array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 89

التقارب العراقي-السوري: هواجس صعود الإسلام السياسي السني

الأربعاء، 01 شباط/فبراير 2012

ذكرنا في دراسات سابقة أن الاحتلال الأمريكي للعراق في ربيع 2003 ساهم في تغييرات عديدة في المنطقة طالت النظام الإقليمي ووحداته؛ بحيث دفعت قوى لم تكن مرتبطة تماماً بالمشهد الشرق أوسطي مثل إيران إلى انغماسها بصورة كبيرة في كافة ملفات الشرق الأوسط؛ بحيث لا يمكن على سبيل المثال تصور معالجة برنامجها النووي وتداعياته الإقليمية أو الدولية من دون الحديث عن تنازلات مشتركة في الملفات المتفجرة الأخرى، مثل الملف الأمني العراقي أو الأزمة السورية في الوقت الحاضر، اللذين لها فيهما حضور متميز واستراتيجي.

من ضمن التغييرات التي ساقها الاحتلال انقسام المنطقة إلى محورين متعارضين، الأول، يسعى إلى مد الجسور على الأرض ضمن معادلة طائفية وصفها الفريق المقابل بالهلال الشيعي؛ هذا المحور يمثله كل من إيران وسوريا ولبنان؛ وهو محور هدف إلى دعم المقاومة في مواجهة الغرب واصطفت إلى جانبه حركات فلسطينية مقاومة، حركة حماس والجهاد الإسلامي؛ ونتيجة للربيع العربي أصبح –واقعاً- أن العراق ما بعد عام 2012 أصبح جزءاً من إرهاصات ومصالح هذا الهلال الذي وصف بمحور الممانعة أو المعارضة.

أما المحور الثاني فهو محور الاعتدال؛ أطرافه السعودية والأردن ومصر، وهو محور مدعوم من الولايات المتحدة والدول الغربية؛ يقف المحور بالضد من التوسع الإيراني ونفوذه المتنامي في المنطقة؛ إلا أن المحور أصابه تغير كبير دفعه (الربيع العربي) إلى تمتين أواصره بمشاركة تركية، كما جعل حركة مثل حماس تقترب أكثر من طروحات هذا المحور الجديد وتقرر الانتقال إليه.

اتضح حجم التغيير في المواقف الرسمية العراقية تجاه سوريا في تبني حكومة المالكي مبادرة لإنهاء الأزمة في سوريا

وخلال الأعوام التسعة الماضية من عمر الاحتلال الأمريكي للعراق نشأ وضع غير مستقر لم يحقق لدولة الاحتلال أهدافها المرجوة من الاحتلال؛ فحتى الدول الحليفة لم ترض تماماً عن رغبات الجار الجديد في المنطقة (أمريكا) الذي حاول فرض معادلات إقليمية جديدة ونسقاً اجتماعية وسياسية غير متدرجة عليها، ما دفعها إلى مواجهة المشروع الغربي أو (الديمقراطي) الذي أرادت له الولايات المتحدة منهجاً بالمنطقة. لقد سعت الولايات المتحدة إلى تكييف سياسات وأنظمة دول المشرق التي تقيم فيها (العراق) للقبول بمشروعها الديمقراطي الغربي تارة بالضغط والتهديد وتارة أخرى بالإغراء، إلا أن ردة الفعل كانت عنيفة من قبل جميع الأطراف (والمحاور).

ولذلك كان من الطبيعي أن تبدأ الولايات المتحدة بإعادة التفكير في وجودها بالمنطقة سواء بإعادة ترتيب الأوضاع من جديد وهو أمر مكلف، أو الانسحاب تاركة العراق والمنطقة في دوامة من العنف وعدم الاستقرار، وهو ما يجعل وحدات النظام الإقليمي أمام مسؤولية تحديد مصيره وطبيعة تحالفاته (ومحاوره) المقبلة.

