; logged out
الرئيسية / إسرائيل والملف النووي الإيراني: تهديد إعلامي بدون مصداقية

العدد 132

إسرائيل والملف النووي الإيراني: تهديد إعلامي بدون مصداقية

الخميس، 26 تموز/يوليو 2018

     قال ثوماس جراهام الأستاذ بجامعة ييل الأمريكية ومدير مجموعة كيسنجر الاستشارية والمساعد الخاص للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن ورئيس مكتب روسيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي 2004-2007 م، في مقابلة له مع صحيفة " أزفستيا الروسية" حول احتمال الحرب بين إسرائيل وإيران بعد خروج ترامب من الصفقة التي تمت حول المفاعل النووي الإيراني " كل شيء ممكن، ولكنني لا أراها محتملة الآن، روسيا تلعب دورًا فائق الأهمية، انطلق من أن روسيا ضد اندلاع حرب في الشرق الأوسط، مؤشر كبير أن نتنياهو كان في موسكو في التاسع من مايو الماضي، فقد تواصل عن قرب مع فلاديمير بوتين، روسيا نفسها لا مصلحة لها في هيمنة إيران على الشرق الأوسط، موسكو بحاجة إلى توازن قوى في المنطقة، والولايات المتحدة أيضًا بحاجة إلى ذلك، حتى لو بدا الأمر غريبا"؟

مبدأ بيغن واحتكار إسرائيل القوة النووية

سعت إسرائيل منذ إنشائها للتفوق الاستراتيجي على الدول العربية بامتلاك السلاح الاستراتيجي، وبدأت في بناء المفاعل النووي منذ عقد الخمسينيات من القرن الماضي وتعاونت مع فرنسا في سبيل بناء المفاعل النووي الإسرائيلي، وكان شمعون بيرس المشرف على مشروع المفاعل النووي ،مما أدى إلى امتلاكها السلاح النووي منذ ستينات القرن الماضي، وتبنت إسرائيل استراتيجية منع امتلاك دول المنطقة السلاح النووي، وأن تبقى الدولة النووية الوحيدة لتضمن التفوق الاستراتيجي كقوة ردع واستعمالها في حالة تهديدها، كما عملت في حرب أكتوبر / رمضان 1973م، عندما هُزمت .

وعملت إسرائيل على تفوقها حتى في الأسلحة التقليدية، فعندما استعانت مصر في عهد الرئيس عبد الناصر بالعلماء الألمان في تطوير أسلحة الصواريخ، جندت إسرائيل كل أجهزتها الاستخباراتية لاحباط هذا المشروع، بمحاولة اغتيال العلماء الألمان والتجسس عليهم ودفعهم للهروب لاجهاض تطوير الصواريخ المصرية، كما أنها جندت للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة لفرض حظر تصدير الأسلحة المتطورة والطائرات للدول العربية، كما فعل اللوبي الصهيوني عندما اشترت المملكة العربية السعودية طائرات أواكس، كما أثارت إسرائيل ضجة إعلامية عندما اشترت السعودية الصواريخ البالستية المتوسطة IRBMs)) المدى من الصين الشعبية وأصدر الاستاذ بالجامعة العبرية إسحق شيشور دراسة بعنوان East Wind over Arabia(1989) ، وتبنت إسرائيل مبدأ بيغن Begin Doctrine الذي يعني منع امتلاك الدول العربية وحتى الإسلامية القوة النووية، حتى أنها عرضت على الهند المشاركة في ضربة عسكرية للمفاعل النووي الباكستاني، لإجهاض امتلاك باكستان القنبلة النووية ولكن الهند رفضت العرض الإسرائيلي. وعبر رئيس الوزراء السابق أريل شارون عن استراتيجية إسرائيل في خطاب له "إن العنصر الثالث في سياستنا الدفاعية هو تصميمنا على منع الدول المواجهة من الحصول على أسلحة نووية بالنسبة لنا ليست مسألة توازن الرعب ولكن مسألة بقاء".

