; logged out
الرئيسية / العلاقات الخليجية – الأمريكية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة

العلاقات الخليجية – الأمريكية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة

الأحد، 01 شباط/فبراير 2009

 لقد شهدت العلاقات الخليجية – الأمريكية الكثير من التطورات والتقلبات وبخاصة في مرحلة ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وما تزامن معها من تمدُّد لدور المحافظين الجدُد في دوائر صنع القرار الأمريكية في ظلِّ إدارة الرئيسجورج بوش 

وقد تمركزت هذه العلاقات حول جملة من القضايا والملفات المهمة المتمثلة في  ملف الطاقة، والعلاقات الاقتصادية والتجارية، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وقضايا الإصلاح الداخلي في دول المجلس، فضلاً عن المسألة العراقية، وأزمة الملف النووي الإيراني، وانعكاسات كل منهما على الأمن والاستقرار في الخليج.

ولكن على ضوء خبرة السنوات الماضية وحصيلة نتائجها بشأن العلاقات الخليجية – الأمريكية يمكن القول إن هذه العلاقات بحاجة إلى مراجعة جادة وإعادة تقييم بحيث تتم إعادة رسم أولوياتها وتوجيه مساراتها بما يخدم مصالح الطرفين، وبخاصة في ظل وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض في الولايات المتحدة الأمريكية من ناحية، والأزمة المالية التي تعصف بالعالم من ناحية ثانية، والتحولات السياسية والأمنية الراهنة التي تشهدها منطقة الخليج من ناحية ثالثة.

إن تطوير العلاقات الخليجية – الأمريكية، والدفع بها إلى آفاق جديدة في ظلِّ إدارة أوباما يتطلب مناقشة قضايا هذه العلاقات بدرجة عالية من الصراحة والشفافية، لا سيما في ظلّ التوجهات الجديدة التي أكّد عليها أوباما خلال حملته الانتخابية. ومن المهم جداً أن يتفهَّم كلٌّ من طرفي العلاقة مصالح وأولويات وهواجس الطرف الآخر. وفي هذا المقام أود الإشارة إلى عدد من النقاط المهمّة:

أولاً: إن دول مجلس التعاون الخليجي معنية بالعراق ومستقبله باعتباره دولة عربية خليجية؛ لذا فهي تُدرك تماماً أن أي تدهور للأوضاع في العراق ستكون له تأثيراته السلبية على مصالحها. ومن هنا فإنه من المهم جداً أن تنسق الإدارة الأمريكية الجديدة مع دول المجلس بشأن الترتيبات المستقبلية في العراق، فأي انسحاب للقوات الأمريكية قبل أن تتم إعادة بناء الجيش والشرطة العراقيين على أسس غير طائفية، وإنجاز مصالحة وطنية حقيقية، وإعادة توجيه خطط إعادة الإعمار على أسس جديدة سوف تكون له تأثيراته الكارثية على المنطقة.

ثانياً: إن من أولويات دول مجلس التعاون الخليجي أن تبقى منطقة الخليج خالية من أسلحة الدمار الشامل، ومن مصلحتها كذلك ألا تشهد المنطقة مواجهات عسكرية جديدة بسبب الملف النووي الإيراني. وفي ضوء ذلك فإن دول المجلس معنية بتوجهات الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه إيران، وهي وإن كانت تحبِّذ تسوية أزمة الملف النووي الإيراني بالطرق السلمية، إلا أنها حريصة في الوقت نفسه على ألا تكون هذه التسوية على حسابها أو تنطوي على مساس بمصالحها، لا سيما في ظل ما يروِّج له البعض عن احتمال عقد صفقة بين واشنطن وطهران بشأن هذا الملف.

ثالثاً: نظراً لأن قضية أمن الخليج لا تهم الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي فحسب، بل تهم الكثير من الأطراف الإقليمية والدولية الأخرى، فإن الأمر يتطلب إفساح المجال أمام هذه الأطراف للمشاركة في ترتيبات لضمان أمن الخليج، لا سيما أن ملف أمن الطاقة وثيق الارتباط بمسألة الأمن والاستقرار في الخليج.

رابعاً: إن السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربي – الإسرائيلي، والقائمة على الدعم المطلق لإسرائيل، كثيراً ما ألقت بظلالها على العلاقات الخليجية – الأمريكية، بل سبَّبت في بعض الأحيان حرجاً للدول العربية التي تربطها علاقات وثيقة مع واشنطن، وبالتالي فإنه من المهم أن تعيد الإدارة الجديدة تقييم السياسة الأمريكية تجاه هذا الصراع المصيري، لا سيما أن استمراره يشكل مصدراً للتوتر وعدم الاستقرار، فضلاً عن تغذية التطرف والعنف في المنطقة.

خامساً: نظراً لأن الأزمة المالية العالمية تلقي بظلالها على الجميع، فإنه من المهم مراجعة وتقييم العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة ودول المجلس في ضوء هذه المستجدات، لا سيما أن عملات كافة دول المجلس ما عدا الكويت لا تزال مرتبطة بالدولار الأمريكي.

سادساً: إن استراتيجية مكافحة الإرهاب التي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب هجمات سبتمبر 2001 لم تحقق الأهداف المرجوَّة منها، بل إن العالم لم يصبح أكثر أمناً في ظل هذه الاستراتيجية. وبالتالي فإنه من المهم أن تعيد الإدارة الأمريكية الجديدة النظر في هذه السياسة، لا سيما أن دول المجلس حريصة على التصدي لخطر الإرهاب من خلال تعزيز جهود التعاون الدولي بهذا الخصوص، ولكن على قاعدة التمييز بين الإرهاب من ناحية والمقاومة المشروعة للاحتلال من ناحية أخرى، ومعالجة الإرهاب من منظور شامل بحيث لا يقتصر الأمر على المواجهة الأمنية فقط، فالإجراءات الأمنية ضرورية لكن لا تكفي بمفردها لتجفيف منابع التطرف والإرهاب.

سابعاً: إن السياسات الأمريكية في ظل إدارة بوش كرست صورة شديدة السلبية للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة العربية، بل وفي العديد من مناطق العالم الأخرى. ومن المؤكد أن تحسين هذه الصورة لن يتم من خلال حملات العلاقات العامة أو حرب العقول والأفكار، بل إن التغيير الإيجابي في سياسة واشنطن تجاه قضايا المنطقة هو العامل الحاسم في هذا الخصوص.

ثامناً: من المهم أن تنسق دول مجلس التعاون الخليجي سياساتها بشأن التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، لأن هذا كفيل بتصحيح مسارات العلاقات الخليجية – الأمريكية على نحو يخدم مصالح الطرفين.

مقالات لنفس الكاتب