array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 116

دول مجلس التعاون في مواجهة التحديات: الرهانات والتحديات ثلاثة مصادر تهدد أمن الخليج وضرورة إنشاء مركز قياس وتحليل المخاطر الأمنية

الإثنين، 06 شباط/فبراير 2017

الحديث عن البعد الأمني لمنطقة الخليج العربي يدفعنا في البداية إلى الحديث عن الموقع   الجيو -استراتيجي والحيوي للمنطقة وأهميتها سواء إقليميًا أو دوليًا، فمنذ 2011م، والمنطقة تعرف تحولات وتغيرات متسارعة سواء على مستوى الخارطة الجيو-سياسية أو على مستوى التحولات الأمنية مما يدفع بالضرورة إلى تحول في المقاربات الأمنية، حيث عرف حجم التحديات الأمنية منحىٍ تصاعديًا ينذر بمؤشرات مخيفة تلقي بظلالها على الأمن الجماعي الذي أضحى في السنوات الأخيرة عبارة عن معادلة صعبة بالنسبة لدول مجلس التعاون لتعدد الجبهات ومصادر التهديد، بحيث أضحينا لا نتحدث عن التهديدات التقليدية بل أضيف إليها تهديدات جديدة فرضت نفسها على المعادلة.

    لكن بالرغم من ذلك نتحدث عن تكتل إقليمي يسعى من خلال كافة الإجراءات والاتفاقات المبرمة والمؤسسات التي تسعى إلى دعم هيكلة هذا التكتل الإقليمي إلى بلوغ مستوى متكامل يتجاوز من خلاله دول مجلس التعاون الخليجي العقبات ويدفع بالأمام نحو تحقيق الرهانات الكبرى التي تدفع كل الأطراف للبحث عن أنجع المعايير الممكنة لضمان الأمن والاستقرار.

     سنة 2016م، لم تختلف كثيرًا عن سابقتها لا من حيث الأحداث ولا من حيث حجم التحديات ولا من حيث التهديدات المستمرة الناجمة عن بؤر الأزمات التي تحيط بالمنطقة وتشكل حزامًا مشتعلا يهدد لهيبه المنطقة برمتها، إلا أنه وبالموازاة مع ذلك نلمس تقدمًا ملحوظًا في الاستراتيجية الأمنية المتبعة من دول الخليج في مواجهة هذه المخاطر والتحديات وتراجعًا في حجم العمليات الإرهابية الراجع إلى العمل الاستباقي مقارنة بالسنوات الماضية، ومع ذلك يظل الحذر مطلوبًا واليقظة واجبة في ظل عالم متغير وإقليم غير مستقر وصعود لحجم الخطر الطائفي.

 

    المتابع لما يواجه منطقة الخليج العربي على كافة الأصعدة سواء اقتصاديًا أو أمنيًا يجعلنا نضع بين أعيننا منحى بياني لطبيعة هذه التحديات متعددة الأوجه والمصادر.

    سأنطلق من هذه الإشكالية , كيف اتسمت ملامح الوضع الأمني بدول مجلس التعاون الخليجي عام 2016م، ومقارنته بـ 2015م، في ظل التحديات ومصادر التهديد الأمنية وما هو متوقع لعام 2017، في ظل هذه المتغيرات؟

    سنحاول في هذا الموضوع نتناول أهم التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة وطبيعة ومصادر التهديدات الأمنية وتأثيراتها على دول مجلس التعاون، وقياس شدتها من خلال التطرق لأبرز الأحداث عام 2016م، وما هو متوقع لعام 2017 م، خاصة في ظل إدارة جديدة بالبيت الأبيض الأمريكي وتوجهاتها نحو معالجة قضايا المنطقة. التي ستكون لها انعكاسات على مفهوم الأمن القومي الخليجي ومنه العربي.

