; logged out
الرئيسية / تكامل الطاقة في دول الخليج .. الحلول والمزايا

العدد 96

تكامل الطاقة في دول الخليج .. الحلول والمزايا

الإثنين، 01 حزيران/يونيو 2015

luciani

ظهر التعاون في شؤون الطاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي متأخرًا، ولكن التعاون الدولي بصفة عامة في مجال الطاقة كان دائمًا من أصعب الأمور. فليس هناك مؤسسة عالمية تتعامل مع جميع مصادر الطاقة، ولا يوجد في هذا المجال مؤسسة مماثلة لمنظمة التجارة العالمية، أو منظمة الأغذية والزراعة.

ونركز هنا على الفوائد المحتملة للتعاون في مجال الطاقة بين دول الخليج، وإن كان هذا الأمر ليس وشيكًا، ولكن سوف نتناول مجــالات التعاون المحتملة ومدى الفائدة التي يمكن أن يجلبها هذا التعاون، مع الإشارة إلى أشكال التعاون في مجالات النفط، والغاز وتوليد الطاقة.

ففيما يتعلق بالنفطمن بين دول مجلس التعاون، تُعَدّ السعودية والإمارات والكويت الدول الرئيسية المصدّرة للنفط، وأهم الدول الأعضاء في منظمة أوبك، كما أن قطر وعُمان هما أيضًا من الدول الكبرى المصدّرة للنفط، ولكنهما لا تنتميان لمنظمة أوبك، أما البحرين فما تبقى من مخزونها للنفط فهو قليل جدًا.

 وبالرغم من أن حصة دول الخليج الثلاث الكبيرة من صادرات النفط العالمية، لكن ليس لها إلاّ تأثيرًا محدودًا في أسعار النفط، لأنها تفرض قيودًا على التداول في النفط الذي تصدره. وبالنتيجة يعكس تحديد الأسعار التداول في النوعين المرجعيين العالميين من النفط الخام، وهما برنت وخام غرب تكساس الوسيط. ويجري التداول في هذين النوعين من النفط الخام في أسواق الدفع الآني، والمادية الآجلةوأسواق العقود الآجلة، مع احتفاظ هذه الأخيرة بالجزء الأعظم من السيولة، والتي يتم التداول فيها بالعقود (الورق) أكثر منه ببراميل النفط. علاوة على ذلك شهدت القاعدة المادية (أي حجم الإنتاج المتاح للمداولة) لخام برنت تراجعًا مستمرًا، في حين شهدت القاعدة المادية لخام غرب تكساس الوسيط تحسنًا في الفترة الأخيرة بفضل القفزة التي تحققت في إنتاج النفط الأمريكي الصخري الخفيف.

وبعد أن وصلت أسعار النفط إلى ذروتها في عام 2008/2009، شهدت تقلبات في السنوات الأخيرة، جراء تطورات مختلفة، منها الجمع بين الاقتصاد الراكد في دول منظمة التعاون والتنمية، والشكوك بشأن العرض بعد ثورات الربيع العربي والتطورات الجيوسياسية الأخرى من جهة، وارتفاع إنتاج أمريكا من النفط الصخري، وقد خلق ذلك جوًا من الريبة، وإلى جانب ذلك انسحب مستثمرون ماليون من السوق. وفي ظل هذه الظروف، أسهم العمل المنسق بين الدول الثلاث الرئيسية المصدّرة للنفط في مجلس التعاون بقيادة السعودية في استقرار السوق، وقام كبار المنتجين بتعديل حجم إنتاجهم وصادراتهم بهدف التعويض للسوق العالمية عن الاضطرابات الناجمة عن الأحداث السياسية. فقد عوضت هذه الدول انخفاض الإنتاج الإيراني الناتج عن العقوبات، وعوضت تراجع العرض الليبي بعد الثورة، وعوضت النقص جراء النزاعات في سوريا ونيجيريا وبين شمال السودان وجنوبه.

وبذلك حققت سياسة التأثير في الأسعار من "خلف الكواليس" نجاحًا واضحًا، ومع ذلك لا تزال المزايا المالية وفرص العمل تتركز في لندن أو نيويورك، في حين كان بالإمكان توظيفها والاستفادة منها لتحقيق التنويع الاقتصادي في دول مجلس التعاون.

