array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 110

رؤوس الأموال والاستثمارات الاجنبية التحدي الذي يواجه القارة اللاتينية التعاون التجاري بين دول الخليج وأمريكا اللاتينية: الفرص والتحديات

الأربعاء، 03 آب/أغسطس 2016

لا يعد اهتمام الدول العربية بإقامة علاقات تجارية مع دول أمريكا اللاتينية أمرًا جديدًا على المنطقة العربية، حيث يفيد كثير من المؤخرين أن المسلمين قد وصلوا إلى شواطئ أمريكا قبل كولومبوس بنصف قرن. واليوم يعاود العرب اكتشاف هذه المنطقة بعد ستة قرون منذ أن وطأتها قدما كريستوفر كولومبوس عام 1492م (898 هـ).

  ويمكن تقسيم منطقة أمريكا اللاتينية التي تضم عشرين اقتصادا، إلى ثلاث مناطق متميزة، وفقا لبيئة الأعمال في الإقليم، المجموعة الأولى تمثل الدول الجاذبة، الثانية problematic ، والثالثة خليط بينهما.

أولها اقليم النافتا الذي يضم المكسيك من المنطقة، إضافة إلى الولايات المتحدة وكندا من خارج المنطقة، وإقليم جنوب أمريكا (Andean)، ويضم بوليفيا، وكولومبيا، والإكوادور، وبيرو، وفنزويلا. ثم إقليم البرازيل والقرن الجنوبي وتضم الأرجنتين والبرازيل، وشيلي وباراجواي وأوروجواي. وأخيرًا إقليم أمريكا الوسطى والكاريبي، وتضم كوستاريكا، وكوبا، والدومينيكان، وهايتي، وهندوراس، ونيكاراجوا، وبنما.

اتفاقيات تحرير التجارة في أمريكا الجنوبية

لعل أهم ما يميز تلك المنطقة من الناحية الاقتصادية هو قيام عدد من الترتيبات الإقليمية وتوجهها للتكامل الاقتصادي الإقليمي، ثم سعيها لمزيد من التبادل التجاري مع بقية دول العالم الخارجي، سعيًا منها لاستغلال المزايا النسبية لدول المنطقة، وبما يدعم مراكزها النسبية في الاقتصاد العالمي، وتحسين قدرات اقتصاداتها التنافسية، من خلال تكوين هياكل إنتاجية أكثر كفاءة، باستغلال وفورات الحجم الكبير، وتوزيع التكاليف الثابتة على أسواق إقليمية أكبر وأوسع، مما يحفز النمو الاقتصادي.

 وبالتالي فإن هذه التكتلات تعكس درجة عالية من كثافة الاعتماد المتبادل وتقسيم العمل الدولي والاستثمارات وأنواع التبادل الأخرى، مما يسمح بزيادة فرص النفاذ إلى الأسواق، وتحسين القدرات التفاوضية لأعضائها في المفاوضات التجارية متعددة الأطراف.

تعتبر مبادئ منظمة التجارة العالمية هي الإطار القانوني الوحيد لتحرير التجارة العالمية، إلا أن ظهور هذا الكم الهائل من التكتلات الاقتصادية أدى إلى ظهور حالة من التنافس بين تحرير التجارة في إطار منظمة التجارة العالمية ووفقا لأحكامها التي تؤكد على مبدأ المعاملة بالمثل، وبين تحريرها في إطار هذه الترتيبات الإقليمية الجديدة، التي تخرج عن هذا المبدأ وتتيح حق التمييز للدول الداخلة في تكتل إقليمي، واستمرت محل خلاف طيلة تاريخ اتفاقية الجات، وحتى الإعلان عن قيام منظمة التجارة العالمية مطلع عام 1985م.

 وهناك توجه عالمي نحو الاتفاقات التفضيلية، وكما تشير منظمة التجارة الدولية، فإن هناك أكثر من 300 اتفاقية معاملة تفضيلية على مستوى العالم، منها أكثر من 200 تمت مناقشتها منذ عام 1990م، وتقريبًا فإن جميع الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، لديها على الأقل واحدة من هذه الاتفاقيات، معظمها بين دول نامية ودول متقدمة.