وقامت إسرائيل في يونيو 1981م، بغارة عسكرية على المفاعل النووي العراقي   OSIRAK ودمرته في عهد رئيس الوزراء مناحم بيغن، كما أغارت إسرائيل على منشآت لمفاعل نووي سوري في محافظة دير الزور ادعت أنها لانتاج السلاح النووي ، وتستغل إسرائيل كل محاولة عربية لتطوير الأسلحة أو شرائها لحماية أمنها بشن حملة إعلامية بأنها مهددة .

وعندما أظهرت التقارير الإعلامية والاستخبارات الأمريكية 2003م، بأن إيران قد أدخلت مواد نووية إلى منشآتها للتخصيب، انضمت الولايات المتحدة في يونيو 2006م،إلى روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا فيما عرف ب5+1، أي ألمانيا مع الدول الخمس في محاولة إلى اقناع إيران بالحد من برنامجها النووي. وقد أقر مجلس الأمن الدولي في ديسمبر 2006م، الجولة الأولى من العقوبات ضد إيران، وتم تمديد العقوبات ضد إيران مع فرض حظر شامل على الأسلحة في يونيو 2010م، ثم دخلت إدارة أوباما في مفاوضات سرية مع إيران بوساطة عمانية، حتى تم توقيع على اتفاق بين الدول الخمسة الدائمة و ألمانيا مع إيران في يوليو 2015م، للحد من برنامجها النووي مقابل رفع بعض العقوبات الاقتصادية عنها. كانت الدول الخمس وألمانيا لها حساباتها الاقتصادية والاستراتيجية والسياسية من الاتفاق، على اعتبار أن الخيار العسكري ليس مطروحًا لخطورته لمنطقة حيوية للأمن الدولي، لما تملكه من مصادر الطاقة وخطوط الملاحة التي تهدد الاقتصاد العالمي والأمن الدولي والإقليمي في حالة أي عمل عسكري. وقد بين أوباما في خطابه المتلفز في 14 يوليو 2015م، مبررات الاتفاق بقوله " إن الاتفاق يقطع أي طريق أمام إيران للحصول على أسلحة نووية ...إن الاتفاق ينص على رفع ثلثي أجهزة الطرد المركزي التي نصبت في إيران وخزنها تحت إشراف دولي، والتخلص من 98% من اليورانيوم المخصب لديها، وقبول عودة العقوبات سريعًا إذا حدث أي خرق للاتفاق، وإعطاء وكالة الطاقة الذرية الدولية مدخلا بشكل دائم لتفتيش المواقع أينما وحيثما كان ذلك ضروريًا"؟

كانت إدارة أوباما تتجه لأسيا والمحيط الهندي ولا تريد التورط العسكري في الشرق الأوسط، بعد تورط إدارة بوش الابن في كل من أفغانستان والعراق وكانت حملة أوباما الانتخابية على عودة الجنود الأمريكيين للبلاد، ولكن الاتفاق أثار غضب إسرائيل واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وبعض الجمهوريين، وذهب نتنياهو إلى الولايات المتحدة وألقى خطابًا في الكونغرس مارس 2015م، مهاجمًا الاتفاق والرئيس أوباما ولكن كانت النتيجة عكسية كما قالت عضو الكونغرس من الحزب الديمقراطي جين شكوبسكي " إن خطاب نتنياهو والخلافات التي تسبب بها وحدت الديمقرطيين في مجلس الشيوخ ومجلس النواب حول الرئيس أوباما والاتفاق النووي" .

