array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 121

ضعف الحوار الجماعي عائق أمام صياغة عمل خليجي مشترك وتحقيق الاتحاد الانتخابات البلدية السعودية رفعت نسبة المنتخبين إلى الثلثين ومشاركة المرأة لأول مرة

الإثنين، 24 تموز/يوليو 2017

منذ قمة مجلس التعاون الأولى التي انعقدت بأبو ظبي في مايو 1981م، ثبت أنه أهم التجمعات الإقليمية في المنطقة والعالم، وحاول تطوير آليات عمله طيلة هذه السنوات حتى يمكنه التفاعل بإيجابية مع المستجدات والمتغيرات الداخلية والخارجية، في ظل توجه الدول الخليجية نحو تعميق الظهير الشعبي وأهميته كمصدر لقوة دوله و تعميق الوشائج بين شعوبها خصوصًا بينها عوامل مشتركة أهمها التشابه الاجتماعي في العادات والتقاليد، وعلى الصعيد الاقتصادي وبعد نحو 60 عامًا من اكتشاف النفط لا تزال هذه المادة تشكل أكثر من 80 % من دخل دول الخليج، وأصبحت هذه  الدول رهينة معادلة ريعية تتضاعف إيراداتها في سنوات وتنخفض في سنوات وواصلت الرفاهية التي صاحبها غياب استراتيجية بناء المواطن كعامل منتج واستمرت البطالة المدفوعة غير المستدامة.

  تسببت هذه الاستراتيجية في تراجع الإنتاجية وارتفاع معدلات البطالة مع زيادة العمالة الأجنبية، لكن بعد انخفاض أسعار البترول بدأت تتجه دول الخليج نحو التخلي تدريجيًا عن دولة الرعاية وهي مجبرة تماشيًا مع المرحلة الجديدة، وبدأت تنظر إلى المواطن الخليجي على أنه يجب أن يكون مواطن منتج وأن يكون له دور فعال ومشارك عبر المؤسسات المجتمعية، وأيضًا حان الوقت أن تكون تلك المؤسسات المجتمعية مشاركة للحكومات في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تعاظمت ولم يعد بمقدور الحكومات مواجهتها بالأدوات والأساليب القديمة بسبب أن العالم يمر بمرحلة تغيرات جيوسياسية متلاحقة.

 لذلك فالمشاركة بمنزلة دعامة قوية لمساندة القرار السياسي الذي يسعى في نهاية المطاف إلى خدمة المواطن والوطن، وتفعيل أداة المحاسبة التي تقلل من معدلات الفساد، وهي خطوة تأخرت في بعض دول مجلس التعاون الخليجي، مما جعلها تتعثر في تحقيق الاتحاد الخليجي الذي أعلنت عنه السعودية عام 2012م.

أبرز عوائق تحقيق الاتحاد الخليجي:

لعل أبرز عائق وقف أمام تحقيق الاتحاد هو ضعف المشاركة في الطرح والنقاش مما أدى إلى ضعف أليات عمل مجلس التعاون بل وأخر الإعلان عن الاتحاد وفي نفس الوقت لم يطرح موضوع الاتحاد شعبيًا أو يطالب بمساهمة شعبية في شكل الاتحاد وقوانينه وأنظمته ومستقبله بدلا من إقراره من القيادات السياسية التي لديها حساسيات فيما بينها خصوصًا تحسس الأطراف من دولة المركز رغم أن دولة المركز هي التي طرحت الاتحاد ولديها قدرة على التنازل من أجل تحقيقه.

 أما على مستوى المنطقة، يعاني العالم العربي من صراع هويات ليس فقط على المستوى السياسي بل والثقافي والاجتماعي، حيث هناك خطاب سياسي سني إلى جانب خطاب سياسي شيعي مختطف من قبل أشرس وأخطر ديكتاتورية معاصرة تتمثل في سلطة ولاية الفقيه وهي التي تود شرعنة حضوره كشريك ورفع مستوى خطابه لمستوى الفكر والخطاب السياسي السني في منطقة الخليج بهدف غزو منطقة الخليج بل وغزو العالمين العربي والإسلامي وتشييعه، إضافة إلى جانب معاناة دول الخليج من تيارين قويين فاعلين هما التيار الديني السلفي الواسع بكل تشعباته والتيار القبلي العريض فيما لا يزال ما يسمى التيار التقدمي أو الليبرالي هامشيًا.

