; logged out
الرئيسية / أربعة مجالات مهيأة للاستثمارات العربية بالقارة السمراء الموارد الطبيعية في إفريقيا: الفرص والإمكانيات ومصالح دول الخليج

العدد 109

أربعة مجالات مهيأة للاستثمارات العربية بالقارة السمراء الموارد الطبيعية في إفريقيا: الفرص والإمكانيات ومصالح دول الخليج

الثلاثاء، 28 حزيران/يونيو 2016

القارة الإفريقية هي ثاني أكبر قارة في العالم من حيث المساحة، وتشكل 21% من مساحة الكتلة الأرضية (30,3 مليون كم2)، ويسكن بها نحو 1,2 بليون نسمة عام 2016م (16% من سكان العالم)، كما تزخر بالكثير من الموارد الطبيعية، مثل النفط والغاز الطبيعي والمعادن والأخشاب والأراضي الصالحة للزراعة، والثروة الحيوانية، والمياه العذبة من أمطار وأنهار وبحيرات ومياه جوفية، وطاقة شمسية، وطاقة رياح، علاوة على الموقع الاستراتيجي الجغرافي، والتى لا تزال فى معظمها غير مستغلة بسبب ضعف البنية التحتية، وعدم الاستقرار السياسي والأمني، وانتشار الجهل والمرض والفقر والفساد، ونقص الاستثمارات.

رغم أن الكثير من الموارد الطبيعية فى إفريقيا مازالت تحت الاستكشاف، إلا أنها تشكل حجر الأساس للاقتصاد الإفريقي، حيث تعتمد معظم الدول الإفريقية عليها فى التصدير. لعبت الموارد الطبيعية فى القرنين الماضيين دوراً رئيسياً فى جلب الاستعمار الى القارة الإفريقية بغية الاستفادة منها فى نموه الاقتصادي، وتركها فى ستينات القرن الماضي تواجه مصيرًا صعبًا فى مواجهة التحديات الاقتصادية حيث أن بها حاليًا 35 دولة من مجموع 50 دولة هي الأفقر عالميًا طبقًا لتقرير البنك الدولي لعام 2015م.

عاد التنافس الدولي على القارة الإفريقية مرة أخرى خاصة فى العقدين الأخيرين بين الأقطاب الرئيسة للنظام الدولي الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، والصين، ولكن بشكل جديد يتفق مع طبيعة النظام الدولى الحديث، وازداد مؤخرًا ظهور دول الخليج العربي وتركيا والهند وإيران ومن قبلهم اسرائيل على الساحة الإفريقية بهدف الاستفادة من ثروات القارة ومواردها الطبيعية عن طريق الاستثمار والتعاون المشترك.

أولًا-الموارد المعدنية:

تحتوي القارة الإفريقية على أكثر من 30% من مجموع احتياطي الموارد المعدنية للكرة الأرضية، مركزة فى وسط وجنوب القارة (شكل 1)، منها ما يشكل أكثر من 90% من الاحتياطي العالمي مثل البلاتين والكروم، ومنها ما هو أكثر من 40% مثل الذهب والماس والكوبالت والمنجنيز والفوسفات (شكل 2)، أهم الدول الإفريقية فى مجال التعدين هي:

 

 

شكل (1): التوزيع الجغرافى لأهم المعادن الإستراتيجية فى أفريقيا عام 2015م.

 

شكل (2): نسبة الإنتاج والاحتياطي العالمي للمعادن في إفريقيا عام 2015م.

جنوبإفريقيا،غانا، زيمبابوي، تنزانيا، زامبيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وتعد جمهورية جنوبإفريقيا واحدة من أكبر دول العالم في مجال التعدين من حيث التنوع المعدني وكمية الإنتاج والاحتياطي، فهي تحتوي على أكبر احتياطي عالمي من الكروم والذهب والفانديوم والمنجنيز والبلاتين، كما أنها تعتبر رائدة القارة فى الإنتاج والاحتياطي لمعظم المعادن باستثناء الماس (بتسوانا وجمهورية الكونغو الديمقراطية) واليورانيوم (النيجر) والنحاس (زامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية) والفوسفات فى المغرب.

