; logged out
الرئيسية / الاتفاق التاريخي بين إيران والستة الكبار .. والمستقبل النووي للشرق الأوسط

العدد 99

الاتفاق التاريخي بين إيران والستة الكبار .. والمستقبل النووي للشرق الأوسط

الثلاثاء، 01 أيلول/سبتمبر 2015

في أوائل إبريل الماضي كانت إيران قد توصلت مع الستة الكبار، وهم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي: الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا الاتحادية، والصين الشعبية، وفرنسا، والمملكة المتحدة (بريطانيا العظمى)، فضلاً على ألمانيا الاتحادية على اتفاق إطاري نووي يعيد صياغة العلاقات فيما بين إيران والستة الكبار، وبخاصة الدول الكبرى الغربية الأربع سالفة الذكر، وذلك على أساس من التفاهم والتعاون بدلاً من الصراع الذي كان يحكم تلك العلاقات منذ ثورة 1979. والاتفاق الإطاري يقوم، بالأساس، على مبادئ للعلاقات. أما الاتفاق الدولي فيتضمن الآليات والأدوات والتفاصيل اللازمة لوضع المبادئ موضع التنفيذ، وهو ما تم في 14 يوليو من هذا العام. والاتفاق الإطاري، أو اتفاق المبادئ، غير ملزم قانوناً، أما الاتفاق الدولي فهو ملزم قانوناً بعد اعتماده من السلطة التشريعية في دوله الأعضاء، وهو ما يتم الآن في هذه الدول. ولعل الحالة الأكثر وضوحاً وتغطيةً من جانب الإعلام هي حالة الولايات المتحدة إذ يناقش الكونجرس الاتفاق المذكور، وسيتخذ قراره في موعد لا يتجاوز 14 الجاري القادم.

ويمكن النظر في هذا الاتفاق ودراسته في جوانبه وأبعاده المهمة الاقتصادية والسياسية والقانونية والإستراتيجية والعسكرية. ونظراً لتعدد أطراف هذا الاتفاق (7 دول)، وتنوع العوامل والمتغيرات المؤثرة في مواقف كلٍ من تلك الأطراف، وكذلك تأثيراته الإقليمية والدولية، ويعني ذلك أن هذا الموضوع، ونظراً لأهميته وجديته باعتباره غير مسبوق، حتى الآن، وعدم تراكم، أو غياب التراكم العربي، نظراً لحداثته وجدته بالنسبة للجماعة البحثية، فإن الموضوع يستلزم عددًا كبيرًا من الدراسات والأوراق والرؤى، وهو ما يمكن لكاتب هذه الورقة البحثية القيام به مستقبلاً، إن شاء الله. ومع ذلك فإن الانشغال الأساسي لهذه الورقة سيكون، كما يوحي عنوانها، هو دراسة تأثيرات هذا الاتفاق التاريخي على الوضع الإقليمي الإستراتيجي في الشرق الأوسط، وبخاصة من المنظور النووي، لنرى ما إذا كان يمكن الحديث عن ذلك الوضع بطريقة تجعل صورة إقليم الشرق الأوسط النووية أكثر وضوحًا مما هي عليه الآن، ومما كانت عليه قبل توقيع ذلك الاتفاق التاريخي.

ومع ذلك، وأياً كانت درجة الاتفاق، أو الاختلاف، مع ما جاء في السطور السابقة، فإنه من المفيد أن نعطي للقارئ صورةً موجزةً عن محتوى، أو مضمون، اتفاق إيران و5 + 1، وذلك لما يمثله ذلك التعريف بمحتوى الاتفاق من أهميةٍ للقارئ أيَّاً كان اهتمامه أو تخصصه العلمي.

محتوى الاتفاق:

يأخذ هذا الاتفاق اسمًا مهمًا، فهو، وفق النص، اتفاق خطة العمل المشتركة التاريخية بين إيران ومجموعة (5+1)، وهو ما يعني أن الالتزام بالاتفاق، ومستوى الانشغال به وبتنفيذه، واعتباره ليس مجرد إطار للتعاون أو التنسيق، وإنما هو يعلو، نصًا وتنفيذًا، إلى مستوى خطة العمل المشتركة والاتفاق التاريخي. ويعني كل ذلك أن الطرفين: إيران ومجموعة 5 +1، يتفقان في النظر إلى الموضوع عن منظور إيجابي وعالٍ وغير تقليدي.

