; logged out
الرئيسية / مؤشرات زيادة الاستهلاك المحلي وأسعار وارتفاع تكاليف النقل تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني: أسبابه وتبعاته على دول مجلس التعاون

العدد 106

مؤشرات زيادة الاستهلاك المحلي وأسعار وارتفاع تكاليف النقل تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني: أسبابه وتبعاته على دول مجلس التعاون

الأحد، 03 نيسان/أبريل 2016

تعتبر دول مجلس التعاون لاعبًا أساسيًا في الاقتصاد العالمي، وبقدر ما تؤثر على الاقتصاد العالمي، بقدر ما تتأثر هي الأخرى، كما أن مستقبلها يعتمد على علاقاتها التجارية والاستثمارية مع بقية الأقاليم المختلفة في العالم. حيث لا ترتبط أهمية دول مجلس التعاون في الاقتصاد العالمي بما لديها من أرصدة من النفط والغاز فحسب، ولكن بنصيبها المتزايد في التجارة العالمية.

وتأتي الصين في طليعة الدول التي ترتبط بعلاقات تجارية واسعة مع دول مجلس التعاون، وتشير التوقعات إلى أنه بحلول عام 2020م، سوف تصبح الصين أكبر سوق تصديرية لدول مجلس التعاون، كما تتجه استثماراتها نحو الزيادة، خاصة في تجارة الجملة والتجزئة، وهناك اتجاه لزيادة مشروعات التكرير من قبل الشركات الخليجية في الصين، إلا أن الاستثمارات المالية محدودة.

قدمت الصين للعالم خلال الثلاثين عاما الماضية، عدداً من المؤشرات الفارقة، منها العمالة الرخيصة، مما جعلها موطنا لإنتاج سلع رخيصة، ووفرت رأسمال رخيص، عن طريق تصدير فائض مدخراتها، إضافة إلى طلبها المتزايد على المواد الخام الأساسية، وسيطرتها على نسبة عالية من تجارتها العالمية.

لقد تضاعفت مساهمة الصين في الاقتصاد العالمي نحو 3 مرات في عقد ونصف من الزمان، حيث زادت حصتها من 3.6% عام 2000م، إلى 15.5% عام 2015م، بفضل ما تحقق من نمو اقتصادي غير مبسوق لثلاثة عقود متتالية، لكن هذه الانجازات في النمو الاقتصادي بدأت في التراجع، حيث هبط معدل النمو من 10% في المتوسط سنويًا طيلة 25 عامًا، ومنذ بداية الإصلاحات عام 1979م، إلى أن بدأ التباطؤ عام 2015م.

وتمكنت الصين بهذه المعدلات غير المسبوقة في النمو الاقتصادي، أن تتخطى كلا من اليابان وألمانيا، من حيث حجم الاقتصاد الوطني، وتحتل المركز الثاني بعد الولايات المتحدة، فوفقاً لبيانات البنك الدولي يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة نحو 17 تريليون دولار، في حيث يبلغ في الصين نحو 10 تريليون دولار عام 2015. World Development report .2016

وقد ترتب على تلك التحولات في النمو الاقتصادي القوي، والإنتاج الصناعي الضخم، والاستثمار المتزايد في البنية الأساسية، أن أصبحت الصين سوقا للتصنيع، ونبع الصادرات للكثير من الدول المتقدمة والنامية الصاعدة، كما أصبحت أكبر مستهلك للمواد الخام في العالم، وخاصة بالنسبة للمعادن، حيث تستثمر الصين نحو 20% من الناتج في البنية الأساسية، مما جعلها تستهلك 800 مليون طن من الحديد، بنسبة 40.9% من الاستهلاك العالمي، وتستورد 13% من الاستهلاك العالمي من البترول.

وترجع أهمية الصين في الاقتصاد العالمي إلى أنها أصبحت تحتل المركز الثاني على العالم من حيث حجم الاقتصاد العالمي، فضلًا عن حجم سكان يبلغ 1.375 بليون نسمة، كما تستحوذ على 13% من حجم الصادرات العالمية، ونسبة 10% من حجم الواردات العالمية، وعلى نسبة كبيرة من الإنتاج العالمي لكثير من المنتجات الأولية، خاصة الحديد الخام (50-60%) والنيكل والنحاس وغيرها من المعادن.