 

 

دول مجلس التعاون الخليجي ودمقرطة المجتمع:

تروج الولايات المتحدة للحرية والديمقراطية من أجل أن تكون في خدمة سياسة الدولة الأعظم، فهذه المفاهيم أدوات وليست غايات بحد ذاتها، ولكن من أجل أن تمنح فقط السياسة الخارجية الأميركية نوعًا من المغزى الأخلاقي لتسهل مد مظلة الهيمنة الأميركية إلى مناطق نفوذ أوسع.

العهد الجديد بعد انتخاب ترامب كشف النقاب عن توجه لتعديل منهج السياسة الخارجية الأميركية نحو مسار أكثر انعزالاً ومعاد لسياسات الانفتاح والعولمة على أي سياسات ذات طابع أخلاقي نظري مصحوب بشيء من الفوضى وسيطرة القرارات التكتيكية قصيرة المدى على العمل الاستراتيجي الأميركي على نحو أثار مخاوف أقرب حلفاء الولايات المتحدة قبل خصومها.

وبالفعل نلاحظ أن الديمقراطية التي روجت لها إدارة بوش لم تنجح في العراق ولم ينتج عنها سوى ديمقراطية المحاصصة، وأدت إلى ولادة أنظمة ثيوقراطية أفرزت مضاعفات تتناقض مع أهداف الديمقراطية وغاياتها الحميدة، بل وفتكت بالمجتمع العراقي، ومن أبرز تلك المضاعفات توسيع رقعة الاستبداد غير المباشر المرتبط بالفساد والتي حاصرت المجتمع بمثلث السلطة وحظوة ومحسوبية مؤسستي المذهب والقبيلة التي تطيل عمر الأنظمة الثيوقراطية، وإذا ما طبقت في دول مجلس التعاون الخليجي فإن المنطقة ستستورد تلك الأزمة إذا لم يتجه المجتمع المدني إلى دمقرطة المجتمع نفسه ثم مؤسساته قبل تطبيق ديمقراطية السلطة كما في العراق مستفيدًا من ثورة التواصل الاجتماعي تحفز تطلعاته للعدل والمساواة عبر تعزيز وتفعيل رغبته في الديمقراطية بعيدًا عن الطوباوية والمثالية والانفعال.

مجلس تنسيق سعودي ـ إماراتي للتغلب على العوائق السياسية:

ولا يزال صياغة عمل سياسي بمعزل عن التمثيل الشعبي قد يكون بسبب تأخر أو جهوزية تهيئة التمثيل الشعبي خصوصًا وأن دمقرطة المجتمعات بحاجة إلى زمن طويل حتى تؤتي أكلها، لذلك اتجهت السعودية نحو إنشاء مجلس تنسيق سعودي إماراتي لدعم العمل الخليجي خصوصًا وأن الدولتين يستحوذان على أكثر من 70 % من الاقتصاد الخليجي، وهذا المجلس يمثل مرحلة جديدة في مسار العلاقات الثنائية بين الدولتين، هذا المجلس هو محاولة لبلورة أداة جديدة تتجاوز تعقيدات آليات العمل التقليدية التي تتطلب قواعد وإجراءات قد تستغرق بعض الوقت من أجل بلورة مواقف حاسمة تجاه المستجدات والأزمات الطارئة ريثما يتم تجهيز مشاركة مجتمعية وشعبية.

حداثة تجربة الانتخابات البلدية والنيابية:

شهدت بعض دول مجلس التعاون في عام 2014م، انتخابات بلدية في السعودية وقطر وعمان، وانتخابات نيابية في الإمارات في حين شهدت البحرين انتخابات نيابية وبلدية معًا فيما عدا الكويت، في حين تتيح الإمارات انتخاب نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي ذي الصلاحيات التشريعية.

نظرًا لكون تجربة الانتخابات جديدة على هذه الدول فهي تعول أن يؤدي تكرارها إلى خلق ثقافة ديمقراطية وأجواء مواتية لتطور تدريجي يمكن إحداثه في هذا الصدد.

