; logged out
الرئيسية / منتدى أمريكا والعالم الإسلامي

منتدى أمريكا والعالم الإسلامي

الجمعة، 01 نيسان/أبريل 2005

في الفترة من 10 إلى 12 إبريل 2005 احتضنت العاصمة القطرية – الدوحة – منتدى أمريكا والعالم الإسلامي والذي نظمته وزارة الخارجية القطرية من خلال اللجنة الدائمة لتنظيم المؤتمرات والتي يرأسها السفير محمد عبد الله الرميحي مساعد وزير الخارجية لشؤون المتابعة ومعهد بروكنجز بواشنطن

جلسات ومحاور المنتدى:

عقدت في إطار المنتدى عدة جلسات عامة وورش عمل بدأت بالجلسة الافتتاحية والتي ألقى فيها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني كلمة شاملة إلى جانب كلمة لمارتن انديك رئيس مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد بروكنجز تلتها مباشرة الجلسة العامة الأولى بعنوان (مستقبل العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي) وتركزت محاورها على ما يلي:

* ما وضع العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي في الوقت الراهن؟
* ما القوى التي سوف تشكل العلاقات للأحسن أو للأسوأ؟
* ما التحديات الرئيسية في السنوات المقبلة؟

وكانت جلسة العمل الثانية بعنوان (البحث عن السلام ما هو دور الطرف الثالث في عملية السلام في الشرق الأوسط) وذلك من خلال محاور ثلاثة:

* ما دور ومسؤوليات الأطراف الخارجية في دعم عملية السلام؟
* ما التحديات التي تواجهها الأطراف الخارجية؟
* ما أفضل طريقة لتنسيق الجهود؟

وكان عنوان جلسة العمل الثالثة (الانتخابات وما ترتب عليها) عبر المحاور التالية:

* ما مسببات وتأثيرات موجة الانتخابات التي جرت في العالم الإسلامي (ماليزيا، أفغانستان، فلسطين، العراق والسعودية)؟
* كيف يمكن تطبيق الديمقراطية وما هو دور أحزاب المعارضة؟
* ما الدور الذي ينبغي أن تلعبه أمريكا لتشجيع المؤسسات الديمقراطية؟

وبحثت جلسة العمل الرابعة (موقف الرأي العام ودور وسائل الإعلام) وطرحت فيها أسئلة عن استطلاعات الرأي العام في أمريكا والعالم الإسلامي وكيف يرى كل طرف جهود الطرف الآخر وما الدور الذي ستلعبه وسائل الإعلام في العلاقات بين أمريكا والعالم الإسلامي؟
وكان السؤال الرئيسي المطروح على جلسة العمل الخامسة هو: إلى أين نتجه من هنا؟ من خلال الإجابة عن أسئلة فرعية أخرى:

*ما القوى التي سوف تشكل العلاقات بين أمريكا والعالم الإسلامي في السنوات المقبلة؟
*ما الذي يمكن عمله من أجل المزيد من التعزيز للعلاقات الإيجابية؟
*هل ثمة برنامج عمل سيصدر عن المنتدى؟

أما ورش العمل فقد ركزت على مناقشة قضايا من قبيل السلام والأمن والتنمية البشرية والإصلاح والحكم والعلوم والتكنولوجيا وتشجيع الإصلاحات الاقتصادية والاستثمارات الخارجية.

وفى كلمته التي افتتح بها أعمال المنتدى بحضور كبار الشخصيات بالدولة أشار أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى أن المنتدى الذي تستضيفه الدوحة منذ عامين يقرب بين جانبين وجدا أن هناك عوائق لا يمكن تجاهلها أو الاستخفاف بها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 لو أرادا لما بينهما من صلات أن تنمو وتتقدم خاصة أن ما بينهما من علاقات ما زال بعضه رهينة لانطباعات مشوهة وأفكار جامدة حان لها أن تسقط ليحل محلها فهم جريء وجديد لا يستكبر الاعتراف بالخطأ أو يستكثر حجم العمل المطلوب إنجازه أو يستكين أمام من يحاول زرع اليأس في مستقبل علاقة استراتيجية أمامها آفاق رحبة يجب ارتيادها.