التطورات النووية في إيران وإسرائيل تحتم تطوير القدرات النووية السلمية للسعودية والإمارات ومصر لتعزيز الردع والتوازن الاستراتيجي 

وتتمثل أبرز بنود هذا الاتفاق فيما يلي:

-   رفع جميع العقوبات الدولية عن إيران، وذلك خلال انعقاد جلسة لمجلس الأمن الدولي عقدت قريباً، وتعاد هذه العقوبات خلال 65 يومًا إذا لم تلتزم إيران ببنود الاتفاق النووي.

-   إلغاء الحظر الاقتصادي والمالي على القطاعات المصرفية، والمالية، والنفطية، والغازية، والتجارية، وقطاعات البتروكيماويات، والنقل والمواصلات.

-       الإفراج عن الأصول والعوائد الإيرانية المحتجزة في خارج البلاد، والتي تبلغ عشرات المليارات من الدولارات.

-   إزالة الحظر المفروض على البنك المركزي الإيراني، وشركة الملاحة، والشركة الوطنية للبترول، والشركة الوطنية لناقلات البترول، والشركات المرتبطة بها، وشركة الخطوط الجوية الإيرانية، والعديد من المؤسسات والبنوك الإيرانية الأخرى.

-       تسهيل نيل إيران أعمال في القطاعات التجارية، والتنمية، والمالية، والطاقة العالمية.

-   إزالة أي حظر أو قيود مفروضة في مجالات التعاون الاقتصادي مع إيران، على جميع الأصعدة، ومنها الاستثمارات في مجالات الغاز، والبترول، والبتروكيماويات، والمجالات الأخرى.

والخطوات والسياسات المشمولة في النقاط السابقة بالغة الأهمية، فهي تشمل تحرير كل القطاعات الإنتاجية والخدمية، وغيرها من القطاعات الاقتصادية والمالية والتجارية، والبترولية والغازية والبتروكيماوية، والبنك المركزي والبنوك التجارية، والشركات المتنوعة، وهو ما سيؤدي إلى انطلاقة اقتصادية كبرى ستغير من الاقتصاد الإيراني، بما ستفتحه أمامه من أبواب واسعة للتعاون الدولي، وحظر العقوبات، واسترداد الأموال الضخمة، وهو ما سيجعل الاقتصاد الإيراني واحدًا من الاقتصادات الكبيرة والمهمة والمؤثرة، أو واحدًا من أقوى الاقتصادات في منطقة الشرق الأوسط، وربما في العالم الثالث.

ورغم أن ما سبق عرضه من بنود لا ترتبط مباشرةً بموضوع هذه الورقة، فإنه كان من المهم عرضه، لما له من تأثير مهم على تمويل وإدارة المشروعات الاستراتيجية، وبخاصة العسكرية والنووية منها. فبدون اقتصاد قوي وفعال لا يمكن أن يكون لدى الدولة بنيان قوة عسكرية، خاصة وأن للاقتصادتأثير مباشر على امتلاك عناصر القوة العسكرية، النووية وغيرها، بالإضافة إلى توفر ما يلزم من قوة مالية مطلوبة لبناء القدرة العلمية التكنولوجية التي لا يمكن بدونها أن تكون هناك فرصة أصلاً للحديث عن قدرات نووية متطورة عسكرياً، أو مدنياً.

استحالة قيام إسرائيل بعملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية لأسباب عسكرية ولوجستية وأمنية وتوازنات استراتيجية إقليمية ودولية 

وفي مجال القدرات النووية يتضمن اتفاق خطط العمل المشترك من إيران ومجموعة 5+1 ما يلي من إجراءات وترتيبات تتعلق مباشرة بتنظيم القدرات النووية الإيرانية، ووضع حدود لتلك القدرات بموجب الاتفاق. ولعل أهم هذه البنود والالتزامات والتعهدات ما يلي:

-   خفض أعداد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة لتخصيب اليورانيوم بمقدار الثلثين لمدة عشر سنوات، والإبقاء على 5060 جهاز تقوم بعمليات التخصيب في موقع نطنز، و1044 جهازاً آخر تبقى في حال العمل لكن بدون تشغيلها في موقع فوردو.

