; logged out
الرئيسية / معوقات استخدام نظم التعليم بالحاسب الآلي وكيف يمكن التغلب عليها؟

العدد 92

معوقات استخدام نظم التعليم بالحاسب الآلي وكيف يمكن التغلب عليها؟

الثلاثاء، 01 أيار 2012

يعد الحاسب الآلي ناتجاً من نواتج التقدم العلمي والتقني المعاصر، كما يعد في الوقت ذاته إحدى الدعائم التي تقود هذا التقدم، مما جعله في الآونة الأخيرة محور اهتمام المربين والمهتمين بالعملية التربوية والتعليمية، وقد اهتمت النظم التربوية بالحاسب الآلي، ودعت إلى استخدامه سواء في الإدارة المدرسية أو التدريس، لما له من فوائد عظيمة، ومنافع جمة لا يمكن حصرها، حيث أصبح أمراً ضرورياً وملحاً لجميع جوانب الحياة البشرية.

وقد أطلقت على الكمبيوتر في اللغة العربية عدة مسميات منها: الحاسب الآلي، والحاسب الإلكتروني، والحاسوب. وذلك لكون اسمه مشتقاً من الفعل الإنجليزي To compute بمعنى يحسب، كما أطلق عليه أيضاً العقل الإلكتروني، والحقيقة أن الكمبيوتر على رغم أنه مبني أساساً على منطق رياضي إلا أنه أصبح يؤدي معالجات رياضية وغير رياضية، ومن هنا فهو ليس حاسباً فقط، ولذلك شاع استخدامه في الوقت الحاضر في مختلف ميادين الحياة وأثبت كفاءة عالية ووفر الكثير من الجهد والوقت والتكاليف مما ساعد على التفكير في الاستفادة من إمكانياته في الميادين التربوية.

ويعد الحاسب الآلي الآن أحد أهم مقومات الأعمال في مختلف جوانب الحياة المدنية، فنحن قد نلحظ أن يخضع مريض لإشراف العقل الإلكتروني وهو في أشد حالاته المرضية الحرجة، حيث يقوم الكمبيوتر بمراقبته الدائمة والمستمرة، حيث لا مجال للغفلة أو السهو ويقدم بصفة دورية تقارير عن تقدم أو تأخر حالته الصحية، وقد وصل الأمر إلى أن يقوم الحاسب بإجراء بعض العمليات الجراحية للمريض دون تدخل بشري سوى الإشراف فقط.

كما أن المعارك الحربية والمناورات العسكرية أصبحت تدار بالحاسب الآلي إدارة متكاملة شاملة بحيث يبقى دور الإنسان إشرافياً على الأكثر، ناهيك عن بقية المجالات كالطيران والاتصالات والكهرباء وغيرها الكثير، والتي أصبحت تعتمد في تشغيلها وإدارتها على العقل الإلكتروني.

لذا كان اهتمام الدول بالحاسب الآلي كبيراً جداً، بحيث هيأت التجهيزات المناسبة، وكذلك دربت الكوادر البشرية على استخدامه، لعلمها بأن إدارة الدولة بالحاسب سيوفر الجهد والوقت والمال، وسيحقق إنتاجية عالية وبإتقان مرتفع.

ولا شك أن قطاع التعليم يعد من أهم وأكبر القطاعات حيوية وفاعلية، وذلك لارتباطه المباشر بجميع طوائف المجتمع، ولاعتماد الدولة عليه في تنشئة المواطن الصالح والذي يرعى شؤون الدولة في المستقبل، وعليه كان لزاماً أن يكون هذا القطاع أول القطاعات في استخدام الحاسب وتفعيله على كل مستويات التعليم، بدءاً بمستوى الإدارة العليا للتعليم وهي الوزارة، وانتهاء بأصغر وحدة تعليمية وهي المدرسة.

