; logged out
الرئيسية / التوجه الخليجي نحو شرق آسيا الاستدامة لا الموسمية لتحقيق مصالح مشتركة ومتوازنة

العدد 114

التوجه الخليجي نحو شرق آسيا الاستدامة لا الموسمية لتحقيق مصالح مشتركة ومتوازنة

الإثنين، 05 كانون1/ديسمبر 2016

شهد عام 2016م، مجموعة من التحولات الجيواستراتيجية التى دفعت دول مجلس التعاون الخليجى لتعزيز توجهها نحو شرق آسيا، وإعادة ترتيب أولوياتها عبر التفكير فى الإستفادة من دول آسيا فى القطاعات غير النفطية التى تعمل دول الخليج على تطويرها، وقد يفتح هذا التوجه الجديد آفاقًا لإعادة التفكير فى صيغة جديدة للأمن فى منطقة الخليج، خاصة فى ظل تراجع الشركاء التقليديين كالولايات المتحدة الأمريكية عن كفالة هذا الدور.

وتضم تلك المنطقة دولاً مثل الصين، اليابان، كوريا الشمالية، كوريا الجنوبية، هونج كونج، تايوان، ومنغوليا. ومن ثم، فهى تتضمن أكثر من قوة تنتمي إلى مصاف القوى المتوسطة الجديدة والتى تعمل على تطوير ذاتها بحيث تلحق بركب القوى الكبرى، لاسيما الصين واليابان، الأمر الذي يزيد من ثقلها. وتنبع أهمية دول شرق آسيا من كونها تمثل نحو 28% من مساحة القارة الآسيوية، كما يعيش بها مايزيد عن 1,5 مليار نسمة، وبذلك تكون المنطقة الأكثر إكتظاظاً بالسكان فى العالم.

وفيما يلي، نستعرض أهم المستجدات التى طرأت خلال عام 2016م، وألقت بظلالها على مسار العلاقات بين دول الخليج العربى، ودول شرق آسيا، ودفعت بها لتكون علاقات أكثر تعاونية.  يلي ذلك إبراز لأهم مظاهر التعاون الدبلوماسي، والاقتصادي، والعسكري، والثقافي خلال عام 2016م، بين دول الخليج العربى، ودول شرق آسيا. وأخيرًا، نستعرض التحديات التى من الممكن أن تؤثر مستقبلاً على مسار العلاقات الخليجية الشرق آسيوية.

أولاً: المستجدات المؤثرة على مسار العلاقات الخليجية-الشرق آسيوية

شهد عام 2016م، مجموعة من المستجدات الدولية والإقليمية التي ألقت بظلالها على مسار العلاقات الخليجية الشرق آسيوية وجعلتها تميل إلى التعاونية.  وفيما يلي نستعرض أهم تلك المستجدات:

1-غموض مستقبل العلاقات الخليجية-الأمريكية

تسود حالة من الغموض العلاقات الخليجية-الأمريكية، ويرتبط ذلك بمتغيرين رئيسيين:

أ‌.       صدور قانون جاستا: شهد عام 2016م، تصويت الأغلبية الساحقة فى مجلس الشيوخ الأمريكي، لما يسمى بقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب المعروف بـ«جاستيا» وينص مشروع القانون على منع الحكومات الأجنبية من التمسك بالحصانة السيادية الخارجية في المحكمة الاتحادية في الحالات التي يزعم فيها أنهم ارتكبوا أو ساعدوا الآخرين في ارتكاب هجمات إرهابية في أراضي الولايات المتحدة. ويسمح القانون لمواطني الولايات المتحدة، بما في ذلك أسر ضحايا 11 سبتمبر، بمقاضاة الحكومات الأجنبية في المحاكم الاتحادية. وتعارض السعودية هذا القانون، ويُرى أنه يستهدف بالأساس المملكة العربية السعودية، التى أتهم عدد ممن يحملون جنسيتها بإرتكاب تلك الهجمات.