ثانيًا-النفط والغاز الطبيعي في إفريقيا:

تملك إفريقيا إمكانات نفطية كبيرة رغم تواضع النشاط الاستكشافي بها، وخاصة فى خليج غينيا ودول شمال وشرق إفريقيا حيث الأحواض الرسوبية والتراكيب الجيولوجية المناسبة.

تقوم حوالي 16 دولة إفريقية بتصدير النفط هى: نيجيريا، أنجولا، ليبيا، الجزائر، السودان، جنوب السودان، غينيا الاستوائية، الكونغو برازافيل، الجابون، تشاد، مصر، تونس، الكاميرون، كوت ديفوار، جمهورية الكونغو الديمقراطية، وموريتانيا. تنتج القارة الإفريقية أكثر من 11٪ من إنتاج النفط العالمي على مدار العقد الماضى، ولكن لا يزال عائد النفط ضعيف جدًا، وفى المقابل استهلاك النفط فى معظم الدول الإفريقية منخفض للغاية.

تحتل إفريقيا المرتبة الثالثة عالميًا (10%) فى احتياطي، ووفقًا لتقارير BP الإحصائية للطاقة، فإن احتياطى النفط المؤكد فى إفريقيا ازداد بمقدار 150٪ عنه عام 1980م، حيث ازداد من 53 بليون برميل إلى 130 بليون برميل في نهاية عام 2013م، ومن المتوقع أن يستمر فى هذه الزيادة، ويقدر احتياطي النفط عبر مياه البحار بحوالي 100 بليون برميل.

أهم الدول التي يصدر إليها النفط الإفريقى هى الولايات المتحدة الأمريكية (23%)، الصين (14%)، إيطاليا (8%)، والهند (8%). على الرغم من الموارد النفطية الكبيرة في إفريقيا، إلا أن طاقة التكرير محدودة للغاية، نتيجة لذلك فإن دولًا مصدرة لخام النفط مثل أنجولا ونيجيريا تستورده مرة أخرى كمشتقات بترولية بتكلفة إضافية. ويعوق صناعة تكرير البترول فى إفريقيا عدة مشاكل منها الفساد، وسوء الصيانة، والسرقة.

يشكل احتياطي الغاز الطبيعي في إفريقيا حوالي 7,6% من الاحتياطي العالمي عام 2014م، ازداد هذا الاحتياطي من 210 ترليون قدم مكعب في عام 1980م، إلى 500 ترليون قدم مكعب عام 2013م، محققًا نموًا قدره 138%. ويشكل إنتاج الغاز الطبيعي في إفريقيا حوالي 5,8% من الإنتاج العالمي عام 2014م، وأهم الدول المنتجة هي الجزائر (41%) ومصر (24%) ونيجيريا (19%) وليبيا (6%).

ثالثًا-الأراضي الصالحة للزراعة:

إفريقيا لديها إمكانات كبيرة فى المجال الزراعي، حيث تتوفر التربةالزراعية التي هي مورد طبيعي غير متجدد وضروري لتحقيق الأمن الغذائي، وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في إفريقيا حوالي 630 مليون هكتار (21% من مساحة القارة)، ويعتمد 50% من سكان إفريقيا على النشاط الزراعي الذي يشكل 30% من الناتج المحلى الإجمالي (GDP).

تحتوى القارة الإفريقية على 25% من إجمالي الأرضي الصالحة للزراعة فى العالم، إلا أنها تنتج حوالي 10% فقط من الإنتاج الزراعي العالمي، ولذا فهي تعتمد بشكل كبير على استيراد الغذاء وكذلك على المعونات الخارجية الغذائية لأسباب عديدة منها عدم استغلال كثير من الأراضي القابلة للزراعة، وانخفاض إنتاجية الأراضي الزراعية لعدم تطبيق أساليب الزراعة الحديثة، وعدم استخدام نظم الري، حيث تعتمد إفريقيا بنسبة 4% فقط على الزراعة المروية والباقي زراعة مطرية، ومن المعروف أن الري يمكن أن يزيد الإنتاج الزراعي بنسب تتراوح بين 100-400%، تدهور الأراضي بسبب التعرية الشديدة وزيادة التملح، ضعف البنية التحتية خاصة الطرق والطاقة ووسائل تخزين المحاصيل حيث تفقد إفريقيا حوالي 50% من هذه المحاصيل نتيجة التخزين السيئ وضعف التسويق والاتصالات، وانتشار الأمراض مثل الإيدز والملاريا والحمى الصفراء وغيرها.

