array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 111

كلما تراجع الاهتمام العربي تأتي إسرائيل لتشغل الفراغ العلاقات الهندية / الإسرائيلية والتأثير السلبي على القضية الفلسطينية: الأسباب والأهداف

الإثنين، 05 أيلول/سبتمبر 2016

لابد لكل من يبحث في موضوع العلاقات الهندية / الإسرائيلية ومدى تأثيرها على القضية الفلسطينية والمصالح العربية والخليجية أن يتوقف كثيرًا أمام التحول الجوهري في سياسة الهند تجاه الصراع العربي/ الإسرائيلي وكيف انتقلت من مربع التأييد التام للمواقف العربية والفلسطينية  إلى مربع انتهاج سياسة التوازن والحياد ثم انتقلت بعد ذلك وبصورة غير مسبوقة إلى مربع الدعم والتأييد الواضح للعديد من المواقف والسياسات الإسرائيلية بل وتعدى الأمر إلى بدء اتخاذ توجهات معارضة لبعض المواقف والأحداث المرتبطة  بالقضية الفلسطينية .

 ولعل كل من يحاول التعمق في تأصيل هذا الموضوع سوف يجد أن العلاقات الهندية / العربية استندت على أسس تاريخية وحضارية وثقافية منذ قديم الزمان الأمر الذي ساهم في أن تدعم هذه العلاقات بفعل هذه الأسس العميقة الضاربة بجذورها، ولكن هنا يثار التساؤل الذي أصبح تساؤلاً تقليديًا ونحن نعالج مثل هذه الموضوعات الهامة ومفاده كيف تأثرت العلاقات مع الهند سلباً؟ ولماذا؟ وكيف نجحت إسرائيل في النفاذ بقوة إلى هذه المنطقة الحيوية من شبه القارة الهندية؟ وماهي الأسباب التي جعلت الهند تتراجع عن دعم قضايانا العربية بالصورة التي كانت في السابق؟ وكيف يمكن إعادة الاهتمام الهندي ليس فقط بالقضية الفلسطينية وإنما بكافة القضايا العربية، وكلها أسئلة مشروعة تحتاج إلى إجابات واضحة وصريحة حتى نعالج مواطن القصور العربي في هذه العلاقة.

 في البداية أجد من الضروري أن أتجه إلى إلقاء الضوء على الدور الهندي  الرئيسي تجاه تأسيس حركة عدم الانحياز التي استندت على  قوة الدفع الناجمة عن مؤتمر باندونج عام 1955م، وذلك بالتنسيق مع كل من مصر ويوغوسلافيا ( آنذاك ) وعقد أول اجتماع للحركة عام 1961م، وإعطاء الزخم لتكون لهذه الحركة مواقف واضحة إزاء رفض سياسة الأحلاف والتكتلات والاستقطاب وهو ما شجع العديد من دول العالم الثالث بصفة خاصة على التحرر من الاحتلال الأجنبي لأراضيها من ناحية والانضمام إلى حركة عدم الانحياز من ناحية أخرى مما أوجد للحركة موقعًا متميزًا في الساحة الدولية حيث لعبت الهند في إطار الحركة أدوارًا ذات أهمية كبيرة وحققت العديد من الإنجازات لوضعيتها السياسية وكذا لحركة عدم الانحياز نفسها بل للعديد من الدول التي كانت تبحث عن حريتها واستقلالها .

 وإذا كانت السياسات الهندية قد سارت لفترات زمنية طويلة في إطار المواقف الواضحة وشديدة الدعم للموقف العربي دون أي تغيير، إذن لابد أن نتساءل من أين جاء هذا التحول السلبى في العلاقات العربية الهندية والذى وصل في بعض الأحيان إلى ما يمكن اعتباره تغيرًا حادًا في هذه العلاقة في مقابل تطور إيجابي وكبير في العلاقات الهندية / الإسرائيلية، وهنا يجب أن نتعرض لبعض المواقف والسياسات الهندية تجاه كل من الجانبين الإسرائيلي من ناحية والجانب العربي والفلسطيني من ناحية أخرى قياسًا على فترات زمنية مختلفة حتى نستطيع تقييم طبيعة التغيير الذى حدث في الموقف الهندي .

 وارتباطًا بذلك نشير هنا إلى بعض نماذج تصويت الهند في الأمم المتحدة تجاه بعض القرارات الهامة المرتبطة بالصراع العربي / الإسرائيلي من أجل أن تتضح صورة هذا التغيير بشكل أكثر دقة وذلك على النحو التالي:

    الهند قامت بالتصويت ضد حصول إسرائيل على عضوية الأمم المتحدة عام 1949 م، لأسباب متعددة (سياسية - دينية .... ) .

