; logged out
الرئيسية / مستقبل دول الخليج في توطن الصناعة وتجاوز تحدياتها الاستثمارات الأمريكية في دول الخليج: زيادة التنافسية الإنتاجية والتأسيس لاقتصاد صناعي

العدد 120

مستقبل دول الخليج في توطن الصناعة وتجاوز تحدياتها الاستثمارات الأمريكية في دول الخليج: زيادة التنافسية الإنتاجية والتأسيس لاقتصاد صناعي

الخميس، 08 حزيران/يونيو 2017

تعد الاستثمارات الأجنبية المباشرة مؤشرًا دقيقًا نسبيًا مقارنة بنسب التجارة الخارجية, يحدد من خلالها درجة انفتاح مجتمع ما على العالم الخارجي واتجاهه نحو العولمة، وخلق فرص عمل جديدة، والإسهام في تنمية القدرة التنافسية التصديرية، وتسعى دول التعاون من أجل تسليح ذاتها في مضمار التنافس التجاري إلى جذب الاستثمار الأجنبي للاستفادة بأكبر قدر ممكن من رؤوس الأموال والخبرات الأجنبية في مختلف الأنشطة وخاصة مجالات التكنولوجيا، والتي تفتقر إليها رغم أهميتها في دفع عجلة التنمية الاقتصادية لأي دولة نامية. بالإضافة إلى ما نتوقعه من مردود الأموال في علاج العديد من المشاكل الاقتصادية مثل تنشيط حركة الإنتاج، وإيجاد حلول لمشكلات اجتماعية كالبطالة مثلاً، وتبرز أهمية الاستثمارات كونها من العوامل التي تعزز التكامل الاقتصادي بين دول التعاون، وكذلك من عودة رأس المال العربي المهاجر والذي يتطلب حوافز وجهود أكبر من الاستثمار الأجنبي المباشر للشركات الأجنبية ومنها الشركات الأمريكية موضوع البحث، ولكون الخصائص الطبيعية والاقتصادية متشابهة في المنطقة، فإن هناك ضرورة تستدعي الدول المعنية بتنسيق سياساتها المتعلقة بالاستثمار الأجنبي لتجنب المنافسة فيما بينها في استقطاب الاستثمارات الأجنبية.

إن الفرق الرئيس بين دول مجلس التعاون يكمن في درجة تنفيذها لخططها التنموية. إذ استطاعت الإمارات وقطر تطبيق الخطط على أرض الواقع بكفاءة وكذلك البحرين إلى حدٍ ضئيل. كما وصلت مستويات جودة البنية التحتية في المملكة وعُمان لمستوى موازٍ لمنطقة اليورو بالرغم من مجيئهم في أسفل القائمة. على الجانب الآخر، يختلف الوضع جذريًا في الكويت، حيثُ لا يتم تطبيق مشاريع التنمية الجديدة وكذلك نوعية البنية التحتية الحالية متهالكة. والشكل رقم (1) يوضح جودة البنى التحتية لدول التعاون.

شكل رقم (1) جودة البنى التحتية لدول التعاون

 

المصالح الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودول التعاون:

تعد المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الخليج العربي اقتصادية بالأساس، إذ يقع 54% من احتياطي النفط في العالم، و40% من احتياطي الغاز الطبيعي في منطقة الخليج، وبسبب التطورات السياسية الإقليمية، فثمة ارتباط بين استقرار السوق في الخليج وتعافي اقتصاد الشريك الأمريكي، الأمر الذي طرح أهمية العمل بين الولايات المتحدة مع دول مجلس التعاون لتعزيز الإصلاح الاقتصادي والتنويع، فضلًا عن زيادة حجم التبادل التجاري معها، وتمت بلورته في الاجتماع الأول لمنتدى التعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون في الرياض في 31 مارس 2012م، تحت عنوان "اتفاق الإطار الأمريكي الخليجي للتعاون التجاري، والاقتصادي، والاستثماري، والتقني".[1]

ونجحت دول مجلس التعاون بتفادي معظم الآثار السلبية الناتجة عن الاضطرابات الإقليمية بدعم من قوة مصادرها النفطية والغازية ورؤوس أموالها الاحتياطية المدخرة؛ إلا أن التراجع الذي شهده قطاع الاستثمار الأجنبي المباشر أثر على بعض القطاعات الاقتصادية الخليجية المحتاجة للاستكمال، وخاصة المشاريع الكبرى التي تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة.

