; logged out
الرئيسية / لم يبدأ الإرهاب مع داعش ولن ينتهي بالقضاء عليه

العدد 104

لم يبدأ الإرهاب مع داعش ولن ينتهي بالقضاء عليه

الأحد، 07 شباط/فبراير 2016

ما يجري اليوم مع تفجيرات باريس وما جرى منذ أربعة عشر عام تقريبا – تفجيرات 11 سبتمبر 2001م- عندما تم تفجير برجي التجارة العالمية في نيويورك ومبنى البنتاجون في واشنطن، حيث اتهمت واشنطن تنظيم القاعدة بالوقوف وراء هذه التفجيرات، وعلى إثرها حرضت وحشدت واشنطن دول العالم في حملة دولية بقيادتها لمحاربة (الإرهاب) الذي تم اختزاله بتنظيم القاعدة، وهو التنظيم الذي نشأ وترعرع في بداياته برعاية ودعم واشنطن ودول خليجية .

الحملة الأمريكية ضد الإرهاب لم تقتصر آنذاك على ضرب تنظيم القاعدة، حيث لم يُمس التنظيم إلا قليلا نتيجة هذه الحملة، بل أمتدت لتضرب دول وأنظمة معادية للسياسة الأمريكية دون أن يكون لها علاقة بتاتا بتنظيم القاعدة ،كما جرى مع العراق . واليوم نلاحظ أنه وبعد مرور أربعة عشر عاما لا تم القضاء على تنظيم القاعدة ولا على الإرهاب، وبالمقابل عززت واشنطن من تواجدها العسكري والأمني في دول الشرق الأوسط، ونشرت القواعد العسكرية في بعض الدول العربية، وباعت أسلحة لدول المنطقة بمئات ملايين الدولارات تحت ذريعة خطر الإرهاب، كما تم تفكيك دول وإثارة الفتنة الطائفية وإسقاط أنظمة وابتزاز أخرى الخ .

خلال كل ذلك تم إزالة الخطر الذي كان يشكله العراق على إسرائيل، كما تم إبعاد الأنظار عما يجري في فلسطين، حيث جاءت تفجيرات 11 سبتمبر في أوج انتفاضة الأقصى وحيث كان العالم مُستفزا من القمع الصهيوني للمنتفضين، وقد عملت إسرائيل على خلط الأوراق من خلال الربط ما بين تفجيرات 11 سبتمبر والأعمال الإرهابية الأخرى من جانب وعنف الفلسطينيين من جانب آخر، لتقول للعالم إنها تتعرض للإرهاب كما يتعرض الغرب للإرهاب .

وكأن التاريخ يعيد نفسه، فما أن ضرب تنظيم دولة الخلافة (داعش) باريس حتى استُنفِر العالم وخصوصا الغرب متداعيا لتكاتف الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب والذي تم اختزاله بتنظيم داعش، وكأن الإرهاب بدأ مع تنظيم داعش الذي ولِد من رحم تنظيم القاعدة وفي ظروف ملتبسة، وكأن القضاء على داعش سيؤدي للقضاء على الإرهاب ! وفي ذلك اختزال مخل لمشكل الإرهاب وتجاهل خطير لأطرافه وأسباب ظهوره ، وعدم استفادة من التجارب السابقة ،في حالة افتراض أن باريس والغرب عموما يريدون القضاء على تنظيم داعش . 

من حق فرنسا أن تغضب ومن واجب الدول أن تتعاطف معها، ولا أحد يمكنه أن يقبل هكذا أعمال ضد مدنيين، إلا أن الأمر يتطلب مزيدا من التعمق والبحث الجاد في تعريف الإرهاب وأسبابه الحقيقية وكيفية مواجهته، وسيكون من الخطورة والخطأ الكبير اختزال الإرهاب بتنظيم داعش، فليس داعش المصدر الوحيد للإرهاب في المنطقة، حتى وإن كانت طريقة ممارسته لعنفه أكثر إرهابا واستفزازا . الإرهاب في المنطقة لم يبدأ مع داعش ولن ينتهي في حالة القضاء عليه، فهناك بيئة اجتماعية وسياسية تُنتج الإرهاب، كما أن هناك عوامل خارجية تدعم الإرهاب وتحتضنه، أو تبرر ظهور جماعات إرهابية .