واعتبر الشيخ حمد أن واحدا من مفاتيح التحول التي يتعين على الطرفين استخدامها لو أرادا الدخول من باب واسع إلى مستقبل أمن تظلله رغبة متبادلة في التعاون، ويسوده الاتفاق على سلم مشترك من الأولويات يكمن في الاعتناء بأسلوب الحوار والاهتمام بالمضمون قدر الاهتمام بالشكل، فالاستعلاء من طرف أو اللامبالاة من الطرف الآخر قد يقود إلى تسرب الإحباط أو تسلل اليأس إلى من يعول على هذا الحوار في تطور علاقات الولايات المتحدة مع العالم الإسلامي.

وحسب رؤية أمير قطر فإن تراث كل طرف يحث بدأب على النهوض والارتقاء بالحوار دعما للتواصل البناء مع الآخر ويتوقف في هذا السياق عند التراث العربي الذي يدعو إلى اللين في الكلمة لأن (من لانت كلمته وجبت محبته) كما يستشهد بحديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: (الحكمة ضالة المؤمن يأخذها ممن سمعها ولا يبالي من أي وعاء خرجت) وهو ما يراه دعوة لتأصيل قواعد الحوار السليم وإفساح الطريق للأخذ من الآخرين بما يصلح من دون حساسية أو تخوف ومن ثم فإنه من الضروري – والكلام لأمير قطر – أن يجتهد الطرفان: الأمريكي والإسلامي من أجل إدارة الحوار بينهما بروح متفهمة حتى لا يبدو ما يقترحه طرف من ترتيب للأولويات أنه إصدار لتعليمات أو ما يسوقه طرف آخر من إيضاحات على أنه محاولة للتنصل من بعض الاستحقاقات.

ويؤكد أمير قطر أن مفاتيح التحول الأهم في مسار العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي تبقى رهناً بالتقدم الذي تشهده القضايا المشتركة بين الجانبين لافتا إلى أن العالم الإسلامي وهو يرى الالتفات الأمريكي إلى الديمقراطية وقد تأثر بما حدث في الحادي عشر من سبتمبر 2001 تساءل في بعض جنباته عما إذا كان ذلك يعبر عن موقف إدارة أم يجسد تحولا كاملا في موقف دولة، ورأى أنه بسبب ذلك لا تزال جهود الإصلاح تتسم بالفتور وهو أمر يتطلب من الجانبين الوصول بالحوار إلى نقطة شفافة يزول عندها أي لبس بشأن مستقبل تجربة غير مسبوقة للتحول السياسي بدأت وعليها أن تكتمل لتتأكد الشعوب الإسلامية التي هي المعنى الأول بالإصلاح أن آمالها لن تخذل بسبب تقلب قد يطرأ على موازين المصالح، وأن تطلعاتها الواسعة لم تعد تكافئها بعض الإضافات التجميلية المحدودة.

وتوصل أمير قطر إلى قناعة مؤداها أن الحوار بين الجانبين حول الديمقراطية بحاجة إلى أن يكون موضوعاً توافقياً لا خلافياً جامعاً وليس مفرقاً، خاصة أن عددا كبيرا من تجارب التحول الديمقراطي في العالم الإسلامي من أفغانستان إلى فلسطين إلى العراق قد اختلط فيها صوت السلاح بأصوات المقترعين على نحو أنتج هوة في التقديرات ليس بين الجانبين الأمريكي والإسلامي فقط بل بشأن الطريقة المثلى التي يستطيع بها الخارج أن يساعد على بناء الديمقراطية مشيرا إلى أنه إذا كانت ثمة قلة في العالم الإسلامي يطيب لها أن تستحث الخارج للضغط عنوة من اجل الديمقراطية وأخرى تنفر من الخارج بل ومن الديمقراطية فإن بينهما جماهير غفيرة واعية تدرك أن عليها أن تخوض بنفسها الطريق من دون أن تمانع في التواصل مع كل من يتقدم لمساعدتها في قطع الطريق إلى نهايته، وطالب أمير قطر الحوار الإسلامي - الأمريكي بأن يبحث في وسائل تخفيف الاحتقان في بؤر التوتر المشتعلة في المنطقة ومساعدة دول مسلمة يمثل الحفاظ على تكاملها القومي حجر الزاوية في الاستقرار الإقليمي في أكثر من موقع خاصة أن الولايات المتحدة إما دخلت أو اقتربت خلال السنوات القليلة الأخيرة من موقع أدق التطورات فيها.

