; logged out
الرئيسية / التداعيات العسكرية لانهيار اتفاق الملف النووي: السيناريوهات والبدائل

العدد 132

التداعيات العسكرية لانهيار اتفاق الملف النووي: السيناريوهات والبدائل

الخميس، 26 تموز/يوليو 2018

ليس هناك نظام في العالم على ألفة بمصطلحات الحصار والمقاطعة الاقتصادية، والعزلة الدبلوماسية، والهجوم العسكري مثل نظام طهران؛ وربما يعود ذلك إلى صورة النظام التي شكلتها أهدافه العدوانية الموضوعة منذ 1979م، في أربع مراحل «إعلان الثورة»، و«تثبيت الثورة»، و«تصدير الثورة»، ثم المرحلة الرابعة وهي «إعلان الدولة الإسلامية» التي ستكون طهران محورها. وعليه فإن الإجراءات الأمريكية الجديدة كما تعتقد طهران ستكون مصدر إزعاج فحسب وقد تعطل جزء من مرحلة من مراحل الثورة الأربع لكن ليس المشروع الثوري كله، حيث يعتقد الإيرانيون بتمتعهم بخبرة كبيرة في التعامل مع العقوبات، وأصبحوا ماهرين في إيجاد حلولٍ جديدة للخروج من العزلة الدبلوماسية والاقتصادية، والتكيف مع التهديد بالحرب. لكن ما هي تداعيات انهيار اتفاق الملف النووي عليهم، واحتمالات التصعيد ،والسيناريو المتوقع وتأثيره على دول مجلس التعاون الخليجي؟

أشكال الصراع المتوقع

في تقديرنا إن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق قد يعجل بمواجهة بين طهران وواشنطن مباشرة وغير مباشرة، عبر استهداف الحرس الثوري ككيان عسكري واقتصادي وسياسي وعبر الساحات التي يمتد فيها خصوصًا في الجبهة السورية، حيث تأتي سوريا في صدارة الدول المرشحة لأن تشهد تداعيات قرار الانسحاب وتحولها لجبهة صدام غير مباشرة مع الأمريكان لكن بين إسرائيل وإيران.

1- الحرس الثوري و خليط غير ناضج من التصاريح

فجأة بدأت الحرب الكلامية وكأنها الحدود القصوى للتحرك خارج دائرة العقوبات الاقتصادية الأمريكية، فقد صرحت واشنطن أنها لا تستبعد استخدام القوة ضد إيران، وقد جاء هذا بعد أن مهدت طهران لذلك بانهمار جلاميد لغوية للصدام حين قالت عن نيتها إنشاء المزيد من أجهزة الطرد المركزي، مما يعني في مراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية وعند أهل البيت الأبيض الانتقال إلى برنامج أسلحة نووية. اللافت للنظر هو التهديد بضرب إيران بطريقة مربكة. فقد قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن حاولت طهران حيازة أسلحة نووية ستواجه "حنق العالم كله". فما درجة الحنق! و ما شكله! وهل هناك تنسيق دولي! أو على الأقل غربي بين أمريكا وأوروبا! أم أنه تنسيق بين واشنطن ودول الخليج بحكم أنها المتضرر الأول من الطموح النووي الإيراني! أم سيرافقها كلب حراسة الشرق الأوسط القابع في تل أبيب في رحلة القنص هذه![1].هذا التهديد زاد حجم الإرباك فيه حينما أكمل الدبلوماسي الأمريكي الأول قائلا "عندما أقول الحنق فلا تخلط ذلك بالعمل العسكري. عندما أقول الحنق فأنا أقصد العار الأدبي والقوة الاقتصادية التي تسقط عليهم، هذا ما أتحدث عنه، لا أتحدث عن العمل العسكري هنا." فأربك بومبيو أصدقاء أمريكا أكثر من طهران.

