; logged out
الرئيسية / أوروبا وأمن منطقة الخليج في أعقاب الحرب على العراق: هل الفرصة سانحة؟

أوروبا وأمن منطقة الخليج في أعقاب الحرب على العراق: هل الفرصة سانحة؟

الأربعاء، 01 كانون1/ديسمبر 2004

على مدى يومين عقد مركز الخليج للأبحاث بالتعاون مع مؤسسة بيرتلسمان الألمانية ومركز أبحاث السياسات التطبيقية التابع لها ومقرها ميونيخ حلقة نقاشية مغلقة تحت عنوان «أوروبا وأمن منطقة الخليج في أعقاب الحرب على العراق: هل الفرصة سانحة؟» وذلك بمشاركة العديد من الباحثين المرموقين من دول منطقة الخليج إلى جانب مشاركة مسؤولين دبلوماسيين يعملون بوزارات الخارجية في دول مجلس التعاون وبرلين ولندن وبودابست ولوكسمبرغ ومجلس الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية، حيث أظهر الاجتياح الأمريكي للعراق في مارس 2003 مرة أخرى مدى عدم مواءمة الترتيبات الأمنية القائمة حالياً في منطقة الخليج، فمن جانب فشلت دول المنطقة، بما فيها إيران والعراق ودول مجلس التعاون الخليجي، خلال العقود القليلة الماضية في تطوير رؤية مشتركة لنظام أمني خليجي قوي وفاعل في منطقة الخليج، ولم تحقق هذه الدول سوى قدر ضئيل من التقدم على مستوى إقامة حوار بـنّـاء وفاعل فيما بينها.

وفي جانب آخر، تسبب الدور الذي لعبته القوى الخارجية في إضافة المزيد من المعوقات والعقبات أمام الجهود الرامية إلى التغلب على الانشقاقات بين بعض دول المنطقة، وأسهمت بشكل مباشر في توسيع دائرة العنف وانعدام الأمن التي تعيشها المنطقة حالياً. ومن بين أهم العقبات التي وضعتها القوى الخارجية في طريق إحداث تقدم في مجال التعاون الأمني، تلك التي تمثلت في إصرار الولايات المتحدة على التعامل مع أمن المنطقة من خلال منظور عسكري بحت. أما العقبة الثانية فيمكن تلخيصها في عدم رغبة الاتحاد الأوروبي في تطوير الآليات الدبلوماسية أو ما يُعرف في أدبيات العلاقات الدولية بـ «القوة اللينة» التي يمكن أن تؤدي إلى تعاون إقليمي أكبر وأفضل.المتحدثون الرئيسيون:

1- أتيلا تار - رئيس قسم الخليج في وزارة الخارجية المجرية
2- أحمد عبد الكريم سيف - مدير برنامج النظم السياسية - مركز الخليج للأبحاث
3- أحمد مهدي الحداد - نائب وزير الشؤون السياسية- وزارة الشؤون الخارجية-مملكة البحرين
4- أندور راثميل - مدير قسم الأبحاث- مؤسسة راند بأوروبا
5- د. أنوشروان إحتشامي - أستاذ العلاقات الدولية في معهد الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية - جامعة درم
6- باتريسيا لومبارت كوساك - المدير الرئيسي- وحدة تنسيق العلاقات مع العراق وإيران واليمن ودول مجلس التعاون الخليجي - المديرية العامة للعلاقات الخارجية - المفوضية الأوروبية
7- بوجدان شاكوفسكي - أستاذ الدراسات الأوروبية- جامعة إكستر
8- بول ميرتز - وزارة الشؤون الخارجية- لوكسمبرغ
9- بولينت أراس - أستاذ مشارك للعلاقات الدولية - جامعة الفاتح
10- بيورن لارسون- عضو فريق عمل الشرق الأوسط - أمانة مجلس الاتحاد الأوروبي- وحدة السياسات- فريق عمل الشرق الأوسط - بروكسل
11- بيورن موللر - زميل باحث أول في المعهد الدنماركي للدراسات الدولية- كوبنهاجن
12- جاروسلاو براتكيفيتش - رئيس فريق العمل العراقي في وزارة الشؤون الخارجية- جمهورية بولندا - وارسو
13- جاسم عبد الغني الخلوفي - وزارة الشؤون الخارجية- أبو ظبي
14- جاكومو لوتشباني - أستاذ الاقتصاد السياسي - الجامعة الأوروبية
15- جياندومنيكو بيكو - المساعد الأسبق لأمين عام الأمم المتحدة- رئيس المشروع المدني لاستراتيجيات السلام
16- جيرد نونمان - باحث في العلاقات الدولية وسياسات منطقة الشرق الأوسط - قسم العلوم السياسية- جامعة لانكستر
17- خالد راشد الحمودي المنصوري - مدير قسم الشؤون الأوروبية والأمريكية في وزارة الخارجية القطرية
18- خوان فيكتور مونفورت - المدير الإداري المسؤول ومنسق العلاقات التجارية للاتحاد الأوروبي مع كل من إيران والعراق واليمن
19- سيان إيفانس - باحثة محللة بمجموعة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للأبحاث -وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث بالمملكة المتحدة وايرلندا الشمالية- لندن
20- د. شملان يوسف العيسى - مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية - جامعة الكويت
21- عبد الرزاق الكندري - سفير دولة الكويت في الامارات العربية المتحدة
22- عبد العزيز بن عثمان بن صقر - رئيس مركز الخليج للأبحاث
23- عبدالله باعبود - جامعة كامبريدج
24- عبد المحسن أ. العكاس - عضو مجلس الشورى- الرياض
25- فليكس نيوغارت - زميل باحث- مؤسسها بيرتلسمان للأبحاث السياسية - مركز أبحاث السياسات التطبيقية- جامعة لودويغ- ماكسميليان- ميونخ
26- كايهان بارزغار - زميل باحث أول في مركز الدراسات العلمية والاستراتيجية للشرق الأوسط - طهران
27- كريستيان بيتر هانيلت - مدير مشروع
28- كريستيان كوخ - مدير برنامج العلاقات بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي في مركز الخليج للأبحاث
29- ماتياس ماير - مدير وحدة العلاقات مع دول الخليج والعراق والسودان- المكتب الاتحادي للشؤون الخارجية- جمهورية ألمانيا الاتحادية- برلين
30- محمد طاهر عيديد - مدير القسم الأوروبي في وزارة الشؤون الخارجية - سلطنة عمان
31- مصطفى العاني - مستشار أول ومدير برنامج دراسات الأمن والارهاب- مركز الخليج للأبحاث
32- هنري فورتيج - باحث في معهد الدراسات الشرقية في هامبورغ

الجلســـــــــــــــات:

الأولى: متطلبات الأمن من وجهة نظر دول مجلس التعاون الخليجي .. الأولويات والمنهجيات.
الثانية: رؤية الولايات المتحدة والدول الأوروبية لأمن منطقة الخليج: هل حان الوقت لاتباع منهجية مختلفة؟
الثالثه: إيران ودول مجلس التعاون الخليجي وأوروبا.. مقترحات بديلة.
الرابعة: العراق.. قائد نظام إقليمي جديد أم مصدر لزعزعة الاستقرار في المنطقة؟
الخامسة: النماذج الأمنية ومدى قابليتها للتطبيق على منطقة الخليج.. مدى إمكانية تطبيق الدروس الأوروبية.
السادسة: إمكانية صياغة إطار أمني جماعي في منطقة الخليج.. دور التعاون بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي.

إن عملية الإطاحة بنظام صدام حسين قد أسهمت في إزالة واحدة من العقبات التي تحول دون إنجاح الجهود الرامية إلى وضع منظومة مناسبة يتبلور ضمنها نظام أمني إقليمي فاعل، فإن فشل الولايات المتحدة في قيادة عملية إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الحرب على العراق أبرز على السطح عقبة جديدة لا تقل في خطورتها وتحديها عن العقبة التي كان يشكلها وجود نظام صدام حسين في المنطقة.

