; logged out
الرئيسية / أوروبا لا تؤيد إخلاء الشرق الأوسط من النووي وبريطانيا رفضت المقترحات العربية

العدد 125

أوروبا لا تؤيد إخلاء الشرق الأوسط من النووي وبريطانيا رفضت المقترحات العربية

الخميس، 30 تشرين2/نوفمبر 2017

تعد أوروبا، باعتبارها قوة معيارية، مؤيدًا قويًا للاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية وغيرها من المعاهدات الخاصة بالحد من الأسلحة. ونظرًا لتاريخ القارة العجوز في الحروب، وتحديدًا الحرب العالمية الأولى والثانية خلال القرن العشرين، ونظرًا لكونها الخط الفاصل خلال الحرب الباردة والتي كانت تُهدد أوروبا بشكل خاص باعتبار أن أي تعامل نووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي سيكون على الأراضي الأوروبية، لذلك وضعت أوروبا قضية منع انتشار الأسلحة النووية على رأس أولوياتها. أما على الصعيد السياسي، فتُعتبر الدول الأوروبية من أكثر المؤيدين للمنظمات الدولية، والداعمين لاستمرار عملها المتعلق بمعاهدات الحد من الأسلحة. وعلى المستوى المحلي والمجتمعي، فقد تكفلت حركات السلام الأوروبية بتقديم الدعم الثابت للقضايا السلمية ونزع السلاح.

ونتيجة لمساعي أوروبا لتحقيق السلام والأمن، منحت لجنة جائزة نوبل الاتحاد الأوروبي عام 2012م، جائزة السلام نظرًا "لمساهمتها على مدار أكثر من 6 عقود في تشجيع السلام والمصالحة والديمقراطية وحقوق الإنسان في دول أوروبا. "[1] ولكن، وبالرغم من زعم أوروبا أنها بطلة كافة الجهود الساعية لعدم انتشار الأسلحة، إلا أن ثمة وجه آخر للعملة. فالدول الأوروبية تواصل إنفاق مبالغ طائلة على التسليح؛ إذ تعتبر أوروبا بائع نشط للمعدات العسكرية والأسلحة. وذكر معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، والذي يعتبر أحد المراكز الرائدة في مجال مراقبة التسلح والإنفاق العسكري، ونقل الأسلحة، أن الإنفاق العسكري في أوروبا بلغ 334 مليار دولار في 2016م، أي ما يعادل 20% من الإنفاق العسكري العالمي".[2] وتحتل فرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، وإسبانيا المراكز من الرابع إلى الثامن في قائمة كبار مصدري الأسلحة في جميع أنحاء العالم للفترة من 2012 إلى 2016م، والتي تُشكل 21.7% من عمليات نقل السلاح على مستوى العالم خلال هذه الفترة.[3] وبالنظر إلى وضع المملكة المتحدة وفرنسا، فلدينا في أوروبا دولتين تمتلكان أسلحة نووية، في حين يوجد لدى هولندا، وألمانيا، وبلجيكا، وإيطاليا قوات نووية على أراضيها. وباتخاذ ما ذكر سلفًا بعين الاعتبار، فإن الأمثلة المذكورة تشير إلى تباين واضح من حيث سجل عدم انتشار الأسلحة النووية في أوروبا.

وباعتبارها الإطار القانوني الدولي الأكثر شمولية الموجود حاليًا، تضم معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية 191دولة عضو موقعين عليها منذ التفاوض على المعاهدة، والاتفاق عليها في عام 1970م. ومن ثم، تعتبر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي داعم قوي للركائز الثلاثة لمعاهدة عدم الانتشار: منع انتشار الأسلحة النووية، وتعزيز التعاون من أجل الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية، وتحقيق هدف نزع السلاح النووي. وسيُركز هذا المقال على هذه الركائز الثلاث من أجل تحليل موقف الاتحاد الأوروبي، والتعرف على الإجراءات المتخذة من أجل دعم التقدم على الجبهات الثلاث.