وفي نهاية العام الماضي انسحبت الولايات المتحدة من العراق في ظل وضع إقليمي غير مستقر يشي بمزيد من التوتر من دون وجود أفق لحلها أو إعادة التوازن للنظام، وهذه الوقائع هي:

* تنامي النفوذ الإيراني في العراق وانفرادها من دون أي ضوابط أو حسابات- في الساحة العراقية، باستثناء آمال بتعاظم الدور التركي ليحل مكان دور الولايات المتحدة في مسعى لإعادة التوازن العرقي والطائفي في العراق من جهة، وبما يحقق مصالح دول الإقليم المعنية وأجندتها من جهة أخرى، وهو ما يستدعي من دول الإقليم العربي السني الاقتراب أكثر من تركيا وتشجيعها على الدخول أكثر بالشأن العربي بالعموم، والعراقي بوجه الخصوص1.

* (ربيع عربي) بدأ منذ ما يقارب العام نال من أنظمة وأعمدة الحكم الرئيسية في المنطقة، بل نال من أنظمة التفكير السياسية؛ بحيث مهد الطريق لدور جديد للتيارات الإسلامية على اختلاف انتماءاتها السلفية والوهابية والإخوان المسلمين في صناعة القرار بهذه الدول بمرحلة ما بعد (الربيع العربي).

* هذا الحضور الإسلامي في مرحلة الربيع العربي يمتد في إطاره الخاص إلى العالمية، حيث شهدنا انكفاء تيار الإخوان المسلمين عن التنسيق مع أفرع التنظيم المحلية في الدول الموجودة فيها.

* تنامي الأزمات الداخلية بحيث اتخذت طابعاً طائفياً فلم تعد محصورة في العراق ولبنان بل اتجهت إلى سوريا ومصر.

المحاور المتناقضة في العراق سيكون لها أثرها المدمر على المنطقة واستقرارها

في ظل هذا الأفق يمكن تفهم أو تحليل طبيعة التغييرات التي طالت كلاً من سوريا والعراق في الآونة الأخيرة سواء في علاقات الدول العربية تجاههما، أو في العلاقات المتغيرة بين هاتين الدولتين، أو في طبيعة الائتلافات الداخلية والخارجية للقوى السياسية الفاعلة داخلهما، وتحديد البوصلة السياسية لوحدات الإقليم في المستقبل الذي يعقب الانسحاب الأمريكي من العراق والمنطقة.

في المشهد العراقي، بعد عودته من الولايات المتحدة ولقائه رئيسها طلب رئيس الوزراء نوري المالكي من البرلمان سحب الحصانة من نائبه السني عضو ائتلاف العراقية صالح المطلق تمهيداً لمحاكمته، لم يكتف المالكي بذلك بل اتهم نائب رئيس الدولة السني طارق الهاشمي بتورط حمايته في أعمال اغتيال وتهريب سلاح للمنطقة الخضراء للقيام بأعمال إرهابية؛ إذ كان القرار القضائي بتوقيف ومساءلة الهاشمي الشرارة التي أشعلت ناراً وحرباً بين مختلف القوى، حيث اتخذت اللغة أشكالاً مختلفة انتقلت من توجيه الاتهامات إلى شن عمليات مسلحة، والقيام بأعمال انتقام لم تكن إلا رسائل بين مختلف القوى؛ وهي لغة ألفها المواطن العراقي، وأصبحت سمة الحوار بين القوى العراقية على اختلاف انتماءاتها.

