; logged out
الرئيسية / اتحاد الصحافة الخليجية: مسؤوليات وطموحات كبيرة

اتحاد الصحافة الخليجية: مسؤوليات وطموحات كبيرة

الأحد، 01 أيار 2005

يأتي إشهار اتحاد الصحافة الخليجية مؤخراً بمثابة خطوة إيجابية نأمل أن تسهم في الارتقاء بالعمل الصحفي الخليجي وتطويره وتعزيز حرية الكلمة التي تستهدف البناء والتنمية. ويعد قيام الاتحاد نقلة متميزة في مسيرة العمل الإعلامي الخليجــــي المشـــترك بمـــا يســـهم في تطوير الكوادر الوطنية، واستـــــفادة دول مجلـــس التعاون الخليجي من تجارب بعضها بعضاً، ليس في العمل الصحفي فقط، وإنما الإعلامي بمفهومه الشامل وتوجيه الرأي العام ومواكبة المتغيرات المتسارعة في العالم. فليس معقولاً أن يكون المواطن الخليجي نهباً للإعلام الأجنبي، وغارقاً في مشكلاته المهنية والوظيفية دونما حلول!

إن هناك ضرورات إعلامية وطنية تستوجب من هذا الاتحاد الفتي وضع الخطط وآليات العمل اللازمة لتدريب كوادر جديدة مؤهلة واقتراح الحلول للمشكلات التي تعترض مسيرة الصحافة سواء المتعلقة بقوانين المطبوعات والنشر والجوانب القانونية المتصلة بالعمل الصحفي أو تلك المتعلقة بصلب الصحافة كمهنة وصناعة.

إن الصحافة الخليجية تتمتع بخصوصية متشابهة وهي الخصوصية التي دفعت لإنشاء مجلس التعاون الخليجي، ويفترض أن تدفع الاتحاد الناشئ إلى وضع خطط ورؤى تصلح لجميع شعوب المنطقة، وينتظر من الاتحاد أن يعمل بمصداقية عالية باعتباره اتحاداً مستقلاً استقلالية تامة وغير تابع لأي حكومة خليجية دون أن يعني ذلك افتعال التصادم معها، ولذلك فإن القرارات والخطط التي ستصدر عنه ينبغي أن تتمتع بالشفافية والموضوعية والشمولية.

إن هذا الاتحاد الذي تشرّفت بالمشاركة في الاجتماع التأسيسي لإشهاره في المنامة، يمكن أن يساعد على تكوين منظومة إقليمية صحفية متقاربة، إن لم تكن واحدة، تهتم بالجوانب المعلوماتية والتقنية في العمل الصحفي، حيث لم تعد الصحيفة المصدر الأساسي الوحيد للأخبار في عصر الفضائيات والصحافة الالكترونية، ولذلك فإن الدور المطلوب من الصحف اليوم يفترض أن يتطور بما يواكب إيقاع العصر المتسارع، وأن تستفيد الصحف من مساحة الوقت الممنوحة لها بين لحظة وقوع الخبر وصدور الصحيفة في التركيز على تقديم تحليلات صحفية سياسية واجتماعية واقتصادية شفافة وعميقة، بحيث تنتقل الصحف من كونها مصدراً للخبر إلى الجانب التحليلي الذي يكاد يكون مفقوداً أو شحيحاً في العديد من صحف المنطقة.

وتقع على عاتق الاتحاد مسؤولية توثيق العلاقة التي تكاد تكون مفقودة بين كثير من الصحف الخليجية والصحفيين الخليجيين، بمعنى الانتقال من علاقات الصحفي بصحف بلاده المحلية إلى صحف دول المجلس. ويعتبر إيجاد آليات للتواصل بين الصحف الخطوة الأولى باتجاه تحقيق هذه الأهداف.

إن هذا الشكل التنظيمي الأهلي الجديد سيعزز أيضاً التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بشؤون الصحافة، مع ضرورة أن يتفاعل الاتحاد مع قضايا الإنسان الخليجي الذي يتوق إلى الإصلاح والتحديث والحرية.

إن إشهار اتحاد الصحافة الخليجية يساعد على تكوين منظومة إقليمية صحفية متقاربة إن لم تكن واحدة وإنني لأرى في تأسيس الاتحاد، كمنظمة أهلية، خطوة جوهرية لتعميق التقارب الخليجي بروح وحدة المنطقة، فلا يمكن لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أن يحقق أهدافه إذا لم تبادر شعوب المنطقة عبر أطياف المجتمع المدني إلى دمج عناصر الوحدة فيما بينها، لأن السياسة وحدها لا تقود إلى هذا الهدف، بل يفترض أن تكون الوحدة السياسية تتويجاً للوحدة المجتمعية والمهنية والاقتصادية.

كما أرجو أن تتصدر قضايا الحريات قائمة الأولويات التي ينبغي للاتحاد أن يسعى للاهتمام بها، فمن المهم أن يعمل الاتحاد على دفع دول المنطقة إلى احترام استقلالية الصحف واحترام كونها عنصراً رقابياً للدولة، وليس عدواً لها، وعنصر توعية اجتماعية وسياسية يهدف إلى تعزيز الاستقرار والسلم الاجتماعيين.

وإذ ينظر الصحفيون الخليجيون بتقدير إلى إنشاء اتحادهم، فإنهم يتطلعون إلى أن يكون الاتحاد قلعة منيعة للدفاع عن حقوقهم المهنية، ومركزاً لإعداد البحوث والدراسات الكفيلة بتطوير العمل الصحفي في المنطقة، وداعماً للاتحادات المحلية (إن وجدت) وللصحفيين كأفراد في مواجهة أية ضغوط تحدُّ من حريتهم، ودافعاً لممثلي المهن الأخرى في دول المجلس إلى تشكيل اتحاداتهم.

وما يبعث على الإعجاب أن يأتي إنشاء الاتحاد بروح وحدوية خليجية منذ البداية، لأن المتعارف عليه في التجمعات الإقليمية أن تتشكل الاتحادات المهنية الإقليمية من الجمعيات الوطنية لدول التجمع، وليكن في هذه الخطوة نبراساً لنا في ميادين أخرى.

 

مقالات لنفس الكاتب