; logged out
الرئيسية / شح في المياه وزيادة في الطلب..(حوار مع وزير البيئة والمياه الإماراتي)

شح في المياه وزيادة في الطلب..(حوار مع وزير البيئة والمياه الإماراتي)

السبت، 01 تموز/يوليو 2006

شح في المياه وزيادة في الطلب
وزير البيئة والمياه الإماراتي الدكتور محمد سعيد الكندي في حوار مع مجلة "آراء":
لجنة لمواجهة التحديات المائية لدول المنطقة
قبل أشهر قليلة تسنم معالي الدكتور محمد سعيد الكندي منصب وزير البيئة والمياه في دولة الإمارات، وعلى الرغم من مشغوليات معالي الوزير والمسؤوليات التي يقع عليه عاتق التصدي لها لكون الوزارة حديثة العهد ومختصة بقطاع حيوي جدا إلا أنه أجابنا بكل رحابة صدر عن الأسئلة التي طرحناها عليه. وإليكم نص الحوار:
أجرى الحوار: ميثم الأنباري
* ما أهم أولويات إدارة الموارد المائية في ظل إنشاء وزارة للبيئة والموارد المائية في الإمارات في المرحلة الحالية؟
- لا شك في أن الموارد المائية من القطاعات المهمة التي يجب الاهتمام بها وتحديد أولوياتها في المرحلتين الحالية والمقبلة، وذلك نظراً للدور الحيوي والرئيسي الذي تقوم به المياه في عملية التنمية، وقد أولت دولة الإمارات العربية المتحدة عنايتها بقضايا المياه وبكل ما يتعلق بها، خاصة أن الدولة – كما هي منطقة الخليج عموماً – تعاني من قلة بل ندرة في الأمطار.
ولذلك كان على وزارة البيئة والمياه أن تعمل على وضع عدد من الأولويات الخاصة بالموارد المائية والتي ستكون متسقة ومنسجمة مع السياسات البيئية التي تتبعها دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن هذه الأولويات :
وضع الاستراتيجيات والسياسات لتنمية الموارد المائية وترشيد استخداماتها، ووضع الخطط والبرامج اللازمة لتحسين إدارة موارد المياه، واقتراح مشاريع للقوانين والقرارات المتعلقة بها وتطوير الآليات التشريعية لتشجيع المحافظة على المياه، وكذلك التعرف إلى المتطلبات المائية للمحاصيل المختلفة، والاهتمام باستدامة تحلية المياه، وتنمية الكوادر الوطنية في مجالات المياه، إلى غير ذلك من موضوعات وأولويات سنوليها عنايتنا نظراً لأهمية مجال المياه. ومن الضروري التأكيد على أن تنفيذ هذه الأولويات سيتم بالتعاون والتنسيق مع الجهات والهيئات المعنية المحلية والاتحادية وذلك انطلاقاً من الاهتمام الذي يوليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة (حفظه الله) وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لقضايا البيئة والمياه.
* هل هناك خطة عمل لإدارة وحماية موارد المياه المختلفة، وما أهم ملامحها؟
- لابد لكل عمل ناجح من تخطيط جيد حتى يؤتي هذا العمل ثماره، والعمل البيئي تحديداً يحتاج أكثر من غيره لوضع خطط وبرامج عمل ليس فقط لقطاع الموارد المائية بل لكل القطاعات، ولهذا تم وضع خطة العمل البيئية ضمن الاستراتيجية الوطنية البيئية للدولة عام 2000.
وخلال العمل بالاستراتيجية تم وضع العديد من السياسات والخطط والمشاريع الرامية إلى المحافظة على الموارد المائية، واتجهت الاستراتيجية البيئية الوطنية لموارد المياه في الدولة نحو تحسين التخطيط وإدارة موارد المياه وذلك عن طريق تطوير وتطبيق سياسات استراتيجية لإدارة المياه تأخذ في الاعتبار الاستخدامات المختلفة للمياه وتتلخص هذه الاستراتيجية في الآتي:
- وضع سياسة مائية وطنية شاملة لإدارة المياه.
