; logged out
الرئيسية / "الربيع العربي" شجع سلطة الاحتلال على الانفراد بأهل الأقصى انتفاضة القدس: غياب الأحزاب والفصائل وحضور الجماهير الفلسطينية

العدد 123

"الربيع العربي" شجع سلطة الاحتلال على الانفراد بأهل الأقصى انتفاضة القدس: غياب الأحزاب والفصائل وحضور الجماهير الفلسطينية

الأربعاء، 20 أيلول/سبتمبر 2017

في هبة الأقصى ثمة شيء ثابت واحد وأكيد، بين كل هذه المتغيرات والظواهر اللاهبة وهو: الفلسطينيون في غالبهم لا تُحركهم الأحزاب ولا الفصائل. فقد لوحظ أن الشبان المنتفضين في بيت المقدس، قد قرروا أن يعولوا على أنفسهم فقط، فيأخذوا زمام المبادرة، ويقفوا موحدين عند أبواب الأقصى الخمسة عشر.

والحق أن الهبة الشعبية المقدسية المتصاعدة، قد استطاعت أن تلم الشمل الفلسطيني على المستوى الشعبي، بعيدًا عن مهاترات المنقسمين. حيث شملت الفعاليات الكل الفلسطيني مسلمين ومسيحيين. وهكذا تجسدت الوحدة الوطنية الفلسطينية ـ شعبيًا ـ بأبهى صورها، على أيدي شبان مقدسيين، أخذوا على عاتقهم إنشاء قيادة ميدانية لا حزبية، تنسق الفعاليات الشعبية ضد الاحتلال. حيث لوحظ أن العديد من الشبان المسيحيين كانوا يصلون، مع إخوانهم المسلمين، أمام البوابات. وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بصور الكثيرين، من هؤلاء الذين يصلون صلاة المسلمين وعلى صدورهم تبدو أيقونة الصليب.

إضافة إلى ذلك يجدر بنا القول بأن المسلمين (المصلين) لم يكونوا وحدهم الذين هبوا للصلاة أمام البوابات الإلكترونية، رفضًا لدخولها، بل إن كثيرًا من الذين لم يكونوا مواظبين على الصلاة في الأيام العادية، وجدوا أنفسهم يصلون ثمة، في صلوات جامعة ضد الاحتلال.

لقد بدا واضحًا للفلسطينيين أن ما يسمى بـ «الربيع العربي» قد شجع سلطة الاحتلال على الانفراد بأهل الأقصى: فلأول مرة منذ احتلال يونيو 1967م، تجرؤ السلطة الصهيونية على إغلاق المسجد الأقصى، ومنع إقامة صلاة الجمعة فيه، مستغلة الوضع والانشغال العربي بالفتن الداخلية في بلاد الطوق.

ففي يوم الجمعة 14/7/2017م، أغلقت سلطات الاحتلال الصهيوني المسجد الأقصى، ومنعت المصلين من دخوله. واستمر الإغلاق يومين متتاليين، قبل أن يعاد فتح المسجد للصلاة مرة أخرى يوم الأحد، ليفاجأ المقدسيون ورواد المسجد الأقصى بالبوابات الالكترونية تقف على المداخل والبوابات، بذريعة حفظ الأمن، ومنع العمليات الاستشهادية، قبل وقوعها.

أما المقدسيون فلم تقنعهم هذه الذريعة، خصوصًا وهم يتابعون المحاولات الإسرائيلية العديدة لتغيير قوانين اللعبة في الأقصى، بما يحقق للصهاينة تقاسم المسجد مع المسلمين، كمرحلة أولى تمهيدًا لما بعدها من هدم المسجد، وبناء الهيكل على أنقاضه.

والحق أن إسرائيل رغبت بالفعل في استغلال عملية الفدائيين الثلاثة، لفرض قوانين تعامل، تشبه تلك التي سبق أن تم فرضها في الحرم الإبراهيمي بالخليل، عام 1994م، فكان هذا الإجراء الجديد، في القدس، انقلابًا دراماتيكيًا عنيفًا، يحاول إعادة العجلة إلى الوراء، أكثر من خمسين سنة، حين تنازلت إسرائيل عام 1967م، عن رغبتها في تغيير الواقع، داخل أسوار المسجد الأقصى.

