; logged out
الرئيسية / الإطار القانوني للانتخابات العراقية

الإطار القانوني للانتخابات العراقية

السبت، 01 كانون2/يناير 2005

عناصر الإطار القانوني:

إن أي آلية لعملية انتخابية لا بد أن تؤطر دستورياً وقانونياً لإضفاء الشرعية عليها وإبعادها عن فوضى الارتجال والإرباك بالنسبة للانتخابات العراقية فإن عناصرها القانونية تتمثل بـ:

1- الدستور: ويتمثل بقانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية.
2- الأمر رقم (92) الخاص بتأسيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
3- الأمر الانتخابي رقم (96) (القانون الانتخابي).
4- الأمر (97) المتعلق بالكيانات السياسية.
5- التعليمات الصادرة عن مجلس المفوضين وأي إجراء يصدر من قبل رؤساء اللجان الانتخابية.

وقبل الدخول في معالجة هذه الأطر القانونية، يمكن القول إن موضوعة الانتخاب يمكن أن يتم تناولها من وجهتين: الأولى موضوعة الانتخاب، أي على ماذا ستنصب العملية الانتخابية؟ والثانية التنظيم الفني للعملية الانتخابية، وتندرج تحت هذا العنوان شروط الناخب، والمرشح، والنظام الانتخابي سواء من حيث التصويت أو الترشيح أو تقسيم الدوائر الانتخابية.

أولاً: من حيث موضوعة الانتخابات:

سيصار في الوقت ذاته إلى إجراء ثلاثة أنواع من الانتخابات:

1- انتخابات الجمعية الوطنية التي يجب إجراؤها في موعد اقصاه 31 / 1 / 2005 (فق د المادة 30).
2- انتخابات المجلس الوطني الكردستاني ومجالس المحافظات في موعد أقصاه 31/1/2005 (فق ب / م 57).
ومن ثم فإن هذه الانتخابات هي انتخابات لاختيار الهيئات التشريعية والهيئات المحلية.

ثانياً: من حيث التنظيم الفني للعملية الانتخابية:

تم تحديد هذا التنظيم بموجب الأمر الانتخابي رقم (96) الصادر عن الحاكم المدني، في حين يفترض أن يصار إلى قانون انتخابي يتناول مجمل هذه العملية المهمة والمعقدة في الوقت ذاته، إلا أن ما جرى هو الاكتفاء بتنظيمها بموجب هذا الأمر، وهذا ما جعلها هدفاً لسهام النقد والتجريح، فالقوانين الانتخابية، قوانين ذات طابع سياسي نسبة إلى الهدف الذي تبغي تحقيقه، وتوصف بأنها قوانين أساسية، وهذا ما يعطيها أهمية توازي أهمية العملية التي تتناولها بالتنظيم.

أهم المسائل التي عالجها هذا الأمر:

أ- تقسيم الدوائر الانتخابية: يفترض أن تقسم الدولة إلى دوائر انتخابية قد تصغر أو تكبر وفقاً لاعتبارات معينة. إلا أنه تم اعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة، وقد برر اختيار هذه الطريقة لأسباب عدة، أهمها مشكلة المهجرين من مناطق سكناهم الأصلية. وكذلك فإن هذه الطريقة تساعد على الابتعاد عن التقسيمات الطائفية والعرقية أو ما شابه ذلك. إلا أنه من جانب آخر أثيرت حول هذه المسألة الكثير من الاعتراضات ولاسيما من النواحي الفنية، إذ إن اعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة يعني أن القائمة الانتخابية سوف يتم اختيارها على مستوى القطر كافة، مما يتعذر معه التعرف إلى المرشحين عن كثب بالنسبة لسكان المناطق التي ليسوا منها.

وقد تمت الإشارة إلى اعتماد العراق منطقة انتخابية واحدة في مقدمة الأمر رقم (96) إذ نصّ على "إيماء إلى تبني مجلس الحكم العراقي القرار رقم (87) لسنة (2004) الذي يصادق على اعتماد منطقة انتخابية واحدة..." . كذلك أشير إليها في القسم الثالث من الأمر آنف الذكر في الفقرة (3) منه فنص على أنه "سيكون العراق دائرة انتخابية واحدة ".

ب- نظام التمثيل النسبي: يعتمد في توزيع المقاعد على نظامين، نظام الأغلبية، ومفاده أن يفوز من يحصل على أغلبية أصوات الناخبين وبنوعين، نظام الأغلبية النسبية، ونظام الأغلبية المطلقة. أما النظام الثاني فهو نظام التمثيل النسبي، الذي يقتضي أن يحصل الكيان السياسي على عدد من المقاعد يتناسب وعدد الأصوات التي حصل عليها، فلو افترضنا أنه حصل على 10% من أصوات الناخبين الصحيحة فإنه سيحصل على 10% من مقاعد الجمعية الوطنية.

وقد نصّ على الأخذ بنظام التمثيل النسبي في مقدمة الأمر رقم (96) وكذلك في القسم الثالث منه تحت عنوان نظام التمثيل، إذ نصّ في فق (3) على "... وسيتم توزيع جميع المقاعد في المجلس الوطني على الكيانات السياسية من خلال نظام التمثيل النسبي".

