array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

مبادرة إعلان منطقة الخليج منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل

السبت، 01 تموز/يوليو 2006

مبادرة إعلان منطقة الخليج منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل
"الواقع والمبررات"
اسم الكاتب د. مصطفى العاني
الناشر مركز الخليج للأبحاث
الطبعة الأولى - مارس 2006
د.محمد يوسف الجعيلي
تأتي دراسة الدكتور مصطفى العاني الخبير الاستراتيجي والأمني المعروف في إطار اهتمام مركز الخليج للأبحاث بالمسائل والقضايا الجوهرية العديدة التي تساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الخليج بمفهومها الجيوبوليتيكي والاستراتيجي الواسع والذي يشمل دول مجلس التعاون الست بالإضافة للعراق واليمن وإيران.
كما تعكس اهتمام المركز وتفاعله مع القضايا المختلفة التي تمس أمن وسلامة المواطن الخليجي والمتمثلة في تحول منطقة الخليج إلى منطقة تحتوي ضمن مجالها الإقليمي على أسلحة الدمار الشامل وبخاصة السلاح النووي، حيث يعتقد المركز أن هذا التحول إذا حدث فسيكون عاملاً تاريخياً وحاسماً في إحداث تغيرات جذرية ذات نتائج هائلة وبعيدة المدى بالنسبة لأمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية بالنسبة للاقتصاد العالمي.
لهذه الأسباب قرر المركز أن يفتح باب التداول والنقاش حول هذه القضية ويعتبرها واحدة من أولويات المركز الرئيسية في المرحلة الراهنة. وفي سعيه لإخراج الفكرة إلى حيز التداول عقد مركز الخليج للأبحاث في ديسمبر من عام 2004 أول اجتماع له في هذا الصدد بمقره بدبي شارك فيه عدد من المسؤولين من دول المنطقة التسع إلى جانب عدد من الخبراء الدوليين المختصين في المشروع من الناحية السياسية والقانونية والنقدية بالإضافة إلى مشاركة ممثلي المنظمات الدولية المهتمة بالموضوع كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي وغيرها. وللمزيد من النقاش حول المبادرة وكيفية تحويلها إلى مشروع رسمي تم عقد الاجتماع الثاني في العاصمة السويدية استوكهولم بدعم ومشاركة من قبل معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سبيري) حيث وجد المشروع الدعم من مختلف الوفود المشاركة وبخاصة تلك التي تمثل دول المنطقة.
وتتكون الدراسة من خمسة أقسام بالإضافة إلى الملاحق والتي تشمل الوثائق هذا إلى جانب المعاهدات والاتفاقيات.
ويتطرق الكاتب في القسم الأول من دراسته لخلفية وأسس المبادرة، حيث يرجع فكرة إنشاء المناطق الجغرافية الخالية من أسلحة الدمار الشامل بشكل عام إلى أوائل ستينات القرن الماضي، حيث جاءت الفكرة كرد فعل على بروز ظاهرة الانتشار الواسع والمحتمل للأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل وبشكل خاص نتيجة لتصاعد حدة الحرب الباردة وكمحصلة لتصاعد الصراعات والمواجهات الإقليمية بين عدد كبير من الدول خارج نطاق الحرب الباردة.
وعبرت دول عديدة في مناطق مختلفة من العالم عن عدم رغبتها في الانخراط في مواجهة متصاعدة بين المعسكرين الشرقي والغربي، لذا سعت هذه الدول إلى إيجاد أساليب ووسائل تحافظ على أمنها واستقرارها. وقد توج عقد ستينات القرن الماضي بتجسيد مشاريع سلمية كبيرة ومهمة لعل من أهمها إنشاء مناطق جغرافية خالية من الأسلحة النووية مثل مشروع إعلان منطقة قارة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي منطقة خالية من الأسلحة النووية في عام 1967 ومعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في عام 1968. ويورد الكاتب بأن عام 1994 شهد أول محاولة إقليمية لنقل التجربة الأمريكية اللاتينية الناجحة لمنطقة الشرق الأوسط وذلك في إطار المشروع الذي طرحته مصر وإيران على الجمعية العامة للأمم المتحدة ويطالب بإعلان منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، حيث تم تبني القرار من دون عائق إلا أنه لم يحرز أي تقدم خلال الثلاثين عاماً الماضية.