الاحتلال الأمريكي للعراق لم يحقق لدولة الاحتلال أهدافها المرجوة

وعلى الرغم من تذرع المالكي بالقانون لتوجيه الاتهام نحو الهاشمي إلا أنه من الصعب الإقرار بصدق نواياه في تطبيق القانون، واعتباره أن جميع المواطنين تحت القانون؛ لكن في الوقت ذاته لا يمكن تقرير مدى مصداقية القرار الاتهامي من عدمه؛ حيث إن الهاشمي شأنه شأن كل القوى السياسية والقيادات السياسية في العراق لديه ميليشياته المسلحة الخاصة والتي تقوم بالأعمال القذرة نيابة عنه، كجزء من لغة التفاهم المشتركة بين القوى السياسية في حوارها المشترك؛ تلك اللغة التي تطورت خلال السنوات الماضية وأصبحت لغة معتمدة وربما أكثر إفهاماً من أية لغة أخرى؛ فالمالكي على سبيل المثال وباعتباره القائد العام للقوات المسلحة يقود بنفسه الفرقة الرابعة من الجيش العراقي؛ بحيث ترتبط الفرقة بمكتب رئيس الوزراء مباشرة، وتأتمر بأمره، وهو أمر مخالف للقانون، حيث يجب أن تكون مرتبطة بوزارة الدفاع. وينسحب الأمر على كل القوى الأخرى، فالتيار الصدري يملك جيش المهدي المسلح، وهو يقوم بأعمال انتقامية لخصومه السياسيين من دون أن تطاله يد القضاء، بل إن رئيس التيار مقتدى الصدر متهم بقتل عبدالحميد الخوئي رئيس المجلس الأعلى الإسلامي السابق، وهناك مذكرة توقيف بحقه لم تفعل حتى اللحظة. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فالمالكي منذ إدارته لملف مجالس الصحوة (السنية) سعى منذ البداية إلى إضعاف هذه القوة على اعتبار أنها أكبر تهديد لسيطرة الشيعة على الحكم على الرغم من دعم الولايات المتحدة وتشكيلها لها لمواجهة التنظيمات المسلحة و(القاعدة)؛ بالإضافة إلى ذلك، فالمالكي بجانب رئاسته للوزراء تولى حقيبة الداخلية، وحقيبة الأمن الداخلي، وحقيبة الدفاع، رغم مرور سنتين على تشكيل الحكومة وهو ما منحه القدرة والصلاحيات الواسعة لإعادة هيكلة المؤسسات العسكرية، والشرطية، والمخابراتية والاستخباراتية الخارجية، ووضع جلّ أنصاره فيها، مع توليهم الصفوف القيادية فيها، بحيث تشير بعض المصادر إلى أن أياً كان الوزراء الأمنيين فلن يكون بمقدورهم إلا التعامل مع تغييرات رئيس الوزراء والهيكلة التي وضعها للمؤسسات الأمنية2.

إضافة إلى ذلك تشير المصادر المطلعة أن سلسلة اتهام المالكي لقيادات سنية لن تتوقف عند الهاشمي أو المطلك، بل تشير المصادر إلى إعداده ترتيبات جديدة للنيل من القيادي السني في القائمة العراقية راسم العيساوي، الوزير الحالي للمالية.

ولذلك لا يمكن تقرير صدق نوايا رئيس الوزراء في اتهام الهاشمي، وإنما الأمر جاء نتيجة:

1- رغبة المالكي في التخلص من الخصوم السياسيين خصوصاً مع انسحاب الولايات المتحدة وهو ما يجعل المالكي أقل حماية ويجعله عرضة لهواجس ومخاوف الانقلاب. فالمالكي يعيش منذ فترة طويلة بهاجس الخوف من الانقلاب عليه، وهو ما دفعه مؤخراً إلى القبض على مئات البعثيين السنة والقوميين الشيعة بناء على وثائق حصل عليها من الرئيس التنفيذي للمجلس الوطني الليبي الذي نقل سعي الرئيس السابق معمر القدافي إلى تشتيت الانتباه من خلال الانقلاب على المالكي والعملية السياسية في العراق ما يعيق الانسحاب الأمريكي من العراق3.