وعليه حددت لتناول هذا الموضوع أن أتطرق إلى:

  • التحديات الأمنية في منطقة الخليج العربي منذ 2011م.
  • مصادر التهديد لدول مجلس التعاون الخليجي.
  • أهم الأحداث الأمنية التي عرفتها منطقة الخليج العربي لسنة 2016م.
  • قياس شدة المخاطر الأمنية على ضوء العمليات ودلالاتها.
  • السيناريوهات المتوقعة لـ 2017م، وسبل المواجهة.

1-التحديات الأمنية في منطقة الخليج العربي:

      نتفق أن دول مجلس التعاون تواجه العديد من التحديات الأمنية بموجب التحولات التي تشهدها دول الجوار والمنطقة ككل منذ 2011م، إلى الآن.

هذه التحديات التي تزداد شدتها، فرضت على دول الخليج، أن تلعب دورًا متقدمًا للحد من انعكاسات هذه الأزمات المتفجرة على أمن دول مجلس التعاون، من مبدأ الأمن الإقليمي REGIONAL SECURITY الذي تؤثر فيه وتتأثر به دول الخليج العربي.

    فلم يعد ممكنًا في مرحلة استكمال اللمسات الأخيرة للبناء الخليجي المتكامل تحت قبة مجلس التعاون الخليجي أن تنتهج دول الخليج سياسة الحياد سواء على مستوى الأمن الداخلي وحتى الإقليمي ففي هذا السياق تتجلى لنا أهم التحديات الأمنية التي تعرفها المنطقة من خلال:

  • المحيط الجيو-استراتيجي لمنطقة الخليج والتي أخذت منحى تصاعدي وتفاعلي وأخذ بالاتساع وفي مجمل هذه الأزمات نلاحظ أنها متشابهة في مكوناتها.

وهذا الأمر قد يدفع إلى فشل المنطقة بأكملها في ظل تشابك قضايا الأمن الإقليمي.

فالمخاطر التي نتجت عما عرفتها المنطقة ترتب عنها مخاطر أمنية حيث أضحى المشهد الإقليمي يتسم بحروب غير نظامية*Irregular warfare.

وتنامٍ متسارعٍ للمخاطر العابرة كالإرهاب والجريمة المنظمة وهذه لا تعترف بكيان الدولة الوطنية، كل هذا دفع دول مجلس التعاون الخليجي إلى الخروج من الحياد إلى اتخاذ التدابير والقرارات والانخراط في آلية البحث عن الحلول ودفع جزء من فاتورة انعكاسات تلك الأزمات.

فهذه الأزمات لا تتصف بالآنية فهي ليست مؤقتة، فهي من حيث طبيعتها ومكوناتها قد تستغرق سنوات وقد تعرف امتداد وانعكاسات باعتبار أن المشهد الدولي من حيث المواقف يتسم بالضبابية.

هذا ما يدفع دول الخليج إلى تعزيز وحدتها وتماسكها وهو ما يساهم في تحقيق الرقم الصعب في معادلة الأمن الإقليمي.

*الحرب الغير نظامية هي الحرب التي يكون فيها طرف أو أكثر من الأطراف المتقاتلة منالجيوش الغير نظاميةبدلاً من القوات النظامية.  حرب العصاباتهي أحد أشكال الحرب الغير نظامية، ومن ثم تعتبر حرب غير متماثلة.

 

 

  • تنامي فزاعة داعش وتداعيات الحرب الدولية على الإرهاب، ففي ظل حالة الفراغ الأمني وتعمق وتعقيد الأزمات والتعاطي الدولي المبهم تجاه هذه الظاهرة أضحى الإرهاب بصفة عامة وداعش بصفة خاصة يفرض تحديات على أمن دول مجلس التعاون تتمثل في نقطتين أساسيتين:

             -النقطة الأولى تتمثل في أن الإرهاب يشكل تهديدًا لمفهوم الأمن الوطني لدول مجلس التعاون مستفيدًا من تلك الأزمات الإقليمية هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى بروز خلايا تجنيد داخل بعض دول المجلس.