وتعيد صياغة العلاقات الاقتصادية والتجارية بحيث تسهل التبادل التجاري بين أمريكا ودول التعاون. وفي هذا الشأن علق وزير الخارجية السعودي عادل جبير،" إن بلاده شريك اقتصادي قوي للولايات المتحدة وأكبر مصدر للبترول، ومن أكثر المستثمرين في العالم، واصفًا زيارة ترامب للمملكة بأنها "تاريخية بكل المقاييس، ومن المعتقد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حمل خلال زيارته إلى السعودية، مفاجآت اقتصادية، وسط توقعات بالاتفاق على استثمارات ومشاريع ضخمة تصل كلفتها إلى 200 مليار دولار.وستتشكل القيمة الضخمة للاستثمارات المرتقبة المباشرة وغير المباشرة خلال السنوات الأربع المقبلة، ضمن إحدى المراحل المهمة، في تنفيذ "رؤية السعودية 2030" لتنويع الاقتصاد وتحريره من الاعتماد على إيرادات النفط، وهذا سيوفر أهم فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري السعودي مع الولايات المتحدة.

أهمية الاستثمارات الأمريكية في دول مجلس التعاون الخليجي:

لماكانتالحاجةللاستثمارالأجنبيلتنويعالقاعدةالإنتاجيةالذييسهمبدوره فيخلقوظائففيالقطاعالخاص،وزيادةالتنافسيةوالإنتاجية،وتحقيقالنموالمستدام،وتأسيس اقتصادصناعيسيكونذاأهميةمستقبليةعندماتبدأعائداتالنفطفيالانخفاض،ومنثم استقرارمعدلاتالنموفيدولالخليج، وهذهالحاجةتواجهبعددمنالتحدياتالتيتكمنفي اتجاهين،الأولفيجانبالطلبوالمتمثلفيإصلاحالإطارالعاملإدارةالاقتصادالكليمن خلالاستقرارالسياساتالاقتصاديةالكليةالرئيسةالمستخدمةلإدارةالطلبالكلي،والثانيفي جانبالعرضالمتمثلفيتنمية رأسالمالالبشري،وإصلاحتشوهاتسوقالعمل،وبناءحوافز أكثرفعاليةترتبطفيحفظالحقوقللمستثمرالأجنبيوتهيئةالمناخالاستثماريالمناسب.[2]

 

وجاءت السعودية في المرتبة الأولى كأهم شريك تجاري من دول مجلس التعاون بالنسبة لحجم التبادل التجاري غير النفطي مع أمريكا خلال الشهور التسعة الأولى لعام 2015 بـ 17.4 مليار دولار بنسبة 41.8 % من إجمالي حجم التبادل التجاري غير النفطي لدول المجلس مع أميركا خلال تلك الفترة، وتستثمر 500 شركة أمريكية بشكل كبير في كل المجالات التجارية، ما يعكس دخول هذه الشركات من خلال استثمارات مفتوحة غطت جميع القطاعات التجارية. وكان لتوجيه الملك سلمان بن عبد العزيز الذي أعلنه في العاصمة الأمريكية واشنطن خلال أيلول (سبتمبر) 2016م، بفتح الأسواق السعودية للاستثمارات العالمية، يتوافق مع التوجهات الدولية بتحرير الأسواق، التي تعد أحد أهداف منظمة التجارة العالمية التي تسعى إلى تحقيقها.


وجاءت الإمارات كأكبر أسواق دول مجلس التعاون المصدرة إلى أمريكا خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2015 م، حيث بلغت صادراتها 1.9 مليار دولار بنسبة 40 % من إجمالي صادرات دول المجلس السلعية غير النفطية مع أمريكا في الفترة نفسها من عام 2015[3].

ويبقى السؤال ما هي العناصر الواجب توافرها عند اتخاذ قرار جذب الاستثمار المباشر؟

إن من أهم العناصر الجاذبة للاستثمار المباشر هو: عنصر الاستقرار، وثقة المستثمر، وسياسة (الانفتاح التجاري)، وسعر الصرف، والنمو الاقتصادي: فالدول ذات معدلات نمو اقتصادية مرتفعة سوف تنجذب اليها الاستثمارات الأجنبية والعكس صحيح. وفي تقرير صادر عن إرنست ويونغ حول محفزات النمو الاقتصادي بعنوان (قوة التكامل) أنه في حال قررت دول مجلس التعاون أن تصبح سوقًا واحدة بدلاً من ست أسواق منفصلة فإنها مجتمعةً  ستغدو مباشرةً تاسع أكبر اقتصاد في العالم بحجم يماثل الاقتصاد الكندي والروسي ويقارب حجم الاقتصاد الهندي. وإذا حافظ الاقتصاد الخليجي الناشئ على معدل نمو سنوي قدره 3.2 % خلال السنوات الـ 15 المقبلة، فمن الممكن أن يصبح سادس أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2030 م، وبذلك يكون قد اقترب من حجم الاقتصاد الياباني.