يمتلك الكمبيوتر العديد من الإمكانيات التي جعلت منه أداة تنافس العديد من الوسائط التعليمية الأخرى

يتميز الكمبيوتر بأنه أداة من السهل الاستعانة بها ودمجها في العديد من الاستراتيجيات التقليدية لتطويرها

لا يمكن إغفال حجم الخدمات التي يمكن أن تقدمها التقنية الحديثة للإدارة المدرسية

يمكن أن يسهم الكمبيوتر في تحسين نواتج عملية التعلم وزيادة فاعليتها

ملاحقة التطور مطلب أساس من مطالب العملية التربوية بالأجهزة الإلكترونية الحديثة

ويمتلك الكمبيوتر العديد من الإمكانيات التي جعلت منه أداة تنافس العديد من الوسائط التعليمية الأخرى والعديد من الاستراتيجيات التعليمية التي تُركّز على نشاط المتعلم وإيجابيته وعلى أساليب العمل داخل الفصل التي تهدف إلى مراعاة الفروق الفردية أو التغلب على بعض مشكلات النظام داخل الفصل، ويتميز الكمبيوتر بأنه أداة من السهل الاستعانة بها ودمجها في العديد من الاستراتيجيات التقليدية لتطويرها أو زيادة كفاءتها كأساليب حل المشكلات وطرق الاكتشاف المختلفة.

ويعتبر استخدام الحاسب الآلي في أعمال الإدارة المدرسية محققاً للرضى الأدائي لدى مشرفي وموجهي المدارس. حيث يستخدم في تجميع البيانات والمعلومات الخاصة بالمدرسة من طلاب ومعلمين وموظفين وأجهزة وتجهيزات، والجداول المدرسية، والحضور والغياب والمرتبات ومعالجتها وحفظها وتداولها.

وقد ظهرت العديد من البرامج الخاصة بتسهيل أعمال الإدارة المدرسية، وحققت الكثير من التسهيلات في الأعمال، ولكن في المقابل لوحظ أن هناك ضعفاً لدى بعض مديري المدارس في التعامل مع التطبيقات الحاسوبية الخاصة بالإدارة المدرسية.

ولا يخفى على أحد ما تمثله التقنية في عصرنا الحالي، فهي وسيلة فاعلة تتدخل في جميع شؤون الحياة، فقد أصبح عصرنا الحالي عصر التقنية والتطور، وهذه هي صفته الملازمة له، ولا تخرج الإدارة المدرسية عن هذا المنظور، فهي تلعب دوراً حيوياً وأساسياً في انسجام المدرسة مع طبيعة المجتمع واحتياجاته وتطلعاته من خلال المشاركة المجتمعية لها والتي تهدف إلى تعليم الطلبة ليصبحوا قوة منتجة وتسعى إلى المساعدة على تحسين التعليم، وتفهم المجتمع لمشاكل التعليم ومعوقاته، والدفاع عن النظام المدرسي، وتوفير الدعم المادي للمدرسة ليساعدها على تحقيق رسالتها، وبالتالي يجب أن تكون التقنية ملازمة لعلم الإدارة المدرسية، وأن تكون هدفاً لها، وفي نفس الوقت غاية تسعى إلى نشر مفهومها وأهميتها، وتفعيل ممارستها، فالمنظومة التربوية المدرسية يدخل فيها بالإضافة إلى العاملين بالمدارس والطلاب؛ جميع أفراد المجتمع بمختلف مستوياته التعليمية والثقافية والاجتماعية، ولذلك حجم ممارسة التقنية على الصعيد المدرسي ينعكس على المجتمع ككل بصورة مباشرة.

ولا يمكن إغفال حجم الخدمات التي يمكن أن تقدمها التقنية الحديثة للإدارة المدرسية، لما في لذلك من فائدة كبيرة في تحرير مدير المدرسة كقائد تربوي من قيود الأعمال الروتينية، التي ليست من صميم العملية التعليمية، وتأخذ من وقته الكثير مما يؤثر على سير المدرسة نحو تحقيق أهدافها المرسومة.