ليس تنظيم داعش لوحده من يمارس الإرهاب في العالم

إن ظاهرة (الإرهاب) في المنطقة العربية تستدعي المزيد من البحث والدراسة لوضع ما يسمى تضليلا بظاهرة (الإرهاب الإسلامي) في سياقها الصحيح. الجماعات الإسلاموية التي تمارس الإرهاب لم تأخذ تفويضا ربانيا بالقيام بما تقوم به، كما أن المسلمين لم يفوضوها بذلك. أيضا هناك شكوك قوية بوقوف دول غربية وراء هذه الجماعات أو بعضها، كما أن إرهاب هذه الجماعات ليس الوحيد في المنطقة حيث الإرهاب الصهيوني أكثر خطورة وفتكا لأنه يهدد الوجود الوطني لشعب بكامله - الشعب الفلسطيني – بالإضافة إلى الجرائم المستمرة من خلال حالات العدوان المتكررة على قطاع غزة وعمليات الاستيطان وتدنيس المقدسات وقتل المواطنين في الضفة والقدس .

كيف يمكن منع جماعة من أن تمارس الإرهاب باسم الإسلام أو الجهاد- حتى وإن كانت الممارسة والتوظيف خاطئين في المكان والزمان – بينما إسرائيل تحتل القدس وتدنس المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين، وهو المكان الأكثر قدسية بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة ؟ كيف يمكن إقناع مليار ونصف مليار مسلم بعدم وجود ازدواجية في المعايير في سلوك الغرب، حيث يحشد الغرب الجيوش لمحاربة جماعات إرهابية إسلامية هنا وهناك، ويصمت على الاحتلال الصهيوني لفلسطين وممارسات الجيش الإسرائيلي التي تُوقِع يوميا القتلى والجرحى وتعتقل الآلاف من الفلسطينيين ؟ .

كيف لا يفكر سنة العراق والسنة بشكل عام بالانتقام ممن كانوا سببا في إذلالهم من طرف الاحتلال الأمريكي في العراق وإذلال ميليشيات شيعية أذلت أهل السنة ؟ كيف لا يفكر مليون جندي وضابط -عدد افراد الجيش العراقي الذي تم حله من طرف الأمريكي برايمر وأعوانه في العراق بعد احتلاله عام 2003 م، - لا يفكرون هم أو ذويهم بالإنتقام ممن كانوا سببا في إهانتهم وإذلالهم ؟ كيف لا يفكر شخص أو جماعة بالانتقام ممن كانوا سببا في تحويل ما كان يُفترض أن يكون ربيعا عربيا إلى فوضى وحروب أهلية تثير الفتنة الطائفية وتفكك الأوطان ؟ .

ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية ليس حزبا كبقية الأحزاب، إنه تركيبة معقدة من الغضب والحقد والفقر واليأس والتخلف، وتوظيف كل ذلك من طرف أنظمة عربية وإقليمية وغربية وإسرائيل والتآمر الخارجي. وبالتالي يمكن تفكيكه أو إضعافه ولكن يصعب القضاء عليه ما دامت الأسباب المُنتِجة له قائمة، وإن تم القضاء على داعش ستوجد دواعش جديدة .   

 إن الأمر بحاجة للبحث في أسباب الظاهرة المسماة إرهاب وفي الحالة المُسماة تنظيم الدولة الإسلامية. كما يحتاج الأمر لوضع مقاييس أخلاقية وسياسية وقانونية لتعريف الإرهاب وتمييزه عن كفاح الشعوب من أجل حريتها واستقلالها. وكذا يحتاج الأمر أن يشمل تعريف الإرهاب حالات العدوان والتدخل الفج للدول الكبرى على شعوب المنطقة. والقانون الدولي والمنظمات الدولية بحاجة إلى وضع قواعد قانونية حول هذه الظواهر، بل وإعادة النظر في قواعد الحرب والعدوان كما هي مدونة في القانون الدولي الكلاسيكي حتى تناسب أشكال الحرب والعدوان غير المعلنة التي تمارسها الدول المهيمنة ضد الشعوب المستضعفة.