شهدت السعودية انتخابات بلدية منذ عام 2004م، في مختلف مناطق السعودية وحاولت رفع نسبة الأعضاء المنتخبين إلى الثلثين في الدورة الثالثة عام 2015م، وكان الأهم في نظر المراقبين مشاركة المرأة للمرة الأولى انتخابًا وترشيحًا إضافة إلى خفض سن الناخبين، حيث يبلغ عدد المجالس في السعودية 285 مجلسًا بعدد مراكز انتخابية 1263 منها 424 مركزًا انتخابيًا مخصصًا للنساء، ووفقًا للنظام الجديد تعد المجالس البلدية ذات شخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري وتملك سلطة التقرير والمراقبة في حدود اختصاص البلدية المكاني، لكن يبقى مجلس الشورى حتى الآن خارج إطار العملية الانتخابية ولا يزال يتمتع بصفة استشارية غير ملزمة يبدو أن الدولة تنتظر نتائج الانتخابات البلدية حتى يمكن أن تطبقها على انتخاب أعضاء مجلس الشورى أي تعتبر الانتخابات البلدية بوابة لانتخابات أعضاء مجلس الشورى.

يركز المراقبون على الانتخابات في السعودية باعتبارها أكبر بلد خليجي فيما هناك تجارب انتخابية أعرق وبدأت في مرحلة متقدمة في قطر بدأت منذ عام 1998م، حيث أجرت خمس دورات انتخابية.

وسمح للمرأة بالمشاركة في الانتخابات في دولة الإمارات بحقوق متساوية مع الرجل في عام 2006م، رغم ذلك فإن المجلس الوطني الإماراتي قائم على كل من التعيين والانتخاب مناصفة، أما في الكويت فهي أعرق الدول الخليجية فيما يتعلق بتجربة الانتخابات سواء البلدية أو النيابية فقد قرر أول قانون للانتخاب عام 1962م، وتجري في الكويت انتخابات دورية تشمل مجلس الأمة ذي الصلاحيات التشريعية لانتخاب 50 عضوا والمجلس البلدي بما لا يزيد على أربع سنوات بيد أنه لأمير الكويت الحق في حل المجلس قبل مدته والدعوة لانتخابات مبكرة.

ورغم عراقة الانتخابات في الكويت كان للمرأة الكويتية معركة تاريخية مع مجلس الأمة وصراع مستمر منذ سبعينات القرن الماضي انتهى عام 2005م، بتصويت المجلس بالأغلبية لمنح المرأة حق التصويت والترشح للانتخابات سواء البلدية أو النيابية لكنها لم تنجح دخول هذا المجلس إلا في عام 2009م، عبر 4 نسوة حصلن على مقاعد في مجلس الأمة.

 تأتي تجربة البحرين حديثة نسبيًا عام 1973م، حيث تم انتخاب ثلاثين عضوًا في المجلس الوطني في عملية اقتصرت على الذكور وأضيف إليهم 14 وزيرًا من الحكومة ليصل مجموع أعضاء المجلس إلى 44 عضوًا ما يعني أن دمقرطة المجتمع بحاجة إلى وقت طويل جدًا بسبب هيمنة القبيلة وتيارات المحافظين على عكس تيارات الإسلام السياسي التي استثمرت انتخابات الديمقراطية لصالحها للوصول للسلطة رغم أنها لا تؤمن بالديمقراطية كما في جبهة الإنقاذ في الجزائر وحماس في فلسطين وجماعة الإخوان في مصر بعد ثورة يناير عام 2013م، قبل أن يسقطها الشعب المصري بعدما فشلت في تطبيق الديمقراطية التي تؤمن بالتعددية والمساواة وهي تمثل مرحلة تشكل الوعي العربي.

 حيث يشمل المجلس الوطني في دولة البحرين مجلسين أحدهما مجلس النواب ويتكون من 40 عضوًا منتخبًا في دوائر ذات مقعد واحد لمدة أربع سنوات، والآخر مجلس الشورى ويتكون من 40 عضوًا يعينهم ملك البلاد بهدف إعطاء صوت للأقليات والخبراء والتكنوقراط في العملية التشريعية وفقًا للدستور، وقاطع عدد من الجمعيات السياسية لا سيما الشيعة والعلمانية انتخابات عام 2002م، وعادت للمشاركة عام 2006م، وكذلك الحال عام 2010م، وقاطعت الجمعيات الشيعية انتخابات عام 2014م،  التي تنافس عليها 266 مرشحًا على أربعين مقعدًا كان للمستقلين قسم وافر منها.