-   لمدة 15 عاما سوف تبقى إيران تجري عمليات التخصيب في موقع نطنز، وسوف تقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67%، ولن يتجاوز احتياطي اليورانيوم المخصب معدل 300 كجم.

-   مفاعل آراك للمياه الثقيلة سيبقى ينتج المياه الثقيلة، وسيتم تحديثه، ويزوّد بالإمكانات والمختبرات والمنشآت الجديدة، بالتعاون مع مالكي أكثر التقنيات تقدمًا وأمنًا في العالم، والتخلي عن الدعوات السابقة لتفكيكه، أو تحويله إلى مفاعل للمياه الخفيفة.

-   ستدخل إيران الأسواق العالمية باعتبارها بلدًا منتجًا للمواد النووية، لاسيما المنتجين الأساسيين: اليورانيوم المخصب والمياه الثقيلة. وسيتم إلغاء الحظر والقيود المفروضة على عمليات التصدير والاستيراد، والتي فرضت منذ 35 عامًا، أي منذ قيام ثورة 1979.

ويعني ما تقدم أن الاتفاق النووي يسمح باستمرار الأنشطة والعمليات المتعلقة بتخصيب اليورانيوم وفصل البلوتونيوم، وهي أنشطة وعمليات تستخدم في الأنشطة والعمليات السلمية مثل توليد الكهرباء، وتحلية مياه البحر، وغيرها. ولكنها، أيضاً يمكن أن تستخدم في المجالات والأنشطة والعمليات العسكرية، أي كسلاح. وهنا ننتقل إلى الجزء الأخير والأهم من هذه الدراسة، والمتعلق بالتأثيرات المحتملة للاتفاق النووي موضع الدراسة، وبخاصة في مجال احتمال تحول إيران، رغم الاتفاق الدولي، إلى دولة مالكة للسلاح النووي، وتأثير ذلك على منطقة الشرق الأوسط.

الاتفاق النووي ومستقبل الشرق الأوسط عسكريًا.

القدرات النووية العسكرية تختلف عن تلك السلمية المدنية سواء من التشكيل وطبيعة المنشآت، والمواد النووية المنتجة، وما تحدثه من آثار سلمية أو عسكرية. وإيران دولة تملك العديد من المنشآت والقدرات والمواد النووية. ولكنها كلها، حتى الآن سلمية وليست عسكرية. ولا تملك إيران الآن أسلحة نووية. وبشكل عام، فإن الأسلحة المتاحة لدول العالم هي إما أسلحة تقليدية، مثل تلك التي تملكها جيوش كل دول العالم، أو أسلحة دمار شامل. ومن الأسلحة التقليدية الطائرات الحربية والأساطيل والقوات البحرية، وصواريخ الدفاع الجوي، والدبابات وغيرها من المدرعات، وأسلحة المشاة والمدفعية، وغيرها من أسلحة القوات التقليدية.

وفي المقابل هناك أسلحة دمار شامل، وهي أسلحة غير تقليدية، أي أنه ينتج عن استخدامها تدميرًا شاملاً لأفراد وقوات وقدرات وأسلحة الدول الأخرى، ومنشآتها، وغيرها من عناصر الوجود الإنساني. وأخطر أسلحة الدمار الشامل هي الأسلحة النووية الانشطارية الناتجة عن تخصيب اليورانيوم، أو الاندماجية الناتجة عن فصل البلوتونيوم. ومن أسلحة الدمار الشامل أيضاً الأسلحة الكيماوية، والأسلحة البيولوجية، وكلاهما خطير ويحدث دماراً شاملاً قد يمتد تأثيره إلى أوقات بعيدة في المستقبل، وبخاصة الأسلحة البيولوجية. ولكن بمعيار عدد الأفراد الذين يقتلون بقنبلة واحدة، أو النطاق الجغرافي لامتداد الدمار الشامل إلى خارج نطاق نقطة أو منطقة استخدامه، مكانيًا أو زمانيا، يبقى السلاح النووي هو الأخطر والأكثر تأثيًرًا وتدميرًا وخطورةً.