ويلوح هنا سؤال مهم حول ما إذا كانت الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على العراق قد أدت بالفعل إلى إتاحة فرصة جديدة تعبد الطرق أمام إمكانية صياغة نظام أمني جديد في منطقة الخليج تشمل فوائده ومنافعه دول وشعوب المنطقة كافة؟ عند الحديث عن نظام أمني في منطقة مثل منطقة الخليج لا بد من التعرض للإسهامات والأدوار التي لعبتها القوى الخارجية خلال الفترة الماضية في إعاقة أو تسهيل الجهود الرامية للتوصل إلى ترتيبات أمنية تتصف بالقوة والفاعلية والديمومة. ووفقاً لما أشارت إليه دلالات الأحداث التي وقعت خلال العقدين الماضيين، لم تساعد السياسات التي انتهجتها الولايات المتحدة في المنطقة على التغلب على الخلافات الموجودة أصلاً، أو في خلق بيئة صالحة لإقامة علاقات تعاون وطيدة بين الأطراف المختلفة. وإضافة إلى سياساتها التي تتبعها في المنطقة خلال الفترة الماضية، فإن المنهجية الحالية التي تتبعها الولايات المتحدة في العراق وسياساتها الأخيرة التي بدأت تطبقها في المنطقة تحت ستار الحرب ضد الإرهاب، لا توحي بأن هناك أي بوادر تلوح في الأفق حول رغبة الولايات المتحدة في اتباع منهجية بناءة للتعامل مع واقع مجريات الأمور في منطقة الخليج.

وبناءً على ما سبق، وما إذا كانت لا تزال هناك بالفعل فرصة لحل المعضلة الأمنية في المنطقة، فلابد من أن يلعب الاتحاد الأوروبي دوراً رئيسياً من أجل بلورة رؤية بديلة جوهرية وفاعلة تساعد على وضع آليات أمنية مجدية ومفيدة لجميع الأطراف.

وفي إطار محاولة التوصل إلى رؤية واضحة عن المنهجية التي يجب أن يتبعها الاتحاد الأوروبي، عقد مركز الخليج للأبحاث بالتعاون مع مؤسسة بيرتلسمان ومركز أبحاث السياسات التطبيقية، حلقة نقاشية خلال الفترة من الرابع والعشرين إلى الخامس والعشرين من نوفمبر 2004 تحت عنوان: «أوروبا وأمن منطقة الخليج في أعقاب الحرب على العراق: هل الفرصة سانحة؟».

ويتضمن برنامج عمل الحلقة النقاشية ورقة افتتاحية رئيسية، إضافة إلى ست جلسات عمل تشارك فيها نخبة من أبرز الخبراء والمتخصصين والمحللين من دول عديدة. ومن المقرر أن تتمحور الأوراق والمناقشات والحوارات التي تتطرق إليها الحلقة النقاشية حول الأسس والمنهجيات والتصورات اللازمة من أجل التوصل إلى رؤية واضحة حول النموذج الأفضل للنظام الأمني الذي يجب أن يسود في المنطقة، وأنجح السبل اللازمة لتفعيل التعاون الأمني، والدور الذي يمكن أن تلعبه أوروبا في ذلك، إضافة إلى الفوائد التي يمكن أن تعود عليها.

وقائع الحلقة النقاشية:

عبر جلسات الحلقة النقاشية التي امتدت على مدى ثلاثة أيام تركزت المناقشات التي شهدتها الحلقة النقاشية بشكل أساسي على طبيعة وحدود الآثار الناجمة عن الحرب على العراق وتداعياتها بالنسبة للوضع الأمني في المنطقة. كما تمحورت المناقشات بمحاولة وضع رؤية للخطوات الممكن اتخاذها من قبل الاتحاد الأوروبي بهدف احتواء والتخفيف من وطأة التحديات الناتجة عن التطورات في العراق.

وقد أجمع معظم المشاركين في الحلقة النقاشية على ضرورة تفعيل ترتيبات أمنية جديدة في منطقة الخليج يشارك في صياغتها الاتحاد الأوروبي ، خصوصا في ظل المستجدات الأخيرة التي تبلورت في المنطقة والحضور المهيمن للولايات المتحدة في جميع القضايا المرتبطة بالأمن الإقليمي.

يذكر أن بعض المشاركين أشاروا إلى عدم نجاح السياسات الأمريكية في صياغة نظام يتسم بالاستقرار، التي سبق تطبيقها في محاولة من واشنطن لتأسيس منظومة أمنية مقبولة ودائمة، سواء تعلق الأمر بما كان يعرف بسياسة «الركيزة المزدوجة» أو «سياسة الاحتواء المزدوج». الواقع أنه في أعقاب التطورات التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 والقرار الأمريكي للإطاحة بنظام صدام حسين، تعمقت هشاشة الوضع الأمني في منطقة الخليج، كما بات ذلك جليا من اتساع دائرة عدم الاستقرار في العراق واحتمال تعاظم دور إيران الإقليمي من خلال استغلال فراغ السلطة في بغداد إلى جانب تفاقم التهديد الإرهابي الذي تواجهه دول مجلس التعاون الخليجي.