 

 ومقابل ذلك هناك عوائق تحد من تحفيز المستثمر الأجنبي للاستثمار، منها صعوبة الإجراءات الإدارية، وعدم توفر عنصر الشفافية وشمولية الأنظمة والقوانين المتعلقة بفض المنازعات، كما هي مبينة في الشكل رقم (2)

شكل رقم(2) أهم معوقات الاستثمارات الأجنبية

 

أثر الاستثمارات الأمريكية على دول الخليج العربي كنتيجة لسياسات ترامب الاقتصادية:

عبرّ ترامب بوضوح فيما يتعلق بسياسته التجارية عن نيّته الحصول على (صفقات أفضل). فقد تجاوزت الولايات المتحدة مجلس التعاون على نحو استراتيجي عند التفاوض حول اتفاق تجاري إقليمي وفضّلت اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية مع حكومات خليجية فردية شملت صفقة مع البحرين في عام 2006 وصفقة مع عُمان في عام 2009م، وعلى نحو مماثل، لم يسارع مجلس التعاون كمنظمة إلى تعزيز اتفاقات التجارة الإقليمية مع الدول والمجموعات الإقليمية الأخرى. وقد تكون هذه الفرصة المواتية لمجلس التعاون لكي يوحّد جهوده ويتوصّل إلى اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة أو الأفضل من ذلك مع المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو يرسّخ جهوده مع رابطة أمم جنوب شرق آسيا على غرار اتفاقه في عام 2011 م، مع ماليزيا ومع سنغافورة عام 2015م.

ولعل أبرز مجال للتغيير ولبروز الفرص سيكون في الوعود التي قطعتها إدارة ترامب بالاستثمار في البنى التحتية. فصناديق الاستثمار التابعة للدولة في مختلف أرجاء مجلس التعاون تراقب هذا المجال عن كثب. وفي حال كانت الفرص حقيقية والمستثمرون الأجانب مرحبًا بهم، لمّح كل من الصندوق السيادي القطري والكويتي عن اهتمامهما. وإلى جانب الاستثمارات السلبية في صناديق البنى التحتية، ثمة اهتمام كبير وفرصة هامة لكيانات دول الخليج لإدارة الاستثمارات في البنى التحتية وتشغيلها في الولايات المتحدة في قطاع النفط والغاز وفي المرافئ.[4]

وهناك برنامج مشترك يستثمر بالبنية التحتية والطاقة بقيمة تتجاوز 200 مليار دولار، خلال السنوات الأربع القادمة. جاء ذلك في الزيارة الأخيرة التي قام بها، ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في دعم نمو الاقتصاد العالمي، وأشار البيت الأبيض إلى أن التعاون الاقتصادي الموسع بين البلدين يمكن أن يثمر إلى ما لا يقل عن مليون وظيفة أمريكية مباشرة في غضون السنوات الأربع المقبلة، والملايين من الوظائف الأميركية غير المباشرة، فضلاً على وظائف في المملكة العربية السعودية[5]. وتُعد المملكة اليوم الشريك التجاري الـ 12 لأمريكا فيما تُعد الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة، كما أن الولايات المتحدة حائزة أيضًا على أكبر حصة مـن الأسهـم للاستثمـار الأجنبـي المباشـر مـن المملكـة. ويعود ذلك لأن العلاقات بينهما بنيت على أساس متين من الاحترام والمنفعة المتبادلين.  والجدول رقم(1) يوضح حجم التبادل التجاري بين المملكة والولايات المتحدة، فيما يبن الشكل رقم (3) حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي لدول التعاون.

 جدول رقم (3)حجم التبادل التجاري بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية بالمليون ريال:

الشكل رقم (3) حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي لدول التعاون.

الصناعات الخليجية الجاذبة للاستثمارات:

أدركت دول مجلس التعاون مبكرًا أن الصناعة وسيلة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولتنويع مصادر الدخل وإيجاد فرص استثمارية واقتصادية في قطاعات غير النفط والغاز. إلا أن الجهود والتخطيط لنهوض الصناعة لم يكن بمستوى الطموح، وهناك العديد من التحديات التي تواجه قطاع الصناعة، أبرزها انخفاض حجم إسهام قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة في إجمالي النشاط الصناعي بالرغم من أهميته في خلق الوظائف وتحقيق النمو الاقتصادي.

