; logged out
الرئيسية / تحت شعار (ماذا يجري في الخليج؟ وإلى أين تتجه المنطقة؟) المنامة تستضيف اللقاء السنوي 29 لمنتدى التنمية

تحت شعار (ماذا يجري في الخليج؟ وإلى أين تتجه المنطقة؟) المنامة تستضيف اللقاء السنوي 29 لمنتدى التنمية

السبت، 01 آذار/مارس 2008

استضافت العاصمة البحرينية المنامة اللقاء السنوي التاسع والعشرين لمنتدى التنمية لدول الخليج العربية خلال الفترة من 7-8 فبراير 2008، بمشاركة واسعة من الأعضاء، وذلك تحت شعار (ماذا يجري في الخليج؟ وإلى أين تتجه المنطقة؟).

واشتمل برنامج اللقاء على ثلاث جلسات رئيسية، حيث تناولت الجلسة الأولى سيناريوهات المستقبل السياسي، والجلسة الثانية ركزت على بحث سيناريوهات المستقبل الاقتصادي، أما الجلسة الثالثة فتناولت سيناريوهات المستقبل الاجتماعي والفكري.

وأقيم على هامش المنتدى خمسة منتديات مصاحبة، هي: المنتدى الأكاديمي، والمنتدى الإعلامي، ومنتدى الشباب، بالإضافة إلى عقد اجتماع للجنة التنفيذية للمنتدى، واجتماع الجمعية العمومية.

سيناريوهات المستقبل السياسي

ترأست الجلسة الأولى الدكتورة موضي الحمود، وخلالها قدم رئيس مركز الخليج للأبحاث عبدالعزيز بن عثمان بن صقر دراسة استشرافية للوضع الاستراتيجي في الخليج 2025، تناول فيها المعطيات والشروط التي يمكن أن توفر الأمن والاستقرار والتحول الديمقراطي في المنطقة.

وحدد ابن صقر خمسة سيناريوهات لمستقبل المنطقة، السيناريو الأول في (الأزمة الممتدة) يقوم على استمرار الوضع الراهن في المنطقة على ما هو عليه خاصةً في قضايا العراق والنفوذ الأمريكي في المنطقة والملف النووي الإيراني والعلاقات بين دول مجلس التعاون. أما السيناريو الثاني (الكارثي) فسيحدث في حالة تفكك العراق واندلاع حرب جديدة في الخليج بسبب الملف النووي الإيراني مما سيؤدي إلى حصول تداعيات كارثية على المنطقة ستبدأ بتصدير العنف والإرهاب إلى دول المنطقة بسبب تفكك الدولة العراقية. أما السيناريو الثالث (هيمنة إيران النووية على الخليج) فهو متصل بقدرة إيران على امتلاك القنبلة النووية، مما سيؤدي إلى تحول إيران إلى قوة مهيمنة على المنطقة ومسيطرة على العراق.

وأشار ابن صقر إلى أن السيناريو الرابع هو (هيمنة أمريكية – إيرانية مشتركة على الخليج)، يحدث بسبب قيام تنسيق استراتيجي بين إيران والولايات المتحدة سيكون على حساب دول مجلس التعاون الخليجي. أما السيناريو الأخير (التفاؤلي) وهو سيناريو تحقيق الأمن والاستقرار والديمقراطية والتنمية في المنطقة، فهو مرتبط بتجنب التهديدات الإقليمية وشيوع الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والخليجي.

سيناريوهات المستقبل الاقتصادي

أما الجلسة الثانية فكانت برئاسة الدكتور عبدالرزاق فارس، وتحدث فيها كل من الدكتور عبدالله الصادق، والدكتور وديع الكابلي حول سيناريوهات المستقبل الاقتصادي لمنطقة الخليج.

حيث تطرق الدكتور عبدالله الصادق إلى مستقبل مجلس التعاون الخليجي من المنظور الاقتصادي، معتمداً في تحليلاته على المتغيرات التي تشهدها المنطقة بسبب العولمة وتعاظم أهمية قطاعي الاتصالات والمواصلات وتراجع الحوافز الجمركية وانفتاح أسواق اقتصادات العالم والسوق الخليجية الموحدة وحرب العراق الأخيرة.