ويتناول الكاتب بعد ذلك مفهوم المناطق الخالية من أسلحة الدمار الشامل والتي تشمل مجموعة من الدول المستقلة (أعضاء في منظمة الأمم المتحدة) تجمعها روابط جغرافية واستراتيجية مشتركة مما يجعلها تشكل منطقة جيو سياسية مميزة لها خصائصها المحددة، هذا إلى جانب عامل التجاور الجغرافي وتشابكها الاستراتيجي مع بعضها البعض. ويرى الكاتب أن أحد المتطلبات الأساسية التي حددها النظام الدولي للاعتراف بالمشاريع الإقليمية وإعلان مناطق جغرافية مناطق خالية من أسلحة الدمار الشامل هو وجوب التحديد الدقيق للرقعة الجغرافية التي من المفترض سريان الأحكام وشروط المعاهدة عليها. ومن المفترض أن يغطي مشروع إعلان منطقة الخليج كمنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل المقترح كتلة أرضية يمكن تسميتها منطقة الخليج الجيوبوليتيكي بدولها التسع والتي تتميز بأنها منطقة فرعية ضمن منطقة الشرق الأوسط الواسع والتي تمثل المنطقة الرئيسية. ويرى الكاتب أن منطقة الخليج كمنطقة فرعية لها همومها وتحدياتها الأمنية التي تختلف عن هموم المناطق الفرعية الأخرى المكونة للشرق الأوسط الموسع، كما تتميز هذه المنطقة بأنها تعتبر المصدر الرئيسي لتوريد الطاقة الهيدروكربونية (النفط - الغاز) ولأنها تحتوي على أكثر من نصف المخزون النفطي العالمي من الطاقة مما يجعل قيمتها الاستراتيجية بعيدة المدى، كما أنها تعد من أبرز مناطق العالم من حيث عدم الاستقرار السياسي والأمني وظاهرة الصراعات الإقليمية والدولية، حيث إن دبلوماسية السلام لا مكان لها في هذه المنطقة حتى الآن.
ويجادل الكاتب بوجوب شمولية المبادرة لجميع دول الخليج الجيوبوليتيكي، لأن المفهوم الأمني في نظره لا يعترف بالضرورة بالانتماء القومي أو الحضاري، ويرى أن أي نظام فاعل يجب أن يتصف بكونه استجابة للحاجات الأمنية الإقليمية، ويتصف أيضاً بصفة الشمول الإقليمي، فمن وجهة نظر الكاتب أنه لا يمكن تأسيس نظام أمني فاعل ومؤثر في منطقة الخليج يقتصر في عضويته على عدد مختار من الدول ذات انتماء حضاري أو قومي واحد.
ويعتقد الكاتب أن اتفاقية الإخلاء تمثل الحجر الأساسي لبناء نظام أمني إقليمي خليجي شامل، وأن التوصل إلى معاهدة إقليمية بهذا الخصوص ستكون فاتحة لمرحلة جديدة من التوافق الإقليمي، وتؤسس لإجراءات بناء الثقة التي بدورها تعزز الأمن والاستقرار الإقليمي، لذا فإن قدرة دول المنطقة على التوصل إلى اتفاق إقليمي بخصوص التعامل مع أسلحة الدمار الشامل تعد خطوة كبيرة ومهمة.
ويستعرض الكاتب بعد ذلك أسس مبادرة إعلان الخليج منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والتي يجملها بكونها مبادرة تقوم على الاستفادة من تجارب الأمم الأخرى، كما أنها تجربة أثبتت نجاحها الفعلي كونها تقوم على مبدأ يتمتع بالاعتراف والإطار الدولي، بالإضافة إلى كونها تجربة تتصف بشمولية الحظر النووي.
