; logged out
الرئيسية / حالة أسواق العمل ومشكلة البطالة في دول مجلس التعاون الخليجي

حالة أسواق العمل ومشكلة البطالة في دول مجلس التعاون الخليجي

الأربعاء، 01 كانون1/ديسمبر 2004

عقد مركز الخليج للأبحاث حلقة نقاشية حول حالة أسواق العمل ومشكلة البطالة في دول مجلس التعاون الخليجي بهدف إلقاء الضوء على أوضاع سوق العمل وطبيعة مشكلة البطالة وأسبابها وكيفية التعامل معها وإيجاد الحلول المناسبة لها، وقد تناولت الحلقة بالرصد والتحليل مجمل القضايا المتعلقة بسوق العمل والبطالة في دول المجلس.

وكان من أبرز تداعيات الطفرة النفطية التي شهدتها دول المجلس منذ منتصف سبعينات القرن العشرين، تبني هذه الدول مشاريع طموحة للبنية التحتية والنهضة العمرانية، ونظراً لقلة عدد سكان هذه الدول، ومحدودية قوة العمل فيها، فإن أعداداً كبيرة من العمالة الأجنبية، وبخاصة الآسيوية قد توافدت عليها، مما خلق مع مرور الوقت مشكلة كبرى، تتمثل في الخلل السكاني الذي تعاني منه دول المجلس بدرجات متفاوتة، لدرجة أن المواطنين أصبحوا يشكلون أقلية في بعض الدول.

إن تزايد أعداد العمالة الوافدة في دول المجلس في السنوات الأخيرة أدى إلى بروز وتنامي مشكلة البطالة بين مواطني هذه الدول، بل إن هذه المشكلة بدأت تبرز في صفوف الوافدين، خصوصاً أن قطاعاً يُعتد به من العمالة الوافدة في الدول المعنية ينتمي إلى العمالة غير الماهرة أو نصف الماهرة.

ومع التسليم بتنامي ظاهرة البطالة في دول المجلس، إلا أنه لا توجد معلومات أو إحصاءات دقيقة عن حجم هذه الظاهرة في الدول المعنية، فهناك تضارب في الأرقام والتقديرات بهذا الخصوص. ولذلك يجدر الالتفات سللمخاطر القائمة والمحتملة التي تمثلها مشكلة البطالة، حيث إن الفراغ يسهم في خلق بيئة ملائمة لانتشار ظواهر التطرف والعنف والجريمة.

المشاركون:

1- ابتسام سهيل الكتبي - أستاذ العلوم السياسية المساعد- جامعة الامارات
2- ابراهيم قويدر - مدير عام منظمة العمل العربية
3- ايهاب كمال أبو الخير محمد - أستاذ المحاسبة بكلية التجارة والاقتصاد - جامعة السلطان قابوس - سلطنة عمان
4- أحمد اليوشع - مدير عام البحوث و المتابعة، الديوان الملكي، البحرين
5- بسيوني ابراهيم حمادة - عضو هيئة التدريس في قسم الاتصال الجماهيري، كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية - جامعة الإمارات
6- جمال جاسم الفخري - باحث في مركز الخليج للأبحاث
7- حسين علي الشمراني - مدير إدارة الموارد البشرية، الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي
8- راضي العجمي - باحث تخطيط اجتماعي، إدارة التخطيط الاجتماعي، الأمانة العامة - مجلس التخطيط، الدوحة - قطر
9- عامر ذياب التميمي - رئيس مجلس إدارة شركة الجمعية الاقتصادية الكويتية
10- عايش البرغوثي - مدير مركز التوظيف و تطوير المهارات، تنمية
11- عبد الجليل السيد أحمد الغربلي - مدير عام المكتب الاستشاري الصناعي - الكويت
12- عبد الرزاق فارس الفارس - أستاذ الاقتصاد المشارك بجامعة الإمارات
13- عبد العزيز بن عثمان بن صقر - رئيس مركز الخليج للأبحاث
14- عبد العزيز الهزاع - أمين عام المشروع الوطني للتدريب و التوظيف بمنطقة مكة المكرمة
15- عبد الكافي محمد عمر - مدير عام القوى العاملة، وزارة التخطيط و التنمية - اليمن
16- عبدالله محمد الصادق - مساعد الأمين العام للدراسات والبحوث الاستراتيجية والاقتصادية، مركز البحرين
17- علي احمد عبدالله الطراح - عميد كلية العلوم الاجتماعية - جامعة الكويت
18- فاطمة سعيد الشامسي - كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال - جامعة الإمارات
19- فيصل بن راشد حمد الحجري - اقتصادي بدائرة الدراسات والتخطيط بوزارة القوى العاملة - سلطنة عمان
20- محمد بن عبد العزيز السهلاوي - مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية - المملكة العربية السعودية
21- محمد عبدالله الملا - عضو مجلس إدارة صحيفة «اليوم» السعودية، و الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي
22- المصطفى بن لاميح - برنامج الأمم المتحدة الإنمائي
23- ميثاء سالم الشامسي - م.نائب مدير جامعة الإمارات لشؤون البحث العلمي.

