; logged out
الرئيسية / حزب الله في سوريا ... من دعم الأسد إلى قيادة معركة بقائه

العدد 98

حزب الله في سوريا ... من دعم الأسد إلى قيادة معركة بقائه

السبت، 01 آب/أغسطس 2015

 يرتبط تحديد طبيعة العلاقة وحجم النفوذ والتأثير لفاعل بحجم دولة، كيان أو تحالف دولي من جهة، على فاعلين من غير الدول من جهة أخرى، بالنظر إلى أربعة عوامل رئيسية: أيديولوجية أطراف العلاقة، مدى ارتباط الهيكل التنظيمي للفاعل من غير الدولة بالفاعل الدولي أو الإقليمي. وأدوار الفاعل من غير الدولة؛ كونه يعمل ضمن إطار وطني أو عابر للقوميات، وأخيرا، مدى اعتماده على عناصر الدعم الخارجي .  

 تقدم العناصر الأربعة سالفة الذكر إطارا مهما لفهم دوافع التزام حزب الله ومن وراءه إيران بالتدخل في سوريا لصالح نظام الأسد. فمن جهة، تفرض علاقة عضوية تتضافر فيها العناصر الأربعة معا- كتلك التي بين إيران وحزب الله- الالتزام التام بخط وسياسة الفاعل القطب والراع (إيران) من جانب الفاعل الوكيل (حزب الله) . ومن جهة أخرى، فإن علاقة شراكة استراتيجية – كتلك التي بين سوريا وحزب الله – تملي على الأطراف التزامات أمنية وسياسية نحو بعضهما البعض. أما من جهة قطب التحالف وراعيه، فإن واجب الحفاظ على التحالف الاستراتيجي الذي يقوده، ويمارس من خلاله نفوذه، يستدعي حشد ما لديه من موارد وأوراق قوة، لمواجهة أية أخطار يتعرض لها التحالف أو أحد أعضاءه.  

 إذا، استدعى الخطر الوجودي على الحليف الأقرب لإيران (نظام الأسد)، توظيف الوكيل الأكبر والأقرب لسوريا (حزب الله) في معركة بقاء الأسد. بالفعل، حزب الله هو الفاعل المناسب للمهمة المنوطة به في سوريا. وليس أقدر من قوة مسلحة (لا ينقصها الدافع) و ذات خبرة في تكتيكات حرب الشوارع، والعمل الميداني في بيئات حضرية وريفية آهلة بالسكان على قتال عناصر معارضة سورية غير نظامية، ولا موحدة، ولكنها قوية وقادرة على العمل والذوبان عند الحاجة وسط المدنيين. كما يقال، لا يفل الحديد إلا الحديد. وقد ساعدت قوات حزب الله ، في قلب المعادلة أكثر من مرة لصالح بشار الأسد ونظامه. واستطاعت قوات المشاة (الراجلة) التابعة للحزب أن تحرز انتصارات في مواجهة عناصر المعارضة السورية؛ خاصة "الدولة الإسلامية (داعش)" وجبهة النصرة في القصير والقلمون وأجزاء من ريف دمشق.

   ورغم أن وقوف حزب الله في الميدان إلى جانب جيش وميليشيات الأسد ونظامه لم يؤد إلى حسم المعركة، ولا تحقيق إنجازات تبشر بحسمها لصالحه. فإن دخول حزب الله على خط الصراع يضمن إطالة عمر نظام الأسد، وحفظه من الانهيار. وبالتالي، تحتفظ طهران بحليفها في سوريا لأطول فترة ممكنة.   

   أما بالنسبة لحزب الله، فربما يمثل دخوله حلبة الصراع في سوريا، التحول الثالث للجناح العسكري للحزب. لينتقل من كونه "قوة هجينة" تعتمد تكتيكات حرب الشوارع مع قدر من التنظيم والسيطرة إلى قوة نظامية حقيقية، قادرة على توظيف كافة تكتيكات الحرب النظامية، في صراعها ضد عناصر وتنظيمات المعارضة السورية. هذا التحول ستكون له تأثيراته على وضع الحزب في لبنان، وعلى مجمل الحالة الأمنية والسياسية في لبنان. كما سنرى.

