; logged out
الرئيسية / طموحات إيران النووية: مواجهة تحد مشترك

طموحات إيران النووية: مواجهة تحد مشترك

الثلاثاء، 01 كانون2/يناير 2008

استضاف مركز الخليج للأبحاث في مقره بمدينة دبي في الثاني عشر من ديسمبر الماضي السفير غريغوري إل. شولت ممثل الولايات المتحدة الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومكتب الأمم المتحدة في فيينا، حيث ألقى شولت محاضرة بعنوان (طموحات إيران النووية: مواجهة تحد مشترك) شرح خلالها آخر التطورات المتعلقة بالملف النووي الإيراني، وألقى الضوء على الموقف الأمريكي من هذه القضية والمنحى المحتمل الذي قد تتخذه التطورات على المدى القريب، ويسرنا أن نعرض هنا جانباً من ملاحظات السفير الأمريكي في هذه الندوة حيث قال :

يسرني أن أكون هنا، في دبي، لأشارك في حدث نظمه مركز الخليج للأبحاث. فقد بلغنا اليوم نقطة مهمة ومثيرة للاهتمام في علاقتنا مع إيران، بل وفي علاقات إيران مع العالم أجمع. إنها نقطة منتصف الطريق نحو تعهد إيران بحل القضايا البارزة التي تتعلق ببرنامجها النووي.. النقطة التي تواجه إيران فيها قراراً استراتيجياً. ومن شأن هذا القرار أن يغير أمن واقتصاد إيران ويعود بالنفع على شعبها، ويمكن لهذا القرار أيضاً أن يغير سياق وأفُق العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، وأن يؤثر في الأمن الجماعي للمنطقة والعالم. وأود أن أتحدث عن أربعة موضوعات، هي:

ـ أولاً: تقرير الاستخبارات القومية الأمريكية لبرنامج إيران النووي.

ـ ثانياً: ماذا تعني أحكام هذا التقرير الاستخباراتي بالنسبة لعملي في فيينا ولعمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ـ ثالثاً: الالتزامات المترتبة على إيران لتعليق أنشطتها النووية الحساسة كبرنامج تخصيب اليورانيوم.

ـ رابعاً: القرار الاستراتيجي الذي تواجهه القيادة الإيرانية.

أحكام تقرير الاستخبارات القومية الأمريكية لبرنامج إيران النووي وضرورة استمرار الهواجس بشأنه

نشرت الإدارة الأمريكية في الأسبوع الماضي خلاصة تقرير الاستخبارات القومية الأمريكية لبرنامج إيران النووي، وتُمثل هذه الوثيقة الرأي الذي تجمع عليه كل وكالات الاستخبارات الأمريكية بشأن قدرات إيران النووية ونواياها المتعلقة بأنشطتهاالنووية.

إن القول الأكثر إثارة للنقاش في هذا التقرير هو التقييم الذي أفاد بأن إيران أوقفت أنشطتها النووية العسكرية في أواخر عام 2003، نتيجةً لتنامي التدقيق والضغط الدولييْن على إيران بسبب أنشطتها النووية. وقد تزامن هذا التوقف مع توقيع إيران على البرتوكول الإضافي لمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي وموافقتها على تعليق أنشطتها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم.

لقد فشلت الصحافة العالمية إجمالاً في إبراز هذه النقطة والتشديد عليها كما ينبغي، لكن الأمر الذي يكتسي أهمية خاصة هو أن تقرير الاستخبارات القومية الأمريكية أشار بدرجة عالية من الثقة إلى أن إيران كان لديها، بالفعل، برنامج نووي عسكري سري حتى خريف عام 2003، وهو انتهاك إيراني واضح لضمانات معاهدة حظر انتشار السلاح النووي التي تنص على استخدام التقنية النووية لأغراض سلمية فقط. وأشار التقرير الاستخباراتي أيضاً إلى أن القيادة الإيرانية تواصل إبقاء خيار تطوير أسلحة نووية مفتوحاً، وأن برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم ـ الذي يعد استمراره انتهاكاً للقرارات الدولية ذات الصلة ـ هو جزء من مقومات بقاء هذا الخيار مفتوحاً.