ب‌.  إنتخاب الرئيس دونالد ترامب: يُعتقد أن دول الخليج أول الدول المتضررة فى سياق فوز دونالد ترامب وحزبه الجمهورى بمؤسسة الرئاسة والمؤسسة التشريعية. حيث توجد العديد من المخاوف من أن يعطى تقدم الجمهوريين بالكونجرس دفعة قوية لقوانين أكثر عدائية. كما يأتى مصدر التهديد الأساسى أيضًا من إحتمالية تحالف ترامب مع أعداء الدول الخليجية، وإتباعه لسياسة عدائية ترجح الحلول العسكرية على الصعيد الدولي. وقد وصف ترامب دول الخليج فى أحد المحافل بأنها لاتملك أى شئ سوى الأموال. وأنه يتعين على الدول التى تتمتع بحماية الولايات المتحدة أن تدفع ثمن الحماية. كما صرح ترامب لصحيفة النيويورك تايمز بأنه قد يوقف استيراد النفط من السعودية ما لم تشارك الأخيرة بجيشها فى قتال تنظيم الدولة الإسلامية، أو تعويض الولايات المتحدة عن الجهود التى تبذلها فى محاربة التنظيم. وفى ظل هذا الغموض الذي بات يحيط بمستقبل العلاقات الخليجية-الأمريكية، الحليف الإستراتيجى لدول الخليج العربى، يمكن أن يدفع ذلك دول الخليج إلى تعزيز علاقتها مع دول شرق آسيا.

2-التغيرات المرتبطة بالنفط وأسعاره

شهد عام 2016م، انخفاضًا كبيرًا في أسعار النفط، حيث وصلت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ 12 عام خلال شهر يناير 2016م. الأمر الذي عاد بالخسارة على دول الخليج العربي على وجه الخصوص، تلك الدول التي تعتمد اقتصاداتها على النفط بصورة أساسية. وفى حقيقة الأمر، من الممكن إرجاع إنخفاض أسعار النفط إلى مجموعة من العوامل المرتبطة بتغيرات العرض والطلب العالمي. ففى ظل الوفرة الكبيرة فى مخزون النفط عالمياً، انخفض الطلب العالمي إلى حد كبير. ويمكن إرجاع تلك الوفرة فى الإنتاج إلى عدد من العوامل، يأتى على رأسها عودة العراق، ذلك العملاق النفطي لإنتاج النفط وتصديره بعد فترة طويلة من الإنقطاع. كما حققت الولايات المتحدة الأمريكية وفرة كبيرة في انتاج النفط تسمح لها بتصدير النفط لأول مرة منذ سنوات طويلة. يأتى هذا على وجه الخصوص في سياق اكتشافات النفط الصخري الهائلة في الولايات المتحدة الأمريكية. وتشير التوقعات إلى أن أمريكا سوف تعتمد كليًا على الإنتاج الداخلي من الطاقة بحلول عام 2030م، وأنها سوف تكون موردًا للنفط بحلول عام 2035م. وعلى خلفية تلك الوفرة، انخفض ما تستورده أمريكا من نفط الشرق الأوسط، وخاصة دول الخليج العربى. وفى ظل تلك المتغيرات، وجدت دول الخليج أنه لا بديل عن السعي لخلق شراكات استراتيجية بين القوى الشرق آسيوية-لاسيما الصين واليابان-ومنطقة الخليج، إذ سوف يستمر تنامى الطلب الصينى على سبيل المثال على المدى القصير والمتوسط على نفط دول الخليج العربية، خاصة فى ظل توقع ارتفاع الاستهلاك الصيني من النفط بنسبة 68% بحلول عام 2030م، وعلى الرغم من أن الصين لديها أكبر احتياطي عالمي من الغاز الصخري (19%) فإن تكلفة استخراجه مرتفعة بسبب عمق رواسب النفط وقربها من المناطق الحضرية.