وقد تركزت في دبي معظم محاولات تعزيز دور المنطقة في مجالي التداول وتحديد أسعار النفط. وتضمن ذلك سوق دبي للتجزئة The Dubai Platts partials market، ومركز التبادل التجاري DME بدبي لعقد عُمان للنفط الخام.

إن إعادة هيكلة سوق النفط الخام الخليجية المصممة لتسعير جميع أنواع النفط الخام المهمة التي تصدّرها دول المجلس، ولجذب مختلِف فئات التداول في العقود الآجلة(forward)، والعقود الآجلة المحددة (futures)، من شأنها إرجاع مركز سوق النفط العالمية إلى موطنه الأصلي أي منطقة الخليج.

وعلى صعيد ذي صلة تواجه دول مجلس التعاون قضايا أخرى مرتبطة بحوكمة صناعة النفط على الرغم من أنها اعتمدت نماذج مختلفة تمامًا. فسلطنة عُمان وقطر والإمارات تسمح للشركات الأجنبية بالاستثمار في أنشطة المرحلة التمهيدية (upstream)، وفقًا لشروط مختلفة تمامًا؛ بينما تحافظ الكويت والسعودية على احتكار شركة النفط الوطنية للقطاع، ولكن إدارة العلاقة بين الحكومة والشركة لا تتم بالطريقة نفسها.

إن إدارة العلاقة بين شركة النفط الوطنية والحكومة مهمة صعبة، ولا يوجد حل يمكن فرضه بسهولة لأن المستثمرين الأجانب يحصلون على نصيب من الإيرادات، ولكنهم يخلقون مزايا المنافسة وتسهيل الوصول إلى التكنولوجيا والتمويل. ويؤدي منح شركة النفط الوطنية امتياز احتكار الموارد الوطنية إلى إثارة خطر أن ينتهي الأمر بشركة النفط الوطنية إلى الاختناق بسبب التدخل الحكومي، وفرض ضوابط بيروقراطية، أو أن تصبح الشركة بحكم الأمر الواقع مستقلة وتمارس سلطة موازية وتتحول إلى "دولة داخل الدولة".

ويشكل المزيد من التكامل بين دول مجلس التعاون فرصة لتطوير الحوكمة، فمثلاً قد تتمكن شركات النفط الوطنية من الاستثمار المشترك والإسهام في تطوير موارد الطاقة. وضمن السيناريو المستقبلي للتكامل الإقليمي الأكبر، يمكن خصخصة بعض شركات النفط الوطنية جزئياً، بحيث تنظم علاقاتها مع حكوماتها على أساس المساواة على غرار العلاقة بين شتات أويل والحكومة النرويجية، أو بتروبراس والحكومة البرازيلية وبذلك فقد يؤول الأمر بدول المجلس إلى رعاية ثلاث أو أربع شركات نفط ذات أهمية عالمية، تكون ملكيتها مشتركة بين الحكومات والقطاع الخاص.

وقد يسهم المزيد من التكامل في تحقيق التغيير المطلوب في مجال إدارة أسعار منتجات النفط المحلية، وهو مجال آخر من مجالات الحوكمة، ويتم حاليًا تحديد أسعار البنزين والديزل إداريًا في مستويات أقل كثيرًا من الأسعار العالمية، وهذا يؤدي إلى تضخم التجارة الموازية في السلع المهرّبة والتصدير غير المشروع. حيث تبلغ الأسعار أقلّ من مستوياتها مقارنة بالدول المجاورة، ومن ثم فإن زيادة التكامل بين دول مجلس التعاون قد تكون فرصة لتحقيق أسعار تعكس تكلفة المنتجات النفطية، وتكون دافعًا لارتفاع أسعار المنتجات بشكل موحّد، مما يسمح بالمنافسة والتجارة في المنتجات المكرّرة، ويساعد على تحقيق الأداء الأمثل لسوق التجزئة.