لكن التقرير حمل إلينا أخباراً سارة أيضاً، فهو يستنتج أن قرار إيران وقف أنشطتها لتطوير أسلحة نووية جاء نتيجة للضغط الدولي المنسق والمتواصل عليها. وهو ما يعني، بالتالي، أن الولايات المتحدة وشركاءها الدوليين اتبعوا النهج الصحيح عندما مارسوا ضغوطاً على إيران لحملها على القبول بحل دبلوماسي للنزاع الدائر حول برنامجها النووي.

ومع ذلك، لا تزال لدينا أسباب قوية تدعونا إلى الشعور بعميق القلق من هذا البرنامج. فتقرير الاستخبارات القومية الأمريكية يقول إن إيران مستمرة في تطوير تقنيات يمكن استخدامها لبناء قنبلة نووية، الأمر الذي يُقرب إيران أكثر من إنتاج سلاح نووي إن قرر القادة الإيرانيون استئناف البرنامج النووي العسكري.

ويقول التقرير الاستخباراتي أيضاً إنه على الرغم من أن إيران أوقفت برنامجها النووي العسكري في عام 2003، إلا أنها لا تزال تستطيع امتلاك القدرة على إنتاج المواد الكافية لإنتاج سلاح نووي ما بين عامي 2010 و2015م، إن قررت القيادة الإيرانية ذلك.

وفي الوقت ذاته، ترافقت إشارة تقرير الاستخبارات القومية الأمريكية إلى أن إيران تواصل تطوير تقنيات نووية ذات الاستخدام المزدوج وأنها تقترب أكثر فأكثر من إتقان بعض التقنيات الضرورية لبناء سلاح نووي، مع تصريح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن معرفة الوكالة بتفاصيل برنامج إيران النووي (في تراجع).

ومن الممكن أيضاً أن تستأنف إيران برنامجها النوويالعسكري في أي وقت، فقد انخفضت من العالية إلى المتوسطة درجة ثقة الاستخبارات الأمريكية في أن إيران لم تستأنف برنامجها النووي العسكري في منتصف عام 2007، مما يعني أن الحاجة للتحقق المستمر من نوايا إيران النووية لا تزال قائمة.

ستحاول إيران استغلال استنتاجات تقرير الاستخبارات القومية الأمريكية، بل لقد بدأت باستغلالها فعلاً عبر انتقاء بعض هذه الاستنتاجات وإساءة قراءتها. إذ وصف الرئيس محمود أحمدي نجاد مجمل التقرير كدليل على أن الولايات المتحدة وشركاءها(ملأوا العالم بالأكاذيب والتهديدات تحت الذريعة الملفقة لبرنامج إيران النووي العسكري). وهكذا، يتضح أن الرئيس الإيراني لم يقرأ خلاصة التقرير بتمعن. فالتقرير يقول إن الاستخبارت القومية الأمريكية على ثقة كبيرة بأن إيران كان لديها برنامج نووي عسكري حتى خريف عام 2003 ـ برنامج نووي عسكري لم تعترف القيادة الإيرانية بوجوده قط وتواصل طهران إنكاره تماماً، على الرغم من الأدلة المتزايدة التي تدحض مزاعمها.

الدور المستمر للوكالة الدولية للطاقة الذرية

تواصل الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاضطلاع بدور رئيسي في القضية النووية الإيرانية. ففي عام 2006، أحال مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن الدولي بموافقة غالبية أعضائه، لأن الوكالة لم تتمكن من التحقق من مدى صحة واكتمال البيانات النووية الإيرانية، خاصة تلك المتعلقة بأنشطتها السرية السابقة في مجال تخصيب اليورانيوم، ولأن الوكالة لم تستطع التحقق أيضاً من أن برنامج إيران النووي مخصص فقط للأغراض السلمية.

ولا يزال يتعين على إيران أن تتخذ عدداً من الخطوات المهمة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي بسلمية برنامجها النووي. ففي الثامن والعشرين من سبتمبر، حدد وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى نظيرهم الألماني، مستوى التعاون الذي يجب على إيران أن تنتهجهلتبديد الشكوك المتعلقة بأنشطتها النووية القديمة والحديثة. ودعا بيان هؤلاء الوزراء إيران إلى (تقديم نتائج ملموسة بسرعة وفاعلية لتبديد كل الهواجسالتي أثارها برنامج إيران النووي وتوضيح كل القضايا الرئيسية المتعلقة به، بما فيها كل القضايا التي قد تنطوي على بعد نووي عسكري). وباختصار، توقعت الولايات المتحدة وشركاؤها الدوليون كشفاً كاملاً عن أنشطة إيران النووية القديمة والحديثة.

