array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

دول مجلس التعاون وأوروبا وأزمات الشرق الأوسط

الأحد، 01 تموز/يوليو 2007

خلال المنتدى الأوروبي ـ الخليجي الذي عُقد في الرياض برعاية كريمة من وزارة الخارجية السعودية والإدارة المتميزة للمعهد الدبلوماسي التابع للوزارة، تحت عنوان (أوروبا والخليج: خطوة إلى الأمام) في الفترة ما بين السادس والعشرين والثامن والعشرين من مايو 2007، تقدمت بمداخلة حرصت من خلالها على تسليط الضوء على مساهمات دول مجلس التعاون الخليجي في تسوية الأزمات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، ولا سيما أن هناك نوعاً من التداخل والترابط بين قضايا المنطقة. فإذا كانت القضية الفلسطينية تمثل قضية مركزية، فإنها وثيقة الارتباط بالأزمة اللبنانية، وخاصة في ظل الوجود الفلسطيني المكثف على الساحة اللبنانية. كما أن هذه القضية وثيقة الارتباط بصورة ما بالمسألة العراقية؛ فالعراق تحوّل إلى ساحة لتصفية الحسابات بين قوى إقليمية ودولية، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية المتورطة في العراق، والتي تبحث عن دعم عربي لها للخروج من ورطتها هناك تقدم الدعم المطلق لإسرائيل التي تشن حرباً مدمرة ضد الفلسطينيين. ثم إن أزمة الملف النووي الإيراني لا تنفصل عن بقية أزمات المنطقة. فإيران فاعل رئيسي في العراق، وهي حاضرة على ساحة الصراع العربي ـ الإسرائيلي عبر دعم حركة حماس وحزب الله، ناهيك عن خطابها المتشدد تجاه إسرائيل.إن استمرار الأزمات في المنطقة وتحولها إلى صراعات اجتماعية ممتدة يمثلان مصدراً رئيسياً لتغذية ظواهر التطرف والعنف والإرهاب فيها. ولعل تواضع نتائج الحرب على الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية يمثل خير دليل على خطورة هذه الظاهرة التي باتت تمثل عاملاً جوهرياً لتهديد الأمن والاستقرار، ليس على صعيد منطقة الشرق الأوسط وحسب، بل على الصعيد العالمي.كما أن استمرار الأزمات في منطقة الشرق الأوسط يقلص من فرص بناء بيئة أمنية مستقرة في منطقة الخليج، وخاصة في حال تفكك الدولة العراقية أو اندلاع مواجهة مسلحة بسبب الملف النووي الإيراني. وفي هذا الإطار، سيصبح أمن الطاقة أكثر تهديداً وانكشافاً، بكل ما يترتب على ذلك من انعكاسات وتداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي.ويؤكد فشل السياسة الأمريكية وتخبطها في المنطقة أهمية معالجة مشكلات المنطقة في سياق إقليمي / دولي متعدد الأطراف، يأخذ في الحسبان مصالح مختلف الأطراف، ويؤمّن مشاركة دولية فعالة لمعالجة المشكلات وحلّها بصورة جذرية، وليس مجرد تسكينها أو تهدئتها.وفي ضوء ما سبق، تحرص دول مجلس التعاون الخليجي على تسوية الأزمة اللبنانية الحالية على نحو يحول دون اندلاع حرب أهلية جديدة قد تفضي إلى تفكك الدولة اللبنانية. لذلك، فإن هناك اتفاقاً وسياسة مشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي تجاه الأوضاع في لبنان، ويتأسس هذا الإجماع على دعم الحكومة الشرعية في لبنان ورفض أي تدخلات خارجية في شؤون لبنان الداخلية أو كل ما من شأنه أن يهدد سيادة لبنان، سواء من قبل أي أطراف إقليمية أو دولية، بالإضافة إلى تأييد القرارات الدولية بشأن لبنان.لقد مثلت الحرب على لبنان التي اندلعت في صيف عام 2006 حداً فاصلاً للدبلوماسية الخليجية. وبغض النظر عن التفسيرات والتأويلات التي طُرحت لمواقف بعض الدول الخليجية تجاه العدوان الإسرائيلي على لبنان، فمن المؤكد أن كل دول مجلس التعاون الخليجي بذلت ما تستطيع من جهود من أجل وقف الحرب، كما أيدت جهود الأمم المتحدة لمراقبة الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، كما قدمت دول الخليج مساعدات فورية إلى لبنان خلال الحرب وفي أعقابها، تمثلت بمساعدات في مجال إزالة الألغام قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة. كما أعلنت المملكة العربية السعودية في يوليو 2006 تقديم مليار دولار مساعدة لمصرف لبنان المركزي لدعم العملة اللبنانية، بالإضافة إلى 500 مليون دولار مساعدة في جهود الإعمار، و50 مليون دولار إعانة فورية. وساهمت دولة قطر بقوات تُقدر بنحو 203 جنود للمشاركة في قوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان (اليونيفيل)، وذلك طبقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي دعا إلى تعزيز قوات (اليونيفيل) لكي تتمكن من مراقبة وقف الأعمال العدائية.