array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

محددات اندماج اليمن في مجلس التعاون لدول الخليج العربية

الجمعة، 01 كانون1/ديسمبر 2006

جاء المؤتمر الدولي للمانحين الذي عقد في لندن بمشاركة دول مجلس التعاون الست وعدد من الدول الأوروبية، إضافة إلى اليمن ليتوج الجهود السياسية والاقتصادية والعسكرية خلال الأسابيع القليلة باتجاه اندماج اليمن في مجلس التعاون لدول الخليج العربية. فعلى النطاق السياسي قام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بزيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية، كما عقد اتصالات مع قادة دول المجلس الأخرى أثمرت عن دعم مادي بلغ ملياري دولار تعهدت به دول مجلس التعاون في مؤتمر المانحين، في حين خطا التقارب الاقتصادي خطوات جيدة، ولعل أبرز مؤشراته الاتفاق اليمني الخليجي لتوحيد المواصفات القياسية والفنية للمنتجات والسلع المتبادلة والآلية الموحدة للسلامة المهنية. كما جاء مؤتمر المانحين ليتوج الجهود الدبلوماسية التي سعت إلى تحقيق المزيد من التقدم لانضمام اليمن إلى دول مجلس التعاون. وفي المجال العسكري دعت سلطنة عمان اليمن إلى المشاركة، للمرة الأولى، في مناورة (درع الجزيرة) التي ستقام في السلطنة نهاية العام الحالي.
ولم يكن مركز الخليج للأبحاث بعيداً عن هذه التحركات، حيث أقام ندوة بالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، ناقشت موضوع اندماج اليمـن في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث هدفت الندوة إلى طرح ومناقشة مختـلــف القضايا والتطورات ذات الصلة بواقع ومستقبل العلاقات بين اليمن ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مع التركيز على القضايا والأبعاد الاستراتيجية والأمنية والسياسية والاقتصادية لانضمام اليمن إلى المجلس، فضلاً عن مناقشة أهمية التطوير التنموي لليمن من حيث مجالاتــه وآلياتــه ومتطلباتــه وما يمكن أن يترتب عليه من مكاسب ومصالح مشتركة لكل من اليمن ودول المجلس، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الأمني. كما سعت الندوة إلى استشراف الآفاق المستقبلية لمسارات واتجاهات العلاقة بين اليمن ودول المجلس، وبلورة بعض المقترحات العملية التي من شأنها تطوير وتعزيز الشراكة بين الجانبين، بما يسهم في بلورة المعطيات وتهيئة الظروف الملائمة لانضمام اليمن إلى المجلس خلال فترة زمنية مناسبة.
إن مركز الخليج للأبحاث يؤمن بأن أي نقاش لموضوع انضمام اليمن ينبغي أن يأخذ في الحسبان مجموعة من المنطلقات المهمة:
أول هذه المنطلقات، أن اليمن بالمعنى الجيواستراتيجي هو جزء من منطقة الخليج والجزيرة العربية، لذا فإن قضايا الأمن والاستقرار والتنمية في اليمن هي قضايا تهم جميع دول المنطقة، لأن حدوث أي مشكلات أو أزمات داخلية ـ لا سمح الله ـ في اليمن سوف تكون لها تأثيراتها وانعكاساتها السلبية بالنسبة لبقية دول المنطقة.
أما المنطلق الثاني، فجوهره أن تصفية الخلافات الحدودية بين اليمن وبعض دول المجلس المجاورة له تمـثـل أرضية مهمة لتعزيز علاقات التعاون بين الجانبين بما يمهــد السبيل لانضمام اليمن إلى المجلس في مرحلة تالية.
ويتمثل المنطلق الثالث بتطوير قدرة الدولة اليمنية على مواجهة المشكلات الداخلية. فمع كل التقدير للإنجازات التي قامت بها السلطات اليمنية على الصعيد الداخلي، والجهود الكبيرة التي تقوم بها من أجل تحقيق التنمية، إلا أن اليمن لا يزال يواجه مجموعة من المشكلات والتحديات الداخلية التي تحتاج إلى حلول جذرية وشاملة، لأن استمرارها سوف يلقي بتأثيراتــه السلبية ليس على الأوضاع والتوازنات الداخلية في اليمن فحسب، بل على علاقاته الإقليمية والدولية أيضاً.