لكن الواقع يقول إنه يتمدد في شكل خلايا صغيرة مجهرية يصعب رصدها ومراقبتها واستهدافها وهذا يدفعنا للحديث عن المرحلة القادمة خاصة بعد 2016م، فهو يعتمد على إطالة أمد الصراع والإنهاك وحرب الاستنزاف.

             -النقطة الثانية تتمثل في أن هذا التنظيم يغذي الصراعات الطائفية وهو ما يهدد أمن دول الخليج فهو يشكل إذا خطر أمني وإيديولوجي حقيقي.

  • تنامي الدور الإيراني في المنطقة يمثل حسب الرؤية الخليجية تطورًا خطيرًا لمفهوم الأمن الإقليمي وخرقًا للقوانين والأعراف الدولية وموازين العلاقات الإقليمية، ما يعمق هذه المخاوف ويجعلها تتحول إلى تحد صلب يفرض نفسه في معادلة الأمن الإقليمي هو انعكاسات الاتفاق النووي الإيراني وتفاعل المجتمع الدولي عن تمدد هذا الدور وتداعياته رغم أن النزيل الجديد للبيت الأبيض الأمريكي يتحدث عن مراجعة أو إلغاء للاتفاق النووي وهو ما سيدفع إلى تطورات جديدة قد تكون أكثر خطورة.
  • تنامي دور الجماعات المسلحة من غير الدول بشكل غير مسبوق الأمر الذي يخل بموازين القوى ويقيد من قدرة الدولة ويجعلها تتحول إلى دول منقوصة السيادة ويضعف من قدراتها على اتخاذ القرارات على مستوى سياساتها الخارجية ويدفع بتنامي الصراعات الداخلية كالعراق مثلا وهذه الدول تدخل ضمن الحزام الأمني لدول مجلس التعاون الخليجي فهذه الكيانات تسمح بــــ:

-       إضعاف المؤسسات العسكرية إن لم يكن تفكيكها.

-       إذكاء الطائفية والصراع الطائفي.

-       الخضوع للمؤثر الخارجي(1)

  • الأزمة اليمنية والتي كان من أبرز انعكاساتها على أمن المنطقة:

-       انتقال الجماعات الجهادية الإرهابية عبر الحدود والقيام بعمليات إرهابية.

-       تغذية الصراع والحروب الطائفية مما يجعلها تأخذ منحى إيديولوجي تصادمي.

-       حصول الميليشيات المسلحة في اليمن على إمدادات عسكرية خاصة أسلحة ومنها أسلحة متطورة.

ـــ اكتمال هلال اللا أمن المحيط بدول مجلس التعاون ما يدفع بولوج الجماعات المسلحة القادمة من منطقة الساحل الإفريقي التي نعرفها بقوس الأزمات عبر القرن الإفريقي الذي لا يقل خطورة من حيث اعتباره مصدر من مصادر اللا استقرار ومنه إلى اليمن ومن خلالها إلى شبه الجزيرة العربية.

 

2-مصادر التهديد الأمني لدول مجلس التعاون الخليجي:

 

       حاولت من خلال النقطة السابقة تناول أبرز واهم ستة تحديات أمنية تواجه دول مجلس التعاون الخليجي وهي التحديات التي تفرض نفسها على مستوى منطق الأمن الإقليمي لدول الخليج وتحدد الاستراتيجية الأمنية الممكن انتهاجها للتصدي لهذه التحديات التي تقوض العمل الخليجي المشترك وتعيق مسار أي انطلاقة تنموية بالمنطقة ومن خلال إبراز أهم هذه التحديات يمكن لنا بالضرورة أن نحدد أهم مصادر التهديد للأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي والتي أستطيع أن احددها حسب رأيي في ثلاثة مستويات رئيسية متمثلة في:

 

  • المستوى الأول التهديدات الإقليمية المرتبطة بالتمدد الإيراني في المنطقة.
  • الإرهاب العابر للحدود والمتأتي نتاج الأزمات المشتعلة التي تحولت إلى أزمات وصراع إقليمي تشكل مصدر من مصادر اللا أمن دون أن ننسى الملف اليمني وما يشكله بالنسبة للمنظومة الأمنية لدول مجلس التعاون الخليجي.
  • المستوى الثاني تهديدات دولية ناجمة عن مواقف الدول الكبرى تجاه قضايا المنطقة وكيفية تعاطيها مع تلك الأزمات التي أضحت بموجبه تشكل نقطة تأثير وعامل لا يحفز على صناعة الاستقرار ولا حتى على صناعة جسور الثقة.