أوروبا ومنع انتشار الأسلحة النووية: قالت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في تصريحات مؤخرًا إن معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية أكثر أهمية الآن من أي وقت مضي؛ وثمة إجماع على نطاق واسع أن هذه الاتفاقية قد منعت الانتشار النووي الهائل، وإلى الآن يقتصر الانتشار النووي عالميًا على الهند، وباكستان، وإسرائيل، وكوريا الشمالية. ولكن في الوقت نفسه، لم يتحقق أحد الأهداف الجوهرية من المعاهدة وهو المساهمة في نزع الأسلحة النووية والمنع النهائي لها. وفي هذا الصدد، يمكن القول بأن هذا الهدف الأخير في الواقع قد أتى بنتائج عكسية.  

فقد اعتمد المجلس الأوروبي، في اجتماعه المنعقد عام 2003م، إعلانًا حول عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل، بغية التصدي لخطر انتشارها، حيث نص البيان على الاستراتيجية التالية للتعامل مع أسلحة الدمار الشامل:

يُعرِض انتشار أسلحة الدمار الشامل والأسلحة الصاروخية أمن دولنا، وشعوبنا، ومصالحنا الموجودة حول العالم للخطر، ولذلك، فإن مجابهة هذا التحدي أحد العناصر المحورية في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي؛ إذ يجب على الاتحاد الأوروبي العمل بعزم وتصميم عبر استخدام كافة الأدوات والسياسات المتاحة لديه لمواجهة ذلك. وليكن هدفنا هو منع برامج انتشار تلك الأسلحة المثيرة للقلق في جميع أنحاء العالم، ووقفها وحيثما أمكن، القضاء عليها نهائيًا[4].

وكانت هذه الاستراتيجية نتيجة مباشرة لإخفاق الاتحاد الأوروبي في تبني موقف وسياسة مشتركة مع العراق فيما يتعلق باقتراحات برنامج الأسلحة النووية التي سعى إليه نظام صدام حسين. وبالتالي، سعى الاتحاد الأوروبي لأخذ زمام المبادرة عندما تعلق الأمر بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل؛ إذ سرعان ما اضطلعت أوروبا بدور رائد فيما يتعلق ببرنامج إيران لتخصيب اليورانيوم. وكانت النتيجة هي التوصل لاتفاقٍ في أكتوبر 2013م، مع إيران، تعهدت طهران بموجبه بالإعلان عن الأنشطة النووية القديمة، ووعدت بتعزيز آفاق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفي المقابل منعت الثلاث دول الكبرى بالاتحاد الأوروبي (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) إحالة إيران إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحددة. وفي نوفمبر 2004م، أبرمت إيران مع الثلاث دول الكبرى بالاتحاد الأوروبي اتفاق باريس، والتي تعهدت بموجبه إيران بتعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجتها إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق طويل الأجل "[5].

وبحلول نوفمبر عام 2008م، بدا أن الجهود الأوروبية المبذولة للتعاون مع إيران قد وصلت إلى طريق مسدود، ولكن انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة قد أدى في النهاية إلى مواصلة تلك الجهود، والتي من خلالها تم الاتفاق على خطة العمل الشاملة المشتركة بين إيران والدول الثلاث الكبرى بالاتحاد الأوروبي (ألمانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة) والصين، وروسيا، والولايات المتحدة في يوليو عام 2015م، ويمثل هذا الاتفاق، بالنسبة للاتحاد الأوروبي، أكبر منجزاته حتى الآن فيما يتعلق بالمساعي المبذولة لمنع انتشار الأسلحة النووية.[6] وبموجب الاتفاق، يتحمل الاتحاد الأوروبي حاليًا مسؤولية خاصة من أجل ضمان التزام كافة الأطراف بشروط الاتفاق. وبالنسبة للجانب الفني، يعتبر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي هو المنسق الرسمي للجنة المشتركة المُشَكَلة للإشراف على التنفيذ الفعلي لخطة العمل الشاملة المشتركة. وعلى الصعيد السياسي، يلتزم الاتحاد الأوروبي بضمان العمل وفق روح هذا الاتفاق، فضلاً عن ضمان وجود زخم كافي يدفع جميع الأطراف إلى الاستمرار في رؤية فوائد هذه الخطة بدلاً من أضرارها. ومع ذلك، فقد تأثر هذا العامل الأخير سلبًا بانتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، حيث وصف الاتفاق مع إيران بأنه "أسوأ اتفاق" على الإطلاق. كما رفض مؤخرًا، بصفته أحد الموقعين، التصديق على أن إيران لا تزال تلتزم بشروط الاتفاق. ورغم وجود إجماع بين جميع الموقعين على خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن ضرورة الحفاظ على هذا الاتفاق، فإن هناك شعور ما بأن الاتفاق لا يزال يحتوي على ثغرات، يجب معالجتها في المستقل القريب.