ومن بين المشكلات التي يعانيها اليمن، والتي ترصدها باستفاضة تقارير ودراسات يمنية وعربية ودولية، يمكن أن نشير بإيجاز إلى ارتفاع معدلات البطالة والأمية والفقر، واستشراء الفساد المالي والإداري، وانتشار السلاح على نطاق واسع بين المواطنين، واللجوء المتكرر من قبل بعض القوى القبلية إلى تحدي هيبة الدولة وسيادة القانون.
وبناء عليه، فإنه إذا كان يتعين على دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من الدول والمؤسسات المانحة في العالم بلورة وتبني برامج فعالة لمساعدة اليمن على تجاوز أوضاعه الراهنة، فإنه من المهم أن تواصل الحكومة اليمنية جهودها من أجل تحديث المؤسسات، وتطوير السياسات، وبناء القدرات، والتصدي للبيروقراطية والفساد، لأن ذلك هو أحد الشروط الرئيسية لتفعيل الاستفادة من المساعدات الخارجية.
أما المنطلق الرابع، فيتمحور حول ضرورة مراجعة وتقييم تجربة انضمام اليمن إلى بعض أجهزة المجلس، بالنظر إلى أن ذلك قد يقدم بعض المؤشرات المهمـة بشأن متطلبات تهيئة اليمن للانضمام إلى المجلس كعضو كامل العضوية.
ويتمثل المنطلق الخامس الذي يتعين أخذه في الحسبان بضرورة تفهم وتقييم تجربة المجلس بعد أكثر من ربع قرن على تأسيســه. فعلى الرغم من بعض الإنجازات المهمة التي حققها المجلس، فإنها لا تزال دون مستوى الطموح. وهناك كثير من الأفكار والرؤى المطروحة من أجل تفعيل دور المجلس، وبخاصة في مجالات الأمن والاقتصاد والسياسة الخارجية. لذا، فإن الحديث عن متطلبات وإمكانيات انضمام اليمن إلى المجلس يتعين النظر إليه في ضوء تقييم تجربة المجلس برمتها.
إن منطقة الخليج تعاني من التوتر وعدم الاستقرار منذ عقود، وهو ما يتمثل بالحروب الثلاث التي شهدتها المنطقة، والتي لا تزال توابعها وتداعياتها تتواصل حتى الآن، وأعمال العنف والإرهاب التي شهدتها ـ وتشهدها ـ بعض الدول، فضلاً عن أنشطة الجريمة المنظمة التي أصبحت عابرة لحدود الدول.
ومن هذا المنطلق، فإن العلاقات بين اليمن ودول المجلس لها جوانبها الاستراتيجية والأمنية المهمة، فهناك حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تعزيز التعاون والتنسيق بين الجانبين من أجل مواجهة خطر الإرهاب، وخصوصاً الخلايا النائمة لتنظيم القاعدة، والتصدي لعمليات وأنشطة تهريب الأسلحة والمتفجرات والمخدرات، التي تغذي بدورها الأنشطة الإرهابية.وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلى أمور محددة نوجزها في بعض التساؤلات، التي تتناول موضوع الأمن لأنه يمثل الركيزة الأساسية للتنمية والاستقرار والديمقراطية. ومن هذه التساؤلات كيف يمكن تعزيز قدرة الأجهزة اليمنية المختصة على مواجهة التهديدات الأمنية الداخلية؟ وما هي متطلبات وآليات تعزيز التعاون والتنسيق بين اليمن ودول المجلس في المجالات الأمنية، وخاصة في ما يتعلق بالتصدي للأنشطة الإرهابية وعمليات التسلل والتهريب عبر الحدود؟ وإلى أي مدى تتوافق القوانين والتشريعات اليمنية بشأن مكافحة الجريمة والتصدي لخطر الإرهاب مع القوانين والاتفاقيات المعمول بها على مستوى مجلس التعاون الخليجي؟
وإذا كان الأمن يمثل ركيزة أساسية لواقع ومستقبل العلاقات بين اليمن ودول المجلس، فإن الاقتصاد لا يقل أهمية عن ذلك. ومع التسليم بوجود مستويات اقتصادية متفاوتة بين اليمن ودول المجلس، إلا أن التحدي الحقيقي الذي يواجه الطرفين هو كيف يمكن معالجة المشكلات الاقتصادية في اليمن وتحقيق نوع من التنمية المستدامة على نحو يجعل اليمن ينخرط في منظومة دول المجلس بشكل تدريجي وطبيعي حتى يصبح عضواً كامل العضوية؟
ولا تقتصر العلاقات الاقتصادية على مجرد تقديرات رقمية أو مساعدات مالية تقدمها دول المجلس أو غيرها لليمن، ولكن الأهم من ذلك هو تبني الخطط والبرامج والسياسات التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة في اليمن، بحيث توجــه المساعدات الخارجية لتمويلها.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها المؤسسات اليمنية بهذا الخصوص، فإنه لا تزال هناك حاجة ضرورية إلى بلورة مثل هذه الخطط والبرامج، خصوصاً أن تحقيق التنمية بمفهومها المجتمعي الشامل هو المدخل الأساسي لمواجهة ظواهر التطرف والعنف وتجفيف منابعها.
