array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 109

استراتيجية لتعزيز الشراكة العربية ــ الإفريقية لم تعد مجرد خيار التكتلات الاقتصادية الافريقية: التبادل التجاري ضرورة تنموية

الثلاثاء، 28 حزيران/يونيو 2016

 تمتد العلاقات العربية الإفريقية إلى زمن بعيد، حيث جمعتهم ظروف اقتصادية وسياسية واجتماعية متشابهة، لكن على مستوى العلاقات التجارية اتسمت بضعفها وبوهن التكامل الاقتصادي، قد يكون ذلك لاعتماد كل منهما على استيراد الغذاء والتكنولوجيا، وقد يعزو البعض ضعف هذه العلاقات لانخفاض تدفقات الأموال العربية إلى إفريقيا، فغالبا ما تكون هذه الأموال إما في صورة منح أو قروض فمعظمها يأتي من السعودية، الإمارات، والكويت، ثم ليبيا. وأغلبها في شكل ثنائي بين الحكومات لكن يقل ظهور القطاع الخاص في هذا المضمار. بينما ينشط دور مؤسسات التمويل العربية مثل البنك العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، ودار المال الإسلامي، والبنك الإسلامي للتنمية، والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

تنقسم هذه الورقة إلى جزأين رئيسين يتناول الأول أهم التكتلات الاقتصادية الإفريقية، والثاني يتضمن أوجه التعاون والتبادل التجاري العربي الإفريقي.

اولا: التكتلات الاقتصادية في إفريقيا: هناك سبعة تجمعات إقليمية رئيسية في إفريقيا

 1-الاتحاد المغربي العربي: أنشئ سنة1964م،بغرض تنشيط الروابط الاقتصادية بين دول المنطقة، لكن لم يكتب له النجاح حتى 1988م، حيث تم الاتفاق بين الجزائر، المغرب، تونس، ليبيا، وموريتانيا على إقامة الاتحاد المغربي العربي عن قيامه رسميًا

بمقره في الرباط 1989م، ثم أخذ شكل اتحاد اقتصادي بغرض حرية التجارة كمنطقة حرة، لكنه أخذ يبطئ الخطى منذ 1995م. حيث واجه بعض الصعوبات التي عملت على تجمد وتعثر جهوده.

ثم وقعت اتفاقية أغادير بين مصر، المغرب، تونس، والأردن في22/2/2004م، وقد دخل الاتفاق حيز النفاذ في 6/7/2006م.

 2-سوق الشرق والجنوب الإفريقي (الكوميسا): يضم 19 دولة في شرق وجنوب إفريقيا، (بعد انسحاب تنزانيا 2000م، وانضمام ليبيا 2005) المقر(زامبيا) والدول الأعضاء هي: بوروندي،القمر.الكنغو، جيبوتي،مصر،ارتريا، اثيوبيا،كينيا، ليبيا،سيشل، مدغشقر،مالاوي،موريشيوس، رواندا،السودان، سوازيلاندا، اوغندا، زامبيا، زيمبابوي (19دولة). نشأ 1980م، كمنطقة تجارة تفضيلية بغرض تقوية التجارة بين الدول الأعضاء ثم تحول إلى السوق المشتركة في 1994م. في 2001م، أنشئت منطقة تجارة حرة وضمت وقتها 11دولة ثم انضمت بورندي وروندا في 2004م، ثم ليبيا في 2006م، وجزر القمر وعملت معظم الدول على تكوين اتحاد جمركي ليقوم الأعضاء بتوحيد تعريفة جمركية على الواردات من خارج الاتحاد ثم إقامة اتحاد نقدي يتم على 4 مراحل تنتهي في 2025م. 

وإذا كانت اتفاقية الكوميسا نصت على إزالة كافة الرسوم الجمركية بين الأعضاء مع الالتزام بقواعد المنشأ التي حددتها، لذلك التزمت كل من مصر وكينيا ومدغشقر بتخفيض الرسوم بنسبة 90% وهناك بعض الدول(7) قامت بتخفيض الرسوم بـ 80% وواحدة بـ 60% أما بقية الدول (9) فلم تطبق أي تخفيضات. في أبريل 2007م، تم الاتفاق على أن يكون هناك تعريفة جمركية موحدة للكوميسا صفر على المواد الخام والسلع الرأسمالية 10%على المنتجات الوسيطة، 25%على المنتجات النهائية، وتمثلت الدول التي بدأت بتطبيق التعريفة الجمركية الموحدة في كينيا ومدغشقر ومالاوي سوازلاند واوغندا وزامبيا واثيوبيا والسودان ورواندا.