لا يمكن أن نتغافل عن التقارير الكثيرة المنشورة التي تتحدث عن عدم وجود ممانعة أمريكية لاستغلال الخلافات الطائفية من أجل تحقيق مخططاتها. بمعنى أنه ثبت أن أمريكا لا تتورع عن أن تفعل أي شيء حتى لو كان مدمرًا لدول المنطقة من أجل مصالحها (2)

قانون جاستا والذي يعد مؤشرًا خطيرًا ويكشف الوجه الأخر لطبيعة ما يحدث.

       فتحول إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية تجاه المنطقة بات أمرًا مقلقًا ولا يخفى على أحد إنه وبإدارة جديدة للبيت الأبيض الأمريكي بقيادة دونالد ترامبDONALD TRUMP فإن المرحلة القادمة لن تكون سهلة وإنما سيتعقد المشهد أكثر مما هو عليه الآن وعليه فإن مواقف الولايات المتحدة الأمريكية أضحت تشكل مصدر تهديد جديد يفرض نفسه على كل المستويات.

 

  • المستوى الثالث مصادر تهديد داخلية وهو لا يقل خطورة عن التهديدات الخارجية لأمن الخليج، فالانتشار الطائفي داخل المجتمعات الخليجية وارتباط بعض عناصره بالفاعل الخارجي وفي ظل ما تعرفه المنطقة وما هو ملموس من تمدد إيراني واستثمار لهذه العناصر مثل ما حدث في البحرين على سبيل الذكر لا الحصر.

وهو ما يدفع بالقول إنه وما هو مقبلة عليه المنطقة قد تزيد هذه التحولات من التوترات الطائفية (3)

وهنا نتحدث عن مصدر تهديد هو الأمن الاجتماعي الذي يحتاج أن يولى أهمية بالغة في ظل الرهانات المطروحة.

 

3-أهم الأحداث الأمنية التي عرفتها منطقة الخليج لسنة 2016 ومقارنتها بـ 2015:

 

   الأحداث التي عرفتها منطقة الخليج عام 2016م، لا تقل خطورة عما عرفته السنوات الماضية حتى وإن تراجعت نسبيًا من حيث العدد. لكن من حيث قوة العمليات ففي اعتقادي أن 2016م، سجلت عمليات من حيث مضمونها لا يمكن الاستهانة بها. فهي تحمل جملة من الرسائل وفي كل عملية نتأكد من طبيعة وحجم التحديات، فاستمرار الأزمات يدفع بموجة المخاطر الأمنية إلى عمق دول الخليج وبشكل كبير، لكن بالمقابل العمليات الأمنية التي تندرج ضمن المخطط الأمني أعطت نتائج مثمرة وايجابية في إطار العمليات الاستباقية.

   وسأحاول في هذه النقطة استعراض أهم ما حدث وأبرز ما عرفته دول الخليج خلال 2016م:

 

1-   حرق السفارة السعودية بإيران مع بداية 2016م، وكان مؤشرًا خطيرًا ينذر بتحولات خطيرة، فالعملية لا توجد لها تبريرات وفق الأعراف والعهود، فهذه الحادثة تصنف في خانة التصعيد والاستفزاز.

       2-شهدت السعودية عدة عمليات انتحارية في يوم 29 رمضان / ـ4 يوليو 2016 م، أهمها عملية تفجير المدينة المنورة في موقف سيارات تابع لمركز قوات الطوارئ بجوار الحرم النبوي، كما وقعت في اليوم نفسه هجمات متفرقة أخرى في السعودية إحداها استهدفت القنصلية الأمريكية في جدة تلاها محاولة تفجير مسجد بمحافظة القطيف بالتزامن مع تفجير المدينة المنورة، وجاء هذا التفجير بعد هجومي مطار أتاتورك بتركيا وتفجيرات بغداد.

