; logged out
الرئيسية / الانتخابـات العراقية بأقــلام عــراقيــة

الانتخابـات العراقية بأقــلام عــراقيــة

السبت، 01 كانون2/يناير 2005

تبدو الأجواء العراقية مشحونة بالتوتر والترقب، لأن على ضوء الانتخابات ستتحدد الكثير من ملامح عراق المستقبل، بل ومستقبل المنطقة بأسرها، من هنا شهدنا ولا نزال اهتماماً إقليمياً ودولياً بالانتخابات العراقية كما لم تشهده أي انتخابات أخرى في العالم. فالعراق مازال يمثل إحدى دعامات التوازن الإقليمي في بيئة بالغة الأهمية والحساسية، وما يمكن أن يحدث فيه قد ينذر بعدوى يتطاير شررها إلى عموم دول المنطقة.

لذلك يولي مركز الخليج للأبحاث أهمية للبحث في الشؤون العراقية في مختلف المجالات، ويفرد دورية علمية محكمة تعنى به هي «دراسات عراقية»، ويخصص جزءاً من نشاطاته لمتابعة أبرز المستجدات من خلال الندوات وورش العمل المتخصصة، ويستعد المركز لعقد ندوة في نهاية مارس/ آذار من عام 5002 تحت عنوان «العراق وجواره الجغرافي: رؤى متبادلة» تسهم فيها نخبة من المختصين من داخل العراق ومن دول الجوار بهدف تقديم قراءة علمية معمقة لواقع علاقات العراق الخارجية ومستقبلها.

وتعبيراً عن اهتمامه بالشأن العراقي، كلف المركز مجموعة من الباحثين العراقيين ممن ما زالوا يعملون داخل البلاد، ويعتبرون شاهد عيان على تطورات الوضع الداخلي للكتابة حول موضوع الانتخابات العراقية، التي رغم أنها تحمل رؤى مختلفة ومتباينة، إلا أنها تمثل تعبيراً صادقاً عن الأفكار التي تتداولها النخبة العراقية اليوم.

ومع أن المركز يثمن هذه الآراء، إلا أنه لا يتبنى كل ما ورد فيها، إذ إن مركز الخليج للأبحاث له وجهة نظره الخاصة، فهو يعتقد ابتداء أن الديمقراطية هي السبيل الأنسب للتعبير عن إرادة شعوب العالم، كما يؤكد أنها الضمانة الوحيدة لبناء عراق قوي مستقر وموحد.
بيد أنه لإجراء الانتخابات ينبغي أن تتوفر لها الأجواء التي تجعل من حرية التعبير ممكنة وحقيقية وشاملة، وهنا ينبغي التفريق بين من يدعو إلى مقاطعة الانتخابات بشكل نهائي وكأنه يريد عودة عقارب الساعة إلى الوراء، ويمهد الطريق أمام إقامة نظام استبدادي آخر، وبين أولئك الذين يتفقون على أهمية الانتخابات لكنهم يتحفظون على موعدها وتوقيتها والظروف التي تعقد من خلالها ليس إلا، بهدف توفير أنسب الأجواء لانتخابات تحظى بالصدقية والشرعية. لذا رأينا هيئات دولية وإقليمية عديدة تؤكد على أهمية الانتخابات لاختيار حكومة شرعية عراقية إلا أنها تحاشت التأكيد على التوقيتات، مثل اجتماع القمة الخليجية الخامسة والعشرين في المنامة، واجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة.

ولكي تكون الانتخابات العراقية كذلك فإننا نعتقد بأهمية توفر الآتي:

1- ضرورة استكمال المستلزمات الإدارية والفنية للانتخابات داخل العراق وخارجه، بما فيها توافر إحصاء سكاني حديث وموثوق، وبيانات رسمية كافية عن الناخبين لدرء الشبهات حول توافد أعداد واسعة من غير العراقيين للتأثير في نتائج الانتخابات لصالح فئة ما، إضافة إلى معالجة ظاهرة التطهير العرقي وعمليات التهجير والتوطين القسري التي جرت وتجري في أجزاء من المنطقة الشمالية من البلاد.
2- أن يكون هنالك إشراف دولي كافٍ من قبل الأمم المتحدة ومن هيئات دولية ومؤسسات مجتمع مدني معتبرة على الانتخابات لمنع أية شبهات حول التلاعب بنتائجها. وفي ظل الظروف الأمنية الراهنة لا يمكن ضمان هذا الأمر.

3- الاتفاق على مرجعيات قضائية نزيهة يجري التقاضي أمامها في حال حدوث شكاوى عن القواعد والممارسات الانتخابية.

4- كان من المناسب إجراء هذه الانتخابات بعد مؤتمر للمصالحة الوطنية بهدف إزالة الاحتقان السياسي، وهو ما أشار إليه مؤتمر شرم الشيخ، كما أكدت عليه الأمم المتحدة عبر ممثلها الأخضر الإبراهيمي .

5- من المهم أن تكون الانتخابات عامة وشاملة، بمعنى آخر ضرورة تمهيد الأجواء لمشاركة جميع الفئات العراقية فيها من دون استثناء، إذ إن مقاطعة فئات عراقية معينة للانتخابات تجعلها موضع شك، خصوصا أن من بين مهام الجمعية الوطنية أخطر مهمة في تاريخ الدولة وهي مهمة تدوين دستور دائم للعراق. فالمقاطعة الفئوية قد تمهد لتقسيم فعلي.

6- مع اعترافنا بأهمية دور المؤسسات والمرجعيات الدينية المختلفة في رعاية الاستقرار السياسي، إلا أننا نرى أن التدخل المباشر لرجال الدين في ترجيح قائمة على أخرى وفق الاعتبارات الطائفية المحضة، سيكون عاملاً لتفتيت وحدة العراقيين، وتمهيداً لزرع فتنة طائفية.

7- أن تقوم الحكومة العراقية المؤقتة والقوات متعددة الجنسيات بتوفير أقصى قدر من الأمان للمرشحين والناخبين على حد سواء، بغية أن تكون الأجواء ملائمة لكي يدلي العراقيون بأصواتهم من دون خوف.

8- إن التفاوت الفادح في إمكانات الأحزاب والتكتلات السياسية العراقية من حيث التمويل المالي والدعم السياسي الخارجي اللذين تحظيان بهما ووجود ميليشيات مسلحة لدى بعضها، أمر لا يوفر فرصاً متكافئة أمام المتنافسين، لذلك فإنه من الضروري أن تكون هنالك حدود معقولة من مستلزمات التنافس العادل والشريف، وتوفير الدعاية الانتخابية بنسب متقاربة. إن هذه التحفظات تجعلــنا نعتقد أن الأجواء المصاحبة لعقد الانتخابات العراقية، ليست أجواء مثالية، وتحتاج إلى بذل الكثير من الجهد حتى تكون شرعية ونزيهة وعادلة. وهي مهمة صعبة للغاية، وإن كانت غير مستحيلة.

مجلة آراء حول الخليج