3-تجمع الساحل والصحراء: أكبر تجمع في القارة يضم 28 دولة حاليًا في غرب ووسط وشمال القارة، نشأ 1998م، بغرض تكوين تكتل سياسي يمتد بين المحيطين. فيه نصف سكان إفريقيا، بدأ بتشاد، النيجر، ليبيا، السودان، مالي، وبوركينافاسو. وكانت هناك دعوة ليبية إلى دمج الاتحادات الإقليمية الفرعية وتشكيل جماعة اقتصادية واحدة تضم الايكواس، والمغرب العربي تحت رئاسة واحدة، ومصرف وهوية واحدة، وذلك كما جاء في بيان مؤتمر القمة 2006م، فتمت الموافقة على تشكيل لجنة لدراسة تنفيذ هذا القرار.

4-الاتحاد الاقتصادي لدول وسط إفريقيا الايكاس (المقر ليبرفيل) الجابون يضم 11 دولة من وسط إفريقيا أنجولا، بورندي، الكاميرون، إفريقيا الوسطى، تشاد، الكنغو، غينيا الاستوائية، الجابون، ساوتومي، رواندا، وزائير. ونشأ عام 1983م، بغرض دعم التعاون والتنمية بين الأعضاء، ثم تحول في 1994م، إلى الجماعة الاقتصادية والنقدية (السيماك) وأهم ما يميز هذا التجمع أنه يتعامل بعملة واحدة "السيفا" ولديه بنك مركزي واحد في ياوندي. أهم الاقتصادات: الكاميرون، والجابون وانقطعت الاجتماعات من 92-98 بسبب عدم تسديد الدول الاعضاء اشتراكات العضوية واستمرار الحروب في بورندي وتشاد. كما اعلنت رواندا عن رغبتها في ايقاف عضويتها نظرا للأعباء التي تتحملها نتيجة لانضمامها لأكثر من تجمع. وفى 1999 عقدت قمة الايكاس بغرض انشاء قوة حفظ السلام في المنطقة (الكوباكس) بهدف منع النزاعات القائمة وتم نقلها من ياوندي إلى إفريقيا الوسطى في 2008م، لكنها لم تحقق المرحلة الثانية للتكامل بسبب كثرة الحروب الأهلية والانتماء لأكثر من جماعة. وقعت مصر اتفاق إطاري لإبرام منطقة تجارة حرة بين مصر وجماعة السيماك، كما تتمتع مصر بعلاقات تجارية ثنائية مع الدول الأعضاء في تجمع السيماك، وتعد الكاميرون أكثر هذه الدول تعاملاً مع مصر من حيث مستويات التبادل التجاري، حيث يجعلها ذلك أحد أكبر البوابات الإفريقية للصادرات المصرية، ومن المستهدف إنشاء مخزن دائم للسلع المصرية لتكون نقطة انطلاق إلى باقي دول التجمع.  تم اعتماد مصر كدولة صديقة لدى التجمع الاقتصادي لدول وسط إفريقيا ECCAS CEEAC ) )

5- ECOWAS نشأت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في (لاجوس ) عام 1975م، و يضم 15 دولة في غرب إفريقيا،  بموجب اتفاقية لاجوس، وقد تم تنقيح الاتفاقية المنشأة عام 1993م، حيث أعطت اهتماما أكبر بالتنمية الزراعية والصناعية وتحرير التجارة، ثم انتقل المقر إلى ابوجا فى1995م. وفى                  1999م، أعلن رئيس الايكواس عن قيام منطقة النقد الثانية وانفتاحها على منطقة النقد الأولى (الايموا) ثم أقاموا اتحادًا جمركيًا واقتصاديًا ونقديًا لغرب إفريقيا يناير 2000م، لتتعامل الدول بعملة واحدة  السيفا، وانسحبت موريتانيا من التجمع وعزمت الدول الست غانا غينيا جامبيا نيجيريا ليبيريا، وسيراليون على الدخول في يناير  2003م، وذلك من أجل تسهيل عمليات تبادل الصفقات وانتقال الأفراد .الدول الأعضاء: بنين، بوركينا فاسو، كيب  فير، جامبيا ،غانا، غينيا، غينيا بيساو، ساحل العاج ، ليبيريا، مالي، النيجر ، نيجيريا ،السنغال ،سيراليون، توجو.