    الهند لم تعترف بإسرائيل إلا بعد سنوات من إعلان قيام الدولة، كما أنها لم ترفع معها درجة التمثيل الدبلوماسي الكامل على مستوى السفارة إلا عام 1992م، أي بعد مرور أكثر من أربعة عقود على تاريخ الاعتراف.

    الهند صوتت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1975م، والخاص باعتبار الصهيونية شكل من أشكال العنصرية ثم عادت عام 1992م، لتصوت لصالح إلغاء هذا القرار.

    الهند كانت أول دولة غير عربية تمنح منظمة التحرير الفلسطينية الوضع الدبلوماسي الرسمي الكامل عام 1975م، وذلك بعد أن اعترفت القمة العربية في الرباط عام 1974 م، بها واعتبرتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

    الهند امتنعت عن التصويت على قرار الأمم المتحدة بإدانة إسرائيل في ضوء الحرب التي شنتها على قطاع غزة عام 2014م، رغم أن معظم المجتمع الدولي أدان العمليات العسكرية الإسرائيلية.

 الهند اعترضت عام 2000م، على الفقرة السادسة من قرار الأمم المتحدة بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة منزوعة السلاح النووي وخالية من أسلحة الدمار الشامل ومطالبة إسرائيل بالانضمام لمعاهدة منع الانتشار النووي، ونشير في هذا المجال إلى أن هذا الاعتراض يعد هو الأول في مسار تصويت الهند على هذا الموضوع حيث كانت في السابق تمتنع عن التصويت على هذا القرار.

 وفى نفس الوقت هناك العديد من العوامل والمحددات التي يجب الإشارة إليها نظرًا لتأثيرها الواضح في تحديد السياسة الهندية تجاه المنطقة العربية بصفة عامة والقضية الفلسطينية بصفة خاصة من أهمها ما يلي:

 العلاقة بين الهند وإسرائيل تأثرت بشكل كبير بطبيعة الحزب الحاكم في الهند بحيث كانت تتسم بالتأييد الواضح للقضية الفلسطينية خلال فترة حزب المؤتمر الوطني بينما تميزت بالميل نحو دعم العلاقات مع إسرائيل في ظل الحزب الحاكم حاليًا وهو حزب بهاراتيا جاناتا BHARATIYA JANATA حيث من السهل ملاحظة الموقف الإيجابي لرئيس الوزراء الهندي الحالي ناريندرا مودي تجاه دعم وتطوير العلاقة مع إسرائيل.

 بدء مرحلة مفاوضات السلام الإسرائيلية / العربية في نهاية السبعينيات من أجل التوصل إلى إنهاء الصراع العربي/ الإسرائيلي وما أسفرت عنه هذه المفاوضات من توقيع معاهدة السلام الإسرائيلية / المصرية عام 1979 (التي حظيت بتأييد هندي) ثم توقيع معاهدة السلام الإسرائيلية / الأردنية عام 1994م، وهو الأمر الذي أوجد المبرر أمام الهند لإنهاء حالة التحفظ في العلاقة مع إسرائيل كمرحلة مهدت لمزيد من دعم العلاقات معها.

 حاجة الهند إلى تطوير ودعم علاقاتها مع الولايات المتحدة في كافة المجالات مع قيام واشنطن بممارسة بعض الضغوط على الهند لدعم علاقاتها مع إسرائيل، بالإضافة إلى قناعة الهند بأن علاقتها مع إسرائيل تعد أحد المفاتيح الرئيسية للدخول إلى مجال أوسع في علاقاتها الأمريكية.

 حدوث متغير دولي كبير بانهيار الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينيات والتطورات اللاحقة لهذا المتغير الحاد مما أخل بالتوازن الدولي الذي كان قائمًا في هذا الوقت بين القطبين الكبيرين، وبالتالي فقدت الهند عاملاً هامًا وهو علاقاتها السوفيتية كما فقدت القدرة على المناورة بين القوتين الأعظم ولم تجد أمامها سوى الولايات المتحدة كقوة عظمى واحدة تتحكم في السياسة الدولية ولم يكن أمام الهند من مفر سوى أن تتعامل معها وتخضع للعديد من توجهاتها ومطالبها.

