; logged out
الرئيسية / تبعية اليابان لأمريكا معوق وطوكيو جزء من الاستراتيجية الأمريكية الشراكة العسكرية لليابان في الخليج مقيدة.. والتعاون الأمني مطلوب

العدد 112

تبعية اليابان لأمريكا معوق وطوكيو جزء من الاستراتيجية الأمريكية الشراكة العسكرية لليابان في الخليج مقيدة.. والتعاون الأمني مطلوب

الثلاثاء، 04 تشرين1/أكتوير 2016

يكمن جانبًا كبيرًا من عبقرية اليابان في قدرتها الهائلة على توظيف الموارد لتحقيق أهدافها القومية. وقد أكدت لقاءات الحوار الاستراتيجي أن التعاون الياباني الخليجي يجب أن يتجاوز بكثير صفقات التبادل التجارية، إلى شراكة أمنية استراتيجية تستغل فيها القدرات اليابانية، من خلال اقتناص فرص التحولات التي يمر بها طرفا المعادلة لتكون حافزًا لتضافر جهود الساموراي الناهض مؤخرًا، مع الفارس الخليجي المثقل كاهله بلحظات تاريخية حبلى بتقلبات الجغرافيا السياسية لموطنه. حيث سنتتبع نهوض روح الساموراي مجددًا كرد فعل على التعاظم العسكري الآسيوي حول اليابان. وإمكانية لعبها دور الموازن الخارجي Foreign Balancer في منظومة أمن الخليج، وإن كانت الظروف مواتية للتعاون، وما هي  معوقات لعب طوكيو ذلك الدور والشراكة الأمنية المطلوبة بين الطرفين.

 

عودة روح الساموراي

 

بالرغم من أن عدد الصينيين الذين قتلهم اليابانيون في الحرب العالمية الثانية أكثر من عدد اليهود الذين قتلوا في المحرقة. ورغم أن اليابان وروسيا لم يوقعا أبدًا على معاهدة السلام المتعلقة بالحرب العالمية الثانية بسبب نزاعهم على جزيرة كوريل؛ إلا أن البأس الاقتصادي الياباني ببراعة يستحق التمعن، تجاوز بؤسها العسكري بعد الحرب العالمية الثانية. حيث أن ذلك الماضي العسكري لم يتعد إطاره الزمني، ويعيد إحياء نفسه ويقتحم الحاضر ويصطدم به متشبثًا بالذاكرة الجماعية لليابانيين طارحًا نفسه كمشروع حرب كما حدث في مجتمعات آسيوية مجاورة؛ بل لأن الحرب عٌدت من هوامش التاريخ  الياباني. واعتبرت الغيبوبة التاريخية اليابانية عزلة ذهنية مريحة وفسحة للتقدم الاقتصادي .

 فبعد الحرب العالمية الثانية تم توقيع اتفاقية أمنية حمائية مع الولايات المتحدة الأمريكية، و تم وضع الدستور الياباني تحت إشراف سلطة الاحتلال بما فيه الفقرة التاسعة (بند السلام).  حيث عملت هذه الفقرة على منع اليابان من التحول إلى قوة هجومية في المستقبل. لكن واشنطن ولخلق توازن أمام الشيوعية في آسيا بعد الثورة الصينية والحرب الكورية عادت  بعد استقلال اليابان للضغط  لبناء قوات الدفاع الذاتي. وقد عرفت الحياة السياسية في طوكيو توجهات متناقضة عدة حيال سلمية أو عسكرة اليابان ؛ فالتيار التقليدي المحافظ  يرى أن تستمر اليابان كدولة اقتصادية كبرى دون محاولة السعي إلى امتلاك قدرات عسكرية أو القيام بدور في القضايا الدولية العالمية، بل تدعيم دورها الاقتصادي وتوظيفه في المجال السياسي. ورفض  أن تصبح اليابان دولة عادية لها دور سياسي عالمي وقوة عسكرية  تساوي إن لم تفق القوة العسكرية للدول الأوربية، أو أن تحذو حذو الدول الصغيرة في النظام العالمي بدور محدد للغاية.  وتذهب  تيارات  قومية  يمينية  إلى  أن  على اليابان الاضطلاع بدور بارز في الشؤون العالمية بما في ذلك الشؤون السياسية والأمنية والاقتصادية، بأن تصبح اليابان دولة طبيعية كبرى قادرة على تحمل المسؤوليات العالمية وأن تتعاون مع الدول الأخرى لتحقيق حياة مستقرة. وأن تتخلص من كافة تداعيات الحرب العالمية الثانية ومن القيود التي فرضت عليها بما في ذلك تعديل الدستور والسماح بإعادة تسليحها ومشاركاتها بجميع عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة، سواء العسكرية منها أو غير العسكرية، وتسليح  قواتها ليتسنى لها الدفاع عن النفس، مع ضرورة تمتين علاقات التحالف مع الولايات المتحدة [1].