                         إدارة أوباما : نتنياهو دجاجة جبان

شنت إسرائيل حملة قوية ضد إيران منذ انكشاف المفاعل النووي الإيراني، وكانت حملاتها السابقة أن إيران تدعم الإرهاب وحزب الله وتهدد إسرائيل ، وكانت الحملات الإعلامية ونشاط اللوبي الصهيوني ضد إيران والتهديد بأن إسرائيل ستشن غارات جوية على المنشآت النووية الإيرانية على غرار ما فعلت في الغراق 1981م، وسوريا 2007م، وتضغط على الإدارة الأمريكية بعمل عسكري ضد إيران، مما دفع أحد مسئولي البيت الأبيض في أكتوبر 2014م، بوصف نتنياهو بأنه جبان وسخ دجاحةChicken shit ، واستعمل هذا التعبير عام 1929م، للتعبير على الجبن والذم، مما دفع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للاعتذار لنتنياهو عن هذا الوصف، وقد أصبحت إدارة أوباما مقتنعة على أن نتنياهو رغم تهديده لإيران باستعمال القوة العسكرية فإنه كذاب ومخادع وأنه يريد أن يجر الولايات المتحدة، لأن تتخذ موقفًا صلبًا، وأن تشن غارات عسكرية على إيران وهو ما لا تريده إدارة أوباما. ويقول جاري سيك مسؤول مكتب إيران في مجلس الأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس كارتر، إن أي عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران سيكون ماسأة وغير مفيد، وأن الحملة الإعلامية الإسرائيلية على المفاعل النووي الإيراني له أهدافه السياسية، بأن إسرائيل من خلال التهديد بعمل عسكري، تجعل قضية المفاعل النووي الإيراني في مقدمة وسائل الإعلام العالمي وتدفع القادة السياسيون في كل مكان تقديم مساعدات لإسرائيل وعلاقات سلبية مع إيران .

إن إسرائيل لا تستطيع أن تقوم بعمل عسكري وكما يعبر عن ذلك شبتاي شافيت مدير الموساد الإسرائيلي 1989-1996م ، إن إيران ليست العراق أو سوريا، وإن سياسة إسرائيل الردع " ونحن نعيش في منطقة خطرة في وضع دمار، سيكون متبادل محقق"؟ وإن معظم الأجزاء من البرنامج النووي الإيراني عميقة تحت الأرض، ولا يمكن الوصول إليها بواسطة الأسلحة المتاحة لدى إسرائيل .

                             إسرائيل ليست دولة عظمى

إن أسطورة الجيش الذي لا يقهر أصبحت من الماضي ونقل المعركة إلى أرض العدو لم تعد مجدية وأصبح العمق الاستراتيجي مكشوفًا أمام الصواريخ البالستية، وإسرائيل قوة إقليمية، ولكن قوتها تأتي من الخلافات التي بين الدول العربية، وكما يعبر مدير الموساد السابق شافيت " إننا نحب عندما ننظر للمرآة أن نرى أننا قوة عظمى، لكن إسرائيل ليست قوى عظمى " ، ولذلك يعارض القيام فكرة القيام بضربة وقائية على المنشآت الإيراني، بل يستحيل ذلك رغم التطبيل الإعلامي الإسرائيلي. ويؤكد ذلك أيضًا اللواء احتياط عموس يادلين رئيس الاستخبارات العسكرية السابق بقوله" عندما يتحدث رؤساء الدولة عن إسرائيل كقوة عظمى، فإن هذا يذكرني أيضًا بما يقال سنة 1973" عندما هزمت في حرب أكتوبر 1973م، أمام عبور القوات المصرية خط بارليف إلى سيناء.

انتشار المنشآت النووية الإيرانية

يقول الخبير الاستراتيجي والأكاديمي الإسرائيلي أفرام كام " إن المنشآت النووية الإيرانية هي أبعد عن إسرائيل من المفاعل النووي العراقي، إلى جانب كون هذه المنشآت محصنة جيدًا والبعض منها موجود في باطن الأرض من المستحيل تدمير القدرات النووية بالكامل من خلال مهاجمة منشأة واحدة كما هو في الحالة العراقية ". إضافة إلى التوزيع الجغرافي للمنشآت النووية الإيرانية وصعوبة الحصول على معلومات استخبارية دقيقة ووجود الخبراء الروس فيها، الذي يشكل أيضًا قلقًا لروسيا ووجود القوات الأمريكية في العراق مما يصعب المهمة الإسرائيلية في ضربة استباقية ومفاجأة. كما أن الرد الإيراني يصعب تصوره مع وجود تنظيمات قريبة من إسرائيل تستعملها إيران في لحظة معينة ضد إسرائيل مثل حزب الله في الجنوب اللبناني.