 ظهور جماعات إسلامية متطرفة في الهند يمكن أن تؤثر على الاستقرار داخل الدولة مما دفع الهند إلى التوجه نحو الدول التي لديها خبرات واضحة في مواجهة الإرهاب والتطرف ومن بينها إسرائيل.

 استمرار الصراع الهندي / الباكستاني بأشكال مختلفة رغم محاولات التهدئة والتوصل إلى بعض التوافقات والحلول حول المشكلة الرئيسية بينهما وهي مشكلة كشمير، بالإضافة إلى حاجة الهند إلى حشد العديد من الأطراف المؤثرة لدعم موقفها في علاقاتها مع باكستان.

 وفى كل الأحوال لم تكن الهند بعيدة عن أهداف السياسة الإسرائيلية التي حاولت أن يكون لها تواجد في المناطق الاستراتيجية في العالم، وقد كانت الهند في طليعة هذه الدول نظرًا لموقعها الاستراتيجي في منطقة المحيط الهندي الأمر الذى من شأنه أن يساعد إسرائيل في أن يكون لها تأثير في هذه المنطقة وصولاً إلى بحر العرب، ويلاحظ في هذا المجال أن إسرائيل لم تكن في عجلة من أمرها وهى تحاول أن تبني علاقاتها مع الهند على مبدأ راسخ ألا وهو المصالح المشتركة، والمراقب عن كثب لهذه العلاقة الثنائية سوف يجد أنها تطورت بشكل تدريجي بدأ من مستوى علاقات اتسمت بقدر كبير من التحفظ إلا أنها وصلت بعد ذلك إلى مستوى علاقات متميزة أخذت طابع التعاون الاستراتيجي .

 ومن المهم هنا أن نحدد طبيعة وأشكال التعاون بين الهند وإسرائيل في مختلف المجالات والذي تم على فترات زمنية مختلفة في علاقة امتدت إلى أكثر من ستة عقود وشهدت العديد من منحنيات الصعود والهبوط ولكنها صمدت أمام كل التحديات التي واجهتها، وفى هذا المجال نشير إلى ما يلي:

 إن التعاون الثنائي بين الهند وإسرائيل شمل العديد من المجالات الهامة التي كانت الهند في حاجة إليها مثل الزراعة ووسائل الري الحديثة واستخدام التكنولوجيا في بعض المجالات الهامة.

 تطور مجالات التعاون بين الدولتين لتشمل تدريب الخبراء المدنيين والعسكريين إضافة إلى أهم المجالات التي تحظى باهتمام المجتمع الدولي وهو مجال مكافحة الإرهاب.

 وصول حجم التوافق بين الهند وإسرائيل إلى المجال النووي حيث اتفقت الدولتان على رفض البرنامج النووي الباكستاني، في نفس الوقت الذي أثيرت فيه أخبار تشير إلى أن الهند قامت بإجراء بعض التجارب النووية لصالح إسرائيل، ونلاحظ هنا أن كلًا من الهند وإسرائيل لم توقعا حتى الآن على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية مع الأخذ في الاعتبار أن هناك تصنيفات تضع الهند في مرتبة القوة النووية السادسة في العالم (نشير إلى أن الهند بدأت تجاربها النووية عام 1974م).

 تطور حجم التعاون الاقتصادي بين الدولتين إلى الحد الذي أصبحت فيه الهند ثاني أكبر شريك اقتصادي لإسرائيل (كما تشير بذلك بعض الإحصائيات).

 حدوث طفرة في العلاقات العسكرية بين الهند وإسرائيل حيث أصبحت الهند تمثل أكبر مشتري للأسلحة الإسرائيلية وواصلت لتكون في تصنيفها ثاني أكبر شريك للهند في المشتريات العسكرية، ومن أمثلة ذلك الصفقة التاريخية الأولى التي تمت عام 2009م، والتي قامت الهند بمقتضاها بشراء أسلحة من إسرائيل في صفقة بلغت قيمتها حوالي 9 مليار دولار (تقوم الهند بإمداد إسرائيل بطائرات بدون طيار وصواريخ مضادة للدبابات بالإضافة إلى نوعيات أخرى من الأسلحة).

 تبادل الزيارات بين الدولتين على أعلى المستويات في مجالات مختلفة من أجل مزيد من دعم العلاقات الثنائية (سياسية – عسكرية – اقتصادية).

 استثمار الجالية اليهودية المقيمة في الهند في دعم العلاقات الثنائية وتسويق المواقف الإسرائيلية التي ترغب في تسويقها.