ولا يخفى على أحد الفوائد الكثيرة التي تجنيها العملية التعليمية التربوية من وراء استخدام الحاسب الآلي؛ لأنه يمتلك قدرات فائقة على تخزين واسترجاع كم هائل من المعلومات، والقدرة على العرض المرئي للمعلومات، والسرعة الفائقة في إجراء العمليات، ويتيح الفرصة للمتعلم من خلال تقديم العديد من الفرص والاختيارات أمامه، ويمنحه القدرة على التحكم في العديد من الأجهزة الأخرى المتصلة به والاستفادة منها، فيمكنه أن يتحكم في مكبرات الصوت، والمعدات الموسيقية، والطابعات، والمعدات الرسومية، وأجهزة العروض الضوئية، ووسائط العروض المتعددة، وبذلك يمكن أن يكوِّن منظومة عروض متعددة Multimedia.

فالكمبيوتر قادر على توفير الفرصة للمتعلم للتحكم واتخاذ القرار في إجراءات سير البرنامج بأسلوب مرن وإيجابي، كما يوفر العديد من الطرق التي تضمن الاتصال الجيد بين المتعلم والكمبيوتر بغرض مساعدة الطالب على إتمام عملية الدراسة بسهولة وبشكل يساعد على تحقيق الأهداف التعليمية المرجوة بشكل جيد، ومن أهم ما يميز إيجابية برامج الكمبيوتر التعليمة هو متابعتها لأخطاء المتعلم، ومحاولة معرفة مصدرها، ومعالجة أسباب الخطأ، وتوجيهه لدراسة موضوعات معينة وفقاً لما أنجزه أو أصدره من أخطاء، ولكن من الصعب تصميم أسلوب معين يمكن من خلاله توقع جميع الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها المتعلم، فقد يكون طالباً مبتدئاً أو معلماً ماهراً، وبذلك فإن وجود مشكلات مع عمل البرنامج أمر وارد، ولا يجعل الكمبيوتر عملية التعلم مريحة دائماً أو أكثر متعة بالنسبة للطالب في جميع الأحوال، إذ يعتمد هذا على مكان وكيفية استخدامه، ويمكن أن يسهم الكمبيوتر في تحسين نواتج عملية التعلم وزيادة فاعليتها.

وتختلف معوّقات التعليم الإلكتروني باستخدام الكمبيوتر، والتعليم عن بعد، فمنها ما يختص بالمعلم من حيث افتقاره إلى آليات التعلم الإلكتروني، وكثرة الأعباء المطلوبة منه، وقلة الحوافز، ومنها ما هو خاص بالمناهج ككثافة المقررات الدراسية، وعدم توافق المناهج مع التطور السريع في البرامج، ومن المعوّقات أيضاً ما هو فني مثل عدم جاهزية البنية التحتية المعلوماتية، وعدم توافر الاتصالات بشبكة الاتصال السريع، الشبكة العنكبوتية، الإنترنت، وهناك معوقات إدارية، مثل عدد الطلبة في الصف الواحد، وقلة عدد أجهزة الحاسب الآلي في المدرسة، وأخرى تنظيمية كعدم توافر المكان المناسب، والنقص في الكوادر البشرية، وأخيراً هناك معوقات مالية تخص التكلفة المادية المرتفعة لهذا النوع من التعلم.