ربما كانت مصادفة أن تفجيرات 11 سبتمبر 2001 م، جاءت في أوج انتفاضة الأقصى التي أثارت العالم على إسرائيل ووضعتها أمام أزمة وجود حقيقية، وتفجيرات باريس في نوفمبر 2015م، جاءت في ظل الانتفاضة الثالثة وتزايد المواقف الدولية والشعبية الأوروبية خصوصا المؤيدة للفلسطينيين والمنددة بالسلوك الإسرائيلي؟ . ولكن من المهم التفكير بما قاله وزير الدفاع الفرنسي قبل أيام من تفجيرات باريس بأن الشرق الأوسط لن يعود كما كان !، فهل ستوظف باريس هذه التفجيرات لإعادة ترتيب الشرق الأوسط  كما عملت واشنطن بعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001م، أم انها جادة في البحث عن الأسباب الحقيقية للإرهاب والعنف في المنطقة ؟. ليس هذا هوس نظرية المؤامرة ولكن هذه هي السياسة في الشرق الأوسط وفي السلوك الصهيوني على وجه الخصوص.

تعريف الإرهاب وتاريخه

وبالعودة إلى الوراء قليلا وانطلاقاً مما سبق وحول تعريف مصطلح الإرهاب السياسي المتداول في اللغة العربية اليوم هو ترجمة لكلمة TERRORISM الانجليزية وهي مشتقة من اللغة اللاتينية حيث إن كلمة TERROR تعني الرعب والفزع أو الشخص الذي يبثهما في قلوب الآخرين. وقد ظهر هذا المصطلح بهذا المعنى ولأول مرة في فرنسا إبان الثورة الفرنسية (1789-1799) حيث تم إطلاقه على الأعمال التي قام بها الثوار اليعقوبيون بزعامة مكسمليان روبسبير ضد معارضي الثورة ، وتكرر استعماله لوصف الأعمال التي قامت بها الحركة الفوضوية Anarchism والعدمية Nihilismفي أوروبا وروسيا تحديدا  بدءا من منتصف القرن العشرين ، كما أطلق الثوار البلاشفة (الشيوعيون) في الثورة الروسية في أكتوبر 1917 صفة الإرهاب على الاعمال التي يقومون بها ضد المناشفة واعداء الثورة .

في جميع الحالات السابقة كانت كلمة إرهاب لا تحمل معنى سلبيا بل كانت وصفا لنسق من الحكم أو السلوك السياسي هدفه إرهاب أعداء الثورة، أو إرهاب الشعب لأعدائه. إلا أنه في بداية السبعينيات من القرن العشرين ظهرت موجة جديدة من أعمال العنف السياسي في أوروبا أيضا من طرف قوى ماركسية وثورية أوروبية ترفض النظام الرأسمالي، فكانت جماعة، الألوية الحمراء ،الجيش الأحمر، العمل المباشر، وبادر ماينهوف الخ . في تلك المرحلة تم توصيف هذه الأعمال بالإرهابية كما تم تجريمها رسميا.

 

الإرهاب بدأ في أوروبا وانتهى في الشرق الأوسط

 

نلاحظ مما سبق أنه حتى السبعينيات من القرن الماضي كان الإرهاب ظاهرة أوروبية المنشأ، ولم ينتقل للشرق الأوسط إلى بعد ظهور الحركة الصهيونية في فلسطين وممارستها للإرهاب بحق الشعب الفلسطيني . كانت الحركات الصهيونية في فلسطين إبان الانتداب البريطاني أول من أدخل الإرهاب إلى المنطقة العربية وإلى فلسطين على وجه الخصوص، وقد أطلقت بريطانيا نفسها على هذه الجماعات اليهودية صفة الجماعات الإرهابية عندما فجرت جماعة الإرجون اليهودية  فندق الملك داوود في القدس 22/7/1946 م، وكان مقرا لحكومة الانتداب، وقُتل نتيجة هذا العمل 91 شخصاً، 41 منهم فلسطينيين، و28 من الإنجليز و17 من اليهود و5 من جنسيات أخرى وأصيب 45 بجروح مختلفة الخطورة. وقد وزعت بريطانيا آنذاك منشورات تتضمن صورة مناحم بيجن زعيم حركة الإرجون– رئيس وزراء إسرائيل فيما بعد –كإرهابي مطلوب للعدالة ووضعت جائزة لمن يساعد على إلقاء القبض عليه .