- تخطيط وإدارة موارد المياه
- تطوير التشريع والآلية الاقتصادية للمحافظة على المياه.
- تحسين إدارة المياه الجوفية.
- تحسين استخدامات المياه الجوفية
- التأكيد على أهمية بناء القدرات وتأهيل الكوادر الوطنية العاملة في قطاع المياه.
- تطوير إحصاءات إدارة المياه.
- التحلية المستدامة للمياه.
- تقييم موارد المياه التقليدية وغير التقليدية (الإضافية).
ومع التأكيد على أن وزارة البيئة والمياه ستعمل وفق خطط شمولية ومتكاملة مع بعضها البعض بحيث يتم التنسيق مع كل القطاعات البيئية، وستعمل الوزارة أيضاً على تقييم وتفعيل تلك الخطة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة سواء محلية أو اتحادية.
* ما أهم الإجراءات والسياسات لحماية الموارد البيئية ومنع تلوثها؟
- تنقسم الموارد المائية في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي المياه السطحية وتقتصر على بعض الينابيع والأفلاج والمياه الجوفية ومياه البحر التي تستخدم لتحلية المياه.
وقد تعرضت المياه العذبة وخاصة الجوفية إلى الكثير من الضغوط نتيجة للسحب المتزايد ومن هذه الآبار ما أدى إلى جفاف وتملح بعضها نظراً لقلة تغذية الخزان بالمياه الجوفية في دولة الإمارات لأسباب طبيعية.
ولقد أولت دولة الإمارات العربية المتحدة الكثير من العناية لموارد المياه خاصة العذبة منها، واحتلت هذه القضية قائمة أولويات العمل البيئي ( أجندة القرن الحادي والعشرين الوطنية البيئية ) التي حددتها الاستراتيجية الوطنية البيئية وخطة العمل البيئي للدولة وانتهت الهيئة الاتحادية للبيئة من إعدادها في عام 2000. وأكدت خطة العمل البيئي أن الحاجة إلى الإدارة السليمة للموارد المائية في الدولة مبنية على التمازج الأمثل بين المتطلبات المائية وتنمية المصادر، واقترحت الخطة جملة من المشاريع التي يتعين تنفيذها، ومن جهة أخرى اهتمت بعض القوانين البيئية التي صدرت في الدولة بقضايا المياه مثل القانون الاتحادي رقم ( 24 ) لسنة 1999 في شأن حماية البيئة وتنميتها، فقد أفرد القانون المذكور باباً كاملاً لحماية البيئة المائية بمختلف صورها.
وحدد هذا القانون أهداف حماية البيئة المائية ومنها حماية سواحل وشواطئ الدولة وموانئها من مخاطر التلوث بجميع صوره وأشكاله، وحماية البيئة البحرية ومواردها الطبيعية الحية وغير الحية وذلك بمنع التلوث أياً كان مصدره وخفضه والسيطرة عليه، وكذلك حماية مياه الشرب والمياه الجوفية والعمل على تنمية مصادر موارد المياه.
وركز القانون على حماية البيئة البحرية باعتبارها المورد المائي المهم ولأنها مصدر مياه التحلية التي تشكل الجزء الأكبر من كميات المياه العذبة في الإمارات، ومصدر الكثير من الثروات البحرية، كما أن القانون لم يغفل مصادر المياه الأخرى كمياه الشرب المحلاة والمياه الجوفية.