إيجابيات اعتماد النظام النسبي تتمثل بـ:

1. تحقيقه العدالة، عن طريق إعطاء كل حزب عدداً من المقاعد يتناسب مع عدد الأصوات التي حصل عليها، بحيث يكون لكل حزب وجود ودور داخل الهيئة البرلمانية.
2- يعد نظام التمثيل النسبي وسيلة ضرورية لتحقيق النظام الديمقراطي النيابي الصحيح الذي يكون ترجمة صادقة لرغبات الشعب فيمن ينوبون عنه.
3- يؤدي الأخذ بنظام التمثيل النسبي إلى قيام أغلبية برلمانية حقيقية تستند إلى ارادة شعبية، وليست الأغلبية الصورية التي تنتج عن الأخذ بنظام الأغلبية.
4- يخلق نظام التمثيل النسبي معارضة قوية ذات صوت مسموع في البرلمان مما يجعل الحكومة تلتزم بالموضوعية والدقة في ممارستها لسلطاتها وتعمل بحرص ويقظة دائمين لتحقيق المصلحة العامة.
5- يحافظ التمثيل النسبي على وجود الأحزاب الصغيرة.

ورغم هذه المزايا التي يحققها نظام التمثيل النسبي فإنه واجه انتقادات شديدة أبرزها التعقيد والصعوبة في التطبيق، وغموضه لدى جمهور الناخبين، مما قد يؤدي إلى التلاعب في نتائج الانتخاب هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، يؤدي نظام التمثيل النسبي إلى كثرة عدد الأحزاب السياسية وتعددها، وقد تنشأ أحزاب لا تستند إلى قاعدة شعبية ومن دون مبادئ أو برامج سياسية حقيقية. وفي العراق، حيث نلاحظ كثرة عدد الكيانات السياسية، فهذا يعني تشظي الأغلبية في الجمعية الوطنية المقبلة، مما يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي، وقد تنشأ حكومة ائتلافية لا تتمتع بالثبات.

ج. نظام القائمة: يعتمد في طرح أسماء المرشحين طريقتين: الأولى نظام الترشيح الفردي الذي يتمثل بالنظام الذي يقوم فيه الناخبون في دائرة انتخابية معينة بانتخاب شخص واحد يمثلهم في البرلمان. أو نظام الترشيح بالقائمة أي يتم اختيار مجموعة من المرشحين ضمن قائمة. وهناك عدة صور من نظام الانتخاب بالقائمة، منها القائمة المفتوحة حيث يعطي الناخب صوته لعدد من المرشحين في القائمة، وبذلك فهو يكون قائمته الخاصة به.

أما نظام القائمة المغلقة والذي يحد من حرية الناخب فينصب على اختيار هذا الأخير للقائمة كما هي من دون أن يترك له الخيار باختيار مرشحين معينين، فهو إما أن يختار القائمة كلها أو يرفضها. ويفهم من نص فق (2) من القسم الثاني من الأمر (96) أنه أخذ بالقائمة المغلقة، وإن لم يكن قد نصّ على ذلك صراحةً.
د- شروط المرشح: تم تحديد شروط المرشح لعضوية الجمعية الوطنية في قانون إدارة الدولة. فقد نظمت المادة (31) في فقرتها الثانية هذه الشروط وأهم هذه الشروط:

1) أن يكون عراقياً، لا يقل عمره عن ثلاثين سنة.
والملاحظ أنه لم يتم تحديد ما المقصود بالعراقي، هل هو من يحمل الجنسية العراقية الأصلية، أم سيسمح للمتجنسين بالترشيح لعضوية الجمعية الوطنية؟ كما لم يشترط في حال سماحه للمتجنس بالترشيح أن يمر زمن معين على إقامته في العراق. كي يتم التأكد من حسن انتمائه وقوة رابطته مع الوطن، ولا سيما ان المرشح، إذا فاز فسيضطلع بمهمة هي من أخطر المهام ألا وهي إنشاء دستور دائم للبلاد يحدد أسس ومصالح نظام سياسي جديد.  أما بالنسبة للعمر فهو برأيي مناسب، إلا أنه مع ذلك أثير اعتراض من قبل الفئات الشابة، الذين طالبوا بتخفيض الحد الأدنى المسموح به، ليتسنى لهم الإسهام في مستقبل بلدهم.

2) . الشرط الثاني: استبعد من كان عضواً في حزب البعث المنحل بدرجة عضو فرقة أو أعلى إلا إذا استثني حسب القواعد القانونية، كذلك الحال بالنسبة للشرط الثالث الذي نصّت عليه (فق2). وكلا الشرطين يتعلقان باعتبارات سياسية.