 إذن فمن الواضح أن إسرائيل انتهجت في علاقاتها مع الهند نهجًا مدروسًا استند على فكرة تعظيم المصالح المشتركة بينهما إلى الحد الذي لا يمكن لأي منهما  التضحية بهذه المصالح مهما كانت الأسباب، وقد اتجهت إسرائيل إلى القيام بعملية بناء تدريجي لهذه العلاقة تتزايد وتتطور ملامحه وجوانبه بمرور الوقت مع العمل على أن يتوسع حجم التعاون بينهما ليشمل كافة المجالات الهامة التي يحتاجها الطرفان (وخاصة الهند) حتى وصل هذا التعاون إلى أكثر القضايا حساسية وخطورة وهو المجال النووي بالإضافة إلى مجال مكافحة العمليات الإرهابية .

 وقد دعمت إسرائيل هذا التوجه في علاقاتها مع الهند بتكثيف زيارات المسؤولين الإسرائيليين إلى نيودلهي حيث افتتح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إريئيل شارون هذه الزيارات عام 2004م، بزيارة إلى الهند لتكتب تاريخًا جديدًا في العلاقات الثنائية بين الدولتين وتكون أول زيارة لرئيس وزراء إسرائيلي للهند منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما في أوائل الخمسينيات، ثم تطورت نوعية وطبيعة ومستويات هذه الزيارات حيث شهد عام 2015م، زيارتين هامتين متبادلتين الزيارة الأولى من جانب وزير الدفاع الإسرائيلي السابق (موشيه يعلون) إلى نيودلهي أما الزيارة الثانية فكانت من جانب الرئيس الهندي ( براناب موخيرجى ) إلى تل أبيب في أكتوبر من نفس العام والتي اعتبرها الجميع زيارة تاريخية دشنت لمرحة أكثر عمقًا في العلاقات الهندية / الإسرائيلية .

 وفى الجانب المقابل سارت العلاقات الهندية / العربية في مسارات مختلفة بدأت منذ الخمسينيات وبداية الستينيات بطفرة قوية من خلال حركة عدم الانحياز التي كان رئيس الوزراء الهندي الأسبق وأول رئيس للوزراء بعد الاستقلال (جواهر لآل نهرو) من مؤسسيها والتي اتخذت موقفًا شديد الوضوح تجاه الاحتلال والاستعمار والمطالبة بالحل السلمي للصراعات واحترام سيادة جميع الدول، الأمر الذي ساهم بعد ذلك في أن تتخذ الهند موقفًا رافضًا للاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية بعد حرب يونيو عام 1967م، وحددت الهند موقفها بوضوح تجاه حل الصراع العربي / الإسرائيلي من خلال المبادئ الرئيسية التالية:

 ضرورة انسحاب إسرائيل من كافة الأراضي التي احتلتها عن طريق الحرب (الضفة الغربية – القدس – الجولان) إلى حدود ما قبل الخامس من يونيو 67.

 إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية.

 حق جميع دول المنطقة في العيش في أمن وسلام واستقرار مع التأكيد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وخاصة حقه في تقرير المصير

 إدانة كافة الإجراءات الإسرائيلية الغير مشروعة التي تقوم بها إسرائيل لتهويد بعض المناطق الفلسطينية (سياسة الاستيطان الإسرائيلي في كل من القدس والضفة الغربية).

 تأييد استئناف المفاوضات السياسية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي باعتبار أنها الأسلوب الأمثل للتوصل إلى التسوية السلمية الشاملة والعادلة.

 وفى الجانب المقابل كانت الهند تمثل إحدى القوى الرئيسية التي حرصت الدول العربية على أن تدعم علاقاتها الثنائية معها على مستويات مختلفة لاسيما وأن هناك أسس قوية لصالح تميز هذه العلاقة خاصة من الناحية التاريخية بالإضافة إلى التشابه في تحدى المخاطر الخارجية التي تهدد كل منهما، وفى هذا المجال من المهم أن نشير إلى الأبعاد الرئيسية التالية:

 إن الجانب العربي لم يبد الاهتمام الكافي بدعم العلاقات الاقتصادية مع الهند إلا في وقت متأخر نسبيًا وبعد أن كانت العلاقات الإسرائيلية / الهندية قد توطدت بشكل كبير ثم انطلقت هذه العلاقات الاقتصادية إلى آفاق أوسع وأكبر بعد ذلك.