رابعًا-الموارد المائية في إفريقيا:

تحظى القارة الإفريقية بأكثر من 61 حوض نهري مشترك تغطي 64% من مساحة القارة، وتحتوي على 93% من الموارد المائية المتجددة السنوية، أهمها خمسة أحواض نهرية كبرى هى:الكونغو (3,7 مليون كم2)، النيل (3 مليون كم2)، النيجر (2,1 مليون كم2)، والزمبيزي (1,4 مليون كم2)، الأورانج (890 ألف كم2)، كما تحتوي على 40 خزان جوفي مشترك.

يبلغ متوسط كمية المياه السطحية المتجددة سنويًا في إفريقيا حوالي 4050 بليون م3 وهي تمثل 9% عالميًا، بالرغم من أن إفريقيا تشكل 16% من سكان العالم، ونحو 20,3% من مساحة القارات، كما يبلغ نصيب الفرد السنوى من المياه في إفريقيا حوالي 3681 م3/سنة في 2015م، وهي تمثلتقريبًا نصف نصيب الفرد العالمي 6305 م3/سنة.

تحظى جمهورية الكونغو الديمقراطية بمفردها على حوالي 5714 بليون م3 مياه أمطار يجري منها على السطح 1300 بليون م3 (32% من المياه السطحية الإفريقية) هي حصيلة التصرف السنوي لنهر الكونغو على مدار العام، وهي تعادل 15 ضِعْف مايأتي به نهر النيل سنويًا عند أسوان، تصرف جميعها في المحيط الأطلنطى لعدم حاجة الكونغو لها بسب الأمطار الدائمة طوال العام.

تعاني أغلب المناطق العربية من ندرة المياه نظرًا للموقع الجغرافي الكائن في المنطقة الجافة وشبه الجافة من الكرة الأرضية حيث قلة الأمطار، وارتفاع درجة الحرارة وزيادة معدلات البخر. انخفض نصيب الفرد السنوي من المياه المتجددة خاصة فى دول الخليج العربي إلى أقل من 100 م3/سنه (شكل 3) نتيجة زيادة النمو السكاني والعمراني السريع، وتزايد النشاط الصناعي والزراعي، وتزايد استهلاك الفرد.

 

شكل (3): نصيب الفرد العربي من المياه المتجددة عام 2015 والمتوقع عام 2025م.

 

خامسًا-الطاقة الكهرومائية:

توفير الطاقة هو التحدي الاقتصادي الرئيسي الذي يواجه القارة الإفريقية وكثير من الدول العربية، تتمتع القارة الإفريقية بإمكانات طاقة كهرومائية ضخمة تكفي لتلبية احتياجات القارة من الكهرباء والتصدير خارج القارة. أكبر التصرفات المائية تأتي من نهر الكونغو ثم الزمبيزي والنيجر والنيل. تتميز الطاقة المائية بأنها نظيفة ومتجددة، ورخيصة التكلفة حيث يتراوح سعر الكيلو وات ساعة بين 0,03 – 0,10 دولار أمريكي. تنتج إفريقيا حوالي 3% فقط من إنتاج الطاقة المائية في العالم، وهذا يشكل أقل من 15% من إمكاناتها الكهرومائية، ويرجع ذلك الى التحديات التقنية والمالية والبيئية الرئيسية التي يجب التغلب عليها لتطوير هذه الموارد. وتشهد إفريقيا تقدمًا كبيرًا في استغلال الطاقة المائية في السنوات الأخيرة، ويوجد تحت الإنشاء حاليًا مشروعات لإنتاج حوالي 17 ألف ميجاوات.