مراجعة تاريخية:

لقد حدث أن احتُلت القدس عام 1967م. كما حدث أن دخل موشي ديان، وزير الحرب الصهيوني آنذاك، على رأس قواته المسجد الأقصى، يوم 6/6/1967م، حيث رفع بعض جنوده العلم الإسرائيلي فوق قبة الصخرة، فيما توجه آخرون إلى ممر بجانب حائط البراق، فنفخوا في البوق التلمودي. كما حدث خلال أربعة أيام أخرى أن تم تدمير حي المغارية، جنوبي المسجد الأقصى، وتحويله إلى ساحة صلاة يهودية كبيرة، تحت اسم «حائط المبكى».

لقد حدث كل هذا في شهر يونيو 1967م. وقد نشر الجيش الإسرائيلي، بعد الحرب بسنوات، سجلاته اليومية التي رصدت جلسة نقاش عقدتها القيادة العسكرية الإسرائيلية، في نفس اليوم، أمر فيها وزير الحرب الصهيوني موشي ديان، باقتحام مدينة القدس دون الدخول إلى المسجد الأقصى. لكننا كنا قد رأيناه قد دخل مع جنوده، قبل أن يخرج تطبيقًا لقراره، أو ربما لدوافع أخرى(1).

ولأن القانون الدولي لا يعترف بما نتج عن احتلال الأراضي بالقوة، ولأنه اعتبر أن الحق الحصري للإشراف على المقدسات الدينية، في هذه الأراضي، مكفول لآخر سلطةٍ محليةٍ كانت تشرف عليها قبل احتلاله؛ فقد تنازلت دولة الاحتلال مؤقتًا عن السيطرة الدينية على الأقصى، وواصلت دائرة أوقاف القدس ـ التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية في الأردن ـ الإشراف الرسمي على المسجد الأقصى وأوقاف القدس، وظلت صاحب الحق الحصري في إدارتها ورعايتها وإعمارها وتدبير كل شؤونها. وقد عززت اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة عام 1994م، المعروفة بـ «اتفاقية وادي عربة» هذا الواقع، وظلت دائرة الأوقاف الجهة الحصرية المخولة بالإشراف على الأقصى وأبوابه ومفاتيحه الأربعة عشر، باستثناء باب المغاربة، الذي واصل الاحتلال اعتباره حائط المبكى والبقية الباقية من هيكل سليمان البائد(2).

من هنا، فرغم أن اقتحام الجنود الصهاينة للمسجد قد تم في الأيام الأولى للحرب، كما ذكرنا، إلا أن إسرائيل اختارت، كما رأينا، بأن تكتفي بالسيطرة السياسية على المسجد، فأنزلت علمها من فوق قبة الصخرة ـ وقد قيل يومها إن ذلك قد حدث استجابة لطلب تركيا، التي كانت في تلك الأيام حليفة لإسرائيل(3).

كان هذا هو الوضع القائم في القدس بعد احتلالها، إلى حين صعود اليمين الإسرائيلي، ووصوله إلى سدة السلطة في الدولة اليهودية، إذ بدأنا نرى الجماعات اليهودية المتطرفة تنال تشجيعًا واضحًا من الحكومات اليمينية المتعاقبة، على اقتحام الأقصى، لتصلي فوق ما تراه جبل الهيكل(4)، وهو ذلك الجزء من ساحة الأقصى، الذي بنى الأمويون فوقه مسجد قبة الصخرة، الذي يرى المتطرفون اليهود أنه يقوم فوق أنقاض هيكل سليمان، ويطمعون في إزالته، لإعادة بناء الهيكل للمرة الثالثة.