ووفقا لمنظمة التجارة العالمية فقد وقعت دول جنوب أمريكا 56 اتفاقية تجارية، منها 54 اتفاقية مع دول نامية، سواء داخل الإقليم أو خارجه، وعدد 11 اتفاقية مع دول متقدمة. ووفقا لدراسة منظمة التجارة العالمية فإن هناك 15 اتفاقية من الاتفاقيات الموجودة مع دول آسيوية ومعظمها في السنوات الأخيرة، مما يؤكد أهمية ما تحتله دول المنطقة في التجارة الخارجية في آسيا.

ويوجد العديد من الاتفاقيات الثنائية بين دول الإقليم (أي بين دول أمريكا اللاتينية)intra- regional ، ولكن الكثير منها أيضًا بين دول من المنطقة ودول من خارجها inter –regional، مثل الاتفاقات التي وقعتها كل من شيلي وبيرو مع دول أخرى مثل اليابان. وفي نفس الوقت فإن الاتفاقات التجارية الموقعة بين دول أمريكا اللاتينية ودول أخرى من خارج الإقليم، سواء كانت دول متقدمة أو نامية، تعد واسعة جدًا، لكنها تختلف من حيث المحتوى من دولة إلى أخرى.

 وتعد كولومبيا وشيلي وبيرو من أهم دول المنطقة التي لديها اتفاقات مع أطراف أخرى، وتعد شيلي من أكثر الدول نشاطًا في هذا الصدد، إضافة إلى بيرو التي توسعت كثيرًا في التفاوض بشأن المناطق التجارية الحرة. أما بالنسبة لمجموعة الميركسيور فقد رفضت أي تحالفات ثنائية وقررت التفاوض بشكل جماعي.

وقد وقعت المجموعة اتفاقات تفاضلية مع كل من إسرائيل ومصر وفلسطين، وتجري حاليا مفاوضات تجارية مع الاتحاد الأوربي والعديد من دول الشرق الأوسط.

الاتفاقات التجارية بين دول أمريكا الجنوبية وأطراف ثالثة

الدولة أو الإقليم

شيلي

كولومبيا

بيرو

ميركوسير

AELC*

X

X

X

 

كندا

X

X

X

 

الاتحاد الأوروبي

X

X

X

جاري التفاوض

كوريا

X

X

X

 

تركيا

X

X

 

 

الصين

X

 

X

 

P-4

X

 

 

 

اليابان

X

 

X

 

استراليا

X

 

 

 

فيتنام

X

 

 

 

تايلاند

جاري التفاوض

 

X

 

TPP

جاري التفاوض

جاريالتفاوض

 

 

سنغافورة

X

 

X

 

ماليزيا

X

 

 

 

إسرائيل

 

 

 

X

مصر

 

 

 

X

فلسطين

 

 

 

X

 

* European Free Trade Association

 Free Trade Agreements in South America. TRENDS, PROSPECTS AND CHALLENGES. PUBLIC POLICY AND PRODUCTIVE TRANSFORMATION SERIESN° 7 / 2012

 

 

 هل تتعارض التكتلات الإقليمية مع مبادئ تحرير التجارة العالمية؟

لقد أثار التوسع المطرد في التكتلات الإقليمية وتشابك علاقتها بالإطار المتعدد الأطراف المتمثل في منظمة التجارة العالمية، العديد من الآراء حول طبيعة هذه العلاقة، حيث يرى بعض المحللين أن هذه التكتلات قد تؤدي إلى تفتيت النظام التجاري الدولي، من خلال تبادل المزايا والأفضليات في إطار التكتل، وفرض سياسات حمائية تجاه الأطراف الأخرى غير المنتمية له.

 غير أنه من النتائج الملفتة للنظر، والتي تشير إلى إمكانية إحداث التوافق بين العولمة والإقليمية، تلك النتيجة التي تتلخص في كون الاتجاه نحو تكوين المزيد من التكتلات الإقليمية ينطوي على المزيد من تحرير التجارة العالمية، ولوفي نطاق الإقليم الاقتصادي للتكتل، وهو ما يولد درجة تحرير أبعد مما تحدثه اتفاقيات تحرير التجارة العالمية في ظل العولمة وحدها.