إمكانات إنتاج الكهرباء من الأنهار الإفريقية يزيد على 200 ألف ميجاوات، تصل إمكانات نهر الكونغو فقط الى حوالي 100 ألف ميجاوات ، منها أكثر من 40 ألف ميجاوات من مشروع سد انجا العظيم(Grand Inga)، سوف يعتبر أكبر مشروع مائى لانتاج الكهرباء فى العالم، والذى يحتاج إلى حوالى 100 بليون دولار أمريكي، ولذا فهو يعتبر مشروع اقليمي وليس قومى يحتاج إلى تكاتف الجهود الدولية، حيث أن جمهورية الكونغو الديمقراطية من أفقر 10 دول فى العالم فهي لاتستطيع تنفيذ هذا المشروع بمفردها، ويصل جملة من تنتجه من كهرباء حوالي 2,410 ميجاوات من 17 مشروع مائي منها أنجا الأول (351 ميجاوات)، أنجا الثاني (1424 ميجاوات)، وتحت الإنشاء أنجا الثالث (4320 ميجاوات ليبدأ العمل 2013م، من إجمالي محتمل 7800 ميجاوات).

إمكانات إثيوبيا من الطاقة المائية تصل إلى حوالي 40 ألف ميجاوات، ينتج منها حتى نهاية عام 2015م حوالي 3000 ميجاوات من مشروعات مائية أهمها جيبى 1 عام 2004م (184 ميجاوات)، تاكيزى عام 2009م (300 ميجاوات)، جيبى 2 عام 2010م (420 ميجاوات)، تانا-بليس عام 2010م (460 ميجاوات)، سد جيبى 3 عام 2015 (1870 ميجاوات)، وتحت الإنشاء حاليًا سد النهضة الذي سوف ينتج حوالي 6 آلاف ميجاوات بنهاية عام 2017م.

يصل إجمالي الطاقة المائية الإفريقية في نهاية عام 2014م إلى 28 ألف ميجاوات، 90% منها يتركز في ثمانية دول هي: جمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا، مصر، الجابون، نيجيريا، زامبيا، مدغشقر، وموزامبيق. ويمكن الاستفادة من الطاقة المائية الإفريقية في الخليج العربي عن طريق الربط الكهربائي.

سادسًا-الطاقة الشمسية وطاقة الرياح:

تعرف إفريقيا بأنها قارة الشمس حيث التأثير الأعظم على مستوى العالم من حيث كثرة ساعات السطوع الشمسي على مدار العام، كما تتميز إفريقيا بسمائها الصافية عدا المنطقة الاستوائية الأكثر انتشارًا للسحب.

تسجل منطقة شرقي الصحراء الكبرى/ شمالي شرق إفريقيا بشكل خاص أرقامًا فريدة لعدد ساعات سطوع أشعة الشمس (4,300 ساعة/سنة) بنسبة 97%، كما تسجل أيضا الحد الأقصى لشدة السطوع الشمسي السنوي (أكثر من 220 كيلو سعر / سم2).

إمكانات طاقة الرياح في إفريقيا عالية وهي تختلف من مكان إلى آخر، وتشمل المناطق ذات سرعات الرياح العالية شمال وجنوب إفريقيا، النيجر في غرب إفريقيا؛ تشاد في وسط إفريقيا؛ جيبوتي، إثيوبيا، كينيا، السودان، الصومال، وأوغندا؛ وليسوتو وملاوي وجنوب إفريقيا وتنزانيا وزامبيا.

تنتج إفريقيا حوالي 2462 ميجاوات من الرياح بنهاية عام 2014م، أهم الدول المنتجة لطاقة الرياح هي: المغرب (787 ميجاوات)، مصر (610 ميجاوات)، تونس (255 ميجاوات)، إثيوبيا (171 ميجاوات).

المشكلة الرئيسية في استخدام طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية في إفريقيا هي التكلفة العالية التي تتراوح بين 0,13 – 0,26 دولار أمريكي/كيلو وات ساعة للطاقة الشمسية، ولطاقة الرياح بين 0,05 – 0,2 دولار أمريكي/كيلو وات ساعة، لأن معظم المعدات والخلايا المطلوبة يتم استيرادها من أوروبا والصين، ولو أمكن للدول العربية توفير هذه الصناعة داخل الأراضي العربية أو الإفريقية لانخفضت هذه التكاليف إلى مايقرب من النصف. 