2- تداعيات الخشية من خسارة سوريا كامتداد للهلال الشيعي الممتد من إيران إلى جنوب لبنان، خصوصاً لمواجهة تعاظم نفوذ الإسلام السياسي السني (في العراق) الذي تقوده تركيا والسعودية وقطر4 بالتعاون مع حلفاء هذه الدول العراقيين وتحديداً القائمة العراقية؛ التي يشارك فيها الإخوان المسلمون والسلفيون بصورة كبيرة5، حيث يعتقد المالكي أن الحركات الإسلامية السنيّة (العراقية) تسعى إلى اعتلاء موجة (الربيع العربي) واستغلال الفرصة، وركوب موجتها، من خلال دعم محور الرياض – الدوحة – تركيا، وبإسناد دولي أممي من محور واشنطن – باريس – لندن.

3- اتجاه المالكي إلى تأزيم المشكلة لغايات الانقلاب على العملية السياسية وإبقائه حصرياً المتنفذ في تقرير مصير الحكومة وقراراتها ولذلك فهو يسعى إلى إبقاء انسحاب القائمة العراقية من الحكومة إلى الوقت الذي يعلن فيه عن تشكيل حكومة الأغلبية أي الائتلاف بين الشيعة والأكراد. وهو أمر قد يجده الأكراد مغرياً خصوصاً بعد انسحاب القوة التي حافظت على المصالح الكردية طوال الأعوام الماضية وهي الولايات المتحدة. فالأكراد معرضون لخسارة مكتسباتهم السابقة التي جاءت بدعم من ائتلافهم مع القوائم الشيعية من جهة، ونتيجة لدعم الولايات المتحدة وعدم رغبه الأخيرة في استثارة الأكراد من جهة أخرى6.

ونتيجة لهذه الاعتبارات هزت العاصمة العراقية سلسلة من الانفجارات التي كشفت عن مؤشرات طائفية وراء هذه الأحداث من جهة، و تورط جهات إقليمية أو إيعاز من بعضها من جهة أخرى.

لقد جاء انفجار الأزمة السورية تزامناً مع إتمام انسحاب القوات الأمريكية من العراق وهو ما انعكس سريعاً في تفجيرات طائفية في بغداد كان واضحاً فيها أن الشيعة هم المستهدفون. ومن المفارقة أن الكتل الشيعية الرئيسية التي ناصب معظمها، النظام السوري أشد العداء، حتى إنها اتهمته بتفجيرات بغداد 2009 وطالبت بتحويل قادة النظام إلى محكمة الجنايات الدولية، تصطف اليوم خلف النظام السوري، وهي دلالة على أن المالكي أو الحكومة العراقية التي يترأسها (حكومة الأغلبية) بدأت تنظر للمشهد السوري من عدسة إقليمية أوسع، ترى في سوريا حلقة في الصراع لإسقاط (الهلال الشيعي)، لهذا نراها تنبري لتقديم كل عون مالي واقتصادي ونفطي وتجاري وسياحي متاح للنظام، بل يعتبر بعضها سقوطه (خطاً أحمر)، وهي مستعدة للذهاب حتى آخر أشواط المعركة. وهنا لا يمكن للمحلل استبعاد التوجيهات الإيرانية في هذا الاتجاه؛ وقد سبق ورصدت مصادر حركة بضائع وشاحنات غير اعتيادية على حدود البلدين (سوريا والعراق).

اللافت للانتباه أن التغيير في الائتلافات الداخلية لم تكن منوطة فقط بالشيعة أو حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون، بل تشير المصادر إلى أن القائمة العراقية، الممثل الرئيسي للعرب السنة في العراق، نقلت حساباتها ومصالحها من كتف إلى أخرى؛ فإياد علاوي حتى إلى وقت قريب كان صديقاً لنظام الأسد، بل مرشح لرئاسة الحكومة بدلاً من نوري المالكي، وصالح المطلك الذي أقام فعلياً في فنادق دمشق شأنه شأن الهاشمي الذي اتخذ مع البعثيين المحسوبين عليهم اتخذوا من دمشق مقراً لهم؛ لكن الصورة اختلفت تماماً هذه الأيام؛ حيث بدأنا نلاحظ انسجاماً وروابط وثيقة بينهم وبين المعارضة السورية، بحيث بدأوا يتبنون أطروحاتها، ويدعون إلى تغيير النظام.