إن العالم الإسلامي وهو يتحاور مع الولايات المتحدة –يضيف أمير قطر – إنما يدرك أنه حوار من نوع خاص يدور مع واحد من أكثر الفاعلين الدوليين تداخلا مع قضاياه خلال ما يزيد على نصف قرن ويمتد متفرعا ليشمل عشرات القضايا من الصراعات الإقليمية إلى نقل التكنولوجيا ومن تعزيز الديمقراطية إلى تحرير التجارة ومن الإصلاح الاقتصادي إلى تطوير التعليم ومن الحرب ضد الإرهاب إلى العمل من أجل حرية الإعلام وغيرها من المسائل التي باتت لتعددها تربط المسلمين بالأمريكيين في نسيج متين يصعب أن ينفصم لسنوات طويلة وعلى مدى ثلاثة أيام من المناقشات والمداخلات المستفيضة بمشاركة مسؤولين سياسيين وخبراء وأكاديميين بلغ عددهم حوالي 150 شخصية من الولايات المتحدة الأمريكية و35 دولة إسلامية فإن الآراء تشعبت وطالت بالتحليل وأحيانا توجيه الانتقاد وبالذات إلى السياسات الأمريكية في المنطقة كل ما يتصل بجوانب العلاقات بين الجانبين الإسلامي والأمريكي، وفي هذا السياق فإن عملية السلام في الشرق الأوسط كانت واحداً من الملفات المهمة المطروحة بقوة على أجندة منتدى أمريكا والعالم الإسلامي باعتبار أن القضية الفلسطينية ما زالت تشكل أهم العقبات في طريق إنجاز تقارب حقيقي بين الجانبين.

واللافت أن الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري كان أبرز من وجهوا الانتقادات للسياسة الأمريكية على صعيد عملية السلام مبديا دهشته من محاولات الإدارات الأمريكية المتعاقبة لصنع السلام في الشرق الأوسط خاصة في سنواتها الأخيرة قائلا: على الرغم من وجود جدية لدى هذه الإدارات إلا أن ما يدعو للتساؤل هو تركيزها على إبداء الاهتمام بالسلام في الفترة الثانية لكل إدارة فقط وفي الآن ذاته فإن حمد بن جاسم شكك في إمكانية أن تلعب الدول العربية أي دور على صعيد عملية السلام موضحا أن فاقد الشيء لا يعطيه مرجعا ذلك إلى أسباب اقتصادية واجتماعية تحول دون قيامها بهذا الدور فضلا عن أن بعض الأطراف العربية ما زالت تؤمن بنظرية إلقاء إسرائيل في البحر، كما انتقد خطة شارون للقيام بانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة معتبرا أنه – أي شارون – يهدف من هذه الخطة إلى تجزئة الأراضي الفلسطينية من دون الانسحاب الكامل من الأراضي التي احتلت في العام 1967 وهو يقصر الانسحاب وفق خطته على أراض غير ذات أهمية بالنسبة للدولة العبرية وفي رأي حمد بن جاسم فإن الإرادة الحقيقية للتعاطي مع العملية السلمية في الشر ق الأوسط تكمن في تنفيذ قرارات مجلس الأمن ومقررات مدريد واتفاق اوسلو وإذا كان ثمة تطلع إلى السلام فإنه يتعين على العرب أن يجلسوا مع الإسرائيليين وحينئذ تتدخل الإدارة الأمريكية بكل ثقلها.