فهذه العملية بين التوقيت والمكان والأهداف الكامنة ورائها هناك ما يقال ففي اعتقادي أنها عملية تستفز مشاعر المسلمين في كل أقطار العالم وكان منفذوها يسعون لتسجيل هذه العملية في ذاكرة المسلمين وليس فقط المملكة العربية السعودية من حيث قدسية المكان وما يمثله وفي أواخر شهر رمضان حتى نتوقف كل سنة أمام هذا الحادث لنتذكر ونستذكر. وهنا تأكيد على ما يشكله الإرهاب العابر للأقاليم وداعش بالخصوص الذي يتفاعل مع جملة التحولات والتطورات الحاصلة بالمنطقة.

 

3-  يوم 27 أكتوبر 2016م، إطلاق صاروخ بالستيا كان يراد من خلاله استهداف مكة المكرمة تم استهداف الصاروخ على بعد 65 كلم وهذا راجع لليقظة الأمنية التي حالت دون تحقيق الهدف والناجم عن إدراك المملكة لطبيعة هذه التحديات والمخاطر الأمنية.

4-  في 11 أكتوبر 2016م، وجهت الأجهزة الأمنية السعودية ضربة استباقية جديدة قصمت

ظهر الإرهاب، إذ أفشلت مخططًا قاده 4 مقيمون (باكستانيان وسوري وسوداني) لاستهداف مدينة الملك عبد الله الرياضية (استاد الجوهرة) في جدة بعملية إرهابية خلال مباراة جمعت المنتخبين السعودي والإماراتي أخيرًا، كما ضبطت خلية إرهابية في محافظة شقراء خططت لاغتيال رجال أمن.

وكشفت وزارة الداخلية السعودية عن قائمة مطلوبين تضم 8 سعوديين وبحريني واحد، تورطوا في جرائم إرهابية طالت رجال أمن في كل من القطيف والدمام شرق السعودية، والتي تسمى بخليه «العوامية» وأدت إلى «استشهاد» 6 رجال أمن وإصابة 3 من أفراد قوات أمن المنشآت (4)

5-أعلنت وزارة الداخلية السعودية عن تفكيك خليتين إرهابيتين كانتا تستهدفان اغتيال رجال أمن وتفجير منشآت أمنية واقتصادية وتعطيل الحياة العامة، كما أعلنت قائمة جديدة للمطلوبين أمنيًا ممن تورطوا في عمليات إرهابية في الدمام والقطيف.

6-أما فيالكويت فالأجهزة الأمنية نفذت 3 عمليات أمنية، الأولى أدت إلى اعتقال رجل كويتي كان يخطط لتفجير مسجد، والثانية انتهت بـ"ضبط وإحضار" كويتي آخر متهم بالإرهاب من الخارج.

أما العملية الثالثة، فقد أسفرت عن ضبط خلية إرهابية مرتبطة بداعش، تضم 4 أشخاص يحمل اثنان منهم الجنسية الكويتية في حين أن الشخص الثالث "خليجي" والرابع من "الجنسية الآسيوية".

7ـ قال المتحدث الأمني بوزارة الداخلية السعودية، إن الجهات الأمنية المختصة ومن خلال متابعتها للتهديدات الإرهابية التي تستهدف أمن المملكة ومقدراتها وتعقب القائمين عليها، فقد تمكنت من خلال عملية أمنية تمت على مراحل استمرت لعدة أشهر من إحباط عمليات إرهابية كلفت بتنفيذها شبكة إرهابية مكونة من ثلاث خلايا عنقودية ترتبط بتنظيم "داعش" الإرهابي (5)

      إن القراءة الأولية التي يمكن أن نطرحها من خلال استعراض بعض هذه العمليات والتي تشكل من ناحية أولى تحولًا خطيرًا في منحنى العمليات الإرهابية من حيث التوقيت الذي يتم اختياره وتشابك وترابط خلفيات هذه الجماعات مع جملة من التحديات ومصادر تهديد تناولناها سابقا من جهة. وطبيعة الأماكن والأهداف المعنية بهذه العمليات الإجرامية من جهة أخرى.