ولذلك نجد أن نتنياهو يحرض الولايات المتحدة ويستغل عدم خبرة ترامب السياسية والاستراتيجية لمواجهة إيران وشجعها على الانسحاب من اتفاقية 5+1 حول الملف النووي الإيراني .

ويذكر ناحوم برنياع بحروب إسرائيل الفاشلة، كما ورد في يديعوت أحرونوت 11 مايو 2018م، بتحذيره لقادة إسرائيل من تكرار محاولات تنصيب حكام دول أخرى وكتب أن " إنهيار الاتحاد السوفييتي ليس النموذج التاريخي الوحيد. لقد هُزمت مصر في حرب الأيام الستة (حزيران/يونيو 1967)، وإسرائيل ضربتها بشدة في حرب الاستنزاف. وجاء الرد في حرب يوم الغفران (تشرين أول/أكتوبر 1973)، وقد كان قاسيًا ومؤلمًا. وفي بداية الثمانينيات سيطرت إسرائيل على السياسة اللبنانية، واختارت رئيسًا (بشير جميل) وأملت اتفاق سلام. وكانت النتيجة تورط (إسرائيل) لسنوات طويلة. وفي الشرق الأوسط يدفعون ثمنًا باهظًا جراء طموح مبالغ فيه".

ويدفع نتنياهو إدارة ترامب لمواجهة إيران وإثارة الرأي العام الأوروبي، عندما أعلن في 30 أبريل 2018م، أنه يملك وثائق سرية للبرنامج النووي الإيراني، مما دفع الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتصريح بأنه لا جديد في هذه الوثائق السرية عما تعرفه الوكالة. كما أن جيفري لويس الذي يعمل في مركز جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار النووي بأنه لا جديد في وثائق نتنياهو وأنها منشورة في الوثيقة التي تحمل رقم GOV/2015/68، وإعلان نتنياهو جاء قبل إعلان ترامب الانسحاب من اتفاقية المفاعل النووي الإيراني في مايو 2018م.

وجاء الموقف الأوروبي محبطًا لإسرائيل وحتى انسحاب إدارة ترامب من الاتفاقية لا يعني مواجهة عسكرية مع إيران، فترامب رجل صفقات تجارية، وهدد كوريا الشمالية ولكنه جلس مع الرئيس الكوري الشمالي كيم أون في يونيو الماضي على مائدة مفاوضات في سنغافورة، ولكن إسرائيل عبر تاريخها منذ إنشائها تعتمد على دولة كبرى في وجودها من بريطانيا انتقلت إلى الولايات المتحدة وتعرف أن الوضع الدولي معقد ولا تستطيع إلا إثارة الرأي العام الدولي والدول الكبرى، ولكن سياستها مكشوفة ورفضت أوروبا الخروج من الاتفاقية واختلفت مع إدارة ترامب حول إيران في قضايا التجارة الخارجية والمفاعل النووي لأن الشركات الأوروبية مستفيدة من استثماراتها في إيران ؟  