وتدخل محمد دحلان وزير الشؤون المدنية بالسلطة الفلسطينية في الحوار الذي شهدته أول جلسة عمل علنية للمنتدى قائلا: إن دور الطرف الثالث -وهو هنا الولايات المتحدة –كان على الدوام دور الحاضر الغائب إلا أنه لم يكن بالإمكان في أي لحظة من اللحظات التوصل إلى تفاهمات أو اتفاق من دون هذا الطرف، مشيرا إلى دور واشنطن في صياغة اتفاقية أوسلو، ثم تعرض إلى انفجار الوضع في المناطق الفلسطينية بعد اقتحام شارون الحرم القدسي في 28 سبتمبر 2000 وبعدها تحميل الرئيس الراحل عرفات مسؤولية ما جرى بعد ذلك ورفض الإدارة الأمريكية التعاون مع (أبو عمار)، وشكك دحلان في مصداقية شارون في تحقيق السلام خاصة بعد مجيء أبو مازن رئيسا للسلطة الفلسطينية، وقال: إن استراتيجيته تقوم على ثلاث نقاط: أنه لن يساهم في بناء دولة فلسطينية مستقلة، وأنه يسعى إلى الاحتفاظ بالمستوطنات وتعميق الاحتلال ومحاولة الاستفراد بالإدارة الأمريكية لكي يكون الانسحاب من غزة نهاية عملية السلام، لكنه عاد ليؤكد أنه من دون وجود طرف ثالث فاعل وجدي يتعامل مع عملية السلام بمفهوم جديد فلن ينطلق قطار السلام مطالبا الإدارة الأمريكية بأن تقرر ما إذا كانت تريد السلام خاصة أن العملية طالت أكثر من اللازم واتخاذ قرار في هذا الشأن يوفر الكثير من الجهد، حسبما يقول دحلان، الذي رأى ضرورة قيام واشنطن بتشكيل تخالف دولي لإنقاذ عملية السلام في الشرق الأوسط على غرار التحالف الدولي الذي أسسته لمحاربة الإرهاب لان شارون يعتبر كل خطوة لصالحه فهو فسر رسالة الضمانات الأمريكية باعتبارها فرصة لتوسيع الاستيطان والسعي لعزل القدس وحرمان اللاجئين من حق العودة مشددا على ضرورة حصول الفلسطينيين على ضمانات أمريكية أسوة بالضمانات التي حصل عليها شارون خاصة في ما يتعلق بمرحلة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من غزة.

ولم يتوقف انتقاد واشنطن عند مواقفها المنحازة لإسرائيل ولكنه امتد إلى رفض محاولاتها التدخل لفرض نموذج ديمقراطي لا يتناسب مع العالم الإسلامي، وأكد الكثير من المشاركين من دول عربية وإسلامية رفض ما أسموه بالتدخل العنيف لفض التغيير فضلا عن المحاولات الأمريكية لتعديل المناهج الإسلامية على نحو يمس بالنصوص المقدسة كالقرآن الكريم والسنة تحت زعم أنها تحتوي على ما تعتبره واشنطن محرضا على الكراهية والعنف وبالذات ضد اليهود.