وأشار الصادق إلى احتمال وجود خمسة سيناريوهات، يتمثل أولها في استمرار نموذج النمو الاقتصادي الحالي في دول مجلس التعاون. وثانيها في إيجاد اتحاد اقتصادي خليجي. وثالثها استمرار الوضع الحالي المتمثل في البيئة الإقليمية المتسمة بالصراع الإقليمي وعدم الاستقرار السياسي من ناحية واستقرار أسعار النفط عند مستويات مناسبة لا تقل عن 45 دولاراً للبرميل الواحد. أما السيناريو الرابع فهو المثالي لدول مجلس التعاون، حسب نظرة الصادق، الذي يفترض توفر البيئة الإقليمية والدولية المثالية من حيث توفر الاستقرار الإقليمي وارتفاع سعر البترول نتيجة لزيادة الطلب العالمي عليه وتسارع عولمة الاقتصاد العالمي وزيادة معدلات التجارة والاستثمار. وستشهد اقتصادات المنطقة بفضل ذلك حالة من الازدهار تتحول إلى مركز الابتكار، مما سيترب عليه تركيز المنطقة على تعزيز رأس المال البشري عند كل المستويات والاستثمار بكثافة في التعليم مع مواصلة الإصلاحات السياسية والمؤسساتية.

وبالنسبة للسيناريو الأخير فهو سيناريو (العاصفة الرملية)، حيث يتسم هذا السيناريو بعدم الاستقرار الإقليمي من ناحية الركود الاقتصادي على المستوى الدولي، وما يترتب عليه من تذبذب أسعار النفط إلى مستويات منخفضة، من دون أن يستبعد الصادق أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه ضربة إلى المرافق النووية الإيرانية خلال العام المقبل 2009، الأمر الذي سيتبعه رد صاروخي إيراني على القواعد الأمريكية في منطقة الخليج العربي. وفي ظل تدهور الأوضاع الأمنية وحالة عدم الاستقرار الداخلي ستقوم حكومات المنطقة بزيادة الإنفاق العسكري على حساب المجالات المدنية الأخرى، وسيتم تعثر مشروعات الإصلاحات الخاصة بقطاعات التعليم والبحث والتطوير والاستثمار.

من جانبه تحدث الدكتور وديع الكابلي حول سيناريوهات المستقبل الاقتصادي، حيث استبعد وجود تخوف على مستقبل الدول الخليجية من الناحية البترولية خلال الربع قرن المقبل على الأرجح، ولم يستبعد حدوث تقلبات اقتصادية عنيفة في دول الخليج في المديين القصير والمتوسط، مشيراً إلى أن هذه التقلبات قد تؤدي إلى حدوث مصاعب اقتصادية لبعض الدول، وأشار إلى أن أعداد السكان سترتفع إلى حوالي 50-53 مليون نسمة في العام 2025م.

وأكد الكابلي زيادة معدلات البطالة بين المواطنين في دول الخليج خلال السنوات العشر المقبلة بسبب نظم التعليم السائدة في المنطقة العربية بشكل عام، نتيجة للتركيز على الجوانب الكمية وإهمال التركيز على الجوانب النوعية في التعليم، الأمر الذي سيخلق فجوة كبيرة بين مخرجات التعليم واحتياجات الاقتصادات الخليجية وطلب السوق على المهارات العلمية والتطبيقية، متوقعاً أن تزداد هذه الفجوة بسبب المشكلات الاجتماعية التي ستولدها ظاهرة البطالة.

وقال الكابلي إن الفترة المقبلة ستشهد ارتفاعاً في الأسعار، حيث إن ارتفاع الدخول الفردية بسبب ارتفاع أسعار النفط سيؤدي إلى ذلك، الأمر الذي سينعكس على زيادة معدلات التضخم في دول الخليج. كما أشار الكابلي إلى أن مشكلة شح المياه ستتصاعد خلال السنوات العشرين المقبلة، مما سيولّد الأزمات الدولية والحروب الإقليمية. واختتم الكابلي ورقته بالحديث عن مشكلات وتحديات الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والإدارية وكيفية معالجتها باعتبارها المحور الرئيسي في نجاح برامج التنمية المستدامة.

سيناريوهات المستقبل الاجتماعي والفكري

تطرقت الجلسة الثالثة لمنتدى التنمية إلى سيناريوهات المستقبل الاجتماعي والفكري، وترأستها الدكتورة ثريا التركي، وتحدث فيها الدكتور محمد الرميحي، حيث ربط فيها مستقبل الخليج العربي بعدة متغيرات منها أسعار النفط والتغيرات الإقليمية، واستشرف مستقبل منطقة الخليج في ثلاثة سيناريوهات، تمثل الأول في العودة إلى الصحراء، أما السيناريو الثاني فتمثل في تحول دول الخليج إلى واحة متوسطة الحجم باقتصاد متواضع، أما السيناريو الأخير فقد نوه إليه الرميحي بتحول الخليج إلى (الخليج الخصب).