3-تراجع هتمامات الولايات المتحدة بمنطقة الخليج

وفى حقيقة الأمر، تندرج التحركات الأمريكية الأخيرة فى إطار سياسة التوجه شرقًا، والتى بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تتبعها، خاصة فى أعقاب تبني الإدارة الأمريكية لمبدأ القيادة من الخلف، حيث تراجع دور واشنطن نتيجة لتغير أولوياتها الإستراتيجية فى عهد إدارة أوباما، وبدأت فى الإتجاه نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ، نتيجة لمجموعة من العوامل، يأتي على رأسها رغبة واشنطن في تقليل إنفاقها العسكري في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.

ولقد مثل هذا التوجه الأمريكي الجديد تحديًا كبيرًا بالنسبة لدول الخليج العربي التى كانت العلاقات مابينها وبين واشنطن تتوقف فيما مضى على ثلاثة عوامل، هي: النفط، والسلاح، والأمن. ومن ثم، دفعت التطورات الأخيرة دول مجلس التعاون الخليجي لإعادة النظر في سياستها الخارجية، وإعادة ضبطها بحيث تكون أكثر ميلاً لدول شرق آسيا بحثًا عن شركاء جدد في المجالين الاقتصادي والأمني، الأمر الذي اتضح على أكثر من صعيد خلال عام 2016م.

ثانيًا: مؤشرات تعاونية العلاقات الخليجية الشرق آسيوية

بدت خلال عام 2016م، مجموعة من المظاهر التعاونية فى العلاقات الخليجية-الشرق آسيوية، لعل أهمها ما يلي:

1-تطور العلاقات الدبلوماسية

انعكس تطور العلاقات الدبلوماسية فى تنظيم العديد من الزيارات المتبادلة مابين دول مجلس التعاون، دول شرق آسيا خلال عام 2016م، واختلف مستوى التمثيل الدبلوماسي من زيارة إلى الأخرى، واختلفت أهداف هذه الزيارات، إلا أنها تندرج جميعًا فى اطار تعزيز التعاون بين الجانبين. وتعتبر الزيارات الرسمية المتبادلة أحد أهم عناصر قياس تعاونية العلاقات الدولية بموجب مقياس" ادوارد عازار" للعلاقات الدولية. ومن أبرز الزيارات التي شهدها عام 2016م، الآتي:

-       في يناير 2016م، قام الرئيس الصيني بزيارة الرياض وأبرم عددًا من الاتفاقيات البينية، وأكد أن الهدف من الزيارة الارتقاء بالعلاقات إلى شراكة إستراتيجية شاملة وتشكيل لجنة تسيير رفيعة المستوى لتوجيه وتنسيق التعاون. كما أعلن أن بلاده مستعدة لتنفيذ تعاون شامل فى مجال الطاقة مع دول مجلس التعاون من أجل تأسيس سوق مستقرة وموثوق بها وطويلة الأجل للطلب على الطاقة بالنسبة لدول المجلس الست.

-       استقبل الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثانى أمير دولة قطر وزير الخارجية الصيني وانغ بي في مايو 2016م. وأكد الجانب الصينى فى إطار الزيارة أنه مستعد أن يتعاون مع الجانب القطرى لدفع التعاون فى مجالات البنية التحتية، والطاقة، وقدرة الإنتاج، والمالية، وزيادة التعاون، والتنسيق فى القضايا الإقليمية الساخنة محل الإهتمام المشترك، ولعب الدور الإيجابى فى حل مسائل الشرق الأوسط عن الطريق السياسى.

-       في 7 مايو 2016م، أجرى سمو رئيس مجلس الوزراء الكويتي، الشيخ جابر المبارك، خلال زيارته الرسمية إلى كوريا الجنوبية أكبر شريك تجاري للكويت على رأس وفد رسمي، مباحثات مع كبار المسؤولين الكوريين، تعنى بتعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الصديقين.

-       التقى الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء الكويتي في العاصمة "طوكيو"، مع جلالة الإمبراطور أكيهيتو إمبراطور اليابان في القصر الامبراطوري في 13 مايو 2016م، وتم استعراض العلاقات الثنائية المتميزة على مدى العقود الماضية وما شهدته من تطور.