           فهذه العمليات تدفعنا للقول أن:

-تمدد الخطر الطائفي الذي ترعاه أطراف خارجية وفق المؤشرات أضحى يشكل أبرز هذه التحديات ويدفع بدول مجلس التعاون إلى البحث في الخيارات الإستراتيجية المتاحة للتعامل مع هذا الواقع.

-داعش لا يشكل فقط تحد وإنما واقع يستلزم اتخاذ تدابير استئصالية وجذرية.

-الأزمات الإقليمية وعلى رأسها الملف اليمني وما يفرضه من انعكاسات على واقع الأمن الإقليمي الخليجي.

    فمن خلال استعراض ما شهدته دول مجلس التعاون الخليجي من عمليات إرهابية سنة 2016م، ومقارنتها بـ 2015 فإننا نقول بأن حدة المخاطر الأمنية في منحى تصاعدي وما دام أن حالة اللاأمن واللااستقرار سمة المنطقة فلا ننتظر تراجع لهذه التهديدات الصلبة.

بالإضافة إلى أن طبيعة العمليات التي وقعت خلال 2016م، والتي مست الحرم النبوي الشريف ومحاولة استهداف مكة المكرمة يدفعنا إلى القول بأنها بمثابة إعلان الحرب الشاملة على العالم الإسلامي وليس فقط دول الخليج لأنها أماكن لها دلالاتها وقدسيتها بالنسبة للعالم الإسلامي.

إذا أردنا أن نوضح الصورة بشكل أفضل وأن ننظر للأمور من زوايا مختلفة فلنطرح السؤال التالي:

كيف تعاملت دول الخليج مع هذه العمليات الإرهابية ولمواجهة التحديات الأمنية؟

   حسب المتابعة لتطور الأوضاع الأمنية في المنطقة ومن خلال تتبع مسار العمل الأمني في دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة جملة المخاطر الأمنية نلاحظ ما يلي:

* إدراك مجلس التعاون الخليجي لحجم الخطر جعلها تتبنى إستراتيجية أمنية تعتمد بالأساس على التعاطي مع أي تهديد بحزم وهو ما تبرزه العمليات الأمنية ومحدودية العمليات الإرهابية.

*اعتماد دول المنطقة على الرد السريع وراء كل عملية دفع بتقدم الخطط الأمنية ونجاعتها.

*الاعتماد على العمليات الاستباقية وهي التي مكنت من تجنب عمليات إرهابية خطيرة وتفكيك العديد من الخلايا النشطة وخلايا نائمة وخلايا التجنيد، كما مكنت من حجز كميات معتبرة من الأسلحة وتوقيف مطلوبين في قضايا الإرهاب من جنسيات مختلفة.

*تشديد الرقابة الحدودية.

*تكثيف التحركات على محاور عدة في إطار بناء شراكات والبحث على آليات المواجهة مع شركاء دوليين فاعلين في إطار الحرب على الإرهاب ومحاربة الجريمة المنظمة.

*في ظل إستراتيجية غربية تتسم بالضبابية اعتمدت دول مجلس التعاون الخليجي على الحزم في الرد والتعاطي مع هذه التحديات.

    إن تعاطي دول الخليج مع هذه التحولات التي قام منفذوها ومن يخطط لهم إلى زعزعة استقرار المنطقة وإدخالها في دوامة الانفلات الأمني، بمنطق الحزم والرد السريع وتبني آليات عمل أمني بحيث لا تترك مساحات أو فراغ لهذه الجماعات الإجرامية للتوغل أو الانفراد بعمليات أخرى وهو ما تؤكده حصيلة العمليات الأمنية لسنة 2016م، والتي لو استعرضناها لربما لا تكفينا هذه المساحات الورقية لتناولها وتحليلها.

