداخل نتيجة انتماء الحوثي أتباعه إلى المذهب الشيعي وميل الحوثي ذاته إلى المذهب الشيعي الإثني عشري المعروف بتعارضه في الكثير من المفاهيم مع المذهب الشيعي الزيدي الموجود في اليمن منذ 1200 عام،والذي ينتمي إليه الرئيس اليمني عبد الله صالح ذاته.

وربما كان هذا هو أحد العوامل المهمة التي دفعت بالنظام اليمني إلى سرعة تصفية هذا التنظيم لقطع الطريق على محاولة الأخير استغلال عناصر البيئة الإقليمية الجديدة لتطوير أجندة سياسية لشيعة اليمن، خاصة بعد صعود الوزن النسبي لشيعة العراق وتحولهم إلى أحد العناصر الأساسية في المعادلة السياسية، أو لقطع الطريق على احتمال تطور خطط دولية (من جانب الولايات المتحدة بالأساس) أو خطط إقليمية (من جانب إيران) لإعادة هيكلة النظام السياسي اليمني استنادا إلى الأقلية الشيعية اليمنية كجزء من سياسة موازنة الثقل السني في المنطقة بشكل عام وموازنة الدولة السنية والمذهب الوهابي في المملكة العربية السعودية بشكل خاص. وربما يفسر ذلك استناد الحملة العسكرية للنظام اليمني ضد تنظيم ((الشباب المؤمن)) والحوثيين إلى وصف الحوثي بـ((رجل الدين المتمرد)) وليس ((الإرهابي))، واتهامه بالسعي إلى إقامة دولة إسلامية وفق النظام الإمامي الذي انتهى بثورة 26 سبتمبر 1962، والتنسيق مع أسرة آل حميد الدين التي حكمت اليمن حتى سبتمبر 1962، واتهام التنظيم بالتنسيق مع المراكز والمرجعيات الدينية الشيعية الإيرانية والعراقية، وهو ما أدى إلى بوادر أزمة دبلوماسية بين اليمن وإيران على خلفية الاتهامات التي وجهت إلى الحوثيين بالتخابر لحساب النظام الإيراني وتورط السفارة الإيرانية باليمن في التعاون مع التنظيم، وهي التهم التي رفضها الحوثي وعلماء المذهب الزيدي بشدة، مؤكدين اقتصار حركة الحوثي على معارضة الولايات المتحدة وإسرائيل.

بمعنى آخر، فقد تجاوز إدراك النظام للتهديد الذي مثله الحوثيون ارتباط تصفية التنظيم بالتزامات النظام اليمني في إطار الحرب ضد الإرهاب لينطوي هذا الإدراك على تهديد مباشر للأسس الدستورية والدينية والاجتماعية للنظام السياسي اليمني، بالإضافة إلى تهديد الفتنة الطائفية. والواقع أن هذا الإدراك لم يكن مبالغا فيه إلى حد كبير، بالنظر إلى حجم وطبيعة الأسلحة التي استطاع الحوثيون تجميعها، وحجم القوة البشرية (حوالي ثلاثة آلاف مسلح)، وآليات نشر الأفكار الحوثية داخل المجتمع اليمني (مجموعة المدارس والمعاهد الدينية المتعاطفة مع أفكار الحوثي)، فضلا عن التركز الديني والجغرافي للحوثيين في منطقة جغرافية محددة (محافظة صعدة). أضف إلى ذلك تزايد مؤشرات تنامي نفوذ المذهب الشيعي الإثني عشري داخل الأقلية الشيعية اليمنية، فقد شهدت فترة الثمانينات تواصلا بين إيران ومرجعيات زيدية في اليمن. وأخذ هذا التواصل بعداً فكرياًوتنظيمياً وتمويلياً، خاصة تحت تأثير نمو مشاعر الغضب لدى أتباع المذهب الزيدي بسبب انتشار المذهب الوهابي داخل اليمن. وقد بدأت جهود التواصل الإثني عشري مع الزيدية في اليمن تؤتي ثمارها خلال التسعينات، حيث شهد اليمن أنشطة ملموسة للإثني عشرية، أهمها انتشار المكتبات التي تقوم ببيع كتب الإثني عشرية بأسعار متواضعة أو بالمجان، وانتشار أفكار التشيع داخل عدد من المدن اليمنية خاصة صعدة وصنعاء وعمران وذمار وحجة والمحويت والجوف، وإحياء شعائر الشيعة، وتزايد حجم المنح الدراسية التي استقطبت أبناء المذهب الزيدي إلى إيران ولبنان، ومشاركة مكاتب إيرانية ولبنانية شيعية في معارض الكتاب السنوية باليمن، بالإضافة إلى تزايد الأنشطة الثقافية والاجتماعية للسفارة الإيرانية.