وفي رؤية الكثير من المتابعين لمنتدى أمريكا والعالم الإسلامي فإن النتيجة الأهم التي بلورها تتمثل في الاقتراب من إعادة صياغة المنظور الأمريكي تجاه حركات الإسلام السياسي وتحديدا في ما يتعلق بمشاركتها في العملية السياسية بالمنطقة وهو أمر كانت ترفضه واشنطن على الدوام منذ مطلع التسعينات ربما مع فوز جبهة الإنقاذ الإسلامي بانتخابات الجزائر في العام 1991 والتي شاركت إلى جانب أطراف غربية أخرى في إجهاض وصولها إلى السلطة آنذاك والجديد في الموقف الأمريكي أن واشنطن باتت تقبل الآن بمشاركة إسلاميين في الانتخابات إذا حققوا فوزا فيها وهو ما تجلى فيما أكد عليه مارتن انديك رئيس مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد بروكنجز بواشنطن والمساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط والذي أشار إلى أن الإدارة الأمريكية أعلنت استعدادها -على لسان نائب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية سكوت كاربينتر الذي شارك في أعمال المنتدى والمسؤول عن متابعة سياسات الرئيس بوش الخاصة بنشر الديمقراطية – لقبول الإسلاميين في أدوار رئيسية في بلدانهم وهو ما تمثل في القبول بإبراهيم الجعفري رئيسا لحكومة العراق الجديدة، بينما كان يصنف حزب الدعوة الإسلامي الذي ينتمي إليه الجعفري في السابق بأنه حزب إرهابي ووصل الأمر بانديك إلى الإعلان بقبول جماعات إسلامية راديكالية كحزب الله وحركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين بمصر في العملية السياسية، لكنه اشترط أن تتخلى هذه الحركات عن سلاحها وهو يدلل على ما يمكن وصفه بالمرونة في النظرة الأمريكية الجديدة تجاه الإسلاميين بدعوة عدد من رموزهم كقاضي حسين رئيس الجماعة الإسلامية في باكستان إلا أنه اعتذر عن عدم المشاركة في المنتدى لإصابته بأزمة قلبية فأناب عنه الناطق الرسمي باسم الجماعة -غفار عبد العزيز- إلى جانب الصادق المهدي رئيس حزب الأمة السوداني ذي التوجه الإسلامي ومفتى البوسنة، وعندما سئل عن غياب الدكتور يوسف القرضاوي الداعية الإسلامي المقيم في قطر أشار انديك إلى أنه شارك مرتين في الحوار الإسلامي الأمريكي إلا أنه ردد كلاما غير مفيد فيما بعد لم يشجع على دعوته مرة أخرى للمشاركة في أعمال المنتدى.

وأضاف انديك: إن ذلك يعتبر تحولا واضحا في سياسات واشنطن وهو ما يؤكد أن القيادة الأمريكية مستعدة للتعامل مع الأحزاب الإسلامية التي تصل إلى السلطة عن طريق الانتخابات أما بيتر سينغر مدير المشروع السياسي حيال العالم الإسلامي بمركز سابان فيصف المنتدى بأنه كان ناجحا وقال إن المنظمين سيعطون أولوية للاهتمام بالآراء التي طرحها المشاركون مؤكدا في الوقت ذاته أن الفترة المقبلة ستشهد تطورا في التعاون بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة في ميادين عديدة خاصة على صعيد الحوار الذي رأى أنه سيتسع ليشمل كافة القوى السياسية بالعالم العربي الإسلامي بما في ذلك جماعات الإسلام السياسي والجماعات العاملة في مجال حقوق الإنسان والمجتمع المدني بشرط أن تكون قناعات هذه الجماعات متوافقة مع الثوابت ورفض اللجوء إلى العنف أو تشجيع الإرهاب أو أن تكون جماعات مسلحة معتبرا أن الإسلام السياسي بات موجودا بالفعل في السلطة بدول عديدة منها إندونيسيا وتركيا والعراق مؤخرا بعد الانتخابات. ولكن ماذا عن الجماعات الإسلامية المسلحة كحزب الله هل بوسعها أن تلعب أدوارا سياسية في الحياة الحزبية في بلدانها؟
يجيب بيتر: لقد طرح هذا الموضوع للنقاش في جلسات المنتدى وأدلى المشاركون برؤيتهم حوله إلا أنه يتعين الاعتراف بـأن هذه الحالة من التحديات التي يجب أن نواجهها برصانة في إطار كيف يمكن فهم العملية السياسية بشقها الديمقراطي لأن ذلك ما نفهمه جيدا في الولايات المتحدة لذلك إذا كان هناك اتفاق على قواعد اللعبة فإنه يمكن المضي في ذلك الاتجاه فقد قبلت واشنطن حكومة إسلامية في العراق ولو كانت ضد ذلك التوجه لما قبلت بهذه الحكومة على أي حال، كما يقول بيتر، فإن الأمر يشكل تحديا للمستقبل وعلى الجانبين أن يعيا خطورته.

