array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 87

التحديات الديموغرافية في دول مجلس التعاون الخليجي

الخميس، 01 كانون1/ديسمبر 2011

تتميز دول مجلس التعاون الخليجي عن كثير من مناطق العالم بأمور مثل النمو السكاني المرتفع وتراجع تمثيل الشباب من جهة وارتفاع نسبة تشكيل الأجانب لمجموع السكان من جهة أخرى. ولنبدأ الحديث حول آخر الأرقام المتوافرة في ما يخص السكان في دول مجلس التعاون الخليجي.

استناداً إلى دراسة مستفيضة من إعداد وحدة الاستقصاء بمجموعة الإيكونوميست البريطانية لحساب مركز قطر المالي، فقد ارتفع حجم السكان في دول الخليج الست من 39.6 مليون في 2008 إلى 41.4 مليون في 2010. كما توقعت الدراسة نفسها ارتفاع عدد السكان إلى 47.5 مليون في 2015 وصولاً إلى 53.4 مليون في 2020م.

نمو مطرد

وهذا يعني ارتفاع حجم السكان في دول مجلس التعاون الخليجي لأكثر من الثلث في الفترة ما بين 2008-2020، أي في حدود 3 في المائة سنوياً. وحقيقة القول، يشكل النمو السكاني ضغطاً على توجهات مصروفات الموازنات العامة الأمر الذي يتطلب تخصيص المزيد من الأموال على أمور مثل التعليم والصحة.

وحقيقة القول، تعتبر هذه النسبة لافتة في الوقت الذي تعاني بعض دول العالم نسباً محدودة، بل لا تذكر كما هو الحال مع اليابان والعديد من الدول الأوروبية. كما تتميز دولة مثل روسيا بالنمو النمو السلبي للسكان بسبب خيارات المجتمع الروسي وعدم الرغبة في تحمل تبعات الإنجاب مثل تربية الأطفال.

في المقابل، تشمل سلبيات النمو السكاني المحدود خسارة المجتمع وبالتالي الاقتصاد من الطاقات الشبابية المسلحة بآخر ما توصل إليه العلم الحديث. ولغرض التعويض، توفر العديد من الدول الغربية للأجانب المؤهلين فرصة الهجرة والعمل إليها بقصد الاستفادة من قدراتهم. ولا شك لا يمكن توجيهه للمهاجرين كونهم يرغبون في تطوير ظروفهم المعيشية وتأمين مستقبل أفضل لأبنائهم. بيد أنه تشكل مسألة مغادرة عقول وطاقات للدول النامية ظاهرة مقلقة والتي ربما تكون أحوج إليها من الدول الغربية، لكن لكل إنسان ظروفه.

مهما يكن من أمر، يشكل حجم السكان في دول مجلس التعاون أقل من واحد في المائة من مجموع سكان العالم. وعلى هذا الأساس فإن دول المجلس الست معاً لا تتمتع بثقل مميز في ما يخص عدد السكان في العالم، بل إن سكان عدد غير قليل من دول العالم أكثر من حجم سكان دول مجلس التعاون مجتمعة.

مجتمع شبابي

إضافة إلى ذلك، كشفت دراسة الإيكونوميست عن ملاحظة جديرة وهي التراجع النسبي للسكان دون سن الخامسة عشرة، مشكلين فيما بينهم 29 في المائة من المجموع في 2008 مقابل 24 في المائة من السكان في 2020م. ويمكن ربط الأمر ولو بشكل جزئي بتقدم الخدمات الطبية الأمر الذي يسمح بطول متوسط أعمار المواطنين وبالتالي تقليل الأهمية النسبية للشباب من مجموع السكان. لكن سوف يبقى تمثيل الصغار في السن لافتاً، حيث من المتوقع أن يشكل أصحاب الفئة العمرية حتى 14 عاماً نحو 26 في المائة من السكان في عام 2020 مقارنة بـ 30 في المائة في 2008.

وفي التفاصيل، يمثل السكان دون سن الخامسة عشرة في حدود 39 في المائة من السكان في المملكة العربية السعودية. وتشكل هذه الحقيقة الديموغرافية تحدياً في ما يخص التخطيط للتعليم والتدريب والعمل على تعزيز سوق العمل بوظائف تتناسب وتطلعات المواطنين. لذا يتطلب من الاقتصاد السعودي إيجاد أكثر من 160 ألف وظيفة جديدة سنوياً للداخلين الجدد إلى سوق العمل.