أهداف حزب الله في سوريا

 يسعى حزب الله من وراء دعمه للأسد إلى تحقيق ثلاثة أهداف كبرى. أولا: الحفاظ على أحد  أطراف المحور الذى تقوده إيران، بحشد القدرات العسكرية لنظام الأسد. وذلك عن طريق تقديم التدريب والمساعدة، ومؤخرا عبر التدخل المباشر في المعركة.

 ثانيا: الحفاظ على الممر الاستراتيجي والوحيد لمرور الدعم الإيراني، عبر تأمين مسارات وخطوط اتصالات تصل بين دمشق ولبنان، وتحصينها ضد اختراقات عناصر المعارضة السورية.

 ثالثا: الحيلولة دون ظهور نظام تهيمن عليه أو تشارك فيه جماعات متطرفة، في سوريا في حال سقوط الأسد. ومع اتخاذ الصراع استدارة أشد طائفية، وضع حزب الله نفسه في صورة المدافع عن الشيعة في سوريا، واتخذت قواته وضع الدفاع عن أماكن دينية شيعية مهمة، منها مقام السيدة زينب في دمشق.

تطور نشاط حزب الله في سوريا

 مر نشاط حزب الله في سوريا بمراحل ثلاث:

1-   الدعم والمشورة: كان نشاط حزب الله في سوريا عامي 2011 و 2012 محدودا من حيث الحجم والنطاق، ليتركز أساسا في أدوار الدعم وتقديم المشورة العسكرية. إذ لم يكن الصراع في سوريا قد تضاعف من حيث الحجم والنطاق كما هو الحال الآن، ولم تكن قوات النظام قد أُضعِفَت بفعل سنوات من القتال الكثيف وكثافة العمليات. وبالتالي، لم تكن حاجة نظام الأسد إلى تدخل مباشر من قوى خارجية، كبيرة، كما هي الآن.

2-  التدخل العسكري المباشر: تحول دور حزب الله بشكل دراماتيكي أوائل 2013 من الدعم والمشورة، إلى القيام بدور قتالي مباشر. أحد مسارات التدخل المباشر لحزب الله تمثلت في دوره في تأسيس وتدريب ونشر قوات الدفاع الوطني (ميليشيا عسكرية غير نظامية تابعة لنظام الأسد).

3-  التخطيط لعمليات عسكرية وقيادتها: اتسع نطاق تدخل حزب الله في سوريا بشكل كبير في إبريل 2013 بقراره قيادة العملية البرية ضد عناصر المعارضة المسلحة في القُصير. فقد كانت عملية القصير مغايرة لنمط التدخلات السابقة لحزب الله في سوريا؛ لثلاثة أسباب:

أولا: ضخامة عدد مقاتلي حزب الذين شاركوا فيها (ما بين 1200 إلى 1700 مقاتل) معظمهم من المحاربين المحنكين ووحدات القوات الخاصة لحزب الله. ثانيا: سيطرة الحزب على تخطيط وتنفيذ العملية بالكامل. ثالثا: تزامن عملية القصير، وتحول في خطاب حزب الله ... من حصر أسباب انخراط الحزب عسكريا في سوريا في الدفاع عن التجمعات الشيعية اللبنانية، إلى التزم معلن بتأمين بقاء الأسد في السلطة !! فبعد أسبوع من بدء الهجوم، قال حسن نصرالله في خطاب له، 25 مايو 2013 أن " سوريا هي الحارس الخلفي للمقاومة، عمودها الفقري، وأن المقاومة لا يمكن أن تظل أسلحتها في مكامنها في الوقت الذي يتعرض فيه حارسها للخطر" . وأضاف نصر الله أن "حزب الله دخل مرحلة جديدة قبل أسابيع قليلة مضت؛ مرحلة تعزيز المقاومة وحماية عمودها الفقري ".

وقد شارك حزب الله أيضا بعد عملية القصير في قيادة عمليات أخرى، في أنحاء متفرقة من سوريا، منها دمشق وضواحيها، وفي القلمون والخالدية... نتيجتها المؤكدة تمثلت في تغير حظوظ جيش الأسد والقوات الموالية له، ونجاحها في استعادة بعض المناطق الخاضعة لسيطرة جماعات المعارضة المسلحة.