2-التعاون الاقتصادي

تشير الإحصائيات إلى ارتفاع حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون ودول شرق آسيا، فعلى سبيل المثال، نمت قيمة صادرات السلع الصينية إلى دول مجلس التعاون الخليجي من نحو 60 مليار دولار أمريكي عام 2013م، لتصل إلى نحو 68 مليار دولار عام 2015م. وبالنسبة للواردات، فقُدرت قيمة الواردات السلعية إلى الصين من دول مجلس التعاون الخليجي عام 2015 بنحو 69 مليار دولار. أما عن اليابان، فلقد بلغت صادراتها إلى دول مجس التعاون الست خلال عام 2015م، نحو 23 مليار دولار فيما بلغت قيمة وارداتها من دول المجلس نحو 51 مليارًا خلال العام ذاته. وعلى الجانب الآخر، وفيما يتعلق بالولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، فلقد بلغت قيمة صادراتها السلعية إلى دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2015م، نحو 53 مليار دولار. في حين بلغت قيمة وارداتها من دول المجلس نحو 34 مليارًا. ومن ثم، يتضح بالمقارنة أهمية التوجه الخليجي نحو آسيا. خاصة وأن منطقة الخليج تعتبر وجهة مهمة للاستثمارات الصينية واليابانية والكورية الجنوبية، لا سيما في مجالات البرمجة والخدمات الهندسية، والسياحة، والملابس الجاهزة، والمنتجات الكيماوية، والخدمات الزراعية. أنظر جدول (1).

 

جدول (1)- يوضح بعض مؤشرات التعاون الاقتصادي بين دول شرق آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2015 "مليار دولار أمريكي"

 

الدولة

إجمالي قيمة الصادرات السلعية إلى دول مجلس التعاون

إجمالي قيمة الواردات السلعية من دول مجلس التعاون

الصين

67,940,840

68,954,289

اليابان

23,038,974

50,783,034

كوريا الجنوبية

18,288,336

57,015,411

تايوان

3,677,666

21,005,242

هونج كونج

8,152,767

5,312,374

منغوليا

15,228

1,761

كوريا الشمالية**

8,273

2,411

ماكاو

0,11

0,51


** إجمالي القيمة في عام 2014

المصدر: جدول من إعداد الباحثة بالرجوع إلى trade map-international trade statistics

 

 

 

 

كما شهد عام 2016م، توقيع العديد من الإتفاقيات التجارية والإقتصادية التى عبرت عن قدر كبير من التعاون الإقتصادى مابين الطرفين. أبرزها الآتي:

-       في يناير 2016م، وفى إطار زيارة أثناء زيارة الرئيس الصينى شين جين بينغ للمملكة العربية السعودية، تم التوقيع على اتفاقيات ومذكرات تفاهم الحزام الاقتصادى لطريق الحرير، ومبادرة الحرير البحرى للقرن الحادى والعشرين، والتعاون فى الطاقة الإنتاجية. كذلك توقيع مذكرات تفاهم للتعاون فى مجال العلوم التقنية، وأخرى فى مجال الملاحة بالأقمار الصناعية، ومجال تعزيز تنمية طريق الحرير المعلوماتى من أجل التواصل المعلوماتى بين وزارة الإتصالات وتقنية المعلومات ولجنة الدولة للتنمية والإصلاح الصينية، بالإضافة إلى اتفاقية قرض لمشروع التطوير البيئى للمناطق المأهولة بقومية الهور في منطقة جنتاي بإقليم شنشي.

-       وفى 17 يناير 2016م، استأنفت دول الخليج والصين المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون والصين، وتوصل الجانبان إلى اتفاق من حيث المبدأ بشأن مجمل المفاوضات حول التجارة في السلع في 19 يناير 2016م. وقرر الجانبان تسريع وتيرة المفاوضات ومراجعة التقدم المحرز، والتزم الجانبان بالعمل بشكل وثيق لإستكمال اتفاقية تجارة حرة شاملة خلال عام 2016م.