الأحداث:

لكن قبل كل ذلك دعونا نعد إلى بداية الحدث، الذي تفجر صباح يوم الجمعة 14/7/2017م، حين شن ثلاثة شبان من أم الفحم، هم: محمد أحمد محمد جبارين (29 عامًا)، ومحمد حامد عبد اللطيف جبارين (19 عاما) ومحمد أحمد مفضل جبارين (19 عامًا) هجومًا مسلحًا على عناصر الشرطة الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى، فقُتل اثنان من عناصر الشرطة، وأُصيب شرطي ثالث بجروح، فيما استُشهد الفدائيون الثلاثة. ولقد تبين فيما بعد أن الهجوم كان مخططاً له بعناية، ويحمل طابع العمليات الاستشهادية، إذ كان الفدائي محمد حامد جبارين، قد أرفق صورة له في المسجد الأقصى، تجمعه مع ابن عمه محمد أحمد جبارين، بالجملة الآتية: «وابتسامة الغد أجمل بإذن الله». أما في أم الفحم، بعد العملية واستشهاد الأبناء، فقد توافدت حشود الشعب الفلسطيني في الدولة اليهودية على خيمة عزاء الشهداء، تعلن تعاطفها ودعمها لعائلة جبارين"(5).

وعلى عادة الدولة الصهيونية في استغلال كل حدث لتنفيذ مخططاتها، انتهزت سلطة الاحتلال العملية الفدائية، لتعلن عن إجراءات جديدة في المسجد الأقصى، تعيد تغيير قوانين اللعبة من جديد، وتفرض واقعًا مختلفًا، بنشر البوابات الإلكترونية والكاميرات الذكية في ساحات الأقصى، لمراقبة كل داخل وخارج، لا لغرض أمني، بل لاتخاذ ذلك ذريعة لمنع الناس من الصلاة في الأقصى، تمهيدًا لتقاسم العبادة هناك بين المسلمين واليهود.

تلكم هي الخطوة الأولى، التي ستتبعها خطوات أخرى، في وقت لاحق وفي فرصة قادمة، لتحويل الأقصى إلى معبد يهودي، يمهد لبناء الهيكل الثالث. هكذا فهم الفلسطينيون الخطوة الإسرائيلية. وهكذا فهمتها القيادة الفلسطينية. وبناء على ذلك فقد هب أهل القدس ليدافعوا عن القدس، واجتمعت القيادة الفلسطينية، وأصدر الرئيس الفلسطيني بيانه، الذي لم يكن يتوقعه الكثيرون، واحتوى على النقاط الآتية:

1ـ القدس هي العاصمة الأبدية للشعب الفلسطيني، وله السيادة عليها، وعلى مقدساتها، وسيبقى يحميها ويعمل من أجل تحريرها، وبقية الأرض التي احتلت عام 1967م.

2ـ رفض كل إجراءات الاحتلال الرامية لتهويد الأقصى ومدينة القدس الشريف.

3ـ إجراء الاتصالات مع القادة في العالمين العربي والإسلامي، والأمم المتحدة ـ ومطالبتهم بتحمل مسؤولياتهم في هذا الشأن.

4ـ تجميد كافة الاتصالات ـ بما فيها التنسيق الأمني ـ مع إسرائيل، حتى إلغاء إجراءاتها في القدس.

5ـ رفض البوابات الالكترونية، باعتبارها إجراءات سياسية مغلفة بغلاف أمني وهمي، تهدف إلى تقسيم المسجد الأقصى، زمانيًا ومكانيًا.

6ـ تخصيص مبلغ خمسة وعشرين مليون دولار أخرى، لدعم أهل القدس في صمودهم وهبتهم.

7ـ دعوة رجال الأعمال الفلسطينيين، والمؤسسات الوطنية، والصناديق العربية والإسلامية، ذات العلاقة بالقدس لتوحيد جهودها في دعم هبة أهل القدس.

8ـ دعوة جميع العاملين في المؤسسات الحكومية والعامة والخاصة، للتبرع بأجر يوم عمل من أجل القدس.

9ـ توجيه النداء لجميع القوى والفصائل ـ وخاصة حركة حماس ـ من أجل الارتقاء فوق الخلافات، للوحدة حول القدس، والاستجابة لنداء الأقصى.