سابعًا-الموارد الحيوانية والمراعي في إفريقيا:

تحتوي إفريقيا على منطقتين متميزتين في الحياة الحيوانية: المنطقة الشمالية والشمالية الغربية، بما في ذلك الصحراء الكبرى، والمنطقة الأثيوبية، وجميع إفريقيا جنوب الصحراء. وتتميز المنطقة الشمالية والشمالية الغربية بانتشار الأغنام والماعز والخيول والجمال. المنطقة الأثيوبية تشتهر بمجموعة مميزة كبيرة ومتنوعة للحيوانات والطيور.

تنتشر الحيوانات المستأنسة في مناطق المراعي التي تلعب دورًا هامًا في إمداد الإنسان بالمنتجات الحيوانية في جميع أنحاء العالم، وتستخدم أساسًا لإنتاج اللحوم والألبان والبيض. الفئات الرئيسية من الماشية المحلية في إفريقيا الاستوائية المجترات الكبيرة (الأبقار والإبل)، المجترات الصغيرة (الأغنام والماعز)، وغير المجترة رعي الحيوانات (الحمير والبغال والخيول والخنازير والدجاج).

تحتوي إفريقيا على 29% من الماعز في العالم (أكثر من 500 مليون)، 16% من الأبقار (240 مليون)، 8% دواجن (1,5 بليون)، 3% خنزير (25 مليون).

تعاني الثروة الحيوانية في إفريقيا من كثير من المشاكل منها ضعف البنية التحتية من كهرباء وطرق وعدم توفر مجازر حديثة وثلاجات تخزين، ومصانع للإنتاج الحيواني، وقلة الاستثمارات وضعف الرعاية البيطرية والتسويق.

الاهتمام العربى بإفريقيا

مما سبق يتضح أن إفريقيا تمتلك مقومات الاستثمار في شتى المجالات، خاصة التعدينية والزراعية، علاوة علىمواردهاالبشريةوموقعهاالاستراتيجى مما أشعل التنافس بين القوى العظمى على مواردها، واليومتشهدنشاطًا  اقتصاديًا واسعًا وتدفقًالاستثماراتكبيرة من بعض دول الخليج العربي، فقد ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا من 15 مليار دولار في 2002م، إلى 57 مليار دولار في 2013 م، وتوقعات كبيرة في زيادة الاستثمارات الأجنبية في إفريقيا.

ومما يزيد من أهمية إفريقيا كمصدر للموارد أنها أصبحت سوقًا واعدًا لتصريف المنتجات خاصة الصناعية نتيجة اهتمام الدول الإفريقية بمجالات التنمية، وتحسن مستوى المعيشة للمجتمع الإفريقي مما ساعد على تحوله إلى مجتمع استهلاكي لمختلف المنتجات بما فيها السلع الثمينة، وتزايد استخدام التكنولوجيا. ولقدبلغتعمليةالتنميةفيهاأعلىمعدل إذ يتراوح نموها 5-10% بمعدل 6,5% في 2014، بينما النمو الاقتصاد العالمي لا يتجاوز 3,6%، مما يجعل إفريقيا أكثر القارات نموا في العالم، وتشهد بعض الدول الفقيرة نموًا اقتصاديًا غير مسبوق في عام 2016م مثل أثيوبيا (10,5%)، جمهورية الكونغو الديمقراطية (8,5%)، كوت ديفوار (7,7%).

فرص التعاون بين دول الخليج العربي وإفريقيا:

إفريقيا بالنسبة لدول الخليج هي مصدر للموارد الطبيعية والغذائية، وسوق لتصريف المنتجات الصناعية المستقبلية، ومكان للاستثمار العربي، مما يزيد من علاقات الشراكة والمنفعة المتبادلة بين العرب والأفارقة.

