; logged out
الرئيسية / مقومات ومعوقات التكامل الاقتصادي العربي ومقترحات إحيائه

العدد 87

مقومات ومعوقات التكامل الاقتصادي العربي ومقترحات إحيائه

الخميس، 01 كانون1/ديسمبر 2011

يعتقد أنهقد آن الأوان لإعادة فتح ملف السوق العربية المشتركة التي لا توفر للعرب أوضاعاً اقتصادية واجتماعية وسياسية فحسب وإنما توفر أيضاً أوضاعاً سياسية وتفاوضية يصعبتجاهلها، وليس هناك أسلوب يصلح لإعادةفتح ملف السوق العربية المشتركة سوى أسلوب المصارحة والمكاشفة من دون أية حساسيات،ولتكن البداية مجرد إشارة تستند إلى لغة الأرقام والإحصائيات التي لا تكذب أبداً والتي تؤكد أن عدد سكان العالم قد عبر حاجز السبعة مليارات فرد قبل أيام قليلة، وأننصيب العالم العربي من هذه الزيادة السكانية كان كبيراً.

من العجيب أن يهددنا تزايد السكان في العالم العربي رغم أن الأرض العربية مملوءة بموارد طبيعية يحسدناعلىها الآخرون من نفط ومعادن وخامات في بعض الدول وأنهار وأراض صالحة للزراعة فيدول أخرى. والحقيقة أن عدم النجاح في استغلال وتوظيف الموارد العربية الضخمة يرجع إلى أن العالم العربي رغم كل ما يتوافر له من عناصر الوحدة والتكامل مازال مقسماًومفتتاً في شكل كيانات صغيرة تعكس بكل أسف واقع التردي وغياب الحيوية في الفهموالإدراك السياسي والاستراتيجي، لذا يتحتم على العالم العربي في ظل رياح ثورات (الربيع العربي) أن يتفق على ضرورة الخروج المبكر من خندق الأنانيات الإقليمية الضيقة التي يستحيل على أية دولة عربية مهما تعاظمتقدراتها أن تواجهها بمفردها، ومن حسن الحظ أن معظم القيادات الحاكمة في العالمالعربي الآن باتت على اقتناع كامل بأهمية إنشاء سوق عربية مشتركة على أساس أن التكامل الاقتصادي ليس مجرد ضرورة حتمية فقط وإنما التكامل الاقتصادي هو الخيار الوحيد، وأظن أن الحاجة إلى السوق العربية باتت أشد إلحاحاً من أي وقت مضى. وأن هذه السوق هي بمثابة إشارة إلى أن هذه الأمة مازالت تملك حيوية إثبات الوجود والقدرة على تجنب أية محاولات محتملة في الغد للتشهير أو الابتزاز في ظل العولمة التجارية والاقتصادية أو تحت وطأة الحاجة لمجاراة احتياجات الاقتناء لمنتجات العولمة التكنولوجية والعلمية، وليست كل دوافع الدعوة إلى إقامة السوق العربية المشتركة مجرد تعبير عن مشاعر سياسية طارئة وإنما أغلبها يعكس إحساساً بضرورة تأمين احتياجات الحاضر والاستعداد لأي مجهول يختبئ في تلابيب المستقبل، والأمم العظيمة هي التي ترى الأخطار العظيمة وتتحسب لها قبـل وقوعها.

العالم العربي رغم كل ما يتوافر له من عناصر الوحدة والتكامل مازال مقسماً ومفتتاً
معظم القيادات الحاكمة في العالم العربي الآن باتت على اقتناع كامل بأهمية إنشاء سوق عربية مشتركة
تتوافر في الوطن العربي العديد من المقومات الأساسية لقيام التكامل الاقتصادي والتنمية الشاملة
المنطقة العربية واحدة من مناطق قليلة جداً لا تملك ربطاً فعلياً عبر السكك الحديدية
تخفيض تكاليف النقل بين الدول العربية سوف يساهم في تخفيض أسعار السلع

التكامل الاقتصادي العربي:

في ظل تمتع الوطن العربي بثروات طبيعية، ومالية، وبشرية ضخمة، ومهمة سواء من ناحية حجمها أو كمياتها، علاوة على ترابط الدول العربية بوحدة جغرافية متصلة من الأرض، وفي منطقة تتميز بمركزها الاستراتيجي المتوسط بين الشرق والغرب، ويضمها تاريخ مشترك ولغة واحدة، لذا فإن الوطن العربي بما فيه من طاقات وثروات طبيعية وبشرية، وموقعه الاستراتيجي، تتوفر له أكبر الإمكانات ليصبح قوة اقتصادية كبيرة تلعب دوراً مهماً في الاقتصاد العالمي.