وفي تقديرنا إن ما رُشح حتى الآن مما سيجري تجاه إيران هو خليط غير ناضج من عناصر حرب إعلامية تمهيدية متباعدة، وكما هو معروف لا يصنع الأعلام سياسات الدول ؛وإن كان يمهد لها، بل تصنعه مصالح الدول بالدرجة الأولى إذا كانت بيد رجال دولة محنكين. ولعل مجرى التصعيد سيصب كما يبدو في شرايين الحرس الثوري الإيراني أو الأطراف الإيرانية في سوريا ولبنان. ويقوي هذا الاعتقاد الهلع الذي رافق تحركات قادته مؤخرًا. وفيما يتعلق بإيران كان ترامب مقاومًاً في شكل غير عادي أمام السذاجة والتفاؤل الخاطئ الذي كان ميزة العديد من قرارات سلفه أوباما، ،حيث سبق أن وصف الرئيس دونالد ترامب، الحرس الثوري بأنه "ميليشيا وقوة إرهابية فاسدة"، ثم فرض عليه عقوبات اقتصادية. لأنه كما قال "جيش عدائي يسرق الشعب الإيراني لتمويل الإرهاب في الخارج[2]". وهو بحق يسرق قوت الشعب منذ أن تأسس عام1979م، للدفاع عن النظام الإسلامي في إيران، كقوة عسكرية وسياسية واقتصادية كبيرة في البلاد. حيث ستستهدف العقوبات بشكل خاص ذراع عملياتها في الخارج "فيلق القدس". كما أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية خمس شخصيات إيرانية على قائمة العقوبات الخاصة بها، على علاقة بالحرس الثوري الإيراني، وهم: مهدي أذربيشه، محمد جعفري، محمود كاظم أباد، جاويد شير أمين، سيد محمد طهراني، وجميعهم يعملون في “الحرس الثوري” الإيراني، ومتورطين في “تطوير القوة الصاروخية لإيران”[3].كما أن هذا الهلع جعل الميجر جنرال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني يصرح إن إيران لا تعتزم في الوقت الراهن زيادة مدى صواريخها، مشيرًاً إلى أن المدى الحالي وهو 2000 كيلومتر كاف لحماية الجمهورية الإسلامية، مضيفًا أن معظم أهداف الأعداء الاستراتيجية تقع بالفعل ضمن مدى 2000 كيلومتر. هذا المدى كاف لحماية الجمهورية الإسلامية الإيرانية وفي ما سبق رسائل لتحقيق أهداف عدة أهمها:

-تهيئة الشعب الإيراني والقوى المرتبطة بالحرس الثوري في الخارج كحزب الله والحوثيين والحشد الشعبي من أن الظروف تتطلب الانحناء للعاصفة. كما أن الظروف قد تُلزم الحرس الثوري بالتنازل عن توسعه الصاروخي وربما الوصول للسيناريو الكوري الشمالي بتدمير بعض الصواريخ في مرحلة قادمة .

-طمأنة الدول الأوروبية التي كان لها موقف شبه مقبول من إيران حيث لم تنسحب من الاتفاق وأبقت أبواب التواصل مشرعة، فكان على طهران إظهار حسن النية من أن صواريخها لن تطال أوروبا، مما يبدد مشروعية وجود صواريخ باتريول الأمريكية في بولندا والتي كررت واشنطن أمام العتب الروسي أنها لحماية الغرب من صواريخ إيران وليس صواريخ موسكو.

-لكسب تعاطف المجتمع الدولي فيما لو هاجمت واشنطن الحرس الثوري وصواريخه، حيث يمكنها القول أن مسافات صواريخنا هي لحماية المدى الحيوي لطهران وليس للوصول لأماكن أخرى. وفي الوقت نفسه هي رسالة تشير بإمكانية التفاوض مع واشنطن على برامج الصواريخ، مادام مزاج التنازلات مقبولا بعد قيام بيونغ يانغ بالتطوع بتدمير بعض صواريخها.[4]

ويستمر سيل التصاريح غير الناضجة حيث عاد قائد الحرس الإيراني برفض التفاوض حول الصواريخ ودعم الحلفاء الإقليميين، حيث تفاخر بتمدد إيران في سوريا والعراق ولبنان. موضحًا أن الهدف من الضغوط الأمريكية إضعاف القدرات الصاروخية الإيرانية، مشيرًا إلى أن بلاده تملك الترسانة الصاروخية الأولى في المنطقة؛ وفقًا لمراكز أبحاث أمريكية.[5]

2- كسر إيران في سوريا أو احتواؤها

رغم أن الخطر الإيراني يتجاوز البرنامج النووي ويشمل دعم طهران للإرهاب إلى جانب الخطر الإلكتروني الذي يشكلونه. إلا أن الإيرانيين يحاولون قدر الإمكان ألا يجازفوا بحرب مع إسرائيل لمعاقبة الأمريكيين[6]. لكن الصهاينة لهم وجهة نظر مخالفة وتأكيدًا على ذلك التوجه في تل أبيب رفع الجيش الإسرائيلي حالة التأهب إلى القصوى تحسبًا لأي تصعيد في سوريا المجاورة حليفة إيران أكثر من مرة خلال الشهرين الماضيين.

