; logged out
الرئيسية / الأزمة الخليجية أدت لانكماش دور قطر وحلفائها في ليبيا

العدد 131

الأزمة الخليجية أدت لانكماش دور قطر وحلفائها في ليبيا

الأربعاء، 06 حزيران/يونيو 2018

     كان من الصعب أن أنطلق في تحديد شكل وطبيعة العلاقات التي جمعت ليبيا بدول مجلس التعاون الخليجي باعتبار أنني سأبحث عن إبرة في كومة قش سواء من حيث ما يعرفه الوضع الداخلي الليبي من تداخل وتصادم. أو من حيث واقع ما وصل إليه مجلس التعاون الخليجي خلال سنة 2017م، وهنا سأقول إننا نتحدث على أشكال متعددة للعلاقات على ضوء هذه المعطيات.

     مع اشتداد الأزمة الليبية السياسية المتفاقمة، واتساع رقعة العمليات العسكرية في الآونة الأخيرة، تصعد أصوات من الداخل والخارج إلى ضرورة حسم الصراع عبر حوار وطني شامل، بيد أن الأمور لم تحسم بعد، بسبب تدخل جهات خارجية في الشأن الليبي. 

وبالتالي، منذ أن دخلت ليبيا لهيب الصراع، انقسمت دول الخليج العربي في تعاطيهم مع الأوضاع الجارية، فمنهم من دعم “الجيش” ضد الجماعات الإسلامية، وآخرون دعموا الجماعات الإسلامية.فسنة 2017م، كانت حاسمة على مستوى العلاقات الليبية الخليجية.

أولا: دوافع اهتمام دول الخليج بليبيا:

**تسعى دول الخليج من خلال اهتمامها بالملف الليبي إلى الحيلولة دون تحول ليبيا إلى ساحة صراع طويلة المدى كما حصل بالعراق واستثمار إيران وتركيا في حالة الفراغ المؤسساتي الموجود بليبيا لتحويلها إلى بؤرة أزمات مفتوحة ومنه توظيف ليبيا كورقة في حلبة التنافس الاقتصادي في القارة الإفريقية.

* * الدور القطري السلبي في ليبيا وتأثيره على دول الخليج بل وتصادمه ومواقف دولة الإمارات، والمملكة العربية السعودية مما يدفع بكل من الإمارات والمملكة العربية السعودية بالتحرك في سياق مضاد للدور القطري السلبي في المنطقة.

* *خوف دول الخليج أيضًا من بقاء النفط الليبي خارج السيطرة ووقوعه بيد التنظيمات الإرهابية، والتحكم في أسواق النفط الدولية مما يضر بالاتفاق النفطي.

* * التمدد الإرهابي وتهديده للأمن الخليجي باعتبار أن الإرهاب تحول إلى ظاهرة عابرة للأوطان ومهددة للأمن القومي.

* *إتباع دول الخليج بشكل عام سياسة خارجية في التعامل مع الأزمات المتتالية في المنطقة العربية، والتي باتت اليوم تمثل ثقلاً سياسيًا وقوة اقتصادية تؤهلها للعب دور هام في الصراع الجاري.
ثانيًا: أي دور لدول الخليج بليبيا؟

أولاً: السعودية والإمارات:

يعد الموقف السعودي مبني على زاوية أمنية باعتبار أن المملكة العربية السعودية تنظر الى ما يجري في ليبيا خطر “إرهابي” يهدد دول الجوار وغيرها، وأن مجلس الأمن الذي أخفق في التعامل مع الملف السوري فترك الشعب السوري يواجه الطغيان لتتصاعد الأزمة وتظهر المجموعات الإرهابية مشكّلة خطرًا على المنطقة؛ أخفق أيضًا في التعامل مع الملف الليبي بعد تدخله فيه.

وانطلاقًا من هذا التحليل الأمني الذي وضعته المملكة العربية السعودية فهي تدعم مصر والإمارات في ليبيا وإسقاط الحركات الإسلامية وخصوصًا الإخوان المسلمين. عبر قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وعند الحديث عن الموقف الإماراتي فهو لا يختلف كثيرًا عن الموقف السعودي. حيث تعمل الإمارات على دعم القوى الليبية ضد الجماعات الإسلامية الجهادية المسلحة، وعملت على جمع الأطراف السياسية المتخاصمة صيف 2017م، بالإمارات.

