; logged out
الرئيسية / اتفاق خليجي أوروبي حول مكافحة الإرهاب والنووي والاستثمار المعادلة الأوروبية في الخليج: علاقات عشوائية والاتحاد الأوروبي لا يسق في قدراته العسكرية

العدد 117

اتفاق خليجي أوروبي حول مكافحة الإرهاب والنووي والاستثمار المعادلة الأوروبية في الخليج: علاقات عشوائية والاتحاد الأوروبي لا يسق في قدراته العسكرية

الأحد، 05 آذار/مارس 2017

تتناول هذه الدراسة الرؤية الأوروبية للأوضاع العسكرية المحتدمة في منطقة الخليج، وذلك في ضوء التغيرات المتوقعة جراء البرنامج النووي الإيراني، والتراجع المحتمل للتواجد العسكري الأميركي في المنطقة، وكذلك تنامي الدور الذي قد تلعبه روسيا في المنطقة بالنظر الى الدور الذي أخذته على عاتقها في سوريا. وتمضي هذه الدراسة في محاولة تحليل مدى قدرة الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي على تعزيز التوازن العسكري في الخليج في ضوء التغيرات المذكورة آنفًا، وتوضيح دور الاتحاد الأوروبي باعتباره مَوردًا رئيسيًا لتسليح دول مجلس التعاون الخليجي.

الموقف الأوروبي من قضية أمن الخليج

بوجه عام تشاطر الدول الأوروبية دول مجلس التعاون الخليجي العديد من مخاوفها الأمنية، وقد اتخذت مواقف علنية مقاربة لتلك التي تعتنقها دول الخليج، حيث يظل الهدف الرئيسي لكلا الجانبين هو الحفاظ على أمن واستقرار منطقة الخليج، وذلك مع تنامي الوعي الأوروبي بأن التطورات الواقعة في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها تحمل تبعاتها المباشرة على القارة الأوروبية. وقد تجلى ذلك في الآونة الأخيرة مع تدفق اللاجئين من مناطق النزاع في الشرق الأوسط –سوريا في المقام الأول-نحو أوروبا، حيث استقبلت أوروبا إلى جانب الدنمارك وسويسرا ما يربو على 1.3 مليون لاجئ في عام 2015م، وقد أضحى التهديد الذي تجابهه أوروبا حقيقة ملموسة مع وقوع العديد من الهجمات الإرهابية في بعض المدن الأوروبية مثل باريس ونيس وبروكسيل وبرلين.

وقد نص تقرير هام صدر عن البرلمان الأوروبي في مارس 2011م، على أن "دول مجلس التعاون الخليجي تلعب دورًا رئيسيًا في الساحة العالمية، وبالتالي لديها مصالح مشتركة مع الاتحاد الأوروبي على صعيد الاستقرار الدولي." وذهب التقرير إلى الاعتراف بمجلس التعاون الخليجي بوصفه" المنظمة الإقليمية الوحيدة التي تتمتع بالاستقرار في الشرق الأوسط حيث أُسست على التعددية والتعاون المشترك"، ولذلك ينبغي على" الاتحاد الأوروبي ضرورة اتخاذ موقف صريح والإبقاء على التزام دائم في منطقة الخليج، بما يضمن له رؤية أعمق للمنطقة وتواجدًا استراتيجيًا بها."[1] وقد انعقدت الدورة الـ (25) للمجلس الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي في بروكسيل في الثامن عشر من يوليو 2016م، حيث تم التأكيد على أهمية تعزيز الروابط بين الجانبين وأن تكون العلاقات المتبادلة بمثابة أساس متين وفعال للأمن والاستقرار الاقليميين والدوليين. وقام الجانبان بتعريف " المخاوف والأولويات المشتركة فيما يتعلق بالأوضاع الراهنة التي تشهدها المنطقة، لا سيما في اليمن وإيران وليبيا وسوريا والعراق ولبنان وكذلك عملية السلام في الشرق الأوسط، وقد شددا على الأهمية الاستراتيجية للتنسيق المحكم بين كل من الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بتلك التطورات."[2] وفي الواقع، فإن الوفاق التام حول القضايا الإقليمية والدولية التي تهم الجانبين يتجلى بوضوح في كافة البيانات الرسمية الصادرة عن الاجتماعات الوزارية المشتركة التي تم عقدها منذ عام 1990م.