وتواجه أوروبا تحديًا في المستقل القريب يتعلق بكيفية الحفاظ على القوة الدافعة لجهود منع عدم الانتشار، في الوقت الذي أصبحت فيه الشروط الخاصة بمثل تلك الاتفاقات أقل ملاءمة. وقد تبددت عوائد السلام في الفترة التي خلفت الحرب الباردة، فبدلاً من تطوير مبادرات عدم الانتشار في ظل ظروف سلمية، من المرجح أن تكون هناك حاجة إلى إجراءات أكثر استهدافًا كالعقوبات وغيرها من الخطوات القسرية الأخرى لضمان سريان الاتفاقيات الحالية وإمكانية مواجهة التحديات المستقبلية بطريقة شاملة. ولذلك تأتي استجابة الاتحاد الأوروبي إزاء قضايا نزع السلاح، والحد من الأسلحة، وعدم الانتشار وسط ضغط كبير.

أوروبا والترويج للاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية: يخضع الاستخدام السلمي للطاقة النووية داخل الاتحاد الأوروبي إلى معاهدة الجماعة الأوروبية للطاقة الذرية (يوراتوم) والتي تم إبرامها في عام 1957م، وفيما يتعلق بالاستخدام السلمي، فقد تناول الاتحاد الأوروبي الأنشطة النووية من ثلاثة محاور خاصة:

  • السلامة النووية: المتعلقة بالتشغيل الآمن للمنشآت النووية، فضلاً عن الحماية من الإشعاع وإدارة النفايات المشعة.
  • الضمانات النووية: وهي عبارة عن معايير لضمان عدم استخدام المواد النووية إلا للأغراض المحددة من قبل المستخدمين.
  • الأمن النووي: ويتعلق بالحماية المادية للمواد والمنشآت النووية من أية أعمال ضارة متعمدة[7].

تمتلك أوروبا حاليًا 130 مفاعلاً نوويًا في 14 دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تنتج حوالي 30٪ من الكهرباء المنتجة في الاتحاد الأوروبي.[8]

 

وتشمل المجالات التي ينشط فيها الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالطاقة النووية، مجالات السلامة النووية، والذي يخضع إلى التوجيهات المعدلة للأمان النووي الصادرة في عام 2009[9]، بالإضافة إلى النفايات المشعة وإيقاف التشغيل، بما في ذلك برنامج مساعدة إيقاف التشغيل النووي الخاص بالدول التي ترغب في إيقاف المفاعلات القديمة، وكذلك الحماية من الإشعاع والتي تشمل مراقبة النشاط الإشعاعي في المياه، وفي الجو، والتربة، وضمانات الاستخدام الصحيح للمواد النووية وإمدادات الوقود النووي، والتي تُشرف عليها وكالة الإمداد التابعة للجماعة الأوروبية للطاقة الذرية[10].

ويساهم الاتحاد الأوروبي في عمليات تحسين مستويات السلامة النووية وتنفيذ ضمانات نووية فعالة في دول ليست أعضاء في الاتحاد الأوروبي بواسطة مركز الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال السلامة النووية، والذي أنشئت بموجب لائحة مجلس الاتحاد الأوروبي رقم 300، في فبراير عام 2017م، ويتضمن هذا المركز البنود التالية كجزء من برنامج العمل مع الدول التي ليست عضوًا في الاتحاد الأوروبي:  "تعزيز وتطوير أطر  تنظيمية فعالة، وتقديم الدعم الفني للهيآت التنظيمية النووية، ومنظمات السلامة النووية الوطنية، وتوفير الضمانات النووية، وإدارة النفايات المشعة، والاستعداد لحالات الطوارئ". ويرغب الاتحاد الأوروبي عبر تلك الإجراءات ضمان جعل "السلامة النووية هي المفهوم الرائد في الأطر التنظيمية والقانونية والقرارات التشغيلية في الدول التي ليست عضوًا في الاتحاد الأوروبي"[11]. وعلاوة على ذلك، تشمل البرامج التي يُجرى متابعتها مؤخرًا برنامج المعالجة البيئية في آسيا الوسطى والذي يهدف إلى التغلب على أثر استخراج اليورانيوم، وتم إطلاق مشروع تبلغ تكلفته 2.5 مليون يورو في مجال السلامة النووية بالتعاون مع منظمة الطاقة الذرية لإيران في يوليو 2017[12].