 بل إن تحرير التجارة داخل الإقليم قد يؤدي إلى آثار مولدة للتجارة خارج التكتل، فزيادة الدخل داخل التكتل تسفر عن زيادة الطلب على الواردات من خارج التكتل، فتتوسع التجارة العالمية، ومن ثم تصبح التكتلات الإقليمية نقطة انطلاق نحو إزالة الحواجز وتحقيق مزيد من انفتاح الأسواق وتحرير التجارة العالمية.

ونظرا لاحتدام التنافس بين الدول لإقامة تكتلات اقتصادية إقليمية، وظهور العديد من هذه التكتلات في شتى بقاع العالم، والاستمرار في محاولات التعاون والتكامل لتحقيق درجات عالية من كثافة الاعتماد المتبادل، وتقسيم العمل، والاستثمارات والتجارة وغيرها، وبعدما ظل العالم لفترة طويلة ومنذ التوقيع على الاتفاقية العامة للتعريفة والتجارة عام 1947م.

مستهدفة التخفيف من قيود التجارة الدولية وبخاصة القيود الكمية،  وخفض الرسوم الجمركية على عدد من السلع، والتعامل بالمثل فيما يخص نقل البضائع وتطبيق مبدأ عدم التمييز.

ولا شك أن احتواء التكتلات الإقليمية داخل إطار العمل بقواعد منظمة التجارة الدولية، ينحى بالتبادل التجاري العالمي من علاقات تجارية بين الدول، إلى تبادل تجاري بين كيانات اقتصادية وتكتلات إقليمية، مما يخلق حاجة إلى مزيد من الدراسات حول مزايا تحرير التجارة في ظل التكتلات الإقليمية الاقتصادية، وحول تصور مستقبل العلاقة بين هذين الإطارين، وما مدى التفاعل أو التعارض بينهما في مجال الانطلاق نحو مزيد من التحرير التجاري على مستوى العالم.

المؤشرات الاقتصادية لدول أمريكا اللاتينية

حققت دول المنطقة معدلات نمو متوسطة لكنها كانت مستقرة منذ مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين حتى الآن، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي في المتوسط نحو 4.2% سنويًا، وذلك رغم الأزمة المالية التي عصفت بالعالم عامي 2008-2009م، والأهم من ذلك هو التحسن الكبير في مستوى المعيشة، والتحسن في عدالة توزيع الدخل، وانخفضت نسبة الفقراء في أمريكا اللاتينية من 25% من السكان إلى 12%. لكن النمو في النشاط الاقتصادي بدأ في الانحسار بحلول عام 2015م، في معظم دول المنطقة، وعانت كل من البرازيل والإكوادور وفنزويلا، من الركود، وكان معدل النمو في باقي دول المنطقة ضعيفًا.

أهم المؤشرات الاقتصادية في بعض دول أمريكا اللاتينية

 

2014

2015

2016

معدل نمو GDP

1.3

-0.5

0.7

معدل التضخم

11.4

18.9

21.0

معدل البطالة

5.5

6.2

6.9

الحساب الجاري % من GDP

-2.7

-3.1

-2.7

عجز الموازنة % من GDP

-3.9

-5.8

-4.4

 

UF: center for Latin American Studies. Latin America Business Environment Report,2016.

 

 

ويوضح الجدول السابق معدل الإنجاز الاقتصادي في أكبر عشر دول بالمنطقة وهي: الأرجنتين، البرازيل، شيلي، كولومبيا، الدومينكان، الإكوادور، المكسيك، وبنما، بيرو، وفنزويلا.

ومع ذلك فهناك اتفاق على أن النمو الاقتصادي سوف يستعيد نشاطه، وتتمكن بعض الدول من تحقيق معدلات نمو عالية خلال هذا العام، وتخرج بعض الدول من الكساد بنهاية العام 2017م، في ظل ما تتمتع به من عناصر البنية الأساسية، والطاقات الانتاجية التي كفلت معدلات نمو منتظمة، رغم استمرار تأثر النشاط الاقتصادي بالتطورات الخارجية في الأسواق العالمية، وأسعار المنتجات الأولية التي تغلب على الكثير من اقتصادات المنطقة.