لقد واصلت دول الخليج تقديم دعمها المالي للبنان، وليس هناك حالياً أي استثمارات خارجية في لبنان بخلاف استثمارات دول الخليج. كما قدمت هذه الدول تعهدات مالية كبيرة خلال مؤتمر باريس الثالث الذي عُقد في الخامس والعشرين من يناير 2007، فبينما تعهدت المملكة العربية السعودية بتقديم 1.1 مليار دولار تتضمن 100 مليون دولار كدعم للميزانية ومليار دولار لتمويل مشروعات تنموية وجهود الإعمار، قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة قرضاً ميسراً للحكومة اللبنانية بقيمة 300 مليون دولار عن طريق صندوق أبوظبـي للتنمية. كما ساهمت سلطنة عُمان بمبلغ 10 ملايين دولار لدعم ميزانية لبنان، وأيدت كل دول مجلس التعاون الخليجي قرار الأمم المتحدة بشأن اغتيال الحريري وإجراء التحقيق اللازم، مع محاكمة المتورطين في الجريمة.وتتطلع دول مجلس التعاون الخليجي إلى أن تسير التحضيرات للانتخابات الرئاسية في لبنان قدماً بحسب ما هو مقرر لها في نوفمبر 2007، كما أنها تدعم الحكومة اللبنانية في القتال الجاري بين القوات المسلحة اللبنانية وجماعة فتح الإسلام. وكان هناك إجماع خليجي على دعم قرار مجلس الأمن الدولي الذي يطالب سوريا بالخروج من لبنان (قرار مجلس الأمن رقم 1559).بالإضافة إلى ما سبق، وفي إطار التزاماتها العربية، فإن دول مجلس التعاون الخليجي تركز على تعزيز التضامن العربي بصفة عامة، والعمل من أجل تجنيب سوريا المزيد من الضغوط الخارجية على خلفية سياساتها الإقليمية والدولية، وقد تجلى ذلك بوضوح خلال القمة العربية التي عُقدت في الرياض خلال شهر مارس 2007. ومن المهم ألا تقدم سوريا الذرائع لقوى دولية قد تبدو متربصة أو باحثة عن كبش فداء. وفي هذا السياق، ربما يتطلب الأمر مبادرة سورية باتخاذ خطوات جدية على طريق الإصلاح الداخلي ومراجعة بعض التوجهات والسياسات الإقليمية والدولية.
وتبدي دول مجلس التعاون الخليجي دعمها لجهود لجنة الأمم المتحدة لإيجاد حل للوضع في مزارع شبعا، وتؤكد ضرورة أن تتوصل اللجنة المذكورة إلى حل يحسم قضية تبعية هذه المزارع؛ ولا سيما أن حل قضية مزارع شبعا سوف يعزز من تحقيق هدف استعادة الدولة اللبنانية لدورها على كل الصعد ووضع حد لظاهرة وجود السلاح خارج إطار الجيش اللبناني.وعلى غرار الحالة اللبنانية، فإن لدى دول مجلس التعاون الخليجي سياسة مشتركة تجاه القضية الفلسطينية، وهي تسعى إلى تحقيق الأهداف نفسها. وتُعَد المبادرة السعودية التي تم طرحها والاتفاق حولها أول مرة في مؤتمر القمة العربي في بيروت في عام 2002 خطوة مهمة وتحولاً كبيراً من حيث الدعم الواضح للحل القائم على إنشاء دولتين، ومن ثم تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ولقد تم تحويل المبادرة السعودية الآن إلى مبادرة عربية تمثل أقصى ما يمكن أن يقدمه الجانب العربي.إن القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين فقط، بل هي قضية عربية وإسلامية. وعلى سبيل المثال، فإن القدس قضية العالمين العربي والإسلامي، وكذلك الأمر بالنسبة لوضع اللاجئين، حيث إن معظم الدول العربية تستضيف لاجئين فلسطينيين يعيشون على أراضيها. وتساهم دول المجلس بجهود متعددة على مستويات مختلفة مع الطرف الفلسطيني، ويتجلى ذلك من خلال اتفاقية مكة التي تمت برعاية سعودية بين حركتـي (حماس) و(فتح)، والتي أدت إلى الاتفاق على تأليف حكومة الوحدة الوطنية، كما تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة دعمها المنتظم لحكومة (أبو مازن).