وسوف نتتبع معوقات استخدام هذه التقنية من الوسائل الحديثة، وهذه العوائق إما أن تكون مادية أو بشرية. والمتتبع للعقبات التي تواجه جميع الدول يجد أن هناك توافقاً مع الواقع الحالي للتعليم في معظم الدول. ومن هذه العوائق:

أولاً: التكلفة المادية

تحتاج عملية توفير خدمة التعلم الآلي إلى تكلفة مادية مرتفعة، وبصفة خاصة في مرحله التأسيس، الأمر الذي يجعلها أحد الأسباب الرئيسية في عدم استخدام الكمبيوتر والإنترنت في التعليم، ذلك أن تأسيس مثل هذه الشبكة يحتاج إلى خطوط هاتف بمواصفات معينة، وحواسيب معينة، ونظراً لتطور البرامج والأجهزة فإن الأمر يزداد صعوبة عند معرفة أن هذه الأجهزة والشبكات في حاجة إلى تطوير وتجديد على فترات زمنية متقاربة. ذلك أن ملاحقة التطور مطلب أساس من مطالب العملية التربوية بالأجهزة الإلكترونية الحديثة.

ثانياً: المشكلات الفنية

ليست العوائق المالية هي السبب الرئيس المقلل من استخدام التقنية الحديثة المتطورة في العملية التعليمية التربوية؛ بل إن العنصر البشري له أثر كبير في ذلك، فبالرغم من أن العقل الإلكتروني والإنترنت تم تطبيقه في المصانع والغرف التجارية والأعمال الإدارية إلا أن تطبيقات استخدام هذه المنظومة الإلكترونية في التعليم أقل من المتوقع ويسير ببطء شديد عند المقارنة بما ينبغي أن يكون عليه.

أما عن أسباب عزوف بعض أعضاء هيئة التدريس والمعلمين عن استخدام الحاسب الآلي في العملية التعليمية التربوية؛ فهو راجع إلى عدم الوعي بأهمية هذه التقنية، وعدم القدرة على استخدام الحاسوب، ومن هنا نحمل من خلال مقالنا هذا صيحات تحذير لكافة العاملين والمسؤولين عن الحقل التربوي في العالم العربي بأنه يجب الاهتمام بتثقيف المعلمين وأعضاء هيئات التدريس في الكمبيوتر، ومطالبتهم جميعاً بالحصول على شهادة الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلي ICDL. ومن لا يحصل عليها يستبعد من حقل التدريس إلى العمل في مجالات أخرى.

ولا شك أن الانقطاع في شبكة النت والشبكات الداخلية في المؤسسات التعليمية التربوية في أثناء البحث والتصفح وإرسال الرسائل لسبب فني أو غيرة مشكلة تواجهها مؤسسات التعليم في الوقت الحاضر، مما يضطر المستخدم إلى الرجوع مرة أخرى إلى الشبكة وقد يفقد البيانات التي كتبها وفي معظم الأحيان يكون من الصعوبة الدخول إلى الشبكة أو الرجوع إلى استخدام الإنترنت لتعليم المقرر نتيجة مواجهة بعض المشكلات منها: عدم توافر الدعم الفني فقد يواجه الطلاب بعض المشكلات في أثناء استخدام الإنترنت ولم تتوافر لهم الخبرة الكافية لحل هذه المشكلات، نتيجة لعدم الدراسة الفنية الكاملة، وعدم توافر العمالة الفنية المدربة لمواجهة مثل هذه الطوارئ.

ثالثاً: اللغة

نظراً لأن معظم برامج الكمبيوتر، والبحوث المكتوبة على الشبكة العنكبوتية الدولية للمعلومات المسماة (الإنترنت) مكتوبة باللغة الإنجليزية؛ لذا فإن الاستفادة الكاملة من هذه الشبكة ستكون من نصيب من يتقن اللغة، وهم قليلون في الجامعات العربية، ومن هنا يمكن القول بأنه لا بد من إعادة النظر في إعادة تأهيل أساتذة الجامعات ومدرسي المدارس في التعليم ما قبل الجامعي في اللغة. وضرورة بناء قواعد بيانات باللغة العربية لكي يتسنى للباحثين الاستفادة من تلك الشبكة، وقد أوضحت الدراسات الحديثة عزوف الكثير من أعضاء هيئة التدريس في الدول العربية عن استخدام الإنترنت للتعليم، وكشفت النقاب عن أن أكثر من 30 في المائة يمانعون إدخال الإنترنت في الدراسة لأسباب أكثرها تأثيراً حاجز اللغة الإنجليزية.