وأكد الرميحي في ورقته على أهمية التعليم ومدى جودته وكفاءته، وافترض أن يشق التعليم مجتمعات الخليج في عام 2025 إلى شقين واضحين، الأول أن يحصل الناس على تعليم جيد في الجامعات الخاصة الممتازة، والثاني أن يبقى الناس في التعليم الحكومي الذي اعتبره (فاشلاً)، خاصة في ظل اعتقاده بصعوبة ظهور تعليم عصري في القطاع الحكومي بسبب (العقبات)، إلا أنه أشار إلى أن بقاء مؤسسات التعليم الخاص من دون رقابة حقيقية سيقود المجتمع إلى حالة من التشتت، محذراً أيضاً من التعليم التقليدي التراثي الذي سيولد صراعات متفاقمة حسب تعبيره.

ثم تناول الرميحي موضوع الثقافة وجعلها شرطاً لوصول الخليج إلى مرحلة الخصوبة، وأشار إلى أن اختلاف المفاهيم الخاصة بالثقافة والهوية والمعرفة أوصل مجتمعات الخليج العربي إلى حالة من الصراعات الفكرية والعملية، مؤكداً أن تعددية الثقافة هي الشكل الطبيعي للمجتمعات الحديثة.

وتطرق الرميحي إلى موضوع الإعلام والاتصال الذي سيلعب دوراً بارزاً في تشكيل مجتمع الخليج في عام 2025 بعد أن تتحرر وسائل الإعلام من الضغوط البيروقراطية بسبب سرعة تغيّر التقنية وزيادة الطلب على المنتج الإعلامي في ظل نظام العولمة، وأشار إلى أن الإعلام سيشكل الوعي والذاكرة الإنسانية والتذوق في الحياة وسيقدم أنماطاً معيشية وسلوكية جديدة.

وأوضح أن الإمبراطوريات الإعلامية سيتعاظم دورها في الخليج، وستؤثر بجوانبها السلبية في ظاهرة خلق الأوهام التي ستزيد من حالة تزايد الصراع الاجتماعي، كما ستتعرض الثقافات المحلية في الخليج إلى تفكيك وإعادة تركيب من خلال وسائل الإعلام والتعليم.

وتطرق الرميحي أيضاً إلى التنمية البشرية في حالة حدوث سيناريو (الخليج الخصب)، إذ ستؤثر في تضاعف التجمع البشري الخليجي من 40 مليون نسمة في عام 2008 إلى 80 مليون نسمة في عام 2025. وكشف أن التنمية البشرية ستخلق ظواهر عديدة أبرزها الحاجة إلى استيعاب المهاجرين بسبب الحاجة، وقلة توافر الأيدي العاملة في الدول المصدرة خاصةً العمالة المنزلية بسبب تحسن الأوضاع الاقتصادية في هذه الدول.

وفي ما يتعلق بالمرأة فقد أشار الرميحي إلى أنها ستزداد استقلالية وستعتمد على نفسها، الأمر الذي سيؤدي إلى ظهور عدد من الظواهر الاجتماعية منها زيادة العنوسة بين النساء وارتفاع نسبة الطلاق، إلا أن الرميحي أوضح أن استقلالية المرأة ستحقق ظواهر إيجابية تتمثل في قبول الاندماج الاجتماعي وزيادة دورها في الحياة العامة.

وانتهت ورقة الرميحي بالحديث عن قطاع الشباب في منطقة الخليج، حيث أشار إلى أن الشباب الخليجي سيتبع نظم التعليم المطبقة من الحكومات مع بقاء عدد منهم في التعليم المحافظ، وأن قسماً آخر منهم سيتبنى أفكاراً جديدة، إلا أنه أكد أن الشباب سيكون الأمل لمستقبل الخليج العربي والمشكلة في الوقت نفسه، خاصةً في حالة زيادة نسبة الإحباط السياسي والاجتماعي والثقافي بين أفراد هذه الشريحة. كما بيّن أن مفاهيم الديمقراطية والحريات ونظم الحكم في الخليج ستتغير سلباً وإيجاباً، وسيكون الإقبال على المشاركة هو الأكثر احتمالاً مع بقاء قلة الوعي في مفهوم المشاركة بين أذهان الشباب.

منسق عام جديد

واختتمت أعمال اللقاء السنوي التاسع والعشرين لمنتدى التنمية في يومه الثاني بجلسة مناقشات عامة برئاسة جاسم السعدون، حيث خصصت الجلسة لمناقشة أوراق العمل التي قدمت في اليوم الأول. بعدها عقد اجتماع للجمعية العمومية للمنتدى، وتم انتخاب عضو المنتدى الدكتورة منيرة فخرو منسقاً عاماً، خلفاً للمنسق العام السابق الدكتور عبدالخالق عبدالله.

مقالات لنفس الكاتب