يتمثل المجال الثالث الذي قد يستفيد بشكل كبير من تقوية التكامل الخليجي في قطاع النفط في تعزيز الروابط الخلفية والروابط الأمامية لتشجيع التصنيع والتنويع الاقتصادي على المستوى الإقليمي. وتشير الروابط الخلفية إلى إمكانية تشجيع إنشاء الصناعات والخدمات التي تلبّي احتياجات صناعة النفط، فيما تشير الروابط الأمامية إلى إمكانية تطوير الأنشطة الصناعية التحويلية لإنتاج النفط الخام، بدءًا بالتكرير والبتروكيماويات، والتوجّه نحو إنتاج منتجات مصنوعة من المواد البتروكيماوية الأولية وغيرها من الصناعات التحويلية كثيفة الاستهلاك للطاقة.

وتهتم جميع دول مجلس التعاون بالروابط الخلفية والأمامية معا، وتستثمر فيها في الأغلب في إطار المنافسة فيما بينها، وهذا منطقيًا، وربما يكون لا مفرّ منه في مرحلة مبكرة إلاّ أن كل دول مجلس التعاون الخليجي قطعت حتى الآن شوطًا متقدمًا في إنشاء أقطابها الوطنية، ولعل الوقت قد حان لجني ثمرة التعاون الأفقي بين مختلِف الأطراف الفاعلة في دول المجلس من خلال إنشاء مشاريع جديدة أو استغلال أفرع المنتجات الوسيطة الأصغر حجماً.

وتميل صناعة البتروكيماويات عمومًا إلى التكتل جغرافيًا بسبب الفوائد الناتجة عن تجميع المواد الخام أو بعض المرافق المشتركة، وفي النهاية قد لا يكون هناك سبب وجيه لإنشاء مجموعات وطنية تربط بعضها ببعض، بدلاً من الانتقال تدريجيًا نحو كتلة أوسع تضم دول المجلس وبإمكانها أن تضطلع بدور قيادي عالمي، والجمعيات الصناعية في الخليج مثل جمعية الخليج للبتروكيماويات والكيميائيات (GPCA) التي تم إنشاؤها في عام 2006، تمهّد الطريق لمزيد من التكامل الإقليمي في هذه الصناعة.

وفيما يخص الروابط الخلفية، قد يكون حجم كل قطاع نفطي وطني منفرد غير كافٍ لتبرير إنشاء المرافق المحلية لشركات الخدمات العالمية الكبرى، ولكن السوق الخليجية تحتوي على ما يكفي لجذب أي جهة فاعلة مهما كان حجمها، وقد تقلدت دبي دورًا متقدمًا في توفير تسهيلات وبيئة أعمال جذّابة لتشجيع مقدّمي الخدمات على فتح فروع لهم، ولكن هناك المزيد مما يمكن عمله لتعزيز التكامل الإقليمي في مجال الصناعات النفطية.

وهناك حاجة ملحّة إلى مزيد من التعاون فيما يتعلق باستغلال وتجارة الغاز في دول المجلس، وقد يكون ذلك مفيداً إلى حد كبير لكل الدول الخليجية ما عدا قطر. وعادة ما يكون استكشاف الغاز في هذه الدول مصاحباً لاستكشاف النفط، أما الغاز غير المصاحب فهو متوفّر بصورة طبيعية، إلا أن تكلفة إنتاجه تتجاوز الأسعار المنخفضة المقرّرة التي تميز جميع أسواق الغاز المحلية لدول المجلس.

وباستثناء قطر، تعاني جميع هذه الدول من نقص في الغاز الطبيعي، بما في ذلك البلدان المرتبطة بعقود تصدير طويلة الأجل، كما هو الحال بالنسبة لأبو ظبي وسلطنة عُمان. وفي كل هذه البلدان، يتم استيراد الغاز وتصديره في الوقت نفسه. وقد كانت الواردات تأتي عبر خط أنابيب دولفين من قطر، ولكن الطلب المتزايد قد يجبر هذه الدول على استيراد الغاز المسال من أماكن أبعد، وهو أمر لا يُعقَل أصلاً. وقد أقدمت دبي والكويت بالفعل على استيراد الغاز الطبيعي المسال من مسافات بعيدة جدًا.

وفي هذه الظروف، قد يكون أحد الحلول هو إنشاء شبكة أنابيب تربط بين دول مجلس التعاون، والتي قد تشكّل منصة انطلاق لإنشاء سوق موحّدة تنافسية للغاز، مع تحديد الأسعار من خلال العرض والطلب.