 إن الجانب العربي لم يمتلك بعض مقومات التعاون التي كانت تحتاجها الهند في فترات زمنية محددة في الوقت الذي نجحت فيه إسرائيل في أن تتواجد وتدعم علاقاتها مع الهند في المجالات الهامة التي لم يتوافر للعرب تقديمها (تصدير السلاح - مكافحة الإرهاب - المجال النووي).

 إن الهند أبدت اعتراضًا على بعض المواقف العربية التي اتجهت إلى تأييد موقف باكستان من قضية كشمير الأمر الذي اعتبرته الهند تحيزًا عربيًا ضدها في إحدى القضايا الحيوية والقومية بالنسبة لها.

 وجود جاليات هندية ضخمة في المنطقة العربية وتحديدًا في منطقة الخليج العربي تتخطى في تعدادها حوالي ثمانية ملايين نسمة (تتركز في السعودية والإمارات بصفة خاصة) وحرص الهند على استثمار هذه الجاليات في دعم العلاقات مع الجانب العربي.

 تبادل الزيارات الهامة بين الجانبين (زيارة العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز للهند عام 2006 م، قبل توليه الحكم - زيارة العاهل الأردني للهند عام 2006 -زيارة العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك سالمان للهند عندما كان أميرًا للرياض وذلك في إبريل عام 2010 م، - زيارة الرئيس الهندي براناب موخيرجي لبعض الدول العربية من بينها الأردن وفلسطين في أكتوبر عام 2015م - زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للهند في أكتوبر عام 2015م - زيارة رئيس الوزراء الهندي لكل من السعودية والإمارات - زيارات أخرى على مستويات مختلفة )  .

 إن العلاقات الاقتصادية بين الجانبين الهندي والعربي شهدت طفرة واضحة خلال العقد الأخير ولاسيما مع بعض دول مجلس التعاون الخليجي حيث تزايدت الاستثمارات الهندية في هذه الدول وكذا الاستثمارات الخليجية في الهند وتم تطوير مجالات التعاون المشترك إلى درجة كبيرة ويمكن في هذا المجال أن نشير إلى أحد النماذج الهامة حيث وصل حجم التبادل التجاري بين الهند ودولة الإمارات حوالي 60 مليار دولار عام 2015م، بالإضافة إلى أن كلًا من السعودية والإمارات أصبحتا تمثلان أحد الشركاء التجاريين والاقتصاديين الرئيسيين للهند.

 وفى ضوء ما سبق فمن الواضح أنه كلما تراجع الاهتمام العربي بالدول التي تتمتع بثقل مميز على المستوى الدولي (مثل الهند) نجد أن إسرائيل تأتي لتشغل هذه المساحة من عدم الاهتمام أو الفراغ دون النظر إلى طبيعة العلاقات العربية الهندية حيث أن سياسة المصالح أصبحت تتحكم بشكل غير مسبوق في مقدرات الحركة السياسية لكل الدول، وبالتالي من المهم ألا يعتمد العرب فقط على الجانب التاريخي في هذه العلاقة بل عليهم أن يتحركوا على مسارات مختلفة لمزيد من دعم العلاقة مع الهند ؛ نقترح منها بعض المسارات التالية:

 ضرورة أن يكون العامل الاقتصادي هو المحرك الرئيسي لهذه العلاقة الثنائية من خلال زيادة الاستثمارات المتبادلة بين الجانبين مع التركيز على المجالات التي تحتاجها الهند بالإضافة إلى ضرورة تفعيل الاتفاقات الموقعة بين الجانبين والاستمرار في تصاعد منحنى العلاقات التجارية الذي بدأ يزدهر.

 العمل على إيجاد قواسم مشتركة أخرى في العلاقة مع الهند ولاسيما موضوع مكافحة الإرهاب حيث توجد بالفعل تهديدات إرهابية لكلا الجانبين مع اختلاف طبيعتها ومصدرها إلا أنه يظل في النهاية تهديدًا مشتركًا يجب مواجهته بمختلف الوسائل المتاحة.

 زيادة مساحة الحوار السياسي مع الهند وأهمية تكثيف الزيارات المتبادلة على كافة المستويات ولاسيما الرئاسية، مع التركيز على إعادة تنشيط كافة الجوانب المرتبطة بحل الصراع العربي الإسرائيلي وضرورة السماح للهند بدور في حل هذا الصراع بل تشجيعها على أن تقوم بهذا الدور.

 تنشيط التعاون في مجالات أخرى تساهم في دعم العلاقات الثنائية وعلى سبيل المثال التعاون في المجال العلمي والمجال الثقافي.

______________________________

 

 

مجلة آراء حول الخليج