وفي حين لا يمكن بأي حال من الأحوال إقصاء حقيقة استمرار الولايات المتحدة في لعب الدور الرئيسي في ضمان أمن الخليج، على الأقل في المستقبل المنظور، كما أوضح ذلك معظم المشاركين في حلقة مركز الخليج للأبحاث النقاشية، إلا أن الحاجة أمست ملحة لكي يتبوأ الاتحاد الأوروبي دورا أساسيا بإمكانه توفير عنصر التوازن والرؤية الموضوعية ضمن أي ترتيبات تركز على جملة القضايا التي تندرج تحت مظلة أمنية موسعة لمنطقة الخليج.

وشدد بعض المشاركين على إمكانية استفادة منطقة الخليج من عملية الاندماج الأوروبي الذي تبنته الدول الأوروبية في سبيل تخطي عقبة الخلافات التاريخية التي تفرق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وفي هذا السياق ، أشار عدد من الخبراء المشاركين في الحلقة النقاشية إلى أن دول مجلس التعاون بإمكانها استخلاص بعض العبر من التجربة الأوروبية وتطبيقها في المنطقة. إلا أن العديد من المشاركين أكدوا أن منظومة الاتحاد الأوروبي يمكن الاعتماد عليها بصفتها نموذجا مناسبا يمكن تبنيه من أجل مأسسة الحوار والتفاعل لكن بعيدا عن أي محاولات لاستنساخ أو فرض النموذج الأوروبي على دول المنطقة وأن الأحرى أن يتم التركيز على جوانب محددة من عملية الاندماج الأوروبي والبحث في مدى قابليتها للتطبيق في منطقة الخليج ودراسة إمكانية ترجمة تلك التجارب إلى واقع ملموس.

وليس من الصواب الاقتصارعلى النموذج الأوروبي فقط، بل إن الحل الأنسب يقتضي التمعن ودراسة هياكل أمنية إقليمية أخرى عبر العالم ، خصوصا تجربة رابطة دول جنوب شرق آسيا المعروفة بآسيان، وكذلك المنتدى الاقليمي الآسيوي، وعملية هلسنكي والوثيقة القانونية لعام 1975. بالإضافة إلى إن المناقشات التي دارت خلال الحلقة الدراسية تركزت أيضا على زيادة حدة عدم الاستقرار في أرجاء العراق وما تحمله من آثار على الوضع الأمني في المنطقة برمتها. وبينما أعرب المشاركون عن إجماعهم حول حقيقة أن سقوط نظام صدام حسين أزاح أبرز المعوقات التي كانت تقف في وجه تفعيل حوار إقليمي على نطاق موسع ، وبالتالي فتح فرصة جديدة، غير أن عراقا ضعيفا كما هي الحال اليوم لن يمكنه المساهمة في ترسيخ أركان الاستقرار الأمني في المنطقة، لذا فالحاجة ماسة للعمل جديا في اتجاه إرساء الأمن في العراق على الرغم من أن السياسة التي تنتهجها واشنطن حاليا لا يبدو أن بإمكانها التوصل إلى تحقيق هذا الهدف بانتظار ما ستؤول إليه التطورات التي سوف يشهدها الشهران المقبلان، وما إذا كانت الانتخابات المقرر إجراؤها في العراق في أواخر شهر يناير سوف تفضي الى إقامة حكومة عراقية شرعية ومستقرة.

وأبدى المشاركون في الحلقة النقاشية اهتماما خاصا بالتطورات التي يشهدها ملف إيران النووي والاستتباعات المحتملة على صعيد أمن المنطقة في حال تخطت إيران عتبة البوابة النووية. وأشار بعض المتحدثين إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تتابع عن كثب المفاوضات التي يجريها الاتحاد الأوروبي مع الحكومة الإيرانية مؤكدين أن نجاح تنفيذ بنود الاتفاق الأوروبي - الإيراني من شأنه أن يساهم في تكريس دور الاتحاد الأوروبي في شؤون أمن المنطقة.

وحذر بعض الممثلين الأوروبيين المشاركين في أعمال الحلقة النقاشية من مغبة تعليق آمال كبيرة على نتائج الاتفاق الأوروبي الحالي مع طهران. لكن توجه إيران نحو تطوير أسلحة نووية يمثل أمرا غاية في الخطورة ومن الواجب على الأقل محاولة التوصل إلى صيغة اتفاق معينة مع الحكومة الإيرانية.