وحاليًا يظهر رئيس الوزراء الياباني  شينزو آبي  للمراقبين وكأنه يصاحب رجال الاقتصاد نهارًا وفي الليل يتجول مع فرسان الساموراي، فقد أعلنت وزارة الدفاع اليابانية  مؤخرًا أنها ستسعى إلى ميزانية قياسية قيمتها  51 مليار دولار  للسنة المالية 2017م، و هي الزيادة السنوية الخامسة على التوالي التي تطلبها وزارة الدفاع، الحريصة على تقوية دفاعات اليابان. حيث يشمل طلب وزارة الدفاع  100 مليار ين تكلفة تطوير نظام الدفاع الصاروخي باك-3 لدى اليابان. و لشراء نسخة متطورة من المقاتلة الشبح إف-35 التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن الأمريكية. وتكلفة تعزيز قدرات خفر السواحل الياباني في جزيرتي مياكوجيما وأمامي أوشيما لتهدئة القلق بشأن تزايد أنشطة بكين في بحر الصين الشرقي[2]وكان شينزو آبي  قد دعا المجلس التشريعي الوطني لتعديل المادة 9 من دستور البلاد الذي ينبذ الحرب كوسيلة لتسوية النزاعات؛ فالدستور الحالي يحتوي على "بعض الأجزاء التي لا تنسجم مع الوضع الراهن". إنه يشعر بالقلق خاصة تجاه النص الدستوري الذي يمنع اليابان من الحفاظ على "القوات البرية والبحرية والجوية"، ويعتبر أن ذلك متناقض مع وجود قوات الدفاع الذاتي في البلاد. حيث أبدى رغبته وسط التعاظم العسكري الصيني والتهديدات النووية الكورية الشمالية في إجراء إصلاحات بشأن دور الجيش[3]. متحدثًا بلهجة تحدي للأمم التي تعتقد أنها تهدد سيادة طوكيو. إذ يعتقد آبي  والمحافظون الآخرون أن روح الساموراي تعتبر جزءًا أصيلاً من تركيبة الأمة اليابانية.

 

اليابان كموازن خارجي Foreign Balancer  

بفعل موقعه الاستراتيجي أصبح أمن الخليج أمنًا دوليًا وليس إقليميًا فحسب، وقد تأكد ذلك بفعل الطاقة النفطية، والممرات البحرية التي تتحكم بعقد التجارة العالمية. وقد شهدت البيئة الأمنية في الخليج- في أغلب الفترات- توازن للقوى مستندة في ذلك على موازن خارجي Foreign Balancer  وفي ذلك الترتيب، كانت القوة العسكرية الخارجية الغربية تمثل الثقل الموازن للقوة الإيرانية أو العراقية. و في البداية يُمكن تعريف نظام أمن الخليج المتوقع مع اليابان بأنه مجموعة من المبادئ التي يتم الاتفاق عليها ثم بلورة تفاهمات وآليات التعاون فهل اليابان مؤهلة للعب دور في أمن الخليج؟ 

