; logged out
الرئيسية / ليس للعرب سياسة موحدة تجاه الخطر الصهيوني والإيراني أو مواجهة التداعيات

العدد 125

ليس للعرب سياسة موحدة تجاه الخطر الصهيوني والإيراني أو مواجهة التداعيات

الخميس، 30 تشرين2/نوفمبر 2017

بعد فترة قصيرة من تطوير تقنية استغلال القوة النووية للأغراض الحربية، وتمكن الإنسان من التحكم في عملية الانشطار النووي، استطاع العلماء أن يوجدوا طرقًا وأساليب لاستخدام القوة النووية للأغراض السلمية.  فبعد الاستخدام العسكري الناجح لهذه الطاقة، اتضحت إمكانية استخدام تلك القوة من أجل البناء والرفاه البشرى، وليس من أجل القتل والتدمير. وأصبحت القوة النووية مصدرًا للطاقة، وغيره من الاستخدامات السلمية العديدة، ومن مظاهر رفاه الحاضر وأمل المستقبل. أدى كل ذلك إلى تزايد الاهتمام بالطاقة النووية بشقيها، وانتشار المعرفة والتقنية والمنشآت النووية في معظم أرجاء العالم المعاصر، ومنها الآن المنطقة العربية، ومنطقة الخليج العربي تحديدًا.

الارتباط القاتل:

  إن الارتباط الوثيق بين منشآت الطاقة النووية، ومشاريع صناعة أسلحة نووية هو ارتباط عضوي وثيق و" مقلق " جدًا للأطراف والدول التي يهمها استتباب الأمن والسلم الدوليين، وتخشى الحروب النووية. وهو يحد من التوسع في هذه الاستخدامات.  إن كلا من المشاريع النووية السلمية والمشاريع النووية العسكرية يعتمد (تقريبًا) على نفس المنشآت، ونفس التقنية. يتم الحصول على الطاقة النوية من المفاعلات النووية المصممة خصيصًا لتوليد الكهرباء. ولكن تلك المفاعلات تنتج أيضًا مادة "البلوتونيوم" ... وهي عنصر أساسي لصناعة الأسلحة النووية تنتجه المفاعلات النووية كـ " فضلات " نتيجة تشغيلها.

   ويمكن صناعة أسلحة (قنابل) نووية بسهولة إذا توفر البلوتونيوم هذا بالقدر المناسب. ومن ناحية أخرى، فإن نفس مادة الوقود التي تستعمل غالبًا لتشغيل المفاعلات النووية (اليورانيوم 235) يمكن تحويلها لإنتاج قنابل نووية، مع وجوب إغناء اليورانيوم 235 الى 80 % على الأقل، لرفع درجة تخصيبه من 4 أو 5 % (وهي درجة التخصيب الأدنى عند استعمال ذلك النوع من اليورانيوم كوقود للمفاعلات النووية). 

 وباختصار، معروف أن هناك تقنيًا طريقتان لصنع متفجرات نووية هما:

(أ‌)               - طريقة اليورانيوم: حيث تصنع القنبلة النووية من اليورانيوم عالي الخصوبة (U – 235 ).  توجد في اليورانيوم الطبيعي (U-238) نسبة ضئيلة جدًا من اليورانيوم ( U-235 ) تقدر بـ 0,7% فقط .  وبذلك، لابد من عملية " إخصاب" تتم على اليورانيوم الطبيعي لرفع نسبة محتوياته من اليورانيوم -235 ( U-235 ) إلى درجة 80% على الأقل ، حتى يمكن استخدام المستحضر الجديد في صنع القنابل . وهذه العملية تستلزم إقامة منشآت تخصيب بالغة التكلفة والتعقيد.

(ب‌)          - طريقة البلوتونيوم: يتم استخلاص معدن " البلوتونيوم –   239" Pu – 239) ) من الوقود المستهلك للمفاعلات النووية العادية . فهذا المعدن بالذات لا يوجد في الطبيعة... ويكون " البلوتونيوم " المستخرج بهذه الطريقة جاهزًا لاستخدامه (مباشرة) في صنع القنابل النووية.

