; logged out
الرئيسية / حوار مع الدكتور حسن عبدالله فخرو وزير الصناعة والتجارة البحريني

حوار مع الدكتور حسن عبدالله فخرو وزير الصناعة والتجارة البحريني

الأربعاء، 01 شباط/فبراير 2006

تحقيق مكاسب تجارية في اتفاق التجارة أول اهتمامات المفاوض البحريني
يسرني بداية أن أرحب باهتمام مركز الخليج للأبحاث ومجلة (آراء) حول الخليج بقضايا التجارة الحرة واتفاقياتها الثنائية، والإقليمية بل والعالمية متعددة الأطراف، وما نتوقعه منها من فوائد لصالح الوطن والمواطنين، وذلك لتعظيم الاستفادة المثلى منها. كما نرجو أن تسهم جهود مركز الخليج للأبحاث المشكورة في هذا المجال في نشر الوعي الكافي بهذه الترتيبات التجارية الدولية والإقليمية والثنائية، وخصوصاً لدى الأوساط الإنتاجية والتجارية والتي تمثل المستفيد الأول من تلك الترتيبات، وكذلك جموع الشباب والدارسين، الذين يسهمون، في بناء المستقبل الزاهر لهذا الوطن الكريم.
* إذا أخذنا في الاعتبار أن حجم تبادلكم التجاري مع الولايات المتحدة لا يزال منخفضاً، وظل ينخفض مع مرور الوقت، فهل يمكن أن تفسرون لنا الأسباب التي تجعلكم تعتبرون توقيع اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة خطوة ذات أهمية؟ وهل تعتقدون أن الفوائد المتوقعة من توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة سوف تفوق التكاليف المحتملة؟
- يجدر بنا التعرف أولاً إلى مضمون اتفاقيات التجارة الحرة، وأهمية هذا المضمون في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول والشعوب، قبل أن ننتقل إلى أشكال ووسائل وأطر تنمية التجارة الخارجية للدول المنفردة، ثم ما يتبع ذلك من ترتيبات ثنائية وإقليمية، وفيما بين الإقاليم، ثم ما يتجاوز ذلك من أطر عالمية متعددة الأطراف.
إن الهدف الرئيسي من السياسات التجارية لجميع دول العالم هو تنمية الصادرات الوطنية ودفع تيار التجارة الخارجية لتحقيق أفضل الميزات النسبية والتنافسية للاقتصاد الوطني بتحقيق التخصص والإنتاج الكبير، والاستفادة من الأسواق الكبيرة، وتنمية الطلب الفعال على المنتجات الوطنية، ومن ثم تحقيق الاستغلال والتشغيل الأمثل للموارد الوطنية، وأغلاها الموارد البشرية.
ونحن على يقين بأن مكاسب التجارة الخارجية لا تخفى على جميع مواطني الدول العربية بصفة عامة، ومواطني دول الخليج، وأوساطهم التجارية العريقة، بصفة خاصة، فقد كانت التجارة منذ الأزل من أشرف المهن وأكثرها عائداً على دول وشعوب المنطقة، بل ونشر ثقافتنا وتقاليدنا التليدة، على كثير من الدول والشعوب. ولعل فضل الله تعالى في قوله: (إيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف)، وتثمين رسول الله صلى الله عليه وسلم للتجارة، التي أولاها مسؤولية (تسعة أعشار الرزق) منذ آلاف السنين، لأصدق دليل على أصالة ورفعة مردود التجارة.
وقد جاءت أحدث نظريات التجارة الخارجية العالمية والغربية لتؤكد ذلك. ومن ثم فقد أصبحت منظمة التجارة العالمية أيضاً، تستحوذ على الأهمية الأولى بين جميع المنظمات الدولية الوظيفية في الوقت الحاضر، كما غدت التجارة الدولية، من أقوى محركات ودوافع السياسة الخارجية.
ولعل الأمثلة الحية التي تحيط بنا في العديد من الدول النامية والصاعدة، التي حققت نمواً سريعاً ومتعاظماً، على الرغم من افتقارها للموارد الطبيعية والزراعية، يؤكد اعتماد تلك الدول على تنمية تجارتها الخارجية السلعية والخدمية بكفاءة واقتدار، حتى أصبحت تلعب أدواراً محورية في تسيير حركة التجارة الدولية، وجذب الاستثمارات العالمية.