ويمتد الوفاق في وجهات النظر إلى ما هو أبعد من القضايا المذكورة أعلاه ليشمل:

  • قضايا عدم انتشار الأسلحة النووية لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل. كما تتقارب وجهات النظر حول الجهود الرامية إلى شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية، وكذلك حول أهمية الاتفاقات الدولية لمراقبة الأسلحة مثل معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية واتفاقيات حظر الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.
  • قضايا مكافحة الإرهاب والتطرف، ليس فقط في دول الخليج والشرق الأوسط بل في العالم أجمع، حيث أسس الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي مجموعات عمل لمكافحة تمويل الإرهاب. فعلى سبيل المثال، يوجد تعاون وثيق على أرض الواقع في إطار التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش، حيث يعمل الطرفان جنبًا إلى جنب في تبادل المعلومات الاستخباراتية.
  • القضايا المتعلقة بالطاقة وسياسات الطاقة، مثل تأمين تدفق دائم للطاقة بدون عوائق من الخليج إلى الأسواق العالمية وبأسعار معقولة.
  • كافة المجالات المتعلقة بالتنويع الاقتصادي والاستثمار لكون أوروبا أحد أهم الشركاء التجاريين لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث مثلت دول الخليج خامس أكبر سوق للصادرات الأوروبية في عام 2015، في حين يقف الاتحاد الأوروبي بوصفه أكبر كتلة تجارية لدول الخليج. وقد وصل إجمالي حجم التبادل التجاري بينهما إلى 155.5 مليار يورو في عام 2015م، وارتفع حجم التجارة الإجمالية بأكثر من 50 في المائة خلال الفترة من عام 2010 وحتى عام 2015.[3]

 

وتستمر أوروبا في لعب دور استراتيجي هام في سياق العلاقات مع دول الخليج، لا سيما مع تنامي الشعور بعدم الارتياح من جانب دول الخليج حيال اعتمادهم على الولايات المتحدة في الحفاظ على أمنهم واستقرارهم بوصفها القوة الرئيسية الرادعة في المنطقة. فمنذ غزو العراق في عام 2003م - وهو العمل الذي افتقر إلى الإدارة السليمة- كان هناك جدلاً متزايدًا داخل الدوائر الخليجية حول الحاجة إلى السيطرة على صلاحيات السياسة الأمنية والخارجية الخاصة بها، بهدف تحقيق التوازن في خضم التوجهات الأحادية العديدة للولايات المتحدة حيال منطقة الخليج. وقد اكتسب هذا الجدال مزيدًا من الزخم مع ازدياد النقاش داخل الولايات المتحدة حول إقامة محور استراتيجي محتمل مع آسيا، والتلميح إلى إعادة تقييم التزامات الولايات المتحدة الخارجية، ناهيك عن شروع إدارة الرئيس السابق أوباما في فتح أبوابها أمام طهران وحث دول المجلس على العمل والتعاون مع جارتهم القوية في الخليج. ومع ذلك فلا تزال دول الخليج تنظر إلى أوروبا بوصفها عاملاً من عوامل تحقيق التوازن وليست بديلاً عن الولايات المتحدة.