وقد تم اقتراح إنشاء شبكة أنابيب الغاز لربط دول المجلس منذ عقود، ولكن لم يتحقق أي تقدم، وقد رفض منتجو النفط الرئيسيون بدول المجلس فكرة الاعتماد على جيرانهم في إمدادات الغاز، وانتهى الأمر إلى نقص مزمن للغاز أو الاعتماد على إمدادات الغاز المسال بعيدة المنشأ والمكلّفة، وهذا أمر له أضراره.

إن إقامة سوق غاز متكاملة قد يسمح بالتوزيع الأمثل لموارد الغاز الإقليمية للمستهلكين ذوي القيمة العالية وبأسعار مواتية للرفع من مستويات العرض الإقليمية بشكل ملحوظ، ويشمل هذا الارتفاع موارد الغاز التقليدية وغير التقليدية، والتي تظلّ منقوصة في المنطقة إلى حد كبير، لأن اهتمام الشركات باستكشافها قليل جداً ما دامت الأسعار لا تحقق الربح، أو حتى استرداد التكاليف.

والمجال الثالث المحتمل للتعاون بين دول المجلس هو توليد الطاقة، حيث يشهد استهلاك الكهرباء في هذه الدول ارتفاعاً سريعاً، ولا تفضي محاولات ترشيد الاستهلاك إلاّ إلى نتائج محدودة. ولكن بسبب تكاليف الاستثمار الضخمة في بناء المنشآت الجديدة لتوليد الطاقة، والحاجة إلى التنويع لتفادي الاعتماد الحصري على المحروقات، يمكن لدول المجلس أن تجني فوائد كبيرة من تقوية أواصر التكامل في عدة مجالات، منها:

. تكامل شبكات الطاقة: تحقق تقدم كبير باتجاه التكامل بين شبكات الطاقة في دول المجلس، ويمثل هذا فرصة لتحسين استقرار الشبكات وموثوقيتها. وفي هذا السياق تم تأسيس هيأة الربط الكهربائي لدول المجلس (GCCIA) في عام 2001. ويوجد اليوم ربط بين شبكات الطاقة الخليجية كافة، إلاّ أن سعة النقل غير كافية لتحقيق الإمكانات الكامنة. وفي بعض الحالات لا يوجد ربط كافٍ بين الشبكات الوطنية وبلدانها الأصلية للسماح بالتمتع بكامل مزايا تكامل الشبكة الإقليمية، ومع ذلك يظلّ هذا أحد مجالات التكامل المُتفَق عليها بشكل واضح، ومن المُفترض أن يتم تعزيز هذا التكامل.

. التعاون في مجال الطاقة النووية: انطلقت فكرة برنامج مشترك للطاقة النووية عام 2007، لكنها تُرِكت بسبب مزاحمة المبادرات الوطنية في المجال النووي في بعض دول المجلس، وخصوصاً الإمارات والسعودية، وقلّة الاهتمام بالموضوع في بلدان المجلس الأخرى.

وفي حين يمكن إطلاق برامج للطاقة النووية بسرعة أكبر على المستوى الوطني، إلاّ أنه من الواضح أن التعاون الإقليمي يمكن أن يحقق كثيرًا من الفوائد، إذ إن الطاقة النووية تتطلب نمطاً محددًا من الحوكمة يجب أن يقوم على أساس أفضل الممارسات الدولية، كما تتطلب جهودًا للتنسيق والمواءمة بين دول المجلس.

ويطرح ملف الطاقة النووية جملة من التحديات التي يجب معالجتها من خلال البحث عن حلول على النطاق الإقليمي، ومنها:

  • إنتاج الوقود والاستيعاب التدريجي لدورة الوقود تحت المراقبة الإقليمية والدولية، وهذا يشمل إمكانية إعادة التدوير التي تشكّل أداة لمعالجة النفايات، ما يجب السعي لإيجاد حلول مشتركة للتخزين.
  • تحقيق أقصى درجات السلامة والأمن، وهذا يتطلب تنسيقًا لمعايير السلامة والتعاون لمواجهة التهديدات المحتملة مثل الإرهاب.
  • تعليم وتدريب الفنيين الخليجيين والمشاركة في البحث ونتائجه.