ولأنه من المرجح أن يكون مستقبل سوريا هو نموذجًاً اتحاديًاً يتم بموجبه نقل السلطات إلى مناطق مختلفة. فإن استراتيجية إيران هي أن تستولي على نفوذ لها في هذه المناطق يسمح لها بالسيطرة على السلطات الحاكمة فيها. ويرى باحثون أنه بالنظر إلى الوقائع يصل المرء إلى نتيجة مفادها أنه لا يمكن القضاء على النفوذ الإيراني في سوريا، لأنه لا يوجد فصيل أو وكيل إيراني محدد يمكن استهدافه وإنما شبكة واسعة من القادة والمقاتلين والموارد والأسلحة التي تمتد عبر المنطقة وصولاً إلى أفغانستان. لا يمكن طرد إيران من سوريا، ولكن يمكن احتواؤها[7] بضربات محدودة.

لقد تركت طهران بصماتها على كل أزمة كبيرة في المنطقة. ومن ذلك قيادة قوات الحرس الثوري مشروع طهران التوسعي من سوريا التي حققت فيها نجاحات كبيرة مقارنة باللاعبين الإقليميين المناوئين لها كدول الخليج وواشنطن وحتى تركيا. وعليه فرغم مباركة تلك الأطراف للضربات الجوية للأسد وحزب الله إلا أنهم يرون أنها غير كافية بمفردها لمعالجة جذور قدرة الأسد، والسبب هو أن جذور هذه الجرائم لا تأتي من دمشق بل من طهران فيجب عقاب إيران أيضًا[8]. فاحتمالات الحرب الأمريكية مع إيران في سوريا عالية حيث لا يمكن تجاهل تبعية الهياكل المسلحة هناك لإيران كحزب الله اللبناني والحشد الشعبي وغيرهما من الزينبيون والفصائل الأفغانية والباكستانية الشيعية، وهي التي لن تقف مكتوفة الأيدي حال تعرُّض إيران لضربات عسكرية؛ وهو ما يلزم واشنطن بقطع رأس تلك الأذرع . ففي فترة ما كان هناك مساعي أمريكية لإيجاد موطئ قدم في مثلث الحدود العراقية ـ السوريةـ الأردنية إن لم يكن لها فللقوات التي تحظى بدعم من الولايات المتحدة والتحالف الذي تقوده، بهدف إجهاض المساعي الإيرانية المقابلة لإيجاد نفوذ عبر الحشد الشعبي المدعوم منها في تلك المنطقة، ومحاولة ربط الجبهتين العراقية والسورية، وتسهيل مخطط الحشد لدخول الأراضي السورية والقتال بجانب الجيش السوري، وتأمين الإبقاء على الطرق مفتوحة بين إيران وسوريا عبر العراق، وضمان وجود ممر بري يصل إيران بحلفائها في المنطقة. كما أخذ الطرفان في التنافس في محاولة لفتح طرق غرب العراق، في الوقت الذي تتم فيه استعادة الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة[9].

3-الهجوم الجراحي على ايران نفسها

يبدو أن الغاية وراء التصعيد الأمريكي تتجاوز تحقيق مطالب تتعلق بالاتفاق النووي نفسه أو القدرة الصاروخية أو النفوذ الإقليمي لإيران، إنما الغاية هي تغيير نظام إيران ثم إحداث تغييرات في جيوبوليتيكها، حسبما أكد الرئيس ترامب نفسه. ولو افترضنا أن واشنطن حركت ذراعها العسكري لتحييد قدرة المفاعلات والقدرة الصاروخية في ايران نفسها وهو احتمال أضعف من إركاع الحرس الثوري بالعقوبات أو بضرب الإيرانيين في سوريا كما شرحنا سابقًا، فإن هذا الأمر سيقابل بواحد من استراتيجيات إيرانية محتملة أو ببعضها مجتمعة وتشمل :

-استراتيجية "نحتفظ بحق الرد" عبر الإحجام الكامل عن الرد وهو مشابهه للعجز العراقي عن الردّ المباشر بعد مهاجمة إسرائيل لمفاعل أوزيراك 1981م، أو السكوت السوري عن على مهاجمة مفاعل دير الزور 2007م. وهذا احتمالٌ قد تتبنّاه إيران أسوة بالمفهوم الخليجي (بلع العافية) .