                     خيارات إسرائيل: الاغتيالات والحرب الالكترونية

إثر صعوبة الحل العسكري لتدمير المفاعل النووي الإيراني، فقد لجأت إسرائيل لعدة وسائل منها التشجيع على العقوبات الاقتصادية وشن الحملات الدبلوماسية على مستوى الدول الكبرى، وخاصة تسخير اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ولكن الأسلوب الأخطر هو محاربة إيران وحتى الدول العربية بإغتيال العلماء : مثل علماء الذرة والمتخصصين في مجال الفضاء والفيزياء والأبحاث النووية، كما فعل الموساد في إغتيال عشرات من العلماء العراقيين بعد الاحتلال الأمريكي 2003م، وتعتمد إسرائيل سياسة الاغتيال للعقول العلمية: علي مشرفة 1950م، وسميرة موسي 1952م، وسمير نجيب 1967م ، ويحي المشد 1980م، وهم من خيرة علماء مصر ، واغتالت مؤخرًا عالم الطاقة الفلسطيني فادي البطش بماليزيا والمهندس التونسي محمد الزواري. أما بالنسبة لإيران فركزت على إغتيال العلماء في المجالات النووية أو تجنيد بعضهم للتجسس، وهي استراتيجية خطيرة وضررها بعيد المدى لأن إعداد العلماء يستغرق سنوات طويلة، فقد اغتالات العالم اردشير حسن بوري 2007 م، واغتالت أربعة علماء إيرانيين خلال 2010-2012م، أمجد شهرياري مؤسس الجمعية النووية الإيرانية في 29 نوفمبر 2010م، وعالم الفيزياء النووي فريدون عباسي دواني ، واُغتيل العالم النووي مسعود علي محمدي أستاذ الفيزياء في جامعة طهران وداريوش رضائي في يوليو 2011م، ومصطفى روشن يناير 2012م،أما بشأن التجسس فقد أعدمت الحكومة الإيرانية ديسمبر 2017م، الباحث أحمد رضا جلالي لتقديمه معلومات عن العلماء الإيرانيين للموساد الإسرائيلي كما حُكم بالإعدام على ماجد فاشي للتجسس لصالح الموساد ، وهناك حرب استخبارات شديدة بين إيران وإسرائيل، وتسعى إسرائيل اختراق إيران وخاصة في مجال الأبحاث النووية وتدميرها من الداخل. كما أن إيران تحاول اختراق إسرائيل حيث أُعلن مؤخرًا في إسرائيل اعتقال وزير الطاقة السابق جونين سيغيف باتهامه بأن المخابرات الإيرانية جندته للعمل لصالحها عندما كان يعمل في إفريقيا.

                             الحرب الالكترونية

يعرف خبير أمن المعلومات ريتشارد كلارك الحرب الالكترونية بأنها " النشاطات التي تقوم الدول بها ضد أنظمة العدو وتعطيلها أو التجسس عليها. وقد أسست إسرائيل عام 2009م، مركز للمخابرات المعلوماتية وتشفير المعرفة MATZOV، وقد اعتمدت إسرائيل الحرب الالكترونية لمواجهة التهديد النووي الإيراني، وقام الجيش الإسرائيلي منذ يناير 2012م، بتجميع فرق النخبة من قراصنة الكمبيوتر وعمليات الهاكرز، وتعرضت إيران لعدة هجمات فيروسية استهدفت البنية التحتية لبرنامجها النووي. واستعملت إسرائيل دودة ستاكستت في حربها الاكترونية مما تسبب في تدمير المعدات على مدى عدة أسابيع وتعطيل 10% من القدرة الإيرانية على تخصيب اليورانيوم، وأصاب هذا الفيروس 300 ألف جهاز كمبيوتر وعطل افتتاح مفاعل بوشهر. ويعتقد أن هذا الفيروس من صنع وحدة إسرائيلية. ودعم الرئيس الأمريكي باراك أوباما إبان رئاسته الحرب الالكترونية على المفاعل الإيراني، كما طورت إسرائيل في حربها الاكترونية مع إيران أنظمة قتالية إلكترونية تتيح لها التشويش على الأنظمة الدفاعية الإيرانية في حالة الهجوم الإسرائيلي ؟