إن المعلومات الجديدة الواردة في تقرير الاستخبارات القومية الأمريكية تجعل كشف إيران عن أنشطتها النووية القديمة والحديثة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، وخاصة الأنشطة التي قد تتعلق بإنتاج أسلحة نووية. ونظراً إلى فجوة الثقة التي سببتها إيران عبر إخفاء أنشطتها النووية في الماضي، يجب على العالم أن يحصل على تأكيدات من إيران بأنها تخلت عن برنامجها النووي العسكري، ولو بصورة مؤقتة على الأقل. فقد دعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، إلى )اعتراف( إيران بأنشطة الماضي والتزام كامل الشفافية في الأنشطة القائمة. ونحن ندعم هذه الدعوة.

ومن خلال خطة العمل، تعهدت إيران بحل القضايا البارزة التي حددتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بخصوص برنامجها النووي. ولا شك في أنه من الأهمية بمكان أن تجيب إيران عن أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما أننا نتفق مع المدير العام للوكالة محمد البرادعي، عندما قال في الرابع من ديسمبر الماضي، أي بعد صدور تقرير الاستخبارات: إن )إيران لا تزال بحاجة لتوضيح بعض الجوانب المهمة من أنشطتها النووية القديمة والحديثة(.فحل هذه القضايا بداية مهمة للإجابة عن بعض الأسئلة التي طرحها العالم حول برنامج إيران النووي.

ولا تزال إيران بحاجة أيضاً إلى تقديم توضيحات مفصلة ومقنعة بشأن دراساتها المتعلقة بتحويل اليورانيوم والاختبارات التي تُجريها على مواد شديدة الانفجار والتصميم الهندسي لصواريخ بالستية متطورة. فقد تعين على إيران منذ فترة طويلة تقديم الإجابات عن هذه الأسئلة. وسوف تخبرنا هذه الإجابات ـ ولو جزئياً ـ ما إذا كانت إيران قد اختارت تبديد الشكوك التي تعتري ماضيها النووي. ونظراً إلى المعلومات الجديدة، فإنه من الصعب تصور أي شيء آخر عدا الاعتراف بالجهود النووية العسكرية السابقة لكي يتسنى إكمال خطة العمل، والبدء بالمضي على طريق إعادة بناء ثقة المجتمع الدولي في إيران.

لقد وصف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعاون إيران الأخير بأنه (قائم على رد الفعل وليس على الفعل). وهذا ما يعني بوضوح أن مستوى هذا التعاون يجب أن يتغير. ونحن نتوقع من إيران أن تنتقل من نموذج الحد الأدنى من الكشف عن أنشطتها النووية والإجابة عن الأسئلة تحت الضغط فقط، إلى تبني الشفافية بملء إرادتها وإلقاء الضوء على كامل نطاق أنشطتها النووية.

إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن الدولي على يقين بأن إيران بحاجة لإعادة الثقة بسلمية برنامجها الحالي. ففي الرابع من ديسمبر الماضي، جدد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية تأكيده على أن تطبيق البروتوكول الإضافي ضروري لكي (يتسنى للوكالة توفير الضمانات المطلوبة بشأن طبيعة البرنامج النووي الإيراني).

ونظراً إلى المعلومات المتزايدة التي تُفيد بأن إيران تطور تقنيات يمكن استخدامها لبناء قنبلة نووية، وفي ظل الدرجة العالية إلى المتوسطة من ثقة الاستخبارات القومية الأمريكية بأن القيادة الإيرانية تواصل إبقاء خيار تطوير أسلحة نووية مفتوحاً، باتت الحاجة إلى الدخول الكامل والشفاف للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى منشآت إيران النووية أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. ومن شأن هذا الدخول أن يشتمل أيضاً على تطبيق إجراءات الشفافية التي تتعدى ضمانات البروتوكول الإضافي.