-       وقعت وزارة الإسكان السعودية في مارس 2016م، مذكرات تفاهم مع كوريا الجنوبية لبناء 100 ألف وحدة سكنية فى شمال الرياض على مدار عشر سنوات.

-       وفى 24 يوليو 2016م، وقعت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والشركة الكورية للطاقة المائية والنووية بمقر المؤسسة في أبوظبي اتفاقية لتقديم خدمات الدعم التشغيلي لمحطات الطاقة النووية السلمية في موقع براكة بالمنطقة الغربية لأبوظبي وذلك تأكيدًا على التزام الطرفين تجاه العمليات الآمنة في مفاعلات الطاقة النووية المتقدمة 1400 "APR1400".. وبموجب الاتفاقية سترسل الشركة الكورية للطاقة المائية والنووية نحو 400 خبير سنويًا حتى عام 2030.

-       في إطار زيارة ولى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى بكين، وفى أغسطس 2016، وقعت المملكة العربية السعودية نحو 15 اتفاقًا ومذكرة تفاهم مع الصين، في قطاعات عديدة من بينها الطاقة والإسكان، تخزين الزيوت، التعدين والتجارة. كما تم التوقيع على إتفاقية مع نائب رئيس مجلس الدولة الصينى لإنشاء لجنة مشتركة سعودية-صينية. كما تم التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات مع القطاع الخاص فى الصين.

-       في الأول من سبتمبر 2016م، بحث ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، في العاصمة اليابانية طوكيو، فرص تعزيز التعاون الثنائي بين المملكة العربية السعودية واليابان في مختلف المجالات، إلى جانب تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. شهد اللقاء التوقيع على 7 مذكرات تفاهم بين المملكة واليابان، شملت مذكرة للتعاون في مجال مكافحة تقليد المنتجات، وتعزيز القدرة التنافسية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والتعاون فى مجال الطاقة، والصناعة، وتبادل المعلومات بين الصندوق السعودي للتنمية والوكالة اليابانية للتعاون الدولي (الجايكا).

-       فى 4 سبتمبر 2016م، شارك ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، في قمة مجموعة العشرين، في مدينة هانغتشو الصينية. وعلى هامش القمة، تسلم وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد بن عبد الله القصبي، ترخيصًا لوكالة التعاون الدولي اليابانية «جايكا» للعمل بالمملكة، لتأسيس مكتب اتصال اقتصادي وفني.

-       اتفقت الصين والسعودية في 26 سبتمبر 2016م، على إنعاش علاقاتهما التجارية عبر تأسيس نظام للصرف بين عملتيهما بدلاً من الاعتماد على الدولار الأمريكي كوسيط في تعاملاتهما. الأمر الذي يعد مؤشرًا لشراء الصين للنفط السعودى بعملتها اليوان مستقبلاً، كونها تعد أكبر مستورد له بحجم يفوق 1,1 مليون برميل يوميًا.

-       وفى 20 أكتوبر 2016م، صرحت وزارة الطاقة فى كوريا الجنوبية إن شركة الكهرباء الكورية الحكومية وافقت على استثمار 900 مليون دولار في شركة ستتولى تشغيل أول محطة طاقة نووية بالإمارات العربية المتحدة.

-       وخلال الفترة من 24 إلى 25 أكتوبر 2016م، انعقدت الدورة الخامسة لمؤتمر التعاون العربى-الصينى فى مجال الطاقة فى بكين. وعلى هامش المؤتمر، عقد الوفد السعودي الذي ضم عدداً من المسؤولين والخبراء والمختصين فى مجال الكهرباء سلسلة من الإجتماعات واللقاءات مع عشر شركات صينية كبرى متخصصة فى مجالات الكهرباء والصناعات، والخدمات ذات الصلة بها، مثل التصنيع والإستثمار، والهندسة والمقاولات، والتمويل.