وأشار المشاركون إلى أن على إيران الاضطلاع بلعب دور مسؤول على صعيد المنطقة والعمل جديا على تبديد مخاوف الدول المجاورة في ما يخص نواياها الإقليمية. فبالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي لا يمكن قبول سيناريو تطوير إيران لقدرات نووية لاستخدامات عسكرية أو سيناريو قيام الولايات المتحدة بالاشتراك مع «إسرائيل» في شن ضربة عسكرية استباقية ضد المنشآت النووية الايرانية. وفي هذا المجال بالذات لا يمكن إغفال الدور المحوري الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون لتغليب الحوار السلمي على الخيار العسكري.

وأكد المشاركون أيضا على ضرورة تفعيل صيغة أمنية في منطقة الخليج تقوم على مبدأ الاشتراك تسمح بمشاركة جميع دول المنطقة بما في ذلك العراق وإيران واليمن على نحو منتظم ومنظم من أجل التباحث حول الهواجس الأمنية التي تخيم على المنطقة، فالواقع القائم اليوم يتطلب الشروع بعملية على المستوى الإقليمي تهدف إلى تقليص مصادر التهديد التي تواجه أمن المنطقة والانعكاف على صياغة وتفعيل مجموعة من إجراءات بناء الثقة التي من شأنها تعبيد الطريق في اتجاه تأسيس منظومة أمنية مستقبلية صلبة. وفي هذا الإطار يحتل الاتحاد الأوروبي موقعا مميزا يتيح له فرصة تولي مهمة الوسيط النزيه وخصوصا بعد أن فقدت الولايات المتحدة هذه الصفة، لا سيما أنه يجري اتصالات دائمة مع جميع دول المنطقة على عكس موقف الولايات المتحدة التي ترى في ايران معارضا شرسا لأي حضور أمريكي في منطقة الخليج.

 ولعل أهم مسألة تستدعي الإحاطة بجوانبها كافة تتمثل في الطريقة التي يمكن للاتحاد الأوروبي بواسطتها الاضطلاع بدور بناء وفاعل في منطقة الخليج على ضوء تردد وعدم قدرة دول الاتحاد على المشاركة فعليا وتخصيص جزء من مقدراتها الأمنية في منطقة تعتبر تقليديا منطقة نفوذ أمريكي. وفي هذا الصدد أشار المشاركون في أعمال الحلقة الدراسية الى إمكانية دخول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في حلبة المنافسة، غير أن عددا من المشاركين أوضحوا أن الاتحاد الأوروبي عليه التركيز بالدرجة الاولى على ما يميز سلوكه السياسي العام ، أي العمل على تعزيز الحوار وتوفير حلول سياسية بديلة للخلافات القائمة في الوقت الراهن.

وفي نهاية أعمال الحلقة الدراسية ، وجه الممثلون الأوروبيون المشاركون في المناقشات الدعوة إلى الدول الخليجية للرفع من وتيرة المشاركة في مباحثات إقليمية مشتركة والإعراب صراحة عن نواياهم الحقيقية للخروج من دائرة عدم الاستقرار التي تؤرق المنطقة، وبالمقابل حث ممثلو الدول الخليجية الاتحاد الأوروبي على النظر الى منطقة الخليج كجزأ لا يتجزأ من الأمن العالمي والعمل على صياغة مقاربة أمنية يمكن التباحث في سبل تفعيلها.

تجدر الإشارة إلى أن الحلقة الدراسية حول «أوروبا وأمن منطقة الخليج في أعقاب الحرب على العراق» تندرج ضمن إطار سلسلة من الفعاليات التي ينظمها مركز الخليج للأبحاث بهدف تسليط الضوء على العلاقات التي تجمع دول مجلــــــس التعـــاون الخليــجي مع الاتحاد الاوروبي في العديد من المجالات ، ومن خلال تعاونه مع مؤسسات دولية مرموقة مثل مؤسسة بيرتسلمان، يسعى مركز الخليج للأبحاث الى دعوة و إشراك عدد من الخبراء والباحثين الخليجيين و الأوروبيين من أجل دعم وتوطيد الحوار الأكاديمي الثنائي بين الطرفين.

مقالات لنفس الكاتب