 

وعلى الرغم من وجود درجات عديدة من التقارب فيما يتعلق بالقضايا الاستراتيجية، غير أنه من المرجح أن تتأثر العلاقات الاستراتيجية المستقبلية بين أوروبا والخليج بعدة عوامل: أولاً، الاتفاق النووي مع إيران والمعروف بـ "خطة العمل المشتركة الشاملة JCPOA   " والذي مهد السبيل لخلق مجموعة متباينة من الروابط بين أوروبا وإيران. ونظرًا لدور الاتحاد الأوروبي بوصفه المفاوض الرئيسي، فقد أسهمت أوروبا في إنجاح هذا الاتفاق واستمرت في دفاعها عنه حتى تلك اللحظة برغم العديد من التحفظات الصادرة عن دول الخليج. وباختصار ترى دول الخليج أن أوروبا تتصرف بسذاجة فيما يتعلق بالتدخل الإيراني في منطقة الشرق الأوسط. ثانيًا: تنظر أوروبا بمزيد من القلق إلى السياسات الخارجية والأمنية لدول مجلس التعاون الخليجي، خاصة فيما يتعلق باليمن وليبيا وسوريا، ثالثا: خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وما يعنيه ذلك من ارتداد العلاقات مع مجلس التعاون الخليجي بشكل عام إلى علاقات ثنائية عوضًا عن كونها علاقات تتسم بالتعددية.  وإلى جانب الصعوبة المتوقعة لعملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فلسوف ينشغل الاتحاد الأوروبي كذلك بعدد من القضايا الأخرى ذات الأولوية له، والتي لن تتصدرها العلاقات مع دول الخليج. رابعًا: انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة وما يعنيه ذلك من كون الإدارة الأمريكية الجديدة أقل اكتراثًا بالقضايا التقليدية المتعلقة بالديمقراطية والحرية مثل حقوق الإنسان والدفع بإصلاحات سياسية في الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي يجعل من الاتحاد الأوروبي - بدون بريطانيا-اللاعب الرئيسي الذي يسعى إلى ضمان عدم تجاهل مبادئ الديمقراطية والحرية بشكل تام. ونظرًا لاتخاذ دول الخليج موقفًا عدائيًا تجاه أي تدخل في شؤونها السياسية الداخلية، فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى خلق شيء من التوتر في المستقبل القريب.

وعلى الرغم من وجود العديد من القضايا المشتركة بين الجانبين، إلا أن أوروبا ومجلس التعاون الخليجي قد ينتهي بهما الأمر وقد جابهتهما مجموعة أكثر تعقيدًا وفردية من العلاقات التي من شأنها أن تضع بعضًا من افتراضات الماضي موضع المساءلة. ولهذا الأمر تداعياته على الصعيد السياسي، لكنه يشمل كذلك المجالات الأوسع من التعاون والروابط الأمنية.

الدور الأمني لأوروبا في الخليج

ما من شك أن ثمة تساؤلات ومخاوف جدية داخل الدول الخليجية حول المدى الذي يمكن أن تصل إليه أوروبا لتصبح شريكًا قويًا بما يكفي لحث دول الخليج على التعاون معها في مجابهة التحديات الأمنية والسياسية بالغة القوة والإلحاح التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط حاليًا. أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فإن الإبقاء على علاقات سياسية مع دول الخليج العربي لا يعد أمرًا اختياريًا بل مسألة ضرورية. غير أنه بالنظر إلى التطورات المتسارعة في بلدان الربيع العربي والتي لا يمكن التكهن بها، والرؤية المشتركة والمتباينة لطريق الإصلاح السياسي، لذلك قد يلقي ذلك بظلاله على العلاقات الأوروبية ـ الخليجية، ويسهم في تصاعده التطورات التي وقعت في الآونة الأخيرة، كخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتخاب دونالد ترامب في الولايات المتحدة.

 

وفي إطار السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة للاتحاد الأوروبي (CSDP) المنصوص عليها في معاهدة لشبونة عام 2004م، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى اكتساب "قدرة تشغيلية تستند إلى الأصول المدنية والعسكرية التي يمكن استخدامها في "بعثات خارج الاتحاد من أجل حفظ السلام ومنع الصراعات وتعزيز الأمن الدولي، وذلك وفقًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة ".[4]  وقد اشترك الاتحاد الأوروبي ابتداء من عام 2016م، في 16 عملية مستمرة، تشمل ست عمليات عسكرية وعشرة مدنية. فتوجد في منطقة الشرق الأوسط بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية في رفح EUBAM، و بعثة الاتحاد الأوروبي الشرطية EUPOL COPPS  في الأراضي الفلسطينية، و بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية في ليبيا، وبالنسبة لمنطقة الخليج، تعد مشاركة الاتحاد الأوروبي في عمليات مكافحة القرصنة في خليج عدن والمعروفة باسم أتلانتا هي البعثة الوحيدة للاتحاد الأوروبي التي تحمل صلة مباشرة بأمن الخليج. وتستمر هذه المهمة حتى ديسمبر 2018م.