 وتعد عمان آخر الدول لحاقًا بركب الانتخابات إذ شهد عام 2012م، أول انتخابات بلدية في البلاد وأعلنت السلطات عن أن 546 ألف ناخب يحق لهم التوجه إلى صناديق الاقتراع الموزعة على 104 مراكز انتخابية في مختلف ولايات السلطة.

تأسيس مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في السعودية:

ولم تتوقف السعودية عند الانتخابات بل اتجهت نحو تأسيس مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في عام 2003م، بتوجيه من الملك فهد بن عبد العزيز ـ  رحمه الله ـ من أجل أن يعمل على نشر ثقافة الحوار وتعزيزها في المجتمع وأن يكون قناة موثوقة للتعبير المسؤول في مختلف القضايا الوطنية وفتح قنوات الحوار وإقامة جسور التواصل بين المواطنين وصاحب القرار من مختلف المؤسسات وفق آليات ووسائل فاعلة مبنية على الوسطية والاعتدال واحترام التعددية والتنوع لتعزيز الوحدة الوطنية بهدف مواجهة العصبية الدينية التي هي وليدة العصبية العشائرية وهي متوطنة اجتماعيًا.

وفي كل لقاء هناك عناوين مطروحة للنقاش التي بدأت بمناقشة الوحدة الوطنية والعلاقات والمواثيق الدولية عام 2003م، ثم مناقشة الغلو والاعتدال وحقوق المرأة وقضايا الشباب، ونحن والآخر، والتعليم، ومجالات العمل والتوظيف، والخدمات الصحية، والإعلام والتطرف وآثاره على الوحدة الوطنية.

من أجل أن تدار المؤسسات بصرامة الجدارة والنزاهة وبالتقويم المتواصل والمستمر إلى جانب أهمية المحاسبة، خصوصًا وأن دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية تعد نفسها للدور المحوري المتوقع منها في إعداد وتهيئة هذا الجيل الجديد، ورؤية المملكة 2030 والتحول الوطني 2020 تمتلك تصورًا لما يجب أن تكون عليه في السنوات المقبلة خصوصًا لاقتصادها وعلاقته بالمتغيرات التي طرأت على الاقتصاد العالمي، وهي تملك قاعدة المصالح المتبادلة والشراكات، حيث تملك برنامجًا لجعل الشباب السعودي العمود الفقري في معركة التنمية وتأهيل المجتمع ومؤسساته لمجابهة التحديات الجديدة.

واجهت منظومة دول مجلس التعاون تحديات غداة انتفاضات 2011م، التي حاولت بعد عقود من مواجهة الأنظمة القائمة أن تخوض غمار سياقات محلية وإقليمية وداخلية وعلى رغم أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر شهدت ظاهرة الصعود والسقوط المذهلة إلا أن تجربتها لم تتطابق مع تجارب أحزاب إسلامية أخرى كانت أكثر نجاحا في التأقلم، إذ أن هذه الأحزاب أصلحت ورممت هيكليتها وأيدولوجيتها واستراتيجيتها بطريقة أربكت وناقضت التوقعات عن أفكارها وسلوكياتها.

هذه الاستهلالات سرعان ما ارتكست لجماعة الإخوان المسلمين فحزب النهضة التونسي تنحى عن السلطة في يناير 2014م، في خضم اضطرابات سياسية، وإسلاميو ليبيا أبلوا بلاء سيئًا في الانتخابات التشريعية التي جرت في يونيو 2014م، والأكثر مدعاة للذهول أطاح الجيش المصري بدعم ثورة شعبية بمحمد مرسي أحد قيادي جماعة الإخوان الذي انتخب رئيسا عام 2012م.