وبموجب معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية التي فتحت للتوقيع في عام 1968، ودخلت حيز النفاذ عام 1970، وتم تمديدها تمديدًا لا نهائياً عام 1995، فإن الدول الكبرى الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، والتي أنتجت السلاح النووي قبل يناير 1967، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا الاتحادية، والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، وفرنسا، وجمهورية الصين الشعبية هي الدول المالكة للأسلحة النووية. ولكن الهند والباكستان أنتجتا السلاح النووي، ومن خارج تلك المعاهدة التي لم تنضما لها. وكذلك الحال بالنسبة لإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط. وكانت كورياالشمالية عضواً في معاهدة منع انتشار السلاح النووي، ولكنها مارست حقها القانوني بإخطار مجلس الأمن الدولي في عام 1993 بنيتها في الانسحاب من تلك المعاهدة. وقبل يوم واحد من سريان ذلك القرار تراجعت كوريا الشمالية واستمرت في عضويتها في المعاهدة ولكن بعد عشر سنوات، أي في 2003، أخطرت مجلس الأمن مجدداً بقرارها السابق، وطلبت إنفاذه بعد يوم واحد من تقديمه، لمضي 89 يوماً بين إخطارها السابق في 1993 وبين طلبها عدم إنفاذ ذلك الإخطار. ودون دخول في مزيد من التفاصيل، فإن كوريا الشمالية انسحبت منذ 12 عاماً من معاهدة منع الانتشار النووي، ليصبح هناك 9 دول غير أعضاء في تلك المعاهدة، وذلك لأن إسرائيل، وهي الحالة الأهم في هذا الجزء من هذه الورقة البحثية، بقيت، منذ البداية، خارج معاهدة منع الانتشار النووي. وقد بدأت إسرائيل برنامجها النووي من منتصف خمسينيات القرن الماضي، وقبل حوالي 13 عاماً من توقيع تلك المعاهدة الدولية. ومن الدلالات المهمة، هنا أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي لم تنضم إلى الاتفاقية، وبقيت خارجها منذ البداية.

وقد أقامت إسرائيل خمس منشآت نووية، أهمها مفاعل ديمونة، وهو المنشأة النووية العسكرية التي استخدمت منذ خمسينيات القرن الماضي لإنتاج السلاح النووي. وكانت فرنسا أول الدول الغربية التي ساعدت إسرائيل في برنامجها النووي، ثم انضمت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تلك المسيرة منذ إدارة جونسون في ستينيات القرن الماضي. أما المنشآت الأخرى فبعضها مدني أو غير عسكري، مثل مفاعل ناحال سوريك الذي تبلغ طاقته مستوى محدوداً.

العرب مطالبون بالاهتمام بكل السيناريوهات خاصة الأسوأ منها حتى وإن كانت نظرية وغير قابلة للتطبيق تحسباً لما هو قادم في المنطقة 

والسؤال المهم هنا هو عن تأثير الاتفاق النووي بين إيران والستة الكبار على منطقة الشرق الأوسط، وبخاصة على السياسة الإسرائيلية تجاه هذه المسألة. وكيف ستكون تلك السياسة. وما هي الخيارات التي ستكون متاحةً أمام أطراف الشرق الأوسط الأخرى، بل والولايات المتحدة الأمريكية، وبخاصة في ضوء الخلاف القائم بين الإدارة الديمقراطية والأغلبية الجمهورية في الكونجرس الأمريكي.

وطبقاً لنص الاتفاق النووي موضع البحث في هذه الورقة، فإن المحتوى الأهم عن البرنامج النووي الإيراني يتمثل في استمرارية هذا البرنامج مع تخفيض منتجه المتمثل في نسبة التخصيب النووي من 20% التي كانت إيران قد وصلتها في بعض المنشآت النووية الكبيرة، لتصبح نسبة التخصيب المسموح به أقل من 4%. وبالإضافة إلى تخصيب اليورانيوم بتلك النسبة الأقل يحافظ الاتفاق النووي على أنشطة وتكنولوجيا الماء الثقيل وفصل البلوتونيوم.