من جهة أخرى، يلاحظ وجود تمثيل محدود للأفراد المتقدمين في العمر. حيث يشكل المواطنون من 65 سنة فما فوق أقل من 5 في المائة من متوسط السكان في دول الخليج، لكنها في ارتفاع مستمر لأسباب تشمل تطور الخدمات الطبية. وبالمقارنة، تتميز غالبية الدول الأوروبية بتمثيل كبير نسبياً للكبار في السن، حيث يمثل السكان من 65 سنة فما فوق نحو 17 في المائة من السكان في ألمانيا.

التنوع السكاني

من جملة الأمور اللافتة، يشكل الأجانب أكثرية السكان في أربع دول خليجية وهي قطر والإمارات والكويت والبحرين ما يعد أمراً لافتاً على مستوى العالم. وبشكل أكثر تحديداً، يمثل الأجانب 87 في المائة و81 في المائة و68 في المائة و51 في المائة في كل من قطر والإمارات والكويت والبحرين على التوالي.

المفاجأة بكل تأكيد هي تشكيل الأجانب لأغلبية السكان في البحرين خلافاً لما كان متوقعاً قبيل تنفيذ التعداد السكاني في 2010. والجدير ذكره، تتميز البحرين باحتضانها أعلى كثافة سكانية في المنطقة، حيث يعيش أكثر من ألف شخص في الكيلومتر الواحد، ولا غرابة تعد ضمن قائمة الدول العشر الأولى صاحبة أعلى كثافة سكانية على مستوى العالم. ولذلك يزيد الأجانب من عبء تحدي الكثافة السكانية في البحرين فضلاً عن أمور أخرى مثل منافسة المواطنين في الوظائف المتوفرة والاستفادة من الخدمات والمرافق العامة تماماً كما هو الحال مع المواطنين دونما تمييز.

لكن نظراً للضآلة النسبية للتمثيل السكاني في السعودية، يشكل الأجانب أقل من نصف السكان في مجلس التعاون. فحسب دراسة الإيكونوميست، يشكل الأجانب حوالي 27 في المائة من السكان في المملكة، مع الإشارة إلى أن 63 في المائة من السكان في الخليج يعيشون في السعودية. كما يعيش نحو 13 في المائة من السكان بالخليج في الإمارات، الأمر الذي يحد من التداعيات المرتبطة بحجم العمالة الوافدة على الإحصائيات.

ضخامة العمالة الوافدة

وحسب تصريح لأحد المسؤولين الخليجيين المعنيين تشكل العمالة الوافدة نحو 90 في المائة من حجم القوى العاملة في الخليج. وربما تكون النسبة الفعلية أقل من ذلك، لكن بكل تأكيد تتمتع العمالة بالغالبية العظمى من مجموع سوق العمل في الدول الست.

واللافت في هذا الصدد هو حدوث تغييرات مادية في تشكيلة العمالة الوافدة حيث نجح الآسيويون في السنوات الماضية بتعزيز وجودهم في مجلس التعاون الخليجي على حساب الرعايا العرب. ويعتقد أن العرب شكلوا 75 في المائة من العمالة الوافدة في 1975 لكن تراجعت هذه النسبة لنحو 20 في المائة في الوقت الحاضر. في المقابل، يشكل الآسيويون وجلهم من الهنود ما بين 66 و70 في المائة من العمالة الوافدة.

كما يلاحظ وجود تمركز لجاليات معينة في بعض الدول الخليجية، حيث يشكل النيباليون الذين يشتهرون بالعمل في مجال الخدمات الأمنية قرابة 14 في المائة من مجموع العمالة الوافدة في قطر. وربما يمكن تفهم الأمر بالنظر للنمو الاقتصادي اللافت في قطر على خلفية تطوير قطاع النفط والغاز. ويعتقد على نطاق واسع أن الاقتصاد القطري سوف يحافظ على نسبة نمو تفوق 12 في المائة سنوياً إلى حين الانتهاء من فعاليات كأس العالم 2022م.