هذه الارتكاسات لم تقوض المكاسب السياسية قصيرة العمر التي حققتها الأحزاب الإسلامية فحسب بل عرقلت كذلك الاستراتيجيات التدرجية التي حيكت بتأن ودراية مما فرضت متطلبات جديدة على هذه الحركات، فالمناورات المتسرعة والجانحة حلت محل الاستراتيجيات السياسية الحذرة بعيدة المدى، حتى انبرى الإسلاميون لاقتناص الفرص الجديدة والرد على تحديات مستجدة وهي تخوض غمار بيئة مجهولة المعالم، وبدأت تعاني من متاعب تنظيمية وتنافسات إقليمية وعداء دولي والتنافس داخل الصفوف الإسلامية.

هناك تقاطع بين تركيا وقطر بالوقوف مع جماعة الإخوان المسلمين وبدأت دول الخليج ومصر بمكاشفة مع دولة قطر لأن تركيا تقع استراتيجيا في أوربا وآسيا ما فتئت تزيد من تعاونها تدريجيًا من أجل أن تصبح القوة الرئيسية التي لا يمكن الاستغناء عنها في الشرق الأوسط الكبير والعالم الإسلامي، فيما أساسيات قطر مختلفة إلى جانب حماية سيادتها كما تعتقد أنها تحتاج إلى تركيا بديلا عن اعتمادها في أمنها على السعودية.

وترى قطر بهذا التحالف تحقيق مشاريعها الجيوسياسية الكبرى من أجل اعتبارها لاعبًا دوليًا هامًا ولكن سياساتها تتعارض مع حلفائها لذلك هي تدعم جماعة الإخوان المسلمين وهي تعتبرها وسيلة للتأثير على نفوذ قطر دوليًا والتنافس مع اللاعبين الإقليميين الأخرى.

ومنذ أن حلت جماعة الإخوان طوعيًا عام 1999م، غادر عدد من القادة إلى تركيا الذين يبحثون عن الأمان كذلك في قطر، فيما تريد تركيا تشكيل حكومة من الإخوان في سوريا أقل عدائية من حكومة الأسد لأنقرة وتكون امتدادا لحزب العدالة والتنمية، لكن تواجه تحديات نتيجة للدعم الروسي والإيراني المقدم للأسد بعد تعدد المشاريع في سوريا.

وتتقاسم قطر وتركيا عدة تهديدات إقليمية مماثلة في دعم المنظمات الإقليمية نفسها ورعاية نفس الجهات الفاعلة في سوريا وليبيا ومصر، كما أن القاعدة التركية في قطر يتحول وجودها من لاعب عسكري إقليمي إلى القوة العسكرية الإقليمية في الشرق الأوسط الكبير وهو ما يعطي لقطر خيارات بدلا من الاعتماد على أمنها على السعودية.

مجلة ذي أيكونوميست قالت إنه على مدى العقد الماضي كانت قطر تدعم جماعة الإخوان المسلمين بشكل سخي على الدوام بما في ذلك قروض مالية ودعم دبلوماسي ومصدر إعلامي قوي ليس فقط للتنظيم الأم الذي أسس في مصر عام 1928م، بل لمجموعة من الجماعات الإسلامية التابعة والمماثلة لها في الميول والتفكير في مختلف أنحاء المنطقة.

حيث مال قادة قطر أيديولوجيًا نحو الإسلام السياسي المحافظ لجماعة الإخوان المسلمين وانتشارها الملموس كقوة مضاعفة لطموحاتهم وراهنوا على الإسلام السياسي الإخواني باعتباره الموجة السياسية للمستقبل العربي لأن الغرب كان يرى في الإخوان المسلمين وجها متسامحًا محتملا للإسلام بإمكانه أن يمتص الأطراف التي تميل للإرهاب بينما رأت الحكومات العربية تهديدًا قاتلا لها مثل دولة مصر فيما يعتبر الخليج أن الإخوان المسلمين هم بوابة وجهة تجنيد لكل أنواع التطرف لذلك انضمت السعودية ودولة الإمارات لمصر في قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها جماعة إرهابية.