وقد حظي موضوع التكامل الاقتصادي العربي بمكانة متميزة في اهتمامات الأمة العربية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد بدأ الأمر بقيام جامعة الدول العربية عام 1944 بعضوية الدول السبع المستقلة آنذاك وهي: مصر، العراق، الأردن، سوريا، لبنان، السعودية، واليمن، وتوالى بعد ذلك انضمام بقية الدول العربية، حيث تضمن ميثاق الجامعة تعاون الدول المشتركة فيها تعاوناً وثيقاً في الشؤون الاقتصادية مما يعكس مدى الاهتمام بالتعاون الإقليمي العربي قبل تحقيقه على المستوى العالمي.

وعلى الرغم من تعدد المعاهدات والاتفاقيات والقرارات التي أقرتها مؤتمرات القمة والمجالس الوزارية العربية، والتي استمد منها العمل الاقتصادي العربي المشترك مرجعيته على مدار نصف القرن الماضي، أي منذ تأسيس جامعة الدول العربية لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي، وذلك على النحو التالي: (1) اتفاقية تسهيل التبادل التجاري وتنظيم تجارة الترانزيت بين الدول العربية عام 1953. (2) اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية. (3) اتفاقية السوق العربية المشتركة. (4) اتفاقية تسديد المدفوعات وانتقال رؤوس الأموال بين الدول العربية عام 1954. (5) اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية عام 1981. (6) منظمة التجارة الحرة العربية الكبرى.

(7) المشروعات العربية المشتركة (8) المنظمات العربية المتخصصة والتي نشأت بعد قيام المجلس الاقتصادي عام 1950 ومن أهمها: صندوق النقد العربي، الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، منظمات عربية تعمل في نطاق قطاعي على المستوى القومي العربي مثل (المنظمة العربية للتنمية الزراعية، ومنظمة العمل العربية، والمنظمة العربية للمواصفات والمقاييس، والمنظمة العربية للدول المصدرة للنفط، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والمنظمة العربية للثروة المعدنية، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، بالإضافة إلى العديد من الاتحادات العربية المتخصصة، والتي بلغ عددها خمسة عشر اتحاداً). (9) الاتفاقيات الثنائية والتي بلغ عددها 122 اتفاقية منذ الخمسينات، وتهدف معظمها إلى تنشيط التبادل التجاري العربي، وتحرير عدد من السلع المتبادلة، وعلى الرغم من هذا العدد الكبير من الاتفاقيات الثنائية، فإن آثارها الإيجابية على تدفق الصادرات العربية البينية ظلت محدودة للغاية. (10) التجمعات الاقتصادية الإقليمية والتي بدأت منذ عقد الثمانينات في محاولة لإعادة بناء وصياغة محاولات التكامل الاقتصادي العربي على أساس إقليمي، نظراً لمحدودية وتواضع النتائج التي أسفرت عنها محاولات التكامل الاقتصادي العربي تحت مظلة جامعة الدول العربية، وتأثر الدول العربية بظاهرة انتشار التكتلات الاقتصادية العملاقة على الساحة الدولية. وتماشياً مع هذا المنهج التكاملي الجديد، والذي يعمل خارج نطاق جامعة الدول العربية، تمت إقامة ثلاثة تجمعات إقليمية عربية، وهي: مجلس التعاون الخليجي 1981، مجلس التعاون العربي الذي تم الإعلان عنه عام 1989، اتحاد المغرب العربي الذي تم الإعلان عنه عام 1989.

ومما سبق يتضح أنه على الرغم من توافر الإمكانات، والطاقات، والثروات الطبيعية، والموقع الاستراتيجي للوطن العربي، والعديد من الاتفاقيات، والمداخل التكاملية فإن تجربة التكامل الاقتصادي العربي سواء تحت مظلة جامعة الدول العربية، أو من خلال التجمعات الاقتصادية الإقليمية العربية لم تستطع تحقيق إنجاز يذكر في هذا المجال، بسبب العديد من المعوقات، من أهمها: عدم توفر الإرادة السياسية، وتفاوت درجات النمو الاقتصادي، وتباين الأنظمة والتشريعات الاقتصادية القائمة، وعدم كفاءة الهياكل الأساسية للبنية التحتية العربية، وخاصة شبكة النقل والمواصلات، وضعف آليات التنفيذ اللازمة للاتفاقيات العربية، وتناقض خطط التنمية العربية، وأساليب تنفيذها، وسيادة نمط إنتاج الصناعات الاستخراجية، والتبعية الاقتصادية للأسواق الأجنبية المختلفة، وغياب المشاركة الشعبية في صنع القرار، ومتابعة تنفيذه على المستويين المحلي والقومي.