3-التعاون الأمني

شهد عام 2016م، قدرًا من التعاون النشط فى المجال الأمني والعسكري، خاصة في ظل انصراف الولايات المتحدة الأمريكية عن كفالة أمن منطقة الخليج. واتضحت ملامح تلك الشراكة الأمنية في عام 2016م، على أكثر من صعيدـ وذلك على النحو التالى:

-       فى إطار لقاء جمع د.محمد الجفرى، نائب رئيس مجلس الشورى السعودى، مع تارو كونو، رئيس هيأة السلامة العامة الوطنية وزير الدولة لشؤون إدارة الكوارث والإصلاح التنظيمي الياباني، في يوليو 2016م، تم مناقشة سبل مكافحة الإرهاب، وتبادل وجهات النظر فى كثير من القضايا الملحة فى منطقة الشرق الأوسط، والسعي قدمًا في العمل المشترك في سبيل استقرار المنطقة وملاحقة الإرهابيين.

-       في أغسطس 2016م، اشترت السعودية عددًا من الطائرات الصينية المعروفة باسم "الزاحف المجنح" أو الجناح لونج متوسطة الارتفاع، وذات التحمل الطويل، وهي عبارة عن طائرات بدون طيار، وكانت المملكة أول الدول العربية التى تحصل على هذا النوع من الطائرات.

-       في الثاني من سبتمبر 2016م، بحث الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع، في طوكيو، مع وزيرة الدفاع اليابانية، فرص تعزيز التعاون بين البلدين، خاصة في الجانب الدفاعي والعسكري. كما شهد ولي ولي العهد ووزيرة الدفاع اليابانية التوقيع على مذكرة تفاهم في المجال الدفاعي بين وزارتي الدفاع في كلا البلدين.

-       انطلقت فاعليات تمرين تعايش "الاستكشاف 2016"م، وفى 12 أكتوبر 2016م، بين وحدات من القوات الخاصة بالقوات البرية الملكية السعودية مع الجيش الصينى، فى مدينة تنشجدو بالصين.

4-التعاون الثقافي

شهد عام 2016م، اتخاذ عدد من الإجراءات الرامية لتعزيز التعاون الثقافي والفكري مابين دول الخليج العربي، ودول شرق آسيا. أبرز تلك المساعي التالي:

-       في ابريل 2016م، استضاف المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية القطرية ندوة حول العلاقات القطرية-الصينية وماشهدته من قفزة كبيرة خلال السنوات الماضية. كما تم الإتفاق على إنشاء جمعية الصداقة القطرية الصينية، وجمعية الصداقة الصينية-القطرية.

-       تم التوقيع على مذكرة تعاون لتعزيز التبادل الثقافي بين وزارة الثقافة والإعلام السعودية ووزارة الخارجية الصينية فى الأول من سبتمبر 2016م.كما وقع الجانبان مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الإخباري بين وكالة الأنباء السعودية ووكالة أنباء كيودو اليابانية.

-       فى الخامس من أكتوبر 2016م، افتتحت أولى جلسات المؤتمر العلمى الثالث "عُمان ودول جنوب شرق آسيا والصين واليابان: آفاق ثقافية وتاريخية وسياسية وحضارية"، وذلك فى الجامعة الإسلامية بكوالالمبور.

-       في عام 2016م، أطلقت وزارة الثقافة الصينية والمتحف الوطني الصيني وهيأة متاحف قطر معرضًا تحت عنوان "لؤلؤة: كنوز من الأنهار فى البحار" فى المتحف الوطني الصيني ببكين. ويعد المعرض من الأنشطة والفاعليات العديدة والهامة للعام الثقافي الصيني القطري (2016م).

مما سبق، يتضح أن عام 2016م، شهد تعاونًا ما بين دول الخليج وشرق آسيا، وكان ذلك على الأصعدة المختلفة: الدبلوماسية، والإقتصادية، الأمنية، والثقافية.