                             ****

   لقد أصبحت المعلومات والتقنية النووية اللازمة لاستغلال القوة النووية للاستخدامات السلمية، وأيضًا العسكرية، متوفرة بشكل واسع. وذلك يمكن أن يؤدى لانتشار السلاح النووي (Nuclear Proliferation) الذي يشكل خطرًا فادحًا على السلام والأمن الدوليين. فتلك مشكلة بالغة الخطورة، يشار إليها بـ " مشكلة نث " (Nth Problem)، أو " الورطة النووية ".  ووجود هذه الإشكالية أدى الى وجود المحاولات الدولية الحثيثة لرصد أي نشاط نووي خارج إطار الدول الكبرى، ومنعه وعرقلته.

 فمن أشد ما يخشاه المجتمع الدولي هو انتشار التقنية النووية، ومن ثم انتشار السلاح النووي في عدد متزايد من الدول. وأكثر ما يخشاه هذا المجتمع الآن هو امتلاك جماعات إرهابية أسلحة نووية، حتى ولو في هيأة قنابل نووية بدائية، أي غير مكتملة الصنع، يشار إليها بـ " القنابل القذرة " (Dirty Bombs).  فوقوع هذا النوع من أسلحة الدمار الشامل في يد إرهابيين أشرار سيعنى إيقاع كوارث بشرية هائلة. 

  من هنا بدأت المحاولات الدولية لحظر انتشار السلاح النووي، عبر حظر تداول المعلومات والمنشآت والمواد والتقنيات النووية الخطيرة. وتعود محاولات نزع التسلح النووي الى عام 1946 م. غير أن أهم الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن، حتى الآن، هي "اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية" (NPT) التي بادر بطرحها كل من الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وبريطانيا في العام 1968م. وهي الاتفاقية التي تحرم على الدول غير النووية عندئذ امتلاك سلاح نووي، ولكنها تتيح الاستخدام السلمي للطاقة النووية تحت رقابة دولية مشددة من" وكالة الطاقة الذرية الدولية " (IAEA). وقد وقعت معظم دول العالم هذه الاتفاقية، وصادقت عليها.

                            ****

   في إطار مكافحة الانتشار النووي، وعد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بإعطاء موضوع حظر التسلح النووي أهمية قصوى خلال فترة رئاسته التي شهدت الكثير من التحركات في هذا الصدد، ومن ذلك: عقد قمم الأمن النووي، مرة كل سنتين، والتي تهدف إلى: توسيع نطاق الأمن النووي، وتشديد الرقابة على النشاط النووي في العالم ككل. علمًا بأن هذه المؤتمرات تتجاهل دائمًا -تحت ضغوط من واشنطن – النشاط النووي الإرهابي للكيان الصهيوني. حيث عقدت هذه القمم أربعة اجتماعات حتى الآن. عقدت الأولى منها في واشنطن عام 2010م، والثانية في سيؤول عام 2012م، والثالثة في لاهاي عام 2014م.  وعقدت في واشنطن عام 2016م، القمة الرابعة.

    ونوه مجلس الوزراء السعودي (يوم 4 / 4 / 2016م) بالبيان الختامي لهذه القمة، مشيدًا بما تضمنه من تأكيد على الالتزام بنزع السلاح النووي والحد من انتشاره. وكانت المملكة قد شاركت في أعمال القمم الثلاث السابقة. وفى نهاية القمة الرابعة، أعلنت المملكة عن تبرعها بمبلغ عشرة ملاين دولار لإنشاء مركز متخصص لمكافحة الإرهاب النووي في مقر " الوكالة الدولية للطاقة الذرية " في فيينا. كما تبرعت السعودية بمبلغ 500 ألف يورو لمشروع تحديث بعض معامل هذه الوكالة. وأكدت المملكة بذلك أنها في مقدمة الدول الداعمة للأمن النووي، والداعية لحصر استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية فقط. 

   ومن المنتظر أن تعقد القمة الخامسة عام 2018م.  ويبدو أن الرئيس الأمريكي الحالي "دونالد ترمب" مهتم أيضًا بهذه المسألة، وإن كان معظم اهتمامه منصب على التنمية النووية في إيران. إضافة إلى كوريا الشمالية، التي أضحت دولة نووية كاملة.