1-مجال الموارد المعدنية:

يتوفر في إفريقيا خامات استراتيجية هامة مثل الذهب، النحاس، والألومنيوم، الحديد، الماس، وتحتاج إفريقيا لمزيد من الاستكشافات باستخدام التكنولوجيا الحديثة، ومن المتوقع أن تحتوي إفريقيا على مايقرب من نصف خامات العالم المعدنية، ويمكن للشركات العربية بالتعاون مع مثيلاتها الأجنبية في العمل داخل القارة الإفريقية فى مجالات التعدين.

كما يمكن استيراد المواد الخام الإفريقية وتصنيعها على الأراضى العربية، وهناك بعض الدول أصبح لها باع كبير فى صناعات لا تتوفر خاماتها في أرضيها مثل إسرائيل التي تستخدم الماس الإفريقي وتعده كحُلى إلى أن أصبحت من أشهر دول العالم فى صناعة الماس.

إفريقيا واعدة أيضًا في مجال النفط والغاز الطبيعي، وللشركات العربية خبرة كبيرة في هذا المجال، وهناك كثير من الدول الإفريقية لم يحظ بهذه الثروة ويحتاج إلى مشتقات البترول وخاصة البنزين والسولار، والغاز المسال.

2-مجال الزراعة:  

تمتلك إفريقيا 60% من الأراضي غير المزروعة في العالم، وحتى الآن لم يستغل منها إلا 6% فقط، ولذا فإنها تحتاج إلى تطوير هذا القطاع وتغيير أساليب الإنتاجية بالاعتماد على التكنولوجيا المتطورة، والتركيز على تصنيع مواردها الزراعية الخام ومن ثم تصديرها، بدلاً من الاعتماد على تصديرها كموارد أولية فحسب، وهذا التصنيع يزيد من القيمة المضافة للموارد، وفي نفس الوقت تحتاج دول الخليج العربي (غير المؤهلة للزراعة) إلى هذه المنتجات الزراعية ومشتقاتها نظرًا لندرة المياه بها، كما يوفر الاستثمار العربي في هذا المجال مياه الدول العربية المحدودة للاستفادة بها في مشروعات أخرى خاصة الصناعية، و يوفر أيضًا فرص عمل لملايين الأفارقة في المستقبل، السعودية على سبيل المثال تستثمر حوالي 2 مليون هكتار في عدد من الدول الإفريقية.

كما تحظى إفريقيا أيضًا بثروة حيوانية هائلة تحتاج إلى رعاية طبية، وأدوية، ومجازر حديثة وثلاجات حفظ ، وصناعة لحوم وألبان، وكلها منتجات تحتاجها جميع الدول العربية.

3-الاستثمار في مجال تطوير البنية التحتية الإفريقية:

تتجه جميع الدول الإفريقية إلى تهيئة وتطوير البنية التحتية من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية، خاصة إنشاء الطرق والجسور وبناء محطات إنتاج كهرباء ومدارس ومستشفيات ومناطق سكانية، وإنشاء شبكات اتصال وهذا يشكل استثمار جيد للشركات العربية في إفريقيا.

4-الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة:

القارة الإفريقية مؤهلة لإنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة مثل الطاقة المائية، وهي الآن تنتج أقل من 15% من امكاناتها التي تصل إلى أكثر من 200 ألف ميجاوات، وهذا مجال واعد فى إفريقيا وتستطيع الدول العربية الحصول على احتياجاتها الكهربائية من الطاقة المائية الإفريقية وتوفير النفط لاستغلاله في إنتاج مشتقات لا يمكن الحصول عليها من أى مصدر آخر.

وكذلك في مجال الطاقة الشمسية وما أكثرها في القارة الإفريقية، وتحتاج الدول العربية غزو هذه الصناعة عن طريق إنشاء المصانع التي تنتج المعدات اللازمة بدلًا من استيرادها من أوروبا أو الصين، وبالتالي تساهم في خفض تكلفة الإنتاج وتشجيع جميع الدول العربية والإفريقية على استخدام الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*رئيس قسم الموارد الطبيعية – معهد البحوث والدراسات الإفريقية – جامعة القاهرة

 

   

مقالات لنفس الكاتب