; logged out
الرئيسية / تغيرات جذرية في العلاقات الخليجية-الأميركية

العدد 102

تغيرات جذرية في العلاقات الخليجية-الأميركية

الأحد، 29 تشرين2/نوفمبر 2015

شهد عام 2015 تطورات متسارعة لم تساهم في تقريب وجهات النظر حول القضايا الاستراتيجية التي تقلق دول مجلس التعاون الخليجي ولا تثير الاهتمام والحرص نفسه من الحليف الأميركي. استمر في عام 2015م، التباين في وجهات النظر بين الحليفين الخليجي والأميركي على أكثر من صعيد-وخاصة ما تراه دول مجلس التعاون الخليجي التراجع والغياب الأميركي عن ممارسة دور الزعامة والقيادة في ملفات المنطقة. عام 2015م، كان عام تراجع الثقة بالولايات المتحدة من جميع حلفائها لتلعب دور الزعامة وخاصة في الشرق الأوسط والخليج العربي ما يقلق حلفاءها بعد عقد من الحروب والدماء-أميركا تنكفئ وتتراجع!

استمرت العلاقات الخليجية الأميركية في مراوحتها التي دخلتها منذ عام 2013م، بسبب التباين حول الكثير من القضايا التي تراها دول مجلس التعاون الخليجي استراتيجية-بينما تراها الولايات المتحدة الأميركية تباين في وجهات النظر-وتكتيكية. وتكرر الولايات المتحدة على لسان القيادات الأميركية على الدوام من الرئيس أوباما إلى وزير الدفاع الذي تغير من تشيك هيغل لنائبه أشتون كارتر إلى وزير الخارجية جون كيري والقيادات العسكرية بالتزام الولايات المتحدة الراسخ" كالصخر" بأمن وحماية الحلفاء الخليجيين-لدرجة أن ما ميز العلاقات الخليجية الأميركية في عام 2015م، -كان توجيه الرئيس باراك أوباما دعوة غير مسبوقة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى قمة "كامب ديفيد " لطمأنة الحلفاء الخليجيين حول الاتفاق النووي مع إيران وللحصول على الدعم الخليجي للاتفاق النووي بين الدول الكبرى(5+1) وإيران الذي تم التوصل إليه في فيينا في 14 يوليو 2015م. وأعقب ذلك قمة ثنائية في البيت الأبيض بين الملك سلمان بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية والرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض في سبتمبر 2015م-وكذلك على هامش قمة مجموعة الثمانية في تركيا في منتصف شهر نوفمبر 2015م.

والواقع أن العلاقات الخليجية-الأميركية بين الحليفين الاستراتيجيين لم تتطور إلى مستوى" الشراكة الاستراتيجية" التي تتطلع إليها دول مجلس التعاون الخليجي. خاصة أن العلاقة تبقى غير متوازية بين حليف هو الدولة الأقوى في النظام العالمي، وطرف يريد أن يعزز من أمنه واستقراره. وتعلم الولايات المتحدة الأميركية، كما تعلم دول مجلس التعاون الخليجي أن لا بديل عن الدور الأميركي في المنطقة. هذا بالرغم من الصعود الذي ميز الدور الروسي في الشرق الأوسط في عام 2015م، ولكنه لن يكون بديلاً للدور الأميركي بالرغم من تراجعه.

       لعل أبرز تطور في العلاقات الخليجية-الأمريكية هو انتزاع دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية دور القيادة والزعامة والتصميم على أخذ زمام المبادرة في حماية الأمن الخليجي والدفاع عن مصالح وأمن دول مجلس التعاون الخليجي باستقلالية غير مسبوقة من المملكة العربية السعودية والشركاء الخليجيين. ما قد يشكل نهجا طال انتظاره ويغير من توازن القوى الإقليمي مع إيران-والأهم يؤسس لعامل الردع مع الأطراف التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. ويرسخ زعامة وقيادة المملكة العربية السعودية والشركاء الخليجيين ويؤسس لنواة مشروع عربي تأخر كثيرا، يعزز الدور العربي ويتصدى للمشاريع الإقليمية والدولية المتقاطعة على أرضنا العربية وعلى حسابنا وحساب مصالحنا.