 

وحينما يتعلق الأمر بقضايا أمن الخليج تتم ممارسة الدور الأوروبي على أساس ثنائي وليس على مستوى متعدد الأطراف. فخارج إطار الاتحاد الأوروبي كانت المملكة المتحدة وفرنسا من الدول الرئيسية التي أظهرت استعدادها وقدراتها على توفير النوعية الأمنية التي يتوقعها نظراؤهم الخليجيون. ويشمل ذلك عقد اتفاقيات دفاع مع دول الخليج تمتد لعدة سنوات، ومبيعات ضخمة وموسعة للسلاح وعقود تزويده، والتمركز الفعلي لوحدات من القوات العسكرية في الخليج. ولعل أكثر الأمثلة وضوحًا على ذلك كان افتتاح القاعدة العسكرية البحرية البريطانية في البحرين في نوفمبر 2016م، والتي يتمركز بها على نحو دائم ما يقرب من 600 من العناصر العسكرية. وهي أول قاعدة عسكرية بريطانية يتم إرساؤها في الشرق الأوسط منذ أكثر من 40 عامًا. وبشكل عام تحتفظ المملكة بمجموع 1500 عنصر عسكري في المنطقة، إلى جانب سبع سفن حربية، وهو ما يفوق أي دولة غربية أخرى باستثناء الولايات المتحدة. وكما صرح وزير الخارجية الحالي بوريس جونسون، في "حوار المنامة 2016": " أن أي أزمة تقع في الخليج هي أزمة لبريطانيا، ومن أول يوم لوقوعها: أمنكم هو أمننا. وإننا ندرك حكمة من دعوا إلى تغيير في سياسة تواجدنا شرق السويس، وإن مصالحكم العسكرية والاقتصادية والسياسية مرتبطة بمصالحنا".[5]

 

وتمثل فرنسا القوة العسكرية الأوروبية الأخرى التي تساهم بدور ملموس في الخليج، وقد اُفتتحت في عام 2009 قاعدة عسكرية موجهة للمنطقة وتتمركز في جيبوتي. وبالإضافة إلى الصفقات العسكرية الكبرى التي تم عقدها مؤخرًا، بما في ذلك صفقة توريد الطائرات المقاتلة " رافال" إلى قطر بقيمة مليار دولار، فإن فرنسا تعد على الأرجح أكثر الدول المتحالفة استراتيجيًا مع دول مجلس التعاون الخليجي، فعلى سبيل المثال يوجد تنسيق وثيق فيما يخص التطورات المتعلقة بلبنان وسوريا وإيران. وكذلك قدمت فرنسا، أكثر من أي دولة غربية أخرى، دعمها الكامل لجهود التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.