- إطلاق عددٍ كبيرٍ من الصواريخ البالستية من إيران ضد أهدافٍ أخرى في إسرائيل وضد القواعد الأمريكية في دول الخليج العربي والعراق و الأردن.

- استخدام الخلايا الإرهابية لتنفيذ هجمات انتحارية ضد المصالح الأمريكية وربما الغربية لجرها للتحكم في الصراع ووقفه حين تشاء طهران .

ونرجح أن تقوم طهران بأحد العملين الأخيرين أو بهما معًا لأن الظهور بمظهر العاجز   ليس في صالحها أمام الشارع والبازار والكتل السياسية الإيرانية الآخر الأكثر أو الأقل تشدد من النظام القائم .

المخاوف الخليجية من ضرب طهران

بلا استثناء ستكون جميع الأطراف خاسرة جراء مثل هذه الحرب، وحتى الدول الخليجية ستكون من المتضررين لكن ليس المتضرر الأكبر؛ فهناك توقع بالتصعيد ضد الخليج من اليمن، وسيواصل الحوثيون إطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه الرياض، والإمارات وبقية المشاركين في التحالف العربي[10]. لكن النظام الإيراني سيكون المتضرر الأكبر من مثل هذه الضربات التي ستكون كفيلة بدفع الإيرانيين للالتفاف حول رموز التمرد السياسي على نظام الملالي، الذي يعاني من فقدان مصداقيته في الشارع الإيراني. حتى أن المراقب يتساءل كيف تفشت البلاهة التاريخيّة في أروقة صنع القرار بطهران ليجدوا أنفسهم في مأزق الصدام مع العالم معطين الجندي الأمريكي فرصة لعب دور مقوّضي الديكتاتوريات! رغم أن إيران بلد الحضارة والتراث والطبيعة، والشعر والتدين والحزن، لكن في ثنايا هذه الجوانب العاطفية الصوفية تقبع القلاقل وعدم الاستقرار كعملات أزلية بيد أهله سبقت تداول التومان؛ بل نكاد نجزم أن المنتج الحضاري هو في جزء كبير منه نتاج الثورات غير المنتهية على الظلم وكفاح الإنسان الفارسي لحياة أفضل، فهل يثور البازار الإيراني جراء الضغط الاقتصادي وانهيار العملة والعقاب العسكري إن حدث في إيران نفسها أو ضد الحرس الثوري فقط أو في سوريا !

إن من المؤسف أن تفتقد طهران القريبة منا، الرويّة والدراية في معالجة الأمور حيث لازالت مندفعة منذ 40 عامًا ولم "تهدأ أو تنضج" سياسيّاً لتنتج كل عقد أخطار قد يكون محركها ثورة داخلية أو هجوم خارجي كما وصفنا أعلاه ومن الأخطار التي على الخليجيين تدبرها:

1-المخاوف بشأن المواد الإشعاعية

سيطال عدم الاستقرار الداخلي أو الهجوم الخارجي المفاعلات النووية فهي أثمن ما في بنك الاهداف. وليست مخاوفنا من الافتراضات الجزافية لأن أي تسرب بالمفاعل الإيراني يحتاج 6ساعات للوصول للكويت. والوصول للسعودية بعد أيامٍ معدودة، ثم سيكون بلوغ الإشعاعات النووية لليمن بعد شهرين فقط، ووقتًا أطول لتصل مصر، وتركيا، وأفغانستان وباكستان، بالإضافة إلى سوريا ولبنان، في وقت لن يتجاوز ستة أشهر فقط.

2-أمن مضيق هرمز

تدرب الحرس الثوري على إغلاق مضيق هرمز كإجراء قائم بذاته خارج قواعد الاشتباك الدفاعية أو الهجومية في عقيدته العسكرية، بل إن البرلمان شرع قانون لإغلاق هرمز أمام ناقلات النفط، ردًا على العقوبات، ولن يتردد عن التنفيذ في حال تمرد داخلي أو هجوم خارجي سواء بمرابطة السفن الحربية الإيرانية في المضيق، أو إغراق كل سفينة تعبره أو بإحداث تسرب نفطي في المضيق لمنع 17 مليون برميل من المرور للأسواق، وهي 20% من إنتاج النفط العالمي،و40% من تجارة النفط العالمية.