وفي هذا الإطار فإن بيتر يصف نتائج المنتدى بالإيجابية لاسيما في ما يتعلق بتفعيل التعاون بين الولايات والجانب الإسلامي سواء حكومات أو منظمات مجتمع مدني خاصة أن ذلك يأتي في مرحلة تشهد عنفا شديدا في المنطقة وتوترا في العلاقة بين الجانبين ناتجا -حسب رؤيته- من سوء فهم، فعلى سبيل المثال فإن بعض الأمريكيين يخلطون بين الإسلاميين والإرهابيين ولكن من خلال المراكز المتخصصة فإن ثمة جهودا باتجاه محو هذا اللبس في الفهم وتصحيح الشكل والمضمون في ما يتصل بفهم حقيقة الدين الإسلامي بمساعدة الجهات المعنية.

وشهد (منتدى أمريكا والعالم الإسلامي) مناقشات موسعة حول قضايا الانتخابات والإصلاح في المنطقة. ومن أبرز المتحدثين في هذه القضايا أنور إبراهيم، نائب رئيس الوزراء الماليزي الأسبق، الذي اعتبر أن التحول من الحكم الاستبدادي إلى الحكم الديمقراطي بدأ يغزو أنحاء عديدة من المنطقة والعالم الإسلامي، ورأى أن (أصوات الحرية في العراق وجدت صدى لها بعد عقود من الظلم والاستبداد).

إلا أنه لم يخف تخوفه من إمكانية وقوع بعض التجاوزات في الانتخابات الذي جرت في بعض الدول الإسلامية مؤخرا، تتعلق بالشفافية. وقال: إن مؤسسات المجتمع المدني معنية بالعمل على توفير ضمانات لحماية الانتخابات بوصفها عملية ديناميكية من أجل إرساء وتأسيس نظام ديمقراطي ذي مغزى، فضلا عن ضرورة توافر هيئات قضائية مستقلة تعمل كنوع من إحلال الضوابط والرقابة على السلطات التنفيذية والتشريعية، وتحكيم القانون بشكل أساسي. وأضاف: إننا في العالم الإسلامي نسعى إلى تشجيع الديمقراطية وخلق نوع من الاستقرار والشفافية في مجتمعاتنا. حيث تم إحراز بعض التقدم على صعيد الحريات المدنية، لكنه أشار إلى أن الديمقراطية الشفافة الحية تحتاج إلى معارضة حية. وقال: إن الغرب لن يقدم لنا حلولا جاهزة، حيث تعد الحريات من الأمور التي تتطلب حراكا في المجتمعات الإسلامية. مؤكدا أنه إذا كانت هناك أطراف ترى في ذلك تأثيرا أمريكيا فإن الولايات المتحدة لن تكون أمينة إذا لم تعترف بأن الحراك جاء من داخل العالم الإسلامي نفسه.

وأضاف: إن هناك متغيرات معاصرة فرضت ضرورة إعلاء قيمة الحوار بين جميع الأطراف، والبحث عن القواسم المشتركة بدلا من الأمور التي تفرق وتبعد، لافتا إلى أن العالم الإسلامي بدا يصغي لدقات طبول الحوار. غير أنه أوضح أن هناك فجوة بين النظرية والتطبيق ما زالت قائمة في ما يتعلق بالأفكار الديمقراطية. وقال: لا نستطيع أن ننكر في هذا الصدد أن النظم الإسلامية الحاكمة بها قدر من انتهاك الحريات وحقوق الإنسان وكثير منها يستشري فيها الفساد بصورة كبيرة. مضيفا إن بعض القادة والزعماء لا يترددون بالاستشهاد بآيات من القرآن الكريم لتبرير مطالبتهم بأن يكون التغيير بصورة تدريجية، وأن المجتمعات الإسلامية يمكن أن تتعاطى الديمقراطية بجرعات صغيرة، وزاد: إن الحرية يمكن أن تأتي ومعها الفوضى، كما أن الحرب على الإرهاب تحولت إلى مفارقة بحيث يسمح لهذه الأنظمة بالاستمرار حتى تفلت من العقاب، حيث يقال إن التكلفة الخاصة بإحراز تقدم في الإصلاح السياسي في العالم الإسلامي هي التكلفة التي يمكن أن نرجعها إلى المبادرات المختلفة التي بدأتها إدارة بوش. مبينا أن مبادرات الإصلاح المختلفة في ظل هذه السياسة قد أسهمت بصورة إيجابية في التطورات الحاصلة في المنطقة، لكن بعض البلدان تنظر إلى هذه المبادرات بأنها تتسم بالانتقائية التي تعني مساعدة بعضها بصورة إيجابية لمقاومة بعض أنواع الإصلاح من خلال عملية تتحلى بالدفاع عن النظرية من دون التطبيق وهو ما يعني، كما يقول، أن نغمض أعيننا عن تجاوزات لحقوق الإنسان وغيرها من الانتهاكات الأخرى، لافتا إلى أن مساندة الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب سمحت لبعض هذه البلدان بأن يكون شريكا في هذه العلمية، ومن شأن ذلك العودة إلى الوراء وخلق حالة يترك فيها العنان لهذه الأنظمة لتحيد عن المشروعية تحت دعاوى محاربة الإرهاب.