وفي هذا المقام، نشير إلى ضرورة التركيز على عدد من العناصر التي من شأنها تعزيز العلاقات الاقتصادية بين اليمن ودول المجلس:
1- مواصلة جهود تحسين وتطوير البيئة الاستثمارية في اليمن، بحيث تصبح بيئة جاذبة للاستثمارات العربية والأجنبية. ومع التسليم بأهمية تحديث القوانين والتشريعات وتبسيط الإجراءات ذات الصلة بالاستثمار، إلا أن ذلك ليس كافياً، فثمة عناصر أخرى ضرورية لتشجيع الاستثمار المحلي وجذب الاستثمار الأجنبي، منها توفير الأمن والاستقرار، وتحقيق سيادة القانون استناداً إلى نظام قضائي عصري، وتخفيف القيود المفروضة على المستثمرين.
2- تأهيل قوة العمل اليمنية بما يجعلها أكثر قدرة على تلبية الاحتياجات المتطورة لأسواق العمل الخليجية، وهذا أحد المجالات المهمة لعلاقات التعاون بين اليمن ودول المجلس. لذا، فإن من المهم تطوير وتفعيل سياسات التعليم والتدريب والتأهيل. ويمكن لليمن أن يستفيد من خبرات بعض دول المجلس في هذه المجالات.
3- تقدير الاحتياجات التمويلية لليمن استناداً إلى دراسات علمية وخطط وبرامج تنموية مدروسة تقوم على أولويات محددة وجداول زمنية للتنفيذ.
4- تطوير سـبــل وإمكانات استفادة اليمن من خبرات دول المجلس في مجالات الصناعات النفطية، بما يعزز من مكانة هذا القطاع في الاقتصاد اليمني.
5- البحث في سـبــل ومتطلبات وشروط تعزيز علاقات التعاون والشراكة بين القطاع الخاص اليمني من ناحية، والقطاع الخاص في دول المجلس من ناحية أخرى.
6- مراجعة ملف العلاقات التجارية بين اليمن ودول المجلس، حيث إن تعزيز التبادل التجاري يمكن أن يحقق فائدة مشتركة للجانبين.
إن هدف تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية بين اليمن ودول مجلس التعاون لا يتحقق إلا في إطار ترسيخ علاقات سياسية متميزة بين الجانبين. وعلى الرغم من اختلاف طبيعة النظام السياسي في اليمن عن النــظــم السياسية في دول المجلس، فإن ذلك لا يمثــل أي عائق أمام تطوير العلاقات على نحو يسمح بانضمام اليمن إلى مجلس التعاون في مرحلة لاحقة، وبصورة طبيعية وسلسة.
وفي هذا السياق، نؤكد حقيقة مهمة، مفادها أن تكريس التعاون الإقليمي بين مجموعة من الدول يرتكز على عدد من المبادئ المهمة، منها التزام كل دولة عضو باحترام سيادة الدول الأخرى وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتطوير آليات فعالة لمعالجة الخلافات والمنازعات، والإيمان بمبدأ تحقيق مكاسب مشتركة، وتقديم تنازلات متبادلة إذا اقتضت الضرورة ذلك. وفي ظل الالتزام بمثل هذه المبادئ، فإن اختلاف النظم السياسية لا يؤثــر في إمكانية تأسيس تعاون إقليمي فعال. كما أن تحقيق نوع من التماثل بين التشريعات والقوانين والإجراءات ذات الصلة بمجالات العلاقات بين الدول الأعضاء يمثل ركيزة أساسية لتعزيز التعاون فيما بينها، وهو أمر له أهميته بالنسبة لمستقبل العلاقات بين اليمن ودول مجلس التعاون.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن مواصلة جهود الإصلاح السياسي، سواء في اليمن أو في دول المجلس، تــعـد من الأمور المهمة ذات الصلة بتعزيز العلاقات بين الجانبين. فالإصلاح السياسي هو الذي يوفــر الإطار المناسب لدفع وتشجيع جهود الإصلاح في المجالات الأخرى، الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية.

مجلة آراء حول الخليج