إلا أن الموقف يعد أكثر تناقضًا بالنسبة لبقية الدول الأوروبية، فبينما أبرمت ألمانيا العديد من اتفاقيات توريد الأسلحة مع بعض الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، إلا أن هناك تيار من المعارضة داخل العديد من الأحزاب السياسية الألمانية ضد تلك النوعية من الصفقات، حتى أن وزير الخارجية الألمانية، سيجمار جابرييل، كان قد نقل عنه في عام 2013م، القول بأنه في حالة توليه السلطة، لن يسمح بتصدير الأسلحة إلى منطقة الخليج، وثمة دول أوروبية أخرى مثل إيطاليا وأسبانيا وجمهورية التشيك وبلغاريا ممن لديها كذلك علاقات في مجال الدفاع مع دول مجلس التعاون الخليجي، لكنها تميل إلى الاقتصار على بعض الأسواق المتخصصة بدلاً من أن تسهم بدور ذو أهمية في معادلة الأمن الخليجي بشكل عام. إن تلك الدول سوف تبدي نفس الاستعداد للحفاظ على علاقات عسكرية مع إيران تمامًا مثل الذي تبديه نحو دول الخليج. وبرغم ذلك فالعديد من الدول الأوروبية تمتلك شركات تصنيع الآليات الدفاعية فائقة الجودة، بما يؤهلها للمساهمة بدور في تطوير صناعة التسلح في دول مجلس التعاون. وهو أحد المجالات التي تحتاج إلى متابعة. وبشكل عام يبقى النقاش مفتوحًا حول قدرة المملكة المتحدة وفرنسا وحدهما على ضمان احتفاظ أوروبا بدور فعلي تُسهم به في قضية بالغة الأهمية مثل أمن الخليج.

 

وقد يكون البديل الأنسب هو قيام دول الخليج بتعزيز الروابط مع حلف الناتو داخل إطار مبادرة اسطنبول للتعاون ( ICI ). فالأمر لا يقتصر على وجود أربع دول خليجية بوصفها أعضاء عاملة في مبادرة اسطنبول وهي: الكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة بل تأخذ أيضًا بتركيا والولايات المتحدة داخل إطار حلف شمال الأطلسي بمعادلة أمن الخليج، وبالتالي تقدم المظلة الأمنية العريضة التي تبحث عنها دول الخليج. وهي المعادلة التي تستحق مزيدًا من الدراسة والبحث.

 

وقد صدر بيان عن قمة الناتو التي تم عقدها في العاصمة البولندية وارسو في يوليو 2016م، يدعو إلى "تأسيس علاقات يحكمها العمل المنتظم بين أمانتي الناتو ومجلس التعاون الخليجي"، و " انطلاق التعاون على الصعيد العملي مع مجلس التعاون الخليجي وكذلك مع الدول الأعضاء فيه."[6]  وتعكس أوراق القمة بشكل عام المخاوف الأمنية المشتركة لدى حلف الناتو ومجلس التعاون الخليجي، وقد كُلِف السفراء من الجانبين بتقديم تقارير حول مدى التقدم في العلاقات بين حلف الناتو ومجلس التعاون الخليجي، وذلك خلال قمة وزراء الخارجية في ديسمبر 2016م. وقد عزز افتتاح المركز الإقليمي لحلف الناتو في الكويت في يناير 2017 م، من إمكانية التوسع في تلك العلاقات.

 

ويتشاطر حلف الناتو مع دول مجلس التعاون الخليجي في العديد من المصالح الأمنية بدءًا من ضمان حرية الملاحة في البحار، ومكافحة الإرهاب والتطرف، إلى منع انتشار الأسلحة النووية، والحيلولة دون انهيار الدولة من خلال إقامة مؤسسات أمنية قوية. ويتعاون حلف الناتو ودول الخليج في الكثير من تلك الجبهات على المستوى التشغيلي، فعلى سبيل المثال تشترك جميع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي ودول مجلس التعاون الخليجي في التحالف الدولي لمواجهة تنظيم داعش: ففي عام 2011م، اشتركت منظمة حلف شمال الأطلسي مع دولتي قطر والإمارات العربية المتحدة في عملية "الحامي المُوَحَد" في ليبيا. وبالإضافة إلى ذلك، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة جزءًا من بعثات منظمة حلف شمال الأطلسي في البوسنة وأفغانستان لأكثر من عقد من الزمان.

 

وبناء عليه فينبغي اعتبار حلف الناتو الأداة المناسبة التي يمكن من خلالها لدول الخليج وأوروبا أن تقوم بهيكلة أنظمة دفاعها.