إعلان الرياض كانت بمثابة نقطة تحول في السياق الإقليمي لا يمكن تحمل الازدواجية من قبل قطر:

منذ أن انقلب حمد بن خليفة على والده في عام 1995م، وحاول الخروج عن الأخ الأكبر في المنطقة وأراد أن يلعب دورًا يفوق حجم دولة قطر الطبيعي ما جعله يرهن قرار الدولة للخارج وتحولت دولة قطر رأس حربة ضد منظومة دول الخليج بل وضد الدول العربية ورث هذا الصلف السياسي تميم ولكنه استمر في نفس النهج.

عانت الدول العربية مما يسمى بثورات الربيع العربي التي تحولت إلى دمار عربي وأنتج دول فاشلة وبدأت المليشيات التي تحارب تفرخ الإرهاب الذي بدأ يضرب المنطقة والعالم.

 اتجهت السعودية نحو تأسيس مركز مكافحة الفكر المتطرف، ولكن بعد زيارة ترامب أنشأت مركز اعتدال لمكافحة الإرهاب عالميًا ولا يمكن أن تقبل ارتكاب الازدواجية من أي دولة حتى لو كانت دولة خليجية خصوصًا بعد إعلان الرياض الذي يحشد لأول مرة كإعلان لربيع اعتدال جديد ينقض ما سمي في عام 2011م، بالربيع العربي الذي قوض استقرار الدول بسبب صعود مليشيات أحدثت تصدعات إقليمية ساهمت في تدخلات مليشيات شيعية تابعة لإيران بشكل غير مسبوق.

منذ إعلان الرياض تغير ميزان القوى دون إدراك واع من دولة قطر ولم تستوعب التغيرات الجيوسياسية العالمية خصوصًا وأن ملف الإرهاب فتح ملفات الإسلام السياسي في أوربا والولايات المتحدة ألقت بظلالها على حجم المسؤولية الكبيرة على السعودية ومن هنا نفهم تصريح الرئيس الأمريكي المباشر في قمة الرياض العربية الإسلامية أمام قادة ومسؤولين من 55 دولة ( لا يمكن تحقيق مستقبل أفضل إلا إذا قامت دولكم بطرد الإرهابيين والمتطرفين أطردوهم ).

يبدو أن الإدارة القطرية كانت قراءتها لحجم التغيير الدولي بعد انتخاب ترامب بأن هناك عهد جديد، فيما كانت تصورات الإدارة القطرية بأنها لا تخرج عن نصائح أو ضغوط سياسية خصوصًا وأنها تعتقد أن وجود القاعدة الأمريكية على أراضيها تحميها من أي استهداف، وهي تنظر إلى حجمها من خلال وجود القاعدة الأمريكية على أراضيها، ولم تتوقع أن تصل الأمور إلى مقاطعة كاملة مع سبع دول عربية.

تعول دولة قطر كثيرًا على الإدارة الأمريكية، لكن قطر لم تكن تستوعب خطاب ترامب في الرياض حينما طلب من الدول الإسلامية التحرك بشكل حاسم ضد التطرف الديني، حيث تعتبر الإدارة الأمريكية بعد قطع الدول العربية علاقاتها مع قطر بأن تصرفات قطر تثير القلق لدى الدول المجاورة والولايات المتحدة.

 لكن كان ترامب أكثر وضوحًا عندما أيد عزل قطر وقال إن دول الخليج قالت أنها ستعتمد نهجًا حازمًا ضد تمويل التطرف وكل الدلائل تشير إلى قطر وأضاف قد يكون ذلك بداية نهاية رعب الإرهاب، وكتب ترامب أنه خلال زيارته الشرق الأوسط أنه قال يجب وقف تمويل الأيديولوجية المتطرفة والقادة أشاروا إلى قطر وعلق على ذلك أنظروا حيث تتعارض تصريحات الرئيس مع اللهجة التصالحية التي تبناها وزير الخارجية ريكس تيلرسون عندما دعا دول الخليج إلى البقاء متحدة وإلى أن تجري حوارًا لبحث هذه الخلافات.

أي أن موقف الإدارة الأمريكية والكونغرس فيما يتعلق بالسياسة الأمريكية بشكل عام يجري له الانتباه عندما تنتقد قطر إدارة ترامب ما يعتبر تدخل في الشأن الداخلي، ومن جانب آخر عندما يقود ترامب حملة لعزل إيران في حضور 55 دولة عربية وإسلامية فيما تتحدث قطر عن انفتاح على إيران يتعارض مع أمن الولايات المتحدة.