تعتبر الصناعات المعدنية الأساسية واحدة من أهم الصناعات التحويلية في دول التعاون، حيث تشكل استثماراتها المتراكمة حتى العام 2011م، البالغة نحو42.4 مليار دولار ما نسبته 13.1 % من إجمالي الأموال المستثمرة في قطاع الصناعات التحويلية، وجاءت في المركز الثاني في الأهمية بعد الصناعات البتروكيماوية وتكرير النفط التي شكلت استثماراتها المتراكمة نحو 57.6 %، وذلك وفقًا لإحصاءات إدارة المعلومات الصناعية (IMI) في منظمة الخليج للاستشارات الصناعية (جويك). وتقدر هذه الإحصاءات الطاقة الإنتاجية القائمة حاليًا في دول مجلس التعاون من الألومنيوم الأوليّ بنحو 3.6 مليون طن. والجدول رقم (2) يوضح عدد المصانع والعاملين في مصانع دول التعاون.

جدول رقم (2) عدد المصانع والعاملين في مصانع دول التعاون


المصدر: قاعدة صناعات الخليج، "جويك"

إذ حازت المملكة العربية السعودية على حوالي نصف عدد المصانع العاملة في قطاع صناعة الحديد والصلب الرئيسة، تلتها دولة الإمارات بنسبة 31 %، ثم باقي دول مجلس التعاون بنسب تقل عن ذلك. كما حازت السعودية على نحو 61 % من إجمالي الاستثمارات المتراكمة في هذا القطاع حتى العام 2011م، تلتها دولة الإمارات بنسبة 20 % تقريبًا، فباقي دول المجلس بنسبة 19 % تقريبًا. كما استوعبت السعودية نحو 64 % من عدد العاملين في هذا القطاع للعام نفسه، تلتها الإمارات بنسبة 14.5 %، فعُمان بنسبة 7.5 %، ثم قطر بنسبة 6 %، فالبحرين والكويت بنسبة 4.4 %، 3.5 % على التوالي. والشكل رقم(5) يوضح ذلك.

شكل رقم(4) عدد المصانع والعاملين وحجم الاستثمارات المتراكمة 

بيّنت دراسة حديثة أعدتها منظمة الخليج للاستشارات الصناعية (جويك)، أن حجم الاستثمارات التراكمية في القطاع الصناعي الخليجي تجاوز بنهاية العام الماضي عتبة الـ 323 مليار دولار، من خلال تشغيل ما يزيد على 14 ألف منشأة صناعية مسجلة وفرت نحو مليون و261 ألف فرصة عمل، وتوقعت "دراسة الخارطة الصناعية لدول مجلس التعاون الخليجي"، أن يبلغ الاستثمار الصناعي الخليجي قرابة تريليون دولار بحلول العام 2020م، بعد انتهاء دول المجلس من تجهيز المدن الصناعية التي يجري العمل فيها حالياً. 

 ومن النتائج التي خلصت إليها الخارطة أيضاً أن الصناعة الخليجية تتميز بالتركيز على الصناعات الصغيرة والمتوسطة والتي تشكل أكثر من 86% من جملة المنشآت الصناعية في دول المجلس، غير أن معظم الاستثمارات الصناعية تتركز في الصناعات الكبيرة ممثلة بقطاع صناعات البتروكيميائيات الأساسية حيث تمثل أكثر من 78% من جملة الاستثمارات التراكمية في القطاع الصناعي الخليجي كما هو موضح في الشكل رقم(4).

شكل رقم (5) الخارطة الصناعية لدول مجلس التعاون

في المقابل، فإن الحراك الذي يسجله تطوير الأراضي الصناعية في السعودية يجري على قدم وساق من قبل الجهات الرسمية، إذ تشير البيانات المتداولة إلى ارتفاع وتيرة التطوير التي جاءت نتيجة الزيادة المسجلة على عدد العقود الصناعية والخدمية واللوجستية، إضافة إلى أن خطة التحوّل الاقتصادي قد أعطت حيزًا كبيرًا للقطاع الصناعي لتطوير آليات وأدوات العمل الحالية. ولفتت إلى أن السعودية تواصل إنشاء مشاريع البنية التحتية الصناعية والمدن الصناعية المختلفة سواء كانت مملوكة للقطاع الخاص أو تلك التي يقوم صندوق التنمية الصناعية بتنفيذها. وارتفعت في السنوات الأخيرة قيمة الأموال المستثمرة في القطاع الصناعي إلى 1.1 تريليون ريال، وحافظت الصناعة على مستوياتها المعتدلة، فضلاً عن أن المملكة تعوّل على البنية التحتية المتكاملة للمضي قدمًا في تأمين فرص عمل جديدة، وتحسين مقومات الاستثمار، وتوفير مناخ استثماري قادر على جذب المستثمر المحلي والأجنبي، ما يضمن استمرار وتيرة النشاط عند حدودها المستهدفة.