وفيما يخص قضايا مثل أشكال التعاون الممنهجة وأنواع التعاون داخل إطار الأمن الإقليمي، يقدم حلف الناتو إسهاماته في ثلاثة مجالات بالغة الأهمية وهي: تحسين آليات الدفاع المشترك على المستوى الإقليمي، وتعزيز قدرات دول الخليج في إدارة الأزمات، وتحديد النهج المتبع في أساليب التعاون الأمني في المستقبل، هذا بالإضافة إلى غيرها من مجالات التعاون الفعلية مثل: مكافحة الإرهاب والقضايا المتعلقة بالحدود والملاحة والأمن الالكتروني. وبينما تسعى تركيا إلى التوسع في دورها الأمني في الشرق الأوسط، سيكون من المفيد رؤية كيف يمكن لهاـ بوصفها عضو في حلف شمال الأطلسي – أن تنضم إلى الحلقة الأوسع في النقاش الدائر حول أمن الخليج. وعلاوة على ذلك، فإن التقارب بين حلف الناتو ومجلس التعاون الخليجي سيعد إشارة هامة موجهة إلى إيران بأن أمن المنطقة سيظل يحمل أهمية كبرى للغرب، وأن أي تقارب قد يحدث مع إيران، حتى على صعيد الاقتصاد، سيكون متوقفًا على تحول طهران في نهاية الأمر إلى المساهمة المسؤولة في مجتمع الأمن الخليجي.

 

وعمومًا فإن العلاقات الدفاعية بين أوروبا ودول مجلس التعاون الخليجي علاقات متسعة لكنها عشوائية. ولا يعد الاتحاد الأوروبي الإطار المناسب لتعزيز تلك العلاقات، فالاتحاد الأوروبي لا يرى نفسه كقوة عسكرية كبرى ويفضل التركيز على ما يمكن أن يقدمه اعتمادًا على ما لديه من قوة ناعمة. ومن الواضح أن الاعتماد فقط على ترتيبات ثنائية مثل تلك القائمة مع فرنسا والمملكة المتحدة هو أيضًا غير كافٍ على المدى البعيد. وعوضًا عن ذلك، ينبغي أن يكون البديل هو توثيق العلاقات بين الناتو ودول مجلس التعاون الخليجي بوصفها الآلية الوحيدة المتاحة حاليًا، والتي تضم إلى معادلة أمن الخليج نهجًا أكثر تعددية، الأمر الذي سيصب في نهاية المطاف في مصلحة دول مجلس التعاون الخليجي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*مدير مؤسسة مركز الخليج للأبحاث ـ جنيف ـ سويسرا

 

 

 

[1]European Parliament, Committee on Foreign Affairs, Report on European Union Relations with the Gulf Cooperation Council, No. 2010/2233 (INI), March 11, 2011, pp. 3-4, available at:  http://www.europarl.europa.eu/sides/getDoc.do?type=REPORT&reference=A7-2011-0042&language=EN.

 

[2]Co-Chairs' Statement - 25th EU-GCC Joint Council and Ministerial Meeting, available at http://www.consilium.europa.eu/en/press/press-releases/2016/07/18-fac-gcc/?utm_source=dsms-auto&utm_medium=email&utm_campaign=Co-Chairs%27%20Statement%20-%2025th%20EU-GCC%20Joint%20Council%20and%20Ministerial%20Meeting%20

[3] A detailed look at EU-GCC trade data is available under http://trade.ec.europa.eu/doclib/docs/2006/september/tradoc_113482.pdf

[4]  See Antonio Missiroli, ed., “The EU and the World: Players and Policies Post-Lisbon – A Handbook,” European Union Institute for Security Studies, 2016, pg. 45 available at http://www.iss.europa.eu/uploads/media/EU_Handbook.pdf

[5]    The full text of the remarks by Boris Johnson can be found under http://www.iiss.org/en/events/manama-dialogue/archive/manama-dialogue-2016-ce86/keynote-7f7c/boris-johnson-9258

[6] See Paragraph 105 of the Warsaw Summit Communique of NATO available under http://www.nato.int/cps/en/natohq/official_texts_133169.htm

مجلة آراء حول الخليج