أتى ذلك التحول للرد على التحول الجيو-استراتيجي في التحالفات الإقليمية نتيجة للتقارب الأميركي-الإيراني على خلفية برنامج إيران النووي الذي تحول إلى عامل مغنطيسي للرئيس أوباما شخصياً لتحقيق إنجاز-وقف وتعطيل برنامج إيران النووي ولو لم يتمكن من القضاء على برنامج إيران النووي كليا-ولكن ذلك يكفي ليخلد إرثه كرئيس حقق إنجازا تاريخياً.

وتعمق غياب الدور القيادي للولايات المتحدة الأميركية بتحدي روسيا للدور الأميركي وشنها حربا في سوريا على تنظيم الدولة-داعش تحت ذريعة محاربة الإرهاب-بينما الهدف هو دعم نظام الأسد المترنح وتسجيل نقاط وتصفية حساب مع الولايات المتحدة الأميركية وأوكرانيا ولرفع العقوبات الغربية. لتشن روسيا للمرة الأولى في تاريخها حربا وعمليات عسكرية في مناطق نفوذ الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط وشرق المتوسط. وهذا تطور مثير للقلق من الناحية الجيو-استراتيجية لحلفاء الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط والخليج وحتى في الجوار الروسي في أوروبا الشرقية والبلطيق! يرافق ذلك تنمر الصين وتهديدها لجيرانها في بحر الصين الجنوبي-ما يجعل التراجع الأميركي وغياب دور الزعامة الأميركية عاملا يثير القلق والتساؤل من جميع حلفاء واشنطن ويريح خصومها.

ووصل الأمر بالرئيس أوباما بتحذير دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية بأن الخطر الحقيقي ليس من إيران بل من داخل الدول العربية نفسها وأزمة المطالب الاجتماعية! ويعلق الرئيس أوباما في مقابلته مع صحيفة نيويورك تايمز بعد التوقيع على الاتفاق النووي بتأكيده "السؤال الذي يطرحه الشباب السعودي والكويتي لماذا ليس لدينا الفرص والأمل مثلما لدى الشباب في فنلندا وسنغافورا والصين واندونيسيا وأمريكا؟!وهذا ما على قادة دول مجلس التعاون الخليجي التعامل معه! وعلينا الاستماع لحلفائها السنة العرب ولكن علينا أن لا نقع في فخ إلقاء كل المشاكل على إيران. المواطنون من دول مجلس التعاون الخليجي هم أكثر المتطوعين المشاركين في الحركات الجهادية السنية التي تهدد الاستقرار." ويقلل الرئيس أوباما من دور إيران في اليمن مبالغ فيه. "من اطلاعنا على تقارير الاستخبارات، لا نرى الدور الإيراني الاستراتيجي في اليمن بقدر ضعف الحكومة المركزية اليمنية." واضح من هذه المواقف التي يتبناها الرئيس أوباما شخصيا أن تتباين بقوة مع المواقف الخليجية. وأن إدارة الرئيس أوباما لا تتفق مع حلفائها الخليجيين ولا تطمئنهم بالرغم من قمة كامب ديفيد والتأكيدات التي تقدمها إدارة الرئيس أوباما هي بلا ضمانات ولا تطمئن الحلفاء الخليجيين-وخاصة رفض إدارة أوباما والإدارات السابقة وربما القادمة ترفض ترقية العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأميركية والحلفاء الخليجيين لشراكة استراتيجية ومظلة أمنية وحتى نووية في حال امتلكت إيران السلاح النووي-شبيهة بالعلاقة الاستراتيجية والمظلة النووية مع اليابان وكوريا الجنوبية.

بسبب استمرار وتعمق التباين بين الطرفين. لم تتحسن العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأميركية والحلفاء الخليجيين في عام 2015م-أبعد من التطمينات. واضطرت دول مجلس التعاون الخليجي وسط عواصف وصراعات أن تقود عاصفة الحزم للدفاع عن مصالحها وأمنها واستقرارها. وهذا قد يكون تطورًا إيجابيًا ويرسل رسائل للأطراف المعنية، ويؤسس لواقع جديد في العلاقة غير المتوازنة بين الحليفين. وهذا يؤكد ما يسميه الباحث الأميركي في العلاقات الدولية-"غلين سنايدر""المعضلة الأمنية" بين حليفين متفاوتين بالقدرات والقوة. حيث يشعر وقد يبالغ الطرف الضعيف (دول مجلس التعاون الخليجي) بخطر التبعية بلا قدرة على التأثير على الحليف القوي في قراراته أو غيابها. وبخطر الهجران والإهمال إذا تحالف مع طرف آخر. هذه النظرية لمعضلة الأمن "تنطبق بالفعل على العلاقة بين دول المجلس والولايات المتحدة الأميركية.