محاور أوراق العمل:

ناقشت الحلقة حالة سوق العمل وطبيعة مشكلة البطالة في كل دولة بحيث خصصت جلسة لكل دولة، إلا أن الأوراق جميعا تضمنت المحاور الآتية:

المحور الأول: مصادر المعلومات والبيانات
المحور الثاني : المؤشرات العامة لحالة سوق العمل
المحور الثالث: معدلات البطالة في دول المجلس وأهم خصائصها
المحور الرابع: أسباب تنامي ظاهرة البطالة في دول المجلس
المحور الخامس: تقييم سياسات الدول في معالجة مشكلة البطالة
المحور السادس: الآثار المحتملة لتنامي مشكلة البطالة
المحور السابع: مقترحات لمواجهة مشكلة البطالة: ذكر المقترحات التي يراها الباحث لمعالجة مشكلة البطالة.

حرص مركز الخليج للأبحاث على تنظيم هذه الحلقة النقاشية بهدف التعرف إلى حالة أسواق العمل وحجم مشكلة البطالة في دول المجلس، ومصادر المعلومات التي يمكن الاعتماد عليها بهذا الخصوص، والخصائص البنيوية لهذه الظاهرة، فضلاً عن تقييم سياسات الدول في التعامل معها، وبلورة بعض المقترحات العملية لكيفية الحد من هذه المشكلة.

وقائع الحلقة النقاشية:

وفي بداية أعمال الحلقة النقاشية، ألقى عبد العزيز بن عثمان بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث كلمة حول أهمية الموضوع وأبعاده وقدم أفكاراً لمعالجة هذه المشكلات جاء فيها أن دول مجلس التعاون الخليجي تعانـي بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة من وجود خلل في أسواق العمل بها، وهذا يرجع إلى عوامل عديدة في مقدمتها أن الطفرة النفطية التي شهدتها هذه الدول قد مكَّنتها من تبني مشاريع وخطط طموحة للتنميةِ والتعمير، وبخاصةٍ في ما يتعلقُ بالبنيةِ الأساسية. ونظراً لقلةِ عددِ سكانِها، فقد استقطبتْ أعـــداداً كبــــيرةً من العمـــــالةِ الوافدة، ولاسيما من بعضِ الدولِ الآسيوية، مما أوجدَ معَ مُرورِ الوقتِ حالةً من عدمِ التوازنِ في الهياكلِ السكانيةِ وهياكلِ العمالةِ في العديدِ من دولِ المجلس. بالإضافة إلى عوامل أخرى منها «استمرارُ القطاعِ الخاصِ في هذهِ الدولِ في توظيفِ المزيدِ من العمالةِ الوافدةِ لأسبابٍ معروفةٍ للجميع، كما أن بعضَ القيودِ الاجتماعيةِ قلصتْ من مشاركةِ المرأةِ الخليجيةِ في قوةِ العمل، ناهيكَ عن وجودِ نظرةٍ سلبيةٍ لدى بعضِ فئاتِ الشبابِ في دولِ المجلسِ تجاهَ قيمةِ العمل، مما يحدُّ من رغبـتِـهم في الانخراطِ في بعضِ المهن.
ومن الأمورِ التي تسترعي الانتباهَ أن نسبةً يُعتدُّ بها من العمالةِ الوافدةِ في عددٍ من دُولِ المجلسِ هي من العمالةِ غيرِ الماهرةِ أو نصفِ الماهرة، والتي تندرجُ تحتها فئاتٌ عديدةٌ مثلَ خدمِ المنازلِ ومن في حُكمِهم، ناهيكَ عن ظاهرةِ العمالةِ الهامشيةِ أو السائبةِ التي تعاني منها بعضُ الدول، والتي لا تضيفُ شيئاً للاقتصاد، بل هي تشوهُ هياكلَ العملِ وتضرُّ بالمجتمعاتِ الخليجية».