3- موجة ضخمة من اللاجئين

لو خرج الإيرانيون للشارع للقضاء على الظلم والقمع والاستبداد المقيت، والسياسة الخرقاء التي يمارسها نظام الملالي لواجهتهم جحافل الباسدران كالنمل على دراجاتهم النارية، ولو حدث هجوم خارجي لإسقاط نظام طهران من قبل الأمريكان أو إسرائيل لكانت النتيجة مشابهة جراء الصدام بين الناس ورجال الحكومة. و كأي حدث تاريخي رئيسي يترك أثرًا في الجغرافيا، سيحدث عدم

الاستقرار ونزوح وتغيرات ديموغرافية داخل إيران نفسها، أو هجرات عبر الخليجي العربي، وستكون دبي والكويت ملاذ قواربهم، حيث تبقى الهجرة غير الشرعية الملاذ الأخير، للهاربين من النظام الاستبدادي والعنف المفرط والاعتقال والاختطاف، وإن لم يكن لأجل ذلك فللوضع الاقتصادي لتوقف التجارة و البطالة مع الارتفاع الجنوني في الأسعار وتوقف الخدمات العامة.

المسارات الخليجية المحتملة للتعامل مع الأزمة

في زمن السلم وضعت دول مجلس التعاون الخليجي أسسًا واقعية ومنهجية للتعامل مع إيران، تقوم على ثلاث أرضيات تقبل بها جميع الدول في تعاملها مع الدول الأخرى:

- الأرضية الأولى هي "أن يكون هناك قبول بأن أساس العلاقات الإيجابية هو عدم التدخل في الشأن الداخلي".

-الأرضية الثانية، "قبول طهران بأن ثورتها شأن داخلي، وهي غير قابلة للتصدير إلى الدول العربية".

-الأرضية الثالثة، "القبول بمبدأ المواطنة على أساس الوطن، وليس المواطنة على أساس المذهب"[11].

لكن نظام طهران حين يشعر بالخطر جراء هجوم خارجي منفرد أو معه تمرد داخلي. وستكون تصرفاته خارج الرشد المتعارف عليه دوليًا؛ وقد يطال الشرر المفاعلات فتطلق المواد الإشعاعية، كما قد يطال أمن مضيق هرمز، أو ستنطلق باتجاه دول الخليج موجة ضخمة من اللاجئين؛ ناهيك عن فتح أبواب إيران على مصراعيها لجذب الإرهابيين من المليشيات الموالية للنظام لمساعدته مما يضيق المسارات الخليجية المحتملة للتعامل مع الأزمة. وعليه لن يكون أمام دول مجلس التعاون إلا اتخاذ خطوات قد يكون منها:

-رفع حالة الاستعداد في جيوش المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، وذلك تحسبًا لدخول الانخراط في صراعين متزامنين على جبهة اليمن والجبهة التي ستختار إيران فتحها إما بالصواريخ البالستية أو بالإنزال البحري أو عبر العراق كجسر بري يكون حرس المقدمة فيه قوات الحشد الشعبي.

-بحسب "رويترز"[12]قال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية مؤخرًا، إن الدول التي تشتري النفط الإيراني يجب أن تستعد لوقف جميع الواردات منها، بدءًاً من نوفمبر2018م، مع إعادة فرض الولايات المتحدة عقوبات على طهران. وأضاف "سنعزل تدفقات التمويل الإيرانية، ونتطلع إلى تسليط الضوء على مجمل السلوك الإيراني الخبيث في المنطقة". وعليه نتوقع أن يكون الرد المنطقي من قبل طهران هو تكرار ما سبق أن قامت به في الثمانينات حين حيدت طائرات سوبر ايتندار الفرنسية مصبات النفط الإيرانية الجنوبية فقامت طهران بحرب الناقلات لمنع الجميع من تصدير النفط ما دامت لا تستطيع تصدير نفطها، ونتوقع أن يشمل الانتقام الإيراني التدخل في مضيق هرمز أيضًا. وفي تقديرنا أن على دول الخليج تفعيل خطة طوارئ سبق أن أُعدت لاستخدام كمية كبيرة من مخزونات الطوارئ للتعويض تقريبًا عن كل نفط الخليج الذي سيفقد إذا أغلقت إيران مضيق هرمز. أو بقيام عمالقة تصدير النفط السعودية والكويت الذين يعتمدون على مضيق هرمز في شحن معظم صادراتهم من الخام عبر شبكة أنابيب تمتد إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر أو عبر الشبكة الإماراتية إلى بحر العرب.