بالإضافة إلى نهج الاتحاد الأوروبي متعدد الأطراف إزاء هذه المسألة، فهناك أيضًا البرامج الوطنية لفرنسا والمملكة المتحدة، والتي يمكن أن تستفيد منها دول الشرق الأوسط. وقد وقعت فرنسا اتفاقيات عام 2008م، مع قطر "من أجل المشاركة في المناقشات الخاصة بالتعاون في مجالات إنتاج الطاقة النووية" ومع الإمارات العربية المتحدة لوضع إطار للتعاون المستقبلي في الطاقة النووية".[13] وفي فبراير 2011م، وقعت السعودية أيضًا أول اتفاق نووي لها مع فرنسا، يسمح بإمكانية إنشاء عدد من المفاعلات النووية لتوسيع أنشطة بحوث مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة في مجال التطبيق السلمي للطاقة النووية. وتم توقيع اتفاقيات متابعة في عامي 2013 و2015م، ولكن لم يكن هناك مؤشر واضح في هذه المرحلة حول موعد البدء في تفعيل هذه الاتفاقيات.[14]كما أبرمت مدينة الملك عبد الله أيضًا عددًا من الاتفاقيات مع دول أوروبية أخرى. وفي مايو عام 2014م، وقعت مدينة الملك عبد الله اتفاقية مع هيأة السلامة الإشعاعية والنووية الفنلندية للمساعدة في استقدام وتدريب الموظفين ووضع معايير السلامة اللازمة. وعلاوة على ذلك فقد تم توقيع اتفاق مماثل مع المجر في أكتوبر عام 2015[15]. ومن جهتها أبرمت الإمارات العربية المتحدة اتفاقيات مع السويد من أجل دراسة مستودع النفايات الجيولوجية في الإمارات[16].

وفي حين أن الإجراءات المذكورة أعلاه لن تجذب بالضرورة الانتباه، بيد أن مشاركة أوروبا في هذه الإجراءات يُعد عنصرًا حاسمًا لضمان التعامل مع المواد النووية بشكل سليم، فضلاً عن ضمان اتباع الدول المعنية بالبحث النووي وتطويره المعايير والإرشادات التي تُخفض من احتمالات تغيير طبيعة تلك المواد أو إساءة استخدامها إلى الحد الأدنى. وبالنظر إلى احتمالية انتشار الأسلحة ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن أيضًا في أجزاء أخرى حول العالم، فقد يكون هذا المجال الرئيسي، الذي سيتطلب استمرار الخبرة الأوروبية.

أوروبا ونزع السلاح: وعلى صعيد نزع السلاح، يعتبر موقف أوروبا غير واضح. وبالتأكيد، يُمكن القول بأن قضية نزع السلاح النووي هي مسألة لا تخلو من الجدل داخل أوروبا. وباعتبارهما من القوى النووية، فقد تعمدت كل من فرنسا والمملكة المتحدة تجنب أي مناقشات جادة حول نزع السلاح النووي، على الرغم من حقيقة أن معاهدة عدم الانتشار النووي تُجبر الدول الموقعة عليها بالالتزام بنزع السلاح النووي نهائيًا. وبالنسبة إلى وضع هولندا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا، والذين يستضيفون – باعتبارهم أعضاء في حلف الناتو -ما بين 150 و200 سلاح نووي على أراضيهم، فهذا يشير إلى وضع قانوني غير مستقر فيما يتعلق بالدول التي تتقاسم الترسانات النووية. وعلى الجانب الآخر، تأتي دول كالدنمارك، والسويد، والنمسا، وإيرلندا في صدارة الدول التي تؤيد نزع السلاح. ولذلك، فقد أطلقت هذه الدول "مبادرة إنسانية" انضمت إليها بالفعل 159 دولة وتهدف إلى التغلب على الفجوة القانونية لمنع الأسلحة النووية والقضاء عليها. [17]

