; logged out
الرئيسية / نظام البيعة واستمرارية المشروع الإصلاحي السعودي

نظام البيعة واستمرارية المشروع الإصلاحي السعودي

الخميس، 01 تشرين2/نوفمبر 2007

يقضي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز (حفظه الله)، أياماً عدة بجوار بيت الله الحرام في شهر رمضان الكريم من كل عام، في سنة حسنة ينتهجها ولاة أمر هذه البلاد، تقرباً إلى الله ووقوفاً على سير الخدمات والتسهيلات التي تقدمها الدولة بوزاراتها وقطاعاتها المختلفة للمعتمرين والزوار الذين يتدفقون من داخل المملكة وخارجها في العشر الأواخر من شهر رمضان من كل عام لقضاء ما تبقى من الشهر الكريم بجوار الحرم.

ولا ينسى (حفظه الله) في خضم كل ذلك، وفي زخم دبلوماسية العشر الأواخر التي تقوم بها المملكة، والتي أسفرت عن تحقيق كثير من المصالحات الإسلامية في مثل هذه الأيام من الأعوام الماضية، لا ينسى ما يتعلق بشؤون الوطن بكل مقوماته، فها هو (رعاه الله) يضيف لبنة تشريعية في إطار طمأنة الشعب السعودي على استقراره ومستقبله السياسي، فيصدر أمره الكريم بالموافقة على اللائحة التنفيذية لنظام هيئة البيعة، الذي كان قد أقره في مثل هذه الأيام من العام الماضي.

وقد جاء إقرار نظام هيئة البيعة ولائحته التنفيذية ليضع آلية قانونية ومؤسسية - واضحة ومفصلة - للخلافة السياسية وعملية انتقال السلطة بطريقة منظمة وسلسة، بما لا يسمح بحدوث أي فراغ في الحكم أو نشوب أي خلافات أو تعدد في التفسيرات والتأويلات لبعض النصوص. ولعل صدور نظام هيئة البيعة ولائحته التنفيذية إنما يؤكد على حقيقة التوجه الإصلاحي الذي يتبناه، وينفذه بخطوات ثابتة وبصيرة نافذة، خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله)، وذلك بهدف تكريس المفهوم المؤسسي على مستوى الدولة والمجتمع، وترسيخ الاستقرار السياسي والاجتماعي في المملكة، وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية، خاصة أن نظام هيئة البيعة يأتي مكملاً للنظم الأخرى التي تسير عليها المملكة، والمتمثلة في النظام الأساسي للحكم ونظام مجلس الشورى ونظام المناطق ونظام مجلس الوزراء، وهو بذلك يشكل لبنةً جديدةً في صرح البناء الكبير الذي يواصل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله (حفظه الله) بناءه، كما يؤكد حرص القيادة السياسية على الأخذ بالشورى والرأي الجماعي في مدخلات القرار.

ومن منطلق ديناميكية التجديد في المجتمع السعودي وتطلعات المواطنين والغيرة على الدين والوطن، فإننا نناشد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بأن يأخذ نظام هيئة البيعة ولائحته التنفيذية بعداً شعبياً، بعد أن تم إقرارهما بشكل رسمي. والمقصود بذلك أن يصبح هذا النظام وثيقة وطنية، بحيث تكتسب شرعيتها من التأييد الشعبي العلني لها. خاصة أن العديد من المؤشرات تدل على أن هذا النظام هو محل إجماع من قبل جميع المواطنين، إيماناً منهم بأهميته ودوره الفعّال في المحافظة على مكتسبات الشعب السعودي، وصيانة وحدته الوطنية، وتأمين حق الأجيال القادمة في العيش في وطن آمن ومستقر.

وفي تصورنا، فإن إضفاء الطابع الشعبي على نظام هيئة البيعة، وبعد موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز على ذلك، يمكن أن يتحقق من خلال آلية تتبناها وزارة الداخلية، بحيث تتيح لجميع المواطنين تأييد النظام في سجلات خاصة تُعد لهذا الغرض، وتوضع في مقار المناطق والمحافظات والمراكز الإدارية. ولا شك في أن تواقيع المواطنين لتأييد النظام ستكون بمثابة وثيقة تأييد وعهد، باعتبار أن هذا النظام جاء ترجمة لرغبة وطنية جامعة تنطلق من الإجماع على شرعية نظام حاكم، والولاء للأسرة الحاكمة، وستكون بمثابة امتداد للبيعة التي في أعناقهم لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين. وفي هذا الدور، إذا ما اضطلع به الشعب، امتداد للمشاركة الشعبية المتمثلة في حرص الدولة على إتاحة الفرصة للمواطنين للمشاركة في صنع القرار بشكل أو آخر، وذلك من خلال عدة قنوات مثل مجلس الشورى ومجالس المناطق والحوار الوطني وانتخابات المجالس البلدية.

وخلاصة القول أن صدور نظام هيئة البيعة ولائحته التنفيذية جاء في سياق المشروع الإصلاحي في المملكة العربية السعودية في ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين (حفظه الله)، وهو مشروع ينطلق من المصالح الوطنية للمملكة، ويراعي الثوابت الدينية والحضارية والثقافية والوطنية والقومية التي تلتزم بها، كما لا يغفل المستجدات والمتغيرات الإقليمية والعالمية وما تفرضه من استحقاقات وتحديات. ومن هنا فإن مقترح إضفاء طابع شعبي على نظام هيئة البيعة هو خطوة رمزية لها دلالتها في تعريف المواطنين بهذا النظام وترسيخ شرعيته في الوجدان الشعبي، وتأكيد معنى أن الإصلاح بمعناه الشامل هو قضية وطنية ومسؤولية عامة مشتركة تقع على عاتق الدولة والمجتمع.

 

مقالات لنفس الكاتب