- عدم القدرة على تنفيذ حربين متوازيتين كما أشرنا سابقًا يفرض على قوات التحالف العربي التي هي خليجية في جلها سرعة حسم حرب اليمن .فقد طال أمد انتظار الحسم بعد الحزم. ومعركة الحديدة هي بوابة للنصر الحاسم لتفويت الفرصة على الحوثة من التمادي في التسلط عبر طلب المزيد من الحوار لتحقيق حلم «حزب الله» الجديد في اليمن، فالوقت ليس في صالح التحالف، والحوثة يخوضون المعركة الإعلامية الداخلية ببث سمومهم الفكرية في ثنايا المجتمع، على أساس أن الحرب مفروضة على الشعب اليمني كله وليس الحوثة وحدهم.

- ورغم سكينة طبيعة المحادثات بين أطراف الأزمة الخليجية إلا أن جهود الكويت كانت مميزة وفتحت آفاق يمكن الرجوع إليها للنفاد من الاحتقان الخليجي الراهن. ومما يشجع على ذلك أن وجهات النظر تسير في نفس الاتجاه نحو العمل المشترك الوطيد الذي سيظل ثابتًا لا يتغير مهما كانت الظروف بعد تلافي نقاط الاختلاف في البيت الخليجي.

 

[1]. بومبيو يحذر إيران من محاولة حيازة أسلحة نووية

https://lebanon360.org/mobile-article-desc_188435_بومبيو%20يحذر%20إيران%20من%20محاولة%20حيازة%20أسلحة%20نووية

 

[2]. ترامب: الحرس الثوري الإيراني "يسرق شعبه لتمويل الإرهاب في الخارج . بي بي سي عربية. 20 مارس 2018

http://www.bbc.com/arabic/middleeast-43467386

[3]. https://www.enabbaladi.net/archives/230169#ixzz5J0DqSuX2

[4]. إيران لا تعتزم حاليًا زيادة مدى صواريخها لأكثر من 2000 كلم

http://sdarabia.com/?p=59644

[5]. صحيفة الشرق الاوسط 20 يونيو 2018 مـ رقم العدد 14449

[6]. صحفيو رويترز ،انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي قد يزيد صعوبة مساعيها ضد إيران. 9 مايو 2018 https://ara.reuters.com/article/worldNews/idARAKBN1IA1Y9

[7]. رانج علاء الدين زميل باحث في مركز بروكينجز.5 مايو 2017

https://newsyrian.net/ar/content/لا-يمكن-طرد-إيران-من-سوريا،-ولكن-يمكن-احتواؤها

[8]. هيثم المالح .معاقبة «الحرس الثوري» الإيراني انسداد «شريان الحياة» للأسد. جريدة الحياة .21 يونيو 2018  http://www.alhayat.com/article/4585598/تحقيق/معاقبة-الحرس-الثوري-اليراني-انسداد-شريان-الحياة-للأسد

[9]. محمد الشرقاوي.حرب المصالح.. الصراع الأمريكي الإيراني في جنوب سوريا. 29 يونيو 2017.

http://www.soutalomma.com/Article/594636/حرب-المصالح-الصراع-الأمريكي-الإيراني-في-جنوب-سوريا

[10]. هل تدفع دول الخليج فاتورة الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي؟ .الخليج أون لاين 10 مايو 2018مhttp://alkhaleejonline.net/articles/1525886917046257600/هل-تدفع-دول-الخليج-فاتورة-الانسحاب-الأمريكي-من-الاتفاق-النووي/

 

 

[11]. الإمارات: دول التعاون وضعت 3 أسس للتعامل مع إيران. صحيفة الشرق . 7مارس 2017م

https://www.al-sharq.com/news/details/475368

[12]. واشنطن تدعو العالم للتوقف عن شراء النفط الإيراني .صحيفة الخليج.27يونيو2018م

http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/3be39c98-3252-43e0-9d44-c47bebfc6c89

مجلة آراء حول الخليج