; logged out
الرئيسية / الموقف العربي في الجامعة العربية ومجلس التعاون يرفض استفتاء الأكراد

العدد 124

الموقف العربي في الجامعة العربية ومجلس التعاون يرفض استفتاء الأكراد

السبت، 21 تشرين1/أكتوير 2017

      العراق في 25/9/2017 م. ومن خلال المراقبة الدقيقة إلى هذه الخطوة تلمس عمق الاستعداد والتخطيط منذ زمن بعيد إلى إنشاء دولة قومية في المناطق التي يعيش فيها أكراد العراق، أي أنها ليست وليدة الصدفة لمجرد خلاف مع الحكومة الاتحادية حول تطبيق بنود الدستور العراقي الجديد كما تسوق هذه الفكرة. ويبدو أن القيادات الكردية اختارت الوقت الصعب على الحكومة الاتحادية وهي تخوض أشرس حرب مع أخطر عدو إرهابي والمسمى بتنظيم الدولة الإسلامي واختصارًا ب (داعش) الذي احتل نحو30%من الأراضي العراقية في بداية النصف الثاني من عام 2014م، وما ترتب عليه من انسحاب الجيش العراقي من المحافظات المتواجد فيها (الموصل وصلاح الدين والرمادي) في الوقت الذي لم تتعرض إلى الاعتداء بشكل واضح مناطق كردستان العراق. وقد وفرت هذه الأجواء الفرصة المناسبة للزعامات الكردية من السيطرة على المزيد من الأراضي وضمها إلى أراضي الإقليم بحجة شمولها بما يسمى بالمناطق المتنازع عليها وفق المادة 140 من الدستور الجديد، ومن أهم تلك المناطق محافظة كركوك التي تضم نحو 17% من احتياطيات العراق النفطية المؤكدة والبالغة نحو 145،300 مليار برميل وبإنتاج كان يبلغ نحو مليون برميل /يوميًا ولكنه تراجع بعد عمليات التخريب المتعمد منذ عام 2006م، والسنوات اللاحقة.

       وواجهت خطوة الاستفتاء على الانفصال عن الجسد العراقي بالرفض القاطع من قبل الحكومة الاتحادية التي يقودها التحالف الوطني والتي تشكلت بدعم من التحالف الكردي اللذان يربطهما حلف يمتد عمره إلى خمسين عامًا، إلى جانب المواقف الدولية غير المؤيدة لهذه الخطوة على الأقل في توقيتها غير المناسب في ظل استمرار تهديدات (داعش)إلى جميع دول المنطقة وإلى مصالح الدول العظمى.

      وبالطبع إن أكثر المواقف المتشددة من الاستفتاء جاءت من قبل تركيا ومن ثم إيران التي ترى فيها تهديدًا مباشرًا إلى الأمن القومي لكل منهما على المدي المتوسط والبعيد، إذ من الممكن أن تحفز إنشاء الدولة الكردية في شمال العراق إلى مطالبات مماثلة محلية من الأقليات الكردية الكبيرة الحجم بالمقارنة مع حجم أكراد العراق، أما بالانضمام إلى هذه الدولة أو المطالبة بالمزيد من الحقوق القومية. وتأسيًا على ذلك مثل هذ الموقف الإقليمي غير العربي رأس النفيضة إلى وأد خطوة الاستفتاء والتأييد التام إلى قرارات الحكومة الاتحادية والبرلمان العراقي المطالبة في السيطرة على المطارات والمنافذ البرية على حدود العراق الشمالية والشرقية المتاخمة إلى إقليم كردستان العراق والتعاون في الكشف عن الإيرادات الناجمة من بيع النفط الخام العراقي من الحقول الشمالية التي تسيطر عليها حكومة الإقليم بالاتفاق مع الشركات النفطية الأجنبية التي بدأت في التنقيب والاستخراج والتصدير للنفط الخام بعد عام 2003م،  والتي يقدر حجمها بنحو 900 الف برميل /يوميًا وبضمنها نفط كركوك.

      ولعل من أبرز المسائل الخطيرة التي لابد من أخذها في الحسبان تلك المتمثلة في التداعيات الخطيرة على الأمة العربية برمتها والتي تعيش بعض دولها ظروفًا دقيقة وصعبة في كل من سوريا واليمن وليبيا والتي تتلخص في الحروب الطائفية نتيجة التدخلات الخارجية. وتأسيسًا على ذلك كان الموقف العربي الرسمي رافضًا لخطوة الاستفتاء ونتائجها بدءًا من موقف الجامعة العربية وانتهاءً بموقف دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام والموقف السعودي بشكل خاص، والذي طالما كانت تسعى إلى حفظ وحدة الأراضي العراقية ما بعد عام 2003 ومن باب المسؤولية التاريخية من جهة ومن الاحتمالات المؤكدة من انعكاس خطوة التقسيم على الأمن الداخلي لدولها ومواطنيها وتهديدًا إلى تجاربها التنموية الناجحة التي حققتها دول المجلس من جهة أخرى. ويمكن رصد تلك المواقف الإيجابية التي تشهدها العلاقات العراقية – الخليجية بدفع من القيادات الشابة والمتطلعة إلى مستقبل زاهر لدولها، من خلال الانفتاح الخليجي على جميع طوائف المجتمع العراقي والقيام بالزيارات المتبادلة من أجل فتح صفحة جديدة من التعاون في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية وتنسيق المواقف السياسية التي تهدد أمن العراق والمنطقة وفي مقدمتها دعم العراق في محاربة الإرهاب، وعليه نرى في مساعدة العراق الواحد الموحد في الأرض والشعب وهو يجتاز محنته بمساعدة أشقائه من دول المجلس بما يلي:

1-    الإسراع في تقديم المساعدات والمنح والقروض الميسرة لإعادة إعمار المدن العراقية التي تعرضت للتدمير من قبل قوى الإرهاب، بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني بما يضمن التنفيذ الدقيق للجهة المستفيدة والمتلقية.

2-    التخفيف وإلغاء الديون والتعويضات المترتبة على الشعب العراقي ما قبل عام 2003م، من أجل آفاق جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في العراق والتي شهدت تدني في مستوياتها منذ عام 1980م.

3-    تقديم النصح والدعم الاستشاري في بناء منظومة مجتمعية بما يضمن السلم الأهلي في العراق عبر الحوارات والتفاهم حول الحقوق والواجبات.

4-    استخدام الورقة الاقتصادية من قبل بعض دول مجلس التعاون التي تمتلك استثمارات في قطاع الطاقة في إقليم كردستان العراق في الضغط على السلطات المحلية بإلغاء نتائج الاستفتاء والتأكيد على وحدة العراق.

5-    التأكيد على وحدة العراق وعدم المساس بوحدة أراضيه في المحافل الإقليمية والدولية تحت أي ظروف يتعرض لها من الداخل أو الخارج.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 *أستاذ التنمية الدولية/ جامعة القادسية –كلية الإدارة والاقتصاد ـ جمهورية العراق

مقالات لنفس الكاتب