ونبه رئيس المركز إلى «أن تنامـيَ معدلاتِ البطالةِ في دولِ المجلسِ خلالَ السنواتِ الأخيرةِ يُعدُّ من أبرزِ مظاهرِ الخللِ في أسواقِ العملِ في هذهِ الدول، فمن المفارقاتِ الكبرى أن الدولَ التي تستضيفُ الملايينَ من الوافدين الذين يعملون في مختـلِـف القطاعاتِ فيها قد أصبحتْ تعاني من عجزٍ متزايدٍ عن توفيرِ فرصِ العملِ لأبنائها، مما خلقَ مشكلةَ بطالة، وبخاصةٍ في صفوفِ المتعلمين من الشباب، مما يمثلُ هدراً مزدوجاً للمواردِ الماديةِ والبشريةِ لهذهِ الدول». وتُعتبرُ مشكلةُ البطالةِ محصلةً لمشكلاتٍ أخرى عديدة، منها «تعثرُ جهودِ دولِ المجلسِ في تنويعِ مصادرِ الدخلِ وتوسيعِ القاعدةِ الإنتاجيةِ للاقتصادِ غيرِ النفطي، على الـرُّغمِ من أنَّ هذا الهدفَ مطروحٌ منذ أكثرَ من ربعِ قرن، مما قلصَ من قدرتِها على خلقِ فرصِ عملٍ جديدة، وأدى إلى وجودِ فجوةٍ كبيرةٍ بين مخرجاتِ المؤسساتِ التعليميةِ من ناحيةٍ، واحتياجاتِ سوقِ العملِ من ناحيةٍ أخرى، فضلاً عن تواضُعِ مساهمةِ القطاعِ الخاصِ في عمليةِ توطينِ العمالة».

وجاء التشخيص الصائب حينما دق عبد العزيز بن صقر ناقوس الخطر في ختام كلمته قائلا: «إن لم يُخطِّطْ أبناءُ هذهِ المنطقةِ لمستقبلِهم فسوف يُخطِّطُ لهم الآخرون»، ولذا فإننا جميعاً مُطالَبون بالعملِ من أجلِ مستقبلٍ أفضلَ لأوطانِنا.

ثم استمرت جلسات الحلقة النقاشية حيث استعرض الباحثون تجارب بلدانهم وحجم مشكلة البطالة ورؤى لكيفية مواجهتها ، وكانت هنالك مناقشات مستفيضة للأوراق التي قدمت. وأصدر المشاركون في ختام ندوتهم توصياتهم المتعلقة التي تهدف إلى خفض مشكلة البطالة ومعالجة مظاهرها ، بحيث ركز المحور الأول على ندرة مصادر المعلومات والبيانات الحديثة عن حالة أسواق العمل ومشكلة البطالة في دول المجلس وطبيعة المشكلات التي تواجه الباحث وصانع السياسة بهذا الخصوص.

فيما عالج المحور الثاني المؤشرات العامة لحالة سوق العمل، فتناول إجمالي قوى العمل مقارنة بعدد السكان وتوزيع قوى العمل بين القطاعين الحكومي والخاص ونسبة العمالة الوافدة إلى إجمالي قوى العمل المواطنة، بالإضافة إلى توزيع العمالة الوافدة حسب الجنسية والقطاع ونسبة مشاركة المرأة في قوة العمل.

أما المحور الثالث، فقد تناول موضوع معدلات البطالة في دول المجلس وأهم خصائصها ونسب البطالة الظاهرة بين المواطنين والوافدين وبين المواطنين العاطلين عن العمل والوافدين ومؤشرات البطالة المقنّعة في دول المجلس وأهم خصائص هذه المشكلة.

وقد تطرق المحور الرابع إلى «أسباب تنامي ظاهرة البطالة»، وهي أسباب تتعلق بسياسات التوظيف وضعف قدرة القطاعين العام والخاص على استيعاب المزيد من قوى العمل وضعف قدرة الاقتصادات الوطنية على خلق فرص عمل جديدة، الأمر الذي يُعزى إلى غياب التوازن بين مخرجات التعليم من ناحية واحتياجات التنمية وسوق العمل من ناحية أخرى، بالإضافة إلى أسباب تتعلق بتطلع شباب المواطنين في دول المجلس إلى وظائف بمواصفات معينة، وكذلك ضعف قدرة القطاع الخاص على توظيف المواطنين والمتاجرة بالتأشيرات في بعض الدول.

