; logged out
الرئيسية / مفاتيح النزاع والحل في الشرق الأوسط

العدد 132

مفاتيح النزاع والحل في الشرق الأوسط

الثلاثاء، 17 تموز/يوليو 2018

منذ أن هدأت النزاعات في القارة الأوروبية وانتهى الصراع العسكري على النفوذ والاحتلال الخارجي بصورته القديمة بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها في منتصف أربعينيات القرن العشرين، ظهر الشرق الأوسط كمنطقة صراع ملتهبة بدأت بالاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين ثم استمرت هذه الصراعات بأشكال مختلفة، سواء على الحدود بين الدول بعد أن رحل الاستعمار وترك ما يشبه مسمار جحا، أو صراعات الإثنيات والعرقيات والقوميات وظهور الجماعات الإرهابية المسلحة، وما خلفته ثورات التحرر الوطني التي كانت تقاوم الاستعمار وما ترتب عليها، إلى أن جاءت موجة جماعات الإسلام السياسي الطامحة للوصول إلى الحكم بالقوة، وما يسمى بثورات الربيع العربي.

ومع أن المنطقة حاولت أن تنأى بنفسها عن الاستقطاب والصراعات الدولية في ظل الحرب الباردة وانخرطت في مجموعة عدم الانحياز ، إلا أن القوى الكبرى التي لم تتخل عن توجهاتها القديمة، وعليه كانت ومازالت منطقة الشرق الأوسط ساحة للحرب بالوكالة للدول الكبرى، بل والدول الإقليمية ذات الطموح والمطامع والتي ترغب في الهيمنة والتوسع، وبعد انتهاء الحرب الباردة وأفول نجم الاتحاد السوفيتي تم اختيار هذه المنطقة لتكون العدو الوهمي الذي تختلقه القوى الكبرى لتسويق مشروعها، والترويج لبضاعتها، وتحفيز شعوبها على مقاومة هذا العدو، وتم استغلال جماعات الإسلام السياسي والإرهاب لتوظيفها في تضخيم مخاطر العدو الجديد الذي طرأ على الساحة  في الشرق الأوسط، وزادت خطورة هذا الوضع بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م، سواء كانت ثورة شعبية، أو بمساعدة الغرب حسب ترجيح بعض المحللين لتكون أداة لزعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط مع إسرائيل، وبالفعل فرخت إيران وإسرائيل الإرهاب الذي ضرب أطنابه في المنطقة، فبعد قيام الثورة الإيرانية بعام واحد اندلعت حرب الخليج الأولى التي استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران، وما لبثت أن انتهت فاشتعلت حرب الخليج الثانية باحتلال العراق لدولة الكويت، وجاءت حرب الخليج الثانية على أنقاض الحرب الأولى أو تابعة لها، وكامتداد طبيعي لذلك جاء الاحتلال الأمريكي للعراق وسقوط نظام صدام حسين وتبع ذلك هيمنة إيران على العراق ومنها تمددت فيما بعد إلى سوريا ولبنان واليمن وأغراها ذلك وفتح أمامها باب التوسع وفرض الهيمنة في المنطقة العربية وإفريقيا.

التوسع والبدء في تحقيق حلم إعادة الامبراطورية الفارسية جعل إيران تفكر في امتلاك عناصر القوة التي تحقق هذا الحلم وتحميه، وتمثلت هذه القوة المأمولة في امتلاك السلاح النووي الذي يجعل منها قوة عسكرية عظمى تمتلك أداة الردع الأقوى في العالم ويجعلها تبتز دول المنطقة، وتساوم القوى العظمى على مناطق النفوذ، وساعد إيران على ذلك عدة اعتبارات منها امتلاك إسرائيل للسلاح النووي، ووجود فراغ إقليمي كبير في الدول العربية بعد اندلاع موجة ما يسمى بثورات الربيع العربي وخروج عدة دول عربية مهمة من دائرة التأثير ومن ثم غياب التوازن الإقليمي، وساعدها أيضًا وجود الوفورات المالية نتيجة الثروة النفطية، مع تجييش أتباع المذهب الشيعي، بل ومحاولة نشر هذا المذهب في العديد من الدول الإسلامية لضمان زيادة المناصرين لها والمدافعين عنها.

القوى الكبرى والدول الغربية ليست بعيدة عن هذه السيناريوهات الإيرانية، بل بعضها ساهم في تحقيق ذلك، أو على الأقل لم تعترض على ما تفعله إيران أو ما تسعى إلى تحقيقه حتى أوشك النظام الإيراني على شفا امتلاك القنبلة النووية وهنا ظهرت مخاوف الغرب من ظهور قوة نووية في يد نظام الملالي المتغطرس و غير العاقل، وجاءت المحاولات لتحجيم البرنامج النووي الإيراني، أو تأجيله فقط وهذا ما ترجمه اتفاق (5+1) الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي ترامب، ثم جاءت التداعيات التي تنذر بمواجهة كبرى.

المشكلة تكمن في وجود نظام إيران الطامح والطامع والراغب في إعادة الامبراطورية الفارسية، وقوة كبرى غير حازمة بل منقسمة تجاه إيران ومجتمع دولي غير موحد كما هو واضح تجاه انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، إضافة إلى عدم استقرار منطقة الشرق الأوسط .

والحلول تكمن في جدية المجتمع الدولي لإخلاء المنطقة من الأسلحة النووية وفرض ذلك بالإرادة الدولية الصارمة سواء تجاه إيران أو إسرائيل، وأن يقرأ النظام الإيراني الخريطة جيدًا وألا يقبل باستدراجه لإهدار مقدراته في حروب لن تحقق له شيئًا ولن تعيد الامبراطورية الفارسية وعليه قراءة تاريخ الحملات القديمة التي قادتها إيران للتوسع وفشلت، وكذلك ضرورة لم شمل الدول العربية لتكون قوة قادرة على إعادة التوازن وتحقيق الردع والدفاع عن إقليمها.   

مقالات لنفس الكاتب