; logged out
الرئيسية / دور الفضائيات العربية

دور الفضائيات العربية

السبت، 01 تشرين1/أكتوير 2005

لقد أصبحت معظم الفضائيات العربية ضيفاً ثقيلاً، فهي تدخل بيوتنا من دون استئذان، وتصر على أن تجتر نفسها عنفاً وخلاعة ومللاً وانسلاخاً من قضايا الوطن والمواطن.
ولم يعد خافياً على أحد الدور الذي تلعبه المحطات الفضائية في رسم السياسات المحلية والدولية، وتشكيل مسارات الفكر، وتحديد معالم المناخ السياسي في المجتمعات المختلفة.
يعيش عالمنا العربي ازدحاماً في سماء الفضائيات العربية، حيث تبث أكثر من مائتي محطة تلفزيونية عربية تغرقنا بوابل من النشرات الإخبارية والتحليلات السياسية والبرامج التعليمية والدينية والطائفية والعرقية والتجارية والرياضية والترفيهية ومنوعات للأطفال وغيرها. ومن المؤسف حقاً أن هذه المحطات، وبسبب ما يعانيه معظمها من إفلاس فكري وقصور على مستوى الإبداع، لم تأتِ بجديد بقدر ما تكرر ما تبثه القنوات الأخرى، وأصبح بعضنا يتابع بعض البرامج الوثائقية والمسلسلات، بما في ذلك حروب القرن، أكثر من مرة في محطات عديدة، زيادةً للمتعة!
وإضافة إلى اضطلاع هذه المحطات بمهام نشر المعلومات وتوصيل الرسائل للطرف الآخر ودورها الثقافي والترفيهي، فإنها تبث في بعض الأحيان فقرات وبرامج  تؤثر سلباً في أسرتنا العربية وقيمها الأخلاقية، فلا تسلم منها أمٌ أو طفلٌ أو شابٌ لما تحتويه برامجها من عنف في الصور المتحركة بالنسبة للأطفال، ومن مشاهد الخلاعة التي تُفسد سلوكيات الشباب.

وبغض النظر عن الإيجابيات والسلبيات لهذه القنوات الفضائية، فإن لها أدواراً مهمة على الصعيدين السياسي والاجتماعي، وهي تتحمل مسؤولية أخلاقية جسيمة. فعلى هذه المحطات أن تلتزم الحياد بين مختلف التيارات الفكرية، وأن تفسح المجال لطرح وجهة نظر الأطراف الأخرى، لا أن تكون بوقاً لصالح طرف على حساب طرف آخر، كما يحدث في المعارك الانتخابية في العديد من الدول العربية.
ليس من قبيل المبالغة القول إن القنوات الفضائية يجب أن تساهم في صياغة سياسات المستقبل، وأن تتحمل أمانتها ومسؤولياتها الأخلاقية، وتلتزم الأمانة والصدق والموضوعية والتوازن في الطرح، وأن تضع نصب أعينها الارتقاء بفهم المشاهد وذوقه، لا أن تكون أسيرة المعلن التجاري. فالمحطات الفضائية التي تعتمد في تمويلها على الشعب (الجمهور) تحظى باحترام كبير، كما هي حال الفضائية اليابانية (NHK) والمحطة الفضائية البريطانية (BBC World). فبالرغم مما يمكن أن يُوجَّـه لهذه المحطات من انتقادات، فإنها تظل محطات الشعوب، لأنها تعتمد في تمويلها على المشتركين وليس المعلنين.
إن محطات التلفزيون مُطالـَـبـة اليوم أكثر من أي وقت مضى ووسط هذه الفوضى العارمة بأن توفر الشروط اللازمة لنيل المصداقية في أوساط المواطنين والمتابعين. ويبدو أن من بين الأولويات المحتمة في هذا الإطار عدم التركيز المفرط على الجوانب الرسمية من نشاطات الأمة، والسعي بدلاً من ذلك إلى ملامسة مشاغل وهموم المواطنين وعرض قضاياهم العامة والخاصة.
فمثلاً مشكلات المياه الصالحة للشرب والإنارة في القرى والبلدات الريفية وحتى في بعض ضواحي المدن العربية الكبرى هي قضايا حَريٌ بأن تجد لها مساحة مناسبة ضمن التغطيات الإعلامية على مختلف المحطات العربية.
إن مشوار التنمية في كثير من البلدان العربية لا يزال طويلاً، وعلى الإعلام أن يرقى إلى مستوى التحديات. كما أن مشكلات الشباب العاطلين عن العمل والخريجين لن تجد معالجتها الإعلامية المناسبة من خلال اختصار هموم الشباب في بعض الفقرات الترفيهية على هذه المحطة أو تلك.
ولا شك في أن دور المحطات الفضائية العربية في نشر ثقافة عربية في مجال حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، على سبيل المثال لا الحصر، مطلوب بإلحاح لجعل المواطن أكثر قدرة على المشاركة العملية في عمليات الإصلاح السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
خلاصة القول إنه يجب أن تتبوأ قضايا الشعب وهموم المواطن والعمل على تثقيفه والارتقاء بمستوى إدراكه ووعيه سلم أولويات هذه المحطات، وأن تحرص على كل ما يخدم صالح البلاد والعباد..أم أن هناك ما هو أهم؟

مقالات لنفس الكاتب