                                ****

 

السياسات النووية الإيرانية والإسرائيلية:

      بات المجتمع الدولي بأسره يدرك أن لإيران سياسات توسعية (مذهبية وقومية الهوى) تستهدف مد النفوذ الإيراني على معظم المنطقة العربية المجاورة. ووسيلة إيران الرئيسة لتحقيق أهداف هذه السياسة هي: دعم الأقليات الشيعية المنتشرة في دول المنطقة، وتمكينها للهيمنة لصالح إيران، بادعاء أن إيران هي مناصرة هذه الأقليات ... " المضطهدة " (من قبل الغالبية السنية – كما يدعي قادة إيران). ولخطورة هذه الأهداف، ومبالغتها الواضحة، فإن سعي إيران لامتلاك السلاح النووي أمسى هاجسًا أمنيًا وسياسيًا مخيفًا لدى جيران إيران، بصفة خاصة، وبقية الدول بصفة عامة.  وحتى الآن، وفي الواقع، يبدو أن سعى إيران لكي تصبح قوة نووية قد تأجل، ولكنه لم، ولن، يتوقف.

  من الجهة الأخرى، تبذل إسرائيل، وأنصارها، قصارى جهدهم، لإجهاض أي برنامج نووي بالمنطقة، ولو كان سلميًا، وتوجيه ضربة عسكرية قاصمة ضده. والمثال السابق هو العراق. أما الراهن فقد يكون: إيران ... ودعوة إسرائيل لقصفها، بسبب إصرار إيران على امتلاك التقنية النووية المتقدمة. ولن تتردد الإدارة الأمريكية غالبًا، في التجاوب مع هذا الطلب، حبًا وكرامة للكيان الصهيوني الغاصب ... الذي من أجله تقصف دول، وتقهر شعوب، وتحتل بلاد. وذلك على الرغم من الاتفاق النووي الأخير الموقع في كل من لوزان، وفيينا، والذي صادق عليه مجلس الأمن الدولي عام 2015م، والذي قال عنه " نيتنياهو "، رئيس وزراء إسرائيل: " أنه يمهد للحرب، ويقربها ".

        ورغم أن هذا الدعم الأمريكي المطلق يعود إلى عقود خلت، إلا أن أكثر "الإدارات" الأمريكية عشقًا وولهًا بالصهيونية.  كانت هي إدارة بوش الابن السابقة. فتلك " الإدارة" تفانت في دعم العدوان الصهيوني المشهود، وعملت على التغطية على سلاحه النووي، وحاولت جهدها " تبرير" جرائمه اليومية، ضد الشعب الفلسطيني، وضد المنطقة ككل. ويكفي أن نذكر "مثلاً " واحدًا على ذلك: أن غزو واحتلال وتدمير العراق، من قبل تلك الإدارة، تم لعدة أسباب، من أهمها -إن لم يكن أهمها -إنهاء ما قد يشكله العراق (بما كان له من ثقل سكاني وعلمي) من " خطر" مستقبلي على إسرائيل، وسياساتها، وتسهيل فرض الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة.  وجاء أوباما ليكمل ما قام به سلفه. ثم جاء دونالد ترمب ليكون الأكثر صهيونية من سابقيه، فيطالب بإلغاء هذا الاتفاق، وتشديد الرقابة الدولية على إيران، لمنعها من امتلاك السلاح النووى. وذلك دون أن يتطرق، ولو بالإشارة، لإمكانات إسرائيل النووية، وترسانة الأسلحة النووية التي تمتلكها، وتهدد بها من حولها. 

                                 ****

       لقد عانى العرب بخاصة من هذا " التحالف " الغربي الصهيوني الأمرين. والآن يأتي التهديد الإيراني ليزيد طين العرب بلة.  وحتى الوقت الحاضر، لم يتخذ معظم العرب سياسة محددة وموحدة تجاه هذين التهديدين، ناهيك عن " استراتيجية "عربية موحدة مفعلة، لمواجهة آثارهما وتداعياتهما السلبية، على الأمن القومي العربي، والمصالح العربية العليًا. إسرائيل تمتلك الآن ترسانة ضاربة من السلاح النووي، قوامها حوالي 300 رأس نووي، موجهة – أصلا - ضد التجمعات السكانية العربية، وتستخدمها إسرائيل لردع وإرهاب وابتزاز العرب، وعلى مدار الساعة. وتعمل على استمرار احتكار السلاح النووي، وعدم السماح لأي طرف عربي، أو إسلامي، بامتلاك هذا الرادع، الذي يكاد أن يمكنها من المنطقة بأسرها.