* كيف يمكن التوفيق بين الاتفاقيات الثنائية للتجارة الحرة التفضيلية من جهة والاتفاقية الاقتصادية والاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون الخليجي من جهة أخرى؟ وهل تعتقدون أن توجه دول المنطقة نحو توقيع اتفاقيات ثنائية للتجارة الحرة (مع الولايات المتحدة والأطراف الأخرى) قد طغى على أهمية التكامل الإقليمي؟
- يمكن لنا في هذا الصدد أيضاً الإشارة إلى المراحل التقليدية لتحقيق التحرير التدريجي للتجارة الخارجية بهدف الوصول إلى أرفع درجات التكامل الاقتصادي الإقليمي. فانطلاقاً من المشاركة الوطنية في عضوية منظمة التجارة العالمية، وتطبيق شرط الدولة الأولى بالرعاية فيما بين جميع أعضائها، تأتي مبادرات التحرير الإضافي والاختياري للتجارة الخارجية، وذلك ابتداء باتفاقيات أو مناطق التجارة الحرة، وذلك بتحرير المبادلات التجارية تدريجياً ثم كلياً مع أية دولة صديقة من الشركاء التجاريين ذوي الأهمية التجارية والاقتصادية والاستثمارية أو مجموعة من الدول الإقليمية الشقيقة – وهي في حالة مملكة البحرين دول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة. وتلي ذلك مرحلة الاتحاد الجمركي، الذي يوحد الرسوم الجمركية لجميع دول منطقة الخليج الحرة الإقليمية، تجاه العالم الخارجي، وهو ما تحقق في حالة دول مجلس التعاون الخليجي اعتبارا من يناير 2003. وتأتي مرحلة السوق المشترك بعد ذلك لتحقيق الحريات الأربعة لانتقال السلع والخدمات ورأس المال والأيدي العاملة فيما بين دول التكامل الاقتصادي الإقليمي، حيث نأمل بالوصول لذلك عام 2007، ثم تأتي مرحلة الوحدة الاقتصادية بتنسيق السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية، ومن ثم إصدار العملة الموحدة في عام 2010 بإذن الله.
فبالنسبة للحرص على تحقيق مكاسب تفاوضية وتجارية أكبر لمملكة البحرين نتيجة لاتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، أرجو التأكيد على أن ذلك كان الاهتمام الأول للمفاوض البحريني. ويمكن الوقوف على ذلك بمعادلة رياضية بسيطة، إذ إن من المعروف أن متوسط الرسوم الجمركية المطبقة في البحرين تقل كثيراً عن مثيلتها في الولايات المتحدة. وبذلك يصبح الهامش التفضيلي للصادرات البحرينية إلى السوق الأمريكية أعمق عند إلغاء الرسوم الجمركية بالكامل بين الجانبين تطبيقاً لاتفاقية التجارة الحرة، وبذلك تستفيد الصادرات البحرينية بصورة أكبر، مع الأخذ في الاعتبار الإمكانات الاستيعابية والاستيرادية الهائلة للسوق الأمريكية، وينسحب نفس العمق التفضيلي للصادرات البحرينية على تخطي القيود والعقبات غير الجمركية في السوق الأمريكية التي ستتم إزالتها أيضاً بموجب الاتفاق بين الطرفين.
أما بالنسبة لإمكانية التداخل أو التعارض بين اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة وخطوات التكامل الإقليمي لمجلس التعاون الخليجي، فإن هذا الأمر يصبح في غاية الوضوح والبساطة إذا نظرنا إلى الصورة الأشمل لمنظومة العلاقات الثنائية والإقليمية والدولية، التي تحكم العلاقات التجارية الخارجية لكل من البحرين وشقيقاتها من أعضاء مجلس التعاون الخليجي، حيث يتضح ارتباط جميع دول المجلس بترتيبات تفضيلية جماعية أو ثنائية مع العديد من الدول العربية والصديقة، بما في ذلك اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، ومشروع الاتفاقية العربية لتحرير تجارة الخدمات، واتفاقية السوق العربية المشتركة، فضلاً عن اكتمال عضوية جميع دول مجلس التعاون الخليجي لمنظمة التجارة العالمية، وذلك بتحقيق العضوية الكاملة للمملكة العربية السعودية خلال اجتماع المجلس العام لمنظمة التجارة العالميـة في 11 نوفمبر 2005.