ثالثًا: تحديات العلاقات الخليجية-الشرق آسيوية

تواجه العلاقات الخليجية-الشرق آسيوية عددًا من التحديات الخارجية والداخلية أمام تطورها خلال عام 2017م، والتي يتعين على الدول الخليجية العمل على التعامل معها. وأبرزها التالي:

1—الاستعداد لمرحلة مابعد النفط

حيث لا تزال العلاقات الخليجية-الشرق آسيوية تنحصر بصورة واضحة فى مجال الطاقة مما لا يسمح بتأسيس شراكة حقيقية بين الطرفين. حيث تعتمد دول شرق آسيا بصورة كبيرة على النفط الخليجي. فالتعاون اليابانى الخليجى على سبيل المثال يتم وفقًا لمقولة "النفط الخليجى مقابل السلع اليابانية". وفى حقيقة الأمر، فإن العلاقات المبنية على الشراكات الإقتصادية فحسب هى أمر لايمكن أن يدوم طويلاً. ويلاحظ خلال عام 2016م، اتجاه دول الخليج لتنويع شراكاتها مع دول شرق آسيا. ففي إطار استراتيجية 2030 السعودية، على سبيل المثال، تسعى السعودية لتنويع اقتصادها، والحد من الاعتماد على النفط كمصدر للإيرادات المالية. وهي مساعي تحسب لدول الخليج العربى، إلا أنها ما زالت بحاجة إلى التطوير.

2-الاستفادة من تجارب دول شرق آسيا

وفى إطار التحركات الخليجية الأخيرة لتنويع إقتصاداتها، تظهر أهمية الإستفادة من التوهج الإقتصادى للنمور الآسيوية وخبراتهم وتجاربهم الواقعية فى التنمية الشاملة، بعد أن ارتكز التعامل الإقتصادى الخليجى على مدار نصف القرن العشرين على الغرب، الأمر الذي لم يحقق الحصول على التكنولوجيا المتطورة، بل ظل التبادل التجارى محصورًا على النفط. ومن ثم، يتحتم على دول الخليج العربى العمل على الإستفادة من التجارب الإقتصادية الآسيوية الناجحة. فاليابان على سبيل المثال، على رأس القوى التجارية فى العالم، لها تجربة مثيرة للإهتمام فى هذا السياق، الأمر الذي يوضح أهمية دراسة أركان هذا التفوق الإقتصادى.  

3-رفع العقوبات الإقتصادية عن إيران

تم الإعلان عن رفع العقوبات الإقتصادية المفروضة على إيران فى يناير 2016م، وذلك فى إطار التوقيع على الإتفاق النووى الغربى مع إيران، والمعروف بخطة العمل المشتركة الشاملة، الموقع في 14 يوليو 2015م. ويثير رفع العقوبات الإقتصادية عن إيران قلق دول الخليج من ناحيتين. فمن ناحية، يعد ذلك مؤشراً على تقارب أمريكى-إيرانى. ومن ناحية أخرى، قد يفتح هذا الأمر الباب أمام تعاون آسيوى-إيرانى، فى ظل معادلة النفط الإيرانى مقابل التكنولوجيا العسكرية لعدد من دول آسيا. الأمر الذي قد يهدد المصالح المتنوعة التى تربط دول الخليج بمنطقة شرق آسيا. وبالفعل أعلنت العديد من الدول الآسيوية على رأسها اليابان عن نيتها للإستفادة من الإتفاق النووى المبرم مابين إيران والقوى الغربية. والعودة للإستثمار فى مجال النفط والغاز فى إيران. كما أنه فى أعقاب رفع العقوبات، أعلنت شركات يابانية مثل سوزوكى موتورز عن عودتها للسوق الإيرانية. إلا أن ذلك التقارب الآسيوى-الإيرانى قد يمثل فرصة لدول الخليج العربى متى سعت للتوسط فى تحسين العلاقات الخليجية-الإيرانية.

خاتمة القول، هناك ضرورة ملحة بأن يكون التوجه الخليجى نحو شرق آسيا موضوعًا مستدامًا، ليس موسميًا, وأن يكون نابع من إيمان كامل بالأهمية الاستراتيجية لهذا التوجه لصالح تحقيق المصالح المشتركة، وأن يتم وفق سياسة إقتصادية ثابتة تضمن التوازن في الميزان التجاري لكلا الطرفين. 

مجلة آراء حول الخليج