ولا تزال معظم المبادرات الرامية للتوصل إلى حل للقضية الفلسطينية تكمن في أيدي دول الخليج أو بالأحرى تستطيع القيام بدور مهم فيهذا الخصوص. وفي ظل غياب أو تراجع الدور القيادي لأطراف عربية أخرى، تضطلع دول الخليج بمسؤولية القيادة السياسية الفاعلة، مستعينة على ذلك بعناصر توفر الاستقرار السياسي الذي تتمتع به هذه الدول، وعلاقاتها الخاصة مع الولايات المتحدة، فضلاً عن السياسة الموحدة التي تتبناها تجاه القضية الفلسطينية.وعلى الرغم من اتفاق الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي على الأهداف التي لا بد من تحقيقها لتسوية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي؛ باعتبار أن حل الدولتين لا خلاف عليه من حيث المبدأ، لكن المشكلة تكمن في غياب أي ضغوط أمريكية حقيقية على إسرائيل، بل تقديم الدعم المطلق لها، وهو ما يساعدها على الاستمرار في عدوانها على الشعب الفلسطيني. وهناك شعور مشترك بأن دولة مثل إيران تحاول الآن اختطاف القضية الفلسطينية وتجييرها لمصلحتها عقب فشل الإسرائيليين في لبنان والفشل الأمريكي في العراق. ويعود التركيز الآن لجعل القضية الفلسطينية قضية عربية وعدم السماح للآخرين بإثارة المزيد من عدم الاستقرار في المنطقة عن طريق السعي إلى تحقيق مصالحهم الخاصة من خلالها. وترى دول الخليج أن الاقتتال الفلسطيني ـ الفلسطيني يلحق أكبر الضرر بالقضية الفلسطينية، وبصدقية الفصائل الفلسطينية التي تسعى من أجل إقامة دولة فلسطينية. ولذلك، فإنه لا بد من وقف أي اقتتال والحيلولة دون تجدده مرة أخرى.وفي ما يتعلق بالمسألة العراقية، فقد أصبح العراق نموذجاً للفوضى والانفلات الأمني والعنف الطائفي وانعدام الخدمات والتهجير القسري، حيث تواجه الولايات المتحدة الأمريكية مأزقاً كبيراً في العراق. وقد تحولت المسألة العراقية إلى مشكلة داخلية في السياسة الأمريكية، كما أن قيام عدة دول بسحب قواتها من العراق سيعقّد من موقف واشنطن. ولا شك في أن استمرار الأوضاع الراهنة سوف يفضي إلى تفكك الدولة العراقية لتصبح ساحة لتصدير التطرف والعنف والإرهاب.لقد سبق للمملكة العربية السعودية أن انتقدت علانية السياسة الأمريكية في العراق، حيث هيأت هذه السياسة الظروف التي سمحت لإيران بأن تقبض بمفاصل الدولة العراقية. كما سعت المملكة إلى تعزيز المصالحة بين القوى العراقية الرئيسية. وتقدمت دول الخليج في أكثر من مناسبة بتصورها بشأن حل المسألة العراقية، وخاصة في ما يتعلق بالحفاظ على وحدة العراق وسلامة أراضيه ومشاركة جميع العراقيين في العملية السياسية على قاعدة الوحدة الوطنية، وتحقيق استفادة مختلف العراقيين من الثروة النفطية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق، بحيث يقود كل ذلك في نهاية المطاف إلى خروج القوات الأجنبية من العراق خلال فترة زمنية معقولة، لكن السياسة الأمريكية في العراق حالت دون ذلك، وأدت إلى المزيد من تفاقم الأوضاع.أما بالنسبة لموضوع التعاون الخليجي ـ الأوروبي فقد بدا واضحاً من خلال المداولات التي شهدها المنتدى أن السياستين الأوروبية والخليجية تعملان من أجل تحقيق الأهداف نفسها، حتى لو بدت المقاربة والتفاصيل مختلفة في ظاهرها. ويبدو أن هناك حاجة إلى قدر أكبر من الإجماع بين الجانبين. لقد أصبح من المهم تسريع وتيرة تعزيز العلاقات الخليجية ـ الأوروبية على الصعد الاقتصادية والأمنية والسياسية. حيث إن من مصلحة الدول الأوروبية ودول الخليج المشاركة بفاعلية في حل قضايا المنطقة، لأن عدم الحل أو انفراد واشنطن بالحل على طريقتها سوف يولّد المزيد من المشكلات والتحديات التي ستنعكس سلباً على دول الخليج والاتحاد الأوروبي على حد سواء.

مجلة آراء حول الخليج