ويمكن النظر إلى الانقسام الداخلي حول قضية نزع السلاح من خلال حقيقة أن الاتحاد الأوروبي غير قادر على تقديم موقف مشترك أثناء مؤتمر الأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لاستعراض المعاهدة عام 2015، والذي أدى في النهاية إلى فشل المؤتمر. وبالمثل، لا يوجد اتفاق داخل أوروبا فيما يتعلق بمناقشات الحظر النووي. وعلى سبيل المثال، فإن هولندا كأحد أعضاء حلف الناتو، والتي تستضيف أسلحة نووية أمريكية على أراضيها قد صوتت ضد المعاهدة المتعلقة بحظر الأسلحة النووية في يوليو عام 2017م، في حين أن أغلبية دول أعضاء الاتحاد الأوروبي لم تشارك حتى في مفاوضات هذه المعاهدة.

وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، كانت المملكة المتحدة إحدى الدول التي رفضت اقتراح مقدم من مصر وعدد من الدول العربية الأخرى من أجل عقد مؤتمر يهدف إلى "إحراز تقدم مستمر للمفاوضات وإبرام معاهدة ملزمة قانونًا لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط[18]. وبالرغم من إصدار البرلمان الأوروبي قرارًا عام 2010 يدعو من خلاله إلى التحرك بجدية نحو عالم خالي من الأسلحة النووية، لم تصدر أية قرارات في هذا الاتجاه. [19] وعندما يتعلق الأمر بفرنسا والمملكة المتحدة بصفة خاصة، فهناك قلق مباشر من التحركات التي تهدف إلى نزع السلاح، لأن تلك التحركات قد تؤدي إلى إضعاف قدرتهم الدفاعية، لدرجة أن الدولتان رفضتا الإقرار بأن تفجيرات الأسلحة النووية قد يكون لها "عواقب إنسانية كارثية"[20].

وعلى رأس ما سبق ذكره، فقد انخفض تمويل البرامج الخاصة بمنع انتشار الأسلحة النووية من 49 مليار يورو خلال الفترة من عام 2011 إلى 2013م، إلى 38 مليار يورو خلال الفترة من 2014 إلى 2016م، كما ظهر مصطلح "عدم انتشار الأسلحة النووية" ثلاث مرات فقط في استراتيجية الأمن الأوروبي المكونة من 60 صفحة والتي صدرت في يونيو، 2016[21].وكل هذا يشير إلى عدم وجود توجه موحد للاتحاد الأوروبي، فيما يتعلق بسياسات نزع السلاح وعدم الانتشار النووي.

ونظرًا لأن البيئة الأمنية العالمية تزداد تقلبًا وخطورة، يجد الاتحاد الأوروبي أن الأدوات المتاحة تحت تصرفه للترويج لمسألة الحد من الأسلحة، ونزع السلاح، وعدم الانتشار النووي قد أصبحت أقل قابلية للتطبيق وأكثر صعوبة في المتابعة. ولعكس هذا المسار، يجب على الاتحاد الأوروبي أن يجد دوافع أكبر للوحدة بين الدول الأعضاء وكذلك داخل المؤسسات الأوروبية. فبرغم أن الشرق الأوسط سيكون قادر على الاستفادة من الخبرة الفنية الأوروبية، وبرامجها، لكنه سيجد أوروبا شريكًا أكثر انقسامًا فيما يتعلق بالجوانب الأخرى الخاصة بعدم انتشار الأسلحة النووية.

 

 

المراجع: 

[1] انظر: https://europa.eu/european-union/about-eu/history/2010-today/2012/eu-nobel_en

[2] "اتجاهات الانفاق العسكري في العالم، عام 2016"، بيان معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام- أبريل 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://www.sipri.org/sites/default/files/Trends-in-international-arms-transfers-2016.pdf

[3] "اتجاهات عمليات نقل الأسلحة على الصعيد الدولي، عام 2016" بيان معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام- فبراير ام 2017، متاح عبر الرابط التالي:https://www.sipri.org/sites/default/files/Trends-in-international-arms-transfers-2016.pdf

[4]"استراتيجية الاتحاد الأوروبي في مواجهة انتشار أسلحة الدمار الشامل" 10 ديسمبر عام 2013، متاح عبر الرابط التالي: http://register.consilium.europa.eu/doc/srv?l=EN&f=ST%2015708%202003%20INIT