وفي الحسبان الأمريكي فيما يتعلق بالكتلة العربية تعتبر أن دعم قطر للإخوان المسلمين من الخليج إلى ليبيا في مصر وتونس واليمن وفي دول الخليج بجانب الهجوم السياسي الذي تنتهجه قطر عبر النافذة الإعلامية التي أوجدتها الجزيرة منذ عام 1996م، بأن تتهجم على الإدارات العربية وخصوصًا التهجم على الإدارة المصرية.

وللكونغرس رأي خاص في دعم الإدارة الأمريكية وحتى قبل هذه الأزمة الحالية وكذلك قبل زيارة ترامب للرياض كان متضجر من العلاقة بين قطر والإخوان المسلمين، لكن الجديد في العلاقة الآن مع إيران والتي تتناقض مع التوجه الجديد للإدارة الأمريكية الجديدة.

الإدارة الأمريكية تسير وفق خطوات دبلوماسية وليس هي وفق تعديل بقدر ما هي تطوير لتلك العلاقات، لكنهم يتساءلون دائما ماذا عن التنظيمات التي تدعمها دولة قطر، وماذا عن علاقتها مع إيران، وبدأوا يعبرون عن قلقهم من الدعم المالي لتلك التنظيمات.

 وتدرس الإدارة الأمريكية هذه الملفات، وإذا ما غيرت قطر هذه السياسات لما يجب أن يكون عليه العهد الجديد، لكن يبدو أن دولة قطر لم تستجب لمتغيرات العهد الجديد بل فضلت التصعيد، مما فرض على السعودية وبقية الدولة المتضامنة معها وفي الوقت نفسه المتضررة قطعت تلك العلاقات، ولا يمكن أن تستمر السعودية في مرحلة الاحتواء وهي تتولى قيادة محاربة الإرهاب العالمي وشكلت من أجله تحالفًا عربيًا وجيشًا إسلاميًا، والآن تم تشكيل ناتو عربي إسلامي يتكون من 34 ألف جندي استعدادًا للتدخل ولمقاتلة الإرهاب.

السعودية لا تريد تحجيم دور قطر بل على العكس هي دولة خليجية، لكن قطع العلاقات يجعل قطر تدرك حجمها الحقيقي في إطار الجغرافيا السياسية، بعدما جردت السعودية منها قطر غير الطبيعية وغير الحقيقية والتي تريد أن تبني لها امبراطورية ضد جيرانها أو على حساب جيرانها، وتوهمت قطر أن دول الجوار لا تستطيع مواجهتها بعدما ظنت أنها بنت علاقات هلامية تحميها من أي استهداف يمكنها من استمرار استهداف أمن الشعوب العربية مستغلة من مواصلة ما يسمى بثورات الربيع العربي خصوصًا وأن إدارة أوباما كما غضت الطرف عن النفوذ والتمدد الإيراني كذلك أعطت دولة قطر دورًا ولكن من دون حماية.

لذلك من يتنبه إلى بيان وكالة الأنباء السعودية بأن الرياض قررت قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر من أجل حماية أمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف، واتهمت قطر بأنها تمارس انتهاكات جسيمة تمارسها سرًا وعلنًا طوال السنوات الماضية بهدف شق الصف الداخلي السعودي.

 كما يتهم البيان قطر بالتحريض للخروج على الدولة والمساس بسيادتها واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة منها جماعة الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها بشكل دائم، والأخطر أن اتهمت بدعم نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في محافظة القطيف وفي البحرين وبتمويل وتبني وإيواء المتطرفين الذين يسعون لضرب استقرار ووحدة الوطن في الداخل والخارج.

ونفس التهم التي وجهتها السعودية لدولة قطر وجهتها الدول التي قطعت علاقاتها معها وليس فقط تضامنا مع السعودية كما يعتقد البعض وإنما دول كانت متضررة من دولة قطر خصوصًا البحرين ودولة الإمارات ومصر واليمن وليبيا.