 وقد اعتبرت دراسات أكاديمية وتقارير رسمية بريطانية أن تفجير فندق الملك داوود "أحد أكثر التفجيرات الإرهابية المميتة في القرن العشرين ". وعندما أقام أعضاء قدامى من منظمة الإرجون ويمينيون يهود وكان من بينهم بنيامين نتنياهو  عام 2006 م، حفلا لإحياء ذكرى تفجير فندق الملك داوود علق السفير البريطاني في إسرائيل قائلاً: "لا نعتقد أنه من الصواب بأن يتم إحياء ذكرى عمل إرهابي أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا".وقد استمر الإرهاب الصهيوني في فلسطين والمنطقة العربية الشكل الوحيد للإرهاب في الشرق الأوسط ، يُضاف له إرهاب الدول الاستعمارية الأخرى .

مع ظهور الثورة الفلسطينية المعاصرة منتصف الستينيات ،وقيامها بحقها في مقاومة الاحتلال، حاولت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية إلصاق تهمة الإرهاب بالمقاومة الفلسطينية من خلال إصدار قرار دولي لوصم الثورة الفلسطينية بالإرهاب – كما جرى عام 1972م، إثر عملية ميونيخ الفدائية التي قامت بها جماعة أيلول الأسود الفلسطينية -  إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل، بل تعاملت غالبية دول العالم مع الثورة الفلسطينية كحركة تحرر وطني وتمت دعوة الزعيم أبو عمار لإلقاء كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974 م، في أوج ممارسة الثورة الفلسطينية لأعمالها الفدائية المسلحة ضد إسرائيل .

منذ بداية الربع الأخير من القرن الماضي ارتبط مصطلح الإرهاب بظهور موجة المد الأصولي الإسلامي والتي كان أبرز عناوينها آنذاك الثورة  الأفغانية 1978م، ضد الاحتلال السوفيتي، والثورة الإيرانية 1979م، ضد حكم الشاه، وتجديد نشاط السلفية الجهادية، ثم توالدت الجماعات الدينية الجهادية، بدءا من تنظيم القاعدة الذي تزعمه أسامة بن لادن ووجد في بداية تأسيسه دعمًا كبيرًا من الغرب لأنه كان يحارب السوفيت في أفغانستان، ومن تنظيم القاعدة تفرعت جماعات كثيرة بالإضافة إلى جماعات منفصلة عن القاعدة .

بالرغم من قِدم ظاهرة الإرهاب إلا أنه حتى الآن لم تتوافق كل دول العالم حول تعريف الإرهاب، وفي الحالات القليلة التي توصلت بها لجان تابعة للأمم المتحدة إلى تعريف الإرهاب كان التعريف مبهما وفضفاضا سرعان ما تفترق المواقف حوله عند محاولة إسقاطه على جماعة أو دولة ما. فكل دولة أو مجموعة دول تضع تعريفا إجرائيا ومؤقتا للإرهاب يخص جماعة أو دولة يتم اتهامها بالإرهاب انطلاقا من الخطر الذي يشكله سلوك هذه الجماعة أو الدولة (الإرهابية) على مصالح الدولة أو الدول التي تتعرض مصالحها للإرهاب، وفي كثير من الحالات يتم تصنيف جماعة ما أو دولة ما كإرهابية أو داعمة للإرهاب ثم يتم إسقاط هذه التهمة عنها لاحقا إذا أخذت العلاقة بين الطرفين منحى مختلفًا، ولا يهم في هذه الحالة إذا استمرت الجهات الإرهابية بممارسة إرهابها ضد دول أو شعوب أخرى غير غربية.

فشل دول العالم في وضع استراتيجة موحدة لمحاربة الإرهاب

لهذا السبب فشلت دول العالم في وضع استراتيجية مشتركة لمحاربة الإرهاب، فالدولة أو الدول المُستهدفة بهذا النوع من العنف تسميه إرهابا وتحشد قواها لمحاربة الجماعة التي قامت بهذا العنف متجاهلة الجماعات الإرهابية الأخرى . فمثلا في سوريا وبالرغم من التوافق الشكلي بين دول العالم على تصنيف تنظيم الدولة الإسلامية بأنه تنظيم إرهابي إلا أن هناك اختلافا بين الدول حول تصنيف الجماعات الأخرى إن كانت إرهابية أم لا ؟ ولذا تم تكليف الأردن بوضع تصنيف لهذه الجماعات وتحديد مَن يندرج منها في قائمة الجماعات الإرهابية.