 تعد القوة البشرية إحدى ركائز الحسبة الاستراتيجية لقياس وزن الدول؛ وللموارد البشرية  دور في بناء القوة الاقتصادية لليابان، ففي مجال التأهيل البشري وفرت الحكومات المتعاقبة  مساعدات مادية و معنوية للأفراد دفعت بهم لتخطي مستوى الشعب النامي إلى مصاف الشعوب المتقدمة، هذا الشعب المنظم بكفاءة إدارية عالية يمكن أن يلعب دورًا في مرحلة التعبئة العامة وتحويل مقدرات الدولة البشرية والاقتصادية لخدمة الجهد العسكري. كما تمتلك اليابان  قاعدة صناعية ضخمة فهي ثالث قوة اقتصادية في العالم .وقد استمدت  مكانتها بالاعتماد على الصناعة الثقيلة ، فهي أول منتج للحديد والصلب في العالم وثالث قوة في تكرير البترول. وأول منتج للسيارات ونصف الإنتاج العالمي للسفن. هذا التقدم يؤهلها لبناء جيش ضخم في وقت محدود، وابتكار أسلحة ووسائل قتال في زمن قياسي، بل وإنجاز عمليات التبديل والتعويض أثناء الحروب بدون تأخير. ومنذ سنوات قليلة أخذت الشركات اليابانية مثل ميتسوبيشي وتوشيبا وكاواسكي تشارك في معارض السلاح مما يعني أن اليابان قد تحررت من قيد منع تصدير السلاح . كما وجدت أن مجابهة التوسع الروسي والصعود الصيني والتمرد الكوري الشمالي و التي  تشكل تهديدًا حقيقيًا لليابان، لذا نمت ميزانية اليابان العسكرية، فتحت وطأة هذه التهديدات الخارجية، انتقلت لصناعة السلاح الهجومي، بذريعة الدفاع سُمح لليابان ببناء ثلاث حاملات طائرات عملاقة "مدمرات المروحيات"، بالإضافة إلى أسلحة قوات مشاة البحرية والمركبات البرمائية. كما تصنع طائرات الإف 16 و الإف 15 داخل اليابان بمواصفات تراعي الاستراتيجية اليابانية. بل صارت تقوم بتصدير هذا السلاح، كالملابس الواقية من الحرب الكيميائية لبريطانيا، وتكنولوجيا الغواصات لأستراليا [4]. أما القوة العسكرية اليابانية العاملة فتبلغ  250 ألف جندي ، والاحتياط 57 ألف جندي ، ولديها من الدبابات 678 دبابة، والمدرعات 2850  مدرعة ،و500مدفع مقطور، راجمة صواريخ 99 راجمة ،ومدفع ذاتي الحركة  202مدفع .أما الطائرات فتملك 1590طائرة .منها 287 هجومية ،و287طائرة اعتراضية ،و 481طائرة نقل ،444وطائرة تدريب ،638وطائرة هليوكبتر،119وهليوكبتر هجومية و قد التزمت اليابان بشراء 28 طائره F35 A و ذلك لحاجتها لاستبدال أسطولها المتقادم من F4 . أما القوة البحرية فلديها 131 سفينة، منها حاملة طائرات 3، وغواصة 17، وسفن خفر سواحل 6،و27 كاسحة الغام  .[5]

الظروف المواتية للتعاون

رغم أن علينا التسليم للزمن بحقه في توضيح الرؤية، إلا أن العديد من المراقبين يجمع بأن القرن 21 سيكون قرنًا آسيويا يشهد تقدم اليابان والصين على مسرح الأحداث العالمية. وفي التأصيل الاستراتيجي للتطورات، يمكن ملاحظة أن أمن الطاقة الياباني يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمن الخليج، وذلك على مستوى الواردات والممرات الحيوية. حيث تستورد اليابان من الخليج 75% من احتياجاتها النفطية، البالغة أربعة ملايين برميل يوميًا. ويشكل هذا الخام 35% من إجمالي النفط المار عبر مضيق هرمز. وبهذا المعنى، تعدّ اليابان أكثر دول العالم ارتباطًا بأمن المضيق، بعد دول الخليج ذاتها[6]. فالظروف مواتية لليابان للتقرب  لأمن الخليج، فمن باب أولى أن تدخل اليابان حلبة التنافس لكونها تعتمد على الموارد الأولية في صناعاتها التحويلية. كما أن من الظروف التي تدفعها لذلك طموحها أن تكون عضوًا دائمًا في مجلس الأمن مما يحتم عليها أن تكون لاعبًا في أهم الساحات الدولية الساخنة، وكما أن الخليج هو منبع طاقة اليابان فهو سوق رائج لمنتجاتها.