رابعاً: عدم توافر التدريب الكافي

يخشى معظم المعلمين من التكنولوجيا، ويشعرون بالارتياح حيال الأساليب التعليمية التقليدية الخاصة بهم، نتيجة عدم توافر الدراسة والخبرة الكافية، ولهذا فإن أي برنامج تدريبي للمعلمين يجب أن يساعدهم على رؤية ما وراء التكنولوجيا من مكاسب في التعليم يمكن الاستفادة منها في غرفة الصف، بالإضافة إلى أنه يجب على المعلمين أن يتحولوا من مجرد مستهلكين أو متلقين للمعلومات عن طريق استعمال الإنترنت والتكنولجيا الحديثة للوصول إلى منتجين للمعلومات عن طريق صياغة هذه المعلومات بما يتناسب مع واقعهم التعليمي والحضاري.

خامساً: صعوبة الوصول إلى المعلومات

عندما يحصل بعض الباحثين على المعلومة من الشبكة العالمية (الإنترنت) يعتقدون بصوابها وصحتها، وهذا خطأ في البحث العلمي ذلك أن هناك مواقع غير معروفة أو على الأقل مشبوهة؛ لذا يجب على المستخدمين أو الباحثين للشبكة أن يتحروا الدقة والصراحة والحكم على الموجود قبل اعتماده في البحث، ومن هنا ينبغي علينا أن نحرص على إكساب طلابنا مهارة تقويم المعلومة، وهي العملية التي تحدد من خلالها مصادر المعلومات الموثوق بها، والوصول إليها بفعالية بالإضافة إلى فهمها ونقلها، وصعوبة الوصول إلى المعلومة الصحيحة هذا يشكل عائقاً أمام استخدام الحاسب الآلي في التعليم.

سادساً: رقابة الطلاب والخوف من وصولهم إلى مواقع غير تربوية

يبدي بعض الأهالي قلقهم من مسألة سوء استخدام الإنترنت، ومصادر المعلومات الإلكترونية، ومدى مقدرتهم ومقدرة المعلم على حماية أبنائهم من المواد غير المناسبة، بالإضافه إلى أن بعض الأهالي يرون أن طريقة التعلم بالإنترنت هي مضيعة للوقت مما أثر في توجهات أبنائهم في التعلم من خلال هذه الطريقة، الأمر الذي يؤكد ضرورة الاتصال بين الأهالي والمدرسة، واطلاعهم على إيجابيات استخدام نظم التعليم بالحاسب الآلي وبالإنترنت، ويؤكدعلى ضرورة حماية الطلاب من المواد غير المناسبة التي يمكن الوصول إليها بواسطة الإنترنت، ومن الواضح أن أفضل الطرق لحماية الطلبة هي رفع الوعي لديهم والاتفاق على أخلاقيات استخدام الإنترنت وجعلهم يتحملون مسؤولية الثقة التي يمنحها الأهل والمعلمون لهم.

سابعاً: التوجة السلبي والحواجز النفسية

الإنسان بطبيعتة لا يحب تغيير ما اعتاده بل يقاوم بأساليب مختلفة، وهذا السلوك ليس المقاومة بمعناها العنيف بل يتخذ شكل الممانعة والسلبية تجاه التغيير. هذا سببه إما التمسك بالأساليب التعليمية القديمة السائدة، أو عدم الرغبة في التكيف مع الأساليب والتقنيات الحديثة، أو الشعور بعدم الاهتمام وعدم المبالاة نحو التغييرات الجديدة، نتيجة عوامل نفسية وفسيولوجية تقف حاجزاً أمام إقدام المعلمين على استخدام نظم التعليم الإلكتروني بواسطة الحاسب الآلي أو الإنترنت، نظراً لاعتيادهم النظم التقليدية.