 ويتضح دور الايكواس في تكوين قوات حفظ السلام ايكوموج والتي تمثل هدفها في وقف إطلاق النار وظهر ذلك واضحا في ليبيريا تم توقيع اتفاق إطاري بين مصر ومفوضية الايموا تمهيداً لتوقيع اتفاق التجارة الحرة (دول الايموا الثمانية أعضاء بتجمع الايكواس). تعد هذه الخطوة هامة على طريق تعزيز العلاقات المصرية مع الدول الإفريقية والتجمعات الاقتصادية الإقليمية في القارة، خاصة في ضوء مسعى مصر لإقامة منطقة تجارة حرة مع الايكواس.

6-تجمع السادك: يشمل 15 دولة، مقره جابروني(بتسوانا) يغطى كل دول الجنوب الإفريقي، نشأ عام 1980م، بغرض تقليل الاعتماد على جنوب إفريقيا لكن سرعان ما تحول الى الجماعة الاقتصادية الانمائية للجنوب الإفريقي وزادت التجارة مع جنوب إفريقيا 3 أضعاف فى1994م، ثم تحول الى منطقة تجارة حرة في 2008 بغرض إزالة الحواجز الجمركية بين الأعضاء حيث يتم تحرير التجارة بـ 85%. وسعى إلى إقامة اتحاد جمركي 2010م، ليفرض تعريفة جمركية موحدة. كذلك استهدف قيام سوق مشتركة لحرية دخول وخروج عناصر الانتاج 2015م، على أن يتم توحيد السياسة التجارية والنقدية فى2016م. وكذلك العملة الموحدة فتكون في 2018م. الدول الأعضاء (انجولا، بتسوانا، ليسوتو، مالاوي، موزمبيق، سوازيلاند تنزانيا، زامبيا، زيمبابوي. ناميبيا، جنوب إفريقيا، موريشيوس، الكنغو، مدغشقر، سيشل) ورفضت رواندا لأسباب اجرائية

     7- سوق شرق إفريقيا: كان يضم كينيا وتنزانيا واوغندا لكنه تفكك 1977م، ( بسبب عوامل كثيرة من أهمها عدم التوزيع العادل بين الدول الأعضاء واستئثار كينيا بالمنافع عن الدول الأخرى ) لكن أعادت الدول النظر في إحيائه مرة أخرى  00 20ثم انضمت كل من بورندي ورواندا اليهم(المقر اروشا) تنزانياسنة 2008م، وبعد مباحثات ومفاوضات بين هذه المجموعة(الاياك) و مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية ( السادك) و الكوميسا، توصلت المجموعة لاتفاق بشأن توسيع وتضخيم سوق التجارة الحرة بين بلدان المنظمات الثلاث. وتعتبر المجموعة من ركائز الجماعة الاقتصادية الإفريقية.

في2009م، وقعت كل من الكوميسا والاياك والسادك على مسودة اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة، وفي الخامس من ديسمبر من العام نفسه ووقعت التجمعات الثلاثة على اتفاقية ثلاثية تعد الأولى من نوعها في إفريقيا لتطبيق نظام النقطة الجمركية الواحدة One Stop Borde Point في منطقة شيروندو على حدود زامبيا وزيمبابوي، بهدف تيسير الإجراءات الجمركية وتوفير الوقت والتكاليف وتحسين القدرة التنافسية.  ويقوم هذا النظام على أساس عدم الاضطرار إلى اجراء المعاملات الجمركية على طرفي الحدود وإنما يكتفي بإجرائها مرة واحدة.في 25 اكتوبر2014م، تم الإعلان عن قيام منطقة التجارة الحرة بين التجمعات الثلاثة السادك والكوميسا والاياك (سوق شرق إفريقيا) ليمتد من القاهرة إلى جنوب إفريقيا متضمنا 26 دولة، يقطنها 625 مليون نسمة، بناتج محلى إجمالي1.2 تريليون دولار، ويشكل 60 %من النشاط الاقتصادي للقارة، ويعد النجاح في هذا التجمع متواضعًا، على الرغم من تنوع الدول الأعضاء ما بين غنية وفقيرة بالموارد الطبيعية، وساحلية وحبيسة فهناك15 دولة حبيسة صغيرة وكبيرة. هذا إلى جانب اختلاف اللغات ومجموعات عرقية مختلفة. ومن ثم تعد أكبر منطقة تجارة حرة في إفريقيا.