كما أن الظروف المواتية حصول رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي على موافقة البرلمان على تشريع يسمح للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية للجنود اليابانيين بالدفاع عن حلفائهم الأجانب وتلك خطوة تتيح لليابان ممارسة حق "الدفاع الذاتي". كما أن استفحال الحرب العالمية ضد الإرهاب، و بتشجيع من الولايات المتحدة فقد تم تحرير اليابان من قيود المادة التاسعة من الدستور الياباني وتمت الموافقة على تفسير المادة وموافقة مجلس الوزراء رسميًا على المسودة النهائية لمشروع تغييرها. في حال توفر حالات أو شروط ثلاثة أولها تعرض دولة أجنبية لها روابط وثيقة مع اليابان لهجوم مسلح تنعكس آثاره وتهديداته على بقاء الأمة اليابانية أو يقوض حقوق وحرية وسعادة الشعب الياباني بشكل جذري، وثانيًا عدم توفر وسائل أُخرى مناسبة لحماية المجتمع الياباني لتلك الانعكاسات، وأخيرًا استخدام الحد الأدنى من القوة لردع ذلك الهجوم[7].

أما دول الخليج فيدفعها للتعاون مع اليابان تصاعد الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، وانسحاب أمريكا التدريجي، مما يعني تحمل دول مجلس التعاون الخليجي أعباء حماية نفسها أو البحث عن حليف. فالخليج كان وسيبقى محط أنظار القوى العالمية، كما أن الشراكة الخليجية ـ اليابانية غير موجّهة ضدّ أحد، وإن كانت تستهدف في النهاية إقامة توافق إقليمي في وقت يسعى فيه الخليجيّون عمومًا  إلى تقليص الاعتماد على واشنطن أو توسيع دائرة الخيارات لا سيّما مع تزايد الشكوك بمدى التزامها بالحدّ من طموحات إيران الإقليمية. كما أن من الظروف المواتية لإقامة التعاون الخليجي ـ الياباني الشراكات الاستراتيجية التي تمت بين الطرفين مجال أخرى غير مجال الأمن، بالإضافة إلى الزيارات التي قام بها صناع القرار الخليجيون مجتمعين أو أفراد، حيث أسسوا ما يعزز تواصل التعاون الأمني، فقد صدر بيان يحث على المزيد من التعاون بين الرياض وطوكيو  لتنسيق المساعدات، والتبادل العسكري[8] .

  معوقات التعاون

رغم أن التعديلات الدستورية في اليابان قد تسمح للبوارج الحربية اليابانية في أن تكون جزءًا من منظومة أمن الخليج ،إلا أن المزاج الياباني المتراكم منذ الحرب العالمية الثانية قد يحول دون تشكل سند شعبي لكل عملية مشاركة يابانية في أمن الخليج في المستقبل، كما أن التعاون الاقتصادي الخليجي الياباني لا زال أسير الطاقة مقابل السلع ولم يرق إلى الشراكة الصناعية الكبرى.

ومن أهم المعوقات دون حدوث تقرب عسكري ياباني ناجح تجاه الخليج تبعية اليابان لأمريكا، فطوكيو  جزءًا من الاستراتيجية الأمريكية حيث تتمتع اليابان بالمظلة النووية الأمريكية التي تشكل ضمانة كلية لأمنها، مقابل إعطاء اليابان للولايات المتحدة قواعد وتسهيلات عسكرية لقواتها مما جعل اعتبار اليابان ركيزة أساسية في الاستراتيجية الأمريكية ليس في الشرق الأقصى بل في العالم. لذا فإن دورًا يابانيًا واسعًا ضمن إطار الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة لا يعني بالضرورة السماح بدور قيادي لليابان فيها. فواشنطن تعتبر الخليج جزءًا من أمنها القومي. كما أن هناك منافسين آخرين فإيران تعتبر الخليج منطقة نفوذ. و الصين تتنافس على الأسواق مع اليابان ومستورد أيضًا للنفط الخليجي من حقول إيرانية .