10ـ مطالبة الأمم المتحدة بتوفير الحماية الدولية اللازمة، للفلسطينيين أرضًا وشعبًا ومقدسات، إلى حين إنهاء الاحتلال(6).

وهكذا بدأ أهل المسجد الأقصى يدافعون عن المسجد الأقصى، وقد شد في عضدهم وزادهم قوة ما أعلنه الرئيس من دعم مادي ومعنوي لنضالهم، إلى الحد الذي حدا بوسائل الإعلام الإسرائيلية إلى اعتبار الرئيس الفلسطيني "يقود انتفاضة شعبية ضد إسرائيل". إذ كتب موقع الصحيفة الإسرائيلية «يديعوت أحرنوت» مساء يوم 26/7/2017م، أن "الرئيس الفلسطيني أصبح والمتظاهرين في خط واحد، وأن رسالته مساء اليوم كانت واضحة". كما نقل راديو الجيش الإسرائيلي ـ في نفس اليوم ـ عن مصادر أمنية إسرائيلية، قولها بأن الرئيس عباس قال "للمشاغبين: «واصلوا التمرد والانتفاضة والقتال، وأنا معكم، ولن أتراجع عن تجميد التنسيق الأمني». وكل هذا من فعل الرئيس الفلسطيني ـ كان في نظر الإسرائيليين ـ يهدد باشتعال انتفاضة شاملة في الأراضي الفلسطينية"(7).

هذا وقد استشهدت الصحف الإسرائيلية على اتهامها للرئيس بدعم هبة أهل الأقصى، بما حدث عشية خطاب الرئيس آنف الذكر. إذ دعا سكان القدس العالم الإسلامي إلى ما سموه يومها بـ «جمعة الغضب من أجل الأقصى» فالتحم الفلسطينيون، في اليوم التالي بجنود الاحتلال، وسقط منهم الشهداء المحمدون الثلاثة: محمد شرف، ومحمد لافي، ومحمد غنّام، وجرح المئات. وهاجم الشاب الفلسطيني من قرية كوبر «عمر العبد» ـ ذي التسعة عشر ربيعًا ـ ثلاثة صهاينة من مستوطنة حلميش، فقتلهم طعنًا بالسكين. وتواصلت الهبة(8).

وظلت البوابات الإلكترونية واقفة يصلي أمامها رجال القدس ونساؤها وأطفالها، دون أن يتجاوزوها، في حركة احتجاج سلمية واسعة، تعززها فتاوى رجال الدين الذين أعلنوا حرمة دخول الأقصى من هذه البوابات. ورغم ذلك فقد واصل جنود الاحتلال التحرش بالمتظاهرين السلميين، وإشعال غضبهم، بما ينتج عنه من تحدٍ وطعن وعمليات إطلاق نار، ضد جنود الدولة اليهودية.

لقد كان لافتًا في هذه الانتفاضة المقدسية أن الأحزاب والفصائل الفلسطينية كانت بعيدة عنها، بقدر اقتراب الرئيس والقيادة الفلسطينية منها. فخلافًا لكل الانتفاضات السابقة، لم يجرؤ فصيل فلسطيني على الادعاء بأنه يقف وراء الهبة. وعلى غير العادة كذلك، لم يسارع فصيل فلسطيني واحد إلى تبني أي من العمليات الفدائية المذكورة.

دور الفصائل:

أولاً: فتح وحماس التنظيمان الكبيران:

لقد فوجئت الفصائل والأحزاب بما أقعدها عن الفعل، بقوة ما فوجئت بقوة الفعل لدى القيادة الفلسطينية، وقد ظلت طوال السنوات السابقة تتهمها بالتقاعس عن نصرة الأقصى، وتعيرها بالتنسيق الأمني، وتطالبها بنبذه. فلما نبذته القيادة، أعجز ذلك الفصائل عن الفعل وألجمها عن القول، سوى المهاترات التضليلية.