ضرورة تعليق إيران لأنشطتها النووية تظل قائمة

يواصل مجلس الأمن الدولي أيضاً الاضطلاع بدوره الخاص به، فهو يشكل وسيلة الضغط العالمية الرئيسية على إيران لإقناعها بالدخول في المفاوضات والتخلي عن طموحاتها بامتلاك أسلحة نووية بشكل نهائي. وما تفيدنا به دوائر المخابرات الأمريكية هو أن الضغط على إيران أدى الغرض منه. ويتعين على الأسرة الدولية، قبل التخلي عن استراتيجية أثبتت نجاحها، أن تتأكد من أن برنامج الأسلحة النووية لن يستأنف في حال تراجع الاهتمام الدولي بهذه القضية.

وقد حاول المسؤولون الإيرانيون القولإن ما ورد في تقريرا لاستخبارات القومية يشير إلى أن ملف إيران النووي قد رفع إلى مجلس الأمن الدولي بطريقة غير قانونية، وأن الملف يجب أن يعاد إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن، هذا ليس صحيحاً. فملف إيران النووي، لم يرفع إلى مجلس الأمن لأن إيران كانت تواصل العمل على برنامج الأسلحة النووية الخاص بها، وإنما بالأحرى، لأنها انتهكت قواعد السلامة النووية وأخفقت في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو الأمر الذي لم يؤكد على الطبيعة السلمية البحتة للبرنامج الإيراني، رغم سنوات عدة من التحري والتحقيق. وراود مجلس أمناء الوكالة الدولية الشك بأن مساعي إيران النووية تشكل تهديداً للسلام والأمن العالميين، ووافقهم مجلس الأمن على ذلك.

ويعد الحصول على المادة الانشطارية بمثابة المرحلة الأساسية في تصنيع الأسلحة النووية. ولهذا، فإن مواصلة إيران لأنشطة تخصيب اليورانيوم، رغم التزاماتها التي تعهدت بها أمام مجلس الأمن، وفي ظل المعلومات المتزايدة حول أحد الأهداف الحقيقية للبرنامج– والتي ظلت قائمة لفترة طويلة - تبعث على القلق العميق وتظل بمثابة تهديد خطير للسلام والأمن العالميين. ولذلكفإن ضرورة قيام إيران بتعليق أنشطتها التي تساعد على الانتشار النووي يجب أن تبقى مستمرة.

ورغم ذلك، أشار المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير قدمه في شهر نوفمبر الماضي إلى أن إيران لا تزال تواصل أنشطة تخصيب اليورانيوم، وأنها تقوم بتشغيل 3000 جهاز طرد مركزي في (ناتانز). ولهذا يجب أن تظل جهودنا منصبة على التأكد من قيام إيران بتعليق الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم. ولذلك فإن الأساس الذي يستند إليه أي إجراء يتخذه مجلس الأمن بحق إيران، يبقىقائماً ومن دون أي تغيير.

وفي حال واصلت إيران أنشطتها النووية من دون أي اعتبار للمخاوف الحقيقية للأسرة الدولية، فإن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع الدول المعنية الأخرى لتطبيق إجراءات أقوى لإقناع إيران بضرورة سلوك طريق آخر، وتنفيذ كل التزاماتها الخاصة بحظر انتشار الأسلحة النووية.

القرار الاستراتيجي لقادة إيران

توصلت الدوائر الاستخباراتية في تقرير الاستخبارات القومية إلى أن قرارات طهران تخضع لاعتبارات الربح والخسارة، على اعتبار أن الضغوط الدولية المكثفة مقرونة بعمليات التدقيق، إلى جانب وجود فرص لإيران لتحقيق أهدافها بالأمن والمكانة المميزة بطرق أخرى، يمكن لها أن تؤجل قرار طهران بوقف برنامج أسلحتها النووية. وهذا من دون شك أمر جيد، إذ إن هذا هو المسار الثنائي الذي سارت فيه الولايات المتحدة وشركاؤهافي مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن إلى جانب ألمانيا. وإن ما نسعى إليه، في الحقيقة، هو الدفع باتجاه إحداث تغيير في منهج التفكير الاستراتيجي في طهران.