* هل هناك جهة تقوم بنظم الرصد والمراقبة البيئية للموارد المائية؟ وهل تتوافر لها الموارد المادية والبشرية للقيام بذلك؟
- إن مسؤولية الحفاظ على موارد المياه هي مسؤولية مشتركة بين السلطات الاتحادية والسلطات المحلية، وبالتالي فإن هناك العديد من الجهات التي تتولى عملية الرصد والمراقبة البيئية، فعلى المستوى الاتحادي هناك وزارة البيئة والمياه، وزارة الطاقة ( قطاع الكهرباء والماء) والهيئة الاتحادية للكهرباء والماء والهيئة الاتحادية للبيئة وغيرها، وعلى المستوى المحلي هناك السلطات البيئية المختصة في كل إمارة مثل هيئات البيئة المحلية والبلديات وهيئات الكهرباء والمياه وسلطات الموانئ البحرية والمناطق الحرة والشركات العاملة في مجال استكشاف وإنتاج النفط وغيرها، وتتوافر لدى معظم هذه الجهات الموارد المادية والبشرية للقيام بذلك الدور من خلال التنسيق والتعاون المستمر.
لذلك من الضروري أن يتوافر العمل الجماعي في المجال البيئي، فالبيئة وموارد المياه لا يقتصر الاهتمام بهما على جهة محددة أو أفراد معينين بل إنهما مسؤولية جماعية تهم المجتمع بأكمله، وهناك بلا شك تعاون وتنسيق فيما بين دول مجلس التعاون عن طريق الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
* هل هناك اتجاه لتسعير المياه طبقاً للقطاع وكمية الاستخدام من أجل التحفيز على التوفير في استخدام المياه خاصة أن معدلات الاستخدام في منطقة الخليج من أعلى المعدلات عالمياً؟

- من المؤكد أن دولة الإمارات بشكل عام ووزارة البيئة والمياه خاصة تسعيان بكل الطرق التوعوية والتربوية والإعلامية إلى ترشيد استهلاك المياه وعدم الهدر في استخدامها وذلك بالتعاون مع كل الجهات، أما في ما يخص التسعير فهذا يعود إلى الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء والهيئات الأخرى المحلية.

* هل التخصيص القطاعي (صناعة، زراعة، منزلي) لموارد المياه الحالي كاف في ظل استئثار الزراعة بنصيب الأسد مع ضعف مساهمتها في الناتج القومي الإجمالي؟
- التخصيص القطاعي يعتبر جزءاً مكملاً للحفاظ على الموارد المائية الجوفية، ولكن هناك إجراءات أخرى متبعة لتخفيض استهلاك المياه للأغراض الزراعية ومنها دعم المزارعين بأنظمة الري الحديثة وتشجيعهم على الزراعة المحمية واستخدام التقانات الحديثة المرشدة للمياه، وتشجيعهم أيضاً على زراعة المحاصيل التي تتحمل الجفاف والبحث عن نباتات يمكن ريها بمياه مالحة.
وبالطبع نحن نؤكد دائماً أن على الجميع ضرورة الاقتصاد والترشيد في استخدام المياه سواء على المقيمين في المنازل من خلال توعيتهم بوسائل مختلفة، وكذلك المزارعين وأصحاب المزارع من خلال حثهم على الاستخدام الرشيد للمياه والاستفادة من طرق الري الحديثة وعدم استخدام الطرق التقليدية، وكذلك بالنسبة إلى الاستخدامات الصناعية للمياه، فنحن أيضاً نعمل على توعية أصحاب المشاريع الصناعية والاستثمارية بدراسة تأثير وجود المياه في التنمية الصناعية.
أما في ما يتعلق بضعف مساهمة الزراعة في الناتج القومي الإجمالي فهذا غير صحيح، فالزراعة في دولة الإمارات تمثل لبنة أساسية ضمن بناء الهيكل الاقتصادي العام وذلك من خلال وجهين يشكلان العملة الزراعية المهمة التي يتم تداولها في السوق الاقتصادية: الوجه الأول يكمن في إضفاء مؤشر على الإنتاج الوطني من خلال ما يحمله هذا الإنتاج من قيمة تساهم في الدخل المحلي مما ينعكس على حالة الإنعاش الاقتصادي.