مقومات التكامل الاقتصادي العربي:

تتوافر في الوطن العربي العديد من المقومات الأساسية لقيام التكامل الاقتصادي وإيجاد بنية ملائمة لعملية التنمية الشاملة. وفي الظروف الراهنة فإن الانطلاق من اعتبار الوطن العربي ككل إطاراً عاماً لتحرك المقومات وفعلها هو ضروري عند التركيز على قضية التكامل، لأنه يسمح بتكامل موارد ومعطيات الأقطار منفردة أو في مجموعات إقليمية، وعملية التكامل تسهم في ترميم الخلل القائم في هيكلية الاقتصاد العربي وذلك إذا تكيف الإطار السياسي والإداري بالشكل الملائم ليفعل حركة النتاج بين الدول العربية، أي داخل الوطن العربي كوحدة اقتصادية، والتعامل مع الوطن العربي كوحدة سياسية ترتكز على وحدة اللغة والتاريخ والعطاء الحضاري والآمال والمصالح المشتركة ووحدة الجغرافية. وهذه الخصائص والميزات تشكل مرتكزاً لعملية التكامل في أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي هذا المجال يمكن تحديد المقومات التالية:

تعدد وتنوع الموارد الطبيعية: حيث يمتلك الوطن العربي موارد اقتصادية كبيرة ومتنوعة سواء كان ذلك على الصعيد الزراعي والصناعي. فالوطن العربي يمتد على مساحة كبيرة جداً تبلغ حوالي 14 مليون كيلومتر مربع، وفي إطار هذه المساحة الكبيرة يتنوع المناخ والتضاريس ونوعية التربة وتتعدد مصادر المياه التي تبلغ حوالي 370 مليار متر مكعب يستغل منها حالياً حوالي 175 مليار متر مكعب فقط.

ونتيجة لذلك تتعدد وتتنوع المحاصيل الزراعية والثروات المعدنية ومصادر الطاقة من النفط إلى الغاز ومصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والحرارة. فالوطن العربي من حيث وفرة هذه الموارد وتنوعها يمكن أن يحقق تكاملاً اقتصادياً يشكل عاملاً مساعداً لتوفير الأموال اللازمة لاكتشاف واستثمار الموارد المتاحة وغير المستثمرة، أو تحقيق استثمار نوعي وكمي مناسب للموارد المستثمرة.

حجم السوق العربية: تتوافر في الوطن العربي سوق مناسبة ومساعدة لعملية التكامل ترتكز على الامتداد الجغرافي الكبير للوطن العربي وأهمية موقعه الجيواستراتيجي والجيوسياسي والتعداد الكبير للسكان الذي وصل إلى أكثر من 300 مليون نسمة، وتعتبر السوق العربية عاملاً مساعداً لتصريف المنتجات المتوفرة في كل دولة على قاعدة تعدد الموارد المتاحة، ومن خلال عملية التبادل الداخلي والخارجي سواء بين الأقطار العربية أو المبادلات مع مناطق ودول أخرى على الصعيدين الإقليمي والعالمي، فقد شهدت الصادرات والواردات البينية بين الدول العربية وبين الدول العربية ودول العالم ارتفاعاً كبيراً خلال العقد النفطي، أي بين عامي 1973- 1982 وبلغ ذروته عام 1981، حيث بلغ حجم التجارة النفطية حوالي379،7 مليار دولار، وفي عام 1980 بلغت الصادرات النفطية ذروتها، حيث وصلت إلى حوالي 217،6 مليار دولار، حيث بلغت نسبة الصادرات إلى اليابان حوالي 63 في المائة عام 1985. والجدير بالذكر أن نصيب التجارة البينية العربية متواضع جداً بالمقارنة بالتجارة العربية مع الخارج حيث تبلغ حوالي 9،6 في المائة من جملة الصادرات وحوالي 7،8 في المائة من جملة الواردات لعام 1985.