وتابع إبراهيم قوله: على المسلمين أن يبادروا إلى إصلاح أنفسهم، وألا ينتظروا المساعدة الخارجية. مؤكدا أن الإسلام كعقيدة يقف مع العدالة والحرية واحترام آراء الغير وضمان الحكم الرشيد، معتبرا أن الاعتماد على الغير قد يجعل من أي إصلاح في أي دولة إسلامية نتيجة تدخل خارجي أو تصميم أمريكي، وهو الأمر الذي قد يفقد الثقة في العملية الإصلاحية. وأضاف: إن المسلمين قادرون على تغيير أنفسهم لكن الأنظمة الحالية هي التي تعمل على إعاقة التغيير من خلال الفساد الإداري المستشري في الكثير من الدول الإسلامية وسيطرة الحكومات على صناعة القرار من دون مشاركة شعبية وعدم استقلالية القضاء وتقييد الإعلام، كما أن بعض الانتخابات التي تجرى في بعض الدول ليست نزيهة بسبب غياب الرقابة المستقلة، والتي قد تكون دائما رقابة رسمية تابعة للدولة.

وفي ختام المنتدى صدر بيان أوجز أهم نتائجه بأن المنتدى لم يعقد من أجل المناقشة، ولكنه كان أيضا عاملا مساعدا لسلسلة من برامج وأجندات العمل المحددة. وأبرمت حسب البيان عدة اتفاقات خلال فترة انعقاد المنتدى لربط التعاون بين الجامعات العربية والأمريكية، كما وافقت مجموعة من قادة العلوم والتقنية في أمريكا والعالم الإسلامي على سلسلة من الأعمال المشتركة تتراوح بين تبادل البرامج إلى التعاون في مجال البحوث، وتم الإعلان عن تأسيس برنامج لمساعدة الشباب وربط الطلاب الجامعيين العرب والأمريكيين مع قادة البرنامج، وقد تقدم المشاركون بمقترحات من أجل توسيع النجاح والتأثير الإيجابي للمنتدى ليشمل مستقبلا قضايا جنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى وإفريقيا وأقاليم أخرى في العالم الإسلامي.

وأشار البيان إلى أنه من المؤمل أن تؤدي اجتماعات المتابعة الخاصة بالمنتدى إلى سلسلة من المبادرات المشتركة التي تهدف إلى تقوية الروابط بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة الأمريكية والمساعدة في أنشطة البحوث والنشر، وتم الاتفاق وفق البيان بين وزارة الخارجية القطرية ومعهد بروكنجز على افتتاح مكتب في الدوحة لمركز سابان لدراسات الشرق الأوسط وهو أول مكتب له خارج واشنطن. ولن يركز مكتب الدوحة على ما يتعلق بالتخطيط لأنشطة المنتدى المستقبلية فقط، بل سيضطلع أيضا بدور في مجالي البحث والمساعدات على المستوى العالمي في ما يتعلق بقضايا السياسات العامة المرتبطة بالعالم الإسلامي الأوسع.

مجلة آراء حول الخليج