 يؤخذ على التكتلات الاقتصادية الإقليمية الإفريقية أنها لم تحقق الأهداف المرجوة منها سواء على مستوى التجارة الداخلية أو الخارجية. قد يكون السبب راجع إلى: عدم التزام الدول الأعضاء بتنفيذ الاتفاقيات، وعدم قدرتها على حل الصراعات، نقص المشروعات المشتركة كما فشلت الحكومات في ترجمة التزاماتها بالاتفاقيات وعدم وجود جدول زمنى لتنفيذ التخفيض في التعريفات،  ضعف التمويل الذي يعد من المشاكل الأساسية التي تواجه التجمعات الإقليمية فالمساهمة الفعلية تنخفض بمرور الوقت وغالبًا لا تكفي لمقابلة الاحتياجات وتكون النتيجة بيئة مالية غير صالحة والمثال على ذلك ثلاثة تجمعات مثل( الاياك والكوميسا والسادك) حيث جمعت أقل من نصف مساهمات الدول الإعضاء خاصة في السادك والكوميسا حيث تجاوزت الاحتياجات مساهمات الدول الأعضاء وأصبحت الفجوة كبيرة بين الاحتياجات والمساهمات.

يلاحظ على الجماعات الاقتصادية الإقليمية تقف عند المرحلة الثالثة وفقًا لاتفاقية ابوجا وهي المرحلة الخاصة بمنطقة التجارة الحرة والاتحاد الجمركي لكل جماعة إقليمية قائمة، وقد اتفق على أن تنتهي هذه المرحلة في غضون عشر سنوات، إلا أنه من الملاحظ تفاوت في اداء الجماعات في مجال تطبيق اتفاقيتها الخاصة بتحرير التجارة البينية. وفي الوقت الذي نجحت فيه كل من الكوميسا والسادك لكن مازال هناك تباطؤ في تنفيذ هذه المرحلة من قبل الايكواس والايجاد.

اجمالا يمكن القول بان أهم ما يميز التكتلات الاقتصادية الإفريقية هو انخفاض قيمة التجارة البينية ووقوفها عند المرحلة الثالثة وهي منطقة التجارة الحرة وان كان بعضها دخل في مرحلة الاتحاد الجمركي. اما التحدي الاساسي لها هو نقص التمويل فقد يكون ذلك بسبب اعتمادها على تصدير المواد الأولية والخام المتمثلة في المعادن والمواد الزراعية والنفط الخام وخضوعها لتغيرات الأسعار في السوق العالمي.

ثانيًا:أوجه التعاون والتبادل التجاري العربي الإفريقي.

تعتبر إفريقيا الامتداد الإقليمي والجغرافي والاستراتيجي للدول العربية سواء في شمال إفريقيا أو في منطقة الخليج العربي، ولهذا فإن وضع استراتيجية عربية طموحة لتعزيز الشراكة العربية الإفريقية لم تعد مجرد خيار، في ظل التدافع العالمي والخطط التي تعد للسيطرة على أسواق إفريقيا الواعدة ومواردها الطبيعية المتنوعة. فقد لوحظ تركز تجارة التكتلات الاقتصادية الإفريقية مع شركاء بعينهم على رأسهم الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والصين، بنسب كبيرة سواء في الصادرات أو الواردات. وغالبًا ما يصدروا السلع الأولية التي تتصدر قائمة الصادرات لمعظم التكتلات خاصة السادك، يليها الصناعات الوسيطة والتي ترجع في معظمها إلى وجود جنوب إفريقيا في هذا التجمع (وهي صاحبة أكبر صناعة تحويلية في هذه الجماعة إلى جانب صناعة السيارات التي تتميز بها عن سائر دول المنطقة)، أو لوجود مصر في تجمع الكوميسا، وكذلك لوجود المغرب في اتفاقية أغادير وأيضًا تجمع الساحل والصحراء التي يرتفع فيه صادراته من السيارات. ثم يليها السلع الزراعية المتمثلة في الفواكه والخضروات والحبوب.