 

4-قياس شدة المخاطر الأمنية على ضوء العمليات ودلالاتها:

 

     من خلال العمليات التي عرفتها دول الخليج وعلى ضوء ما تعرفه المنطقة من تحولات متسارعة وعلى الرغم من الجهود الأمنية، سيظل الإرهاب تهديدًا قائمًا بسبب الاضطرابات التي تعم المنطقة.

     كما أن غياب استراتيجية دولية تركت فجوة كبيرة استغلتها الجماعات الإرهابية وهذه العوامل مجتمعة تدفع دول الخليج إلى اتخاذ دور متقدم في معالجة القضايا الإقليمية وصد المخاطر المتأتية من المعالجات الخاطئة لعدة قضايا إقليمية، فالخطر الإرهابي وما يشكله من تهديد لا يعد أصل المشكلة بل يعتبر من الأعراض التي تنامت جراء التدخلات الأجنبية في المنطقة والتي لم تفض إلى حلول وإنما أدت إلى بروز مخاطر فتاكة ببنية المجتمعات والدول، وهذا ما يفرض على دول الخليج اتباع نهج شامل للتعامل مع هذه التهديدات والتأثيرات السلبية التي خلفتها.

    ومن خلال ما سبق يمكن قياس شدة هذه المخاطر وتحديدها في المؤشرات الآتية والتي أوجزها في ثلاث نقاط:

-       نلمس من خلال العمليات الإرهابية في المنطقة والتي تدل على أن التحديات التي حددناها سابقًا بأنها صادقة وتأخذ اتجاهًا تصاعديًا.

-       دائرة المخاطر الأمنية وأشكالها هي آخذة في الاتساع مثل ما تأخذ أبعادًا أكثر خطورة.

-       تنامي خطر الإرهاب العالمي والذي يأخذ أبعادًا متعددة فداعش هو تحصيل حاصل لجملة الأزمات الإقليمية المتفجرة والتي لم تحظ بمعالجات جذرية.

خلاصة القول: إن قياس شدة المخاطر ومن خلال الأحداث التي عرفتها المنطقة في السنوات الست الأخيرة مقارنة بالتحولات العالمية فإن المنطقة تعرف مخاطر أمنية تتسم بالشدة والتشابك في ظل مشهد إقليمي يتسم بالضبابية.

 

5-السيناريوهات المتوقعة لـ 2017 وسبل المواجهة:

 

      من الصعب التكهن بما هو آت في ظل مشهد دولي يتسم بالغموض والتعقيد لكن من خلال المنطلقات الأساسية لطبيعة الأزمات وقراءة متأنية للمشهد الأمني العام الذي تعرفه المنطقة ومتابعة لتطور الأحداث الدولية والإقليمي، ومن خلال تشريح العمليات التي عرفتها دول مجلس التعاون وبناءً على تصريحات الوافد الجديد للبيت الأبيض الأمريكي يمكن توقع ثلاثة سيناريوهات ممكنة ومتوقع حدوثها:

  • السيناريو الأول: دول مجلس التعاون قد تتعرض لعمليات أشد خطورة فإذا كانت 2016م، عرفت تفجيرات بالحرم النبوي الشريف والذي له بعد ديني وروحي ومحاولة استهداف مكة المكرمة وإحباط عمليات عديدة. فإن 2017م، قد تعرف فيه هذه الدول تصاعدًا في العمليات الإرهابية واتساع رقعته وقد يلجأ لاستهداف حيوية.
  • السيناريو الثاني: متعلق بطبيعة الإدارة الأمريكية الجديدة في حال ما نفذ دونالد ترامب لوعوده الانتخابية بإنزال من 20الى 30 ألف جندي أمريكي للقضاء على داعش واستهداف المواقع النفطية التي يسيطر عليها التنظيم ومراجعة الاتفاق النووي الإيراني، ستدفع بتمدد التنظيم في المنطقة من خلال اتخاذه شكل خلايا صغيرة ويتخذ من أسلوب الذئاب المنفردة كمنهجية في تنفيذ العمليات وهذا سيشكل خطرًا آخرًا.
  • السيناريو الثالث: البحث عن آليات معالجة وتسوية للملفات العالقة بالمنطقة وتوحيد الجهود بما يتماشى ومصلحة دول الخليج قد يدفع إلى تراجع نسبي لكن يظل الخطر قائمًا.

