array(1) { [0]=> object(stdClass)#12958 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

عدم الاستقرار المزدوج للنفط

الخميس، 01 نيسان/أبريل 2010

مهما بدا ذلك متناقضاً، فالخليج والعالم اليوم يواجهان انعدام استقرار مزدوج للنفط يتمثل في عدم استقرار في العرض من ناحية وعدم استقرار في الطلب من ناحية أخرى. في السابق كانت دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية مطمئنة بالنسبة للطلب، مترافقاً مع قلقٍ بخصوص مدى قدرة المصدّرين على تلبية هذا الطلب؛ وكانت دول منظمة أوبك مطمئنة إلى توفر النفط، مترافقاً مع القلق بخصوص حجم الطلب اللازم لتبرير الاستثمار في زيادة قدرة الإنتاج. أمّا الآن، فجانبا القلق موجودان على كلا الطرفين. وفي الحقيقة، إذا استطاع كلا الجانبين أن يكونا واضحين أكثر بشأن وجهتي نظرهما، فإن من الممكن ترتيب صفقة بينهما، أو المحاولة على أقل تقدير. أمّا البديل عن ذلك فليس سوى القلق على كل الجوانب. وبشكل متناقضٍ -مرة أخرى- يمكننا أن نرى بوضوح أن استقرار الأسعار النسبي في الأشهر الأخيرة ناجم عن أن السوق يعاني اضطراباً ولا يعرف في أي اتجاه يجب أن يسير، وليس بسبب الوصول إلى توازن مستقر.

إن الطلب غير مؤمن بسبب عوامل رئيسية ثلاثة هي الغموض في الظروف الاقتصادية ومدى حيوية عملية التعافي الاقتصادي في الدول الصناعية؛ والغموض الذي يحيط بسياسات الدعم لموارد الطاقة غير النفطية المبرر بمخاوف من التغير المناخي؛ وأخيراً ازدياد النشاط الاقتصادي والطلب على الطاقة في دول نامية ضخمة، والتي يواجه نجاحها تحديات عديدة.

لقد تمكنت دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من اجتياز انتشار الأزمة المالية بين عامي (2007-2009) بنجاح، ولكن تكلفة ذلك تمثلت في عجز الحكومات الذي ازداد بشكل كبير جداً وعمليات بيع الأصول للحصول على السيولة، والحوار الآن مفتوح حول متى سيكون الوقت مناسباً لعكس قوة دفع محركات السياسة الاقتصادية؟ لكن ليس هناك من شك في ضرورة عكس الدفع. وذلك سيعني: زيادة الضرائب، احتواء المصاريف، زيادة معدلات الفائدة. ومن الواضح أن الأسواق متوترة بشأن هذا الوضع، مع تغير الضغط من الجنيه الإسترليني إلى الدولار الأمريكي إلى اليورو وبالعكس، بحسب العملة التي تُرى أنها الأضعف. وكيفما تم النظر إلى الوضع، فمن المرجح أن دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ستعود إلى النمو السريع.

لقد أدت المخاوف التي تتعلق بالتغير المناخي إلى القبول العالمي بسقف الـ 450 جزءاً في المليون لغازات الدفيئة في الجو. ولا يوجد إجماع حول كيفية الوصول إلى هذا الهدف، لكن تم تقديم عدد من السيناريوهات لبحث تأثيراته. وعلى كل حال، فقد تأثر الطلب على الوقود الأحفوري، وتحديداً النفط. الجميع يعرف أنه يجب عدم خلط مثل تلك السيناريوهات مع التوقعات، ومع ذلك فالتأثير الحقيقي كان أن مشكلة تأمين موارد النفط لم تعد ذات أهمية. والأمر المثير للاهتمام هو أن الدول المنتجة للنفط مجبرة على التفكير جدياً بتلك السيناريوهات، مع أن الشروط السياسية المسبقة لتطبيق تلك السياسات التي تتراءى للسيناريوهات المحافظة على البيئة ليست موجودة (وقد رأينا ذلك بشكل واضح في مؤتمر كوبنهاغن).

وأخيراً، فالنمو المستمر والسريع للهند والصين يدفع بالطلب العالمي على الطاقة إلى الازدياد. لكن هل سيستمر ذلك؟ وهل ستتمكن تلك الدول من إيجاد قطب نمو بديل ومستقل عن منظمة التعاون والتنمية البطيئة؟ إنه من الممكن وحتى لِما يُرجى، لكن التحديات والمشكلات المستعصية تهيمن على الوضع. فدول الخليج بدأت بإعادة توجيه صادرات النفط والغاز من الغرب إلى الشرق (وهذه ظاهرة ستزداد حدة خلال الأشهر والأعوام المقبلة).