وأهم شريك تجاري لصادرات السادك هو الاتحاد الأوروبي ويستأثر بالنسبة الأكبر من صادرات بتسوانا على سبيل المثال (75% من الماس)، ثم زامبيا تصدر ما يقرب من 94% من الفواكه إلى الاتحاد الأوروبي إلى جانب 90% من المنسوجات. ثم الولايات المتحدة، يليها الصين. أما بالنسبة للواردات فتظهر الآلات والمعدات كأكبر نسبة في فاتورة واردات السادك ثم السلع الوسيطة والأغذية المصنعة.

سبق وأن أشرنا إلى تكوين منطقة التجارة الحرة الإفريقية للتجمعات الثلاثة وما وصلت إليه من مراحل التكامل الإقليمي، في المقابل كانت هناك منطقة تجارة حرة عربية قامت وفقًا لاتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية بغرض تحرير التبادل التجاري بينها، والتي تم الموافقة عليها بموجب قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي بتاريخ 27/2/1982م، تمثلت رغبة الدول العربية في تنفيذ ذلك من خلال إقامة منطقة تجارة حرة عربية كبرى بعد إقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي بموجب قراره بتاريخ 19/2/1997م، وتضم هذه المنطقة حاليا 20 دولة عربية منها دول عربية إفريقية.

الغرض من الإشارة لوجود كل من المنطقة الحرة العربية وأخرى إفريقية يشير إلى إمكانية قيام سوق حرة كبيرة عربية إفريقية تتمتع بتخفيض وإزالة الجمارك بين الدول الأعضاء (20) أعضاء المنطقة العربية (26) أعضاء الإفريقية؛ مما يعنى زيادة حجم الطلب نتيجة تزايد أعداد السكان وتنوع الأذواق واتساع حجم السوق

وتتضح استفادة الدول الأعضاء من التخفيضات الجمركية حينما يقوم المنتِج المصري أو السعودي بالتصدير إلى السودان في إطار اتفاقية تنمية وتيسير التبادل التجاري العربي سيحصل على نسبة من الإعفاءات الجمركية كبيرة وفقًا لجدول التخفيض التدريجي في الاتفاقية العربية وأيضًا وفقًا للإعفاءات المدرجة في اتفاقية الكوميسا. والمثال الآخر يظهر فيأن المغرب تحتل المرتبة الأولى في مجال صناعة السيارات على مستوى منطقة شمال إفريقيا (على حساب مصر التي كانت تتصدر المشهد سنة 2011م، حيث شهدت مبيعات السيارات ارتفاعًا بنسبة 3ر58 %، بقيمة تصل إلى ثمانية مليارات درهم (963 مليون يورو). وكانت صادرات السيارات ومكوناتها قد قفزت في عام 2014م، بنسبة 53 % مقارنة بعام 2013م، لتصل إلى نحو ملياري دولار) والثانية على صعيد القارة الإفريقية بعد جنوب إفريقيا التي تتصدر قائمة الدول الإفريقية المصنعة والمصدرة للسيارات. في الوقت الذي تعد فيه السعودية أكبر مستورد للسيارات وقطع الغيار، وتعتمد السوق السعودية بشكل كبير على السيارات المشهورة عالمياً، وفي ظل عدم وجود مصانع سيارات في المملكة، ووجود قيود على استيراد السيارات المستعملة. ويصل حجم استيراد المركبات في المملكة السعودية إلى 77 بليون ريال، وهو ما يجعل السعودية أكبر سوق للسيارات في الشرق الأوسط. فبلغ استيرادها في المتوسط نحو 679 ألف مركبة سنوياً، وبمعدل نمو سنوي قدره 9.5 %. بل أضحت السعودية حالياً مركز إعادة تصدير رئيسي للسيارات وقطع الغيار في المنطقة. وبلغت قيمة إعادة التصدير للسيارات وقطع الغيار لعام واحد نحو ستة بلايين ريال، وبمعدل نمو سنوي قدره 13 %، وهو ما يشكل نواة لدخول منتجات صناعة السيارات السعودية لهذه الأسواق.

فإذا ما تكونت منطقة حرة عربية إفريقية تضم المنطقتين سويا لتمتع كل دولة عضو بإلغاء التعريفات بينها ولتصبح الدول العربية الإفريقية معتمدة على بعضهم البعض وتصبح الدول العربية مثل السعودية والإمارات والكويت على قائمة الصادرات الإفريقية بدلًا من الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة.