فأما فتح فقد اعتبرت أن خطاب الرئيس الداعم للهبة الجماهيرية، إشارة لها للنزول إلى الشارع، وقيادة الجماهير. والحقيقة أنه لا يمكن رصد تحرك فتحاوي مستقل في هذا الاتجاه، حيث اندمج الجمهور في المواجهات، واعتبرت فتح نفسها كالعادة هي هذا الجمهور، بما لا يمكن تمييزها فعليًا عن روح الهبة الشعبية غير المؤطرة.

لكن اللافت أن فتح بطبيعتها لا تحرص على التميز من بين الجماهير، مع ملاحظة أن غالبية كوادرها الميدانية كانوا وسط الجمهور في المواجهات، دون أن يرفعوا أي شارات فصائلية.

وأما حماس فلم تكتف برد يد الرئيس، لنبذ الخلاف واستغلال خطواته للتقارب معها، بحل اللجنة الإدارية محل الخلاف، والذهاب إلى انتخابات يقرر فيها الشعب إرادته؛ بل وجدت في كل ذلك مجرد طلب "انتهازي وغير منطقي" معتبرة أن "الرئيس عباس حاول عبر خطابه، التناغم مع الحالة الشعبية، الغاضبة من الإجراءات الإسرائيلية في القدس والأقصى"، دون إيضاح إن كان يقصد، بإعلانه إلغاء التنسيق الأمني ـ الذي تعرفه حماس ـ مع الاحتلال، أم مجرد الاتصالات السياسية غير المعلنة. ثم ختمت حماس رفضها للتعاون، بالهروب إلى الأمام، حين أعلنت بأن الرئيس لا يستطيع تنفيذ ما أعلنه، لأن التنسيق الأمني "خارج إرادة أبو مازن وسيطرته، باعتبار أنه يتعلق بأمر وظيفي للسلطة الفلسطينية، بموجب التزامات سياسية وأمنية فرضها اتفاق أوسلو"(9).

وبدلاً من التوحد حول الأقصى، ومكان المشاركة الفعالة في المواجهات، اكتفت حماس بإعلان مسيرات غضب شعبية، تقودها نحو السلك الحدودي مع إسرائيل، حيث لا يصل المتظاهرون إلى الجنود، فيقنصهم الجنود، تلبية لدعوات المساجد، دون أن يصيبوا من العدو أية إصابة، لبعد المسافة. الأمر الذي فسره الجميع، بأنه محاولة من حماس للظهور بالمشارك في الهبة، دون فعل حقيقي على الأرض.

ففي يوم الجمعة 9/8/2017م، دعت بعض القيادات الحمساوية في قطاع غزة المصلين للتظاهر بالقرب من السلك الحدودي شمال قطاع غزة، وطلبت منهم اصطحاب أطفالهم ليعلنوا للصهاينة أننا "لن نتنازل عن أي شبر من أرضنا، ولن نبقى مكتوفي الأيدي هنا في غزة"(10).

ولقد أثارت هذه الدعوة، في حينه لدى المواطنين، الكثير من الاستغراب، نظرًا لأن حماس تدعوهم إلى الموت المجاني، على حدود زعمت دومًا أنها قادرة هي على قصفها بالصواريخ القسامية، حين أعلن أحد قيادييها ـ قبل شهور ـ عن استعداده لتصدير الكثير منها، للجيوش العربية، الراغبة في محاربة الكيان الصهيوني، وتحرير الأقصى(11).

ثانيًا: حركة الجهاد الإسلامي:

لم تتكلم حركة الجهاد الإسلامي في هذا الصدد كثيرًا، كما لم تفعل الكثير، باستثناء دعوتها إلى إغلاق مساجد قطاع غزة، يوم الجمعة الموافق 21/7/2017م، وإلغاء كافة الصلوات في المساجد، والاكتفاء بالصلاة في العراء والساحات العامة، تضامنًا مع المسجد الأقصى(12).