ثامناً: الوقت الكثير المستغرق

وهذا الوقت سواء كان الوقت المستغرق للتصفح أو الوقت المستغرق من المعلم لنشر دروسه التعليمية، كما أن استخدام شبكة المعلومات والإنترنت في التعليم يحتاج إلى الصورة والصوت أحياناً والتي يستغرق تصفحها وقتاً طويلاً نظراً لأن معظم الحاسبات تستخدم ذواكر مؤقته ضعيفة، مما يؤدي إلى اتجاة سلبي نحو استخدام الإنترنت، لكن ظهور موصلات ومستقبلات بواسطة الأقمار الصناعية سوف يساعد على تخطي هذه المشكلة.

ويجب أن نؤكد على أن استخدام الإنترنت في التعليم يتطلب وقتاً أكثر بكثير من التعليم التقليدي، فالاستجابة لكل طالب كتابياً بوساطة الإنترنت تتطلب كثيراً من الوقت، كما أن تحضير القراءات للمقرر وعرضها بواسطة الإنترنت يستهلك كثيراً من الوقت. وأخيراً يبدو أن بعض هذه العقبات تعود لحداثة التجربة، فالطلاب تزيد دافعيتهم عند المشاركة بتجربة جديدة واستهلاك كثير من الوقت وقلة الدعم الفني يعود أيضاً إلى أن الطلاب والمعلمين على حد سواء ليسوا معتادين على التعلم بهذه الطريقة.

في ظل هذه المعوقات التي تكلمنا عليها يبقى سؤال: هل سيوجد مستقبل للتعليم الإلكتروني في الوطن العربي؟ وهل سيلقى الاهتمام الكافي من الدول العربية؟ وهل ستتخذ كل الأساليب والطرق لتوفير الفرص الكافية للحصول على التعليم الإلكتروني؟

هناك تحد حقيقي يواجه الدول العربية الآن هو ذلك التطور التكنولوجي الهائل، وثورة المعلومات، ولذا يجب عليها أن تحدد رؤيتها المستقبلية بخصوص العملية التعليمية، وأن يكون التعليم الإلكتروني أحد عناصر هذه الرؤية، وأن يكون التعليم الإلكتروني أحد السياسات التي يمكن الاستفادة منها، وعليها اختيار ما يناسبها من وسائل التعليم الإلكتروني المتعددة، وأن تدرس تجارب الدول النامية الأخرى المشابهة لنفس ظروفها، والاستعانة بالخبراء منها، وأن تتعاون مع بعضها لتتبادل بث البرامج مما يخفض تكلفة استخدام التعليم الإلكتروني.

خلال العقد الأخير من القرن العشرين كانت هناك ثورة ضخمة في تطبيقات الحاسب الآلي التعليمي، ولا يزال استخدام الحاسب في مجال التربية والتعليم في بداياته التي تزداد يوماً بعد يوم، بل بدأ يأخذ أشكالاً عدة فمن الحاسب في التعليم إلى استخدام الإنترنت في التعليم، وأخيراً ظهر مفهوم التعليم الإلكتروني، الذي يعتمد على التقنية لتقديم محتوى للمتعلم بطريقة جيدة وفعالة.

كما أن هناك خصائص ومزايا لهذا النوع من التعليم، وأهم هذه المزايا والفوائد تتمثل في: اختصار الوقت والجهد، إضافة إلى إمكانية الحاسب في تحسين المستوى العام للتحصيل الدراسي، ومساعدة المعلم والطالب في توفير بيئة تعليمية جذابة. وعلى رغم تلك الأهمية لهذا النوع من التعليم والنتائج الأولية التي أثبتت نجاح ذلك إلا أن الاستخدام مازال في بداياته في الدول العربية، حيث يواجه هذا التعليم بعض العقبات والتحديات سواءً أكانت تقنية تتمثل بعدم اعتماد معيار موحد لصياغة المحتوى، أم فنية وتتمثل في الخصوصية والقدرة على الاختراق، أو تربوية وتتمثل في عدم مشاركة التربويين في صناعة هذا النوع من التعليم.