والجدير بالذكر هو توافر كميات كبيرة من الوقود الحيوي لإفريقيا ومصادر للطاقة المتجددة التي تكون بمثابة بديل عن مصادر الطاقة القابلة للنفاذ في باقي الدول النفطية، لاسيما وأن النفط مورد قابل للنفاد مما يستلزم البحث عن موارد أخرى بديلة وهي تتواجد بوفرة في إفريقيا مثل الطاقة الكامنة والطاقة الحرارية. وتتمتع إفريقيا بمساحات واسعة من الأراضي تسمح بزراعة الوقود الحيوي والمنتجات الغذائية التي تستوردها كل من الدول العربية وبعض الإفريقية، إلى جانب توافر مصادر المياه (التي تعاني من ندرتها الدول العربية ودول الشرق الأوسط). وإن كان الأمر كذلك فإن إفريقيا في حاجة ماسة إلى التمويل حتى تستطيع استغلال إمكانياتها الزراعية والمعدنية الوفيرة وتسطيع الدول العربية القيام بالتمويل اللازم بدلا من الاعتماد على مؤسسات التمويل الدولية التي تتطلب شروط وضمانات باهظة.

حيث يمكن لإفريقيا أن تساعد العالم العربي في تحقيق أمنه الغذائي، كما أنها ثاني منتج للقطن في العالم، ولكن ما يصنّع من القطن في إفريقيا لا يتجاوز 5% حاليًا، لذلك هناك حاجة ماسة لرفع نسبة التصنيع لتوفير فرص العمل للأفارقة والعرب، وذلك في إطار برنامج إفريقي عربي لتصنيع %25 من القطن المنتج في إفريقيا مما يوفر 50 ألف وظيفة جديدة. ونتيجة لذلك أضحى من الضروري إعادة النظر في تنظيم الإنتاج، وتسويق المنتجات الزراعية والمصالح المساندة للزراعة، بالإضافة إلى توفير الموارد المالية، وتقدر رؤوس الأموال الضرورية لذلك بحوالي 18 مليار دولار أمريكي سنوياً. كما يضمن تنظيم وإدارة هذه الموارد، الدخول للأسواق الخارجية التي لا تزال أساسية بالنسبة لتسويق المنتجات الإفريقية من القطن، والكاكاو، والبن، والشاي والمنتجات الأخرى.

إجمالا: إن الزراعة في إفريقيا تتمتع بإمكانيات نمو كبيرة لكنها تعاني من غياب استراتيجية فيما يخص الموارد المالية والوسائل الفنية. ويمكن سد جزء من هذه الفجوة بالتعاون بين الدول العربية والدول الإفريقية لصالح الطرفين وذلك عن طريق شراكة مفيدة للطرفين يفرضها وجود فرص كبيرة للتكامل بين المنطقتين: بتوفير الموارد المالية والوسائل الفنية من الجانب العربي وتوفير المياه والأراضي واليد العاملة من الجانب الإفريقي .من أهم تحديات الأمن الغذائي العربي قلة الأراضي الخصبة وشح الموارد المائية، إذ يلبي الإنتاج الزراعي العربي 54% فقط من الاستهلاك، وتنخفض هذه النسبة إلى 25% فقط في بعض البلدان .بينما تقارب نسبة استيراد بعض المواد مثل السكر، والزيت مثلا 10%. وفي نفس الوقت الذي يتوافر لدى الدول الإفريقية مصادر كبيرة من المياه المتجددة سنوياً وهي حاصل المياه الجارية في كل بلد زائداً المياه القادمة من البلدان المجاورة. ويستغل حالياً من هذه المياه حوالي 5.5 %.

التوصيات: أهم ما يوصى به هو دعوة الحكومات العربية والإفريقية للحفاظ على القدرة المحدودة للموارد الزراعية والأراضي والمياه لتجديد خدماتها من خلال تبني سياسات مناسبة لتحقيق الأمن الغذائي القائم على استدامة الزراعة، ودعوة الحكومات وأصحاب المصلحة المعنين باتخاذ ما يلزم من سياسات واجراءات لوقف التصحر وتآكل التربة والعمل على تحسين كفاءة مياه الري وتحسين انتاجية المياه من خلال استخدام طرق الري الحديثة والممارسات الزراعية السليمة. أما على مستوى التبادل التجاري فلابد من إزالة الحواجز الجمركية التي تعوق تدفق التجارة سواء للسلع أو الخدمات وتكوين منطقة تجارة حرة عربية ـ إفريقية لتطوير التجارة والاستثمار والتركيز على دعم شبكة الطرق والمواصلات التي تعمل على تقوية التجارة بين المنطقتين مع تبادل المعلومات والاهتمام بالاقتصاد المعرفي.