[5]أوليفر ماير، "جهود الاتحاد الأوروبي لمنع انتشار الأسلحة النووية: نجاح محدود"، رابطة الحد من الأسلحة، 11 يونيو عام 2008 متاح عبر الرابط التالي: https://www.armscontrol.org/act/2008_05/OliverFeature

[6] يمكن الاطلاع على النص بالكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة من خلال هذا الرابط: http://www.consilium.europa.eu/en/policies/sanctions/iran/jcpoa-restrictive-measures/

[7] انظر صفحة المفوضية الأوروبية حول الطاقة النووية – الرابط التالي:  https://ec.europa.eu/energy/en/topics/nuclear-energy

[8]نفس المصدر

[9]النص الخاص بالتوجيهات متاح عبر الرابط التالي: http://eur-lex.europa.eu/legal-content/EN/TXT/?uri=uriserv:OJ.L_.2014.219.01.0042.01.ENG

[10]الرجاء الاطلاع على الرابط التالي: http://ec.europa.eu/euratom/index.html

[11]الرجاء الاطلاع على الرابط التالي: https://ec.europa.eu/europeaid/sectors/energy/nuclear-safety_en

[12] اطلاق لمفوضية الأوروبية وإيران لمشروع تعاون في مجال السلامة النووية، 13 يوليو، 2017- متاح عبر الرابط التالي: https://ec.europa.eu/europeaid/news-and-events/european-commission-and-iran-launch-nuclear-safety-cooperation-project_en

[13]"فرنسا والامارات توقعان اتفاقات نووية وعسكرية، رويتر، 15 يناير 2008، متاح عبر الرابط التالي:

https://www.reuters.com/article/us-france-sarkozy-gulf/france-uae-sign-military-and-nuclear-agreements-idUSL1517472620080115

[14]فرنسا والسعودية تعلنان عن إبرامهما صفقات بقيمة 12 مليار دولار" وكالة الأنباء الفرنسية، 24 يونيو 2015، متاح عبر الرابط التالي: https://www.defensenews.com/global/mideast-africa/2015/06/24/france-saudi-arabia-announce-12b-in-deals/ 

[15]الرجاء الاطلاع على: "الطاقة النووية في السعودية" تحديث في أكتوبر، 2017، متاح عبر الرابط التالي: http://www.world-nuclear.org/information-library/country-profiles/countries-o-s/saudi-arabia.aspx 

[16] "الطاقة النووية في الامارات العربية المتحدة" ، تحديث في أكتوبر، عام 2017، متاح عبر الرابط التالي: http://www.world-nuclear.org/information-library/country-profiles/countries-t-z/united-arab-emirates.aspx

[17]للمزيد من المعلومات عن المبادرة الإنسانية- الرجاء الإطلاع على بيان إليزابيث مينور، "تغيير الخطاب عن الأسلحة النووية: المبادرة الإنسانية"، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 5 يوليو 2016، متاح عبر الرابط التالي: https://www.icrc.org/en/international-review/article/changing-discourse-nuclear-weapons-humanitarian-initiative

[18]جوزيف سيراكوزا إيدين وارن، أسلحة الدمار الشامل: بحث عن الأمن العالمي (رومان & ليتلفيلد، 2017)، ص. 102

[19] وللاطلاع على نص قرار البرلمان الأوروبي بتاريخ 10 مارس 2010 بشأن معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، الرجاء الاطلاع على الرابط التالي:

http://www.europarl.europa.eu/sides/getDoc.do?pubRef=-//EP//TEXT+TA+P7-TA-2010-0062+0+DOC+XML+V0//EN

[20]جوليا بيرغوفر، "الاتحاد الأوروبي ونزع السلاح النووي: مسألة حساسة"، مؤسسة هاينريش بول، 26 مايو 2016 متاح عبر الرابط التالي: https://eu.boell.org/en/2016/05/25/european-union-and-nuclear-disarmament-sensitive-question 

[21]لينا جريب، "الاتحاد الأوروبي وعدم انتشار الأسلحة النووية 2014-2017"، التقرير النهائي لاتحاد عدم انتشار الاتحاد الأوروبي، أغسطس 2017، متاح عبر الرابط التالي: https://www.sipri.org/publications/2017/eu-non-proliferation-papers/european-union-and-non-proliferation-2014-17.

مجلة آراء حول الخليج