ثالثًا: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين:

في يوم 23/7/2017م، أصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بيانها بمناسبة هبة القدس، الذي رأى في خطاب الرئيس محمود عباس "أفكارًا يمكن البناء عليها" على طريق توحيد طاقات الشعب الفلسطيني. ودعت حماس والسلطة إلى تجاوز خلافاتهما، وتنفيذ اتفاقات المصالحة بآليات وطنية. كما دعت إلى "تصعيد النضال والمقاومة ضد العدو الصهيوني وكل أشكال وجوده"(13).

الخلاصة:

لقد فشلت الفصائل والأحزاب الفلسطينية في أداء دور مميز في هبة الأقصى. وباستثناء أن الرئيس محمود عباس، كان المؤثر الأقوى في دعمها، والدعوة إليها، واستثمارها سياسيًا، بما يمكن فتح من ادعاء الفعاليات الشعبية المدعومة منه لنفسها، باعتبارها حزب الرئيس، لم يُلاحظ للفصائل ـ بصفتها فصائل ـ من وجود حقيقي في ساحات الفعاليات.

وكل هذا يدعونا إلى إعادة دراسة الموقف الرسمي الفلسطيني من جديد، خصوصًا وقد وجدت إسرائيل نفسها، أمام شخص قوي قادر على المواجهة والصراع الميداني، رغم كل ما يرفعه من شعارات سلامية، تستغلها الفصائل لإظهاره بصورة الشخص المتردد الضعيف.

لقد بدا الرئيس الفلسطيني في أقوى مواقفه، شعبيًا وإقليميًا ودوليًا، وبدت إسرائيل في أضعف مواقفها، مما اضطرها إلى التراجع ورفع البوابات. وبقي أن تراجع حماس والفصائل موقفها من الرئيس.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*باحث وأستاذ جامعي فلسطيني

 

 

 

 

الإحالات:

1ـ انظر: جريدة الوفد المصرية. السبت 6/6/2015

2ـ انظر: فلسطين سؤال وجواب. 17/8/2017. رابط:

  http://www.palqa.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AC%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D8%B5%D9%89/%D8%AD%D8%B3%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AC%D8%AF/

3ـ انظر: جريدة الوفد المصرية. السبت 6/6/2015

4ـ انظر: عبد الرحمن ابن خلدون. ديوان المبتدأ والخبر. ط2. ج1. دار الفكر. بيروت. 1988. ص440 ــ 441

5ـ انظر: عرب48. 14/7/2017. رابط:

http://www.arab48.com/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D9%80%D9%80%D9%80%D8%A7%D8%B1/%D8%A7%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%B9%D8%A7%D8%AC%D9%84%D8%A9/2017/07/14/%D8%B4%D9%87%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D8%B3-%D9%85%D9%86-%D8%A3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AD%D9%85

6ـ انظر: القدس (صحيفة مقدسية). عدد يوم 22/7/2017

7ـ انظر: نداء الوطن. 26/7/2017. رابط:

http://nwatan.ps/main-news/36646-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3-%D9%8A%D9%82%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B6%D8%A9-%D8%B4%D8%B9%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%B6%D8%AF-%D8%A7%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84.html

8ـ انظر: الأيام (صحيفة من رام الله). عدد يوم 22/7/2017

9ـ انظر: الرسالة (صحيفة حماس الرسمية، تصدر من غزة). عدد يوم 24/7/2017

10ـ انظر: فلسطين اليوم. 9/8/2017. رابط:

https://paltoday.ps/ar/post/299783/%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D9%81%D8%AA%D8%AD%D9%8A-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%AF-%D9%8A%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B6%D8%A8-%D9%82%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF

11ـ انظر: الصباح (صحيفة تصدر في رام الله). 12/12/2016

12ـ انظر: سما الإخبارية. 19/7/2017. رابط:

 http://samanews.ps/ar/post/308278/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%AA%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D9%84%D8%A5%D8%BA%D9%84%D8%A7%D9%82-%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%B9%D8%A9-%D8%AA%D8%B6%D8%A7%D9%85%D9%86%D8%A7-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D8%B5%D9%89

13ـ انظر: موقع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. 23/7/2017. رابط:

http://pflp.ps/ar/post/15624/%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D9%87%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D8%B3

مقالات لنفس الكاتب