وتعتبر سعة السوق العربية مجالاً رحباً للتكامل العربي الذي يمكن أن يقوم على أرضية التعاون بهدف تلبية حاجات السوق العربية، ويؤكد هذه الحقيقة توافر عدد كبير من الموارد والإمكانات الضرورية لتوسيع الطاقة الإنتاجية وتحسينها إلى مدى بعيد ثم إنماء استراتيجية ترتكز على التعاون والتكامل. ولابد من الإشارة إلى أن درجة اندماج الاقتصاد العربي في اقتصاد الدول المتقدمة لا تقاس فقط بمقياس كثافة التبادل التجاري معه، وإنما تقاس أيضاً بمعيار كثافة الاعتماد الثفافي عليه والتعامل الواسع مع مؤسساته المالية والاعتماد المفرط عليها على الرغم من الوفرة النسبية في الموارد المالية العربية، والاستخدام الكثيف لتسهيلات الاقتصاد الغربي في مجالات الاتصال والإعلام، ويلاحظ أن قدراً كبيراً من الواردات هي من النوع الاستهلاكي الذي يمكن الاستغناء عنه في سبيل توفير المزيد من الموارد المدخرة، للاستثمار المنتج. وكذلك فإن قدراً كبيراً من الواردات الاستهلاكية الضرورية يمكن إنتاجها في المنطقة لو تم تبني سياسة التعاون والتكامل أما واردات الأسلحة والنظم الدفاعية فتشكل قضية تستحق الوقوف عندها وذلك للأسباب التالية:

(1) انتهاج سياسة مشتركة لضمان الأمن القومي مما يسهم في خفض الحاجة إلى هذه الواردات. (2) تساهم السياسة الإنتاجية المشتركة في تحقيق قدر ملموس من توسيع دائرة الإنتاج المحلي. (3) تؤدي إعادة النظر في تقييم الحاجة الدفاعية إلى خفض الموازنات الدفاعية، خاصة أن قسماً كبيراً من ترسانات الأسلحة الضخمة المتوافرة حالياً غير موجهة لمعارك تحرير الأرض العربية وحماية أمنها القومي من التهديد الخارجي، كما أثبتت التجارب الكثيرة خلال السنوات الماضية.

توافر الكوادر: يمتلك الوطن العربي كوادر مختلفة ومتنوعة سواء كان ذلك على الصعيد التكنولوجي أو الإداري. ومن العوامل التي أسهمت في تحقيق ذلك اتساع التعليم الأكاديمي وتعدد مراكز البحث العلمية. ففي الوطن العربي الآن مئات من الجامعات وحوالي 337 مركز بحث علمياً وتتنوع الآن حقول الاختصاصات في المراحل التعليمية المختلفة، الإعدادية والثانوية والجامعية. وفي العديد من الدول العربية كوادر اقتصادية مدربة بالإضافة إلى توافر البنى والوسائل المساعدة لعملية التكامل تنظم الاتصالات المختلفة من شبكات الهاتف ووسائل الاتصال المتطورة ووسائط النقل المختلفة، البرية والبحرية والجوية.

معوقات التكامل الاقتصادي العربي:

يمكن حصر أسباب فشل محاولات التكامل الاقتصادي في ثلاث مجموعات رئيسية، هي:مجموعة أسباب اقتصادية، وسياسية، وتنظيمية:

1- الأسباب الاقتصادية: سيطرة نوع أو نمط الإنتاج الأولي على الاقتصادات العربية وضآلة نصيب الصناعة التحويلية أو الصناعات النهائية التي تعتمد على القيمة المضافة للمنتج،وتفاوت أسعار مستلزمات الإنتاج بين الدول العربية الأعضاء في الاتفاقيات أدى إلى لجوء الأعضاء إلى حماية صناعاتها ذات التكلفة العالية من خلال القيود الإدارية، وعدم الاهتمام بشبكات النقل البري والجوي والبحري بين أجزاء الوطن العربي، واختلاف الأنظمة والسياسات الاقتصادية، وتباين مستوى الدخول بين الدول.

2- الأسباب السياسية: التخوف من التعدي على السيادة القطرية، وأزمة الثقة السياسية بين الدول العربية بعد أحداث مهمة مثل معاهدة كامب ديفيد، وغزو الكويت، ومقتل الحريري، وانتشار الفتن الداخلية في العراق، لبنان، السودان والصومال، وأخيراً ثورات (الربيع العربي).