لكن هل من الممكن أن يكون ذلك كافياً لتوفير نواة مستقرة لتجارة الطاقة العالمية؟ وكما هي الحال في العرض، فإن الوضع الحالي يتسم بوفرة نسبية بسبب الزيادة الملحوظة للقدرة على الإنتاج وخاصة في المملكة العربية السعودية خلال العقد المنصرم. لكن ترتسم هناك أيضاً ثلاثة أمور مقلقة: الأول هو مستقبل العراق، الذي يمكن أن يشهد زيادة حادة في إنتاجه وصادراته إذا تم تطبيق كافة العقود التي تم إبرامها خلال عام 2009 كما تم التخطيط لها. والثاني هو معدل تدني إنتاج الحقول القديمة، وخاصة في الدول خارج منظمة أوبك. والثالث هو الظروف فالجغرافية والسياسية المعقدة والتهديد المستمر بأزمة دولية (إيران) ومحلية (نيجيريا، فنزويلا، والسودان...).

وينفرد الوضع العراقي بأهمية خاصة بطرق عديدة. فموارد العراق النفطية حافظت نسبياً على مخزونها منذ اكتشافها، أولاً بسبب طبيعة الاتفاقات ضمن الشركاء المالكين لشركة النفط العراقية لتنظيم الإنتاج ومتابعة مصالحهم في أماكن أخرى في العالم، وأيضاً بسبب المشكلات بين شركة النفط العراقية والحكومة، وأخيراً بعد أن تم تأميم الشركة بسبب مغامرات صدام العسكرية. ولا يمكن التشكيك في قدرة الموارد العراقية، ويتوقع أن تقود مجموعة الاتفاقات التي تم عقدها في عام 2009 إلى زيادة سريعة في الإنتاج إلى الحد الذي يتوقع الكثيرون أن يكون زائداً عن الحاجة، وأن يتسبب بتوتر خطير مع أعضاء منظمة أوبك الآخرين. وإضافة إلى ما سبق، تعتبر العقود المبرمة مع العراق مبتكرة نظراً لأنها عقود خدمة ولا تقدم إمكانية الوصول للثروة النفطية للشركات التي وقعتها. وبالفعل، قامت بعض شركات النفط الكبيرة ببساطة برفض التوقيع. واللافت للنظر أن بعض تلك الشركات وقّعت.

فبعض تلك الشروط كانت ستُرفض بالتأكيد في أي مكان آخر في العالم. وفي الواقع، ذهبت العديد من العقود إلى شركات نفط وطنية من دول مصدرة أو مستوردة من خارج دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، مما يبشر بإعادة تشكيل المشهد الدولي للصناعة النفطية مستقبلاً.

ومع ذلك، تظل العديد من المشكلات معلقةً. فالعراق لا يمتلك حتى الآن قانوناً جديداً لموارد النفط، ويعتقد البعض أن العقود المبرمة غير قانونية، وكذلك نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة ما زالت غير واضحة حتى تاريخ كتابة هذه الافتتاحية، وتبقى إمكانية قيام حكومة تحالف ضعيفة (عبر المفاوضات المطولة) عالية جداً.

ومن ناحية أخرى، يبدو أفق وجود طفرة نفطية هائلة دافعاً نحو التركيز على التعاون من قبل الجميع، لكنه قد يؤدي أيضاً إلى صراعات جديدة. كما أن الامتيازات الخاصة بالحكومة الإقليمية الكردية غير معترف بها في بغداد حتى الآن، ومشكلة الإدارة المستقبلية لوضع كركوك (النفطية) أشبه ما تكون بحقل ألغام.

وفي ظل تلك الظروف، يتوقع أن يتوخى المنتجون الأساسيون في مجلس التعاون الحذر في الاستثمار لزيادة قدرة الإنتاج، وسيحتل الاستهلاك المحلي صدارة قائمة أولوياتهم. لكن من الممكن لذلك أن يقود إلى عدم استقرار متزايد في الموارد، وأن يؤدي في نهاية المطاف إلى تهديد عملية النمو العالمي المتنوع الذي نحتاج إليه لانطلاقة اقتصاد عالمي أكثر توازناً ومرونةً.

مقالات لنفس الكاتب