array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 104

ملء العقول لمواجهة التطرف

الأحد، 07 شباط/فبراير 2016

ظاهرة الإرهاب التي أعيت المداويين وانتشرت كانتشار النار في الهشيم، أصبحت أداة لوضع العديد من الدول في موضع الشبهات، أو في حالة انكفاء لمقاومة هذه الآفة المستعرة التي تسببت في حروب كبرى, وإسقاط أنظمة, وأهدرت الكثير من الوقت والمال وضياع فرص التنمية في الكثير من الدول العربية، كما أصبحت وسيلة لاختراق السيادة وعبور الحدود واستباحة الأرض و الشعوب..

 الإرهاب، الظاهرة الملتبسة والمتناقضة والضارة بالشعوب المتهمة والمستهدفة في آن واحد.. تمولها دول غربية وإقليمية وأجهزة استخبارات عالمية تستهدف الدول العربية تحديداً وتعمل عبر هذه الظاهرة على إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط كما هو معلن.

حرب الإرهاب وقودها الشباب المسلم المندفع المشحون، وضحيتها الأوطان والشعوب في حين أن الممول والجاني مجهول في العلن ومعروف في السر، هذه الحرب حولت أراضينا إلى ساحة مستباحة أمام الخوارج لتنفيذ الجرائم تحت لافتات كاذبة ومزعومة.

 أعداء الإسلام والعرب يستخدمون التغرير بالشباب ودفعهم إلى المواجهات الدامية لتحقيق مكاسب كبيرة وتحقيق مخطط الشرق الأوسط الكبير بعد إذابة الحدود وتفتيت الدول وإشغالها بحروب داخلية وصراعات طائفية ضمن منظومة حرب الجيل الرابع التي تعتمد على إلهاء الشعوب في صراعات مسلحة عنيفة لإضعاف الدولة المركزية وتحويلها إلى كنتونات متناثرة متصارعة، وهنا تأتي سياسة المصالح التي تنفذها الدول الكبرى تحت ستار الدين الذي يتم استخدامه واجهة للحشد والتجنيد لفئات عمرية من الشباب والصبية من السهل شحنها والدفع بها إلى الوغى في حرب ؛ الخاسر فيها الشعوب والدول العربية، والرابح فيها أعداء الأمة.

 وبالتوازي مع هذا الحشد المسلح الذي رعاه الغرب سراً، فيما احتضن علناً جماعات الإسلام السياسي لتغيير أنظمة الحكم في المنطقة تحت شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث وجدت الولايات المتحدة الفرصة سانحة فيما يسمى بثورات الربيع العربي التي أهلت قادتها من الشباب وأعدتهم لهذه الثورات من أجل انقضاض هذه الجماعات على الحكم بمساندة واشنطن والغرب، ليس رغبة في الديمقراطية المزعومة، بل لانتزاع تنازلات من هذه الأنظمة الإسلامية الهشة عديمة الخبرة في الحكم بعد وصولها إلى السلطة في ظل حالة من الفوضى، وهذا ما حدث بالفعل منذ نهاية 2010م، ومازالت التداعيات مستمرة.  

 من الواضح أن عدة جهات تقود  صناعة وتغذية الإرهاب في المنطقة العربية، وفي طليعة هذه الجهات تأتي أمريكا ومعها الغرب بالاتكاء على إيران حيث سوقت الأخيرة نفسها على أنها تحارب الإرهاب، ونجحت في ذلك إلى حد كبير في إطار صفقات معلنة وأخرى سرية مع الغرب، بل نجحت أكثر في تكريس اتهام العرب بالإرهاب، رغم أنها تأوي قيادات تنظيم القاعدة، وهي التي أوجدت تنظيم داعش سواء كفعل أو رد فعل وتحرص على وجوده واستمراره لتحقيق مصالحها وللتغطية على جرائمها داخل إيران وخارجها خاصة في دول الجوار العربي، إضافة إلى أنها هي التي أنشأت الميليشيات المسلحة في العراق، وميليشيات حزب الله في لبنان، وميليشيات الحوثي في اليمن، واستباحت سوريا بقتل وتهجير أبناء الشعب السوري ومساندة نظام بشار الأسد على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، بل التدخل في شؤون الدول العربية الأخرى سواء عن طريق إثارة الفتن والقلاقل الطائفية، أو الانحياز إلى فئة داخل وطنها كما حدث عندما تم تنفيذ حكم القصاص في المواطن السعودي نمر النمر مطلع يناير الماضي  ضمن قائمة ضمت 47 إرهابياً بينهم 45 سعودياً، وما قامت به إيران من أعمال بربرية في الهجوم على السفارة والقنصلية السعودية بطهران ومشهد، يؤكد على انتقائية طهران في التعامل مع الإرهاب ورعايتها له وتغذيته في الدول العربية.

 لذلك من الضروري أن تكون مواجهة الإرهاب عبر عدة محاور من بينها المراجعات الفكرية التي قادتها الدول أو تبنتها جماعات من تنظيمات الإسلام السياسي وتوصلت إلى قناعات مهمة جداً بعد أن تأكدت هذه الجماعات أنها ارتكبت أخطاء كبرى، وعليه يجب التوسع في نهج المراجعات  ونشر الفكر الصحيح لتوضيح حقيقة الدين ومقاصد الشريعة الإسلامية حول الجهاد وغيره بغية تحصين الشباب وصيانة فكره، وحتى لا يكون فريسة سهلة للتنظيمات التي تقوم بالتجنيد والاستقطاب أياً كانت هذه التنظيمات ومن يقف خلفها، على أن يكون ذلك جنباً إلى  جنب مع الحلول الأمنية، وجهود الحكومات لوقف الإرهاب العابر للحدود، وإساءة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والانترنت ووسائل الاتصالات الحديثة التي أتاحت لأجهزة الاستخبارات العالمية كل الحلول للاختراق.

 وهنا يأتي دور المؤسسات الدينية، التعليمية، ووسائل الإعلام، إلى جانب جهود الدول والحكومات في تبني مشروعات فكرية وثقافية واضحة المعالم والأهداف أمام شباب الأمة لتحصينهم بالفكر السليم الذي يفرق بين حقيقة الدين الإسلامي الحنيف ومقاصده، وبين الغلو والتطرف، وبما يغرس الانتماء والوطنية وإعلاء قيمة الوطن وأهميته، مع توضيح مخاطر الاستهداف الخارجي، وشرح طبيعة التحديات التي تواجهها الأمة، وحقيقة مشاريع الدول الإقليمية وما تتضمنه أجنداتها على أن يكون ذلك من خلال برامج منظمة ومستمرة، بقصد ملء عقول الشباب بالمفاهيم الصحيحة، وإلا سوف يتم تلقفهم وحشو أدمغتهم بالأفكار المتطرفة وفقاً للنظرية التي تقول الإناء الفارغ يملؤه الهواء. 

مقالات لنفس الكاتب