أخيراً يمكن القول إن ضمان نجاح صناعة التعليم الإلكتروني في الوطن العربي يتوقف على تحقيق عدة مقومات تتمثل في: التعبئة الاجتماعية لدى أفراد المجتمع للتفاعل مع هذا النوع من التعليم، وضرورة مساهمة التربويين في صناعة هذا التعليم، وتوفير البنية التحتية لهذا النوع من التعليم، والتي تتمثل في إعداد الكوادر البشرية المدربة، وكذلك توفير خطوط الاتصالات المطلوبة، التي تساعد على نقل هذا التعليم من مكان لآخر، ووضع برامج لتدريب الطلاب والمعلمين والإداريين للاستفادة القصوى من هذه التقنية، وإنتاج البرامج اللازمة لهذا التعليم، وزيادة برامج الدعم المادي لمساعدة الطلبة الذين يتلقون دورات قصيرة لأن حالتهم المادية لا تسمح لهم بالالتحاق بالدورات المكثفة، والبحث في الصعوبات التي تواجهها الأم العاملة عند التحاقها بالتعليم الإلكتروني ومحاولة حلها، وتثقيف المجتمع بالتعليم الإلكتروني وشرحه لهم بشكل أكبر، ومعاملة الطلاب عن طريق المراسلة مثل الطلاب التقليديين لا كمستهلكين.

على الدول العربية أن تحدد رؤيتها المستقبلية بخصوص العملية التعليمية، وأن يكون التعليم الإلكتروني أحد عناصر هذه الرؤية، ويجب أيضاً على الدول العربية أن تدرس تجارب الدول النامية الأخرى المشابهة لنفس ظروفها والاستعانة بالخبراء منها، وأن تتعاون مع بعضها لتتبادل بث البرامج مما يخفض تكلفة استخدام التعليم الإلكتروني، وعلى الاتحاد العربي للاتصالات أن يقدم الدعم الفني والاستشارات للدول التي ترغب في استخدام التعليم الإلكتروني، وبناء مواقع عربية ومحركات بحث عربية، وعلى الاتحاد العربي للبرمجيات احتضان الجهود الرامية إلي إنتاج برمجيات عربية ونظم تشغيل عربية تتناسب والبيئة العربية.

وفي النهاية نطرح عدد من التوصيات أهمها: إعداد دراسات الجدوى للتعليم الإلكتروني ومعرفة معوقاته المادية والعمل على تذليلها، والقيام بالدورات التدريبية لاستخدام التعليم الإلكتروني في التعليم، وتقديم الحوافز المادية للمعلمين الذين يستخدمون وسائل التقنية الحديثة، والحرص على توفير مشرفي تقنيات يعملون في المدرسة لمساعدة المعلمين وتسهيل مهامهم، وتوفير مختص يقوم بالصيانة الدورية لتقنيات التعليم الإلكتروني والحفاظ عليها من التلف أو العطل، بالإضافة إلى ضرورة عقد الدورات التدريبية للمعلمين في التعليم الإلكتروني ونظم استخدام التعليم بالحاسب الآلي في التعليم، وتشجيعهم على ذلك، بحيث تتناسب وأوقات الفراغ للمعلمين، ونشر التوعية عبر وسائل الإعلام بأنواعها الثلاثة: المقروءة، والمسموعة، والمرئية بأهمية التعليم باستخدام النظم الإلكترونية والإنترنت وبفوائد التطور التكنولوجي لنجني الثمرة التي تتمثل بالقضاء على معوقات استخدام نظام التعليم بالحاسب الآلي.

مقالات لنفس الكاتب