تيقنت دول مجلس التعاون الخليجي أن التقارب الأميركي الإيراني، والغياب والتردد الأميركي في الشأن السوري والعراقي واليمني لن يتغير في ظل إدارة الرئيس أوباما. يرافق ذلك الفشل الواضح في الحرب على تنظيم الدولة داعش. حيث لم تحقق استراتيجية الرئيس أوباما عام 2015م، وبعد آلاف الغارات على مواقع تنظيم داعش في العراق وسوريا-أهدافها-"بإضعاف وهزيمة تنظيم الدولة-داعش" تطبيقا لاستراتيجية الرئيس أوباما. بل بالعكس زاد خطر وتهديد وتمدد تنظيم داعش منذ بدء العمليات العسكرية. فقد ضربت داعش في السعودية والكويت واليمن ولبنان ومصر وتركيا وآخرها ادعاء إسقاط طائرة ركاب روسية في سيناء في مصر، واعتداءات باريس في قلب أوروبا-حيث أعلنت فرنسا أنها في حالة حرب مع تنظيم داعش.

 كما كان مثيرا للسخط الخليجي طلب إدارة أوباما من إيران التعاون في مواجهة تنظيم داعش الذي توسع في العراق وسوريا. وقدمت إيران أوراق اعتمادها في شن الحرب على داعش-بينما كما يتهم مرشحون للرئاسة الأميركية من الحزب الجمهوري وعميل الاستخبارات الأميركية إدوارد سنودن-بأن ظهور داعش وتمددها هو بسبب السياسات الأميركية وغزو واحتلال العراق والانسحاب من العراق وتركه لإيران والسكوت عن دعم إيران لسياسات رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الطائفية وعدم الحسم في التعامل مع دموية بشار الأسد في سوريا. بينما يحذر رئيس الاستخبارات الفرنسية في واشنطن في أكتوبر 2015-بأن السبب الرئيسي لما يجري في سوريا والعراق هو تهميش المكون السني في شرق أوسط تغير ولن يعود لما كان عليه وسط خشية من تقسيم كل من العراق وسوريا. وسط ذلك لا وجود للدور والزعامة الأميركية الغائبة. بل هناك غياب كلي لاستراتيجية فعالة للتعامل مع أزمات المنطقة وخاصة الأزمة السورية.

كما كان مقلقا التخبط الواضح في التعامل الأميركي مع برنامج تدريب المعارضة السورية المعتدلة لمواجهة داعش وليس النظام السوري. وبعد إنفاق نصف مليار دولار تم الغاء البرنامج! كان مقلقاً وصادما ومحرجا ومهينا تعليق السناتور الجمهوري المخضرم غراهام في جلسة استجواب لوزير الدفاع أشتون كارتر ورئيس هيأة الأركان العامة للقوات المسلحة الأميركية ولإدارة الرئيس أوباما. في جلسة استجواب للجنة الخدمات العسكرية في مجلس الشيوخ في نوفمبر الماضي-أتهم السناتور لندسي غراهام إدارة أوباما بتسليم سوريا لروسيا وإيران. وعدم جدية إدارة الرئيس أوباما بمواجهة نظام الأسد-وأن أولوية الإدارة مواجهة داعش ووصفها بطبخة فاسدة. وأثبت غياب أي استراتيجية لإدارة الرئيس أوباما تجاه سوريا.