ومع استمرار الأنشطة النووية بنوعيها، والالتزام بالنسب والمعدلات الجديدة الأقل والأضعف، فإن احتمال تحول إيران من النشاط النووي السلمي والمدني إلى نظيره العسكري هو احتمال محدود أو غير كبير، إلاّ أنه لا يجوز إهماله أو استبعاده، وخصوصاً من جانبنا نحن كعرب. فالقاعدة العامة في تحليل وصنع القرار الاستراتيجي تتمثل في عدم إهمال أي احتمال، أو سيناريو – وبالعكس يجب إعطاء اهتمام خاص بالسيناريو الأسوأ في تأثيره علينا، حتى ولو نظريًا، وحتى ولو لم يكن قابل للتنفيذ بسهولة.

إن إخضاع البرنامج النووي الإيراني، وفقاً للاتفاق التاريخي محل التحليل، لخطوات وتدابير وإجراءات دقيقة من جانب الستة الكبار، ومعهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبخاصة الواردة منها في البروتوكول الإضافي النموذجي، الذي يعطي لبرنامج الوكالة المذكورة آليات وإجراءات قوية ومحكمة ودقيقة، في مراجعتها للبرامج النووية للدول التي تعطي للوكالة تلك الصلاحيات، ومنها إيران، وهو ما من شأنه تقليل فرص واحتمالات امتلاك إيران لبرنامج نووي عسكري قد يكون مأمولاً من الدولة الإيرانية. وحتى لو سارت إيران على الطريق النووي العسكري، فإن إدراك ذلك قبل تحققه أمر غير صعب للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو لأي من الدول الستة الكبرى الشريك، مع إيران، في الاتفاق النووي موضع البحث.

ولكن، إذا ما ذهبت إيران إلى طريق النووي العسكري، فإن دولة كإسرائيل ربما تفكر في ضرب ذلك عسكرياً قبل اكتماله، كما حدث مع العراق في عام 1981. ولكن إيران الحالية ليست مثل عراق صدام حسين. أضف إلى ذلك أن عدد المنشآت النووية الإيرانية كبير، وأن هذه المنشآت تقع تحت الأرض ومدرعة، بما يجعل تدميرها عسكريا مهمة صعبة، إنْ لم تكن مستحيلة.

وبالتالي، في هذه الحالة سيكون ثمة دولتان شرق أوسطيتان، غير عربيتين، هما إسرائيل وإيران، مالكتان للأسلحة النووية. وذلك أمر يؤدي إلى وضع استراتيجي جديد بالغ الصعوبة للدول العربية، وهو وضع يقوم على ردع نووي ثنائي متبادل بين إسرائيل وإيران مشابه للردع الثنائي الأمريكي السوفيتي الذي كان سائداً أيام الحرب الباردة. وإن تحقق ذلك إقليميا في الشرق الأوسط فسوف ينشئ وضعًا استراتيجياً جديدًا بالغ الحرج للدول العربية، وبخاصة لدول الخليج العربي ومصر. ومن بين دول الخليج العربي تزداد الدلالة والخطورة في إدراك كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. وذلك سناريو صعب ويمتد أثره إلى مصر. ولذلك فإنه من المهم والضروري أن تطور الدول العربية، وبخاصة المذكورة في هذه الفقرة، من قدراتها وسياساتها النووية بدءاً بإنشاء مفاعلات للطاقة النووية السلمية، لأن هذه الأخيرة سوف ترسل رسائل مهمة إلى الغير، وبخاصة إيران وإسرائيل وحتى لا يتحول الشرق الأوسط إلى إقليم غير عربي. وذاك أمر خطير ويحتاج إلى مزيد من البحوث والدراسات، وهو أمر يسعدني شخصياً أن أشارك فيه بمزيد من الدراسة والبحث والتحليل لهذه المجلة المحترمة.

مقالات لنفس الكاتب