وقد أدى انفتاح اقتصادات المنطقة على العالم الخارجي وارتكاز معظم اقتصاداتها الوطنية على انتاج وتصدير المنتجات الأولية، إلى أن كثيرًا من المصاعب الحالية تعود في جانب كبير منها إلى الصدمات الخارجية، فارتبط التحسن في النشاط الاقتصادي بالرواج الذي حدث في أسعار السلع الأولية خلال الفترة 2013-2014م، والذي عكس زيادة الطلب على تلك المنتجات من الشريك التجاري الأساسي ممثلا في الصين والتي أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لدول المنطقة في السنوات الأخيرة.

وهكذا ارتفع معدل النمو الاقتصادي في عدد من دول المنطقة خاصة تلك التي تعتمد على الصادرات من النفط، والمعادن والمنتجات الزراعية والغذائية، كما تراجعت الصادرات بعد أن واجهت الصين هبوطًا في معدلات النمو القياسية التي حققها خلال الفترة 2003-2010م، والتي بلغت 10% سنويًا، وازداد الأمر سوءًا بعد أن أخذت أسعار المواد الأولية في التراجع بدءًا من عام 2014م.

ونظرًا لتنوع هيكل الاقتصادات الوطنية في دول المنطقة، فقد تباينت اتجاهات النشاط الاقتصادي بشكل نسبي، واختلفت أسبابه فيما بين دول المنطقة، وكان من أهم أسباب الخسارة في الناتج المحلي الإجمالي في معظم دول أمريكا اللاتينية خلال العامين الماضيين اعتمادها على السلع الأولية، ومن ثم تعرضت الإكوادور وفنزويلا إلى أكبر الخسائر نظرًا لاعتمادها على البترول، وعلى إيرادات النفط التي تدعم الإنفاق الحكومي، وتعاني حاليًا من عجز كبير وقيود في الموازنة العامة.

بينما تعد المكسيك أقل الدول معاناة نظرًا لتحولها إلى الصناعات التحويلية، وارتباطها بسلاسل الإنتاج العالمية بسبب ما حققته من منافع نتيجة انضمامها إلى النافتا مع كل من الولايات المتحدة وكندا، وتحول هياكل اقتصادها الوطني من الاعتماد على القطاعات الأولية، إلى الصناعات التحويلية، كأحد الآثار الإيجابية للتكتلات الإقليمية.

وقد تعرضت دول أمريكا اللاتينية لصدمة خارجية ثانية تمثلت في ارتفاع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة بعد أن ظل سعر الفائدة قصيرة الأجل قريبًا من الصفر منذ عام 2008م، حتى أواخر عام 2016م.

ورغم أن هذا الارتفاع ليس مهمًا في ذاته ولكن المؤشرات الخاصة بقوة الاقتصاد الأمريكي قد تؤدي إلى مزيد من الارتفاع في أسعار الفائدة، مما سيرفع من العائد على السندات الحكومية وسندات الشركات في أسواق المال، ومن ثم ستتأثر تدفقات رؤوس الأموال الأمريكية إلى الإقليم وتنخفض الاستثمارات، ويتأثر معدل النمو الاقتصادي سلبًا في المنطقة جراء ذلك.

وهناك في الواقع ما يؤكد هذه التوقعات، فقد أشارت نتائج أحد البحوث التي أجراها البنك الدولي إلى أن بعض مؤشرات النشاط الاقتصادي، مثل سعر الفائدة والانتاج الصناعي في الدول المتقدمة، تفسر نحو نصف حركة تدفقات رأس المال إلى دول أمريكا اللاتينية في التسعينات، وأدت إلى انسحاب الأموال من صناديق الاستثمار.