وركز المحور الخامس على تقييم سياسات الدول في معالجة مشكلة البطالة وسياسات توطين الوظائف، بما في ذلك الإيجابيات والسلبيات وضرورة العمل على تدريب وتأهيل المواطنين وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي لإيجاد فرص عمل جديدة وإلزام القطاع الخاص بنسب من توظيف المواطنين.

أما المحور السادس فعالج الآثار المحتملة لتنامي مشكلة البطالة، وتناول بالرصد والتحليل هدر الموارد البشرية وبطالة المتعلمين وما تمثله من هدر للموارد التي تم إنفاقها علــى تعليمهم، وذلك مع تأكيد أن ظاهرة البطالة تزيد من الانحراف والجريمة والتطرف والعنف.

وقد تم تخصيص المحور الأخير لتقديم «مقترحات لمواجهة مشكلة البطالة» وبناء قواعد بيانات دقيقة وتوسيع القواعد الإنتاجية للاقتصادات الوطنية وربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل وتفعيل دور القطاع الخاص والعمل على تغيير نظرة الشباب إلى قيمة العمل ومراجعة سياسات التوطين.

وفي هذا السياق، بين مدير عام منظمة العمل العربية أن برامجنا التعليمية لا تواكب التطورات الحديثة أو حتى احتياجات سوق العمل. ودعا إلى جسر الهوة بين مخرجات التعليم والتدريب المهني وبين احتياجات سوق العمل الفعلية. وأوضح أنه بالإمكان الوصول إلى حل أمثل لمشكلة البطالة إذا توافرت الإرادة السياسية والبيانات الصحيحة حول سوق العمل.

وأشار المشاركون إلى أن الحكومات لم تبذل جهوداً جادة، وخصوصاً في مجال وضع سياسات واضحة طويلة الأمد وتبني آليات لتنفيذها في إطار زمني محدد. وليس أدل على ذلك من عدم توفر إحصاءات حديثة ودقيقة وشاملة لحالة أسواق العمل. هذا بالإضافة إلى أن بعض الدول تتعامل مع ما هو متوفر من معلومات دون أن تستند إلى إحصاءات لعدد السكان، وهي في حال توفرها تظل قديمة لا يمكن الاعتماد عليها في وضع سياسات علمية وعملية قادرة على مواجهة مشكلة البطالة.

أما في ما يتعلق بالسياسات الموضوعة لمعالجة هذه المشكلة، فقد تركزت تحديداً على المدن وأهملت المناطق الريفية، التي يمثل سكانها في العديد من دول المنطقة أغلبية السكان كما هي الحال بالنسبة للمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان واليمن حيث أدت هذه السياسة إلى هجرة السكان من الريف إلى المدينة بحثاً عن الوظائف والخدمات، مما أدى إلى «ترييف» المدينة وتفاقم مشكلات البطالة، وألقى بالمزيد من الأعباء على البنى الأساسية في المدن. كما أن استثناء القطاع الخاص من عملية وضع السياسات والتخطيط عطّل قدرات لا يمكن الاستهانة بها، والتي كان من الممكن توظيفها في الجهود الرامية إلى التصدي لمشكلة البطالة. كما ركزوا على أهمية دور القطاع الخاص في معالجة قضايا سوق العمل في منطقة الخليج، ولكن لا يمكن تحميل المسؤولية للقطاع الخاص دون إشراكه في السياسات التخطيطية لمعرفة احتياجاته ومدى قدرته على المساهمة في حل الإشكاليات.

فمن المتوقع بحلول عام 2010 أن يكون هناك في دول مجلس التعاون خمسة ملايين وثلاثمائة ألف مواطن ومواطنة تتراوح أعمارهم ما بين السادسة عشرة والخامسة والثلاثين قادرين على مزاولة العمل. ولمواجهة هذه المشكلة، تم التأكيد على وجوب التوصل إلى إطار موحد للتعامل مع هذه الإشكالية، وذلك بالاستناد إلى المعلومات المنظمة حول سوق العمل وإنشاء مؤسسة تدريب على مستوى دول المجلس تتبنى برامج مشتركة، وتتعاون مع الكثير من الدول في هذا المجال، مشيراً في هذا الصدد إلى الدور الذي يمكن أن تضطلع به مراكز البحوث وصناديق الموارد البشرية في معالجة مشكلة البطالة.

 

مقالات لنفس الكاتب