وفي القسم الثاني من الكتاب يستعرض الكاتب مواقف الدول الخليجية التسع من المعاهدات الدولية الخاصة بحظر الأسلحة النووية والكيماوية والبايلوجية، حيث قامت المملكة العربية السعودية مثلاً بالتوقيع على أهم المعاهدات الدولية الخاصة بتحريم أسلحة الدمار الشامل بأنواعها الثلاثة والتصديق عليها. وفي مجال الأنشطة النووية وعلى الرغم من أن المملكة تمتلك مخزوناً لا بأس به من اليورانيوم الطبيعي القابل للتخصيب الآن فإن حكومة المملكة قررت على ما يبدو الالتزام بعدم استخدام الطاقة النووية لأي غرض من الأغراض. ويرى الكاتب في استعراضه للموقف الإيراني أنه لا توجد دولة مرشحة للانضمام إلى معاهدة إعلان منطقة الخليج منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل تملك برنامجاً نووياً فاعلاً سوى إيران، ويورد الكاتب بعض الحقائق التي تخص الموقف الإيراني والمتمثلة في أن فكرة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية كان مصدرها وثيقة قدمت إلى الجمعية العامة من قبل الحكومة الإيرانية في ديسمبر 1974، كما أن إيران تعد من الدول القلائل الموقعة والمصادقة على جميع المعاهدات الدولية الخاصة بحظر وتطوير وإنتاج أو وتخزين أسلحة الدمار الشامل بأنواعها الثلاثة، وفي نهاية هذا القسم يورد الكاتب خيارات دول المنطقة في التعامل مع بروز قوى نووية إقليمية.
أما القسم الثالث من الدراسة فقد افرده الكاتب إلى تعهدات الأطراف الخارجية وبخاصة الدول النووية الرسمية الخمس على أساس أنها لا تقوم باستخدام قدرتها النووية أو أسلحة الدمار الشامل لمهاجمة الدول التي قررت التخلي الطوعي والقانوني عن التسلح النووي كما تتعهد بتوفير الحماية لدول المعاهدة التي تخلت عن خيار السلاح النووي والدفاع عنها ضد تهديدات أو اعتداءات الأطراف الأخرى التي تمتلك القدرات النووية ولكنها ليست من الدول النووية الخمس الرسمية.
وفي القسم الرابع من دراسته تناول الكاتب الدبلوماسية العربية وقضية نزع أسلحة الدمار الشامل وخلفيات مشروع إعلان منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، حيث يورد الكاتب العوائق والتحديات التي واجهت إعلان منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية منذ عام 1974.
وفي القسم الخامس من الدراسة يتناول الكاتب الجدال العربي - العربي حول المشروع الخليجي والتساؤلات التي طرحت حول مدى تعارضه مع مشروع إعلان منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، حيث يرى أن المناقشات التي تمت عمقت الاعتقاد بمصداقية المشروع الخليجي، وعززت الإيمان بعملية ومنطقية الفكرة، كما أن ما تم التوصل إليه يؤكد أن المشروع الخليجي قد يكون أكبر محرك لإحياء مشروع الشرق الأوسطي، ويشير الكاتب إلى ردود الأفعال المختلفة على مستوى الجامعة العربية أو مجلس التعاون الخليجي والمذكرات المتبادلة في هذا الصدد ومواقف بعض الدول الخليجية وبخاصة دولة الكويت.
ومن المؤكد أن مبادرة إعلان منطقة الخليج منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل جاءت في وقتها في ظل المستجدات والمتغيرات المتسارعة التي تشهدها البيئة الإقليمية الخليجية وإحساس دول المنطقة بضرورة تأسيس نظام أمني إقليمي بالمفهوم الجيوبوليتيكي الواسع والذي يشمل كل دول الخليج بغض النظر عن انتماءاتها الحضارية والثقافية والقومية ليعمل على تعزيز أمنها الإقليمي الواحد، ويبعد شبح النفوذ الأجنبي عن المنطقة.

مجلة آراء حول الخليج