إن الهدف من إجراءات مجلس الأمن والعقوبات الدولية هو إقناع إيران بأنه سيكون من مصلحتها أن تتعاون وتتفاوض، لا أن تؤخر وتعرقل. والولايات المتحدة جاهزة للدخول في مفاوضات مع إيران، إلى جانب شركائها من أوروبا وروسيا والصين بهدف التوصل إلى اتفاق دائم لحل الأزمة النووية الإيرانية. ولا شك في أن هذه بادرة حسن نية تاريخية من جانب الولايات المتحدة. فطوال الـ28 سنة الماضية، لم تكن هناك أية علاقات دبلوماسية رسمية بين الولايات المتحدة وإيران، ولكن وزيرة الخارجية كونداليزا رايس أوضحت مراراً أنها مستعدة لنسيان الماضي والتباحث مباشرة مع إيران بشأن الأزمة النووية. وتفضل كل دول مجموعة (5+1) الست أن يتم التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة، وتبقي في الوقت ذاته على العرض الذي قدمته في يونيو 2006 قائماً كبديل عن تعليق إيران للأنشطة التي تساعد على الانتشار النووي.

وتعرض الدول الست في مقترحها، مقابل التعاون الإيراني، أن تؤمن لطهران معظم ما تدعي أنها ستحصل عليه من برنامجها النووي - تقنيات متقدمة، ومنافع اقتصادية ستساعد على تحسين أوضاع الاقتصاد الإيراني ودمجه في الاقتصاد العالمي, وبرنامج طاقة نووية يبقي على جزء من نفط إيران والغاز الطبيعي لتبيعه في السوق العالمية، وضمان إمدادات وقود مستمرة بما يضمن التشغيل المستمر لتلك المفاعلات لتلبية احتياجات إيران المتزايدة من الطاقة.

وبالمقابل لن يؤدي امتلاك القادة الإيرانيين لأسلحة نووية إلى جعل إيران أكثر أماناً، بل ستؤدي طموحات القادة الإيرانيين لامتلاك أسلحة نووية إلى سباق تسلح نووي في المنطقة، مما سيعرضنا جميعاً – والشعب الإيراني أيضاً – إلى مخاطر جديدة، حيث لم تؤد طموحات إيران النووية إلى تعزيز مكانتها، بل إن خرقها لقواعد السلامة النووية ولقرارات مجلس الأمن أدى إلى تعريضها لمزيد من العزلة الدولية. كما أن طموحات إيران النووية لم تجلب لها المنافع الاقتصادية التي تتناسب مع بلد يمتلك ذلك الكم الهائل من الموارد الطبيعية. بل أدت، على العكس، إلى مزيد من المقاطعة والحذر من التعامل معها، وهو ما من شأنه أن يعرقل النمو التقني والاستثمارات.

وإذا كان الزعماء الإيرانيون مهتمين بالأمن والمكانة والمنافع الاقتصادية، فالأجدر بهم أن يوافقوا على عرض الدول الست بدلاً من مواصلة برنامجهم النووي، الذي يسبب للعالمهذا القلق وهذه المخاوف.

وعلى الرغم من خيبات أملنا المستمرة، فإننا نتمنى على القادة الإيرانيين أن يلجأوا إلى خيار استراتيجي يتمثل في التعاون الكامل مع الأسرة الدولية. ونأمل منهم بأن يفصحوا بالكامل عن أنشطتهم النووية السابقة والحالية، بما فيها الاعتراف بمساعيهم السابقة لامتلاك أسلحة نووية. وبدورنا نحثّ إيران على احترام النداء الذي وجهه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية لتطبيق (البروتوكول الإضافي)، وتعليق كافة الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، كما أننا نحث حكومة إيران على التخلي عن نهجها الحالي الذي سيؤدي إلى مزيد من عزلتها، واستغلال الفرصة لحل كل القضايا العالقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبناء الثقة ببرنامجها النووي من خلال تعليق أنشطة التخصيب، والدخول في مفاوضات تؤدي إلى التوصل إلى تسوية سياسية لأزمتها النووية. هذه هي فقط، الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها تحقيق مصالح الشعب الإيراني، وإزالة المخاوف الجدية التي تعتري هذه المنطقة والأسرة الدولية. ويظل الخيار أولاً وأخيراً للقادة الإيرانيين.

مقالات لنفس الكاتب