أما في عُمان فإن الصورة تبدو أكثر إشراقًا في المجال الصناعي، الذي يشهد المزيد من التحفيز والدعم الحكومي المباشر وغير المباشر، إذ وصلت المساحة الإجمالية المؤجرة في جميع المناطق الصناعية في السلطنة إلى ما يزيد على 33 مليون متر مربع خلال النصف الأول من العام الماضي، فيما تتواصل الجهود والدراسات والمخططات للوصول إلى مناطق صناعية شاملة ومتكاملة خلال الفترة المقبلة، من طريق تنويع مصادر الدخل وإيجاد بدائل جديدة لدعم اقتصاد الدولة.

دور الصناعة الإعلامية في جذب الاستثمار:

عندما سئل (هنري فورد) كيف جمعت ثروتك العظيمة؟ أجاب: كنت أصرف 99 دولار من كل مائة دولار للدعاية والإعلان! فعلى الغرف التجارية والصناعية الخليجية تعزيز صناعة الإعلام لمعرفة العالم بما تحتاجه دول التعاون للاستثمارات الهادفة للتنمية الاقتصادية الحقيقة وتهيئة البيئة الداخلية لجذب الاستثمار وقيام البعثات الدبلوماسية والملتقيات التجارية بالترويج للاستثمار الذي يتطلب جهازًاً مهنياً وخطة اتصالات تسويقية وإعلامية، ويحتاج إلى طمأنة المستثمرين. آن الأوان لأن يدرك العالم العربي والمستثمرون العرب أهمية هذه الآلة ودورها في جذب الاستثمارات.

الخاتمة:

تكمن أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دول التعاون،ليس على أساس حجم الاستثمار المتدفق ودوره في سد الفجوة الاستثمارية، وإنما في زيادة الأصول غير المنظورة. لذا يجبتهيئةالشروطاللازمةلنجاحه،فتوفرالأنظمةوالتشريعاتالملزمة والواضحة،المنطوية على كيفية ممارسة الدولة لحقها في الرقابة على الاستثمار الأجنبي الوافد إليها. ذلك أن تشجيع هذا النمط من الاستثمارات لا يعني إطلاق الحرية له بغير حدود، وإنما يجب أن يتم في حدود معينة وبهدف التوصل إلى نتائج محددة لا يجوز السماح بتجاوزها، ومنالضروريلدولالمجلسالتركيزعلىنوعيةالاستثمارات كيلايكونالاستثمارالأجنبي عبءعليها،فالاستثمارات  الأجنبيةيجبأنتخلقفرصعملللمواطنينوتزودالسوقالمحلي بالخبرات والتقنيةالمطلوبةمنأجلرفعمعدلالمنافسةمعالأسواقالخارجية،فعلىسبيلالمثالركزترؤيةالمملكة 2030 – ضمنأهدافها- علىجذبالاستثمارات النوعيةالتيتضيفللاقتصادوتدعمهبمافيذلكجلبالتقنيةوخلقفرصالعمل، ولتوفير البيئة المناسبة للاستثمار الأجنبي المباشر عن طريق القضاء على معوقات الاستيراد والتصدير، بالإضافة إلى السعي نحو خصخصة الصناعات الحكومية غير الناجحة المتخمة بالعمالة وتطوير معايير المحاسبة لكي تتماشى مع المعايير الدولية، والوصول إلى تحقيق الشفافية المبتغاة في الشركات والمؤسسات المالية، وإزالة المعوقات أو القيود على تحويل العملات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*كاتب وباحث اقتصادي

 

 

[1]الراية القطرية، 21/4/2016.

[2] صلاح الصيعري وأحمد البكر، ورقة عمل بعنوان: الاستثمارالأجنبيالمباشرفيدولمجلسالتعاونالخليجي، ديسمبر ،2016.

[3] المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون، التقرير السنوي، 12/6/2016.

[4] كارين إ. يونغ، معهد دول الخليج العربية في واشنطن، 24/1/2017.

[5] موقع البيت الأبيض الإلكتروني في 15/3/2017.

مقالات لنفس الكاتب