أما الوجه الثاني فيتمثل في الدور الذي يمثله قطاع الزراعة من الناحية الاستراتيجية، فلا شك في أن الأمم يقاس رقيها بما تنتج، والإنتاج الزراعي يأتي في أولويات الأهداف الإنسانية بل والحياتية وكذلك الحفاظ على التوازن البيئي داخل الدولة وحماية بعض القرى والمدن الصغيرة من التصحر، فلقد خطت دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات رائدة في تعزيز الزراعة ومكانتها ضمن وسائل تقنية وعلمية أصبحت معها نمطاً يحتذى به على مستوى المنطقة والعالم العربي ككل.
* هل توجد حوافز اقتصادية لتشجيع حماية الموارد المائية (رجاء إعطاء الأمثلة) أم الاعتماد على القوانين فقط؟
- ليس بالقوانين وحدها يمكن أن يقوم وعي بيئي، والاعتماد على القوانين ضروري لا شك في ذلك لكن لابد من وجود وسائل أخرى تعمل على تشجيع حماية الموارد المائية لدى فئات عديدة وعلى رأسها المزارعون، فالوزارة تقدم دعماً للمزارعين بطرق مختلفة منها زيارتهم ميدانياً وبشكل مستمر من خلال المسؤولين والباحثين في وزارة البيئة والمياه للتعرف إلى مشكلاتهم ومقترحاتهم، ومن طرق الدعم للمزارعين أيضاً تزويدهم بمعدات الري الحديثة وكذلك فسائل أصناف النخيل عالي الجودة وتشجيع المزارعين على زراعة بعض الأعلاف التي تتحمل الملوحة والجفاف، وذلك من شأنه أن يسهم في حماية الموارد المائية المتاحة.
* ما أهم المشكلات المتعلقة بموارد المياه التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي من وجهة نظركم، وما هي آفاق التعاون في هذا المجال؟
- أهم المشكلات تتمثل في شح الموارد المائية وتدهور نوعيتها في بعض الأماكن نتيجة لاستنزاف المياه الجوفية وقلة بل ندرة هطول الأمطار؛ في المقابل هناك زيادة في الطلب على المياه نتيجة للزيادة السكانية وارتفاع مستوى المعيشة واحتياجات المنطقة للمياه لأغراض التنمية الزراعية والصناعية والسياحية وغيرها. ودول مجلس التعاون الخليجي شكلت لجنة وزارية معنية بالمياه وتتبعها لجان متخصصة تتدارس العديد من المواضيع ذات الصلة بالمياه وتتعاون وتنسق المواقف وتطرح المشروعات لمواجهة التحديات المائية لدول المنطقة.
* هل ترى أن مستقبل منطقة الخليج يكمن في المزيد من الاعتماد على المياه المحلاة أم ماذا؟ وإذا كانت الإجابة (نعم) فلماذا لا يتم تخصيص الموارد المائية والبشرية لخفض تكلفة المتر المكعب منها؟
- لا شك في أن المياه المحلاة هي المصدر الأساسي لتوفير المياه لأغراض الشرب والصناعة وللاستخدام الزراعي بشكل محدود حالياً، وستعلب المياه المحلاة دوراً أكبر في توفير المياه مستقبلاً لعدم وجود موارد مائية بديلة. ولا شك أيضاً في أن تكلفة المتر المكعب من تلك المياه تنخفض بشكل تدريجي، وهناك العديد من مراكز الأبحاث سواء في المنطقة أو في الدول الصناعية تعمل على إيجاد وسائل لزيادة كفاءة التحلية من جهة وتخفيض التكلفة من جهة أخرى، ويمكن الاستفادة أيضاً من محطات التحلية في توليد الطاقة الكهربائية إلى جانب تحلية المياه وهذا جانب نفعي وضروري. ومن هنا فنحن نؤكد على حرص دولة الإمارات العربية المتحدة ووزارة البيئة والمياه على أن يكون مستقبل بلادنا ومنطقة الخليج العربي عموماً مزدهراً وفي رخاء مستمر في ظل قيادة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول الخليج العربية ووعي وإدراك شعوب المنطقة لأهمية موارد المياه.

مجلة آراء حول الخليج