يسعى حزب الله من وراء دعم نظام الأسد إلى تحقيق ثلاثة أهداف ويعتبر دمشق عموده الفقري  

تقدير حجم تشكيلات حزب الله وخسائره

 يحافظ حزب الله على درجة عالية من السرية حول حجم، وحدود نشاط مقاتليه في سوريا. مع ذلك، تميل مصادر حزب الله إلى تخفيض عدد عناصر الحزب في سوريا، بينما تميل مزاعم المعارضة إلى تضخيم حجم تواجد الحزب في سوريا. الأمر المؤكد أن التزام حزب الله في سوريا تنامي بشكل مطلق خلال العامين الماضيين، إذ لعبت المنظمة أدورا قتالية وتدريبية أكبر في أكثر من مكان عبر أنحاء البلاد. قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن الاستخبارات الفرنسية قدرت عدد المقاتلين العاملين في سوريا من حزب الله بما بين 3 إلى 4 آلاف مقاتل في أواخر مايو 2013. فيما قدرت مصادر أمنية إسرائيلية العدد بما بين 4 إلى 5 آلاف مقاتل في يونيو 2013. وقالت مصادر أمنية إقليمية لرويترز في سبتمبر 2013 أن هناك ما بين ألفي إلى أربعة آلاف مقاتل من حزب الله في سوريا، وأن من بينهم قوات نخبة واحتياطي. إذا ما كانت هذه الأرقام صحيحة، فإن هذا يعتبر التزاما كبيرا من جانب حزب الله (الذي تقدر عدد قوته المسلحة كلها بخمسة آلاف ناشط و15 ألف احتياطي).

أما من جهة الخسائر، فلا توجد بيانات دقيقة عن حجم خسائر حزب الله. يشير متوسط التقديرات إلى أن ما بين 700 إلى ألف مقاتل قد قُتِلوا أو أصيبوا في سوريا. ربما تقترب الخسائر في سوريا قريبا من حصيلة خسائرها جراء الصراع مع إسرائيل في الجنوب اللبناني من 1985 وحتى العام 2000، حيث قُتِل 1248 مقاتل وأصيب ألف آخرون على الأقل.

  شملت خسائر حزب الله عددا من القيادات الميدانية. من بينهم عدد من كبار العناصر التنفيذية لدى حزب الله، مثل وفيق شرف الدين، وعلي حسين البازي. ورغم أن هذه الخسائر تعتبر ضخمة بالنسبة لجماعة لا يزيد عدد عناصرها المقاتلة عن 15 ألف مقاتل نظامي واحتياطي، فإن احتمال أن تؤثر الأعداد المتزايدة من الخسائر في معنويات عناصر الحزب أو تدفع دائرة أنصار الحزب إلى سحب تأييدهم للتدخل في سوريا يظل ضعيفا لعدة أسباب. إذ لا يزال تأثير العامل الأيديولوجي على معنويات عناصر وأنصار الحزب، ودور الدعم ومعسكرات التدريب الإيرانية هما ضمانة قدرة الحزب على امتصاص الصدمات وتعويض الخسائر المادية والبشرية بسرعة نسبية.   

حزب الله بعد معركة سوريا .. التحول الهيكلي الثالث 

 رغم أن حزب الله ولد عام 1985 كميليشيا منخرطة في حرب غير نظامية، فقد تحول بمرور الوقت إلى تنظيم قادر على توظيف أنماط عديدة ومختلفة من التكتيكات العسكرية. أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، عندما كان حزب الله مجرد ميليشيا من بين ميليشيات أخرى عديدة، دأب حزب الله على تنفيذ تفجيرات انتحارية وهجمات - بدائية وبسيطة من حيث التكتكيك والفاعلية أيضا- على أهداف غربية وإسرائيلية.

   بعد تحول حزب الله إلى "قوة المقاومة الرسمية" ضد الاحتلال الإسرائيلي عام 1990، بدأت تكتيكاته تتحول بشكل طفيف. إذ بدأ توظيف تكتيكات نظامية، مثل إطلاق الصواريخ. في حرب 2006 استعرض التنظيم تكتيكات وقدرات متقدمة وأسلحة ثقيلة مثل الصواريخ، وقذائف أرض – جو، وقذائف مضادة للسفن – وقام بتلغيم الطرق التي استخدمتها الدبابات الإسرائيلية. وبدا أن وحداته، منضبطة، مدربة جيدا، وذات هيكل قيادي قادر وفاعل.