3- الأسباب التنظيمية: افتقار نصوص الاتفاقيات بين الدول العربية إلى الدقة في تحديد الهدف ورسم الوسيلة، وعدم توفر البيانات والإحصائيات عن الأنشطة الاقتصادية المختلفة في الدول العربية، وترك المجال لكل دولة في حرية عقد ما تشاء من اتفاقيات مع الدول الأخرى حتى لو تعارضت مع مصالح اتفاقيات الدول العربية الأخرى أو ميثاق الجامعة العربية، وازدواجية المهام التي تقوم بها الأجهزة والمنظمات التي تشرف على العمل العربي المشترك.

مقترحات وتوصيات لإحياء التكامل الاقتصادي العربي:

في الوقت الراهن تتجدد الدعوة لإحياء التكامل الاقتصادي العربي وذلك من خلال إقامة السوق العربية المشتركة نظراً لكونها تمثل تكتلاً عربياً لمواجهة التغيرات العالمية الجديدة لتجد الدول العربية مكاناً متميزاً لها بجانب التكتلات العالمية، وفيما يلي بعض المقترحات والتوصيات لإحياء هذا المشروع:

1- تكثيف الاهتمام العربي الرسمي بمشروع ربط الدول العربية بشبكات سكك حديدية، والتحرك الجديلوزراء النقل العرب باتجاه الدفع نحو بناء شبكات تعود بفوائد اقتصادية واجتماعية عديدة على دول العالم العربي، وذلك لأهمية دور السكك الحديدية في النمو الاقتصاديالقطري والإقليمي، فالمنطقة العربية واحدة من مناطق قليلة جداً لا تملك مثل هذا النوع من الربط فعلياً بين دولها، أو حتى على الأقل بين الاثنتين من دولها. فالقطارات تعتبر من أهم سبل المواصلات بين الدول الأوروبية، ولم يقف البحر حاجزاً أمام تطوير هذا النوع من الربط بين دولها، فالنفق الرابط بين بريطانيا وفرنسا تحت بحر المانش، يشكل شرياناً حيوياً لقطاع النقل بين الجزيرة البريطانية والقارة الأوروبية.

2- الاستخدام الأمثل لما يملكه الوطن العربي من موارد وتوزيع الاستثمارات في المشروعاتالصناعية بين الدول العربية وفقاً للميزة التنافسية لكل دولة.

3- تحقيق المزيد من الاستثمارات والتوظف داخل الوطن العربي، مما يعني المزيد من الإنتاج وزيادة الدخلورفع مستوى المعيشة لأفراد المجتمع في الوطن العربي.

4- زيادة حجم التجارة البينية بين الدول العربية واتساع حجم السوق العربي أمام المنتجات العربية. وتعتبر المبادرة  لتعزيز هذا المقترح أن من شأنه أن يحقق فرصاً أكبر للتنمية بين الدول العربية، علماً بأن حجم الاستثمار العربي البيني بلغ (1985 – 2000) حوالي 15 مليار دولار فقط في حين بلغ  حجم الاستيراد العربي من الدول الأجنبـية حوالي 154 مليار دولار للفترة نفسها.

ولمواجهة العقبات التي تحول دون قيام هذاالتكتل العربي نجد أن هناك أموراً عدة يجب أخذها في الاعتبار وهي:

1- التنسيق بين السياسات الاقتصادية التي تطبقها كل دولة عربية على حدة وبين السياسات الاقتصاديةالرامية إلى تحقيق أهداف التكتلات الاقتصادية العربية.

2- التنسيق بين أي تكتل اقتصادي عربي مصغر وبين التكتل الاقتصادي الشامل بحيث لا يكون هناك تعارض بينهما.

3- الاتجاه إلى تحقيق زيادة في حجم التجارة البينية بين الدول العربية وإعطاء الأفضلية للأسواق العربية في تسويق المنتجات العربية.

4- ضرورة الحفاظ علىكيان كل دولة عربية داخل التكتلات الاقتصادية العربية.

5- الاهتمام بتوفير الأجهزة والمؤسسات العربية الكفيلة بتنفيذ برامج التعاون الاقتصادي العربي للوصول إلىالتكتل الاقتصادي الفعال.

6- العمل على توفير البعد التكاملي بين الاقتصادات العربية ومحاولات تقليصالتنافسية بين الاقتصادات العربية.