 الشراكة الأمنية المطلوبة

تتراجع معظم الذرائع التي سيقت لمنع اليابان من الوصول للخليج العربي كموازن للأمن فيه عند التمعن في مصالحها التي تحتم عليها القيام بدور، لارتباط ذلك مباشرة بقضايا إمدادات النفط الأمر الذي يفرض على الحكومة اليابانية مسؤولية الانخراط في قضايا المنطقة بسرعة لتأسيس وتعميق وجودها في المنطقة والحفاظ على دورها فيها، خاصة بعد تحولات الربيع العربي، وثبوت عدم جدوى الاعتماد على طرف دولي بعينه كالولايات المتحدة، وتوسيع نطاق الموازنين لأمنه  لتضم أطرافًا إقليمية ودولية أخرى؛ وبحكم المنطق الداخلي للأحداث التي يمر بها الطرف الياباني والخليجي يمكننا القول بإمكانية قيام شراكة أمنية عبر المقتربات التالية:

 -مشابها لنجاحها الاقتصادي في منطقة خليج، يمكن لليابان أن تكون جزءًا من منظومة أمنه عبر التركيز  المتدرج على الدبلوماسية العسكرية كالمناورات وزيارات الوفود و استضافة السفن وتبادل بعثات التعليم العسكري، بالتأسيس لآليّة تعاون على صعيد الكلّيات العسكريّة والتثقيف العسكري والتدريب، بالإضافة إلى التعاون في مجال حفظ السلام والاستقرار، والتدريب على مكافحة الإرهاب، ومكافحة القرصنة، و المساعدات الإنسانية وتبادل العناصر والمعلومات، بهدف تعزيز وتوثيق العلاقات الإيجابية بين اليابان ودول مجلس التعاون .

- في مجال الأمن البحري ولدرء أي تهديد لأمن الخليج يمكن تشكيل قوة بحرية  مشتركة لصيانة الأمن البحري، حيث تشكل المعابر البحرية، والممرات المائية شديدة الحيوية، سواء للاقتصاد الخليجي، أو الاقتصاد الياباني أهمية قصوى، سواء كان التعاون مقصورًا على اليابانيين والخليجيين أو  باستمرار اليابان في المشاركة في الجهد العسكري البحري عبر قوات الواجب البحري المشتركة  CTF150 حيث أن لليابان سفن حراسة في خليج عدن وبحر العرب لمواجهة القرصنة منذ العام 2009م. حيث ساهمت اليابان بطائرات مراقبة في تلك الحملة الدولية .

-مواكبة التغييرات الكبيرة في الدستور الياباني فيما يخص إحياء الجانب الدفاعي لضرورات الأمن الإقليمي والدولي ؛ والدخول إلى سوق الدفاع  عبر إقامة مجمع صناعي عسكري ياباني، تنتهج فيه الأسلوب الذي تبنته في الخمسينيات باستنساخ الصناعات الغربية المدنية، حيث يمكنها لوجود قاعدة صناعية ضخمة من النجاح في الصناعات الدفاعية والتصدير لدول الخليج بنفس الفكر الياباني في الصناعة وهي الجودة واعتدال الأسعار.

-الدخول مع دول الخليج في مشاريع عسكرية  خصوصًا أن دول مجلس التعاون أيضًا تمتلك قاعدة صناعة عسكرية لا يستهان بها في بعض الدول، ففي السعودية توجد الهيئة العامة للصناعات الحربية حيث يمكن لليابانيين المشاركة في مصانع للأسلحة والمعدات الحربية، كالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والمدفعية وذخائرها، أو بتجميع وتطوير الدبابات، و قطع غيار الطائرات وهياكلها  كما هو الحال مع شركة بوينغ الأمريكية. بالإضافة إلى إنتاج أجهزة الاتصالات. أو تحديث وتدريع العربات العسكرية. كما يمكن لليابان الدخول في شراكة مع دولة الإمارات عبر شركتي الإمارات للصناعات العسكرية "إديك"، أو مؤسسة الإمارات لتكنولوجيا الدفاع "إنيغما".لكن ذلك يتطلب  قرار سياسي الخليجي وياباني لخلق تكامل صناعي عسكري[9].

- تستطيع اليابان إرسال بوارج حربية لحماية ناقلات النفط والسفن التجارية  في المضائق الممتدة من مضيق ملكا إلى مضيق هرمز. وحتى وإن لم تكن ندًا للبحريات الأمريكية أو الصينية أو الروسية فهي  تقوم بدور الموازن في مياه المحيط الهندي . كما أن بإمكانها  إرسال قوات عسكرية  في أوقات الأزمات ،فقد تجذرت المشاركات اليابانية في الأزمات في جوارنا الإقليمي وكانت البداية بإرسال آليات أثناء عاصفة الصحراء 1991م ،ثم تطورت إلى إرسال فرق طبية أثناء حرب تحرير العراق 2003م. حيث نشرت اليابان حوالي 600 جندي في مهمة غير قتالية ، دامت بضع سنوات، وكانت تلك المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية التي ترسل فيها اليابان جنودًا إلى منطقة لا تزال في حالة حرب. ومما سبق حيث نرى أن هذا التدرج سيقود اليابان إلى الارتقاء من المشاركة في  مهام غير قتالية إلى المشاركة في القتال.