حتى في حالة التوافق على أن داعش تنظيم إرهابي يجب محاربته، فإن طريقة التعامل معه تختلف من دولة إلى أخرى، بل نجد دولا تتهم أخرى بانها تقف وراء ظهور تنظيم الدولة وتموله وتمده بالسلاح – هناك اتهامات لقطر وتركيا ودول غربية بأنها كانت وراء تاسيس تنظيم داعش ومعنية باستمراره بالرغم من حدوث تفجيرات بأراضيها منسوبة لداعش – . والخطورة في النقاش والحراك الجاري اليوم حول الإرهاب أنه يتم تجاهل الإرهاب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.

إن كل شكل من أشكال العنف السياسي يمكن أن يتحول إلى عمل إرهابي أو يُصَنَف كإرهاب في حالة تجاوزه للقانون وللأعراف الدولية وللثقافة والقيم السائدة في المجتمع، أو مس مصالح دولة أو مجموعة من الدول . كل عنف سياسي يتضمن درجة من الإرهاب، ولكن المشكلة تكمن في تحميل بعض أشكال العنف المشروع صفة الإرهاب المُدان وبالتالي إسقاط الشرعية عن ممارسيه بغض النظر عن الأهداف والغايات التي يسعى إليها ممارسو العنف، وفي نفس الوقت تجاهل أعمال عنف دموي أكثر إرهابا تمارسه دول قوية ضد أخرى ضعيفة، أو ضد شعوب خاضعة للاستعمار .

نظرا لأن العمليات (الإرهابية) تُسقط ضحايا قد يكونوا أبرياء وتثير مشاعر الخوف والرهبة عند الناس، فإن الاتجاه الغالب هو التهرب من المسؤولية عن هذه الأعمال، ومحاولة إلقاء التبعية على الآخرين، فالآخرون هم الإرهابيون والقتلة، وحتى في الحالات التي تلجأ فيها دولة أو جماعات إلى ممارسة هذا النوع من الإرهاب، فإنها تضفي عليه مسميات مثل الدفاع عن النفس أو الإرهاب ضد الإرهاب أو الإرهاب الأبيض أو محاربة الإرهاب ... الخ من المسميات. وهذا هو حال الإرهاب الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني

يمكننا استخراج العناصر المكونة للعمل الإرهابي السياسي بصورة عامة وهي أنه :

          1-   عمل عنيف يُعرض أو يهدد بتعريض أرواح وممتلكات الأفراد للخطر.

          2-   يبث الرعب والهلع عند الجمهور .

          3-   لا يميز  بين المدنيين الأبرياء والخصوم السياسيين، حيث يقع ضحيته المدنيين الأبرياء.

          4-   يهدف إلى تحقيق أهداف سياسية، أو دفاعا عن معتقد ديني محل خلاف.

          5-   إذا استهدف أفرادًا أو مؤسسات ومصالح أو كليهما معا، تابعين لدولة ما، في هذه الحالة يسمى (إرهاب دولي) .

          6-   يقوم به أفراد أو جماعات أو دول خارج إطار القانون الوطني والدولي.

          7-   لا يعتمد هذا العنف أو ينطلق من أية شرعية إلا تلك التي يزعمها ممارسوه .

          8-   الاحتلال أشد حالات الإرهاب فتكا وهو جريمة ضد الإنسانية حيث يهدد الوجود الوطني لشعب بكامله .

وأخيرا نقول إن كان الطابع المستفِز والاستعراضي للعمليات الإرهابية التي يقوم بها تنظيم الدولة الإسلامية جعل من داعش اليوم عنوانًا للإرهاب في العالم ، إلا أن تنظيم داعش ليس الجهة الإرهابية الوحيدة في العالم، بل إن إرهاب هذه الجماعة والجماعات الأخرى الشبيهة يتغذى ويستمد مبرره أحيانا من الإرهاب الذي تمارسه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ،وتدنيسها للأماكن المقدسة في فلسطين ، ومن التأييد السافر لواشنطن والغرب لإسرائيل .

مجلة آراء حول الخليج