                                ****                              

       ولا شك، أن سعي إيران لامتلاك سلاح نووي هي الأخرى يمثل خطرًا داهمًا على المنطقة والعالم. وبعض المؤيدين لقيام إيران نووية يتحججون بامتلاك إسرائيل لهذا السلاح الفتاك. ولكن، حتى امتلاك الكيان الصهيوني لهذا السلاح لا يبرر سعي آخرين لامتلاكه، إلا إذا فشلت كل محاولات حظر هذا السلاح، وعدم السماح لأي دولة بالمنطقة بامتلاكه، عبر إقامة منطقة شرق أوسط خالية من السلاح النووي. وفى الوضع الدولي الحالي، يصعب ثني أي دولة تتعرض لتهديد نووي مباشر، عن السعي لحيازة هذا السلاح، هي الأخرى. الأمر الذي ينبئ بقيام سباق تسلح نووي بالمنطقة، وينذر بما لا تحمد عقباه. وطالما قد حصل هذا، فلا شك أن إسرائيل – إضافة لإيران -تكون هي من دفع وأسهم في حدوث هذا التطور المؤسف والمرعب، المهدد للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.                                 

                               ****                    

التعامل الدولي مع طموحات إيران النووية:

  لا شك أن تشدد الإدارة الأمريكية الحالية تجاه السياسات النووية الإيرانية هو أمر محمود. ولكنه تشدد يعيبه، بل ويلغيه، هذا التساهل، إن لم نقل التواطؤ، الرخيص والمغرض مع البرنامج النووي الصهيوني الأكثر خطورة. فقد أعدت أمريكا وحلفاؤها في عهد رئيسها أوباما، العدة لتوجيه ضربة عسكرية كاسحة، ضد المنشآت النووية الإيرانية، وبخاصة أهم ثمانية مواقع نووية، في طول إيران وعرضها. ووضعت "خطة" لهجوم عسكري صاروخي، من الجهات الأصلية الأربع، وبمشاركة إسرائيلية في العمليات اللوجيستية. بل أجريت "بروفات" شبه نهائية للضربة، بعد أن تم اختراق معظم المواقع الإيرانية المستهدفة، وتصويرها، وإلصاق مواد ببعض أجزائها، لجذب الصواريخ المهاجمة. 

      ولقد حبس العالم أنفاسه، خوفًا وهلعًا من حدوث كارثة هذا الهجوم ....  ذلك أن شنه قد يقود العالم إلى حرب عالمية، ودمار اقتصادي شامل ....  يلحق بمعظم أرجاء العالم، بما فيه أميركا.  لذلك، كان المراقبون يستبعدون ذلك الهجوم، لعدة " أسباب"، أهمها: رد فعل إيران وحلفائها، الذي قد يحول الهجوم إلى كارثة إقليمية.... وكذلك: وضع أمريكا العالمي والإقليمي الراهن .... وعدم قدرتها على تحمل فتح جبهة معادية جديدة.

   وتم بالفعل استبعاد هذا الخيار العسكري. ولكن ظل الأخذ به واردًا ومحتملاً. وفى الواقع، وجد المجتمع الدولي (وخاصة الغرب المتنفذ منه) أن هناك خياران أمامه فيما يتعلق بالتعامل مع طموح إيران النووي الحربي: إما إجبار إيران على التفاوض بشأنه (عبر العقوبات) بهدف نزع أي توجه عسكري فيه، أو توجيه ضربة عسكرية إليه. ورجح الخيار الأول لما ذكر من أسباب.

                                 ****

تراجعت أميركا عن الهجوم، بعد أن أدركت إدارة أوباما أن من الأخير لها ألا تتسرع في مهاجمة إيران ... حتى لا يثور أغلب العالم ضدها، وبخاصة روسيا والصين.  وكان أن قدمت (هي ودول خمس كبرى أخرى) " مبادرة " لإيران، ملخصها: رفع الحصار، وقيام هذه الدول بتقديم مساعدات نووية سلمية لإيران، لتطوير استخدامها للقوة النووية، في تحلية المياه وتوليد الطاقة، مقابل: أن توقف إيران عمليات تخصيب اليورانيوم على أراضيها.