هـ - شروط الناخب: لقد حدد الأمر رقم (96) في قسمه الخامس الشروط التي ينبغي توافرها فيمن يدلي بصوته، وبذلك حدد تشكيلة هيئة الناخبين، أي الأفراد الذين لهم حق الإدلاء بأصواتهم. لقد أخذ الأمر (96) بالشروط العامة والمقبولة التي تشترط عادة لممارسة الفرد حقه الانتخابي وهي: 1). العمر 2). الجنسية 3). التسجيل  ومع أنه لم يتطرق إلى موضوع الأهلية العقلية، إلا أنه شرط متفق عليه. وهذه الشروط أمر لا غبار عليه، ولا يمكن أن تعد من قبيل القيود التي يمكن أن توضع على حق الانتخاب.

إلا أن ثمة ملاحظات تتعلق بالفقرة (أ) التي تنظم شرط الجنسية اذ نصت على "أ– أن يعتبر مواطناً عراقياً أو له حق المطالبة باستعادة جنسيته العراقية أو يكون مؤهلاً لاكتساب الجنسية العراقية وذلك تماشياً مع المادة (11) من القانون الإداري خلال المرحلة الانتقالية".
إن هذه الفقرة تثير إشكاليات عدّة: منها تحديد من هو العراقي: هل هو العراقي بالأصل أم من ثبتت له صفة العراقية بالتجنس؟
نلاحظ أن معظم القوانين الانتخابية توجب شرط الجنسية باعتبارها التعبير القانوني للرابطة بين الفرد ووطنه وكون الانتخاب إسهاماً في إدارة الشؤون العامة للبلد فلا تحق ممارسته إلا لمن يحمل جنسية هذا البلد. بينما ذهبت القوانين الانتخابية مذاهب مختلفة بالنسبة للمتجنس، فذهب البعض منها إلى الحيلولة دون ممارسة حقه في الانتخاب بينما سمحت له قوانين أخرى بذلك شرط أن يمر على تجنسه (5) سنوات أو عشر وذلك لقياس مدى إخلاصه وشعوره في الانتماء الوطني، إلا أن هذه الفقرة أطلقت صفة العراقي دون تمييز بين العراقي الجنسية وبين المتجنس، بل الأكثر من ذلك أشارت إلى أحقية (من لم تثبت له الجنسية بل كان مؤهلاً لاكتسابها) وفي هذا توسع وشمول لا يتناسب وطبيعة ممارسة هذا الحق. وقد يكون مقبولاً النص على حق الاشخاص الذين فقدوا جنسيتهم لأسباب لا إرادة لهم فيها كالأسباب السياسية إذا كانوا أصلاً يحملون هذه الجنسية.

استنتاجات:

نلاحظ أن القواعد المتعلقة بالعملية الانتخابية قد صيغت على عجالة، ولم يتم الرجوع في صياغتها وإقرارها والأخذ في الاعتبار ملاءمتها لظروف العراق، إلى أي هيئة لها طابع شعبي. ولم يتطرق إلى أخذ رأي المختصين من العراقيين، لكي يدلوا بدلوهم فيما هو الأصلح لظروف بلدهم واتجاه الرأي العام السائد فيه.

واذا كان الهدف من وراء انتخاب الجمعية الوطنية محدداً زمنياً كما أشارت المادة (61) من قانون ادارة الدولة، اذ حددت مهمتها في كتابة مسودة دستور دائم للبلاد في موعد أقصاه 15 آب/ 2005، وإذا تمت الموافقة عليه طبقاً لنتائج الاستفتاء الشعبي، فإن انتخابات جديدة سوف تجرى لاختيار حكومة دائمة في موعد أقصاه 15 كانون الأول/ 2005 والمسألة غير واضحة، فهل سيتم انتخاب هذه الحكومة وفقاً للدستور الجديد أم لقانون إدارة الدولة؟ أم أنه ليس من المفترض أن يصار إلى تشريع قانون انتخابي جديد استناداً إلى الدستور الدائم ينظم آلية اختيار الهيئات الجديدة للمرحلة بعد الانتقالية؟ أم سيظل الاعتماد على التشريعات الصادرة من سلطة الائتلاف؟ كما يجب على واضع الدستور أن يعيد النظر في نظم الانتخاب وأن يتلافى الوقوع في الأخطاء ذاتها، وأن يصار إلى إصدار قانون انتخابي عن الهيئة التشريعية المنتخبة وأن يعالج:

1. مسألة تقسيم العراق جغرافياً إلى دوائر انتخابية وعدم الإبقاء على نظام الدائرة الانتخابية الواحدة.
2. نظام القائمة المغلقة، التي تقيد حرية الناخب، وتبعده عن اختيار المرشحين الذين له معرفة بهم واطلاع على رأيهم.

المصادر:

1. د. عبدالغني بسيوني، النظم السياسية، أسس التنظيم السياسي، الدولة، الحكومة، الحقوق والحريات، دون سنة نشر، الدار الجامعية.
2. د. صالح جواد الكاظم، علي غالب العاني، الأنظمة السياسية، 1991 مطبعة التعليم العالي.
3. قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية.
4. الأمر رقم (96) قانون الانتخاب.
5. الأمر رقم (97) الخاص بالكيانات السياسية

مجلة آراء حول الخليج