وفي اعتقادي السيناريو الأول والثاني الأقرب لطبيعة ما هو موجود وما يحاك في كواليس لعبة الأمم.

    وبناءً على هذه السيناريوهات المطروحة فإن سبل المواجهة المتاحة وكخيارات استراتيجية ممكنة يستلزم إدارة المخاطر وفق:

-       تعزيز التماسك الداخلي.

-       تتطلب التهديدات ردًا مشتركًا فالتنظيمات الإرهابية تستغل الثغرات القانونية وعليه يتوجب تعزيز الترسانة القانونية بما يسد الطريق على هذه الفيروسات.

-       تعزيز المقاربة السعودية التي اتخذت تدابير بموجبها صعوبة تحويل الأموال التي يمكن أن ينتهي بها المطاف بأيدي الجماعات الإرهابية.

-       تقوية مجلس التعاون الخليجي وتبني استراتيجية موحدة حيث تحتاج دول الخليج إلى نهج شامل للتعامل مع هذه التهديدات والتأثيرات السلبية.

-       فك شفرة الأزمات والبحث عن آليات صناعة الاستقرار.

-       ضرورة بناء بيئة رافضة لهذه التيارات الإرهابية.

-       الإرهاب يحارب بالدرجة الأولى بالمعلومة الدقيقة وعليه يتوجب على دول الخليج إنشاء مركز قياس وتحليل المخاطر الأمنية.

فعلينا أن نقر بأن المحاولات التي كانت تسعى لإرباك دول الخليج لم تنجح وأسباب فشل هذه المخططات راجعة إلى فشل التنظيمات الإرهابية في الحصول على النتائج المرغوبة من الهجمات الإرهابية على الخليج فبدلا من الصراع الطائفي الذي كان داعش يأمل في خلقه من العمليات الإرهابية جاءت النتائج عكسية تمامًا، وهذا راجع إلى قيام دول الخليج باتخاذ مواقف موحدة ومؤثرة لمواجهة الهجمات بالإضافة إلى تكاتف شعوب المنطقة.

     إن دول الخليج اليوم وبرغم المشكلات الإقليمية والدولية قادرة على مواجهة التحديات الأمنية الصلبة منها واللينة وتحجيمها بفضل تبني استراتيجيات تفاعلية واعتماد إصلاحات هيكلية تمس مستويات عدة وذلك من خلال التعاون والتنسيق الداخلي والبيني.

فهندسة الأمن الخليجي في خضم النزاعات الإقليمية والدولية يستوجب اتخاذ إجراءات وخطوات استباقية تقوم على قطع الطريق لأي تهديد لأمن دول مجلس التعاون الخليجي.

    فالحقيقة الهامة التي لا يجب إغفالها والتي مفادها أن ظاهرة الإرهاب تحتاج إلى مواجهة شاملة وأن أمن الخليج لا يكتمل إلا إذا تم فك شفرات الأزمات المحيطة بالحزام الأمني لدول مجلس التعاون الخليجي وبناء مقاربة متكاملة وتفاعلية. 

 

 

 

 

---------------------------------------------------

1-د. مصطفى العاني, التطرف و الإرهاب في دول مجلس التعاون الخليجي: المظاهر و أساليب المواجهة.الخليج في عام 2014-2015. المملكة العربية السعودية: مركز الخليج للأبحاث 2015, ص129.

2-أنور عبد الرحمن، تحديات الأمن في الخليج. اخبار الخليج البحرينية,28-11-1428ه.

 3-نفس المرجع السابق.

4-جريدة الشرق الأوسط.

5-وكالة الأنباء السعودية (واس).

مجلة آراء حول الخليج