لم يقف الأمر عند هذا الحد حيث أدت هذه التطورات إلى تدهور قيمة العملات، وعمد البنك المركزي في كل من البرازيل وشيلي وكولومبيا، وبيرو إلى التحذير من أن انخفاض قيمة العملات سيدفع بالاتجاهات التضخمية إلى مستويات عالية، وسيرفع من أسعار الفائدة، ومن ثم سترتفع معدلات التضخم، بما يعوق معدلات النمو الاقتصادي المستهدفة في الدول الأربعة.

ولعل من أهم ما يميز اقتصادات دول أمريكا اللاتينية أيضًا تأثرها بالنمو الاقتصادي العالمي خاصة الاقتصاد الأمريكي، ومنطقة اليورو، فضلا عن الصين بطبيعة الحال، حيث يؤدي ارتفاع معدل النمو المتوقع في الاقتصاد الأمريكي إلى 2% عام 2016م، ونحو 1.6% في منطقة اليورو إلى زيادة الطلب على الصناعات من دول أمريكا اللاتينية، نتيجة ارتفاع درجة انفتاحها على العالم الخارجي وارتباطها بسلاسل الإنتاج العالمية.

ولعل من أهم نقاط الضعف في اقتصادات دول أمريكا اللاتينية هو ارتكاز الكثير منها على إنتاج وتصدير المنتجات الأولية، ومن ثم فان انخفاض أسعار المنتجات الأولية مع توقع الزيادة في الإنتاج والمعروض بالتالي منها، يحد من توقعات نمو الصادرات مما قد يعرض موازين المدفوعات للتقلبات. وقد كان الأمل معقودًا على ارتفاع أسعار النفط، أما وقد خفت الأمل في ارتفاع الأسعار إلى حدود 60 دولار للبرميل، خاصة في ضوء تواضع معدلات النمو الاقتصادي في الدول الأوروبية والاقتصاديات الناشئة وفشل دول الأوبك في خفض معدلات الإنتاج الحالية.

وتشير توقعات أسعار النفط العالمية إلى أن أسعار النفط سوف تظل عند مستواها الحالي في منتصف عام2017، أي في حدود 50 دولار للبرميل. ولاتزال هناك توقعات باستمرار انخفاض أسعار بعض المنتجات الأولية خاصة المعادن، ولا يتوقع صندوق النقد الدولي تحسنًا في أسعار النحاس أو الحديد خلال عام 2017م، و لكن يتوقع تحسنًا في أسعار بعض المنتجات الزراعية مثل القمح وفول الصويا Soybean  بنهاية عام 2016م.

وكما ذكرنا فإنه ليس كل دول أمريكا اللاتينية تعتمد على صادرات السلع الأولية بشكل كبير، بل إن بعضها يعد مستورد صافي للبترول، لذلك فإن انخفاض أسعار السلع الأولية ستترك أثرًا متباينًا فيما بين دول المنطقة.

النمو في دول المنطقة المنتجة للسلع الأولية سوف يظل ضعيفًا نسبيًا بالمقارنة مع دول الكاريبي التي تعتمد في جانب كبير من دخلها على السياحة. كما أن النمو في المكسيك لن يتأثر كثيرًا نتيجة صدمة السلع الأولية، حيث تسيطر المنتجات المصنعة على صادراتها، بفضل انضمامها إلى تكتل النافتا، إضافة إلى ارتباط النشاط الاقتصادي بشركائها الرئيسيين خاصة الولايات المتحدة والتي يتوقع أن تحقق معدل نمو 2.5% السنة القادمة وفقًا للتقديرات.

مناخ الأعمال في دول أمريكا اللاتينية

تمتاز دول المنطقة بإصلاحات وسياسات كلية ناجحة، ساعدت في تخفيض حجم الدين العام، وضبط الاتجاهات التضخمية التي عهدتها دول المنطقة لسنوات طويلة، ووضعت اقتصادات المنطقة على مسار النمو طويل الأجل، ومع ذلك لا تزال دول المنطقة تحقق معدلات نمو أقل من نظيرتها في دول آسيا.

ومن أجل تحسين التنافسية وتحفيز التنمية الاقتصادية، فإن حكومات دول المنطقة في حاجة إلى الاستمرار في اتباع سياسات مالية منضبطة، وأن تضع رؤية محددة لتطوير البنية الأساسية وتزيد من الانفاق على التعليم وتطوير عدد من القطاعات على رأسها الزراعة.