  يأتي التحول الثالث بدخول حزب الله الصراع السوري لينتقل من كونه قوة عسكرية هجينة (تمزج ما بين تكتيكات الحرب غير التقليدية وبعض التكتكيات النظامية): إنه الآن يقاتل جماعات المعارضة إلى جانب القوات النظامية لنظام الأسد. تجلت مهاراته الجديدة على وجه الخصوص في الهجوم على القصير. لم يخطط حزب الله وينفذ الهجوم فحسب، ولكنه خطط ونفذ بأسلوب الجيش النظامي؛ من حصار المدينة في البداية، ثم ضربها بالمدفعية والطيران. وأخيرا تقدم الشكيلات البرية لإجلاء القوات المعادية منها.  

 المثير، أن التحولات في بنية الجناح العسكري للحزب، لا تعني بالضرورة تخليه أو تراجع قدراته على توظيف تكتيكات المراحل السابقة، فقد كشفت المعارك التي يخوضها الحزب في سوريا، عن قدرة الحزب على توظيف كافة التكتكيات (بداية من حرب الشوارع، ووصولا إلى الحرب النظامية) تبعا للأوضاع والمهام على الأرض. وتستعرض قدرة الحزب العالية على التطور والتكيف.  

تداعيات تدخل حزب الله في سوريا على أمن لبنان

 أحد أسباب تدخل حزب الله في سوريا، حسبما يتردد على لسان قادته، هو تحصين لبنان من خطر العناصر "التكفيرية" المنتشرة في سوريا. ومع ذلك، فالملاحظ أن وتيرة العنف الطائفي وتكرار وقوع حوادث تفجيرات انتحارية قد ارتفعت عقب قرار حزب الله الانخراط بقوة في سوريا.

 وتشهد لبنان على خلفية الصراع في سوريا نمطان متداخلان من العنف:

 الأول؛ مصادمات في الشوارع بين أنصار حزب الله وأنصار المعارضة السورية. بعض هذه المصادمات تحولت إلى حرب شوارع حقيقة، مثلما حدث في طرابلس مارس 2014، والتي أسفرت عن سقوط 30 قتيلا واستدعت تدخل الجيش اللبنانى.

 والثاني؛ هجمات منظمة من عناصر متطرفة ضد أهداف محددة. أكبر هذه الهجمات على الإطلاق تمت في أغسطس 2014، في بلدة عرسال الحدودية ذات الأغلبية السنية، عندما قامت عناصر من داعش وجبهة النصرة بالهجوم على بلدة عرسال ورد الجيش اللبناني بقصف المنطقة بالمدفعية، الأمر الذي أدى إلى مقتل العشرات من اللاجئين المدنيين وحرق المئات من خيام عرسال التي يقطنها 100 ألف من اللاجئين السوريين. بسبب هذا الحادث اندلعت مزيد من الاشتباكات في طرابلس، وقامت عناصر من داعش وجبهة النصرة باختطاف 35 من عناصر الأمن اللبناني، قُتِل منهم اثنان، وأُفرِج عن معظمهم فيما بعد.

 والثالث؛ انتشار المعركة بين داعش وجبهة النصرة إلى الداخل اللبناني. إذ بدا قبيل منتصف العام 2015، أن "داعش" و "جبهة النصرة" والعناصر التابعة لهما شرعا في فتح جبهة جديدة للصراع بينهما إلى المناطق الحدودية اللبنانية. وفي الثالث عشر من مايو 2015، وقعت مواجهات مسلحة بين عناصر التنظيمين في المنطقة الجبلية التابعة لبلدة عرسال اللبنانية، أسفرت عن سقوط نحو 15 قتيلا.

الأمر الآخر، أن مشاركة حزب الله في قمع أحداث العنف في عرسال وغيرها، ودأب حسن نصر الله على استخدام مصطلح "تكفيريين" للإشارة إلى المعارضين لنظام الأسد في خطاباته، كانا أحد أسباب الحشد السياسي للعناصر الأكثر راديكالية من اللبنانيين السنة. وربما يكون الوضع في شمال لبنان حاليا – المنطقة الأشد سخونة وتوترا – أقرب إلى الوضع أوائل السبعينيات، من حشد واصطفافات سياسية وطائفية أفضت إلى اندلاع حرب أهلية.