ثانيًا: قطر

يختلف توجه قطر في التعاطي مع الوضع الليبي عن نظيراتها السعودية والإمارات، فهي تدعم الجماعات الإسلامية المسلحة والمتطرفة، الأمر الذي أثر في علاقاتها مع مصر وبعض دول الخليج، بعد دعوتهم إياها الكف عن دعم الميليشيات المتشددة في ليبيا ، وهذا ما تترجمه الأزمة الخليجية وما قدمه الناطق الرسمي باسم قوات عملية الكرامة التابع للمشير خليفة حفتر حيث أبرز من خلالها الطرق التي تتورط من خلالها قطر في تغذية الأزمة الليبية وعمليات نقل المسلحين والأسلحة بالإضافة إلى دعم المتطرفين على الأرض.
ولقد وجهت دول الخليج ومصر رسالة شديدة اللهجة إلى قطر قبل التوجه نحو المقاطعة حيث تضمنت الرسالة حينها وقف أسلوب قطر في صب الزيت على الأزمات الإقليمية مثلما جرى في مصر ويجري حاليًا في ليبيا حيث تدعم الدوحة ميليشيات معزولة شعبيًا.
ثالثًا-انعكاسات الأزمة الخليجية على واقع الأزمة الليبية:
أدت المقاطعة الخليجية لقطر من انكماش حلفاء قطر في ليبيا وتراجعهم وتحول دور دول الخليج في ليبيا إلى ضامن ومواجه للتواجد القطري الذي تسبب في أضرار مشتركة لليبيا ودول الخليج اقتصاديًا من خلال توقف مختلف الاتفاقات والمشاريع المشتركة بالتالي تحول ذلك الدور إلى خسائر مادية بالجملة.

وبينما تكثف الجبهة المناوئة لقطر، حملتها السياسية والإعلامية وكذلك العسكرية ميدانيًا ضد الميليشيات المسلحة في غرب ليبيا، تبدو الجبهة المقابلة في حالة انكماش نسبي.

لكن يقابل هذا الانكماش النسبي لحلفاء قطر بليبيا تخوف من عودة المقاتلين الأجانب من بؤر التوتر نحو ليبيا عبر عدة بوابات وبغطاء جماعات تجد من الرعاية القطرية خلفية يمكن الاحتماء بها وهو ما قد يدفع بالأزمة الخليجية نحو منعطف حاسم وقد تكون من خلاله ليبيا حلبة مفتوحة على كل الاحتمالات.

ولا ننسى أن الدول المقاطعة لقطر قد أصدرت قائمة اسمية بالأشخاص والمنظمات على قائمة المطلوبين بتهم الإرهاب والتطرف، ومنها أسماء ومنظمات ليبية وهي نقطة من شأنها التأثير على الواقع من خلال توجه هؤلاء المتشددين المطلوبين من اتخاذ خطوات مجنونة على الأرض قد تنسف أي مبادرة حل.

 

خامسًا-شكل 2018 لليبيا ودور الخليج لمستقبل آمن:

سنة 2018 يمكن أن تشكل فرصة لـ:

1-   إعادة بناء علاقات متكاملة بين دول الخليج وليبيا في إطار إعادة الإعمار ومساعدة الليبيين اجتماعيًا.

2-   العمل على دعم مسار التسوية السياسية من خلال تنسيق الجهود ودعم دول الخليج لجهود دول الجوار الليبي الساعية لإيجاد حل سياسي.

3-   إعادة بعث الاتفاقات الاقتصادية وإعادة الحركية الاقتصادية بين دول الخليج وليبيا مما سيساهم من خلال الحضور الاقتصادي على امتصاص الفراغ الموجود.وتعزيز تواجد دول الخليج مقابل الحضور السلبي لقطر.

4-   يمكن لليبيا الاستفادة من الأزمة الخليجية من خلال تجديد وتطوير علاقاتها بدول الخليج والعمل على بعث جسور للتواصل والعمل المشترك.

يمكن لسنة 2018م، أن تكون سنة حافلة على كل المستويات إذا ما كان هناك تنسيق وعمل مشترك من شأنه تقريب وجهات النظر ويصب في تسوية سياسية للازمة الليبية وتضافر للجهود للحيلولة دون استباحة الأراضي الليبية من قبل قوى الجماعات الإرهابية والدول الراعية لهم والتي تشكل حديقة خلفية لنشر سموم التطرف وتكريس ثقافة الخوف والإجرام.

فسنة 2018 م، هي فرصة لدول الخليج لتعزيز وتجديد دعمها لليبيا آمنة وفرصة لتحقيق انتصار ضد الخطر الإرهابي الذي عاث فسادًا في المنطقة وبناء سد منيع للتصدي للأجندات الطائفية ومواجهة رعاة الإرهاب والتطرف ومنها العمل على تسوية سياسية للازمة الليبية مما سيسمح بتفعيل مؤسسات دولة ليبية قادرة على الوقوف في وجه المشاريع التكفيرية الهدامة.

مجلة آراء حول الخليج