  قبلت إيران هذه المبادرة التي بها بعض الإيجابيات لها. أما السلبية الكبرى، بالنسبة لإيران، فهي: وقف تخصيب اليورانيوم وأبحاثه، وإلى كل درجاته.. وهذا ما لم تقبله إيران تمامًا.  فتلكأت في تنفيذ تلك المبادرة.  وأعتبر ذلك رفضًا ....  استوجب: تحويل الملف النووي الإيراني لمجلس الأمن الدولي ـ لذلك، أصر المعادون على توجيه الضربة العسكرية، خاصة عندما رفضت إيران وقف عمليات التخصيب. ولكن خيار العقوبات والتفاوض رجح. 

                                 ****

       ويبدو أن إيران قد " كسبت" من صلابة موقفها النووي، خاصة بعد أن تراجعت أميركا عن الخيار العسكري، واعتمدت على وسيلة العقوبات، لإرغام إيران للجلوس على مائدة المفاوضات بشأن إمكاناتها النووية. وبالفعل، بدأت مفاوضات إيران مع مجموعة 5 + 1 (أميركا، بريطانيا، فرنسا، روسيا، الصين، ألمانيا) والتي انتهت في لوزان في العام 2015م، بإبرام اتفاقية إطارية لمنع إيران من امتلاك قنابل نووية. والآن، تطالب إدارة الرئيس ترمب بإعادة النظر في هذا الاتفاق، وربما نسفه، رغم تمسك بقية أطرافه به.  

   إن قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم مودعة في صدور علمائها النوويين. وهم الآن كثر.  وتمتلك إيران منشآت وتقنية نووية متطورة. إضافة إلى معرفة نووية كبيرة.  وهذا ما يجعل إيران قادرة في أي وقت على الالتحاق بعضوية " النادي النووي"، ما لم يتم تشديد الرقابة الدولية على نشاطها النووي – كما تنص اتفاقية الإطار هذه.                 

                                ****

     وباختصار، لا شك أن الانتشار النووي غالبًا ما يمثل خطرًا فادحًا على المنطقة التي ينتشر فيها، خاصة عندما تكون هناك نوايا وسياسات لاستغلال القوة النووية لصنع أسلحة نووية ... كما هو حاصل بالفعل في منطقتنا العربية. إذ كرست إسرائيل كل إمكاناتها النووية لصنع أسلحة نووية، موجهة ضد العرب، وغيرهم ... بينما تحاول إيران، وأطراف أخرى بالمنطقة، التمسك بالخيار النووي العسكري، واستغلال ما لديها من منشآت وإمكانات نووية لامتلاك سلاح نووي ضارب. إنه سباق للتسلح النووي، وقد بدأ .... وإن على استحياء، وقليل من خشية غضب المجتمع الدولي.

     وقد عقدت الكثير من المؤتمرات والندوات، وأجمعت على خطورة الوضع الراهن، وضرورة وقف هذا السباق ... وإقامة " منطقة شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل "، وخاصة السلاح النووي.  ولكن إسرائيل، بامتلاكها لترسانة هائلة من السلاح النووي، جعلت مسألة إقامة هذه المنطقة ضمن عداد المستحيلات.

  إن هذا السباق يستنزف المزيد من موارد الدول العربية والخليجية، ويهدد، في ذات الوقت، أمن هذه الدول جميعًا. وبالتالي، فإن المضي فيه يضاعف من أخطاره، سواء كانت بيئية، أو أمنية وعسكرية، على كل المنطقة، وكل دولها.

  إن من حق دول المنطقة الاستفادة من الطاقة النووية للأغراض السلمية، ومن حقها امتلاك الخبرة النووية السلمية، في إطار الاتفاقيات الدولية ذات الصلة. ولكن، ليس من صالح المنطقة أن يجري فيها سباق، فيما بين دولها، للتسلح النووي. فهذا السباق يمثل خطرًا فادحًا على الجميع، ويضع مسؤولية وقفه على الجميع، وخاصة الدول التي بادرت بالفعل بامتلاك هذا السلاح، وأخذت تلوح به (وباستخدامه) على مدار الساعة ... فلم تترك لخصومها إلا خيار السعي لامتلاك هذا النوع من السلاح الرادع، هي أيضًا.

مجلة آراء حول الخليج