وبعد ثلاثة عقود من النمو الاقتصادي الذي تجاوز 10% سنويا، يخشى الاقتصاديون من أن الصين قد تقود العالم إلى صدمة انكماشية كبرى، بعد أن أرتد المد الكبير وبدأت الصين تعاني من تباطؤ اقتصادي، وانخفض معدل النمو الاقتصادي إلى 6.9 % عام 2015م، متزامنا مع السعي لتطوير سياساتها الاقتصادية، والتحول من اقتصاد تقوده الصادرات والتوجه الخارجي، إلى اقتصاد مستجيب للاستهلاك المحلي.

ولما كانت اقتصادات دول مجلس التعاون ترتبط بعلاقات تجارية قوية مع الصين، سواء فيما يتعلق بمستوى الصادرات أو الواردات، فإن هذا التباطؤ، وهذا التحول في القوى الموجهة للاقتصاد الصيني، يمكن أن يؤثر على الأوضاع الاقتصادية في دول مجلس التعاون، مما يستدعي دراسة هذا الآثار والتحسب لها.

أسباب تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين؟

مما لا شك فيه أن تراجع معدل النمو الاقتصادي في الصين أمر يهم العالم كله، ارتباطا مع حجم اقتصادها الوطني، كما تعد مصدرًا رئيسًا للاستثمارات الأجنبية المباشرة على المستوى العالمي، ووفقًا لبيانات UNCTAD (مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية) تحتل الصين المرتبة الثالثة من حيث الاستثمارات الخارجية عام 2013م، كما استثمرت أكثر من 100 بليون دولار في الدول الأخرى، وبلغ مجمل استثماراتها الخارجية نحو 683 بليون دولار في مختلف دول العالم منذ العام 2004 م، حتى عام 2015. World Investment Report 2016

كما لم يعد سرًا أن حجم استهلاك الصينيين في تزايد مستمر، وأنهم يشترون أكثر من مختلف السلع والخدمات، وعبر مختلف القنوات، بما فيها أون لاين، ومحلات العلامات التجارية، وسلاسل المحلات الكبيرة، وكلما اشتروا أكثر فإن الشركات الكبرى الوطنية والأجنبية، تعيد تقييم البنية الأساسية الخاصة بسلاسل الإمدادات، Supply Chain سواء المتعلقة بالبيع أو التصنيع، حيث ارتكزت سلاسل الإمدادات لسنوات طويلة، على عمليات التصنيع والشحن Make and ship بما فيها التصنيع في الصين، حيث كانت الصين مصنع العالم، بل ومول العالم Mall of the world أيضًا، الأمر الذي لم يعد  الأن حقيقة مؤكدة.

هناك في الواقع عوامل حاكمة في التحول الحادث في الصين، منها ارتفاع تكاليف النقل، ففي سبتمبر 2013 م، أصبحت الصين أكبر مستورد صافي للبترول، وقد زادت تكاليف الوقود في الصين في العام 2014م، بحوالي 20%. ورغم أنه يتوقع انخفاضها عام 2015م، إلا أن الحكومة لا يزال أمامها تحدٍ بتخفيض تكاليف الطاقة، وتسعى الحكومة في الأجل الطويل إلى السماح بالمنافسة بين الشركات الخاصة لإنتاج البترول المحلي، إلا أن ذلك قد يأخذ وقتاً حيث تسيطر الشركات الحكومية على هذا المجال.

وعلى الرغم من الأنباء والأحداث التي تشير إلى قلاقل في الاقتصاد الصيني، والتي شملت تخفيض قيمة العملة، والركود الاقتصادي، واضطراب الأسواق المالية، إلا أن معظم الاقتصاديين يرون أنه من المبكر الحديث حول أزمة اقتصادية، وهناك من يرى أن ذلك يرتبط جزئيًا بالتحولات الكبرى التي تجري في الصين بخصوص تحول نمط الإنتاج المتوجه للخارج، إلى الإنتاج الأكثر قربًا من المستهلك.