لكن ما كان مقلقا للطرف الخليجي هو عدم تعاطي الولايات المتحدة بشكل جدي يأخذ في الاعتبار هواجس وقلق الحلفاء الخليجيين من المشروع الإيراني وتدخلها في شؤون المنطقة وممارستها مع حلفائها ووكلائها في المنطقة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة ومصالح دول مجلس التعاون الخليجي وبالتالي يهدد مصالح الولايات المتحدة نفسها بتهديد الأمن والاستقرار الإقليمي. وقد اقترب الخطر من دول المجلس بشكل غير مسبوق. في زيادة لمنسوب الحرب الباردة بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران لأعلى مستوى له. وبرز ذلك من حصار دول المجلس عبر الحوثيين في اليمن-ودعم الحشد الشعبي ومشاركة الحرس الثوري الإيراني في العراق ودعم نظام بشار الأسد بشكل مباشر في سوريا. وتعطيل النظام السياسي في لبنان. واكتشاف خلايا إرهابية في البحرين والكويت. وتعمق الفرز والانقسام المذهبي السني-الشيعي في المنطقة. وكان ذلك قبل الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، وتعمق بسبب تجرؤ إيران على المزيد من التدخل وتهديد النظام العربي بعد الاتفاق النووي. كما كانت تخشى دول المجلس وكما كان العديد من الباحثين الخليجيين وكاتب هذه السطور منهم.

أبرز التحولات والتغيرات في عام 2015-تمثل في زيادة حجم الهواجس الخليجية من استراتيجية إدارة الرئيس أوباما في نهاية لما يُعرف(Pax-Americana)وتخفيض إدارة أوباما لأهمية واستراتيجية منطقة الخليج العربي-فيما يسميه بعض الباحثين الاستراتيجيين الأميركيين لتخفيف وطأته(Mature Withdrawal)ما يدفع حلفاء الولايات المتحدة الأميركية وخاصة دول مجلس التعاون للاعتماد أكثر على أنفسهم وأقل على الحليف الأميركي-وتمثل ذلك بالتطور الأهم في العلاقة الخليجية-الأميركية-بشن عاصفة الحزم في مارس 2015- في تطور استراتيجي ولاستقلالية وثقة كبيرة بتشكيل وقيادة المملكة العربية السعودية مع الشركاء الخليجيين لتحالف عسكري غير مسبوق من السنغال إلى ماليزيا-لدعم الشرعية في اليمن وإعادة الرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي وفي بعده الاستراتيجي لاحتواء التمدد الإيراني الذي فاخر في عام 2015م، بأنه يسيطر عن طريق حلفائه العرب على أربعة عواصم عربية وأصبح إمبراطورية تمتد من إيران للمتوسط وعاصمته بغداد! وأصبحت إيران سيدة البحار والمتحكمة في المضائق المائية من مضيق هرمز في الخليج العربي إلى مضيق باب المندب متحكمة ومسيطرة على ممرات الملاحة والنفط والطاقة! ومحاصرة لدول المجلس من جميع الجهات.

أمام هذا التفوق والحصار الإيراني-وأمام الصمت وغياب الزعامة الأميركية-كان لا بد لدول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية-التي باتت القائد الفعلي للنظام العربي الذي يعاني من تراجع دور الدول المركزية التقليدية أن تمارس دور الزعامة والقيادة بتشكيل التحالف الخليجي-العربي وقيادة عملية عاصفة الحزم وإعادة الأمل في اليمن بأبعادها اليمنية والإقليمية وترسيخ زعامة دول مجلس التعاون الخليجي للنظام العربي.

أبرز التحديات للعلاقة الخليجية-الأميركية هو تغير طبيعة التحالفات وتحول إيران من خصم وعدو عقائدي واستراتيجي إلى حليف للولايات المتحدة الأميركية-التي ترى أنه يمكن لإيران أن تساهم في حل مشاكل المنطقة. التي رافقت وزادت حول الاتفاق النووي بين القوى الكبرى وإيران. وبالرغم من دعم دول مجلس التعاون للاتفاق النووي الذي يُعد أهم انجازات الرئيس باراك أوباما في السياسة الخارجية-إلا أن التباين بقي أن الاتفاق النووي لن يُنهي برنامج إيران النووي ولن يساعد على عقلنة وترشيد تصرفات وسياسات إيران تجاه جيرانها في دول مجلس التعاون الخليجي. وهذا ما نشهده اليوم من تصرفات إيران وتدخلها السافر في الشؤون الخليجية والعربية متسلحة بالمزيد من الثقة والشرعية والمال لتحقيق مشروعها فيما الولايات المتحدة لا تحرك ساكنا أو توجه تحذيرا أو انتقادا لما تقوم به إيران من تدخل في الشأن الخليجي وفي العراق وسوريا ولبنان واليمن. لا بل يجد الرئيس أوباما تبريرا لذلك ويقلل من شأنه!