ووفقًا لتقرير البنك الدولي أصبح مناخ أداء الأعمال والاستثمار في دول أمريكا اللاتينية أيسر عن ذي قبل، ويقوم البنك سنويًا بتقييم جودة وفاعلية التنظيمات والتشريعات الخاصة ببدء ومزاولة الأعمال في الدول المختلفة، وكما يشير التقرير الأخير للبنك فإن 13 دولة من دول المنطقة، قد حققت تحسنًا في مؤشرات أداء الأعمال من بين 18 دولة شملها التقرير عن العام السابق.

وتاريخا كانت دول المنطقة تعتمد بشكل أساسي على طلب المستهلكين في الولايات المتحدة باعتباره سوقا أولية للصادرات، وكان من نتيجة الاعتماد الكبير على طلب المستهلكين الأمريكان انعكاسات حادة على قطاعات هامة مثل صناعة السيارات في المكسيك، والصناعات التحويلية على وجه الخصوص، ومن ثم فان استمرار تراجع الطلب الأمريكي على الصادرات من دول المنطقة يعني ضرورة البحث عن أسواق بديلة، وتطوير استراتيجيات جديدة لضمان نمو اقتصاداتها.

 

ترتيب دول أمريكا اللاتينية وفق مؤشر سهولة الأعمال

الدولة

الترتيب 2015

المؤشر

المكسيك

38

73.7

 

شيلي

48

71.5

 

بيرو

50

71.3

كولومبيا

54

70.4

 

كوستاريكا

58

68.6

 

بنما

69

65.7

جواتيمالا

81

63.5

 

السلفادور

86

62.8

 

أورجواي

92

61.2

 

دومينييكان

93

61.2

 

باراجواي

100

60.2

هندوراس

116

58.1

 

البرازيل

117

57.7

 

أكوادور

121

57.5

 

الأرجنتين

125

56.8

 

نيكاراجوا

125

55.8

 

هايتي

182

39.6

 

فنزويلا

186

35.5

 

ويمثل ضعف عناصر البنية الأساسية عقبة رئيسية أمام تطوير أسواق جديدة للصادرات، وهو ما يتطلب مضاعفة ما ينفق على عناصر البنية الأساسية لمقابلة احتياجات السوق والاحتياطات الديمجرافية. ويوجد حاليًا مشروعات ضخمة على رأسها توسعة قناة بنما، واستعدادات ريودي جانيرو لاستضافة الاوليمبياد في صيف هذا العام، إضافة إلى الحاجة إلى تطوير عناصر المرافق الأساسية في المرافق الأساسية مثل المياه والكهرباء ونظم المواصلات التي تزيد من تكاليف ممارسة الأعمال في الوقت الحالي.

كما يؤدي تواضع مستوى البنية الأساسية في مجال الاتصالات إلى خلق مزيد من المعوقات أمام ممارسات الأعمال، والتأثير سلبًا على كفاءة الأسواق في الإقليم. وبالتالي فان الاستثمار في التقنية والاتصالات، لن تؤدي فحسب إلى تحسين مناخ مزاولة الأعمال، لكنها ستحسن أيضًا من كفاءة عناصر البنية الأساسية التقليدية، نتيجة زيادة الابتكارات في مجال الشبكات الالكترونية الذكية التي تستخدم التقنية في استخدامات الطاقة.

ومن هنا يمثل الحصول على رؤوس الأموال من الخارج تحديًا أمام الكثير من دول المنطقة للنهوض بعناصر البنية الأساسية أخذًا في الاعتبار الحجم والمدى الزمني اللازم لتنفيذ تلك المشروعات، وهو ما يقتضي البحث عن مصادر خارجية للحصول على رؤوس الأموال، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لدعم هذه المشروعات. ومن ثم أصبحت القدرة على جذب رأس المال من الخارج محددًا رئيسيًا في تحديد تنافسه اقتصادات المنقطة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز

 ومستشار وكيل الجامعةللأعمال والإبداع المعرفي

 

 

مجلة آراء حول الخليج