من ناحية أخرى، وبناء على البحوث الميدانية التي تم إجراؤها من قبل مؤسسات مختلفة، بما فيها منتدى MIT لابتكارات سلاسل الإمدادات، فإن الشركات الكبرى في الولايات المتحدة بدأت تعيد النظر في شأن أماكن توطنها في الصين، وأن 33.6% من الشركات المستجيبة، أكدت أنها تسعى للعودة بعمليات التصنيع إلى الولايات المتحدة، وأن 15.3% من الشركات الأمريكية المستجيبة، تخطط بالفعل لذلك، وتؤكد نتائج المسح الذي أجري في 2014 نفس النتائج.

وفي مسح حديث أجرته Alixpartners لشركات التصنيع والتوزيع وتخدم في شمال أمريكا وغرب أوروبا، تشير النتائج إلى أن هذه العملية آخذة في التزايد، وأن ثلثي الشركات محل المسح، تؤكد أنها تسعى لنقل أنشطتها بالقرب من مصادر الطلب أو أنها في سبيلها إلى ذلك، كما أن أبحاث المسح الخاص بالشركات الكبرى تؤكد أن 48% منها ستبدأ إجراءات التمركز بالقرب من المستهلك خلال الثلاثة أعوام القادمة.

ورغم أن عودة توطن التصنيع إلى الولايات المتحدة لا يعني بالضرورة أن الصين قد يتغير مركزها كموطن للتصنيع Manufacturing hub، إلا أن ذلك يمكن أن يعني أن العالم في منتصف عملية التحول، وأن الشركات تتحرك بعيدًا عن استراتيجية التصنيع العالمية، حيث كان يتم التركيز على الدول منخفضة التكاليف، إلى استراتيجية إقليمية أكثر، حيث تكون منتجات الصين للصين، وأوروبا الغربية للأسواق الأوروبية، وهكذا.

وتشير التقارير الحالية إلى أن هذا التوجه سوف يتزايد خلال السنوات القليلة القادمة، ليس فقط بسبب الحاجة للوظائف في عمليات التصنيع في الولايات المتحدة، ولكن أيضا بسبب أن الاقتصاديات التي جعلت من عمليات التوطن خارج الحدود عملية جاذبة Off-Shoring قد تغيرت للأسباب التالية:

-         تطورات أسعار البترول، حيث كان التحول نحو التصنيع رخيص التكاليف في التسعينات مدفوعًا جزئيًا- بانخفاض أسعار البترول، ونظرًا لأن أسعار البترول قد زادت ثلاثة أضعاف خلال العقد الماضي، فإن تكاليف اللوجيستنات قد زادت بشكل كبير، عما كان عليه الوضع، حين تم اتخاذ قرارات التوطن، ورغم أن أسعار البترول قد عادت للانخفاض إلا أن أسعار الكثير من المنتجات الأولية أخذت نفس الاتجاه.

-         كما زاد إنتاج الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي الرخيص مع استخدام تقنيات جديدة متقدمة، ويعني ذلك أنه بالنسبة لبعض الصناعات، فإن التصنيع منخفض التكاليف في الولايات المتحدة، يمكن أن يفوق انخفاض تكاليف الشحن للسلع مع الصين

-         ارتفاع تكاليف العمالة في الصين حيث أخذت في التزايد بنحو 20% سنويًا، في مقابل زيادة سنوية في تكلفة العمالة بالولايات المتحدة تصل إلى 3% سنويًا، ونحو 5% في المكسيك، لذا فإن الشركات التي اتخذت قرارات توطن الإنتاج production- sourcing منذ 5 سنوات – 10 سنوات مضت حين كانت تكلفة الأجور في الصين منخفضة،  عليها أن تعيد النظر في هذا القرار اليوم.