 2- التداخل بين الحرب ضد الإرهاب وبنية النظام الحاكم في اليمن: ويرجع هذا التداخل إلى علاقة التداخل المهمة بين التنظيمات والقيادات الأصولية اليمنية - موضوع المواجهة- والمؤسسات اليمنية الرسمية بما في ذلك المؤسسات العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى اعتماد النظام على بعض تلك القيادات في القيام بوظائف سياسية واجتماعية داخل المجتمع اليمني (خاصة وظيفتي الضبط الاجتماعي والتجنيد السياسي)، الأمر الذي جعل عملية المواجهة تلك في أحد أبعادها مواجهة بين النظام ونفسه، أو على الأقل مواجهة بين النظام ومصادر شرعيته.

واتضح هذا التداخل أثناء التحقيقات  الخاصة بعملية المدمرة كول أو أثناء ملاحقة النظام للعناصر المطلوبة من جانب الولايات المتحدة. ومن الأمثلة البارزة هنا هي حالة الداعية الإسلامي الشيخ عبد المجيد الزنداني، الذي طلبت الولايات المتحدة التحقيق معه بدعوى امتلاكه معلومات مهمة حول عملية كول، وعلاقته القوية بتنظيم القاعدة، وميله إلى المذهب الوهابي. ورغم أن الشيخ الزنداني يشغل عضو مجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح المعارض، إلا أنه مثل أحد القيادات القبلية المهمة التي اعتمد عليها النظام في حرب 1994 وأحد حلفاء حزب المؤتمر الشعبي الحاكم في تلك الحرب، والتي أسند إليه خلالها مهمة استقطاب القبائل وتجنيدها لصالح المؤتمر الشعبي في مواجهة تحالف الحزبين الاشتراكي والحق، وصار الزنداني بعد الحرب أحد أعضاء المجلس الرئاسي الخماسي. وفي هذا الإطار لم يقدم النظام اليمني على اتخاذ تدابير متشددة تجاه الزنداني رغم المطالب الأمريكية بالتحقيق معه ومصادرة أمواله، ورفضت التعامل معه باعتباره إرهابيا.

ووفق بعض المصادر، استطاعت القاعدة تطوير علاقات قوية مع عدد من رموز النظام اليمني بما في ذلك المناصب العليا في الجيش وقوات الأمن اليمنية، والمثال الأبرز هنا هو حالة العقيد علي محسن الأحمر، أحد القيادات العسكرية اليمنية والأخ غير الشقيق للرئيس اليمني، والذي يتهم بتشكيل تنظيم أصولي داخل الجيش يضم حوالي 40 ضابطا. وتشير تلك المصادر إلى أن الأحمر هو أحد حلفاء أسامة بن لادن، ولعب دوراً مهماً في تجنيد اليمنيين وإرسالهم إلى أفغانستان، بالإضافة إلى امتلاكه معلومات مهمة تتعلق بعملية اختطاف السياح الغربيين في ديسمبر 1998 بواسطة جيش عدن، وعملية كول.

ولم يقتصر هذا التداخل على هاتين الحالتين، فهناك حالات عديدة أخرى،والأهم أن هذا التداخل قد طال الحوثيين أنفسهم، فقد لعب النظام اليمني ذاته دوراً مهماً في دعم تنظيم ((الشباب المؤمن)) كجزء من سياسة إضعاف خصمه السياسي آنذاك (تحالف الحزب الاشتراكي وحزب الحق) وكجزء من سياسة موازنة التجمع اليمني للإصلاح، من خلال منح التنظيم مخصصات مالية شهرية حكومية بعد اكتمال استقلاله عن حزب الحق في عام 2000، اعترف بها الرئيس اليمني في إحدى المقابلات التي أجريت معه في 3/7/2004، بحجة حماية التنظيم من الارتباط بدعم خارجي. وفي ظل تلك العلاقة استطاع الحوثي دخول مجلس النواب اليمني خلال الفترة (1993- 1997) ممثلاً لحزب الحق، بالإضافة إلى عضوية يحيى بدر الدين الحوثي ممثلاً لحزب المؤتمر الشعبي الحاكم، كما اندمج عدد كبير من سكان مناطق تركز أتباع الحوثي في حزب المؤتمر الشعبي الحاكم (أحمد بدر الدين الحوثي ذاته) وتصويت هؤلاء لصالح الحزب لفترات طويلة، وذلك على حد تصريح الحوثي ذاته لوكالة الصحافة الفرنسية في 20 يوليو 2004.

 

مجلة آراء حول الخليج