وباختصار يمكن لكل دولة خليجية المضي قدماً منفردة نحو إنشاء أول محطة للطاقة النووية، لكن إقامة صناعة متكاملة للطاقة النووية يمكن دون شك أن يتحقق بفاعلية أكبر على الصعيد الجماعي.

أخيراً، يمكن طرح التشارك في محطات للطاقة النووية، نظراً للمساحة المحدودة لبعض دول المجلس، وقد تشير الأحجام الكبرى الملازمة لأي برنامج نووي بحجم مثالي، حجم وحدات الطاقة المنفردة كبير جداً، وعادة ما يتم تجميع أكثر من وحدة في الموقع نفسه بهدف التوفير في كلفة البنية التحتية والاشتراك في المرافق يمكن أن يشكل حلاً معقولاً، خاصة في المراحل التمهيدية، وقد تساعد مجمّعات الطاقة الثنائية أو الثلاثية على تعزيز مفهوم التكامل الإقليمي لشبكات الطاقة.

. التعاون في مجال مصادر الطاقة المتجددة: تتميز مصادر الطاقة المتجددة بنطاقها الضيق، وبذلك ينحسر الاهتمام بها في المستوى المحلي. وعلى الرغم من ذلك توجد إمكانية للتعاون الإقليمي المثمر. ويتمثل اثنان من أهم هذه المجالات في تكييف التكنولوجيا من ناحية، وأفضل ممارسات الحوكمة من ناحية أخرى. أما فيما يتعلق بتكييف التكنولوجيا، فإن بيئة شبه الجزيرة العربية تشكل تحديًا كبيرًا لمصادر الطاقة المتجددة، على الرغم من توفر الشمس، والرياح على امتداد الشريط الساحلي، حيث لا يمكن للتكنولوجيا التي تم تصميمها في بلدان المناخ المعتدل أن تُطبَّق ببساطة كما هي، حيث تتطلب عملية تكييف، إضافة إلى معالجة عدد من المشاكل العملية.

وفيما يتعلق بالحوكمة، فإن المشكلة الرئيسية التي تواجه مصادر الطاقة المتجددة تتمثل في الترويج لاعتمادها بالنظر إلى طبيعتها اللامركزية والأسعار السائدة المنخفضة للكهرباء، حيثتتطلب مصادر الطاقة المتجددة إسنادًا ماليًا ودعمًا حكوميًا، وقد لا يمكن جذب المستثمرين لمشاريع الطاقة المتجددة في بيئة مثل بيئة بلدان المجلس إلاّ إذا حصلوا على الدعم. وتتمثل إحدى المشاكل الشائعة في كيفية توزيع الإعانات بالتدريج من أجل تحقيق الأهداف المنشودة من دون تحميل الدولة تكاليف كبيرة، وهناك كثير مما يمكن أن تتعلمه كل دولة من تجارب غيرها.

وعليه، فإنه يمكن للبعد الإقليمي أن يكون مفيدًا جدًا عندما يتعلق الأمر بالتعويض عن الطبيعة غير المسترسلة لمصادر الطاقة المتجددة، وبخاصة فيما يتعلق بالطاقة الشمسية، حيث يمكن توظيف المسافة بين الخليج والبحر الأحمر من أجل الحصول على أقصى عدد ساعات استغلال ممكنة لمنشآت الطاقة الشمسية، أخذًا في الحسبان أن المسافات الشاسعة قد تتطلب قفزة نوعية في قدرة النقل للمسافات الطويلة.

والخلاصة تبدو الفوائد لتعزيز التكامل بين دول مجلس التعاون في مجال الطاقة كبيرة فعلاً. أما العقبات التي تحول دون جني هذه الفوائد فهي واضحة، وهي لا تخصّ دول المجلس فقط، ومع ذلك فإن هذا المجال يُعَدّ مجزيًا، لأن التكلفة المنخفضة وأمن الإمدادات تُعتبر من المقومات الأساسية للتنمية والسيادة الوطنية.

وبينما تستمر دول الخليج في التركيز على التنمية متوسطة وطويلة الأجل وعلى الاستدامة، فإن الحاجة إلى تخفيف بعض القيود السيادية من خلال تعزيز التكامل في مجال الطاقة يُعتبر في الواقع ثمنًا زهيدًا مقابل فوائد أكبر يمكن تحقيقها في هذا المجال.

 

مقالات لنفس الكاتب