كذلك، فإن تدفق الدعم الإيراني المادي واللوجستي بغزارة على حزب الله، والخبرات الجديدة التي يكتسبها من الصراع في سوريا، والتطورات في بنية الجناح العسكري للحزب، قد تسهم في الإخلال بالتوازن الهش في لبنان بين حزب الله كقوة مسلحة وتشكيلات عسكرية لبنانية أخرى، على رأسها الجيش اللبنانى. وهو ما يثير التساؤل: يمكن أن تحتمل لبنان وجود جيشين نظاميين على أرضها؟! ذلك أن زيادة حدة الاحتقان السياسي والطائفي في لبنان، فإن أي تغيير في الأوزان النسبية للفاعلين على الأرض، يزيد من احتمالات اندلاع مواجهة جديدة بين الأطراف اللبنانية، ويجعلها أقرب أيضا.

دخول حزب الله على خط الصراع في سوريا يطيل أمد بقاء نظام الأسد وإن لم يحسم المعركة

إلى أين تمضي لبنان ؟!

 ربما، ساهم نجاح حزب الله في تأمين المنطقة الممتدة بين الحدود اللبنانية والحدود السورية، في إبقاء أثر الانتشار الناجم عن الصراع في سوريا تحت نطاق السيطرة في لبنان حتى الآن. ولكن من دون أفق للحل في سوريا، ومن دون نصر حاسم لأيا من الأطراف هناك، وبعد أن أصبح الحشد على أسس طائفية وراديكالية أوضح ما يكون في لبنان، أصبحت لبنان مهيأة لسيناريوهين كارثيين للأسف: 

1- نشاط كثيف للسلفية الجهادية في لبنان: في حالة تقدم حزب الله ونظام الأسد في سوريا وإحرازهما المزيد من الانتصارات ضد عناصر داعش وجبهة النصرة على وجه الخصوص. ربما تلجآن إلى رفع وتيرة نشاطهما الإرهابي في لبنان عموما، وليس فقط ضد أهداف لحزب الله. ثأرا من الحزب من ناحية، ومن ناحية أخرى، إشغاله بزيادة التوترات الداخلية، ورفع الكلفة الأمنية والسياسية والاقتصادية الناجمة عن مثل هذه الأعمال. وفي هذه الحالة، ربما سيكون لدى حزب الله المزيد من الدوافع كي يستمر على التزامه بالمعركة لصالح الأسد في سوريا، بل وانتشاره على نطاق أوسع هناك. أملا في أن يؤدي هذا إلى الحيلولة دون مزيد من تقدم هذه العناصر في سوريا ولبنان أيضا. ولكن هذا يعني، استحكام الأزمة السياسية في لبنان، ووصولها إلى حافة الانفجار، وربما العودة إلى نقطة الحرب الأهلية مرة أخرى.

2- مواجهة مسلحة جديدة: بين الفرقاء اللبنانيين، في حالة استمرار حالة الجمود السياسي، وفشل البرلمان في التوافق على رئيس جديد (تأجلت جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية 24 مرة حتى مايو 2015).  وفي ظل هذا السيناريو، سيجد حزب الله نفسه محصورا في زاوية ضيقة بين التزامه بالمعركة لصالح نظام الأسد في سوريا، والصراع في الداخل اللبناني. في هذه الحالة، فإن تطور قدرات حزب الله لن تمكنه من حسم المعركة سريعا لصالحه. ولكنها ستشد المزيد من الأنظار إليه، وربما تتحول لبنان إلى ساحة جديدة للحرب بالوكالة بين الأقطاب الإقليمية. أما بالنسبة للصراع في سوريا، ربما لن يتخلى الحزب عن أدواره في سوريا بالكامل. والأقرب، أنه سيلجأ إلى حصر جهوده وقواته في نطاق المناطق الأقرب للحدود اللبنانية، والأقرب أيضا لمعقل نفوذه في سهل البقاع، كي يقلل من احتمالات اندفاع العناصر السلفية الجهادية إلى ما وراء الحدود السورية وباتجاه الداخل اللبناني.

 

مقالات لنفس الكاتب