-من خلال الأمن السيبراني"Cybersecurity" لمنع الاستخدام غير المصرح به للأنترنت، وسوء الاستغلال، واستعادة المعلومات الإلكترونية، ونظم الاتصالات والمعلومات التي تحتويها للمؤسسات العسكرية والاقتصادية الحيوية؛ حيث يمكن أن يتم التعاون بين اليابان ودول الخليج عبر المؤسسات العسكرية في مجال خلق وإدارة مجموع الوسائل التقنية والتنظيمية والإدارية لضمان توفر واستمرارية عمل نظم المعلومات، والقيادة والسيطرة العسكرية وتعزيز حماية وسرية وخصوصية البيانات فالأمن السيبراني سلاح استراتيجي و الحرب السيبرانية أصبحت جزءًا من التكتيكات الحديثة في الحروب بين الدول.

خاتمة

إن قيام "مجلس التعاون الاستراتيجي" بين اليابان ودول الخليج  يمثل خطوة في تصاعد وتيرة التعاون والتوافق بين الطرفين، لاسيما أن اليابان والخليج قد قطعا شوطًا طويلًا من التنسيق والتعاون في توحيد المواقف على مستويات عدة تشمل السياسات الأمنية والاقتصادية والاستراتيجية. و اليابان حليف اقتصادي  ودفاعي يمكن الاعتماد على حرفيته  ومهارته. ولعل خير  دليل على جدوى الثقة بهم  كيف تعاملت  اليابان مع أزمة المحطات النووية فلو كانت الكارثة في غيرها لأصاب العالم دمار مروع .كما أنّ الدور الياباني في  معادلة "مجلس التعاون الاستراتيجي"  قد يكون مكمّلاً وليس بديلاً عن أيّ أحد بما فيه الحلفاء الغربيين، على اعتبار أنّ طوكيو لا يمكنها أن تكون بديلاً لواشنطن ولندن وباريس من حيث القدرات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

 

 

 

[1]. . نغم نذير شكر. الدور الياباني الجديد على الساحة الدولية. موقع الانباء.العدد76 في أبريل 2005م

          http://annabaa.org/nbahome/nba76/japan.htm

 

[2]. هل تستعيد اليابان مجدها العسكري ؟ ميزانية "قياسية" لوزارة الدفاع اليابانية بموافقة أمريكية .سكاي نيوز.19 اغسطس 2016م http://tinyurl.com/z2gjm4q

[3] . آبي: اليابان بحاجة لإصلاح أدوارها العسكرية. جريدة اليوم 29 مايو 2014      http://www.alyaum.com/article/3142299

 

[4].بعد نصف قرن من السلام .. اليابان تصنع وتصدر السلاح. نون سبوت.30 مايو 2014

http://www.noonpost.net/content/2860

[5] http://www.globalfirepower.com/country-military-strength-detail.asp?country_id=japan

[6]. عبد الجليل مرهون. الخليج والدور الياباني الجديد. الجزيرة نت .20سبتمبر 2011م

http://tinyurl.com/jxr4xvq

[7]. راشد أبانمي. التحول الكبير في الاستراتيجية الأمنية والسياسة الخارجية والعسكرية اليابانية وانعكاسات على دول مجلس التعاون. جريدة اليوم السعودية. 3 يونيو 2015 م. http://www.alyaum.com/article/4071148

 

[8]. اتفاق سعودي ياباني على "شراكة شاملة" وتبادل عسكري. صحيفة الوطن السعودية.22 فبراير 2014م

http://www.alwatan.com.sa/local/News_Detail.aspx?ArticleID=179467&CategoryID=5

 

 

[9]. د العجمي :المجمع الصناعي العسكري الخليجي .موقع كل الوطن.3 اغسطس2016م

 

 http://www.kolalwatn.net/news242015

مجلة آراء حول الخليج