شهد مطلع العام 2015 م، تغيرًا في القيادة السعودية خاصة بعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز وتسلم الملك سلمان بن عبد العزيز السلطة في المملكة العربية السعودية-واختصار الرئيس باراك أوباما زيارته للهند لزيارة المملكة العربية السعودية وتقديم واجب العزاء. ولاحقا عقدت قمة في البيت الأبيض بين الرئيس أوباما والملك سلمان الذي لم يشارك في قمة كامب ديفيد مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي وكذلك اللقاء على هامش قمة العشرين في تركيا في نوفمبر 2015. والملفت إتباع المملكة العربية السعودية سياسة خارجية أكثر نشاطا وجرأة وتدخلا لتحصين الأمن الخليجي والأمن القومي العربي وهذه مسؤولية تعزز من دور وحضور ومكانة المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.

زاد دول مجلس التعاون الخليجي قلقا وتشكيكا بقدرة إدارة الرئيس أوباما على تغيير مقاربتها لأزمات المنطقة الاتهامات القوية واللاذعة التي وجهها السناتور الجمهوري المخضرم جون ماكين لاستراتيجية إدارة الرئيس أوباما أو لغيابها تجاه قضايا الشرق الأوسط في أكتوبر الماضي: "دفعت سياسات ومواقف الرئيس أوباما حلفاءنا للتشكيك والتساؤل حول ما نقوم به والذي يبدو أنه يطمئن أعداءنا. حيث يسيطر الحذر والتريث الخاطئ في تعامل الإدارة مع الأزمات. وتم استبدال خطر المواجهة بعدم المواجهة. ومن خلال حطام سياستنا الفاشلة في الشرق الأوسط يتقدم الرئيس بوتين."

لا توقع بتغير جذري ولو طفيف في مقاربة الرئيس أوباما خلال الثلاثة عشر شهرا المتبقية من إدارته الثانية والأخيرة في البيت الأبيض لقضايا ومشاكل وتهديدات منطقة الشرق الأوسط. لا نتوقع أي اختراق في كل القضايا التي تؤرق المنطقة وتهدد الأمن والاستقرار. من الصراع العربي الإسرائيلي وحل الدولتين الذي ابتعد أكثر في عهد الرئيس أوباما. ولا حل سياسي لأزمة سوريا الجرح النازف التي تشكل إفلاسا استراتيجيا وأخلاقيا لإدارة الرئيس أوباما والمجتمع الدولي. بل يقترب الموقف الأميركي بتبني المبادرة الروسية التي تهدف لتعويم الأسد في خطة سياسية على مدى ثمانية عشر شهرا! ماذا حدث للأسد الذي فقد الشرعية ولا دور له في مستقبل سوريا؟ ولا حل لوقف مشروع إيران وتدخلها وحلفائها وتهديد الأمن والاستقرار على حساب مصالح واستقرار حلفاء واشنطن. ولا نجاح في إلحاق هزيمة بتنظيم داعش في المنطقة وخاصة في العراق وسوريا. والخشية أن يكون رفع اليد والتراجع الأميركي الناضج كما تكيفه بعض مراكز الدراسات الاستراتيجية في الولايات المتحدة الأميركية لتحقيق توازن مع مناطق استراتيجية حول العالم خاصة في الاستدارة نحو الصين وآسيا وغيرها من المناطق الحيوية والاعتماد أقل على النفط والطاقة الخليجية-سيكون نهج الإدارات الأميركية القادمة. وليس عقيدة إدارة الرئيس أوباما.

لهذا تخطط دول مجلس التعاون الخليجي منذ اليوم لواقع جديد ونهج ومقاربة أميركية مختلفة-بالاعتماد على النفس والتنسيق الأمني والدفاعي والعسكري بين دولنا والاعتماد أقل على الحليف الذي أثبت أنه من الصعب التعويل عليه!

مجلة آراء حول الخليج