تنوع ثقافي وفوائد اقتصادية

من جملة الإيجابيات المختلفة، تساهم العمالة الوافدة في تعزيز التنوع الثقافي في دول مجلس التعاون ما يعد مكسباً يضاف إلى الرصيد الدولي للدول الست، بل يعد هذا الأمر تميزاً ودليلاً مادياً على انفتاح الدول الخليجية على الثقافات المختلفة. وحسب تقارير صحافية تعود إلى  سنوات عدة مضت، تعمل في دبي عمالة أجنبية لأكثر من 100 دولة الأمر الذي يفسر انفتاح هذه الإمارة على العالم الخارجي.

بدورنا، نرى صواب فتح اقتصادات دول مجلس التعاون أمام العمالة الأجنبية لأنها تعزز من حالة التنافسية الاقتصادية وتشكل ورقة ضغط على الرعايا لاكتساب أفضل المهارات لغرض المنافسة على فرص العمل. ويلاحظ في هذا الصدد توجه الكثير من الناس نحو اكتساب المهارات بقصد الحصول على فرص عمل تتناسب وطموحاتهم. وفي نهاية المطاف، فإن الاقتصادات الخليجية هي الرابحة من هذه المعادلة، والأمر سواء بالنسبة للمؤسسات التجارية وللمستهلكين الذين بدورهم يحصلون على خدمات بأسعار غير مكلفة.

ويمكن ربط إفساح المجال للعمالة الوافدة بمبدأ فتح قطاع الخدمات المالية للأسواق الخليجية أمام المؤسسات المالية الأجنبية. والنتيجة الحتمية هي إصرار البنوك المحلية على تقديم أفضل الخدمات الممكنة حتى يتسنى النجاح في سوق تنافسية مفتوحة، ما يعني أن الاقتصادات الخليجية هي الرابحة في نهاية المطاف.

وفي هذا الصدد، يوجد مقترح حديثاً من شأنه وضع سقف لعدد سنوات بقاء العامل الأجنبي بهدف تعميم الفائدة، ومنح فرص لأكبر عدد ممكن للعمل في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. ويفترض المقترح أن الأجانب يأخذون مصالح مواطنيهم في الاعتبار بكل الأوقات.

توسيع دول مجلس التعاون

وربما تحدث قفزة نوعية في عدد السكان على خلفية انضمام كل من الأردن والمغرب إلى المنظومة الخليجية. وكان قادة دول مجلس التعاون الخليجي قد قرروا في ختام القمة التشاورية رقم 13 في مايو 2011 توجيه الدعوة للأردن والمغرب للانضمام إلى المنظومة. ومن جملة الأمور، سيترك انضمام الأردن والمغرب تداعيات متشعبة على التركيبة السكانية لمجلس التعاون. فحسب أفضل الإحصائيات المتوافرة، يساوي عدد السكان في الأردن والمغرب معاً عدد السكان في دول مجلس التعاون الخليجي.

وبكل تأكيد، سيترك الأمر برمته آثاراً على أمور حيوية منها مسألة فرص العمل في ظل وجود تحدي إيجاد فرص عمل مناسبة للمواطنين في الوقت الحاضر في بعض دول مجلس التعاون الخليجي. وللأسف، تعاني ثلاث دول خليجية، وهي: السعودية والبحرين وسلطنة عمان، على وجه التحديد من معضلة البطالة في أوساط مواطنيها. حيث تتراوح نسبة البطالة في حدود 10 في المائة في أوساط القوى العاملة الوطنية في السعودية. كما تبين وجود دور ملموس لمشكلة البطالة في الأحداث الأمنية والسياسية التي اندلعت في كل من عمان والبحرين بداية 2011.

باختصار، تشكل الإحصائيات السكانية من قبيل النمو السكاني المرتفع نسبياً تحدياً لمسألة التنمية المستدامة في الدول الست. ويقتضي الصواب بأن تستخدم دول الخليج إمكاناتها المالية على خلفية بقاء أسعار النفط مرتفعة لفترة زمنية لمواجهة متطلبات النمو السكاني وذلك بالنظر إلى ضخامة حجم المسؤوليات التي تتمثل في توفير فرص عمل تتناسب وتطلعات المواطنين من حيث الرواتب وظروف العمل. بل يشكل النمو السكاني المرتفع نسبياً تحدياً لمتخذي القرارات في ما يخص التخطيط الاقتصادي وضمان توافر الخدمات التعليمية والصحية والبنية التحتية.

 

مقالات لنفس الكاتب