وكانت هذه التحالفات والاصطفافات غير المعهودة كفيلة بتفجير مخاوف المالكي7 من جهة والقوى السنية من جهة أخرى، وهو ما أدى إلى الانفجار الذي شهدناه مؤخراً.

بكلمة أخرى، إن الأزمة السياسية التي نالت من العاصمة العراقية جاءت نتيجة طبيعية للائتلافات المتغيرة في الإقليم والداخل العراقي، وذلك نتيجة للانسحاب الأمريكي من جهة، ونتيجة لتداعيات (الربيع العربي) من جهة أخرى، فالأمر له امتداداته الإقليمية التي يصعب تداركها في مؤتمر وطني يعقد في العراق ولذلك يتوقع المراقبون استمرار تردي وتشعب الحالة الأمنية في المرحلة المقبلة؛ فالأمر لم يعد محصوراً بالأطراف العراقية بل لوحدات الإقليم أيضاً.

المبادرة العراقية

اتضح حجم التغيير في المواقف الرسمية العراقية تجاه سوريا في تبني حكومة المالكي مبادرة لإنهاء الأزمة في سوريا، وهو ما لاقى معارضة كبيرة من قبل خصوم دمشق من العراقيين المرتبطين بالرياض والدوحة وتركيا. فالقوى السياسية العراقية المرتبطة بالهاشمي وصالح المطلك، حثّت واشنطن من أجل، ألا تعيد انتشار قواتها في العراق المحتل، و\ أو سحب بعضها، حتّى تعمل على تأمين السنّة العراقيين من مخاطر الشيعة العراقيين؛ جاء ذلك على خلفية ازدياد التوترات الواضحة، ومشاعر العداء المتبادل على الخطوط الإثنو- طائفية العرقية العراقية. لقد حرّك الهاشمي والمطلك، القوى السياسية التابعة لهما لإثارة الخلافات العراقية – العراقية الداخلية، من خلال تشجيع إنشاء المجالس الإقليمية في محافظة صلاح الدين، ومحافظة ديالى، حيث من شأن ذلك أن يتيح ويقود إلى إنشاء إقليمين سنيين، على غرار إقليم كردستان العراق.

وفي السياق ذاته، يدرك المالكي أن استمرار وجود محور الهاشمي – مطلك، في توليفة الحكم ما بعد بدء الانسحاب الأمريكي من العراق، من شأنه أن يعقّد عملية صنع القرار السياسي العراقي، كما أن الحكومة الائتلافية العراقية الحاكمة الآن، والتي هي نتاج ضغوط أمريكية سابقة، فشلت حتى اللحظة في مهامها أو في إدارة توازنات المصالح الإقليمية والدولية العراقية، لجهة حسابات الأوضاع الشرق أوسطية الساخنة والجارية الآن. ولذلك أصبح المالكي أكثر اهتماماً بافتعال الأزمات الداخلية سعياً لتشكيل حكومته المطلقة بناء على مبدأ الأغلبية، وهو ما صرح به مراراً وتهديده للقائمة العراقية المنسحبة من الحكومة في حال استمرت في رفض الانضمام للحكومة.

وتتحدث المعلومات، وعلى أساس توجيهات و/ أو إيحاءات، عن علاقات وروابط محور الرياض – الدوحة – تركيا، مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث هناك تعاون واضح بين محور الهاشمي – المطلك مع القوى الكردستانية الحاكمة، في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق ، كذلك بسبب روابط أربيل مع العاصمة الأمريكية واشنطن، كل هذه الفسيفسائية السياسية في الروابط والعلاقات، جعلت جلّ القوى السياسية العراقية الأخرى، وخاصةً دولة القانون والائتلاف الوطني العراقي، تعتبر ذلك سلّة مصادر التهديد المحتمل لاستقرار العراق في مرحلة الانسحاب الأمريكي من العراق.