لم تحسب قطر المخاطر عندما ترتد السياسات بقوة خصوصًا وأن عام 2014م، شهد سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين فقط دون غلق الأجواء، لكن الإجراءات الصارمة التي اتخذت ضد قطر ستكون لديها تداعيات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وتتأثر خصوصًا النقل الجوي وحتى النقل البحري لأن قطر لديها حدود مع البحرين والإمارات ما عدا الجهة الشمالية تبقى كمتنفس وحيد، كما تتأثر قطر عند استضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022م، إذا استمرت على مواقفها ولن تعوضها الموانئ الإيرانية التي عرضتها إيران على قطر استغلالا للأزمة الخليجية العربية.

وستكون قطر المعزولة اليوم مجبرة بفعل الضغط المسلط عليها على أكثر من جهة وأكثر من صعيد على التخلي ولو مؤقتا على مواصلة دعم المليشيات الجهادية التي تهدد أمن مصر في ليبيا وفي سوريا.

وفي خضم هذا الارتباك التي باتت عليها الدوحة وأمام الضغوط التي تحتم عليها البحث عن مخرج وأن تستجيب لمطالب أمير الكويت بتصحيح المسار وتقديم ضمانات للدول المتضررة منها ووقف لعب دور الممول للجماعات الإرهابية في هذه الفترة حتى لا تزيد من تعميق عزلتها لحماية ما تبقى من ماء الوجه.

بهذا تكون الدوحة قد خسرت الرهان على جماعة الإخوان المسلمين سواء كان في ليبيا أو في سوريا أو في اليمن وخصوصًا في مصر ودولة الإمارات كما خسرته جماعة الإخوان المسلمين سابقًا في مصر، ولكنها تفقده هذه المرة بعواقب أكبر وخسارات أشد في ظل الصورة القاتمة التي باتت تصنف دولة قطر كراعي استراتيجي للإرهاب بعد أن كانت مجرد اتهامات تنفيها في كل مرة، وبعد ضربات الجيش المصري للمليشيات التابعة لدولة قطر في ليبيا تكبدت المليشيات التابعة لها في أكثر من جبهة سواء في العاصمة طرابلس أو في الجنوب أو في وسط البلاد وشرقها.

 وأعلن تنظيم أنصار الشريعة في ليبيا حل نفسه، في المقابل حقق جيش حفتر في تحقيق مكاسب كبيرة على الأرض وسيطر على قاعدة الجفرة العسكرية الاستراتيجية بعد انسحاب فصائل منافسة في خطوة تعزز سيطرته على وسط البلاد واسترداد قاعدة تمنهت العسكرية جنوب مدينة سبها بعد دحر مليشيات انسحبت باتجاه مصراتة، التي تشكل أحد مفاتيح السيطرة على الجنوب، وتفتح أفق تقدمه باتجاه العاصمة، من شانها أن تحسر حضور المليشيات التابعة للإخوان التي تلقت صفعة كبيرة بسبب الضغوط الكبيرة على دولة قطر الجهة الممولة لهم.

ورغم مشاركة قطر في قوات التحالف إلا أن قطر لم تتخل عن دعم الإخوان في اليمن وحتى في سياق كونهم يقفون في الصف المعادي للقوات التي تنخرط في المعارك باعتبارهم جزءا من الأدوات المهمة للسياسة الخارجية لهذا البلد.

يبدو أن سياسات دولة قطر ارتدت عليها بالشكل الذي لا يبدو أنها انتظرته، وسيضعها تحت مجهر المراقبة، ومن مصلحة مجلس التعاون الخليجي تصحيح مسار دولة قطر وعليها أن تعي جيدًا أن العودة لهذا المسار السابق يعني الغرق أكثر ويعني مزيدًا من الخسائر، في المقابل فإن الإخوان في المنطقة مدعوين للبحث عن مضخات تمويل جديدة لأنه من غير المجدي لقطر أن تواصل في الوقت الراهن تمويل هذه الجماعات ولن تجد جهات أخرى تمولها مما يفرض عليها مراجعة أيديولوجياتها التنظيرية والحركية متزامنا مع تهيئة خلق مؤسسات المجتمع المدني التي ينتج عنها تمثيل شعبي على كافة المستويات تشارك في صنع القرار الداخلي والخارجي

مقالات لنفس الكاتب