ومن أهم المجالات ذات إمكانات لتنمية التبادلات الاقتصادية تتمثل في:

• بالنسبة للبلدان المغاربية: تصدير السلع المصنعة بما في ذلك الأنظمة الميكانيكية والكهربائية، المواد الكيميائية والمستحضرات الصيدلانية، المنسوجات، مواد البناء والمواد الغذائية، واستيراد المنتجات التعدينية والزراعية والغذائية، الاستثمار المباشر في تنمية الموارد المائية والطاقة والتعدين مع تطوير الإنتاج الزراعي والرعوي والصناعة التجهيزية ذات الصلة وتطوير الخدمات اللوجستية في ميدان النقل والتخزين والحفظ وتجهيز المنتجات المصنعة أو المستوردة.
يؤدي التكامل الاقتصادي والتعاون الإقليمي إلى زيادة الإنتاج والتجارة بين الدول الأعضاء. فالتجارة داخل الإقليم تخلق فرصًا للأعمال التجارية تتشارك في فوائدها كافة الدول المشتركة في التبادل. فالدول العربية والدول الإفريقية تشكل سوقًا كبيرًا يضم حوالي 1200 مليون نسمة %17.5 من سكان العالم). كما تتمتع هذه الدول بإمكانيات اقتصادية قوامها الموارد الطبيعية الغنية واحتياطيات النفط والغاز ورصيد هائل من القوى العاملة. لذا فإن من شأن استغلال هذه الموارد التسريع في التقدم الاقتصادي والاجتماعي بما يضمن التخفيف من حدة الفقر، وفض النزاعات السياسية، وتحسين مستويات المعيشة، واستدامة التنمية.
بمعنى آخر فإن التعاون في مضمار التجارة والاستثمار يمكن هذه الدول من تسوية خلافتها السياسية وتقليل عدم الاستقرار السياسي. لهذا فإن زيادة التجارة بين الدول العربية والدول الإفريقية أضحى من ضرورات التنمية. إلا أنه ينبغي على التجارة الإقليمية أن تركز على الاقتصادات بدلا عن السياسة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أستاذ الاقتصاد بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية ـ جامعة القاهرة   

 

1ـ المصرف العربي لتنمية افريقيا (البادية): دراسةلتحديد امكانيات التبادل التجاري بينالبلدانالأعضاءبلجنةالربطللطريقالعابرللصحراء، الأمانةالعامة، المصرفالعربيللتنميةفيإفريقيا،2009.

2-المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في افريقيا: دراسة حول سبل تشجيع الاستثمار في افريقيا

3--المغرب الأولى في صناعة السيارات: جريدة البيان اليوم، اكفورد بيزنس غروب

 4-التعاون الاقتصادي العربي ، منطقة التجارة الحرة العربية المجلس الاقتصادي الاجتماعي-

5 -عبد الوهاب الأمين: المنتدى رفيع المستوى حول التعاون العربي الإفريقي في مجال الاستثمار والتجارة من أجل تعزيز الشراكة الاقتصادية العربية الإفريقية، الجماهيرية العربية الليبية، طرابلس 2010م.

Africa progress Report 2015.

http://www.africaprogresspanel.org/-

-African Union :BOOSTING INTRA AFRICAN TRADEوAddis Ababa

-The Engagement of Arab Gulf States in Egypt and Tunisia since 2011

GAPanalyse / Nr. 9 / October 2015Rauchstraße. www.dgap.org

-http://www.icsr/

 Jeffrey D. Lewis :Free Trade Agreements and the SADC Economies Africa Region Working Paper Series No. 27February 2002

Sebastian Sons and Inken Wiese:  The Engagement of Arab Gulf States in Egypt and Tunisia since 2011 Rationale and Impactو DGAPanalyseو Nr. 9 / October 2015

https://dgap.org/en/article/getFullPDF/27232

Trude Hartzenberg :Regional integration in Africa,Wrold trade oragnization,2011

World Trade Organization ,International Trade Statistics, 2015

مجلة آراء حول الخليج