آفاق مستقبل السوق العربية المشتركة:

يمكن طرح بعض المقترحات التي نرى عند تبنيها أو تطبيق بعض من بنودها أنها قد تساهم في تحقيق تنفيذ مشروع السوق العربية المشتركة، والتي نوجزها على النحو التالي:

1- التأكيد على وضع تصور واضح لتنفيذ مشروع السوق العربية المشتركة يحمل في طياته استراتيجية خطة شاملة مستقبلية، تتضمن بنوداً للخطوات والتوصيات ذات أولويات واضحة، وآليات التنسيق التي تكفل التطبيق وقبول مشاركة كافة الدول العربية بقطاعيها الحكومي والخاص، وأن تحرص الجهات المختصة في الدول العربية على أن تضع مصلحة قيام السوق العربية المشتركة فوق مصالحها القطرية، وأن تحرص الدول العربية أيضاً على الاستغلال الأمثل لكافة الموارد الاقتصادية المتوفرة لديها، وأن يسعى المجلس الاقتصادي الأعلى العربي إلى ضرورة إحداث هيئة عامة مسؤولة عن المنتجات العربية والاهتمام بالخصائص التي لها علاقة بالمواصفات النوعية والجودة.

2- أن يبذل المجلس الاقتصادي الأعلى العربي جهوداً نحو الاهتمام بالبحوث والتطوير في بنك المعلومات عن كل ما يتعلق بالتبادل التجاري البيني، خاصة التصدير والاستيراد، وأن يحرص على تحديث هذه المعلومات بصفة سنوية ويقوم بتوزيعها ونشرها.

3- أن تحاول الجهات المعنية في الأقطار العربية تخفيض تكاليف النقل بين دولها لأن هذا يساهم في تخفيض أسعار السلع، مما يجعلها في وضع أفضل أمام المنافسة العالمية، ولتعزيز وتفعيل التجارة العربية البينية لابد أن تحرص الجهات المختصة في كل دولة عربية على تخصيص نسبة تتراوح ما بين 5 - 10 في المائة من إجمإلي الناتج المحلي لها وضخه في مشاريع استثمارية داخل الدول العربية، لأنه من الضروري تنويع الإيرادات الحكومية للأقطار العربية، وذلك من خلال توجه الحكومات العربية نحو التعاون مع القطاع الخاص في الدول العربية المختلفة في الاستثمار بمشروعات مشتركة، خاصة في المجالات غير التقليدية، مثل الاهتمام بتكنولوجيا المعلومات، والتجارة الإلكترونية، وتطبيق التكنولوجيا في الجهاز المصرفي وسوق الأوراق المالية، حيث إن مجال التقدم في الثورة المعلوماتية متاح للدول العربية، وقد يكسبها ميزة نسبية نظراً لعدم وجود حواجز أو منافسة شديدة مقارنة بالمجالات التي تتعلق بالثورة الصناعية على الساحة الدولية.

4- إن تبني هذه المقترحات أو بعضها قد يساهم في تحقيق تنفيذ مشروع السوق العربية المشتركة، وقد يلعب دوراً كبيراً في الوصول إلى المرحلة الأخيرة في التكامل الاقتصادي العربي وهي الوحدة الاقتصادية العربية، التي تعتبر من أهم الطموحات والحلم الكبير لكل مواطن عربي داخل الوطن العربي وخارجه مما يشكل حافزاً قوياً للعقول العربية المهاجرة لعودتها إلى ديارها، التي هي أحق بها من غيرها، وسيحد من هجرتها في المستقبل، كما أن تحقيق الوحدة الاقتصادية العربية لابد أن يفضي إلى تعزيز ثقة رجال الأعمال والمستثمرين العرب بقوة ومتانة الاقتصاد العربي، وأن الأموال والاستثمارات العربية الضخمة في الخارج والتي قدرت حسب الإحصائيات الأخيرة بنحو 850 مليار دولار سيتوجه جزء كبير منها إلى السوق العربية المشتركة والتي ستتحول مستقبلاً إلى الوحدة الاقتصادية العربية، وسيصبح حجم التجارة العربية البينية 5,306 مليار دولار، وحجم التجارة العربية الخارجية 5,28 مليار دولار، أي عكس التقديرات الحالية، وهذا بالتالي سيتولد عنه ارتفاع ملحوظ في الناتج المحلي للأقطار العربية، مما سينعكس إيجابياً على رفاهية المواطن العربي من المحيط إلى الخليج.

 

مقالات لنفس الكاتب