-         تزايد الأتمتة أي الآلية (Automation)، حيث قادت الآلية والحاسبات السريعة والتقنيات الجديدة إلى انتشار عمليات التصنيع القائمة على الميكنة، والتي تعتمد بشكل كبير على الآلية، كما ارتفعت الإنتاجية بشكل ملحوظ، مما أدى إلى تغير اقتصاديات الإنتاج، وقلل كثيرًا من أهمية انخفاض تكاليف العمالة، وبالتالي تحول اهتمام الشركات الصناعية باتجاه العمالة عالية المهارة، أكثر من الاهتمام بالدول التي تتمتع بعمالة منخفضة التكاليف.

-         تزايد الأخطار، فقد أدركت الشركات العالمية في السنوات القليلة الماضية، أن الاستراتيجيات التي ترتكز على التوطن بالخارج والاعتماد على سلاسل التوريدات الخارجية تزيد من المخاطر، نظرًا لأن سلسلة الإمدادات في هذه الحالة تعد واسعة ومتنوعة، وكنتيجة لذلك تكون عرضة لكل أنواع المشاكل المحتملة، المرتبطة بثقافة الوطنية وثقافة الشركات.

ومما لا شك فيه أن الاضطرابات الحالية في الصين سوف تسرع من الاتجاه نحو إعادة توطن الصناعات في بلد المنشأ، وإن اختلف التأثير بناء على الصناعة والشركة، فالصناعات عالية التقنية (مثل أجهزة الكمبيوتر واللاب توب والهواتف النقالة) قد يصعب نقلها أو إعادة توطنها بسبب ارتفاع تكلفة إعادة إنتاج البنية الأساسية من الصين إلى مكان آخر، وعلى العكس من ذلك في صناعات الأحذية الرياضية، وشركات الملابس الرسمية، أما الصناعات الثقيلة مثل الأجهزة المنزلية والكهربائية أو السيارات، والتي تتأثر كثيرًا بعمليات النقل، فسوف تتجه للتوطن بالقرب من الطلب السوقي.

تأثير تباطؤ النمو في الصين على الطلب على النفط

وفيما يتعلق بارتباط الانخفاض في أسعار بعض المواد الخام، مع التباطؤ الحادث في الصين، فإن هناك من يرى أن المسألة مغال فيها، باستثناء أن المواد الخام التي تستخدم في الصناعات الثقيلة لإنشاء البنية الأساسية مثل الحديد الخام والصلب والأسمدة والنحاس، قد تأثرت بالتباطؤ في الصين.

أما المنتجات الأخرى التي تستخدم في تشغيل الاقتصاد مثل البترول والغاز الطبيعي، فلم تتراجع أسعارها بسبب التباطؤ في الاقتصاد الصيني. وتوضح العلاقة بين الطلب والعرض على البترول الخام الاستنتاج الخاطئ للعلاقة بين انخفاض أسعار النفط، وبين التباطؤ في الاقتصاد الصيني، حيث لم ينخفض الطلب كما كان متوقعًا.

فالبترول الخام يعد أكبر مادة خام يتم إنتاجها واستهلاكها على مستوى العالم، وتمثل نحو نصف ما يتم إنتاجه من المواد الخام في العالم كله، وقد انخفضت أسعاره مثل بقية أسعار المواد الخام بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية، بنسبة 63% عما كانت عليه عقب الأزمة في إبريل 2011م، وبنسبة 59% منذ أعلى مستوى وصل إليه يوليو 2014م (مقاساً باسعار برنت) في الوقت نفسه الذي زادت فيه واردات الصين من النفط الخام بشكل ملحوظ منذ العام 2011م، سواء بشكل مطلق أو بشكل نسبي من إجمالي الواردات العالمية.

وهناك دليل آخر على أن الصين ليست القوة المحركة وراء الانخفاض في أسعار الكثير من المواد الخام في العالم، فمنذ الربع الثاني من العام 2014 م، عندما وصلت أسعار النفط للقمة، زاد الطلب الصيني على النفط بنسبة 8.2%، أو 0.9 مليون برميل يومياً وفقاً لمنظمة الطاقة العالمية، IEA. وفي هذه الأثناء، فإن أسعار النفط الخام هبطت بنحو 65% وبالتالي فإن من الواضح أن الصين لم تكن محرك نزول أسعار النفط منذ 1999م.