وفي ما يتعلق بحجم التبادل التجاري بين مملكة البحرين والولايات المتحدة، فإنه يتجاوز حجم المبادلات التجارية مع أي دولة صناعية كبرى أخرى، وبذلك يتضح أن الولايات المتحدة تمثل أحد أهم الشركاء التجاريين لمملكة البحرين، كما تعتبر السوق الأمريكية أكبر سوق استيرادية في العالم.
وتضاعفت الصادرات البحرينية للولايات المتحدة من حوالي 49 مليون دينار بحريني (أي حوالي 129.6 مليون دولار أمريكي) عام 1995، إلى حوالي 91 مليون دينار بحريني (أي حوالي 264.6 مليون دولار أمريكي) عام 2004. كما حققت طفرات أكبر من ذلك مع بداية الألفية الثالثة، إذ بلغت حوالي 170 مليون دينار بحريني (أي حوالي 450 مليون دولار أمريكي) لكل من عامي 2001 و 2002، مما أسفر عن تحقيق فائض تجاري ملموس لصالح البحرين. ومن المأمول أن تسهم اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة في تنمية الصادرات البحرينية للسوق الأمريكية بمعدلات أكبر.
وتسير جميع تلك الأطر التعاقدية بالتوازي، وجنباً إلى جنب، في تحقيق تفضيلات وامتيازات جمركية وغير جمركية، من دون أن تكون لأي منها آثار سلبية لتنتقص من التزامات ومجهودات التكامل الاقتصادي الإقليمي الخليجي، الذي يسعى إلى تحقيق أوثق العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية والاستثمارية وتحقيق المواطنة الخليحية، وذلك بهدف تطوير الاتحاد الجمركي بين دول المجلس إلى تحقيق السوق الخليجية المشتركة، ومن ثم الوحدة الاقتصادية والنقدية الخليجية.
* هل تعتقدون أن هناك دروساً يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي الاستفادة منها من عملية التفاوض مع أوروبا بشأن اتفاقية التجارة الحرة المتعددة الأطراف؟ وهل تعتقدون أن العملية المرسومة للتفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي كان لها تأثير سلبي في مجلس التعاون الخليجي بوصفه كتلة اقتصادية، الأمر الذي قد يدعو دول مجلس التعاون الخليجي إلى البحث عن اتفاقيات ثنائية تستغرق وقتاً أقل؟
- أما عن الدروس المستفادة من خلال اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، والتي من المؤمل أن يتم توقيعها خلال هذا العام إن شاء الله. فإن هناك العديد من الجوانب التجارية والاقتصادية والمالية والفنية والمؤسسية التكاملية، التي تستحق التأمل والدراسة والتحليل، والتي قطع فيها الاتحاد الأوروبي شوطاً طويلاً من التقدم نحو تحقيق السوق الأوروبية الواحدة، والوحدة النقدية الأوروبية... إلخ. بالإضافة إلى التحدث بصوت واحد في جميع المناسبات والمفاوضات التجارية سواء العالمية متعددة الأطراف أو تجاه التجمعات الإقليمية أو حتى الدول المنفردة.
ولقد ساهمت مجهودات التنمية الاقتصادية والتنويع الصناعي للبحرين، بالإضافة إلى تنمية تجارتها الخارجية، سواء في مجال السلع أو الخدمات، في مضاعفة الدخل القومي للمملكة منذ تحقيق عضويتها التأسيسية لمنظمة التجارة العالمية منذ إنشائها، وذلك من حوالي 1900 مليون دينار بحريني (أي حوالي 5026.5 مليون دولار أمريكي) عام 1995، وذلك إلى حوالي 4141 مليون دينار بحريني (أي حوالي 10955 مليون دولار أمريكي) عام 2004.

مجلة آراء حول الخليج