باختصار لا يمكن اعتبار الأزمة السياسية الخانقة والمتشعبة في العراق نتيجة لعوامل داخلية مرتبطة بمصالح القوى السياسية المتناقضة أو لاعتبارات الطائفية الداخلية، بل هي مواجهة بين المالكي ومن يقف وراءه (سوريا وإيران) من ناحية، وحلفاء المحور (السعودي – القطري) العراقي، وبعض حلفاء تركيا ومن ورائهم (الرياض والدوحة).

هذه المحاور المتناقضة سيكون لها أثرها المدمر على المنطقة واستقرارها، وهو ما –بحسب بعض المصادر المطلعة- سيجعل مناطق الحدود السورية-العراقية مشتعلة، مثلما جرى على طول المناطق المتاخمة، للحدود السورية – اللبنانية، وخاصةً في منطقة تلكلخ السورية؛ ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فالمصادر تعتقد أن مخطط إشعال الحدود سيمتد للحدود الأردنية-السورية.

الهوامش

1- تتواتر المعلومات عن تنسيق سعودي قطري تركي لتشكيل محور من هذه الدول يستعيض عن محور الاعتدال السابقة التي كانت محصورة بالدول العربية.

2- كنا سبق وتحدثنا في دراسات سابقة أن جهاز المخابرات العراقي، الذي ارتبط مباشرة بالإدارة العسكرية لقوات الاحتلال وتحت إدارة السنة وتحديداً برئاسة محمد الشهواني وقع منذ سنوات تحت الولاية المباشرة للمالكي، الذي عكف على طرد كل العناصر التي عملت مع النظام السابق ثم مع قوات الاحتلال ونقل عدداً كبيراً من العاملين في وزارة الأمن الداخلي وهو من الشيعة الذين سبق وعموماً مع المخابرات الإيرانية؛ بحيث وضع على رأس هذا الجهاز، شخصية استخبارية وسياسية موالية له ولإيران، وهو اللواء شيروان الوائلي.

3- تؤكد مصادر عراقية أن المالكي يعتقد وحلفاؤه في الائتلاف الشيعي، أنّه معرّض للاستهداف الإقليمي الخارجي، وأن الأمر ليس بجديد بل كان جزءاً من سلوك المالكي خلال الأعوام الماضية تجاه خصومه السياسيين، حيث يعتقد أنهم يسعون للإطاحة به وبواسطة دول مجلس التعاون الخليجي، وبعض الدول العربية؛ ولذلك، ولمواجهة ذلك سعى المالكي وأعوانه، إلى السيطرة على جهاز قوّات مكافحة الإرهاب، وعلى جهاز قوّات العمليات الخاصة الخارجية.

4- تشير المصادر إلى أن الإخوان المسلمين العراقيين، يدعمون الثورة السورية ضد النظام، ويدعمون توجهات الولايات المتحدة الأمريكية إزاء إيران وسوريا، وتشير المعلومات إلى أن هناك قوى سياسية عراقية، تابعة للهاشمي والمطلك، نسّقت وتنسق، مع محور واشنطن – الرياض – الدوحة، بالتفاهم مع تركيا، لإدخال الأسلحة والمسلحين عبر الحدود لاستهداف سوريا ونظامها.

5- يرتبط جناح الإخوان المسلمين في القائمة العراقية مع قطر ويمثل هذا الجناح طارق الهاشمي تحديداً، في حين العناصر المرتبطة بالجماعات السلفية الوهّابية، فهي أقرب إلى السعودية، أما العناصر المدنية – العلمانية بالقائمة العراقية فهي أقرب لمحور واشنطن – باريس – لندن – تل أبيب.

6- انظر بحثنا الموسوم (العراق والأمن المفقود) منشورات المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، والمنشور في صحيفة (العرب اليوم)، 2010.

7- القوى الشيعية الأخرى مثل التيار الصدري الذي بدأ يدعم النظام السوري رغم اتهامه العلني أكثر من مرة بتورط النظام البعثي على حد وصفه بعمليات قتل العراقيين.

 

مجلة آراء حول الخليج