وبالإضافة للحرب الالكترونية، تشن إسرائيل حربًا اقتصادية بالضغط على الدول المؤيدة لها، وقال شاوؤل موفاز رئيس حزب كاديما ونائب رئيس الوزراء الأسبق " حان الوقت لأن تفرض الولايات المتحدة الأمريكية أو الدول الغربية عقوبات أشد على القطاع النفطي والمالي من أجل وقف تطوير برنامج إيران النووي" . وتستغل إسرائيل إدارة ترامب في فرض المزيد من العقوبات على إيران، رغم أن بعض الدوائر الأمريكية انتقدت انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية وحتى داخل إسرائيل من يشكك في مدى فائدة الانسحاب في منع إيران من تطوير مفاعلها، في حالة انسحاب الأخيرة، رغم فرض العقوبات الأمريكية لوجود دول كبرى تجد إيران منفذًا لها: كالصين وروسيا الاتحادية والهند وبعض الدول الأوربية وغيرها من الدول خارج مظلة الضغط الأمريكي.

إسرائيل والخلافات العربية ـ الإيرانية      

تستغل إسرائيل التهديد الإيراني لمنطقة الخليج العربي بتدخلها في العراق وسوريا ولبنان ودعم حركة الحوثي في اليمن، حيث تروج بأنها تواجه أيضًا التهديد الإيراني، وتحاول اللعب على الورقة الطائفية بإثارة الخلافات السنية ـ الشيعية، خاصة أنها منذ إنشائها وهي تتعاون مع الأقليات لتهديد الأمن القومي العربي، وتشن حملة إعلامية للترويج لما يسمى المحور السني، علمًا بأن إسرائيل كانت تبيع السلاح لإيران خلال الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988م، وتروج في وسائل الإعلام الغربية والدوائر السياسية الغربية بأن احتلالها لفلسطين ليس سببًا في عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وإنما إيران والصراعات الطائقية هي سبب عدم الاستقرار ، وتروج إسرائيل لما تسميه "الجبهة الشرقية " لابعاد الانظار عن الجبهة الغربية: الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وجرائمها في غزة والضفة الغربية.

وكانت إسرائيل في عهد مؤسسها بن غوريون، قد تبنت استراتيجية الأطراف لتهديد الأمن القومي العربي من خلال علاقاتها مع إيران الشاه وتركيا وإثيوبيا، ودعمت الأقليات العرقية والدينية في العالم العربي وتخترق أيضًا التنظيمات الإرهابية المتطرفة، وقد أسست إسرائيل فرقة المستعربين التابعة للموساد، الذين يتقنون اللغة العربية واللهجات المحلية ودراسة تاريخ المنطقة لإختراق المجتمعات العربية لإثارة الفتن في الدول العربية والإسلامية، وكما تردد في وسائل الأعلام بأن أحد المستعربين استطاع اختراق التنظيم المتطرف ( داعش) في ليبيا حتى وصل الأمر أن يشكل جماعة متطرفة ووصل لأن يكون إمامًا لأحد المساجد، وعندما ألقي القبض عليه من السلطات الليبية تبين أنه من فرقة المستعربين الإسرائيلية وأن اسمه الحقيقي بنيامين إفرايم، ولذلك تتخذ إسرائيل عدة وسائل لأن تكون القوة الإقليمية من خلال استغلال الخلافات بين الدول العربية والإسلامية .

وستبقى إسرائيل تتبنى مبدأ بيغن لمنع أي دولة في الشرق الأوسط من امتلاك القوة النووية حتى تبقى القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط وهي تتبنى سياسة ( الغموض) في امتلاك القوة النووية ويتردد أنها تملك 200 رأس نووي ، ورفضت الانضمام لاتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية، ولكن الاحتكار الإسرائيلي لن يستمر لأن الدول تسعى لحماية أمنها وفقا لنظرية معضلة الأمن Security Dilemma ، فإسرائيل تتحمل مسئولية سباق التسلح في مجال الأسلحة النووية لأنها هي التي بدأت في امتلاكها، ولن تستطيع الهجوم على إيران، وكما قال عالم العلاقات الدولية الراحل كينث والتز، إذا عزمت الدولة على امتلاك القوة النووية ، فقد تحصل عليها في النهاية، ولن تبقى إسرائيل محتكرة القنبلة النووية؟

مجلة آراء حول الخليج