ويرجع انخفاض تأثير تباطؤ الاقتصاد الصيني على النمو الاقتصادي العالمي إلى أنه رغم كبر حجم الاقتصاد الصيني، وعظم دورها في التجارة العالمية، إلا أنها من الاقتصاديات التي تحقق فائضًا في ميزانها التجاري، والحساب الجاري عمومًا، كما كان حال اليابان في الثمانينات، هذا في حين تعد الولايات المتحدة محرك النمو الاقتصادي العالمي لأنها تعاني من عجزٍ جارٍ صافٍ.

وبالتالي يمكن القول بأن رغم أن تباطؤ الاقتصاد الصيني يهم باقي دول العالم إلا أن مدى تأثيرها على النمو الاقتصادي العالمي مبالغ فيه بواسطة الأسواق المالية.

 

مستقبل الاقتصاد الصيني

جرت محاولات لإصلاح الأوضاع الاقتصادية منذ مارس 2007م، حين أعلن رئيس الوزراء وين جيابو  Wen  Jiabaoأن أكبر مشكلة تواجه الصين هي أن النمو الاقتصادي غير مستقر، وغير متوازن، وغير متعاون (متكامل) وغير مستدام ، وأن الاقتصاد الصيني في حاجة إلى إعادة توازن بعيدًا عن نمط الاقتصاد الذي يقوده الاستثمار والموجه بالصادرات باتجاه اقتصاد موجه بالاستهلاك، ومن هنا كان على الحكومة أن ترفع وتحفز الطلب المحلي، وتفتح الأسواق وتحفز على الابتكار التقني.

وتشير البيانات التي توفرت وقت تصريح رئيس الوزراء عام 2006م، أن معدل الاستثمار بلغ 40% من الناتج المحلي الإجمالي، والاستهلاك الإجمالي بلغ 52.3%، يمثل الاستهلاك الحكومي 14% منه، و يمثل الاستهلاك الخاص نحو 38.3%، عام 2006م.

وبمقارنة تلك المؤشرات بنظيرتها عام 2015 يلاحظ أن الاستثمار وقف عند 45.3 % من الناتج المحلي الإجمالي، والاستهلاك الخاص عند 38.2%، ومعنى ذلك أنه رغم توجيهات رئيس الوزراء فإن الاقتصاد لم يستعد التوازن المفقود، كما لا يزال الاستثمار يستحوذ على نصيب أكبر من الناتج المحلي الإجمالي، في حين تراجع الاستهلاك الخاص قليلا.

والحقيقة أن معدل الاستثمار الحالي لا يمثل رقمًا قياسيًا في تاريخ الصين فحسب، بل لم تحققه أي دولة من دول النمور الآسيوية التي أخذت نفس المنهج في النمو الذي يقوده الاستثمار ويتوجه بالصادرات، كما أن نسبة الاستهلاك الخاص إلى الناتج (38.2%) تعد منخفضة للغاية سواء بصورة مطلقة، أو بالنسبة للعالم.

لكن هنا بعض المؤشرات الأخرى التي تؤكد وجود زيادة في الاستهلاك حيث تشير تقارير الشركات متعددة الجنسيات ذات التوجه الاستهلاكي، إلى أن هناك مبيعات قوية في الصين، مثل أبل، ونايك، وستاربكس، وحتى الشركات الألمانية مثل دايملر إيه جي، وفي اليابان أكدت هوندا نفس الاتجاهات.

ويبقى السؤال الأهم المطروح حاليا هو: هل يمكن للاقتصاد الصيني أن يستعيد توازنه نحو مزيج مستدام من الاستهلاك، والاستثمار، ويحافظ على معدلات النمو العالية التي استهدفها الحزب الشيوعي، وهو 6.5 % للفترة 2016-2020م؟ ذلك سؤال ستجيب عليه السنوات القادمة، اعتمادًا على ما صاحب فترة الرواج الويلة، من تغيرات في أنماط الاستهلاك الخاص، وفرص الاستثمار التي بدأت تتضاءل. 

 

مجلة آراء حول الخليج